|
|
 ماذا قال الرئيس مبارك في الخرطوم؟
|
خط الاستواء
عبد الله الشيخ
بعد زيارة الرئيس مبارك الأخيرة الى السودان هل طلعت أنا وحدي هو الشاهد الذي (ما شافش حاجة)؟ أم أن الجميع شاهد مثلي الرئيس مبارك يحط فجأة في مطار الخرطوم صباحاً،
ثم يذهب إلى المقيل في جوبا، ثم تلقي على مسامعنا تلك التصريحات التي تحتاج الى توضيحات..
قديماً كان الرئيس مبارك يتفسح قليلاً في شوارع الخرطوم ويلتقي بالأصحاب القدامى والمحدثين، لكنه هذه المرة مارس شيئاً من الجفاء فلم يلتق غير الطاقم السوداني الرسمي في أعلى قمته..
واعتاد الناس من الإمام الصادق المهدي أنه يلحق كل اتفاقية بتوابع إضافية وملاحق وتوضيحات، رغبة منه في المزيد من التسبيك أو محاولة منه للدخول الى الأطر التي ختم عليها أصحابها بختم الكمال، حدث هذا بعد توقيع الميرغني لاتفاقية السلام مع قرنق قبيل انقلاب يونيو، وحدث كذلك بعد توقيع نيفاشا.. ولأن المعلومات حول زيارة الرئيس مبارك شحيحة وخاطفة ومهمة فلا مجال هنا الى التوضيحات والاستتباعات، و(التلميحات), لا من الإمام الصادق ولا من غير الصادقين!.
لذا فان الحكومتين السودانية والمصرية قد فتحتا الباب والعنان للتكهنات.. ولم تخرج تصريحات الرئيس مبارك عن رصانة الأقوال والمواقف الدبلوماسية المعلنة، فقد قال إن العلاقات بين الشعبين الشقيقين (عسل على لبن)، وإن مصر حريصة على وحدة السودان، وتعمير الجنوب لجعل الوحدة جاذبة، وإن مصر ستساعد في إقناع الحركات المسلحة في دارفور بالركوب على قطار الدوحة. هل هدف الرئيس مبارك من الزيارة هو ترديد هذه المواقف ولأجل ذلك تجشم مشاق السفر الى جنوب الوادي وهو على تمام العلم بسخونة الشتاء في جنوب الوادي الذي حرمته (الطبيعة) هذا العام من الطراوة؟..
وهل جاء الرئيس مبارك الى الخرطوم من أجل إجراء مشاورات ومفاوضات وهو الذي لم يمكث في الخرطوم ألا دقائق معدودة؟.. ومن يفتح بنداً لحوار في الخرطوم اليوم يعرف أن ليل الشتاء الطويل لن يسعفه، ونهار الصيف لن يترك قتلاً لقاتل الكلام بحثاً.. وفي الخرطوم اليوم ملاسنات أسنتها كرؤوس البقط الموصوفة في حديث آخر الزمان..
ماذا قال الرئيس مبارك في الخرطوم إذا كانت أزمة دارفور وحدها أخذت من الوقت في الحرب وفي التفاوض خمس سنوات كاملة؟.. وإذا كانت هي البند الوحيد في المباحثات، كيف يمكن اختصار الحديث هكذا بكلمات ليست كالكلمات؟.. كيف هذا والقرارات حول دارفور تتناسل وترسل شعرها الذي سال منه الذهب.. منذ إعلان المفاصلة وحتى تاريخه؟!..
التصريحات تقول إن أحاديث الرئيس مبارك في الخرطوم اقتصرت على أشجان الوحدة بين الشمال والجنوب. لكن هكذا موضوع لا يمكن أن يحسم على سلم (الطيارة) في ظل هذه العلاقة الغائمة بين شريكي الحكم، تلك العلاقة التي هي في عكر البترول الخام المختلف على تفاصيله كلها.. ناهيك عن عقبة أبيي والاستفتاء على حق تقرير المصير..
إن (الشديد القوي) هو الذي استدعى ان يخطف الرئيس رجله الى الخرطوم وجوبا، وليس (الوحدة الجاذبة) وحدها، وهذا الشديد القوي لا يحسم بتصريح البيان الختامي لا في هذه المحادثات ولا في أية محادثات.. ولكن لا يدري أحد شيئاً عن هذا الشديد القوي.. وكذلك يعرف القاصي والداني أن ثمار الاستثمار المصري المرتقب في الجنوب، والذي بدأ بافتتاح فرع لجامعة الإسكندرية في جوبا قد يحين قطافه ربما بعد استفتاء حق تقرير المصير.. فكيف إذن يدعي أحد منا فهماً لأمر هذه الزيارة الخاطفة و(تجلياتها) ؟..
وحتى لا تذهب بنا الظنون الى تشعبات غامضة يمكن إجازة القول بأن الرئيس مبارك أراد استرجاع بعض الدور المصري المفقود في السودان بعد ظهور قطر كلاعب عربي على الميدان السوداني. فهل تم تأمين جناح كامل لمصر في لقاء الدوحة, جناح يليق بحجم العلاقات الثنائية أم أن مصر ستكون من بين جملة المشاركين؟.. يمكن أن نتمسك بهذا الخيط.. والخبر اليوم بثمنه، وبكرة ببلاش..
|
|
 
|
|
|
|
عبد الله الشيخ
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست