دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
الضــــــــريح
|
جميل ذاك الضريح ، أحببته منذ طفولتي حين تركتني أمي هناك آملة أن ترفعني بركات الشيخ عن حبوي الذي طال ، لترني واقفا على قدمي أدفع بخطواتي إلى الأمام . قلت لأمي : أين هي دار الشيخ صاحب الضريح المقام في طرف قريتنا ؟ من هم أهله ، وأين هم الآن ؟ أجابتني أمي بسؤال : وأنت ألا تعرف ؟ قلت : لا ، من أين لي أن أعرف . حدثتني أمي عن صلاح الرجل وكراماته ، وقالت أنه لا شك من أولياء الله الصالحين ، ولد ونشأ في قرية بعيدة ، وكان من العابدين ، المصلين ، القائمين الليل ، الذاكرين الله سرا وعلانية . إذن ، الرجل ليس من قريتنا ، ولم يزرها في حياته ، بل لم يكن يعرف من أهلها غير رجل واحد صحبه جزءا من حياته ثم انقطعت حبال الوصل بينهما فلم يلتقيا بعدها عيانا . قالت أمي : كان الشيخ يناجي تلميذه كل مساء ، يخاطبه بحديث يسمعه هو ، يعلّمه الأذكار ، ويبيّن له ما أشكل عليه من أمور الدنيا والدين . واستسمح التلميذ شيخة في إقامة ضريح له هنا في طرف قريتنا ، فكان هذه الضريح الذي ترى ، وقد حافظت عليه الأجيال المتعاقبة ليكون شاهدا على عمق الصداقة ، وصدق المحبة . والسميحة – هكذا كانوا يلقبونها في القرية – لم تكن تنقطع يوما عن زيارة الضريح . كانت تصلح ما تخربّه عوامل الطبيعة وعبث الأطفال ، وكانت تزيّن الضريح برايات جدد كما بليت راياته القديمة . وكنا نحن صبية لم نلتحق بالمدرسة بعد ، نزور الضريح بانتظام ، فنجد عنده التمر وبعض قطع النقود ، وكنا نقتسمها بيننا ونعدّها من عطايا الشيخ . وذات فجر ، تملكني إحساس بأن الشيخ يناديني ، فتسربت من بيتنا خلسة ، ويممت شطر الضريح ، والشمس ما تزال تختفي خلف مشرقها ، لكن بعضا من ضوئها وصلني خافتا فأضاء لي الطريق ، حتى تراءى لي أن بركات الشيخ هي التي تقودني عبر الطريق إلى الضريح في هذا الفجر الباكر . وما أن اقتربت حتى انتابني فزع لم أعهده من قبل ، وأنا الذي ظللت أتردد على الضريح يوميا منذ أن بدأت قدماي تحملانني لتجوبا بي طرقات القرية .. وكلما تقدمت خطوة يزداد فزعي ، لكني أيقنت – أو ربما أن بركات الشيخ قد أهدتني ذاك اليقين - أن شخصا ما ، قد سبقني إلى الضريح ، وأنه ما يزال يجلس هناك ، أراه في الظلمة لكني لا أميّزه . . نعم الآن الرؤيا أكثر وضوحا ، إنها امرأة تجلس عند مدخل الضريح رافعة كفّيها إلى السماء ، نعم إني أسمعها بوضوح وهي تدعو : اللهم اسقنا الغيث ، اللهم اسق بهائمنا ، وانشر الخير بأرضنا ، اللهم اطعمنا واسقنا من كرمك ، ومن رحمتك ، ومن خيرك العميم يا أرحم الراحمين .. جلست خلف المرأة جاثيا على ركبتي ، ورفعت كفّي مثلها تماما ، وحاولت ترديد الدعاء خلفها . دعت المرأة لأهل القرية ، ولأمها التي ماتت من بضع سنين ولأسلافها . دعت للشيخ بالرحمة ، ودعت للأرض بالخضرة ، ودعت للزرع بوافر الحصاد ، ودعت لبهيمة الأنعام بالكلأ ، ودعت للصغار بطيب الضرع ، ودعت للجاهل بالعلم ، ودعت للمرأة بالذرية والسكينة ، ودعت دعاء في سرها لم أسمعه ، ثم قدمت لي تمرا ، وثلاثة قروش ، ورسمت على جبيني قبلة . كانت السميحة تزور الشيخ كل يوم عند ساعة الفجر ، ما أن تسلم من صلاتها حتى تخرج مشيا إلى الضريح فتجلس وتردد دعاءها ذاك . قالت نسوة أن السميحة كانت تريد من الشيخ أن يمنحها زوجها ، لكن لأنها عكس اسمها تماما فإن بركات الشيخ قصرت دون أن تحقق لها أمنيتها ، وما درين أن السميحة كانت سميحة فعلا ، وأن بركات الشيخ أعطتها ما لم تنله أي منهن . واجتمع الدراويش ليلة ، فضربوا نوبتهم حتى سمعنا أنينها ، وتراقص القوم ، وتدانت أنفسهم اصطفاقا ، ورسمت الفتيات الحناء فوق كفّي السميحة ، وما أجمل أن ترفع السميحة كفيها المخضبتين بالحناء إلى ربها ، تسأله الخير للناس ، والأرض ، والبهائم ،،، وتسأله البر بأهلها وبزوجها ، وتسأله الخير لأطفالها .
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الضــــــــريح (Re: ودقاسم)
|
ود قاسم
هذا يجرنا إلى موضوع كرامات الأولياء و أصحاب القباب في السودان .. جدنا المدفون في قريتنا التي تحمل إسمه ( قرية قبة سليم ) يحكون عنه كرامات كثيرة بعضها يمكن ربطها بالحاضر بشواهد حية أمامنا و ماثلة .. و بعضها تفوق الخيال .. فهل هناك بالفعل من يهب الزوج أو الذرية ببركاته و دعواته؟ سؤال للنقاش
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الضــــــــريح (Re: ابو جهينة)
|
ابوجهينة كنت أنتظر أن تحدثني عن القيمة الأدبية ، لكنك أبيت إلا أن تحول الموضوع إلى حوار ربما يكون شائكا ،، وكنت قد كتبت من قبل في موضوع كرامات الأولياء في هذا المنبر ، لكن لا مانع من فتح الموضوع مرة أخرى ولعل الاخوة الزملاء والزميلات يأتونا بما عندهم من آراء وأخبار ،، لك الشكر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الضــــــــريح (Re: Nasr)
|
ود عباس كل سنة وانت طيب وهل يعود زماننا ذاك ؟؟ وين أبونصير ، وعبد السلام سيد أحمد ، ومحمد العوض ، شفت عبد السلام بقى دكتور كبير ومسئول كبير أظن في حقوق الإنسان ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الضــــــــريح (Re: ودقاسم)
|
الشفيف/ ود قاسم رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره...
Quote: وكان من العابدين ، المصلين ، القائمين الليل ، الذاكرين الله سرا وعلانية .
|
قلنا نرفع ليك البوست ده... بس ما لقينا حاجة تتناسب وقامتك المبدعة..
رأيك شنو....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الضــــــــريح (Re: ودقاسم)
|
Quote: ورسمت الفتيات الحناء فوق كفّي السميحة ، وما أجمل أن ترفع السميحة كفيها المخضبتين بالحناء إلى ربها ، تسأله الخير للناس ، والأرض ، والبهائم ،،، وتسأله البر بأهلها وبزوجها ، وتسأله الخير لأطفالها . |
اليس هـذا هـو ما بين السطــور .. يا خــال عرفتها يا خال دون ان أسال ما هي هـذه السمــيحة .. هذه الفتاة الملائكية التي تعطي دون ان تنتظـر المـقأبل..
وهذا الضريح الشامــخ .. سنأتيه حــتماً كما سنأتيك ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: الضــــــــريح (Re: waleedi399)
|
وليد 399 أهلا برفقتك في زيارة الضريح ،، والسميحة هي السميحة كما عرفتها أنت ،، وعافك في موضوع السماحة ده نقّاش ولا تخفى عليك خافية ،،، والدعوة موجهة لك لزيارة الضريح فعلا ،،
| |
|
|
|
|
|
|
|