|
|
 الحركة الشعبية والخوف من التعداد السكاني
|
عبدالمحمود نور الدائم الكرنكي
أين عقلاء الحركة الشعبية، وأين حكماء الجنوب, من اختراقات حكومة الجنوب المتتالية لاتفاقية نيفاشا، ولماذا لا يمنح المحترفون الهواة من التهوّر والعشوائية
, وما سبب خوف الحركة الشعبية من أبيي ومن التعداد السكاني.
بحكم اتفاقية نيفاشا، لا تملك حكومة الجنوب ولا مجلس الوزراء الإتحادي تعيين إدارة في أبيي. لأن أبيي شأن رئاسي، حسب نص الاتفاقية.
بحكم اتفاقية نيفاشا، لا تملك حكومة الجنوب الغاء التعداد السكاني، أو عدم الاعتراف بنتيجته. ذلك خارج صلاحيتها بحكم الاتفاقية, وبحكم الدستور الانتقالي الذي انبثق عنها. التعداد شأن اتحادي يقع تحت اشراف رئاسة الجمهورية، حسب اتفاقية نيفاشا.
اتفاقية نيفاشا لم يتم توقيعها، ليلتزم بها طرف واحد نصاً وروحاً، بينما ينتقي الطرف الآخر من نصوصها "على كيفه", أو ليلبسها بـ"العََََدلة" أو بالمقلوب على مزاجه.
سياسة الحركة الشعبية في أبيي ليست خرقاً لاتفاقية نيفاشا فحسب، بل تهديد خطير للسلام، سلام السودان وسلام الجنوب. سياسة الحركة الشعبية في أبيي, لا تؤسِّس فقط لضم أبيي إلى بحر الغزال، بكلّ ما ينطوي على ذلك من تداعيات أمنية خطيرة، بل تؤسس لفصل جنوب السودان إلى دولتين. وسنوضح ذلك فيما بعد.
لقد كان السيد/ ادوارد لينو حاكم أبيي المعيّن من الحركة الشعبية, كادراً في الاتحاد الاشتراكي السوداني، خلال عهد الرئيس جعفر نميري، فما الذي اكتشفه مسؤول استخبارات الحركة الشعبية فجأة من حقائق جديدة عن أبيي، حقائق غابت عنه طوال حكم الرئيس نميري، وتطبيق اتفاقية اديس أبابا، من مارس 1972م- مايو 1983م.
أصابع القوى الخارجية لا تملك أن تكون غير بعيدة عن أبيي. إذ لا يمكنها مقاومة إغراء النفط. وأبيي قضية نفطية من الدرجة الاولى. أنظر إليهم كيف هم واجمون يدّعون البراءة، صامتون عن الاختراقات الصارخة لاتفاقية نيفاشا، وهم الذين يزعمون رعاية الاتفاقية, والإشراف على متابعة تنفيذ الشريكين لنصوص الاتفاقية؟ لقد خذلوها – أي اتفاقية نيفاشا- بعدم الوفاء بالتزامات المانحين في أوسلو- النرويج، كما يخذلونها الآن بصمتهم المريب عن الانتهاكات الخطيرة التي ارتكبتها الحركة الشعبية, في منطقة أبيي النفطية, التي تثبت الوثائق القانونية تبعيتها للشمال, بما في ذلك منطقة هجليج. لكن ذلك الصمت الغربي المريب, تشجيع للحركة الشعبية على التمادي في مسلسل الانتهاكات. أبيي قضية نفطية بالدرجة الأولى.تقع أبيي وسط بحيرة نفطية. أقرب بئر بترول من أبيي تقع في "جفرة", على بُعد 38 كيلومتر من أبيي. تبعد أبيي مسافة نصف ساعة بالهيلوكوبتر، من حقول نفط هجليج. تلك مسافة قريبة جداً. مسافة تقطعها سيارة لاندكروزر في نصف ساعة في طريق معبّد. المسافة من أبيي إلى هجليج تجري من تحتها أنهار النفط. وعلى طول تلك المسافة على سطح الأرض, تمتدّ أحزمة طبيعية من غابات السنط الأخضر.
تقع أبيي على ضفة بحر العرب. قبل اتفاقية نيفاشا, كان على الضفة الأخرى تتجوّل مليشيات الحركة الشعبية بين أشجار المنطقة، حتى أوقف بروتوكول ميشاكوس عدائياتها في يوليو 2000م. ومنذئذ بدأ السلام, حتى زعزعته الحركة الشعبية أخيرا,ً بخرقها اتفاقية نيفاشا بتعيين إدارة السيد ادوارد لينو.
