دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
تراجيديا حزينة... شاعر عراقي مشهور يموت مهملأ علي الرصيف .....
|
موت الخباز المُختلَف على شاعريته : الشعراء العراقيون الصعاليك يعودون إلى الأضواء مجدداً بغداد:«المجلة» 11/08/2005
* ما زالت قصة الشاعر العراقي الراحل عقيل علي الذي توفي على أحد أرصفة بغداد تأخذ الكثير من الأبعاد النقدية التي وصلت إلى الحد الذي دفع كاتباً عراقياً إلى وصف موت هذا الشاعر بأنه إدانة للعراقيين أفراداً ومؤسسات وضمائر.الشاعر الراحل عقيل علي أشاع في موته أخيراً عدداً من الخلافات وتبادل الاتهامات، بعض هذه الخلافات على شاعريته وبعضها على الإهمال الذي تتعمده المؤسسة الثقافية العراقية العامة للمبدعين العراقيين.هناك من يقول إن الراحل عقيل علي لم يعرف الشعر ولكنه تعرف في وقت مبكر من حياته على شاعر مغمور، أودع لديه عدة مؤلفات شعرية وأن كل ما حصل أن عقيل علي غادر مدينته الناصرية جنوب العراق وتوجه إلى بغداد للعمل خبازاً ونشر هذه القصائد تباعاً، وهناك من ذهب أبعد في القول إن كل اختصاص عقيل علي هو إجادة صنع رغيف الخبز وزجه في التنور وليس كتابة الشعر.
مؤيدون ومشككون الذين ردوا على هذه الاتهامات المشككة في شاعرية عقيل علي قالوا إنه أحد عمالقة الشعر العراقي وأن الحياة التي عاشها تنبئ عن هذه الشاعرية وليس من المعقول أصلاً أن يعثر عقيل علي على كنز شعري ويظل مرافقاً له أكثر من ربع قرن، كما ليس من المعقول أن يستمر التزوير كل هذا الزمن من دون أن يتم اكتشاف زيف الشاعر.وقال المدافعون عن شاعرية واشعار عقيل علي إن الذين أكالوا هذه الاتهامات الكيدية له دفعهم إلى ذلك شعورهم بالحسد لما حقق هذا الشاعر من مجد شعري ربما وصل إلى ما حققه بدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي وبلند الحيدري ومن قبلهم نازك الملائكة ولهذا لم يجد أصحاب هذه الاتهامات ما يحاولون من تشويهات لشاعرية عقيل علي إلا هذا الاختراع الزائف على أمل أن تتاح لهم الفرصة التي اتيحت وما زالت تتاح لعقيل في الواقع الأدبي العراقي وفي واقع الأدبين العربي والعالمي.قصة الشاعر عقيل علي تصلح أصلاً كفيلم سينمائي نظراً لما تتضمنه من متغيرات وأحداث درامية فقد هجر مدينته الناصرية مبكراً، وبينما كان يعمل خبازاً ويتنقل بين عدد من افران الخبز في أحياء بغداد الشعبية كانت قصائده تنشر وتتداول في العراق والكثير من البلدان العربية وكأنها أغانٍ.طبع للشاعر عقيل علي ديوانان هما (جنائن آدم) و(طائر آخر يتوارى) ويعدان في نظر بعض النقاد بأنهما من أنضج القصائد العربية الحديثة، بل إن قامة هذه القصائد في نظر هؤلاء النقاد تجاوز مكانة الشاعر العربي المعروف أدونيس، وأشير أيضاً إلى أن عقيل علي الخباز الماهر تلقى تثمينات لا تحصى من أكاديميين عرب معنيين بالشعر العربي الحديث كما صدرت له قصائد ضمن مجلات أدبية فرنسية وألمانية وإنكليزية بوصفه أحد عمالقة الشعر العربي الحديث.
نهاية حزينة وما يؤخذ على عقيل علي أنه على الرغم من كونه أحد رواد مقهى الشابندر ومقهى حسن عجمي وهما المقهيان اللذان (يعسكر) فيهما الأدباء العراقيون يوم الجمعة من كل أسبوع، وعلى الرغم من كونه أحد رواد شارع المتنبي سوق المكتبات فإنه لم يعرف عنه أنه ناقش في يوم من الأيام فكرة شعرية او موضوعا أدبيا، لقد كان صامتاً باستمرار وهذا ما دفع البعض للتشكيك في أهليته الشعرية.في السنوات الأخيرة خارت قوى عقيل علي فتخلى عن عمله كخباز واتخذ من أحد مصطبات محطة حافلات نقل الركاب (منزلاً) وكان قد أدمن الخمر وبدأت تظهر عليه الكثير من الهواجس وكان بعض أصدقائه يتصدقون عليه بالطعام وبمبالغ مالية نزيرة جداً حتى نقل مغشياً عليه في سيارة إسعاف إلى مستشفى قريب ولم يتم التعرف عليه إلا بعد أن افتقده أحد الأدباء الذي كان يمر عليه يومياً لمعرفة آخر (تطورات) وضعه الصحي.لقد سحب من ثلاجة الموتى وأعدت له جنازة شارك فيها عدد من أصدقائه وغطى نفقات دفنه اتحاد الأدباء العراقيين، حيث دفع (مائة دولار) لتغطية هذه النفاقات مع توصية من الاتحاد بإعادة ما تبقى من المبلغ إلى ميزانية الاتحاد، وهي (طرفة مرة) ما زال الأدباء يتداولونها قصة حياة عقيل علي الشعرية ومصيره احتلت العديد من الصفحات الأدبية في الصحف العراقية، بل وأعادت للأذهان قصة شاعر عراقي آخر مات بالطريقة نفسها هو الشاعر عبد الأمير الحصيري في الثمانينيات من القرن الماضي، فقد ظل الحصيري إلى آخر أيامه وهو يفتخر أمام الآخرين في شارع المتنبي أو في مقاهي الأدباء أو في المطاعم التي يرتادها على نفقة الآخرين أن الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري قال عنه (إنك يا حصيري أشعر مني).كما فجرت قصة موت عقيل علي تحذيراً عن شاعر عراقي آخر ربما بدأ الطريق نفسه، هو الشاعر عبد اللطيف الراشد، وهو شاعر وصحافي لكنه الآن بدون وظيفة وتطارده الأمراض وقد دعا عدد من الأدباء إلى تكوين ملاذ آمن له خشية أن يلحق عقيل علي للاسباب نفسها.والواقع أن بعض الأدباء من الأكاديميين العراقيين يقولون إن الحياة العراقية الحافلة بالمآسي الكثيرة التي مرت على العراق هي أرض خصبة لصناعة شعراء صعاليك ينبذون الترف ويمتهنون القرف من كل شيء ..
نقلأ عن مجلة المجلة
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: تراجيديا حزينة... شاعر عراقي مشهور يموت مهملأ علي الرصيف ..... (Re: adil amin)
|
العزيز محمدين
لم أسمع بالشاعر عليه الرحمه من قبل تاثرت لما ذكرت من نهايته فذهبت الى محرك قوقل علنى أجد شيئآ من أشعاره فوجدت قصه موته على لسان صديقه نقلآ عن موقع بلاد الرافدين
هكذا تكلم عقيل علي بقلم : وجيه عباس
لاادري هل كُتِبَ عليَّ أن اوقظ عقيل من نومته لاذهب به الى الحمّام مرتين؟
كان ذلك الجسد الذاوي يلتف بملابسه الملتصقة به،قبوط رصاصي بلون وجه حامله،وشعر بلون بنطاله المترب،إلا عيناه،لم يتغير لونهما،وذاكرته المعطوبة التي تحفزها الاصوات والاشكال.
حين ذهبت اليه في المرة الاولى،كان الصديق النبيل حسن النواب قد ارسل مائة دولار لاسلمها إلى عقيل علي بعد الزوبعة التي أثارها الشاعر كمال سبتي بسبب نشر موقع إيلاف صورتين لعقيل علي تظهرانه بمظهر المتسول والمتشرد،وربما كانت تلك الصورتان مقدمة لموته الذي يسير هو إليه!
إصطحبت الزميلين جلال حسن وعلي دنيف اللذين أخبراني أن عقيل ينام خلف موقف باص الحافلة في الكرنتينة،كان كل همي أن أوصل الامانة الى صاحبها،وأتركه في حال سبيله،لكنني حين رأيته بتلك الحالة المزرية به كأنسان،إنحنيت عليه وأنهضته بعد أن أيقظته من موته البطيء،ساعدته على النهوض بكافة ملحقاته! وأصعدته الى السيارة،أتذكر ان الصديقين النبيلين قررا العودة مشيا على الاقدام بعد ان شاهدا صعود اكثر من عشيرة ذباب مع عقيل علي،فهربت أنا بعقيل وذباباته الى حمّام الفضل.
أدخلته الحمّام بعد تمنّع منه أن لايتقبله العاملون في الحمّام،فقلت له :إطمئن فمعك وجيه عباس وبين يديه مائة دولار امريكي!!دخلنا،فوجيء أصحاب الحمّام، قلت لهم(هذا اخوي واريد أن أدخله غسل وتشحيم) وسالتهم:كم تأخذون عليه (كرستة وعمل) نظر اليه احد العمال فقال :الفين دينار(تساوي دولار ونصف فقط)- اسمعوا ايها النائمون،كان دولار ونصف فقط ثمن عودة عقيل علي الى حضيرتنا الآدمية،الان انتبهوا معي لنكمل،وضعت ملابسه القديمة في كيس الازبال الذي طلب اصحاب الحمام ان اخرجه خارج الحمام،قلت لصاحب الحمام:ماذا تحتاج؟طلب قنينة شامبو وماكنة حلاقة جاهزة،وطلبت منه أن يرفق بهذا العصفور المستكين تحت كفيه كأنه طفل ضال الطريق،استاذنت بالانصراف لشراء ملابس له،وحين هرعت الى السوق،كان الاحساس الذي يصاحبني أنني اشتري ملابس لولدي الأكبر مني!
أوقفتني الحيرة في شراء البنطلون،أنا كعادتي أنتبه إلى خصور النساء،ولم يصادفني مثل خصر عقيل علي النحيف لأنني لم أكن معنيا بهذه النوعية،إخترته ولادي متوسط الحجم،إشتريت له بنقوده كسوة كاملة،عدت الى الحمّام بعد ساعة كاملة،لم يكن قد انتهى من آخر حمّام له،قال لي صاحب الحمّام ان الرجل الذي جئت به يطلبني، دخلت الحمّام فوجدت احد العراقيين العاملين هناك،قد حلق لحيته، فاستطعت رؤية وجه عقيل الذي كان يخفيه من جديد.
كان نحيلا مثل وليد سقط سهوا الى حمّام الفضل ببغداد،كان يرتجف، سألني السيد المدلّك عنه ونحن وقوف:
- استاد…هذا أخوك؟
قلت له:- إيْ أخوي واكثر من أخوي،هذا إنسان عراقي وشاعر مهم.
حين سمع عقيل ذلك،بكى،قلت له عقيل تسكت لو أجي آني أغسلك؟
إبتسم وقال: سكتت والله سكتت.
أخرجته بعد الحمام الداخلي،وجلسنا في قاعة الانتظار الكبيرة،ألبسته ملابسه واحدة فواحدة ، فوجئت أن البنطلون الذي كنت أحسبه صغيرا يتسع لعقيلين فقط وليس لعقيل علي واحد، فقمت بشنق الخصر بواسطة الحزام الجلدي ، كانت عينا عقيل تتنقل على القبوط والحقيبة القديمة له[ عرفت من عقيل قبل وفاته بثلاثة ايام انها سرقت منه]،ألبسته جواريبه،ثم سحبت الحذاء لألبسه اياه،سحب قدميه وقال لي بعفوية الناصرية:
- مايصير… شيكَولون عليَّ…. سيّد إبن محمّد يلبسنس الحذاء!
قلت له:
- إنجب وِلَكْ …. آني أخوك ولو صاير بيّه الصار بيك غصبن عليك تلبسني حذائي وانت الممنون.
كان يتكلم بطريقة مسرحية يجيدها،يحرّك يديه ويفتح فمه عند الاستغراب ويوسع من حدقة عينيه، قلت له:
- عقيل خل نروح للحلاق،شعرك طويل .
أراد أن أعفيه من هذا الاحراج فقال لي:
- كانت امي الله يرحمها تحب شعري فانا أبقيه طويلا لاجلها.
- قلت له:
- هاي المرّة خل إنكَصّه ونترحم لها.
قصصنا شعره،كان كل من يراه يرق قلبه له،حتى الحلاّق الذي لايعرف من يكون إستقبله بود غريب،كان عقيل يملك من الانسانية الشيء الكثير،شيء أكبر من أن يتصوره المنغمسون بعطور الوولف دوك(هل هذه عطور؟؟؟؟؟؟؟)،لكنه كان يملك الشيء النزر الأقل من النقود، إتصلت بحسن النواب من محل الحلاقة،وقلت له:ايها النواب الاسترالي معك عقيل علي،فتكلم معه كثيرا.
قال له عقيل(خويه حسن النبيل شلونك خويه،الان حرجنا من الحمّام،معي سيد وجيه،شكرا على كل شيء أيها الصديق الوفي،شكرا لك ولكمال سبتي،سلم لي عليهم كثيرا،شلون الاصدقاء بالغربة؟قبل ايام كنت مع كَزار حنتوش وقد دعاني إلى الشرب ولم أشرب شيئا،تصور أنا عقيل علي قررت أن أمتنع عن الشرب فامتنعت.[ ذكر أحد أعضاء المجلس المركزي ان عقيل في ذلك اليوم شرب بطل ويسكي كامل وخرج مع كزار حنتوش يتسكعان في بغداد].. تكلم حسن معه كثيرا،بعدها مشينا الى دار الصديق ناظم السعود من اجل ان يبات لديه ذلك اليوم،الا اننا لم نجده لانه كان مسافرا الى اربيل.
قلت له:عقيل لنذهب الى فندق من أجل أن تنام.
وكأنني لسعته فقال : لا خويه ارجعني الى مكاني فانا لااستطيع النوم في غيره صدقني....... تعجبت منه،أردت أن أغصبه غصبا فقال لي:
- وجيه أنت تأخرت عن عائلتك وانت ماقصرت وياي رجعني لمكاني وروح الى بيتك.
جلبت له العشاء،وذهبت الى موقف الحافلة في منطقة الكرنتينة،أعطيته من نقوده عشرة الاف دينار وقلت له:
- عقيل روح باجر الى وزارة الثقافة تشوف زعيم النصار ، الوزير يريد ارسالك الى مستشفى بن رشد، تروح لولا ؟
-نعم افتهمت وان شاء الله اروح
قلت له :بقي لك معي مبلغ من المال اخاف ان يسرقوه منك او تشرب بيه،كلما تخلص فلوسك تعال انطيك منهن، هنّه إفلوسك امنة عندي.
- أي والله.
ودعته واتصلت بزعيم النصار صباح اليوم الثاني وقلت له اذا جاءك عقيل لاتقصر معه، لكنه لم يذهب ابدا.
صباح الجمعة ذهبت الى مقهى الشابندر ، لم اجد زعيم ولا عقيل، مررت بفندقه السفري،قال لي صاحب الكشك ان احد الاشخاص حضر اليه واخذه معه بسيارة اجرة ، فعرفت انه زعيم النصار.
عصر ذلك اليوم حضر عقيل علي بصحبة زعيم الى الجريدة،اعطيته نصف المبلغ المتبقي لدي واوصيته ان لايشرب لان ذلك خطر عليه قال نعم واقسم علي ، لكنه كان سكراناّّّّّ!!!!!!!
بعد يومين اتصل بي حسن النواب فقال لي:وجيه الم تعط عقيل الباقي؟ تفاجأت كمن لسعه سوط ، قلت له: شنو؟
قال عقيل يقول لاحد اصدقائي ان وجيه لم يعطني شيئا! قلت له اعطيته امام زعيم النصار وكذا وكذا..... لاادري لماذا تلبسني رداء الشرطة وقتها؟ قلت له: حسن انا اعطه امام شهود خوفا على سمعتي، وانا ادري انه مريض وليس عليه حرج، لكن الحرج عليَّ، فقال (والله صحيح حتى كمال سبتي قال :وجيه سيعطيه النقود وسينكرها بعد ذلك)
حملت في داخلي غبنا لااستطيع انكاره وخيبة من صديق تسعى له بالمودة ...لكنني عذرته لانه مريض.
حضر الي قبل يومين من موته مع الصديق محمد وهيب، صعدت معه الى الكافتريا، تناول الفطور، عاتبته على الكلام فأنكر ذلك جملة وتفصيلا ، قلت له: هذا الباقي(40 الف دينار فقط) فاخذها مثل الطفل الفرحان بعيديته الاولى، قلت له: فخري كريم تبرع لك بايجار شقة ومبلغ اطعام شهري يسلم للمطعم،فمتى تحضر لي لنذهب الى الشاعر عبد الزهرة زكي لتنفيذ ذلك؟
قال ان شاء الله عن قريب جدا،بس محمد يسويلي هوية حتى اسكن الفندق، قبلته واوصلته الى الممر الرئيس للصحيفة وذهب....كانت هذه اخر مرة أراه يمشي على قدميه,
الاثنين الساعة السادسة مساء يرن هاتفي،فاذا به حسن النواب يسالني:هل صحيح ان عقيل علي مات؟
اتصل بي بعد ساعة الصديق ناظم السعود:خويه وجيه مات عقيل فصدقت الخبر،واين هو الان؟يرقد في ثلاجة موتى مستشفى مدينة الطب وقد علقوا عليه كارت(مجهول الهوية)!
لاادري لم يكن أمامي سوى صديقي النبيل طارق المعموري،اتصلت به وقلت له:
- طارق اخويه مات وماعندي فلوس دفنة... تريد ابقيه بالثلاجة؟
صاح بي كان الكلمات لسعته من شدة التأثر ، قال صباحا مر عليّض وخذ فلوس دفنة اخوك كلها مني وانا اشكرك لانك اتصلت بي اولا
قلت الحمد لله الذي جعل مثل طارق يستجيب لي بهاتف واحد. اتصلت بناظم وقلت له: ناظم فلوس دفنة عقيل الله دبّرها .
قال لي: من اين؟ قلت له من طارق المعموري المحامي صديقي وعراقي من اهل الله ومن العراق، قال الحمد لله التقيك غدا قرب جسد عقيل علي ، لكن عليك جلب تأييد من اتحاد الادباء لانه لايحمل هوية ، قلت له تتدللْ,
ذهبت الى الاتحاد منذ السابعة صباحا، انتظرت حتى التاسعة وحضر الناقد فاضل ثامر ونعمان النقاش، اكملت الكتاب الذي حضرت لاجله، قال السيد فاضل ثامر: وكيف تتدبرون أمر الدفنة؟ قلت له : الله سهلها ، عراقي نبيل تبرع بجميع مصاريف الدفنة، قال لكننا سنشارك، امر نعمان النقاش ان يعطيني مبلغ (100 دولار،وقال لي:اذا بقي منها شيء ارجع الباقي)،بيني وبينكم انا احب الناقد فاضل ثامر وبيني وبينه مودة،وكنت اتوقع انه سيلومني لانني اعطيت حسنة دفن شاعر لعراقي بعيد عن الشعر والشعراء، لكنني فوجئت برخص عقيل في اتحاد الادباء، كان لديه استضافة في كلية الاداب فذهب، وذهبت انا الى صاحبي حيث ينتظر قربه ناظم السعود الذي لم يتجرا ان يدخل الى
ثلاجته.
دخلت الى الثلاجة،كانت مظلمة الا من البرد القارص والمشبع برائحة الموتى، كانت هناك 6 جثث نائمة بانتظار ترابها الذي سيهال على وجهها،لم اتبين عقيل علي، فاشار الي العامل الى جهة اليسار، كان العصفور البشري يرقد مفتح العينين، فاغر الفم، جامدا في حرارة ماادري تحت الصفر البشري( اتيقن ان عقيل علي قد عوضه الله عن كل الانقطاعات الكهربائية في ثلاث حيوات ببرد جمد عظامه النحيلة)، اغمضت عينيه لانني لم اتحمل نظرته لي في الظلام ،خرجت ولم اتمالك عيني من الدموع،انتحيت جانبا وجلست ابكي ، وتحاشيت ان ينظرني الوحيد الذي حضر معي- ناظم السعود، فهذا قلبه ضعيف واخاف على ماتبقى منه،ابعدت ناظم وذهبت الى المدير ليسلمني الجثة، لقد ثأر الروتين العراقي من عقيل علي حتى في استلام جثته التي تأخرت 24 ساعة اخرى، كان علينا اكمال اوراقه التحقيقية في مركز الشرطة، وبعد اللتي واللتيا، ذهبنا به الى الطب العدلي لتشريحه،حملت جثته مع شخص كان يطلب الثواب،فتشت جيبه الذي لم يفتشه احد من يومين،وجدت اخر صورة له التقطها،ووجدت اخر قصيدة في جيبه كتبها على ورقة التحليل الطبي،كانت جامدة،وكأنه يقول لي: هذه هديتي اليك، قصيدة بلون الموت، ومن اجل تشريح انظف، تم توزيع رشاوى الموت العراقي الاعمى على موظفي الطب اللاعدلي على امل ان نتسلمه من الصباح لنواري جثمانه الثرى،ظهر الثلاثاء حضر اخوه محمد من بغداد وابن اخيه،شيعناه على عناد الملائكة وموقع ايلاف من المقهى الذي كان يرتاده معنا،مررنا بكل الطرق التي ألفت قدميه،وفي منتصف الطريق،قلت للمشيعين لننهي تشييعنا له في موقف الحافلة في الكرنتينة حيث كان ينام لنبصق على هذه القسمة الزفرة التي اوصلت شاعرا عراقيا مثل عقيل علي ليموت عليها.
شيع فقراء بلاحدود فقيرهم النحيف، بضعة من اقدام تعبى تمشي خلف النعش وتصيح:لااله الا الله..محمد رسول الله..... والناس يودعونه باكفهم ،
اللهم وهذا عقيل علي عبدك المذنب، نزيل حفرتـك النجفية،وانت ارحم الراحمين، لم يكن وزيرا في حكومة علاوي لينهب مايواري به سوأة فقره، ولم يكن من المحوسمين، كان شاعرا، ينام في موقف الباص، إلهي، وانا قرات كتابك الكريم مرة ثانية فلم اجد ان النوم على مصاطب نقل الركاب سيئة امرت باثباتها الكرام الكاتبين، ولم يكن من المداحين والرداحين واصحاب الكروش المعتقة،فقد كان لايفقه من اوزان الخليل سوى صوت ارتطام الحجين بطين الافران، كان انسانا اخف وزنا من حسنة، وارق من نسمة ،لم يرد على من اتهمه بسرقة الشعر الا بالابتسام ، وانا الشاهد الهي، انه لم يؤذ ذبابة او نملة ليسلبها حقها، كان في موته كريما،اعطاني قصيدة موته وهو ميت يتقطر البرد من اطرافه المدماة وعينه اليسرى التي جمد الدم عليها، لكنه رفض الخروج من المشرحة ، حتى خرج منها المظلوم الكربلائي احمد آدم،وكأنه يشارك عزاء ذويه بموته، الهي ان تحاسبه بعدلك فهو من الهالكين،وان تحاسبه برحمتك فانت ارحم الراحمين، وانا اتيقن انك الهي الرحيم لن تؤذيه حتى وان عبَّ بحر الخمر، فقد ناله منا كل العقوق وكل التهم الموجبة لموته عريانا وسكرانا في مزبلة العراق العظيم.
اللهم اغفر لنا عقوقنا ونفاقنا لعقيل، فوحقك لم يقتله سوى انواتنا الفارغة،ونرجسياتنا المنفلقة، نحن فقراؤك الذين حملناه من مقهى الفقراء الى حيث مات في مزبلة ارواحنا العفنة،لنقول لك الهي لاتاخذه بذنوبنا، ولك الحمد الهي الرحيم انك رحمته برحمتك الواسعة حيث اعدته الى قبره كامل الجسد من غير قطع راس او بتر رجل او اصبع.
لاادري هل كُتِبَ عليَّ أن اوقظ عقيل من نومته لاذهب به الى الحمّام مرتين، فحمّام الفضل اعاده الى المغيسل حيث كفنوه بالبياض.
ريح الجمرة
(القصيدة التي عثرت عليها في جيب بنطلون جثة عقيل علي
وهي مكتوبة على كارت اصفر لدخول شعبة الطواري في مدينة الطب)
أغمضت المقلتين
ومضيت
بعد إنطفائها
مازال الانتظار مرتحلٌ
والذي لايجيء قبضُ رمادْ
فالتجيء له
وأهجر الجدار
وسادتك الرصيف
وطعامك بقايا فضلات المزابل
التوجس والدهشة والحيرة وأيام اللاجدوى
فراشك وغطاؤك وزادك دوما
فأغمض المقلتين كذلك أنت إلى الأبد
مازلت مرتحلا وستظل،
داخل روحك
فإلى متى ياعقيل علي
مامن خلاص؟
أهذه مايسمى حياة
كلا،
أنه الموت في الحياة كل رمشة جفن
أنه إذن ماتبقى من مامحسوب عليك حياة بيديك
وكفى
كفى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تراجيديا حزينة... شاعر عراقي مشهور يموت مهملأ علي الرصيف ..... (Re: muntasir)
|
اخي عادل امين ..لك التحية والتقدير ..
Quote: انها ارض السواد اتعس ما خلق الله من بلاد
ايضا ابوالقاسم الشابي واالتجاني يوسف بشير لاقونفس المصير..انها الحياة العبقرية...يعبرون كالشهاب ويضيؤون الف عام |
نعم يبدو انها قصة متكررة في عالمنا العالم ثالثي ..كم هو فظيع ان نرقص علي وقع كلمات الشعراء بينما هم يموتون علي ارصفة الحرمان والموت ..كم نحن انانيون حتي لا نشعر بالام مبدعينا ونتركهم يموتون بين ركامات القاذورات ..يبدو اننا في السودان لدينا امثلة كثيرة مثل عقيل علي الا ان كرامتنا السودانية تمنع البعض من عرض امثال هذه القصص المحزنة .....................................................................
اخي منتصر ..لك التحية والتقدير ...
Quote: - استاد…هذا أخوك؟
قلت له:- إيْ أخوي واكثر من أخوي،هذا إنسان عراقي وشاعر مهم.
حين سمع عقيل ذلك،بكى،قلت له عقيل تسكت لو أجي آني أغسلك؟
إبتسم وقال: سكتت والله سكتت. |
شكرأ لك علي احضار كامل القصة ..وكم شعرت بالحزن والألم العميق مما قرأت ..وتذكرت كاتب المقال حين قال ان قصة عقيل علي تصلح كفيلم سينمائي ..وبالرغم من الحزاينية التي اكتست قصة حياة الشاعر الخباز الذي لم يوقفه عمله الحرفي ذلك من الابداع في الشعر ...مات عقيل علي ولكنه مثلما قال عادل كالشهاب يحترق ليضئ لنا ..اذ ترك لنا دروسأ وعبرأ ..منها ..ان وضاعة الاعمال والمهن لا تمنع من الابداع الراقي ..ولولا وهن الجسد لما لجأ الشاعر الي الرصيف .. ولأستمر يتكسب من عمله كخباز ..ولأستمر يبدع اكثر ..من الدروس الانسانية ما قرأته ...
Quote: - استاد…هذا أخوك؟
قلت له:- إيْ أخوي واكثر من أخوي،هذا إنسان عراقي وشاعر مهم.
حين سمع عقيل ذلك،بكى،قلت له عقيل تسكت لو أجي آني أغسلك؟
إبتسم وقال: سكتت والله سكتت. |
هذه الاربع اسطر فيها دروس انسانية عظيمة ..اهمها الوفاء ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تراجيديا حزينة... شاعر عراقي مشهور يموت مهملأ علي الرصيف ..... (Re: محمدين محمد اسحق)
|
(القصيدة التي عثرت عليها في جيب بنطلون جثة عقيل علي
وهي مكتوبة على كارت اصفر لدخول شعبة الطواري في مدينة الطب)
أغمضت المقلتين
ومضيت
بعد إنطفائها
مازال الانتظار مرتحلٌ
والذي لايجيء قبضُ رمادْ
فالتجيء له
وأهجر الجدار
وسادتك الرصيف
وطعامك بقايا فضلات المزابل
التوجس والدهشة والحيرة وأيام اللاجدوى
فراشك وغطاؤك وزادك دوما
فأغمض المقلتين كذلك أنت إلى الأبد
مازلت مرتحلا وستظل،
داخل روحك
فإلى متى ياعقيل علي
مامن خلاص؟
أهذه مايسمى حياة
كلا،
أنه الموت في الحياة كل رمشة جفن
أنه إذن ماتبقى من مامحسوب عليك حياة بيديك
وكفى
كفى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تراجيديا حزينة... شاعر عراقي مشهور يموت مهملأ علي الرصيف ..... (Re: عبدالماجد فرح يوسف)
|
اخي عبد الماجد فرح يوسف .. لك التحية والاحترام .......
Quote: جمب خشم الباب: إنت منتظر المؤتمر يبدأ ولا دي فترة إسترخاء يا حبيب؟ |
بالنسبة للمؤتمر ..ما شايف البيانات المحبطة دي ..يقوم ..لا ما يقوم .. والله دي فترة استرخاء اجبارية ..لكن رأينا قلنا زمان ..بس رأي قصير ما بسمع ..اخوي عبد الماجد ...........................................................................
| |
|
|
|
|
|
|
Re: تراجيديا حزينة... شاعر عراقي مشهور يموت مهملأ علي الرصيف ..... (Re: عبدالماجد فرح يوسف)
|
اللهم وهذا عقيل علي عبدك المذنب، نزيل حفرتـك النجفية،وانت ارحم الراحمين، لم يكن وزيرا في حكومة علاوي لينهب مايواري به سوأة فقره، ولم يكن من المحوسمين، كان شاعرا، ينام في موقف الباص، إلهي، وانا قرات كتابك الكريم مرة ثانية فلم اجد ان النوم على مصاطب نقل الركاب سيئة امرت باثباتها الكرام الكاتبين، ولم يكن من المداحين والرداحين واصحاب الكروش المعتقة،فقد كان لايفقه من اوزان الخليل سوى صوت ارتطام الحجين بطين الافران، كان انسانا اخف وزنا من حسنة، وارق من نسمة ،لم يرد على من اتهمه بسرقة الشعر الا بالابتسام ، وانا الشاهد الهي، انه لم يؤذ ذبابة او نملة ليسلبها حقها، كان في موته كريما،اعطاني قصيدة موته وهو ميت يتقطر البرد من اطرافه المدماة وعينه اليسرى التي جمد الدم عليها، لكنه رفض الخروج من المشرحة ، حتى خرج منها المظلوم الكربلائي احمد آدم،وكأنه يشارك عزاء ذويه بموته، الهي ان تحاسبه بعدلك فهو من الهالكين،وان تحاسبه برحمتك فانت ارحم الراحمين، وانا اتيقن انك الهي الرحيم لن تؤذيه حتى وان عبَّ بحر الخمر، فقد ناله منا كل العقوق وكل التهم الموجبة لموته عريانا وسكرانا في مزبلة العراق العظيم.
| |
|
|
|
|
|
|
|