|
|
 أربعون عاماً على إغتيال وليم دينج نيهال!
|
أربعون عاماً على إغتيال وليم دينج نيهال!
يوم 5 مايو هذا العام يصادف مرور أربعين عاماً على إغتيال وليم دينج، رئيس حزب سانو وستة من مساعديه فى كمين نصبته مجموعة من ضباط القوات المسلحة. لقد كان إغتيال وليم دينج فصلاً مأساوياً، وغير مسبوق فى تاريخ السياسة السودانية. وتعززت مرارة الفقد الفادح لأنه تم تحت سمع وبصر حكومة منتخبة ديمقراطياً. وقف على رأسها الأستاذ محمد أحمد محجوب الذى أمضى حياته فوق منصة القضاء، ودهاليز الحكم ومجالس الأدب والحكمة وساحات النضال لصون الديمقراطية والحريات. وتفتحت عيون أجيال من الشباب على قولته المشهورة ‘بأن مشاكل اليمقراطية، لا تحل إلا بمزيد من الديمقراطية!‘.
وبعد مرور أربعين عاماً على الجريمة المخزية، وبالرغم مما توصلت إليه اللجنة التى باشرت التحقيق فى ‘إغتيال‘ دينج، لازال الإنطباع السائد بأنه ورفاقه فقدوا أرواحهم فى أجواء التآمر والمكايدات الحزبية. وفى موقع ‘قوقل‘ للبحث عن المعلومات وردت إشارة إلى أن السياسى المخضرم بونا ملوال من بين الذين حامة حولهم تهمة الإشتراك مع سياسيين شماليين فى جريمة إغتيال وليم دينج. وهناك بعض شهود العيان ممن شاركوا فى أطلاق النار على موكب رئيس وأعضاء حزب سانو، يعتقدون بغير ماتوصلت إليه لجنة التحقيق. لقد فقد السودان بموت وليم دينج واحداً من رموز الوطنية السودانية. لذلك يتعين على كل من يهمهم صون وقائع التاريخ أن يسعوا لإستنطاق شهود العيان، حتى نثبر غور الحقيقة، وحتى تهدأ خواطر أهله وعشيرته ورفقائه فى النضال وحلفائه السياسيين فى الشمال والجنوب.
وكأن تلك الجريمة على بشاعتها لم تكن رادعاً لغل يد الجناة، فقد أعقبها هجوم مسلح على منازل عدد من قيادى حزب سانو فى مدينة رومبيك. وكان من بين هؤلاء السياسى البارز صمويل أرو، الذى تولى رئاسة حزب سانو فيما بعد. وقد ساد إعتقاد لبعض الوقت بأنه لقى حتفه فى ملابسات الهجوم على منزله، إلا أنه عاش ليروى تفاصيل ماحدث. وكل من وقف على مشاركته فى صنع الأحداث الكبيرة فى جنوب السودان بعد إتفاقية أديس، ودوره كنائب لرئيس وزراء إنتفاضة أبريل 1985 يقدر تماماً إسهامه وتفانيه ورصانته وحكمته.
وليم دينج, الراحل العزيز, من أبكار الإداريين فى جنوب السودان. ومن أوائل الذين تسللوا خارج السودان فى ديسمبر 1962 وبعد أن أقدم الحكم العسكرى الأول
(1964 –1958) على تعطيل قنوات الحوار ولجأ إلى إستخدام أقصى درجات العنف، باعتبار أن ‘الجنوبيين لايفهمون إلا لغة الحديد والنار‘. وشارك فى تأسيس ‘الإتحاد السودانى الأفريقى للمناطق المقفولة‘ الذى تعدل إسمه إلى ‘الإتحاد السودانى الأفريقى‘ (سانو) لتفادى معارضة ‘منظمة الوحدة الإفريقية الناشئة آنذاك. وفى ذات الوقت تأسست حركة ‘أنيانيا‘ المسلحة باعتبارها الجناح العسكرى لحزب سانو.
منذ إنطلاقة النشاط السياسى والعسكرى لسانو وأنيانيا ظل وليم دينج فى شد وجذب ومكايدات لم تخف حدتها مع رفقائه جوزيف أدوهو الذى تولى الرئاسة والأب سترنينو كراعِ للحركة. وقد ذهب أدوهو إلى حد إتهامه بالخيانة لصالح حكومة السودان. واستصدروا قراراً بعزله من منصب السكرتير العام. وتزايدت حدة الهجوم الجائر على وليم دينج بعد أن حزم حقائبه وعاد لمواصلة نشاطه السياسى بالوسائل السلمية التى تهيأت بعد ثورة اكتوبر 1964. إلا أن الأحداث اللاحقة أثبتت حنكته فى إستقراء التغيرات السياسية داخل السودان، ونظرته الصائبة فى إدراك ‘ضرورة اللحظة التاريخية‘. ويعود إلى وليم دينج الفضل الأكبر فى الترويج لفكرة مؤتمر المائدة المستديرة لإيجاد تسوية سلمية لمشكلة الجنوب. وفى المقابل أبدى رئيس الوزراء سرالختم خليفة حكمة ومصداقية ساعدت كثيراً فى تبديد أجواء التوجس وانعدام الثقة فى نوايا قادة الأحزاب السياسية فى شمال السودان.
