دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
شالوا النُّوار خلّوا العُوار
|
تعلمت ( الشقاوة ) من نهارات طويلة قضيتها بين أترابي في أزقة قريتنا ، من رفقة اللعب حول ( الحفيرين ) الكبيرين اللتان تحدّان القرية من الشمال ومن الجنوب ، حفير جدي أحمد ود هجا ، وحفير جدي محمد علي ود الخدر ، ومن الليالي المقمرة في تلك البقعة النظيفة التي تقع في واجهة القرية ، ومن معاركة عشب الخريف ، ورضاع الغنم ، والدخول عنوة في جروف ( التّبش ) و( العجّور ) ، ومطاردة ( جداد الوادي ) ، والأرانب البرية ، و العصافير ، والفراشات ، والجراد . كثيرة هي مناهل ( الشقاوة ) في قريتنا ، وكثيرون هم الذين يمارسون ( الشقاوة )، لكنّ عمي الهادي كان أشقاهم على الإطلاق ، وقد علمني عمي الهادي كيف أكون ( مستهبلا ) لأتحاشى كل العقوبات التي تنتظرني وأقراني كل يوم بسبب إهمالنا ، وتسيبنا ، وممارستنا اللعب طوال النهار والليل . علمني عمي الهادي كيف أواجه تكشيرة أبي بابتسامة ، وكيف أنني إذا تحملت السوط الأول ، أو الكف الأول ، أو اللطمة الأولى ، فإن من يعاقبني سيتوهم أنني لست مباليا بعقابه ، وبالتالي سيوقف العقاب البدني .. وأجمل ما تعلمته من عمي الهادي هو الغزل ، فقد كان يعلمني الكلمات المنتقاة التي تناسب مخاطبة فتيات القرية دون أن أخدش لهنّ حياء ، ودون إثارة الضيق والامتعاض . كان عمي الهادي يحفظ شعرا غزيرا ، يلقيه على مسامعنا وعلى مسامع الفتيات ، شعر في الغزل ، والحكمة ، والمدح ، والهجاء ، وقد عرفه أهل القرية رجلا عذب الحديث ، كريم الخصال ، طاهر القلب ،،، وفوق كل هذا كان عمي الهادي رجلا يقف مع الحق لا يخشى فيه لومة لائم ، ولا يهاب المواجهة ، ولا يخشى بأسها ، وكان مقتنعا تماما أن الباطل كان زهوقا ،،، تزوجت أجمل بنات حلتنا من شاب ينتمي لقرية أخرى تبعد عنّا بضعة كيلومترات ، وكان عمي الهادي يعشق هذه البنت الجميلة ، ويقول فيها الشعر ، ويستعذب حديثها ، وكانت هي تستحق ما يقال عنها وأكثر ،،، وزفّت البنت الجميلة إلى بيت الزوجية في القرية البعيدة ، وحزن عمي الهادي حزنا عميقا على فراق تلك الرائعة ، وحزن معه كثير من أبناء قريتنا وكأن من تزوجها قد اختطفها من بين أيديهم . حدث بالرغم أن المسافة بين القريتين ليست بعيدة ، وبالرغم أن أهل القريتين ظلوا في حالة تواصل دائم ،، جمع عمي الهادي عددا من أطفال القرية وكنت من بينهم ، واشترى لنا علبة حلاوة ( ريّا ) ، ووزعها علينا ، فكان نصيب الواحد منّا ثلاث قطع من الحلوى ، وقام بتحفيظنا كلاما نردده طيلة اليوم ، وما يزال أهلنا يرددونه في القرية كلما مرت حالة احتجاج مشابهة ... كانت مظاهرة احتجاج رائعة ، ظلت جزءا من تاريخ قريتنا .. كنّا في ذاك اليوم نردد وباللحن :
شالوا النُّوار خلّوا العُوار
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: شالوا النُّوار خلّوا العُوار (Re: ودقاسم)
|
شال النوار ظلل بيتنا .. ومن بهجة وعدك وما جيتنا ..
ليه .. ليه .. ما جـــــيتنا .. وفضلنا نعاين الشارع نلقاهو ..
والله يا خال إلا أجي أنزله ليك الليلة ..
بس شقاوة مني .. لكن ما شلاقة ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شالوا النُّوار خلّوا العُوار (Re: ودقاسم)
|
صباح الخير يا خال في البرد الشديد دا
والله يا خال حكايات قريتكم دي حتجيب لينا الهوا
انا عاوز اعلق علي النوار والعوار وخايف الجماعة يفهموها غلط زي حكاية الأحيمر وام العندو
واكتفي فقط
بدعوة النوار ان يعود بسرعة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شالوا النُّوار خلّوا العُوار (Re: ودقاسم)
|
تعرف يا خال .. لقد استحضرت في طاولة حضوري خيالي .. جئت بالبرم والعليف والحنتوت الأزرق والأبيض والبنفسج .. بالخمائل والجداول .. بالطين وعطر التراب .. بسنابل القمح ولوزات القطن وقناديل الذرة .. جئت بالجزيرة تمشى في خواطرنا .. جئت بفاطمة والقصب الأحمر .. جئت "بالسمحة قالوا مرحلا" .. بمطر الروح .. برشة تبلل أنامل الصباح وتلك التى تمشى وبخطواتها إيقاعات الناس.. وفي همسها عبق النسمة وعطر الصندل ..
ودمت يا خال شامة في جبين اللغة ..
مع تحياتي
| |
|
|
|
|
|
|
|