|
Re: الطيب مصطفى : العُنصريّة والحركة الشعبية... (Re: بشير أحمد)
|
أما الشمال فإني لا اعترض على مبدأ مشاركة الحركة أو الأحزاب الجنوبية في حكمه خلال الفترة الانتقالية لكن اعتراضي ينصب على القسمة الضيزى التي منحت الحركة كل الجنوب ثم 28٪ من السلطة في الشمال وهي نسبة تبلغ ضعفي ما مُنح لكل الأحزاب الشمالية ما عدا المؤتمر الوطني أي أن حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي اللذين لطالما حكما السودان بعد أن اكتسحا الانتخابات ومعهما الأحزاب الشمالية الأخرى جميعها مُنحت 14٪ فقط من السلطة أي نصف ما حصلت عليه الحركة لوحدها أما ما مُنح للحركة في المناطق الثلاث فحدِّث ولا حرج !!
ثم إن اعتراضي ومنبر السلام العادل كان على اتفاقية الترتيبات الأمنية التي أدخلت الجيش الشعبي إلى قلب الخرطوم بكل ما يعنيه ذلك من تهديد لأمن العاصمة القومية.
أما نقد الأخ بلايل للمنبر وقوله عن أن »رفض الوحدة بحجة الاختلاف الثقافي والعرقي والاجتماعي يتنافى مع فلسفة الاسلام في تعارف الشعوب رغم الاختلاف والتنوع في الألوان واللغات« فإنه قولة حق أريد بها حق لكنها لا تقف على ساقين ولا تسبر غور الأسباب التي دعتنا إلى طرح رؤية المنبر.
الأخ بلايل يدرك تماماً أن الحركة تشترط للوحدة موافقة الشمال على العلمانية وهذا حديث امتلأت به الصحائف وأدبيات الحركة الشعبية بما في ذلك مقولات وكتابات ومحاضرات عرابها »قرنق« وأولاده خاصة باقان الذي تحدث عن ذلك مؤخراً في القاهرة وقد أوردتُ ما قاله عن العلمانية في مقالي يوم الاثنين الماضي... بلايل كان ولا يزال من أشد المعارضين لمشروع السودان الجديد وقد كتب بلايل عن العلمانية كتابات رائعة الأمر الذي يوجد مرجعية وأرضية مشتركة وواسعة للحوار معه.
إن بلايل يعلم ما تفعله الحركة بالاسلام واللغة العربية في جنوب السودان اليوم بما في ذلك الأخذ بالمنهج التعليمي الأوغندي بدلاً من السوداني »العربي«.. بلايل يعلم أن المنهج التعليمي يعتبر من أهم ممسكات الوحدة الوطنية ولست أدري أي تاريخ مشترك ذلك الذي يمكن أن يُدرَّس لشعبي الشمال والجنوب... بلايل يعلم أن تمرد توريت المشؤوم الذي يعتبره الشمال والشماليون جريمة كبرى قد رفعت الحركة الشعبية من قدره واعتبرته عيداً وطنياً نفضت الغبار عنه بعد أن طواه النسيان أو كاد... لن استفيض أكثر من ذلك لكني أعلم أن »فرز العيشة« أرحم للشمال والجنوب على حد سواء بدلاً من هذا التشاكس وأرجو من بلايل أن يغوص في الواقع الماثل ويستقرئ المستقبل بدلاً من الكلام الرومانسي النظري الذي لا يغني عن الحق شيئاً وأن ينظر في تجارب الانفصال الأخرى القديم منها والحديث بدءاً من كوسوفو وأوسيتيا الجنوبية والجبل الأسود وغيرها كثير فالتنوع قد يفضي إلى الطلاق بين الزوجين عندما يبلغ درجة التناقض والتنافر وأجزم بأننا تأخرنا كثيراً في الاعلان عن منبرنا كما أجزم بأن ساستنا تأخروا كثيراً في منح الجنوب حق تقرير المصير بعد أربعين عاماً من الاستقلال كان من الممكن أن تكون خمس أو عشر سنوات بدلاً من مسلسل الدماء والدموع والتشاكس الذي لا نزال نتجرع من أهواله وزقومه الكثير إنه أخي بلايل اجتهاد المتحرف لقتال المتحيز إلى فئة بعد أن أصبح السودان منطقة ضغط منخفض وأصبح الجنوب ونيفاشا يقضمان من هوية الشمال واسلامه كل يوم قطعة غالية ولعل الناظر إلى حال الشارع العام اليوم يتألم قبل أن يتأمل أما المشهد السياسي وما جرَّته وستجره علينا نيفاشا فالله وحده به عليم.
| |
|
|
|
|