دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
العقل الرعوي: أو إنت ساكت مالك آ (يا) طاها...د. عبد الله علي إبراهيم
|
العقل الرعوي: أو إنت ساكت مالك آ (يا) طاها
د. عبد الله علي إبراهيم [email protected] نشرت هذه الحلقات لنقض فكرة ذائعة بين الحداثيين مفاداها أن أس بلاء السودان ونكوصه هو ذهنه الرعوي أو عقله. واستغربت لهذه الفكرة التي رمتها "في سيد الواحدة" وانسلت. وهو استغراب موروث عن عمتي دار السلام بت محمد خير التي كانت متى روعها أمر قالت: "إنت ساكت مالك آ طاها" وطه هو ابنها. رحمهما الله. وأكتب حالياًً مقالاً "تصحيحياً" مسلسلاً بالرأي العام ألقيفيه بوزر الهرج عندنا على البرجوازية الصغيرة الفالحة في تعييب الناس ونسيان خلقها.
1-براءة العقل الرعوي من مصائبنا براءة الذئب . . .
عبد الله علي إبراهيم
من بين الأفكار التي تعتنقها صفوتنا المحدثة هي أن عقلنا الرعوي هو الأصل في محنة السودان العاولة أي المزمنة. فهذا العقل متمكن حتى من صفوتنا يستبد بها حتى لو شرقت وغربت واستطعمت من مائدة الحداثة الغربية. ومع شيوع الفكرة إلا أنها لم تخضع بعد لفحص نظري أو ميداني نختبر بهما صدقيتها كتفسير جائز للخيبة السودانية. وبناء عليه فالفكرة في أحسن احوالها من فطريات الثقافة. فهي مجرد حزازة على حياة البداوة ينشأ عليها من ولدوا في القرى والبندر. وفاقم منها تشربهم الحداثة الغربية التي عندها البدواة جاهلية أولى ولا يتحضر الناس ويتمدنوا إلا بعد أن ينفض الناس أيديهم عنها. ولذا تجدهم في الغرب يحملون على آخر بداتهم وهم شعب الروما (المعروف بالغجر في أوربا والحلب عندنا). ومايزال خزي أوربا حيال هذا الشعب كتاباً مغلقاً. بل أن كيد النازية الألمانية لهم قد محقه احتكار اليهود للمحرقة دون ضحاياها الآخرين.
قبل أن أخضع مقولة الصفوة هذه عن عوار البداوة لنظر نقدي وددت أن أطلع القاريء كيف نفدت وبعض أبناء جيلي من المحدثين وأهل القرى من إغراء رد محنتنا العاولة إلى عقلنا البدوي. وما وفقنا إلى ذلك إلا أننا قد علمنا علماً أفضل عن البداوة وقانا شر الزلل في فكرة تبخيسها التي هي مجرد ضغينة كما ذكرنا.
لا غلاط أن كتاب الأستاذ حسن نجيلة المعنون "ذكرياتي في البادية" هو أكثر من أزال غشاوة ضغينة أهل القرى والحداثة عنا. أذكر صحبتي للكتاب أول نشره في ظهر يوم وعصره من عام 1963 وأنا لزيم دار المرحوم الباشمهندس محمد على إبراهيم في حي الوابورات ببحري. فقد اخذني الكتاب عني كما يقولون. ولم أتركه حتى مخرته من الغلاف إلى الغلاف مأخوذاً بهذا العالم السخي الذي خرج عليَّ من بين سطوره زانه قلم نجيلة الوسيم. وكان جربه فينا فأمتعنا ب "ملامح من المجتمع السوداني" فحبب إلينا جيل الحركة الوطنية الباكر في الاتحاد السوداني واللواء الأبيض وعرفنا بخليل فرح كما لم يقع لنا بعد.
سنعود إلى اقتصاد بدو الكبابيش العقلاني كما فصله حسن نجيلة في وقت آخر. ولكنني ما زلت أذكر من الكتاب خصائل وحيل. فمن بين خلق الصيد أو القنيص عند الكبابيش كما حدثنا نجيلة أنك لا تمر بدار أو مار دون قسمة حصائد صيدك من غزال ونحوه. فالناس عندهم شركاء في الكلأ والماء وحيوان البرية الذي طعم منهما وأرتوى. وقرأت بصورة عابرة يوماً للفيلسوف الألماني فردريك نيتشه صاحب "هكذا تكلم زرادشت" يقرظ العرب (وصورتهم الغالبة أنهم بدو) وينسبهم للإنسانية الكلاسيكية. وربما كان هذا الخلق في شراكة الصيد هي بعض هذا النبل الذي عناه نيتشه. فالكلاسيكية عند أمثاله قرين بتمام الخلق.
أما ما استوقفني في كتاب نجيلة فهو مفهوم إدخال الحداثة في البدواة بغير غلظة أو شطط. فقد وقع عليه اختيار الإنجليز في أول الثلاثينات لتجربتهم في تعليم البدو بغير اجبار لهم على الاستقرار. فقد ترحل نجيلة مع بدو الكبابيش بل دكتهم (وهي مقام ناظرهم السير على التوم المتنقلة) لأن مدرسته لم تشترط أن يستقر البدو لكي يدخل بَذّورهم (وهي مصطلح الكبابيش للجنى) أبوابها افواجا. فنجيلة (الدولة) هو الذي ترحل ولم يفرض الاستقرار على جمهوره. وهذا بعض ما يحاوله منذ حين الأستاذ سهل جمعة سهل (وهو إعرابي من شعب المجانين بشمال كردفان) وزير التعليم بحكومة ولاية الشرق.
لم أمكث إلا قليلا حتى ساقتني خطاى المحظوظة إلى بادية الكبابيش التي أغراني بها كتاب نجيلة. فقد كنت تعينت بشعبة ابحاث السودان بكلية آداب جامعة الخرطوم (معهد الدراسات الأفريقة والآسيوية الحالي) عام 1966. وانتدبني مدير الشعبة، البروفسير يوسف فضل حسن، لكتابة رسالتي للماجستير عن تراث الكبابيش. وأذكر أن زرت نجيلة واستفهته عن كيف استعد للعيش بين هؤلاء العربان بكفاءة وقبول. وأهم من ذلك فإن مهمتي اتصلت بواحد من أميز مشروعات البحث في المسألة السودانية. فقد تخير البروف أن أخلف الدكتور طلال أسد على الكبابيش وهو الذي كان قد طوى صحائف عمله الميداني الأنثربولجي بينهم منذ عهد قريب. وكان من رأيه أن نستردف عمل طلال الاجتماعي ببحث فلكلوري حتى يكتمل مسحنا لحياة هذه البادية الغراء. وهيأ لي هذا الاختيار أن أحتك بالمباحث الدقيقة التي كانت تجري في شعبة الأنثربولجي بجامعة الخرطوم عن البادية السودانية. فقد افترع هذا المبحث الدكتور إيان كيننسن صاحب كتب "عرب البقارة" ثم خلفه عليه تلميذه طلال أسد بأبحاثه عن الكبابيش. ثم ورثهما تلميذهما الدكتور عبد الغفار محمد أحمد الذي درس رفاعة الهوي. وعبد الغفار قلم خصيب شديد كثيراً ما حرضنا على فهم أرشق لأزمة البادية السودانية وأنفع. وما سمعنا الكلام وأخرجت البادية أثقالها وقالت الصفوة ما لها.
إذا قرأت ثم قرأت لصفوتنا التي تنسب خيبتنا الوطنية لذهننا البدوي فلن تجد أثراً لهذه المباحث في البادية السودانية. ومتى ذاعت فكرة مثلها بغير دليل ولا برهان أصبحت رجماً. ومن نذر الشؤم والبؤس أن تروج بين صفوتنا (التي عليها مدار القرار الوطني التنموي (حاكمة ومعارضة) مثل هذا المفهوم لذي هو مجرد حزازة على قوم مؤمنين لم نستعن على ضبطها بالفكر والنظر والجرح والتعديل.
2-العقل الرعوي: حتى أنت يا الترابي؟
كنت أعلم أن حجة القائلين بأن سبب بلاء السودان هو عقله الرعوي ستمضي إلى غاياتها العبثية بظلفها. وأنها ستلاقي مصير الشعيرية في ضهاري السودان: دقوها وغربلوها وطهوها ولايقوها. بت الكلب آ الشعيرية. وقد لاقت حجة الحداثيين عن بؤس العقل الرعوي ذلك الحتف المعجل. فقد قرأت للدكتور حسن الترابي منذ قريب يقول إن محنتنا في عقلنا الرعوي. وتمت الناقصة. ولا بد للترابي بالطبع أن يديها "كوز". فقد قال إن المحنة أشد لأننا ولا حتى مزارعين. فعلقنا التالف هذا هو عقل رعاة بداة جاهليين. واتت الترابي حجة فسادنا لعقلنا البدوي وهو بين أيدي الحداثيين يريدون منه (الحقيقة يقررونه) اعترافاً مشيخياً بجرائره بحق البلد واعتذاراً قبل أن يدخلوه في أحلافهم المعارضة. ورد لهم الرجل المعجزة بضاعتهم عن كسادنا لعقلنا البدوي. وخرج من تاريخ طويل (صالح وطالح) في هندسة الهرج الضارب بالبلد كالشعرة من العجين.
ومصيركل حجة بنيت على باطل أن يهتبلها الأشقى ويقضي منها وطراً. وذكرني رجم الترابي للعقل البدوي مع الراجمين حكاية حجة الشيخ الصائم أحد أميز صناع المجازات بين الرباطاب. وقد لقيته عام 1984 في بلدته كلسيكل بجزيرة مقرات. وكان الوقت صيفاً حناناً في رمضان. ولما رأى جهدي وسفري أصر علي أن أفطر قضاء وكفارة. و لم يترك لي خياراً حين أمر أهله بتجهيز الغداء لي. فاستخدم لي رخص الدين وبقي وهو الشيخ الطاعن على عزائمه. رحمه الله. حكي لي يومها عن آخرين قالوا إنه لما حج ورمي بالجمرات خرج له الشيطان ووبخه قائلاً :"حتى أنت يا لشيخ الصائم؟". ولن يجد الحداثيون سبباً لرد جمرات الترابي إلى نحره. فقد غزل على منوالهم. ومن دقنو وفتلو.
كنت قلت في منبر جريدة الصحافة قبل أعوام أن سبب الهرج في الوطن هو طبقة البرجوازية الصغيرة. وكنت أعلم أنني أنبش علماً مهجوراً أو متروكا. فحتى الشيوعيين (وهم حداة هذا العلم الاجتماعي) قد كفوا عن الحديث المباح فيه. وبالفعل نشرت الصحيفة محضر اللقاء وقالت إن عبد الله قد عاد إلى جنه القديم أو ضلاله. واستفدت مفهوم الهرج من مصدرين. أولهما حديثه صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه أن أفضل العبادة هي العبادة في الهرج. واستعنت على مفهوم الهرج أيضاً بمباحث غربية عن تدابر الفوضى والثقافة أي (anarchy and culture). وهو عنوان كتاب للناقد الإنجليزي ماثيو أرنولد الذي عاش في القرن التاسع عشر.
لا غلاط أن بلادنا تعيش هرجاً عظيماً من أقصاها إلى أقصاها. وللناس في تفسيره شئون. فهناك من يرى فيه علامة من علائم الساعة. وهناك من يرده إلى العقل الإسلاموعربي الموصوف بالظلامية. وتجد من ينسبه إلى الهامش وغلوائه مما دفع بمطلب "فرتقة" ليق البلد ليذهب كل فريق حال سبيله. وربما كان الرأي أن العلة في هرجنا هو العقل الرعوي هي الحجة الأذكي دون ما سبق ذكرها. فسابق الذكر هذا ليس تفسيراً وإنما هو مجرد محاذير وحزازات لا سبيل لك لمناقشتها وضحدها. أما قول أحدهم أن الأصل في كسادنا هو العقل الرعوي فهو تفسير مهما كان رأيك فيه. فالتفسير بعبارة عامة هو ما يقبل الطعن فيه بالأدلة ليقف على بينة او ليسقط عن بينة.
عيب تفسير هرجنا بالنظر إلى عقلنا الرعوي كثير. فهو تفسير ثقافي صرف النظر بالكلية عن معاش الناس وتدافعهم. وهو حتى كتفسير ثقافي فهو معيب جداً. فلم يعد مقبولاً في الدراسات الثقافية التعامل مع اجتماع قوم ما على ضوء عقل لهم كلاني جامع مانع. فأصبح حديث "العقل" حديث خرافة في علم الثقافة. وربما كان من آخر من خضعوا لدراسات العقل الجمعي المانع هم الألمان لأن الحلفاء المنتصرين أرادوا أن يعرفوا سر ميل الألمان لخوض الحروب. فقد فعلوها مرتين في الحرب العالمية الأولى (1914-1919) والثانية (1939-1945). وقال العالم الفذ إدوارد سعيد إن العرب وحدهم الذين بقوا حتى يومنا هذا عرضة لدراسات عوارهم بالنظر إلى عقلهم أو قلته. ونذكر عرضاً أن كتابه "الاستشراق" (1978) قد أصاب دراسات "عقل أمة ما" في مقتل. ومن فرط قوة حجة الرجل وذيوعها في الجامعة الأمريكية أصبح منهجه متهماً. بل تدراس الكونغرس الأمريكي يوماً بعيد 9-11 فكرة تحريمه أو تجريمه. وما يزال هناك على الشبكة الدولية منبر يرصد أبحاث أساتذة الجامعات ممن يتبنون هذا المنهج في دراسات العرب والمسلمين والشرق الوسط بعامة ويحصي عليهم أنفاسهم.
رد هرجنا إلى العقل الرعوي هو طعن في الظل. أو هو تجريم للضحية. فلا أعرف ضحية غراء للهرج ضارب الأطناب مثل البادية السودانية التي تشكل 25 إلى 40 من جملة سكان السودان وفق احصائيات من السبعينات. فقد عرفنا منها "الجنجودية" وجهاً للإثم والعدوان وغاب عنا أن هذه الجنجودية طلب مشروع لمواطنة سودانية طوتها محنة وجودية. فقد تهافت بئيتهم تهافتاً صريحاً وخذلتهم الحكومة ولم تسعفهم وضاق جيرانهم ميسورو الطبيعة بكثرة طلتهم عليهم في حواكيرهم. وقد نبهت لهذا المعنى بقوة في كتابي "أصيل الماركسية".
وتجريم الضحية حيلة معروفة عند الظالمين. والظالم عندنا هم البرجوازية الصغيرة التي أمسكت بسدة السلطة منذ آخر الستينات. وتسمي نفسها الصفوة بإطلاق. وبيدها القلم فلا تكتب نفسها شقية. وهي التي تكلفت أو تكفلت بتحليل أوضاعنا وأوجاعنا بل احتكرته. فصارت كالجمل لا ترى عوجة رقبتها. فالكل ما عداها خطاء. ولذا قال كاتب يوماً إن البرجوازية الصغيرة في أفريقيا هي الفئة التي قلت عنها الدراسات حتى جهلناه جهلاً كبيرا. ولما احتكرت هذه الفئة حقل الدراسات السياسية والاجتماعية أعفت نفسها من الخضوع لمبضع التحليل إلا في مثل حديثها الرديد عن الصفوة (وكأن الصفوة جماعة واحدة متجانسة) وشكواها العقيم عن قعودها. فطالما كان بوسع هذه الفئة "تشتيت الكرة" باتهام البادية أو غيرها بأنها مبعث الهرج فلماذا تصوب سهمها لصدرها. بل درجت هذه الفئة لرد سوء حالنا إلى حقيقة السودان نفسه: الحفرة دي.
أريد في حديث قادم أن أعرف هذه الطبقة في سياقها الأوربي والسوداني أو الأفريقي. ولكنني لا بد لي من وقفة لتحية مؤتمر دراسات الأنثربولجيا والاجتماع الذي سينعقد في أواخر هذا الشهر في مناسبة العيد الذهبي لشعبة الأنثربولجيا وعلم الاجتماع بجامعة الخرطوم. وأسعدني أن في العقل من هذا المؤتمر كفاءات مثل زملائي الدكتور فهيمة زاهر وموسى آدم عبد الجليل. ولو صدقت قراءتي لمقالة الدكتور إدريس سالم الحسن عن دراسات البداوة في السودان (بمجلة السودان في رشائل ومدونات) فنحن على وعد بعلم غزير عن البدواة لأن الشعبة المحتفلة قد أشبعت البادية دراسة. فلزملائي بها التهنئة بتذكيرنا بعيد للمعرفة في حقل لم يعد الجهل به ميزة.
3-العقل الرعوي: ضغينة الحداثة عليه
في نحو 1968 طلب مني الدكتور الطاهر عبد الباسط عضو اللجنة المركزية بالحزب الشيوعي والقائم على لجنته الاقتصادية أن أزكي له كتاباً يقف به على ديناميكية القطاع التقليدي في اقتصاد البلد. والرجل من أرق الناس وذو سابقة جهادية عظمي في مدينة كوستي في الخمسينات. وتزوج من السيدة فوزية اليمني، المحررة بصوت المرأة (مجلة الاتحاد النسائي)، التي أطربتنا برسومها الكاريكاتورية الذكية في المجلة على عهد دولة الفريق إبراهيم عبود (1958-1964). وسيكون لها باباً وسيعاً متى كتب تاريخ الكاريكاتير في السودان. رحمه الله ورحمها الله.
كنت لما طلب مني الطاهر ذلك الكتاب مفتوناً بالبادية السودانية. فقد انتدبني الدكتور يوسف فضل حسن مدير شعبة ابحاث السودان بكلية الآداب بجامعة الخرطوم لأكتب رسالتي للماجستير عن مأثورات الكبابيش. وقد أقبلت عليها مستثاراً بسِفر حسن نجيلة العجيب عن ذكرياته بينهم في الثلاثينات مدرساً لبَذّورهم (عيالهم) في الظعن والاقامة.كما سبقني للعمل الميداني بينهم الدكتور طلال أسد الذي حاضر بشعبة الأنثربولجيا بجامعة الخرطوم في الستينات. وهو ابن الشيخ أسد، اليهودي الإنجليزي الذي أسلم وكتب عن الإسلام كتباً حسان، من أم عربية سعودية. وقد سطع نجم طلال في علم الأنثربولوجيا وتميز بنظراته الماركسية الغراء في شأن الدين والمتدينيين. ويدرس حالياً بنيويورك. وهو وإن انقطع عن الكتابة عن السودان (للأسف) إلا إنه شديد التعلق به وبالسودانيين.
وزكيت للطاهر كتاب "عرب البقارة" للبروفسير إيان كيننسون (الذي حاضر بجامعة الخرطوم أيضاً) وأستاذ طلال وغيره ورائد مدرسة في الدراسة الشفيفة اللماحة لنظم البادية. وحملت الكتاب للطاهر آملاً أن تجد الماركسية طريقها لهؤلاء القوم من السودانيين ممن اعتزلوا الدولة إلا قليلا. وأعاد الطاهر الكتاب بعد وقت ليس بالطويل. ولم يطفح البشر من الطاهر في يوم التسليم. أذكر أنه اعاده فحسب. ولا أعرف ان كان قرأه أم لم يفعل ولكنه لم ينبس ببنت شفة عنه مما اشفقني على إطلاعه عليه. وبدا لي هذا الإضراب الماركسي عن شعب الرعاة من القطاع التقليدي محيراً ولكأن الماركسية يعييها النظر في معاش هؤلاء الأغلبية السكانية ومعاشهم.
الشاهد هنا أن معرفة الحداثيين بالبادية متواضعة إن لم تكن لا توجد. والشيوعيون حداثيون أكثر من كونهم شيوعيين من فرط كونهم الجماعة الوحيدة تقريباً التي تروج للحداثة ما تزال. فقد تهافتت بؤرها الأخرى تباعاً. ولهذا لم اتفق مع نظرية الحداثيين في أن سبب بلاء السودان ومحنه هو العقل الرعوي. فهي من باب إطلاق القول على عواهنه. فهي استدلال لا مقدمات له تأسست على علم عياني بياني بنظم البادية. فأكثر هذه النظرية حزازة أولاد بندر أو حلال استقوت بالفكرة الحداثية الأوربية الشائعة من أنه لا تنمية بلا استقرار ولا نهضة. وأن الرعاة هم خارج الاقتصاد والتاريخ. أي أنهم قوم بورا.
وما تغير شيء. فما يزال الشيوعيون مضربين عن معرفة نظم البادية. واستنبطت هذا من تلخيص جيد بجريدة الميدان (23 سبتمبر 2008) لندوة انعقدت لتدارس لمنزلة القطاع التقليدي في برنامج الحزب الشوعي المعروض للمؤتمر الخامس للحزب. تحدث فيها الدكتور فرح حسن آدم عن علم معروف بالزراعة التقليدية. وأعقبه الدكتور محمد سليمان فتحدث عن قطاع الرعاة الذي بدأ الاهتمام به كناشط سياسي وعالم طبيعي به في سياق محنة دارفور وتردي البئية إجمالاً. وكتبً كتاباً حسناً عن حرب الموارد. ولكني توقفت عند ملاحظة الدكتور أبو سن في الندوة من أن البرنامج المعروض لم يول قطاع الرعاة عناية تقارب عنايته بقطاع المزارع التقليدي. وهذه ضغينة ثقافية ضد الترحل في رأئي. ودعا ابو سن إلى النزول عند عقلانية نظام البداوة عند معالجة تنمية البادية في سياق نهضة البلاد الوطنية الديمقراطية. وقد لمس الدكتور عمر احمد الحسن جوانب مختارة لمثل هذا النزول عند رغائب اهل البادية. فلا نخطط لمستقبلهم وكأن نظمهم الحالية ضرب من البدائية أو العشوائية. ويبدو أن إصرار ابو سن وعمر على عقلانية نظام البادية كان بمثاية مؤاخذة لمحمد سليمان الذي اشترط بصورة غير خافية أنه لا تنمية للبادية دون أن تستقر وتهجر حياة الترحال. وقال إن عقلانية نظمها قد باتت يهددها صراع أهل البادية على مواردهم المحدودة أصلاً تفاقمت بالتصحر وتضرجت بالنزاعات "القبلبة". وبنى اقتراحاته للأخذ بيد البادية في محنتها الحالية على أساس أنها موقوتة حتى يوم تستقر البادية وتهجر السواجة اللواجة.
واضح أن لأهل الحداثة شروط انقلابية يملونها على أهل البادية قبل أن يدخلونهم في صورة تنمية البلد وتطويره. ولا يدرى المرء إن كان هذا الإملاء من كراس الماركسييين (دراسة الإنتاج وعلاقاته) أم أنها من رأسهم (ضيق أبناء البندر بالرعاة وسوء ظنهم بهم). ولا حظت عرضاً من بؤس اهتمام الشيوعيين بالقطاع التقليدي عموماً ملاحظة. فقد احتل عرض الندوة عنوان كبير ورد فيه أن الأرض لمن يفلحها بوصفه من مباديء الحزب الشيوعي للنهوض بالزراعة. وورود هذا الشعار في سياق مناقشة شملت البادية السودانية قد يوحي بأنه مما يصح على البوادي أيضاً. ومبلغ علمي أن الحزب الشيوعي رفض هذا المبدأ في سياق محنة دارفور حين نادي به بعض أهل البادية ضيقاً بنكد الطبيعة عليهم مما اضطرهم للجوء إلى "حواكير" جماعات أخرى لم تهش لهم. وقد استصوبت رأي الحزب في هذه الخصوص حتى لا نحدث انقلاباً في أوضاع معقدة مشحونة بالتاريخ قبل ان نستبين الخيط الأبيض من الأسود. ووجدت الترويج لهذا المبدأ في السياق المذكور بجريدة الميدان مضللاً.
أخرجت البادية أثقالها منذ عقود ثلاثة أو أكثر فاقتحمت صحن السياسة الدولية والمحلية. وواضح أن واحداً من أزكى أحزابنا السياسية يرواح في مكانه من حيث المعرفة بنظمها. ولم يمنعه هذه العلم الشحيح (أو عدمه) من ان تسود بين جنباته وجنبات أهل الحداثة أن السبب في الخيبة السودانية هو العقل الرعوي. وهذا حشف وسوء كيل.
وأعرض على القاريء في المرة القادمة مقالة للدكتور طلال اسد عن عقلانية رحلات الكبابيش الموسمية والعقل البدوي الماهر الذي وراءها. وكان نشره في مجلة السودان في رسائل ومدونات عام 1964. وتعلمت منه شيئاًً مختلفاً عن هذه العقل الرعوي الملعون في دفتر الحداثيين.
4-العقل الرعوي: لولا براعة الشبل بندر
من أوائل هذر المدينة عن انقطاع أهل الحداثة عن معرفة البادية الفكاهة التي رويت عن حنكوشة سئلت: ما شغل الراعي. فقلت: "بيفسح البهائم". ولو علم الناس عن الرعي لربما كانت إجابة الحنكوشة علماً لا جهلاً. فالراعي الرشيد في عٌرف البادية نفسها هو الذي "يمجد" البهائم. اي الذي يتخير لها القشة العضية (البكر غير الرديدة التي أثقل عليه الرعاة قبله). ويبلغ بها في هذا التمجيد المواضع القاصية التي يرهبها من لانت ركبته وتهافت فؤاده. ومن مجازاتهم في هذا الخصوص قولهم إن ذلك الراعي يبلغ بمراحه "القش أبو نوناي" أي الذي يتزاحم ذبابه وحشراته حوله طرباً "كفعل الشارب المترنم" لا يزعجه عن رحيق ذلك القش مزعج. وقد علمت أكثر هذا من أحد الرعاة من أهل الرشد المؤرخ الحافظ محمد عبدالله التريح من أولاد فحل الصغير من نوراب الكبابيش. وهو ممن يطلق عليهم الأستاذ العارف الأمين البدوي "بروفسيرات البادية". والأمين من أعلم الناس بالبادية وأدب العربية الذي تلقاه من أحد الشناقيط تحت ظل شجرة بالبادية. وقد استثقل الرئيس نميري اسم "أم ضبان" فجعلها "أم ضواً بان". وظن ورهطه أنهم جاءوا بسحر البيان وما علموا أنهم ما تبرعوا بغير جهلهم ببلاغة الاسم وحيثياته الاجتماعية.
أهل الحضر والبندر سيئو الظن في ظعن البادية أي ترحالها. ويقولون عنها في الإنجليزية " roaming ". وأفضل ترجمة لها ما وجدته عند الأستاذة رقية وراق عن والدتها وهي "السواجي واللواجي" بإمالة الشايقية المعروفة. وتقال السواجة واللواجة كناية عن الحركة بلا هدف. ووأول من فتح ذهني لخطأ فكرة أن الظعن سير ضال في الخلاء هو عالم الأنثربولجي طلال أسد. وهو ابن الشيخ الأسد اليهودي البلجيكي الذي أسلم وحسن إسلامه بكتابات طيبة عن العقيدة. وأم طلال عربية سعودية كانت سكنت معه حيناً بمنازل جامعة الخرطوم. وكان درّس هو يهذه الجامعة في آخر الخمسينات وأول الستينات وحصل على درجة الدكتوراة برسالة عن نظم الكبابيش الاجتماعية والسياسية نشرها في كتاب عنوانه "الكبابيش البداة". ثم درّس في انجلترا وبلغ من تميز نظراته الاجتماعية أن اختطفته جامعة مدرسة العلوم الاجتماعية الجديدة بنيو يورك. وانقطع عن الكتابة عن السودان ولكنه برع في الكتابة عن أنثربولجيا الدين والإسلام من زاوية ماركسية حاذقة ذات خطرات. ولا أعرف تناولاً ل "آيات شيطانية" (رواية سلمان رشدي المستفزة) بلغ الغاية من ذلك مثل مقالاته التي نشرها في كتاب "شجرة نسب الدين".
نشر طلال كلمته عن ظعن البادية بمجلة السودان في رسائل ومدونات عام 1964 إن لم تخني الذاكرة. وأراد طلال من مقالته وصف مراحيل الكبايش وبيان العقلانية التي تتسم بها في الاستخدام الأمثل لموارد بئيتهم الشحيحة. وهي محاولة منه لرد الاعتبار للمعاش البدوي في وجه من يرونه نظاماً عفى عليه الدهر وينبغي أن يرمي أهله طوبته إن أرادوا التحضر والتعلق بأسباب الحداثة. وجوهرقوله بعقلانية معاش البادية إن البداة يستنفدون الموارد الواقعة في نطاقهم استنفاداً. فهم يراوحون بين المراعي للاحتفاظ بنعمهم والتحسب لزيادتها.
ويعيب عليهم خبراء التنمية أنهم مستهلكون لا يضيفون لتلك الموارد أو يجددونها. وكتب طلال كلمته هذه في مواجهة جيل خبراء الموارد الأول مثل د. مصطفى بعشر ودكتور محيميد ومحمد عوض ممن استهجنوا البداوة كمعاش وعدوها وسيلة غير طبيعية للعيش. فهي لا تضيف للطبيعة حين تأخذ منها مما يطعن في كفاءتها الاقتصادية ويتحفظ طلال على هذا المأخذ بقوله إن عجز الكبابيش عن تنمية مواردهم ليس عن سفه أو استهتار. فلهذا النقص أصل في طبيعة الموارد نفسها التي تتحكم عوامل الطبيعة في زيادتها ونقصها. وشبه عجزهم عن تنمية مواردهم بعجز تاجر في الأبيض من رصف طريقه للخرطوم لتثمير تجارته هكذا تطوعاً أو كفاحاً.
يواجه الكبابش المسألة الاقتصادية التي تواجه كل باطش في سبيل العيش وهي استنفاد ما يليه من الموارد لبلوغ غايته. فهم يستثمرون أرضاً شاسعة شحيحة للحفاظ على المراح وتربيته. فمنطقتهم شبه صحراوية يغطيها رمل كثبانه سهلة. ومتوسط أمطار جنوب دارهم 200 ملميمتر بينما متوسط شمالها 100 مليمتر ويقتصر المطر على شهور ثلاثة هي يوليو وأغسطس وسبتمبر. وهطولها في الشمال يتميز بالعشوائية من حيث حدوثه وغزارته. وعليه فهي بيئة محدودة. ولما كان على الكباشي أن يحافظ على مراح متنام وسط هذه الشحاحة لزم عليه ان يستخدم هذه الموارد المحدودة التي تليه بكفاءة.
فالظعن هو حيلة البادية هذه لاستنفاد هذه الموارد بكفاءة وإحسان. فهو لا عشوائية ولا حتى "هواية التنقل". فالكبابيش ليسوا غافلين عن اقتصاد الاستقرار كما يتبادر للذهن. أو أخذوا للترحال "عزة عرب منهم" كما يقال. فوسطهم يقيم نحو 22 ألف مزارع (1960). ولم يغرهم هذا بالاستقرار. والكبابيش لا يخلون من حزازة واضحة ضد الاستقرار. بل سمعتهم يستعجبون للمزارع يشقى موسمه كله وقد يأتي الجراد فيعصف بزرعه. فهم مطمئنون للرعي لأنهم يجيدونه وزمامه في يدهم وقطوفه دانية. فقد كانوا يصدرون في الستينات 40% من جملة ما يصدر من جمال إلى مصر.
وتحدي الراعي الرشيد هو جفاف الصيف. فسعيته تطلب مزيداً من الماء مما يحصرها في آبار معلومة ويترتب على هذا انحصارها في حيز مراع ضيق. فالسعية في الصيف هي في أحرج أوقاتها. وتحدي الراعي الرشيد ان يجتاز بها هذا المطب لمواسم الخريف والشتاء السخية نوعاً ما. وعلاجاً لتحدي الصيف تنقسم العائلة صاحبة المراح إلى مجموعتين: النساء والأطفال والعجائز (التقيلة) من جهة فتلزم الدمر (موطن الإقامة) مع الضان والماعز بينما يتبع الرعاة الشباب مراح الإبل إلى حيث المراع الطيبة جنوباً في ديار قبائل أخرى في وسط كردفان ودارفور ل "تمجيدها" في الكلأ الذي تنبته أمطار تلك البوادي الباكرة. وبهذا الحيلة تؤخذ الجمال من مراعي التقيلة فيخف الطلب عليها . ويقع هذا الانقسام في الأسرة في الشتاء أيضاً. وقد كتب حسن نجيلة عن رحلة "الجزو" هذه في بطن الصحراء كتابة مشوقة فليرجع لها القاريء إن أراد.
لن استطرد في عرض مقالة طلال في صحيفة سيارة. ولكن النقطة وضحت. فاقتصاد الظعن عقلاني تفتق الرعاة فيه عن حيل شتى لتنمية مراحاتهم والحفاظ عليها في مناطق موصوفة في عرف الحداثة ب" الشدة". ولم تقف هذه الحيل عند هذا الحد. فقد قرأت منذ أيام كلمة للاستاذ معتز محمد خليل (السوداني 7 أكتوبر 2008) عن استخدام الأبالة بالبطانة للموبايل لتحديد مواقع المأ والكلأ. وستجد فيها كيف حل هؤلاء الأبالة معضلة شحن الموبايلات في خلاء بلا كهرباء.
يبدو أن مشكلة السودان ليست في سيادة "العقل" الرعوي في أدائه السياسي والاجتماعي والاقتصادي بقدر ما هي جهلنا بمهارة هذ ا العقل في لجم الموارد التي بمتناوله في المكان القفر واستئناسها بما في ذلك الموبايل. إذا كان ثمة "عقل" افسد السودان جداً وأهلكه بالهرج فهو "العقل" البرجوازي الصغير. ولنا عودة إلى هذه الآلة الحدباء التي هبطت بالسودان إلى درك منذ ثورة 1964.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: العقل الرعوي: أو إنت ساكت مالك آ (يا) طاها...د. عبد الله علي إبراهيم (Re: جعفر محي الدين)
|
أستاذى جعفر محي الدين
إن الأوهام التى تسوقها المعتقدات الوضعيه تسكر أصحابها حتى يشعرون
بأنهم بلغوا سقف الحقيقه المطلق ليقوم جمعهم بتحنيط الفتاوى التى
لا تقبل الشك أبدا لا بل تلزم الآخر بالإيمان بها كما هى وكأنها تنزيل
لا يخالجه باطل قط دون النظر بذات المنهج إلى عيوب تلك النظره وطرائق
فرضهم لها تلك التى تستأصل وجود الآخر ولك يا عزيزى التقدير والسلام
والشكر..............................
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: العقل الرعوي: أو إنت ساكت مالك آ (يا) طاها...د. عبد الله علي إبراهيم (Re: الطيب شيقوق)
|
يا ود شيقوق سلام من الله عليك
إن الحداثيين لا يدرون أن المهدى لم ينل علمه من السربون وكمبريدج
ولكنه ناله من أم مرحى درس كل الألفيات وكل مذاهب الفقه ومدارس الحديث
وأسس التشريع الشرعى ودرس السيره وكل المتون ففاض وأغرق عتاة الحداثه
الذين جاءوونا بالكتاتيب وكلية غردون ومدارس الحين التى ألغت الخلاوى
وطرائق التعليم التى أنتجت المهدى ومن قبله قادة السلطنه الزرقاء
وسلطنة دارفور وتقلى والمسبعات طرائق بناءة غير هدامه وعلامة غير وداره
وواضحة ليست بتهويمات أراد عصاة الماسونيه صناع الفكر العالمى ومؤسسى
الفلسفات الوضعيه منذ هيجل ومقلوبه من ماركسيه وبراجماتيه ووجوديه
ونفعيه أن يخلقوا تشويشا فى العقول المهيأة لذلك وإستخدامها إستخداما
يؤسس إلى عودة شانهم وشأوهم الذى فقدوه فى المدينه بنور من الله ونبى أمى
مكين فجر كل ينابيع الخلاص فأزورت عنها النفوس الضعيفه فنسأل الله أن
يثبتنا على دينه ويعلمنا التأويل ولك السلام......................
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: العقل الرعوي: أو إنت ساكت مالك آ (يا) طاها...د. عبد الله علي إبراهيم (Re: munswor almophtah)
|
الإعتقاد المطلق بالصواب والخطآ فى المسائل الفكريه الوضعيه والتى لا سند لها من التنزيل إغلاق لباب التفكير وكسل عن إمتحان النتيجة ثانية فهل كان أرسطو يدرى بأن هنالك منطق رمزى حديث سيجب منطقه ولكنه يبقى على علميته وهل كان يدرى من قال أن المادة لا تفنى ولاتخلق من عدم علما بعدم توافق ذلك مع التنزيل أن العلم اللاحق يؤكد فناء الماده وإيجادها من عدم فيتطابق العقل بالنقل تطابقا لا خلل فيه فمتى نحرر العقل من إنعتاقه ونتمعن فى (أفلا ينظرون إلى الإبل كيق خلقت)
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: العقل الرعوي: أو إنت ساكت مالك آ (يا) طاها...د. عبد الله علي إبراهيم (Re: محمد عكاشة)
|
Quote: فالراعي الرشيد في عٌرف البادية نفسها هو الذي "يمجد" البهائم. اي الذي يتخير لها القشة العضية (البكر غير الرديدة التي أثقل عليه الرعاة قبله). |
صحيح يا المنصور
الراعي الرشيد يدرك المراعي الغفر والخالية من الضبان والراعي الرشيد يدرك الناقة العليلة من اختيار مواقعها من الشمس والراعي الرشيد يعلم محلات العسين (وهي النباتات التي تنمو على ضهور السماسم بعيد عمليات الحصاد) والراعي الرشيد من يدرك الاوقات المناسبة للبهلة (الولادة) والاوقات المناسبة للعشار والراعي الرشيد يا المنصور بيعرف الكنة ( بتشديد النون) وهي ربط خصيتي الفحل حتى لا يقترب من الانثي الحائل في غير مواعيد العشار . الراعي الرشيد من يدرك ايام الضمي .
والراعي الرشيد يعلم من نواصي الطب البيطري ما لم يعلمه الاختصاصيون فيه .
نواصل يا الحبيب
| |
|
|
|
|
|
|
Re: العقل الرعوي: أو إنت ساكت مالك آ (يا) طاها...د. عبد الله علي إبراهيم (Re: Maysoon Nigoumi)
|
حاشاك من الورم يا اربد وكلس بوادينا
اذكر يا المنصور اخوى عندما كنا طلاب في المدارس الثانوية العليا كان الحصة لشرح معلقة زهير بن ابي سلمى وعندما وصل المعلم البيت الذى يقول :
رعوا ظمأهم حتى اذا تم اوردوا .....
فقد شرح الاستاذ عبارة ظمأ بالغب او فترة انقطاع الابل عن وردة الموية وعربنا في البادية عادة بقولوا لينا (الليلة عندنا ضمئي) . والان ونحن في الخليج تنطق الضاد عندهم مثل الظاء .
صدق الدكتور عبد الله الطيب عندما سئل عن مراجع اللغة العربية فاجاب القرآن والبادية
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: العقل الرعوي: أو إنت ساكت مالك آ (يا) طاها...د. عبد الله علي إبراهيم (Re: munswor almophtah)
|
المنصور حبابك
الكاجريب هو الارض الكمدوبة والكمدوبة هي الارض البكرة وحال عليها الحول يعني زرعت السنة الاولى والتانية فقط ففي التانية تسمى الكمدوبة والكمدوبة ذاتها مقسمة فأي ركن من اركانها يسمى كاجريب والترس معروف لديكم وهو الارض المرنع التي تتجمع عندها المياه وكسر كاجريب في ترس يعني ان المطر قد نزل وسالت مياه الكاجريب في هذا الترس او بالواضح الكاجريب والترس اصبحا رغم البين روح واحدة في جسدين الكاجريب يسيل يدى الترس والعكس .
وهذا المثل يضرب عندما تكون الحالة وااااااااااااحدة بين شخصين
وان شاء الله البيني وبينك تكون هكذا يا ود المفتاح
لك منى اطيب امنياتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: العقل الرعوي: أو إنت ساكت مالك آ (يا) طاها...د. عبد الله علي إبراهيم (Re: الطيب شيقوق)
|
قلت الكاجريب هو الأرض الكمدوبه ثم شبهته بالشخيتير أو الليد التى تاتى بالماء للترس وتلكما خاصيتان مختلفتان فالكمدوبه هى الأرض الحائل والعطشى للماء تبلعه بكل مسامها ولا ترسله للغير أما الشخيتير هو الناقل من المساقط فى العلالى إلى السفوح فى أسافل التروس والترس وردت فى غناء النفير عند أهل توتى لبسوا البدل والقمصان وترسوا البحر خيرصان والله أعلم وخالص التحايا لكن عليك الله بتعرف الكسبوت والجابيق والمرتيق والماروق والكلتوت......................
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
|