في فترة السلام تلك حصدت أبيي ثمار الأمن. فتمّ تشييد شبكة الطرق الداخلية في أبيي, وعددها خمسة طرق، منها طريق الناظر دينق ماجوك وطريق الناظر بابو نمر، وتمّ انشاء مستشفى بيطري، وآبار مياه، ومحطة تلفزيون أبيي، وأندية مشاهدة تلفاز، وكبانية سوداتل، ومحطة كهرباء أبيي بطاقة 300 كيلوفولت، ومدرسة ثانوية أجمل من مدارس الخرطوم الخاصة والعامة "معظم طلابها من الدينكا".
في فترة السلام بدأت أبيي في التحوّل من قرية صغيرة إلى مدينة نامية, لها ملامح شبيهة بمدينة القضارف.
ظلت أبيي تعيش في عزلة عن السودان, وعن العالم. كانت تلك العزلة تمتدّ إلى ثمانية أشهر في العام، وذلك حتى تم تشييد طريق أبيي- أم القرى بطول 95 كيلومتر, ليضع نهاية لتلك العزلة. حيث ارتبطت أبيي بالشكبة القومية للطرق، حيث يتلاقى طريق أبيي- أم القرى بطريق المجلد- هجليج بطول 235 كيلومتر. أيضاً تشييد طريق أبيي-الميرم بطول مائة كيلومتر، يكمل مثلث أبيي- المجلد- الميرم، ويؤسِّس لازدهار المنطقة اقتصادياً. وزارة الطاقة والتعدين في عهد د. عوض الجاز هي التي أنجزت تلك التحوّلات التنموية.
مدينة أبيي هي رئاسة محلية أبيي التي تضمّ "المجلد" عاصمة المسيرية.
يبلغ عدد السكان في معتمدية أبيي 142 ألف, 75% من المسيرية, 25% من الدينكا. ويوجد عبر ضفة بحر العرب الأخرى 35 ألف من الدينكا.
لكن الحركة الشعبية تخشى خشية كُبَرى من التعداد السكاني، سواء في أبيي أو الجنوب. لأن التعداد السكاني يشطب قرار الحركة الشعبية بتعيين السيد ادوارد لينو حاكماً على أبيي، كما يكشف وزن الحركة الحقيقي في الجنوب, ويؤدِّي قانونياً, وفقاً لبنود اتفاقية نيفاشا إلى تخفيض وزنها في قسمة السلطة, وذلك حسب نتيجة التعداد. حيث أن اتفاقية خصصت مؤقتاً 40% من قسمة السلطة للحركة الشعبية، ريثما يتم اجراء التعداد السكاني. أصبحت الحركة الشعبية تخشى التعداد السكاني لأنه يخفض وزنها في قسمة السلطة إلى النصف, حسب الإحصاء السكاني الإبتدائي الذي أشرفت عليه الأمم المتحدة. ستبقى 20% تشاركها فيها القوى الجنوبية الأخرى، حسب أوزانها القبلية، والتي ربما يكشف التعداد السكاني أنها تزيد عددا عن الحركة الشعبية . التعداد السكاني الذي نصّت عليه اتفاقية نيفاشا, يقضى على العديد من الأساطير التي روّجتها الحركة الشعبية.لذلك تتهرب الحركة الشعبية الآن للمرة الثالثة من إجراء التعداد، والذي تأخر كثيراً بسبب تلك "التهربات" عن إجرائه في ميعاده الذي نصت عليه اتفاقية نيفاشا, أي نوفمبر 2007م.
الحركة الشعبية تخشى التعداد السكاني, لأنه يخفض وزن الحركة الشعبية في قسمة السلطة شمالاً وجنوباً, ويؤدي التعداد أيضاً وذلك هو الأخطر, إلى إجراء الإنتخابات العامة القادمة التي تعني النهاية الحتمية والأبدية للحركة الشعبية في الشمال والجنوب. تلك الإنتخابات ستتم بحضور دوليّ, يشهد على سقوط الحركة الشعبية. لقد اكتشفت الحركة الشعبية فجأة أنها اصبحت شمعة في مهب ريح التعداد السكاني, فصارت تنظر إليه باعتباره سيفاً سيقطع رقبتها. لذلك تقوم الحركة بإغلاق الباب البجيب الرِّيح, باب التعداد السكاني "البجيب " ريح الإنتخابات القادمة!.
|
|
 
|
|
|
|
Ahmed musa
مصطفي سري
Deng
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست