دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
ما كتبه الراحل الخاتم عدلان حول الشهيد عبدالخالق محجوب
|
Quote:
هذا مقالي للأضواء الغراء هذا الأسبوع، وهو يتعرض لمحاولات الدكتور عبد الله علي إبراهيم للإعدام المعنوي لعبد الخالق محجوب، بعد أن قتله أعداؤه جسديا.
بين الدكتور عبد الله على إبراهيم، والأستاذ الشهيد عبد الخالق محجوب:
لا يكتفي الدكتور عبد الله علي إبراهيم، بأقل من الإعدام المعنوي لليسار، ممثلا في واحد من أوضأ رموزه: الأستاذ الشهيد عبد الخالق محجوب. ومن خلال إشارات مبثوثة في عدد لا يحصى من المقالات، يحاول عبد الله على إبراهيم أن يمدح عبد الخالق محجوب بأن ينسب إليه قيما ومواقف لم تكن حياة الشهيد وموته، إلا نفيا ودحضا لها. وإذا كان ما حدث لعبد الخالق محجوب صبيحة الثامن والعشرين من يوليو 1971، إعداما جسديا إجراميا نفذه حاكم معتوه، فإن رد فعل عبد الخالق عليه، قد مثل الدرجة العليا من التسامي الفردي، والبطولة الإنسانية، والشجاعة العقلية، التي ألهمت أجيالا من الشعراء والرسامين والمبدعين، بقدر ما ألهمت المناضلين في كل الدروب. ومصدر الإلهام هنا لم بكن تلك الوقفة الأسطورية وحدها، بل كانت السيرة كلها، والقيم التي أضاءت تلك السيرة، والتي لم يزدها الإعدام الجسدي إلا جلاء. أي أن عبد الخالق محجوب، لم يعد منذ تلك المأثرة الباهرة التي خطها بموته، سوى تلك القيم التي عاش من أجلها، وجاد بروحه ودمائه لإضاءتها وسقياها. وهو قد قال لنا بفعله ذاك: جسدي فداء لفكري، دمي زيت لقيمي، عبوري ثمن لبقاء معناي. فإذا أتي من ينسب لعبد الخالق قيما ومواقف نقيضة لما كان يؤمن به، ويرفعها علما على ذكراه، مع كل آيات التمجيد الزائفة وحسرات الفراق المفتعلة، فإنه يحاول إتيان جريمة أفظع من القتل الجسدي، وهي قتل المعنى. وهذا هو ما ظل يمارسه عبد الله علي إبراهيم منذ أن زلزلته الإنقاذ بحضورها الرهيب، وخلعت فؤاده وكسرت جبارته. في كتابه عن الترابي كزعيم للتجديد الإسلامي في السودان، وعن إمكانية حكم البلاد بواسطة فئة القضاة الشرعيين، يورد عبد الله علي إبراهيم الإهداء التالي: " إلى أستاذنا المرحوم عبد الخالق محجوب كنا قد إئتمرنا أو " تآمرنا" على شيئ من هذا الكتاب في فترة من الزمان عند منتصف ستينات القرن الماضي. واستعجلت أنت تخطو وئيدا شجاعا في السكة الخطرة. أو أبطأت أنا. وهذا بعض كسبي من " المحضر السابق" صدقة جارية لروحك السمح العذب، يا أيها الرجل الوسيم." ألاحظ عرضا هنا إستخدام عبد الله على إبراهيم، في إهداء يوجهه إلى عبد الخالق محجوب، لمصطلحين أساسيين في فكر حسن عبد الله الترابي، هما مصطلح الإئتمار، الذي يفضله الترابي لمعناه المزدوج، الظاهر المتعلق بعقد المؤتمرات، والخفي الذي يعني التآمر، فالترابي يعشق مثل هذه المصطلحات ويهيم بها هياما لا فطام منه. ومصطلح "الكسب"، الذي يصور العمل السياسي والفكري، ليس كعطاء يجود به المرء طوعا على الآخرين، بل ككسب يأخذه الفرد عنوة من الجماعة، ويأخذه الحزب غصبا من المجتمع. وأتجاوز عن ظاهرة ذلك المستعجل الذي " يخطو وئيدا"، في مزاوجة مستحيلة بين نوعين من المشي، وأنفذ إلى جوهر فكرة عبد الله، وهي إشراك عبد الخالق في تأليف كتاب لم يكن ليتردد في إستنكار كل مقولة أساسية وردت فيه، ودحضها بحزم فكري عرفه عنه عبد الله قبل سواه. والدليل الذي يسوقه عبد الله على إشتراك عبد الخالق معه في فكرة هذا الكتاب، هو تآمر سري، بينه وبين عبد الخالق. وهي فكرة ليست كاذبة فحسب، بل هي غبية كذلك. لقد أتهم عبد الخالق محجوب بالتآمر في أشياء كثيرة، في مراحل مختلفة من حياته، من مؤامرة الشيوعية الكبرى، وحتى مؤامرة الإنقلاب العسكري. وكانت الإتهامات ذات طابع سياسي واضح، لأن عبد الخالق كان قائدا سياسيا فذا، من أخمص قدميه إلى شعر رأسه. ولكن أحدا لم يتهم عبد الخالق بمؤامرة فكرية. في مسائل الفكر كان عبد الخالق واضحا كالشمس. بل كان يوصي الشيوعيين بأن يكونوا واضحين فكريا مثله، وألا ينحشروا في مواقع الدفاع، حتى لا يتهموا بالإنتهازية. فكيف يمكن لرجل هذا شأنه أن يتآمر مع عبد الله على أفكار هابطة مثل تولية شؤون الدستور والحكم لفئة القضاة الشرعيين، إذا كان ذلك هو الجزء من الكتاب موضوع التآمر، أو تنصيب الترابي زعيما للتجديد الديني، إذا كان موضوع التآمر هو الجزء الثاني من الكتاب؟ وكيف يمكن لعبد الخالق أن يتآمر على كل تاريخه الفكري؟ التآمر المشار إليه هنا، لا يعني سوى أن عبد الله، وقد سار في الدروب الموحشة، بدلا عن "السكة الخطرة"، يريد أن يدعي أنه يفعل ذلك وهو في صحبة رفيعة، كما يريد أن يتأبط ذراع عبد الخالق إلى قبره المعنوي، الذي أعده بدافع الكراهية العميقة التي تسمي نفسها حبا خالدا. وسأوضح ما أجملته هنا عندما أتناول في مقالات قادمة، كتاب عبد الله المدوّن بمداد التهافت المنطقي والمرجّب بعمد الحجج الخاوية. وما أجمله عبد الله هنا في كلمة إهدائه المسمومة، فصله شيئا ما في مقدمته لكتاب عبد الخالق: أفكار حول فلسفة الإخوان المسلمين الذي كتبه الشهيد أواخر الستينات. ولأن الرسالة التي حددها عبد الله علي إبراهيم لنفسه، إزاء عبد الخالق، لا يمكن أن تكون مستقيمة، وإلا كشفت نفسها للدحض المباشر، فإن إلتواءها قد ظهر هنا بأجلى ما يكون الظهور. إن عبد الله إذ يقدم لكتاب، ينتقد دون رحمة، وباستقامة فكرية عظيمة، عرفت عن الشهيد، أفكار الإخوان المسلمين، لا يورد حرفا واحدا، أو فكرة واحدة من الكتاب الذي بين يدي القاريئ، بل يلجأ إلى نسبة أفكار نقيضة لما ورد في الكتاب إلى مؤلفه، بإعتماد مراجع أخرى ليست بين يدي القارئ ولا يؤمل أن يحصل عليها حتى إذا شاء! والأخبار غير السارة بالنسبة لعبد الله، إننا حصلنا على بعضها، ونعمل على الحصول على الأخريات ولو طال السفر، فليكفهر وجهه ما شاء له الإكفهرار! يقول عبد الله علي إبراهيم أن عبد الخالق محجوب، لم يكن معترضا على دعوة الدستور الإسلامي، عند ظهورها، بل كان محبذا لتلك الفكرة، منشرحا إزاءها، ومحتفيا بها. وربما يكون رد فعل كثير من القراء، وهم يطالعون هذه الدعوة الغليظة، أنني أتجنى على الرجل، وأرجمه بالغيب، وأتهمه بما لا يمكن أن يكون قد صدر عنه. ولا أستطيع أن أرد على هؤلاء إلا بكلمات عبد الله علي إبراهيم نفسه الواردة في مقدمته تلك لكتاب عبد الخالق. يقول في صفحة 11 ما يلي: " ويذكر الشيء بالشيئ، فأريحية عبد الخالق الفكرية حيال مشروعية، بل وسداد الدعوة إلى الدستور الإسلامي قديمة. فقد تقبل هذه الدعوى بطيب خاطر في كتابات باكرة له بجريدة الميدان عام 1957، والدعوى إلى مثل هذا الدستور في طفولته بعد" (الدعوى بدلا عن الدعوة وطفولته بدلا عن طفولتها، نقلتها كما وردت في الأصل.) ولكن التأييد المزعوم للدستور الإسلامي، المنسوب لعبد الخالق محجوب، وإيمانه ليس فقط بمشروعية الدعوة، بل بسدادها، لا يتوقف على مقال نشر عام 1957 عندما كان عمر عبد الخالق 30 عاما، بل يمتد معه في دعوى عبد الله حتى مماته على ما يبدو، يقول على ص 13 من مقدمته: " وعليه لم يكن عبد الخالق في عام 1958م، كما لم يكن في عام 1965 م، ممن أستثقل أو إستفظع أو إسترجع –أي جعلها رجعية باطلاق- الدعوة إلى الدستور الإسلامي، بل كان أكبر همه فحص إن كانت الدعوة إليه قد جاءت من باب المواتاة السياسية أم أنها صدرت عن إنشغال سياسي محيط بالخطر الوطني والحضاري بالإستعمار، الخصم الأكبر، وعن عزيمة كتأمين السيادة الوطنية على أساس من العدل الإجتماعي. والدليل على رحابة صدر عبد الخالق لخطاب الدستور الإسلامي هو تنبيهه إلى أن المناقشات التي جرت حول وجوب تطبيقه في ما بعد ثورة أكتوبر 1964م " ولدت وعيا بين الناس لا سبيل إلى إنكاره ولفتت الإنتباه لأول مرة في بلدنا للنظر للدين من زاوية المؤثرات والتقدم الذي أصاب الإنسان في القرن العشرين." وربما يكون روع القاريئ قد هدأ حاليا، بعد أن وقف من عبارات عبد الله، على أنني لم أنسب إليه ما لم يقله. فالعبارات رغم حظها الضئيل من الإبانة، ورغم ما فيها من اللغو والعويش، إلا أنها توضح موقف صاحبها بصورة كافية. إذن كان عبد الخالق محجوب منشرحا لدعوة الدستور الإسلامي، محتفيا بها، غير منكر ولا "مسترجع" لها. كل إعتراضات عبد الخالق محجوب، إنطوت على اعتبارات ثانوية، مثل أنها طرحت في غير محلها، وأنها لم تتشرب بصورة كافية بعداء الإستعمار، كما أنه لم يكن واثقا من أنها "صدرت عن إنشغال سياسي محيط بالخطر الوطني والحضاري بالإستعمار، الخصم الأكبر" أو كما قال! هنا أيضا، يريد عبد الله علي إبرهيم، في مسيرته الهابطة، أن يقنع الناس أنه يسير في صحبة راقية. وهنا أيضا يحاول أن يسوق عبد الخالق محجوب إلى قبره المعنوي، بعد أن تكفل الآخرون بقتله الجسدي. والواقع أن عبد الخالق لم يكن في أية لحظة من لحظات حياته المدونة، من دعاة الدستور الإسلامي، سواء بتوضيحاتها أو بدون توضيحاتها. بل كان خصما لدودا، ومجادلا عميقا عارفا، ضد ذلك الدستور وتلك الدولة، وما كتابه هذا الذي يقدم له عبد الله علي إبراهيم، ولا يذكره بكلمة واحدة، سوى شهادة دامغة على ما نقول. مواقف عبد الخالق محجوب في المعركة الممتدة ضد الدستور الإسلامي معروفة وموثقة، وخطبه داخل الجمعية التأسيسية عندما كان نائبا من نوابها معروفة للجميع، تسميته لتلك الدعوة بالمشبوهة والرجعية معروفة كذلك، ويعرفها عبد الله علي إبراهيم أكثر من سواه. وهذه كلها شواهد سنوردها ونفصل أمرها. ولكنا هنا نكتفي بالدحض المنطقي لمقولات عبد الله علي إبراهيم المتهافتة حول موقف عبد الخالق محجوب. فإذا كانت الرواية التي أعتمدها عبد الله لتلك المقالة التي نشرها عبد الخالق صحيحة، وليس لدي ذرة من الثقة في أمانة عبد الله، فإن جوهر حجة عبد الخالق هي أن المعركة في ذلك الوقت، كانت هي الوحدة ضد هجمة الإستعمار، وليست الفرقة حول الدساتير. هذا لا يعني أن عبد الخالق كان يؤيد الدستور الإسلامي، بل كان يرى أن من يطرحونه إنما يريدون خلط الأوراق، والهروب من المعركة الماثلة إلى معارك أخرى سيأتي أوانها. فلنحارب الإستعمار جميعا كسودانيين، ثم نتعارك بعد ذلك حول الدساتير. وهذا موقف لا أستبعد أن يكون عبد الخالق قد وقفه بناء على التحليل الماركسي في التناقضات الأساسية والثانوية، المعروفة لدى عبد الله دون ريب. وبمعنى أوضح إذا كان عبد الخالق يدعو إلى دستور علماني، وقد كان يدعو إليه حتى إستشهاده، وهو بعض من معانيه الباقية، فإنه يقول دعونا نعرض حاليا عن طرح الدساتير، ودعونا نتوحد ضد الإستعمار وأذناب الإستعمار، وبعد أن نزيح ذلك الخطر فليطرح كل منا دستوره، وفي هذه الحالة فإنني سأعترض على دستوركم الإسلامي، طارحا دستورا علمانيا مستقيما. هذا كل ما يمكن أن يستشفه المحلل الأمين من مواقف عبد الخالق محجوب. المهم أن عبد الخالق محجوب لو كان يدعو إلى الدستور الإسلامي، فإن معانيه كلها تكون قد جفت تقريبا، بقيام الدولة الإنقاذية الأصولية التي ألتحق عبد الله بخدمتها الفكرية، من مواقع الإلتواء والخفاء الشديد والنكران. وإذا كان ذلك مبتغى عبد الخالق، فإن إعدامه المعنوي يكون قد إكتمل. فكيف يمكن أن يكون عبد الخالق داعية للإشتراكية والعدالة والعلمانية والشيوعية، إذا كانت أحلامه تنتهي عند عتبة الدولة الدينية؟ ولست مندهشا لمحاولات عبد الله إعدام عبد الخالق معنويا، لأن ذلك يمثل بالنسبة إليه حاجة نفسية قاهرة. فهو لم يكن ليقدم على مثل تلك المحاولة لولا أنه اختار الإعدام المعنوي لذاته أولا، في مواجهته لأخطار لم يكن من ضمنها الموت. وذلك على النقيض تماما من عبد الخالق محجوب الذي اختار الفناء الجسدي، والبقاء المعنوي، وهو عارف تماما بتبعات خياره. ولا يكتفي عبد الله بمقالات مجهولة كتبت عام 1957، بل يورد وثيقة قضايا ما بعد المؤتمر كشاهد على أطروحته. وهذا ما سنعالجه في حلقة مقبلة.
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ما كتبه الراحل الخاتم عدلان حول الشهيد عبدالخالق محجوب (Re: elsharief)
|
Quote:
وهي فكرة ليست كاذبة فحسب، بل هي غبية كذلك. لقد أتهم عبد الخالق محجوب بالتآمر في أشياء كثيرة، في مراحل مختلفة من حياته، من مؤامرة الشيوعية الكبرى، وحتى مؤامرة الإنقلاب العسكري. وكانت الإتهامات ذات طابع سياسي واضح، لأن عبد الخالق كان قائدا سياسيا فذا، من أخمص قدميه إلى شعر رأسه. ولكن أحدا لم يتهم عبد الخالق بمؤامرة فكرية. في مسائل الفكر كان عبد الخالق واضحا كالشمس. بل كان يوصي الشيوعيين بأن يكونوا واضحين فكريا مثله، وألا ينحشروا في مواقع الدفاع، حتى لا يتهموا بالإنتهازية. فكيف يمكن لرجل هذا شأنه أن يتآمر مع عبد الله على أفكار هابطة مثل تولية شؤون الدستور والحكم لفئة القضاة الشرعيين، إذا كان ذلك هو الجزء من الكتاب موضوع التآمر، أو تنصيب الترابي زعيما للتجديد الديني، إذا كان موضوع التآمر هو الجزء الثاني من الكتاب؟ وكيف يمكن لعبد الخالق أن يتآمر على كل تاريخه الفكري؟
|
رحم الله الخاتم, واعتقد ان هذا هو اخر مقال كتبه الراحل فى مقالاته كل يوم ثلاثاء بصحيفة الاضواء
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما كتبه الراحل الخاتم عدلان حول الشهيد عبدالخالق محجوب (Re: elsharief)
|
وايضا كتب الراحل الخاتم عن الشهيد عبدالخالق فى بوست(النص الكامل لمحاكمة الاستاذ عبد الخالق محجوب ظهر الثلاثاء 27 يوليو 1971 )
Quote:
وقد قرأت البوست وأرجعني إلى تلك الايام المأساوية وإلى بطولاتها الأسطورية التي تمثلت في مواقف شهداء 19 يوليو من أعضاء الحزب الشيوعي وأصدقائه. قرأت دفاع عبد الخالق محجوب عدة مرات سابقة في الصحف وعرفت من شهود العيان ومن السامعين كيف استقبل الموت، رابط الجأش سمح المحيا، وكان يهتف على طول الممر الذي قاده إلى زنازين الإعدام، بالجزء الشرقي من سجن كوبر: المجد لثوار السودان، المجد لشعب السودان، عاش نضال الشيوعينن السودانيين وعاش نضال الحزب الشيوعي. وكان المعتقلون جميعا، من شيوعيين وغيرهم، يرددون وراءه الهتاف واغرورقت بعض العيون بالدموع. وكان الجو مربدا وممطرا. وقد قال لي أستاذي المرحوم عباس على أنه في لحظة إعدام عبد الخالق في الساعات الأولى من الصباح لمع برق أضاء عتمة الزنازين الشرقية في نفس اللحظة التي أزت فيها المشنقة وارتفع الحبل، وكان يقف بالقرب من عباس الاستاذ جرحس نصيف وهو فنان تشكيلي معروف، وقال له الأستاذ عباس لا بورك في فنكم إذا لم تسجلوا هذه اللحظة. وقد رفض الأستاذ عبدالخالف تعصيب عينية عند لحظة الإعدام. أعتقد أن هذا كله جدير بالتسجيل. وجدير بالتسجيل كذلك دور عبد الخالف محجوب في الحياة السياسية والفكرية في السودان وأثره الباقي على الزمان. إرتباط موت عبد الخالق محجوب بانقلاب عسكري ربما جعل بعض المثقفين السودانيين يقللون من بطولته الأسطورية، ولكن هؤلاء مخطئون. فعبد الخالق لم يشارك في إنقلاب ضد الديمقراطية، بل ضد حكم عسكري يتفق الجميع الآن، وإن لم يتفقوا حينها، إنه اصاب البلاد بدمار هائل لم تفق منه حتى اللحظة. ولم يكن عبد الخالق محجوب يريد تكوين حكومة عسكرية، بل كان يريد أن يشرك كل القوى السياسية التقدمية والديمقراطية في الحكم، بمعنى أنه كان توسيعا ديمقراطيا لقاعدة السلطة وفق المفاهيم التي كانت ممكنة تاريخيا في تلك اللحظة وبحكم العلاقات التي كانت سائدة بين القوى السياسية في ذلك الزمان. وقددار الحوار مع البعثيين، والإشتراكيين بمجموعاتهم المختلفة، والمستقلين والشخصيات الوطنية، ومع بعض العناصر من الأحزاب التقليدية، ومع النقابات، والمنظمات الجماهيرية، بغرض أشراكها جميعا في السلطة. كل هذه قضايا لم تحد حظهامن الحوار المفتوح بين السياسيين والمثقفين في السودان.كما أن حياة وموت عبد الخالق موضوع خصب للدراما، وللشعر والفن، كما ألمح الاستاذ عباس علي.
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما كتبه الراحل الخاتم عدلان حول الشهيد عبدالخالق محجوب (Re: elsharief)
|
وكتب الخاتم حول الشهيد عبدالخالق
Quote:
عبدالخالق محجوب
كان قائداً مُلهماً وذكياً وجريئاً، وكانت له رؤية ثاقبة ومقدرة غير عادية على إجتذاب الناس وتحت قيادته صار الحزب قوة يأبه لها من قِبل كل القوى السياسية في السودان ولم يكن أي حزب يبرم أي أمر دون أن يضع موقف الشيوعيين في الاعتبار، من الناحية الاجتماعية كان الحزب الشيوعي قوة تحسها في كل البيوت وكان للنفوذ الشخصي لعبد الخالق محجوب أثراً مباشراً في ذلك.
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما كتبه الراحل الخاتم عدلان حول الشهيد عبدالخالق محجوب (Re: elsharief)
|
نواصل مع كتابات الراحل الخاتم
Quote:
* شخصيا كنت بالمناقل عندما وقع الإنقلاب، وبعد أن أكتشفت أن كل قيادة الحزب هناك أعتقلت، خرجت من المدينة ليلا، وحافظت على سلامتي الشخصية لأكثر من شهر، كانت هي الفرق بين الموت والحياة. الصورة التي كانت في ذهني في تلك اللحظات هي صورة الشيوعيين الأندونيسيين الذين قتل منهم أكثر من مليون ونصف المليون في إنقلاب سوهارتو في الستينات. وعندما تجمعنا في كوبر وجعلنا نحكي قصصنا وجدت أن أغلب الناس اختفوا بطرائقهم الخاصة وبمبادرتهم الخاصة مستفيدين من أسرهم وعلاقاتهم الإجتماعية وبراعاتهم في التخفي، مثل الاستاذ إبراهيم جاد الله، الذي أضحك الناس كثيرابقصة هروبه في تلك الايام الماساوية. * كل هذا ربما لا تكون له علاقة مباشرة بنوع التعامل الذي كان من المفروض أن يلقاه عبد الخالق محجوب، سكرتير الحزب، ووجهه، والمرشح للموت عند القبض عليه بصورة لا يرقى إليها الشك مطلقا.كان من المفروض بمجرد ظهور إرهاصات الهزيمة أن يأتي جهاز الحزب السري ويؤمن عبد الخالق ويضعه بعيدا عن المخاطر، وهو ما لم يحدث بالطبع. وهذا لم يحدث ليس لأن هناك مؤامرة دبرت في تلك اللحظات الحالكة للتضحية بعبد الخالق، فالحزب لم يكن قادرا وقتها حتى على التآمر. أقول هذا فقط لاستخدام الظروف السائدة وقتها في البرهان على مقولتي، وليس لأن هناك من كان يفكر في تلك المؤامرة ولم يستطع تنفيذها. اي أنه حتى إذا كان هناك من يريد التضحية بعبد الخالق، لأي سبب خاص به، فإنه لم يكن يملك أن يجتمع بالجهاز السري في تلك اللحظات ليبلغه بمثل هذا القرار! * المسألة إذن لا تتعلق بقرار حزبي أو تآمر فردي أو جماعي على حياة عبد الخالق. ولكنها ببساطة إنهيار الأجهزة الحزبية في تلك اللحظات بما فيها الجهاز السري المسؤول عن تأمين القيادة. ونسبة لأني على معرفة ما بهذا الجهاز، فأرجو أن أقول كلمات قليلة، تكفي للبرهان على ما أقول دون أن تضير أحدا من قريب أو بعيد. والنقطة الأولى هي أن هذا الجهاز، مثله مثل بقية الأجهزة، ليس بالكمال الذي يظنه فيه البعض، سواء من قبيل الجهل بالشيء أو حسن النية في الحزب. وأعلم تماما أن قادة الحزب الآخرين، وتحديدا الأساتذة محمد إبراهيم نقد والتجاني الطيب باكر والجزولي سعيد وسليمان حامد، أختفى كل منهم بطريقته الخاصة، واجتمعوا فيما بعد، من فرط ضيق الإمكانيات في غرفة واحدة، أقاموا فيها عدة أشهر، في منزل لا يمكن أن يقال عنه بأية حالة من الأحوال أنه منزل "سري" وفي وضع بالغ الهشاشة كان يرشحهم فرادى ومجتمعين للوقوع في يد السلطة وربما الإنتهاء إلى نفس المصير الذي إنتهى إليه عبد الخالق محجوب. وهذه مسأئل تاريخية فوق الخلافات وفوق الكيد أو المكائد، فقد لعب هؤلاء الرجال في تلك اللحظات أدورا بطولية بالفعل. ويجب الأ تدفع الخلافات اللاحقة معهم اي شخص إلى التخلي عن المصداقية في وصف حالهم وأدوارهم، لأن من يفعل ذلك يكون هو الخاسر، وليس هم.
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: ما كتبه الراحل الخاتم عدلان حول الشهيد عبدالخالق محجوب (Re: elsharief)
|
Quote:
وأعلم تماما أن قادة الحزب الآخرين، وتحديدا الأساتذة محمد إبراهيم نقد والتجاني الطيب باكر والجزولي سعيد وسليمان حامد، أختفى كل منهم بطريقته الخاصة، واجتمعوا فيما بعد، من فرط ضيق الإمكانيات في غرفة واحدة، أقاموا فيها عدة أشهر، في منزل لا يمكن أن يقال عنه بأية حالة من الأحوال أنه منزل "سري" وفي وضع بالغ الهشاشة كان يرشحهم فرادى ومجتمعين للوقوع في يد السلطة وربما الإنتهاء إلى نفس المصير الذي إنتهى إليه عبد الخالق محجوب. وهذه مسأئل تاريخية فوق الخلافات وفوق الكيد أو المكائد، فقد لعب هؤلاء الرجال في تلك اللحظات أدورا بطولية بالفعل. ويجب الأ تدفع الخلافات اللاحقة معهم اي شخص إلى التخلي عن المصداقية في وصف حالهم وأدوارهم، لأن من يفعل ذلك يكون هو الخاسر، وليس هم.
|
| |
|
|
|
|
|
|
|