محاولات جادة للامساك بفكرة جديدة - مجموعة قصصية للكاتب منير التريكي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 00:49 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-04-2008, 09:10 AM

خالد سند
<aخالد سند
تاريخ التسجيل: 07-14-2006
مجموع المشاركات: 275

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
محاولات جادة للامساك بفكرة جديدة - مجموعة قصصية للكاتب منير التريكي




    ماذا تريد أن تكون ؟
    - (ماذا تريد أن تكون؟ أخبرني، إنه اختيارك وحدك . أنت الذى يقرر مصيرك وأنت الذى تتحمل تبعات اختيارك).
    ملأ الصوت القوي الغرفة وتلفت الطفل الرضيع منتبهاً بكليته متتبعاً بأذنيه مصدر الصوت وعيناه في انتظار نتيجة بحث أذنيه عند مصدر الصوت، ما لبث الطفل الصغير أن ابتسم بفرح محركاً يديه ورجليه في سرور. بينما الصوت يتصاعد مجدداً يتباعد ويتقارب:
    (تريد أن تكون مزارعاً يكدح ويفلح الأرض ويزرعها ليرويها بعرقه، يسعد بإطعام الآخرين ويشقى بتبخيس البعض لأثمان محاصيله، بينما يدفع الناس أضعاف ذلك للخيال الافتراضي الذي يملأ الفضاءات ولا يشبع بطناً جائعاً ؟ هل تريد ذلك؟
    أخبرني ماذا تريد أن تكون؟ لأنك سوف تتحمل نتيجة اختيارك.
    هل تريد أن تكون ثرياً يحيط بك الخدم والحشم، يطيعك الجميع ، ويتملقك من يريد أن يفسدك أو يسرقك؟ وماذا تفعل بأموالك؟ هل تنفقها كلها قبل وفاتك وترسلها تمهد لك الطريق الأبدي أمامك؟..
    ام تموت وتتركها خلفك يبددها ورثتك بينما تذهب إلى مأواك الأخير بقطعة قماش وشبر في الأرض وأوزار أموالك؟ ولكن كيف تعرف موعد موتك حتى تنفق أموالك قبيل وفاتك؟! أهذا ما تريده ؟
    أخبرني إذاً ماذا تريد أن تكون؟ حتى لا تلقي اللوم على أحد؟.
    هل تريد أن تصبح معلماً يؤدي عمله بإخلاص يحترمه الجميع يؤدي رسالته السامية يعلّم الإنسانية... يحارب الجهل... ينشر نور العلم وسنا المعرفة؟! هذا اختيار موفق ولكنى أحذرك! سوف تظل تشرح وتشرح وتشرح ثم تكتشف أن هنالك تلميذاً لم يفهم ما قلت رغم كل ذلك التعب... تصاب بالإحباط.. تضع قطعة الطباشير، تخرج من باب الفصل وباب المدرسة وربما باب البلد بأكملها!
    إذاً ماذا تريد أن تكون؟ .... قل هل تريد أن تكون جندياً يدافع عن الوطن؟ إذاً سوف تتدرب بعنف.. تمتلك جسماً قوياً تتعلم إطلاق النار يشحنك قادتك بالأوامر، يحدد لك قائدك الهدف.. تعتقد أنك على صواب والآخرين على خطأ وأنك وحدك المخلص للوطن والآخرين أعداء مخربون. تمتلئ حماساً.. تخوض الحرب بقوة تتربص بعدوك تطلق الرصاص. تكتشف أن عدوك كان يؤدى نفس دورك على المسرح المقابل. تصاب بأمراض نفسية.. ينبذك المجتمع، تطلب القليل من الاحترام تجد الكثير من التجاهل والقليل من المال هل هذا ما تريده؟.
    أخبرني إذاً ماذا تريد أن تكون؟ أخبرني حتى لا تقضي حياتك متذمراً شاكياً تلوم الظروف... وتلوك في الحكايات.
    هل تريد أن تكون محامياً تدافع عن موكلك بقوة وببلاغة حاشداً كل الأدلة دافعاً أقوال الشهود داحضاً كل القرائن مشككاً في كل الوقائع؛ يخرج موكلك بريئاً بفضل براعتك.. يقيم احتفالاً لنجاحه، تكتشف أنه كان مذنباً أخفى عنك الحقيقية؟!. تقتلك الحسرة.. يمزقك الألم، يشقيك الندم... تعتزل المهنة، تترك البلد تغادر تسافر تهاجر بعيداً عن الأهل والأحباب وذكريات الطفولة.
    هل هذا ما تريده؟ أخبرني إذاً ماذا تريد؟ إنه قرارك واختيارك.
    هل تريد أن تصبح طبيباً تسّخر كل وقتك لهذه المهمة الإنسانية النبيلة، يطرق الناس بابك في كل وقت تتخلى عن راحتك لراحة الآخرين، تخفف الألم.. تعطي الأمل.. تعالج جرح شخص. تخيط بخبرة صدر مريض، تشق بعناية بطن أم لتخرج طفلاً جميلاً تعسرت ولادته طبيعياً. تركز بقوة في عملية تنقذ شخصاً لا تعرفه تجمعك به الإنسانية، تسعد بشفائه تشارك أهله فرحتهم بنجاته؟.
    فجأة يتعالى الصراخ وتتسارع الحركة، يندفع الممرضون مسرعين بنقالة إلى غرفة العمليات, عليها صديقك الحميم في حالة خطرة تستنفر جهود كل زملائك، المطلوب، تبذل كل جهودك تستنفد كل طاقتك.. لكنك لا، لا تستطيع إنقاذ صديقك العزيز. لقد كان قدره أن يموت بين يديك؛ فالموت هو الشيء الوحيد الذى لا علاج له. تبكي بحرقة، تلوم نفسك، تقسو عليها، تضيق الدنيا في وجهك، تنكفئ حزيناً في منزلك لا تفكر في الرجوع إلى العمل ثانية، صورة صديقك في كل مكان. تراودك الأوهام، تتقاذفك الهواجس، لا مكان تتجه إليه، تتخيل تعاطف الناس شفقة، وتقديرهم عتاباً، تبقى أسير منزلك بينما لا تأتيك روح صديقك لتقول لك لقد فعلت ما بوسعك!.
    إذاً قل لى ماذا تريد أن تكون؟ هل تريد هذا؟ أم تريد أن تكون ممثلاً بارعاً يجسد كل هذه الشخصيات وأكثر؟! يمكنك أن تمثل حياة الزعماء التاريخيين أو الطغاة الظالمين أو الأئمة العادلين أو العلماء النابغين أو العمال الكادحين أو يمكنك أن تجسد اللحظات المؤثرة أو اللمحات المعبرة في حياة إنسان بسيط. أو تمثل دور شخص شرير تستخرج كل الشر الذي بداخلك حتى يكرهك الناس بينما يفرح بك المخرج. ماذا تريد أن تكون إذاً؟ أخبرنى!
    دخلت أم الطفل الصغيرمسرعة ونظرت إلى طفلها، وجدته مبتسماً ابتسامة صغيرة أضافت الكثير للجمال الموجود على هذا الكوكب الحزين. التفتت إلى أخيها متسائلة.
    - ظننت أنك تتحدث مع شخص آخر!
    -لا، إننى أتدرب على عمل سوف أقدمه في معاينة بكلية الدراما.
    انحنت الأم إلى طفلها قائلة:
    - سوف أرضعه وأتركه معك ثانية، إنني مشغولة في المطبخ.
    - أنا أيضاً سوف أذهب لآكل شيئاً ثم أعود.
    بعد مدة قصيرة ارتفع الصوت القوي من جديد:
    - ماذا تريد أن تكون... أخبرني هل تريد أن تكون.....؟
    من جديد أخذ الرضيع يتتبع مصدر الصوت وهو يبتسم فرحاً تارة ويصمت حذراً تارة بحسب قوة الصوت وتنوع طبقاته ووفق ما يستدعيه النص الذى يقرأ منه خاله الشاب
    الذي يمسك في يده أوراقاً ويذرع المكان جيئة وذهاباً محركاً جسده منوعاً في صوته همساً وصراخاً:
    -قل لي إذا : ماذا تريد ان تكون ؟
                  

11-06-2008, 10:47 AM

خالد سند
<aخالد سند
تاريخ التسجيل: 07-14-2006
مجموع المشاركات: 275

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولات جادة للامساك بفكرة جديدة - مجموعة قصصية للكاتب منير التريكي (Re: خالد سند)

    زواج في أقرب فرصة


    عندما كان عمرى بضعة وعشرين عاماً فاجأتنى أمي برجاء
    - يا بني أنت ابننا الوحيد تزوج حتى نفرح بك!
    قال أبى: تزوج امرأة ترعاك موجوداً وغائباً وتكرم ضيوفك وتبيض وجهك مع أهلك وأصحابك.
    اقترحت أمى: تزوج من أهلى.. لقد تزوجت أبيك عاملاً صغيراً وجعلت منه مهنياً كبيراً..
    عمى الوحيد الذي يقاربني عمراً ويقارعني الحجة. يراني مدللاً وأراه مندفعاً، امتلك المال ويمتلك الجرأة.
    قال عمى: انظر أجدادنا تزوجوا بالفاتحة وأنجبوا رجالاً ونساء صالحين. عمي يفعل ما يقول. له زوجتان ولي حريتي أو هذا ما توهمته.
    باغتني مخبول في الحى: تزوج امرأه تمتلك آنية كبيرة حتى لا يصاب أطفالك بالجوع والهلع!
    رددت الأغنية الشعبية: تزوج امرأة ممتلئة الساقين حتى قدميها.
    امتنع غروري؛ لن تحتويني امرأة واحدة!
    قال الشرع، لك أن تتزوج أربع نساء بشرط العدل!
    نصحني إمام المسجد بأن تزوج (عفاف) تربح!
    اعتذر شبابي: لا يزال الوقت مبكراً.
    جارى يتحدث بصوت عال مع زوجته وأطفاله وفي منامه.
    في الحى نفر مني المتزوجون وفر مني الخاطبون وتجاهلني الأهل والجيران في أمور كبيرة.
    في العمل سألني رئيسي عن أسرتي الصغيرة.. طأطأت رأسي ولم أجب... في العطلة احتضن العاملون زوجاتهم واحتضنت جهاز الحاسوب لمتابعة الحالات الطارئة!
    ترجاني أبى وأمى: تزوج من تشاء نريد أن نرى حفدتنا!
    صرخت ملابس جميلة: تزوجني تمتلكني رفض خيالي خوفا من الخمول الفكري.
    همس حياء عفاف: تزوجني نتعاون على تحقيق الحكمة من وجودنا. أدب عفاف وحشمتها يعلنان صراحه ، أن كل الجوائز مدّخرة لمحظوظ واحد فقط.
    تثاءب كسلي: لن أتزوج امرأة تجعلنى أسافر لأهلها في المناسبات!
    أصبح عملي السفر المتواصل للأقاليم البعيدة.
    احتج نومي: لن أنجب أطفالاً أساهر معهم بسبب آلام التسنين ولا أستريح في القيلولة بسبب إزعاجهم!
    فاجأتني أسناني بآلام فظيعة وقلّ نومى بسب جاري وأطفال الحى وأصدقائهم.
    تبجحت صحتى: لن تتزوج شخصاً يفرض علينا ما نأكل وما نشرب... انتابنى صداع خفيف لم أجد من يحمل لي ماء ودواء.
    صرخ هدوئي: لن أتزوج امرأة تتشاجر معي لأسباب تافهة.
تشاجر معي زميلي في العمل ومديري والخفير والسائق ومساعد الحافلة وعمي وجاري!
    جاري بصوته العالي يزعجني بما لا نفع فيه، ولا مكان أذهب إليه.
    صرحت أمي: زواج جارتنا بعد العيد، استعد لتختار عروساً.
    قلت مجاملاً: موافق..
    سعدت أمي بإجابتي فسعدت أنا بسعادتها.
    في حفل زفاف جارتنا تناولت عشاء دسماً الحفل أمامى يغيب والناس تتموه ملامحها، والأشياء تتلاشى وجلست بعيداً وحيداً أتامل الحفل وأفكر.. عبرت عينيّ غشاوة،
    أبعادها والضوء يتحول إلى فقاعة كبيرة. أخذت السنوات تمر بسرعة. أشعر كأني داخل مصعد يرتفع مسرعاً في مبنى شاهق: ثلاثون... اربعون... خمسون.
    أنا الآن في الخمسين ولم أتزوج. أعتذر بأنى غير مهيأ نفسياً بينما كنت أبحث عن أعذار أخرى حتى لا أتزوج!
    مات أبي ولحقته أمي.. ورثت كل مالهما ولم أتزوج!
    عمي يسرع به التوكل وأنا يبطئ بي التردد.
    قال مصباح صغير دفعت ثمنه أمي: اهتدي بي.. استصغرته. أضاء المصباح الصغير قبري أمي وأبي.
    (عفاف) تزوجت إمام المسجد وسافر بها إلى الحج. من اختارتها لى أمي تزوجت وأنجبت ابنا أمسك بيدي وساعدني على عبور الشارع!
    صرخ قبر أمى: خذلتني!
    أشاح قبر أبي بوجهه عني.
    نصحني عمى: احفر بئراً أو ازرع شجرة صدقة لهما. تشاجرت معه كالعادة ورفضت بعناد، فقط لأنها فكرته!
    كان عمي قد تزوج الثالثة ولم أستبعد الرابعة.
    عمي يقول الأشياء ببساطة وينفذها بسهولة. لا يتمسك بشيء ولا يندم على شيء.
    توفي جاري وتركني وحيداً بعد أعتدت على صراخه. واحتجت إلى إلفته، صار السكون موحشاً.
    استعطفني قبر أبى: ادعو لي.. فعلت قليلاً ونسيت كثيراً!
    ترجاني قبر أمى: تصدق باسمى وعدت ونسيت
    انغمست في الملذات. استمرأت استمتاعي بالحياة.. استمررت على ذلك سنوات.. اقام عمي زيرين أمام منزله يغسلهما ويملأهما ماء بنفسه صدقة لوالديّ..
    ذكريات عمي مع أبي وأمي مواقف سعيدة؛ عمي يدعو لهما وحين يحكي عنهما يترحم عليهما!.
    ذكرياتى معه شجارات كثيرة ومواقف عنيدة..
    أنّت سنواتي الستون: نحتاج أحداً نستند عليه!
    فاجأني الطبيب: لم يتبق لك الكثير لتعيشه.
    دهمتني الآلآم. رأيت الموتى والملائكة.. أنا أدخل نفقاً.
    أشعر بآلام هائلة تعتصرنى وأناس يحملونني يضعونني كيفما اتفق ريثما يكتمل حفر القبر، وأنا أصرخ بأعلى صوتي. ينفر حمار بعيد و لا أحد يسمعني. أخيراً حملوني وأدخلوني في القبر وأهالوا علي التراب وتركوني وذهبوا كلهم ليس معي أحد.. ظلام.. آلام فظيعة رهيبة لا تطاق.. ضيق.. وحشة آلام.. آلام آلام.
    لم يجد المعزّون شيئاً نافعاً يقولونه عني يتداوله الناس، يصلني منه بعض الشيء!
    صرخت حياتى السيئة: ليت أحداً لا يقلدني في ما فعلت..
    تأوهت روحى النادمة: ليت لي ابناً صالحاً يدعو لي أو صدقة جارية أو علماً نافعا!
    ورث عمى مالى وتزوج الرابعة.
    أمسينا أنا وأبي وأمى ننتظر دعوات عمي تغمرنا مثل الأنوار أعود بعدها للتأوه والندم.
    تردد نفسي النادمة: فقط لو أستطيع أن أعود للحياة لكنت سأقضي عمري كله في أعمال الخير!!
    قبر بجواري يتململ ويتأوه.. الصوت مألوف.. أواصل التفكير والندم..
    - اصمت! انتهى وقت العمل لا أحد يستطيع الرجوع.
    - جاري؟
    - نعم وتفكيرك يزعجني بصورة فظيعة!
    - يزعجك تفكيري؟.
    - صوت ندمك وتحسرك!
    - ولكن كيف يزعجك تفكيري وأنا لا يزعجني تفكيرك؟
    - لقد أزعجك صوتي في حياتك بما لا نفع فيه. ستظل أنت تندم وأظل أنا أتألم.
    - ماذا تقول؟
    هنا تنداح الغشاوة وتكون الأشياء كما هي على حقيقتها فقط هذه حياة ما بعد الموت!
    - الموت؟
    - نعم الموت أنت ميت!
    - لا....!
    أنا أصرخ بصوت مدو لكنه حبيس بداخلي ولا أحد يسمعني. وصوت آخر حاد يخترق أذني. إنه صوت أمي. أقفز مفزوعاً. تعود الأشياء كما هي؛ الحفل أمامي وتعود للناس ملامحهم وللأشياء طبائعها. أمي تضحك وتضع أصبعين في فمها وتزغرد بفرح.
    ماذا حدث لي؟ هل نمت وحلمت؟ هل غصت بطريقة ما في عقلي الباطن أو اللاوعي أياً ما يكن ذلك قرأت ان الأحلام مهما طالت فإنها تحدث في ثوان فقط.. هل سافرت إلى المستقبل بطريقة ما؟ هل اختزل عقلي الزمن لوهلة ؟ هل هو تصور لمستقبل محتمل قام به عقلي استنادا على حوادث الماضي وتفاصيل الحاضر؟ أهي لحظة انبثاق وعي بطريقة ما؟ لا أدري بالضبط ماذا حدث ولست متأكداً من أنني سأجد له تفسيراً؟ ولكن المهم هو أنني حي لم أمت وأنني في شبابي ولدي فرصة رائعة للزواج لن أضيعها لأي سبب..
    أمي تقول: العقبى لك.
    وأنا أ رد: آمين. في حياتك.
    تطلق أمي زغرودة ثانية طويلة… فقد كان ردي مفرحاً.
    تسألني عن العروس:
    - قريبتك؟
    - لقد خطبها أحدهم.
    - عفاف؟
    - تزوجها إمام المسجد وينويان الحج هذا العام!
    ابحثي لى عن امرأة ممتلئة الساقين حتى أقدامها أو امرأة تمتلك آنية طبخ كبيرة أو أي زوجة وبسرعة. أمى تطلق زغرودة ثالثة زاد من طولها قوة سرورها.
    جاري يسلم علي ويعتذر ويشرح معاناته يحرجه صوته العالي رغماً عنه. أنصحه بأن يؤذن متى حانت الصلاة، يندهش من اقتراحى! أحتفي بنفسى. أحتفل بروحي التي أحسنت تنبيهي.
    لقد وجدت بداية الطريق الصحيح.. أحبتي يسرني أن أوجه لكم الدعوة لحضور زواجى الذي سيقام في أسرع وقت ممكن.زواج في أقرب فرصة
                  

11-06-2008, 10:50 AM

عبدالوهاب علي الحاج
<aعبدالوهاب علي الحاج
تاريخ التسجيل: 07-03-2008
مجموع المشاركات: 10548

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولات جادة للامساك بفكرة جديدة - مجموعة قصصية للكاتب منير التريكي (Re: خالد سند)

    (.)
                  

11-06-2008, 11:04 AM

خالد سند
<aخالد سند
تاريخ التسجيل: 07-14-2006
مجموع المشاركات: 275

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولات جادة للامساك بفكرة جديدة - مجموعة قصصية للكاتب منير التريكي (Re: عبدالوهاب علي الحاج)

    ازيك ياخال

    شكرا علي المرور


    تزوير في البروفايل مامعانا
                  

11-06-2008, 11:25 AM

عبدالوهاب علي الحاج
<aعبدالوهاب علي الحاج
تاريخ التسجيل: 07-03-2008
مجموع المشاركات: 10548

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولات جادة للامساك بفكرة جديدة - مجموعة قصصية للكاتب منير التريكي (Re: خالد سند)

    تسلم ياسندة
    Quote: تزوير في البروفايل مامعانا

    الصورة دي في الابتدائي

    عشان ما تقول خالك ما

    اتعرض لاي عمليات تعليمية

    ما ظاهر مالك

    تخريمة___________________________

    تحياتي للاخ التريكي

    ومزيد من الابداع
                  

11-08-2008, 08:35 AM

خالد سند
<aخالد سند
تاريخ التسجيل: 07-14-2006
مجموع المشاركات: 275

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محاولات جادة للامساك بفكرة جديدة - مجموعة قصصية للكاتب منير التريكي (Re: عبدالوهاب علي الحاج)

    محاولات جاده للإمساك بفكرة جيدة





    إهــداء
    (إلى الذين تضيع منهم الأفكار باستمرار هذه قصتى).
    أنا الكاتب فلان الفلاني ظللت اكتب وأنتظر فكرة رائعة استولد منها عملاً ضخماً يجعلني كاتباً مشهوراً، ثم حدث أن خطرت لي فكرة ، فرصة ولكنني أضعتها بتهاوني وثقتي الزائدة في ذاكرتي التي أجهدتها فيما بعد، ولم أتمكن من استرجاع هذه الفكرة الرائعة. بذلت محاولات جادة للإمساك بها.. لم أستطع.. حاولت أن أعود بذهني إلى حيث خطرت لي.. لم أوفق. عدت بنفسي وجسمي ولم أنجح في إيجادها. اشتريت هدوئي ممن حولي بأعمال ووعود ومال ولم أنجح.. حلقت شعري كله واغتسلت ونظفت أسناني وجلست متفرغاً تماماً لها ولم أستطع الإمساك بها. أخيراً وبعد فشل كل محاولاتي قررت أن أستعين بشخص كفء. جلست أفكر في أفضل شخص ألجأ إليه لمساعدتي.. مر ببالي خاطر أخذت أفكر فيه بعمق.. بعد ذلك عزمت على تنفيذ ما فكرت فيه طوال الأمس وقررته بكامل وعيي.
    سوف أزور الطبيب الشهير وأشرح له الأمر ربما يساعدني بطريقة ما. وعلى كل حال فهو في النهاية الشخص المؤهل لذلك. كنت قد قرأت له من قبل مقالات مشجعة في بعض الصحف والمجلات عن اكتشاف الذات والتفكير الإيجابي والبدايات الصحيحة وهذا ما شجعني للذهاب إليه.
    عند باب العيادة الصغير ترددت قليلاً وراودتني هواجس عن الجنون زجرتها باسترجاع ما قررته بحزم، وطردتها بطرقات قوية على باب العيادة، فتح الطبيب الباب بنفسه رحب بي بابتسامة ودودة ودعاني للدخول.. ففعلت.. فأنا جئت لذلك. لاحظت أننا وحدنا فقط في العيادة عكس ما توقعت.. أشار إلي بالجلوس على كرسي قرب مكتبه. قال مبدداً حيرتي:


    - هذا اليوم أخصصه للقراءة والبحث، ولكن بما أنك هنا يمكن للقراءة أن تنتظر قليلاً.
    حاولت الابتسام معتذراً وشاكراً. تراجعت ابتسامتي ولكنها كانت قد أدت الغرض.
    قال بمودة:
    - لا عليك، دعنا نحاول أن نستخرج أفضل ما لدينا...
    قلت في نفسي هذه بداية طيبة؛ فقد جعلني شريكاً أصيلاً كما أنه استخدم كلمة (نستخرج) المناسبة تماماً لحالتي.
    تمتمت بكلمات تقبلها هو بارتياح وأراحني بابتسامة أخرى وليست أخيرة، شرع يكتب في ورقة أمامه. قاومت فضولي بقوة ونجحت في عدم اختلاس النظر إلى ما يكتب، رفعت بصري.. اصطدم بالجدار خلف الطبيب. كافأت نفسي بقراءة ما هو مكتوب على الإطارات الخشبية الأنيقة المعلقة على الجدار، فهي هنالك ليقرأها من يريد.
    داخل الإطار الأول شهادة تقديرية:
    ( الجمعية الخيرية تشكر لكم تطوعكم ...)
    وفي إطار ثان (إلى الإنسان الطبيب نشكر لكم صبركم ..)
    كما كانت هنالك شهاداته العلمية تدل على تفوقه وإتقانه لعمله..
    لفت انتباهي إطار فارغ.. هل هو نوع من التعبير للفت الانتباه لقضية ما؟ أم هو إطار أعده الطبيب ونسي أن يضع شيئاً بداخله؟ أو ربما يشير إلى أنه ما تزال هنالك فرصة لشخص ما. عندما أعدت نظري باتجاهه كان هو قد رفع رأسه في نفس اللحظة. وضع شريطاً في آلة التسجيل وضغط على زر التشغيل. شجعني التفهم العميق في عينيه على أن أبدأ في شرح سبب حضوري؛ قلت بحذر كمن يتحسس حرارة وعمق الماء بأطراف أصابع قدمه قبل أن يتوغل فيه:
    - إنني أبحث عن فكرة جيدة ضاعت مني.
    توقفت وتفرست فيه لأقرأ ردة فعله ثم أقرر المواصلة أو الانسحاب, لم يندهش ولم يسخر من حديثي بل تابعني بكل جدية متوقعاً مني المواصلة.. واصلت حديثي مثل ماء اندفع بقوة من صنبور وجد من يطلق سراحه:
    - أنا كاتب. في الحقيقة لست معروفاً بعد ولكني متأكد من موهبتي.. متأكد من أنني يمكن أن أقدم شيئاً جديداً للإنسانية .. إضافة مفيدة ولو كانت ضئيلة جداً، ولكنني أشعر بأنني مثل ماء يسري تحت قشرة الأرض، يبحث عن مخرج ليكون ينبوعاً عذباً ينهل منه الناس.
    نهض الطبيب واقفاً.. اعتراني القلق.. نظرت إليه متسائلاً.. حرك يده اليمنى ببطء في شكل دائرة.. فهمت أنه يريدني أن أستمر، واصلت حديثي بينما عاد هو بكوب ماء.
    كتبت أشياء متباعدة هنا وهنالك وفي أوقات مختلفة وكيفما اتفق، دون أن تكون لي رؤية محددة لما أفعل، ولكن يوم أمس حدث شيء مختلف، جعلني أراجع أفكاري...
    توقفت عن الحديث لأرى إن كنت قد استحوذت على انتباهه.. لم أنتبه إلى أننى قد نلت كامل اهتمامه منذ أن طرقت باب العيادة. مدّ لي كوباً من الماء في نفس اللحظة التى توقفت فيها عن الكلام... شربت الماء كأننى لم أحضر من منزلي مباشرة. وضعت الكوب وشكرته كنت أحتاجه فعلاً.
    أمّن بهزة من رأسه.. لقد وصل إلى هذه الحقيقة من مثال واحد عن الماء بينما لم أصل أنا عبر ثلاثة أمثله مرت بخاطري.. جلس خلف مكتبه بينما واصلت حديثي.
    - يوم أمس خطرت ببالي هذه الفكرة الرائعة، ولكني للأسف الشديد لم أسجلها فوراً وهنا موضع الأسف.
    سكتّ عن الكلام حتى أتجاوز مرارة اللحظة ثم واصلت..
    - أمضيت طوال يوم أمس في مطاردة هذه الفكرة النيرة ولم أستطع الإمساك بها.. كان يجب عليّ أن أدونها أو على الأقل أقرنها في عقلي بشيء قبلها أو بعدها أو بصورة ما أو أرددها بصوت عال أو أمسكها بأي طريقه ولكني تهاونت.
    سكّت برهة وسحبت نفساً ثم واصلت الحديث:
    - لكني لن أفرط مرة أخرى في أي فكرة وسوف أتخذ كل التدابير اللازمة لمنع تكرار ذلك.
    سألني بهدوء:
    - كيف عرفت أنها فكرة جيدة؟
    كان السؤال منطقياً ولكني تفاجأت به كأنما توقعت أن يقبل هو كل ما أقوله له دون أسئلة، ابتكرت مبررات رأيتها منطقية وتعلقت بها:
    - أولاً أنا أعرف الأفكار الجيدة حين تمر بي واحدة.
    - ثانياً؟
    - ثانياً اختفت بسرعة ككل الأشياء الجميلة..
    - هل انتظر ثالثاً؟
    - ثالثاً لو لم تكن فكرة جيدة لما تكبدت كل هذا العناء سعياً وراءها..
    كتب شيئاً في الورقة امامه. قررت أن أشرح أولاً وأصطنع ثانياً وثالثاً عوامل معضدة.
    - حين تخطر على بالي فكرة ما فإنني اقلبها في عقلي مفكراً في جدتها وجديتها وجدواها وعدم تعارضها مع المبادئ السامية. كما انها عادة تأتي في شكل مكافأة لعمل طيب. وهكذا أعرف أنها فكرة جيدة....
    سكّت، سألني مستفزاً مقدرتي على الوفاء بالتزامي تجاه أي أفكار تعبرني مستقبلاً:
    - ماهى التدابير التي سوف تتخذها للحيلولة دون ضياع أفكار جيدة مستقبلا ؟
    اندفعت في الشرح بحماس شديد....
    - سأضع أقلاماً وأوراقاً في كل ركن في المنزل, ولن أخرج من المنزل إلا بعد أن استصحب قلماً وورقاً.وفي الليل لن أضع رأسي فوق الوسادة مالم أضع قلما وورقا تحتها. سوف أسجل فوراً وتحت كل الظروف أي فكرة جيدة تخطر على بالي ثم لاحقاً أدرسها وأصنفها وأكتب وقتها ومكانها بالتحديد؛ إذ ربما يكونا مثالين لاجتذاب أفكار أخرى. ثم إن القلم نفسه يجب أن يكون جيداً ينساب حبره بالتساوي في سلاسة دونما شح أو إسراف. إن قلماً رديئاً يمكنه أن يفقد الكاتب فكرة عظيمة قد تنقذ الإنسانية من مشكلة ما. أما الورق فيمكن أن يكون رخيصاً حتى لا ينشغل بعض من عقلي بثمنه وأنا وأكتب وأشطب وأمزق. وقبل كل شيء سوف أخلص له العمل.
    رأيته مطمئناً على شبكتي التي نسجتها لاصطياد الأفكار والخواطر؛ تذكرت فكرتي الضائعة.. دهمني استياء على نفسي, لمتها مرة أخرى على ضياع الفكرة التي كانت يمكن أن تساعدني على الانطلاق نحو منصات العطاء.. تلاشى استيائي عندما تذكرت محاولاتي الجادة للإمساك بهذه الفكرة الجيدة, كما إن وجودى هنا دليل قوي على ندمي وجديتى.
    تلّفت حولي أصبت بخيبة أمل قلت صراحة:
    - أنا آسف ولكني لا أرى كيف يمكنك مساعدتي في حين لا توجد لديك أجهزة...!
    لم أجد الكلمة المناسبة رغم فصاحتي وتباهيّ منذ دخولي العيادة أكمل هو مبتسماً.
    -أجهزة لاسترجاع الأفكار الشاردة؟!
    -تماماً..
    قلت باندفاع شديد ثم واصلت باندفاع أقل:
    - أعني, كنت أتوقع أن أجد أجهزة...
    أكمل هو ثانية
    - تقصد جهازاً يستلقي عليه الشخص ويتم وصله بأسلاك على رأسه.. ثم تتحول النبضات من قشرة الرأس إلى معلومات عبر الحاسوب؟!
    - بالضبط .. لقد قرأت إنه يمكن جعل الإنسان يشعر بالجوع أو الألم مثلاً عند الضغط على أماكن معينة في دماغه و....
    - تمهل قليلاً!
    أوقف الطبيب اندفاع آمالي بحائط الحقيقة الصلب:
    - ما تقوله لم يصل إلى مرحلة استرجاع فكرة ما بهذه السهولة وحتى إن وجد فإن جهازاً كهذا لم يصل بعد إلى مرحلة أن يوجد في العيادات الخاصة!
    مواصلاً حديثه ومجدداً الأمل في دواخلي أضاف بثقة:
    - دعني أساعدك بطريقة أخرى.. سوف نحاول إيجاد الظروف التي خطرت لك فيها هذه الفكرة... استرخ على الأريكة وارجع بذاكرتك إلى اللحظة والبقعة اللتين طرأت لك فيهما فكرتك الجيدة.
    لم أكن مقتنعاً تماماً بطريقته التي اقترحها ولكن قررت المحاولة فليس لدي شيء أخسره أشار إليّ بالتمدد على أريكة طويلة أشبه بسرير رشيق؛ قال بهدوء:
    - تذكر كلما ركّزت وكنت جاداً ازدادت فرصتك في..
    سكت ونظر إليّ ليعرف مدى تركيزى وجديتي...
    أضفت مكملاً جملته:
    - في استرجاع فكرتي الجيدة.
    سكت كلانا. ساد صمت عميق، غصت فيه عائداً ببطء عبر كثير من المشاهد إلى حيث الزمان والمكان اللذان برقت فيهما الفكرة، لم يكن الأمر سهلاً؛ فقد وصلت أمس وحدي لهذه النقطة مرات عديدة وتذكرت كل شيء إلا الفكرة التي أسعى وراءها.... آه الأن عرفت لماذا لم أستطع تذكرها... ثمة فكرة أخرى مشتتة تقودني بعيداً عن مكان الحدث مثل امرأه متبرجة... تجاوزتها مذكراً نفسي بجدوى الصبر على المكاره. الآن صار تفكيراً صافياً سوف أبحث بهدوء. إن فكرتي تكمن في مكان ما في ثنايا عقلي. يجب أن استفزها بخاطرة ما لتصحو فتومض فأمسكها لأحيلها بقلمي من ومضة عابرة إلى شيء ملموس يستمر مضيئاً يقرؤه الناس ليستفيد منه إنسان ما في مكان ما في شيء ما... إذاً سوف أركز فيما أفعل في هذه اللحظة المهمة.
    نعم لقد تذكرت! لم تكن فكرة واحدة؛ لقد كان ذهني مشغولاً بثلاث افكار؛ واحدة عن جزئية قررت إضافتها لقصة قديمة، وفكرة أخرى عن مراجعة كتاباتي وإعادة ترتيبها والثالثة هي ....هي
    كنت مركزاً كل حواسي كأقصى ما يمكن، لدرجة أن ذبابة صغيرة كانت تطن في أذنى سمعتها مثل طائرة في الحرب العالمية الأولى، وحين حطت على يدي أحسست كأن أرجلها إبر حادة وجسمها طن من الحديد...
    - هأنذا أسرح ثانية وأضيع بعد ما كنت قاب قوسين من الفكرة الشاردة. لماذا لم أصبر على قراءة ذلك المرجع المهم عن التفكير الإيجابي؟ كان يجب أن أتعلم التفكير الإيجابي وطرد كل ما هو غير مفيد يمر بعقلى... سوف أتعلم كيف أكون إيجابياً في البحث. الآن سأقوم بطرد كل المشتتات من ذهنى. أعجبتنى الكلمة، فقمت بشرحها لغوياً وعمليا قلت بفخر واعتزاز:
    - هذه مفرداتى الخاصة، المشتتات، هى التى تصرف عقلك عن اللحاق بالخواطر الجيدة وتسجيلها وتطويرها مثل صوت خارجى أو سرحان داخلي كحالتي هذه وهنالك أيضاً المحبطات التى تحبطك عن الكتابة بالكآبة مثل تضخيم واقع أليم أو حجب حاضر جميل. ولكن لحسن الحظ فإن المحفزات تجعلك تواصل الإبداع رغم الواقع المحبط. وأما المخادعات فإنها أفكار تبدو جميلة ولكنها ملهاة لا تقدم قيمة جيدة مثل سراب في الصحراء تظنه ماء فتتابعه حتى تهلك.
    باستمراري في التباهي كنت عملياً قد شرحت وبصورة بليغة كلمة المشتتات؛ فقد شتتّّ عقلي بالتباهي ولعبت بي الملاهي فضاعت فكرتي الجيدة وجدت نفسي أقول أي شيء يخطر على بالي. افترضت أن الطبيب يود أن يعرف أكثر عن أفكاري واصلت حديثي بحماس:
    - الأفكار نفسها تنقسم في رأيي إلى عدة أنواع؛ هنالك الفكرة المعاودة، وهي فكرة صديقة تخطر على بالك ثم تعاودك من فترة لأخرى حتى تسجلها أو تتناساها. وهنالك الفكرة الفراشة وهي فكرة تعطيك كل الوقت لتتأملها وحتى عندما تطير مبتعدة فإنها تتهادى معطية الوقت الكافي ليتذكرها الإنسان ويكتبها وقتما يشاء. هذه فكرة أحبها جداً. وهنالك الفكرة الشهاب وهى فكرة تومض بسرعة وتختفي في لحظة. وهنالك الفكرة السحلية وهي التى تمر أمامك وبينما أنت تطاردها لتكتبها تفصل ذيلها وتلهيك به وتختفي هي بينما أنت منشغل بذيل يتلوى. ما أقوله ربما يفتقر إلي التوثيق العلمي الدقيق ولا يمكن الاطمئنان إليه كمرجع علمي موثوق ولكنه يعتبر محفزاً فكرياً وملهماً عقلياً.
    أعجبنى ماقلت، لم أكن أعرف أن عقلي يختزن كل هذه المعلومات ويعالج كل هذه المفردات ليعطي هذه الإفادات... تذكرت أنني لم أدفع له رسوم المقابلة. انتابني قلق خشيت ألا يأخذ نقوداً. زاد ذلك من المشتتات في ذهنى، كأنه علم ما يشغل بالي... أحضر دفتراً مالياً صغيراً دفعت له الرسوم... زالت مني الهموم. أعطاني إيصالاً مالياً لم أتصور أنه سوف يبقى معي طوال عمري.
    بعد ذلك تحدثت طويلاً؛ شرقت وغربت وشرحت وسرحت. كنت أضع الضوابط المثالية وأخرقها بعشوائية وأتفاخر وأتباهى حتى استهواني التباهي فأبعدني عن الحقائق، كان يتوجب علي أن أتمسك بقوة بأشواك الحقيقة بدلاً من متابعة أشواق الهوى؛ فقد اكتشفت أننى كلما تابعت هوى نفسي تباعدت فكرتي النيرة. حين تذكرت السبب الأساسي في وجودي هنا أصبت باستياء على نفسي يخالطه إحباط من زيارتي بدده الطبيب العاقل بصبره الطيب. كان بخبرته قد توصل إلى أن الفكرة الجيدة في هذه الحالة هي الاستماع الجيد الذي يقودني للبداية الصحيحة.
    نهضت من الأريكة الرشيقة.. لم يعترض تركني أتصرف بحريتي.. نهض هو ومد يده وأخرج الشريط من آلة التسجيل التي كنت قد نسيت أمرها تماماً. لدهشتى الشديدة ناولني الشريط قائلاً:
    - خذه استمع إليه وأفرغ محتواه على الورق وأضف إليه ما كنت تفكر فيه قبل وأثناء وبعد الزيارة. صغه ليس كما تتمنى ولكن كما حدث فعلاً.
    استدرك مبتسماً:
    - يمكنك أن تتمنى في مرات أخريات.
    ناولني نسخة من مجلة (البدايات الفكرية) داهمني فضول شديد لمعرفة ما كان يكتب أثناء حديثي معه أو قل أثناء تفكيري بصوت عال، كدت أسأله, مره أخرى قاومت فضولي وصرفت تفكيري عن السؤال بيقين إن كان فيه ما ينفعني سيصلني وإلا فالأفضل عدم معرفة ما كتب).
    ودعته بامتنان وعدت إلى المنزل... حال وصولي شرعت في تحويل الحركة والسكون على الشريط إلى كلمات على الورق مع بعض الإضافات هنا وهنالك ساعدني الشريط على تذكر ما كنت أفكر فيه حينذاك، أسلته إلى كلمات على الورق مثلما فعلت مع صوتي على الشريط، حين قرأت ما كتبت من التسجيل وما خطر لي حينذاك، تولدت لدي أفكار جيدة قادتني لأسئلة مهمة لم أفكر فيها من قبل رغم إنها بديهية.. انتبهت لأهمية اختيار هدفي وتطوير أسلوبي. لم أتمكن من الإمساك بالفكرة، ولكن ربما كانت مهمتها أصلاً توليد عدد من الأفكار الجيده ثم التلاشي. أضفت لأنواع الأفكار الفكرة الولود التي تومض مرشدة إلي أفكار تومض خلفها بالتتابع. اندهشت مما ولّده هذا التآلف المكون من فكرة جيدة ورغبة صادقة في المساعدة ومستمع جيد.
    تمكنت من الإجابه عن التساؤلات البديهية التي لم أتوقف من قبل لأتفكر فيها لماذا وماذا ولمن أكتب؟ قادتني هذه بدورها إلي مراجعه لغتي والتدقيق في مفرداتى لمعرفة دلالاتها القريبة والبعيدة ومحاولات فهم الإسقاطات التي تتسرب من عقلي لتندس بين الأحرف.. تعلمت ألاّّ أجلس وأنتظر فكرة ما لتعبر ذهني بل استحدثت أدواتي وحملت الأمر بكل جدية وصرت أذهب للبحث عن الأفكار مثل أي عامل يزاول مهنة ما. اكتسبت مهارة في استفزاز الخواطر واستنفار الأفكار وخبرة في تسجيلها على الورق وسرعة في تسييلها إلى كلمات... اكتشفت وجود وتوالد عدد كبير من الأفكار فيّ وفي ما حولي، ولكن التحدي كان هو كيفية حصحصتها ومعرفة الجيد منها لمعالجته وصياغته. تعلمت من الطبيب الجدية في كل شيء وأنه عندما يساعد الإنسان شخصاً ما فإنه في حقيقة الأمر يساعد نفسه. لقد وجدت أن تجربتي تستحق أن يقرأها الآخرون. إن الطبيب لم يساعدني بكل هذا بطريقة مباشرة ولكنه كان مستمعاً جيداً يتتدخل للضرورة فقط وبحكمة أضاءت دواخلي, وقد وضعني بخبرته على الطريق الصحيح . تعلمت أهمية الوقت فنظمته ووضعت أولوياتي فرتبتها وراجعت كتاباتي فصنفتها وعلمت نقاط ضعفي فقاومتها.
    ساعدتني الأفكار التي استخرجتها من الشريط في وضع ضوابط التزمت بها راجعت كتاباتي السابقة وأنجزت مجموعتي القصصية الأولى، صغت قصتي عن مطاردتي لفكرة جيدة وأرسلتها لمجلة (البدايات الفكرية) لم أحذف شيئاً... سجلت ما حدث وما فكرت فيه حينذاك؛ نحن بشر ولسنا كاملين.
    بعد أشهر تلقيت اتصالاً مهماً تمخض عن طباعة أول كتاباتي.
    ذهبت لزيارة الطبيب.. استقبلني بترحاب أضاع مني الكلمات؛ أنا الذي تحتل مجموعتي القصصية أرفف المكتبات. مرة أخرى شجعتني ابتسامته الحميمة.. مددت يدي بنسخة من كتابي وقلت:
    - جئت لأشكرك وأقدم لك هذا..
    تسلم الكتاب.. قرأ العنوان كان اسمي على الغلاف الخارجي.. أريته صفحة الإهداء وجده موجهاً إليه .. أحسست برقة تنتابه.. أخرجت ورقة من وسط الكتاب قدمتها له وسألته مبتسماً:
    - ألا يزال الإطار شاغراً؟
    ضحك قائلاً:
    - كنت متأكداً أن صاحبه سوف يحضر يوماً ما.
    تبادلنا نظرات لم أجد كلمات تناسبها.. ودعته وخرجت بينما دخل هو ليساعد شخصاً ما.
    ضمن أشيائي أحتفظ بوريقة صغيرة عليها بيانات مالية وتوقيع الطبيب وأعلاها تاريخ مهم في حياتى.... يوم قررت أن أساعد نفسي.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de