أما جناح سانو الذى قرر مواصلة العمل المسلح فقد أصابت قادته أدوهو وأقرى جادين حالة من الإرتباك السياسى، وانزلقوا فى مستنقع الصراعات الداخلية التى أفضت بهم إلى التشرزم والعزلة عن مجريات الأمور داخل السوان وخارجه. وبلغ الضيق بحكومة يوغندا حيث تواجد قادة أنيانيا أن ذكر وزير خارجيتها فى خطاب أمام البرلمان بأن هذه المجموعة لم تعد تدرك ماتريد. وطالبهم بالإشتراك فى مؤتمر المائدة المستديرة قبل أن يفوتهم القطار.
خلال المؤتمر دعا وليم دينج إلى تطبيق الحكم الفيدرالى فى المديريات الجنوبية. وبرز أقرى جادين الذى مثل سانو بالخارج كداعية للإنفصال، بينما سعت جبهة الجنوب إلى موقف وسط بين الإستفتاء وتقرير المصير والتلويح بالإنفصال. وبالرغم من مآلات المؤتمر إلا أن وليم دينج قد أفلح فى كسر طوق العزلة الذى أحاط بالحركة السياسية فى جنوب السودان طواعية أو بفعل سياسة الأحزاب السياسية الرئيسية فى شمال السودان. وقد توصل إلى إمكانية إقامة حلف سياسى مع الصادق المهدى الذى خرج على القيادة التقليدية لحزبه وبدا أكثر إستعداداً لبناء جسور التفاهم مع حزب سانو على وجه الخصوص. ولكن ذلك التحالف كما كشفت عنه السنوات اللاحقة لم يحقق غاياته، بل كان مصدراً فى تحريك خيوط التآمر الذى أودى بحياته.
من المفارقات المحزنة أن القادة الثلاثة الذين أسسوا حزب سانو وحركة أنيانيا المسلحة ماتوا فى أجواء التآمر والغدر. مات وليم دينج فى كمين نصبه أفراد الجيش السودانى كما توافقت عليه الروايات الشائعة آنذاك. والحس الشعبى لا يجافى الحقيقة فى كثير من المواضع. أما الأب سترنينو لوهرى، وهو قس كاثوليكى فقد وجد ميتاً فى يوغندا فى ظروف إكتنفها الغموض. وقد وجهت أصابع الإتهام آنذاك إلى إلى جوزيف أدوهو الذى تدنت العلاقة بينه ولوهرى إلى درك سحيق. إلا أن هذا الإتهام لم تسنده الحقائق المتاحة آنذاك. وجوزيف أدوهو بدوره لقى حتفه على أيدى رفقاء السلاح فى الجيش الشعبى بعد أن خرج على الحركة الشعبية الأم وانضم إلى ماعرف آنذاك بمجموعة الناصر بقيادة ريك مشار ولام أكول أجاوين.
أتمنى أن يطلع على هذه الخواطر حول حياة وأثر وليم دينج وموته الفاجع كل من يملك قدراً من المعلومات مهما بدا ضئيلاً لوضع الحقائق التاريخية فى نصابها. والرجوع الى هذه المسألة لا يهدف الى نبش جوانب من تاريخنا يتمنى لها البعض أن تنداح فى طى النسيان. ولكن الأمر هنا يتعلق بارتكاب جريمة إغتيال بشعة خلفت جرحاً غائراً فى ذاكرة أقسام واسعة من السودانيين على اختلاف إنتماءاتهم. كانت هى الجريمة السياسية الأولى بحق رئيس حزب سياسى واسع النفوذ، ولكنها للأسف لم تكن الأخيرة فى مضمار تصفية الخصوم السياسيين البارزين.
Reference
William Deng Nhial: WIKIPEDIA (The free encyclopedia)
Assassinated by elements of the Khartoum regime in 1968 allegedly with the help of Bona Malual and Arab politicians who seen him as threat to the peace between Southern Rebels and government of Sudan. William Deng Nhial was told not to go to Southern Sudan but refused to do so which resulted in his death.
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
A/Magid Bob
Tragie Mustafa
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست