وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي اعظم!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 02:01 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-31-2008, 11:40 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي اعظم!

    احـداث ابـريلية دخـلت تاريــخ السـودان:
    _________________________________________

    1 ابريل 1985 :
    __________________

    كان اللـواء عـمرمحـمدالطيب النائب الأول لرئيـس الـجـمهورية ( الـمتواجـدوقتـها للعـلاج بأمـيـريكا )يـحاول بقدرالأمـكان السـيطرة علي الشارع السـودانـي وأفشال الـمظاهرات التي عـمت كـل الـمدن السـودانية. وشـدد مـن اجـراءاته الأمـنية حـول الكباري والـمرافق الـحكومية والسـفارات، واعـطي تـوجـيهاته الصـارمة للأجـهزة الاعـلامـية بان تواصـل برامـجـها العادية دون الأشارة من بعـيد او قريب لأخـبار التظاهرات واعتصام الـمتظاهرين بالشوارع ورفـضـهـم العـودة لـمنازلـهـم الا بـعد سـقوطالنظام.

    فـي هـذااليوم واصـل رجـال الأمـن عـمليات الاغتيالات السـرية للنشـطييـن مـن قادة الـمـظاهـرات بواسـطة مـسدسـات كـاتـمة للصـوت.

    2 أبـريل 1985 :
    ______________________

    تـوسـعـت رقـعة الـمظاهـرات بالـخـرطوم وعـم الغـضـب كل ارجـاء البلاد بـعد خـروج الأخـبار التـي اكدت ضـخامة رقـم الـمـوتـي الذين اغتيلوا غـدرآ بواسـطة رجـال الأمـن الـمنـدسـييـن وسـط الـمتظاهـرين. كان الوزراء الـمايوييـن فـي حـالة انـعقاد دائـم بـمـجلس الوزراء برئاسـة اللواء عمـر مـحـمدالطيب يتابعـون اخـبار الـمظاهرات من خــلال التقارير المقدمة للـمجلـس مـن قبل الأجـهـزة الأمـنية. اصـدر عـمر مـحمد تـوجـيهاته لوزير الـمالية بـصـرف مـبالغ مالية كـبيـرة لشـراء حـاجـيات لرجـال الشـرطة مـن وسائل قـمع وعـصـي وقنابل مـسيلة للـدموع ( بـعـد نـجـاح الأنتفاضـة اتـضـح ان المبلغ خـرج مـن وزارة المالية ولا أحـدآ يعـرف الـي اين ذهـب الـمال!?). كـانت قيادات العـمل بالاتـحاد الأشـتـراكي مـجـتمعة بجـماهـيـرها بـدار الاتـحاد وخـطب فيـهم ابوالقاسـم مـحـمد ابراهـيـم وراح يـحـرض المايـوييـن عـلي حـماية مكاسـب الثورة والايتـركوا الشـيوعييـن والـمـخربييـن يـحـتلوا الشـوارع ويسـيـروا الـمظاهـرات، انه وجـب عـلي الـحادبون علي مـصلـحة البلاد ان يـخـرجـوا للشوارع ويـؤدبوا الـمخـربييـن الجـبناء!!!

    3 أبريل 1985:
    _________________

    تـواصـلت عـمليات الأغـتيالات وتناقل الـمتظاهـرون اخـبار الـمقتوليـن، وجاءت الاخـبار ان الأف الـمواطنييـن كـانوا بالامـس بالـمقابر الـمتعـددة بالعاصمة الـمثلثة حـيث واروا عـشـرات الجـثث التـي لقيت حـتوفاتها برصـاصات القناصـة التابعـييـن لرجـال الأمـن او الذين ماتوا وسـط الـمتظاهرين. شـعرت الحكومة ان الامـور بـدأت تـخـرج مـن يـدها بعـد وصـول اخـبار لـمجلس الوزراء ان اغلـب الـوزارات باتـت خـالية مـن الـموظـفييـن الذين نزلـوا للشوارع تـضامـنآ مـع الـمتظاهريـن بـها. اصدرعـمر مـحـمد قرارآ يلزم كـل الـموظفييـن ان يكونوا بـمكاتبهـم والعـمال بمواقعـهـم وان كـل من يـخالف هـذا القرار يعـتبـر مـفصـولآ مـن مـكان عـمله، والزم القرار وكـلاء الوزارات بـمتابعة
    الآنـضـباط بالوزارات وباقـي الـمصالـح الـحكوميـة. وصدر قـرار اخـر يلزم
    كل الوزراء بالبقاء فـي اماكن عـملهـم وتسـييـر دفة العمـل.


    ....... ونـواصـل...
                  

04-01-2008, 00:40 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    4 أبريل 1985:
    ________________


    كانت هـناك نشـاطات وفعاليات مـكثفة بـدار اسـاتذة جـامعة الـخرطوم وبـدار الأطباء ونادي البيطـرة ضمـت قيادات العمل الوطـنـي الذين قرروا تسـييـر مـوكب شـعبـي يضـم كل النشطاءالسياسـييـن ورجـال الاحـزاب واعـضاء النقابات والاتـحادات والسياسـييـن القـدامي واسـاتذة الجـامعات
    واعـضاء هـيئة التدريـس والاطـباء والـمـهندسـييـن والـموظييـن والعمال
    والـمزارعيين ورجـال الاعـلام ليـقدموا مـذكرة لـعمر مـحـمـد الطيب يطالبون فـيها وعــبـر مـذكرة مـكتوبة بانـهاء هـذا النظام الـمايوي وعـودة العسـكر لثكناتـهـم ورجـوع الـديمقراطية وحـكـم الشـعب بالشـعب
    وانـهاء حـالة الـطوارئ بالبلاد.

    قررت قيادة ( الـتـجـمع ) وان يكون يـوم 6 أبريل هـو يوم مـسـيـرة الـمتظاهـرييـن للقصـر لتقديـم مـذكرة الـمطالبة بالتـنـحـي، ناشـد(التجـمع) جـماهـيـره باليقـظة التامـة وعـدم اهـتمام بتـهديـدات رجـال ووعـودات الـحكومـة بتـحـسـييـن الاحـوال الاقتـصاديةالـمتـردية.
    طـلب ( التـجـمع )مـن كل الـمواطنييـن التواجـد بـمكان بـدء الـمسـيـرة
    ( نـهاية شارع القصـر جـنوبـآ ).

    سـرت اخـبار الـمـذكرة سـريـعآ وعـمـت القري والبوادي، وقررت الـجـماهـيـر فـي الـمـدن البعـيدة القـدوم للـخـرطوم للـمشاركة فــي مـسـيـرة 6أبريل للقـصـر.

    وماإن علـمت الامانات بالاتـحاد الاشـتـراكـي بـموضـوع الـمذكرة ورغـبة(التجـمع) تسـييـر مـوكب للقصـرحـتـي جـن جـنون اعـضاء قيادات الاتـحاد
    الاشـتـراكي وقـرروا بـدورهـم الـخـروج بـمظاهـرة تتـصـدي لـمظاهرة التجـمع وتـمنعـه بالقوة تـقديـم الـمـذكرة.

    قام ابوالقاسـم مـحـمدابراهـيـم بـمخاطبة الـمحـتشدين بـدار الاتحاد الأشـتراكي واوصـاهـم بعـدم الـمهادنة مـع الـمتظاهرين فـي التـجـمع وان يقاوموهـم بكل انواع الاشـلحـة. خـاطـب الـدكتور مـحـمد عـثمان ابو ساق ايـضآ الـمايوييـن بنفس الاجـتماع بـدار الاتـحادالاشـتـراكي وقال بالحـرف الواحد ( سـنـضـربـهـم ضـرب الكلاب ونـسحـقـهم سـحـق العقارب حـتـي يـعـودوا الـي جـحـورهـم اولاد... ( الشـرامـ....ط!!).

    والغريب ان الاذاعـة السـودانية قامـت ببـث كـلمة الـدكتور ابو ساق كاملة ولـم تنتـبه للكلمة الـبذيئة الا بعـد فوات الاوان!!!

    وتكـهـرب الجـو فـي السـودان كله بعـد سـماع الجـميع بانه وفـي يـوم 6 ابريل سـتكون هـناك بالـخـرطوم مـظاهـرة تنادي بانـهاءالنظام وتـحـتل هـذه الـمظاهرة الشوارع والطـرقات ومـظاهـرة تابعة للنظام تـملك القوة
    والسلطة والأمـن.
                  

04-01-2008, 01:21 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    5 أبريل 1985:
    _____________

    فـي هـذااليـوم كانت منشـورات ( التجـمـع ) تنـزل تباعـآ تـذكر الجـماهـيـر بيوم 6 أبريل الـحاسـم. تـواصـلت الاجـتماعات بكل مـكان،بالقصر بـمجلس الوزراء بالاتـحادالاشـتـراكي بالامـن بدار الاساتـذة والاطباء. اذا عـمرالطيب قرارآ بتخـفيض سـعر الـخـبـز والسـكر راح يبشـر الـمواطنييـن بان الفحـوصات الطبية لنـميـري انه والـحـمدللـه سـليـمآ ومعافيـآ وقـد وصـل للقاهـرة قادمـآ للبلاد.

    تـضاربت الارقام حـول القتلي خـلال الفتـرة مـن 26مـارس الـي 4 ابريل، فاخـبار الشارع تـؤكد انهـم بالـمـئات واخـبارالقادمـيـن مـن يـؤكـدون ان الـموتـي يفوقون ال400 قتيـل!!

    نـشـط اعـضاء حـزب الامـة فـي كـسـر الحـصار الـمضروب عليـهم واسـتطاعوا ان يلتقوا باعـضاءالتجـمع، وخـاطب الصـادق الـمهدي التجـمع.

    كان يوم 5 أبريل يـومـآ مـشهـودآ وحـافلآ بالتـوتـر والكل يتـوجـس مـن ماسـيـحـدث غـدآ 6 أبريل.
                  

04-01-2008, 01:46 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    6 أبريل 1985;
    _______________

    فـي يوم السبت السـادس مـن ابريل انـحـازت القوات المسـلحة الـي الـجمـاهيـر واذاع راديـو امدرمـان فـي السـاعة الثامـنة صـباحـآ البيان الأول الصـادر عـن القيادة الـعامـة للقوات الـمـسلـحة وجـاء فيـه :

    ( إن قـوات الشعب الـمسـلحـة حـقآ للـدماء وحـفاظآ عـلي اسـتقلال الـوطن ووحـدة اراضـيـه قد قـررت بالاجـماع ان تـقف الـي جـانب الشـعب واخـتياره، وان تسـتجـيب الـي رغـبته فـي الاسـتيلاءعـلي السلـطة ونقلهـا للشـعب عـبـر فـتـرة انـتقالية مـحـددة).

    وبـعـد سـاعة مـن اذاعـة هـذا البيان اذيـع البيان الثانـي الذي جـاء فيـه ( اعـلان حــالة الـطؤاري، وحـل الاتـحـاد الأشـتـراكي وجـمـيع روافـده).
                  

04-01-2008, 01:58 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    6 أبريل 1985:
    _______________

    جـري اعـتقال الـوزراء وكبار الـمسـؤوليـن واعـتقلت ايـضـآ رئيـس تحـرير جـريـدة (الايام ) و( الـصـحافة ) ومـديـر ( وكـالةالسـودان للانباء)...

    وافـرج عـنهـم جـميعآ بعـدعـدة شـهور.
                  

04-01-2008, 02:26 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    6 أبريل 1985:
    ______________

    ظـلت القرارات العسـكرية وتصـدر تباعـآ فـي هـذا اليوم لتـهـد اخـر مـعاقل النظام المــايـوي. ولكـن كـان هـناك سـؤال يقلق بال الـجـميع
    وجـعـلهـم لايثقون فـي انـحـياز القوات الـمسلـحة لـجـانب الشـعب.

    فقـد تعـمـد سـوارالـدهـب ان يتـجـاهل حـل جـهاز امـن الـدولة الذي ظـل يـعمل بصـورة شـرعـية طـوال ايام 6 و7 و8 ابريل!!!.

    ومـازال لـغز.... ( سـبب عـدم صـدور قـرار بـحـله الا فـي يـوم 9 ابريل )... غـامـضآ ومـبـهمـآ..... خـصـوصـآ وان سـوار الـدهـب يـرفـض رفـضـآ باتـآ ان يكـشف عـنه حـتـي اليوم!!.

                  

04-01-2008, 03:14 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    6 أبريل 1985:
    _______________

    بـينما كـانت الجـماهـيـر ترقـص بالشـوارع وتـهلل لانحـياز القوات الـمسلـحة للشارع الـمنتفـض وتبارك وحـدةالصـف الـوطـنـي وانـضـمت جـماهـيـر الاتـحادالاشـتـراكـي مـع الـمتظاهرين اهـل (التجـمع) سـرت فـجـأة اشـاعة قـوية تقول ان طـائرة نـميـري سـتـحل بـمطار الـخرطوم بعـد الظـهر وانه ( نـميـري ) قـد قام باخـطار سـوار الـدهـب بعـزمـه عـلي الوصـول للـخرطوم لاعـادة الاوضـاع الـمتقلبة الـي طـبيعتها.

    سـرت الاشـاعـة حـتـي وصـلت للاقاليـم والـمدن البعيـدة من خـلال اتصالات الناس بـعـضـها البعـض.

    قـرر سـوار الـدهـب سـد مـطارالـخـرطوم امام الـملاحـة الـجـوية، وانـذر سـوار الـدهب النـميـري بان طـائرته سـتتعـرض للقصـف ان حـاولت دخـول الـخرطوم.

    اعـطـي سـوار الـدهب تعليـماته لـمـدير الطـيـران الـمـدنـي باغـلاق الـمطار امام الـملاحـة الجـوية وابقـي فيـها قـوة عسـكرية ضـاربة وتـحـسـبآ لاي مـفاجـاءات.


    وفـي القاهـرة، وتحـديـدآ بـمطار القاهـرة تـم اخـطار نـميـري باسـتـحالة اقلاع طـائرته للسـودان بسـبب الاجـراءات التـي قام بـها سـوار الدهـب وانـذاره بضــرب الطائرة ان حـامت فوق سمـاء الـخـرطوم. ورفـض الطيار السـوداني ان يقلع بالنـميـري ووفـده للـخرطوم فاسـتـدعاه نـميـري لغـرفة كـبار الزوار وراح يـؤنبه ويـذكـره انه رئيـسـه وعليـه اطـاعه الاوامـر فاعـتـذر الكابتـن مـؤكـدآ خـطورة الــطيران للسـودان فـي مـثل هـذه الظروف، فانفعـل نـميـري (والذي كـان اصـلآ مـنفعـلآ ومـنـذ بداية سـماعـه البيان الاول!) فـصـفـع الكابتـن صـفعـة شديـدة اضـطر ومـعـها ان يتـدخـل الرئيـس الـمصـري حـسـنـي مـبارك الذي كـان مـتواجـدآ وقتـها مـع نـمـيـري بغرفة كـبار الزوار بالـمطار ان يقتــرح عـلي النـمـيـري البقاء بـمـصـر هـو وزوجـته ومـن يشـاء مـن اعـضـاء الوفـد.

    تـم اذاعـة خـبـر لجـــوء النـميـري بـمصـر وانه لـن يـعـود للسـودان، فـخـرجـت الجـماهــيـر تسـخـر مـنـه وتغـنـي..( مـاقالـوا بـجــئ مـالـو مـاجـاء!!!).

    فـي هـذا اليوم ( 6 ابريـل 1985 )....انـطوت تـمـامـآ صـفـحـة نمـيـري الذي حـكم البلاد وطوال سـتة عــشـر عـامـآ!!
                  

04-01-2008, 04:18 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    من منا لـم يردد كلمات الشاعر الكبير مـحجـوب شـريف اثناء مظاهـرات 6 ابريل 1985 وبعـد سـماع البيان الاول من سـوار الدهـب وانحـياز القوات المسلحة لجـانب الشارع المنتفض. رددت الجـماهيـر :

    بلا وانجلى

    بلا وانجلى

    حمد الله الف على السلامه.

    -----------------------------


    بلا وانجلى

    بلا وانجلى

    حمد الله الف على السلامه

    انهّ كتف المقصله

    والسجن..

    ترباسو انخلع

    تحت انفجار الزلزله

    والشعب..

    بى أسرو اندلع

    حرر مساجينو اندلع

    قرّر ختام المهزله

    يا شارعاً..

    سوّا البدع

    اذهلت أسماع الملا

    كالبحر..

    دواى الجلجه

    فتحت شبابيكا المدن

    للشمسِ

    واتشابا الخلا

    *

    شفت البنادق فى السما

    الظبط والربط انتمى

    للشعب..

    شعب الملحمه

    الصرخه كانت همهمه

    والهبه كانت ململه

    *

    سداً منيعاً يا وطن

    يا شعب وهّاج الفطن

    للظلم يوماً ما ركع

    مهما جرى

    تباً لعهد السمسره

    والنهب..

    ثمّ السمسره

    سداً منيعاً يا وطن

    صه يا طنين البلبله

    أبدا ً لحكم الفرد..

    لا

    بالدم لحكم الفرد..

    لا

    تحيا الديمقراطيه

    كم نفديك يا مستقبلا

    بلا وانجلى

    بلا وانجلى

    حمد الله الف علي السلامه

    انهدّ كتف المقصله
                  

04-01-2008, 06:49 AM

malamih

تاريخ التسجيل: 01-28-2003
مجموع المشاركات: 2781

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    (اعـطـي سـوار الـدهب تعليـماته لـمـدير الطـيـران الـمـدنـي باغـلاق الـمطار امام الـملاحـة الجـوية وابقـي فيـها قـوة عسـكرية ضـاربة وتـحـسـبآ لاي مـفاجـاءات.)


    العزيز بكري الصايغ

    لم يصدر المشير سوار الدهب تعليماته بإغلاق مطار الخرطوم أمام الملاحة

    الجوية !! بل تم قفل المجال الجوي بواسطة نقابة الطيران المدني,,

    و أخص ضباط المراقبة الجوية الذين إنضموا للإضراب السياسي العام عقب

    مظاهرة الأربعاء 3 أبريل والتي سيرها التجمع النقابي!!

    سأعود بتفاصيل أكثر,,
                  

04-01-2008, 11:02 AM

اسعد الريفى
<aاسعد الريفى
تاريخ التسجيل: 01-21-2007
مجموع المشاركات: 6925

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    اخى بكرى
    و اخى ملامح
    التحية و الاشواق
    و لا أملك إلا أن اردد مع أختى الخنساء ابياتها على (صخر)و ليس (الانفاضة)
    يزكرنى طلوع الشمس صخرا ........ و اذكره لكل غروب شمس
    و لولا كثره الباكين حولى .......على اخوانهم لقتلت نفسى
    وما يبكون على اخى ولكن ........اعزى النفس عنه بالتاسى
    فلا والله لا انساك ........ حتى افارق مهجتى و يشص رمسى
    فيالهفى عليه و لهف نفسى ........ ايصبح فى الضريح وفيه يمسى

    أما اخى المتنبئ ..فقد قال فى شأن أخر
    ما كل ما يتمنى المرء يدركه ........ تجرى الرياح بما لا تشتهى السفن
    رايتكم لا يصون العرض جاركم ........ و لا يدر على مرعاكم اللبن..
                  

04-01-2008, 03:18 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    الأخ الـحـبيب الـحبوب،
    malamih


    تحـية الـود والأعـزاز،
    والشـكر عـلي قدومك الـمـقدر،
    ومـنتـظـرين مساهـمـاتك.

    بـخـصـوص تعليقك اقول : تعـددت الوثائق وماعـندي مـن أوراق وقـصـصـات قـديـمة تقول شــئ ... وانت عـندك اشـياء اخـري، فلنسـمع مـنك فلربـما كنت انت مـن أهـل الـطيـران الـمدني وقتـها، عـندها اقـول;
    ( وقـطعـت جـهـيزة قـول كل خـطـيب ).. او ( لايـفتـي احـدآ ومـالك في الـمدينة ).

    لك مـودتـي.

    ----------------------------------------------------------

    6 أبـريل 1985 :
    _________________

    زحـفت الـجـماهـيـر الـحـاشـدة بـعـد اذاعـة البيان العسـكري الأول
    صـوب سـجـن ( كـوبـر ) واقتـحـمته وهـي تـهـتف ( لاالسـجـن ولاالسـجـان باق ) ولـم يبـدي حـراس السـجن اي نوع مـن الـمقاومة. مـاهـي ولـحـظات حـتـي كـانت الزنازين خـالية مـن الـسجـناء.
    حـمل الـمتظاهـرون الـدكتور الجـزولـي دفـع اللـه عـلي الأعـناق مـن الخـرطوم بـحـري وحـتـي الـخرطوم شـارع القصـر حـيث كـانت الالـوف مـحـتـشدة هـناك.

    كان حـسـن التـرابي وقـتها ايـضآ مـحـبوسـآ بسـجـن (كوبر) وزنزانته تـجـاور زنـزانة الدكـتور الـجـزولـي، ولكن لااحـدآ من الـمتظاهـريـن اهـتـم به او عـبـره، وتـجـاهلته الـجـماهـيـر وحـملت الـجـزولـي علي الاعـناق، كـانت الـجـماهـيـر تعـرف ان التـرابـي واحـدآ مـن ( السـدنة )
    الكبار وانه كـان مسـتشار النـميـري بالقـصـر ... هـو الذي اوعـز لنـميـري وان يـعدم الشـيـخ مـحـمود مـحـمـد طـه... تـجـاهلت الـجـماهـيـر التـرابـي لانه كـان واحـدآ مـن صـناع قـوانييـن سـبتـمبـر البغيـضة.

    وماان وصـل مـوكـب الـخـرطوم بـحـري للـخـرطوم والجـزولي فـوق الاعـناق
    وهـو بـملابس رثة عليـها بـصـمات الاف الـذين حـملوه حـتـي تـدافعـت الجـماهـيـر نـحوه تـهـتف فـي حـماس بالغ وفرح شــديـد.

    اكـثـر ماازعـج الناس فـي هـذا اليوم تلك الاخـبار التـي تقول ان اعـضـاء جـهاز الأمـن وبعـد اعـتقال سـوار الـدهـب لكـبيـرهـم اللواء عـمر مـحـمد الطيب هـددوا بنسـف الـخرطـوم ومـن فيـها ان تـجـرأ الـمجـلس العسكـري الـحاكـم بـحـل جـهاز الأمـن القـومـي.

    وجـاءت اخـبار اخـري تـؤكـد تـحـصـن رجـال الامـن القـومـي فـوق اسـطـح عـمارات الأمـن بكامل اسـلـحـتهم الثقيلـة مـهـدديـن كل مـن يقتـرب مـن هـذه الـمباني بـحـي الـمطار بقتله واطـلاق الرصـاص عـليه.

    تـوجـهت احـدي الـمظاهـرات قاصـدة مـباني جـهازالامـن لـهـدها تـمامـآ وكـسـجـن ( كـوبر ) فـهالـها حـجـم القوة الـمسلحـة الضـاربة التـي تـحـرس البيانات، ولـم يـملك الـمتظاهـرون الا ان يقفــوا بعـيـدآ ويهـتفون ضـدهـم ويرفعـون اللافتات والاعــلام.
                  

04-01-2008, 03:59 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    الأخ الـحـبيب الـحبوب،
    أسـعـدالريـفـي،
    تـحـية طـيبة،
    وقلوبنا مـعـكم وانتـم تـواجـهون الـهجـمة الضارية عليـكم حـتـي لاتكتبوا
    الامـايرضـي السلـطة والنظام الفاسـد.

    نشـــد من ازركـم ونشـيـد بـصلابتكـم.

    الغريب فـي الامـر انه وتـمامآ مـثل هـذه الايام من قبل 23 عـامآ اي فـي الاول مـن ابريل1985 كانت الصـحـف خاضـعة للرقابة الشـديـدة مـن قبل جـهازالأمـن القـومـي حـتـي لاتـنشـر الصـحـف اخـبار انتفاضـة الشارع وسـقوط مـئات الـضـحايا!!

    لك مـودتـي.

    -----------------------------------------

    6أبريل 1985:
    _____________

    فـي غـمـرة الافـراح العارمـة بنـجاح انتفاضـة الشـعـب راح بعـض الناس ويـمزقون العمـلات الورقيةالتـي تـحـمل وقتـها صـورة النـميـري.

    الأف القطع الورقيـة تناثرت هـنا وهناك تـحـت اقـدام الـمتظاهـرين يـدوسونها باحـذيتهـم وهـم سائرون فـي مـظاهـراتهـم.

    والغـريب فـي امـر هـذه الـمظاهـرات ان لااحـدآ فيـها كان يرفع او يلوح بعلم السـودان الـحالي،طـغـي العلم القديـم بلونه الأزرق والاصــفر والاخـضـر عـلي كل الشـعارات الـمكـتوبة وعـلي اللافتات وكـل هـذا جـاء بعـفوية شـديدة ولـم تكن هـناك اي جـهـة سـياسـية اوحــزبية قـد وجـهـت المواطنييـن بـحـمل علـم السودان القـديـم!

                  

04-01-2008, 05:33 PM

Nazik Eltayeb
<aNazik Eltayeb
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 2357

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    يالها من ايام. تلك ايام تغفر لكل سوداني شارك في صنع احداثها ذنوب تجاهله للوطن العظيم في وقت ما . هذا الوطن كبير كبير لكن وااسفي علي يوسف . كان مارس ابريل كلمات كتبها الشعب المعلم تصعب قرائتهاعلي الكثير من الشعوب. لكن الذئاب التي رأت الشعب في ذلك اليوم قد تجاوزها كانت قد اتخذت قرارها بنهش عنق هذا الشعب فلا يعلو صوت بالهتاف و لا ينبض بحب الوطن فوئدت الديمقراطية الوليدة التي كانت قادرة( لو منحت الفرصة لتنمو ويشتد عودها) ان تغسل احزان الوطن بكل اجزائه وتمضي به للامام صانعة امة من عدل واخاء ومساوة و رخاء امة شعب في حضرة جلاله يطيب الجلوس مهذب امامه يكون الكلام.

    Quote: لااحـدآ فيـها كان يرفع او يلوح بعلم السـودان الـحالي،طـغـي العلم القديـم بلونه الأزرق والاصــفر والاخـضـر

    يا سلام فتشت كل اعلام الدول لقيت علمنا الاصلي ما علم نميري قاعد وما في دولة شالتو ذي ما حاولو يفهمونا والدولة الوحيدة العلما بشبها علمنا هي القابون لكن بالمقلوب (الاخضر فوق ) وعلم رواندا الجديد لكن علم رواندا الجديد الاخضر لحدي المنتصف بعدين في النصف الاخر الاصفر والازرق مع شعار.

    ياريت اشاء كتيرة تتغير . تغير العلم رمز مهم بس ياريت يتغير في استقلال تاني قريب انشاء الله.
                  

04-01-2008, 04:51 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    6 أبريل1985:
    ______________

    بـعـد ان قرر نـميـري البقاء فـي مـصـر لاجـئآ هـو وزوجـته واحـد حـراسـه الـخـصـوصييـن مـنعت الـحكومةالـمصـرية نـميـري مـن الادلاء باي تـصـريـحات صـحـفية او اللقاءمـع الـمراسـلييـن الاجـانب. وجـاء هـذا الاجـراء حـرصـآ مـن الـحكومةالـمصـرية علي عـدم التدخل فـي الشـؤون الداخلية للوضـع الجـديـد فـي السـودان ..ومـنـعآ لتـصـعيـد التوترالذي نجـم عـن مـطالبةالجـماهـيـر السـودانية للحكومة المـصرية تسـلـميهـم نـميـري الـموجـود بالقاهـرة لتـقديـمه للـمحـاكـمة بالـخـرطوم.

    شـددت الـحـراسـة عـلي كـل تحـركات للنـميـري ومقابلاته مـع زمـلاءه السودانييـن وضــيوفه بالقاهـرة.

    اكتشـفت الـمخابرات الـمـصـرية ان نميـري كـان يحـاول اجـراء اتـصالات مـع بـعض الضباط الـمايـويين بالقوات المسلحـة وبعـض اصـدقاءه القـدامـي بالاتـحادالاشـتـراكي الـمنحـل.

    والزمـت نـميـري بـعدها ان يبتـعـد عـن السياسـة ويـحـتـرم قانون اللـجـؤ واصـول الـضيــافة.

                  

04-01-2008, 05:41 PM

يسرى معتصم
<aيسرى معتصم
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 4033

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    العم الكريم / بكرى
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    بعد الإنتفاضة بأشهر قليله هل تصدق قابلت الرئيس نميرى مع قريبى فى أحد المكاتب فى مكان سيادى وسرعان ماغادر بعد لقائه مع قريبى وصديقه وهو مغطى وجه بالعمه وقد وصل الخرطوم عن طريق ليبيا حتى أننا وجدنا باقى الفطور سمك موضوع فى جريده .وغادر راجعآ بنفس الطريق إلى مصر
    دى ماكذبة إبريل وأخى الأكبر عضو المنبر محمد المعتصم شاهد على ذلك
    لك الود
                  

04-01-2008, 06:18 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    رُزنامة الأسبوع:

    إنتَهَت اللعْبَة!

    THE GAME IS OVER!
    ---------------------------
    كمــال الجـــزولي


    (1)

    ضحى الثاني من أبريل 1985م.
    _______________________________


    سيارة مسرعة تعبُر جسر النيل الأبيض باتجاه أم درمان ، ومنصة منصوبة قبالة الواجهة الجنوبية للقصر الجمهوري بالخرطوم. خلف مقود السيارة رجل يسابق الزمن ، متمنياً لو أن ساعات اليوم تطول أكثر من مجرد أربع وعشرين ، وفوق المنصة ثلة من كولونيلات النميري ودكاترته وموظفي اتحاده الاشتراكي ، يتناوبون الهدير بكلام لا يدركون ، بينما يدرك الآخرون أجمعهم ، أن نصفه محتشد حتى أسنانه بالمفارقات ، ونصفه الآخر فارغ تماماً من أي معنى! فأبو ساق يُهَسْتِر محرضاً: ''أضربوهم ضرب العقارب'' ، دون أن تكون لديه أدنى قدرة ليعرف مَن سيضرب مَن خلال الأيام القليلة القادمة! وأبو القاسم يبتدئ كل جملة بحرف التوكيد والنصب (إن) ، دون أن يفكر حتى في ما سينتهي إليه من (خبر) لتلك الـ (إن)!

    وفي الحقيقة كان يلفهم أجمعين شعور عميق باليُتم ، جراء التوقيت غير الموفق الذي اختاره (رئيسهم القائد) كي يغيب عنهم ، يومها ، في أمريكا ، ويتركهم يواجهون وحدهم جماهير المستضعفين ، بعد أن هيجها عليهم بقوله ، في آخر خطبه ، ما لم تقله ماري أنطوانيت في زمانها عن .. (البقلاوة)! وإلى ذلك كان ثمة إحساس عارم بالغبن يعتمل في صدورهم ، يطيلون ، تحت وطأته ، التحديق ، بأعين واجفة وشفاه طبشورية ، في جمع هزيل وقف أمامهم يصطلي ، مغلوباً على أمره ، بشواظٍ شمس آخذة في التلهب ، بينما غالبيته ما تنفك تتضجر من الطريقة التي جرجروها بها ، حتف أنفها ، إلى ذلك المكان ، حيث لم يفلح سماسِرة المواكب في اصطياد عدد أكبر ، برغم المال السائب الذي جرى تبديده ، كالعادة ، ولكن للمرة الأخيرة ، في تحشيد ما أسموه ، يوم ذاك ، ويا كَم كانوا فالِحين ، فقط ، في اصطناع التسميات ، بـ .. (موكب الردع)!

    كان المُستهدَف بذلك (الردع) الحِراك النقابي والسياسي الذي علت هِمته ، أيامها ، أكثر من أي وقت مضى ، وإلى الحد الذي زرع ، ربما لأول مرة ، خوفاً حقيقياً في نفوس أولئك السادة الذين ما كانوا يتقنون غير التبضع بالشعارات الخاوية ، والتلهي بالكلام الساكت ، فإذا التبضع والتلهي لا يورثانهم ، في ذينك الزمان والمكان ، سوى الإحساس المرعب ببداية النهاية يسرى في دواخلهم مسرى الدم ، تماماً كجرذان السفينة المشرفة على الغرق!

    ومن عجب أن الرجل الذي كانت معلوماتهم الأمنية تشير ، ساعتها ، إلى أنه هو المُنسق الأساسي للحراك/المؤامرة ، هو أمين مكي مدني الذي كان جالساً ، في تلك اللحظات نفسها ، خلف مقود سيارته ، وهي تنهب الأرض نهباً ، في وضح النهار ، وتمرق ، كما السهم ، من جسر النيل الأبيض باتجاه بيت الصادق المهدي في أم درمان!


    (2)

    مساء الثامن عشر من يناير 1985م.
    ____________________________________


    غداة إعدام الشهيد محمود محمد طه في السابع عشر من يناير ، إجتمع ، سِراً ، ممثلو ثلاثة عشر نقابة ، على رأسها المحامون والأطباء والمهندسون والتأمينات وأساتذة الجامعات ، ليؤسسوا (التجمع النقابي) ، وليتداولوا خيارَي الاضراب أو تسيير موكب يسلم رئيس الجمهورية مذكرة تطالب بإطلاق الحريات والحقوق ، وبالأخص حرية العمل النقابي ، وإلغاء قانون النقابات ، وضمان استقلال القضاء ، والجامعات ، وحرية البحث العلمي ، واعتماد الحل السلمي لما كان يُسمى ، حينها ، بـ (مشكلة الجنوب) ، فضلاً عن رفع المعاناة عن كاهل الجماهير ، وما إلى ذلك. وبدا الرأي الغالب أميَلَ للمزاوجة بين الخيارين.

    من جهتها ، كانت أحزاب الأمة والاتحادي والشيوعي قد عكفت ، أصلاً ، ومنذ العام 1984م ، على بلورة (ميثاق) يوحد العمل الوطني الديموقراطي للاطاحة بالنظام بين أطراف جبهة المعارضة ، بما فيها الكتلة السياسية التي كانت قد ائتلفت ، قبل سنوات من ذلك ، مع حزب البعث ، في ما عُرف بـ (تجمع الشعب السوداني).


    (3)

    صباح السادس والعشرين من مارس 1985م.
    _--------------------------------------


    بادر طلاب جامعة أم درمان الاسلامية بالضربة الأولى على رأس المسمار ، حيث سير اتحادهم موكباً جسوراً جاب وسط المدينة ، لتلتحم معه أعداد غفيرة من الكادحين في منطقة السوق. وإن هيَ إلا ساعات حتى كانت أصداء الحدث تتمايح ، رويداً رويداً ، وتنداح إلى كل مواقع العمل والسكن في العاصمة المثلثة. وبدأت الجماهير تتدفق إلى الشوارع تدخل في صدام مكشوف مع ما عُرف ، آنذاك ، بـ (نظام الجوع والارهاب). فإذا بعطر أكتوبر يضوع ، بسرعة البرق ، وإذا بالشعب يغدو واضحاً أنه على أتم الاستعداد للفداء في سبيل الاطاحة بالنظام ، وإذا بذلك كله يطرح من المهام ، أمام القوى النقابية والسياسية ، ما استوجب الاسراع بالتصدي له!

    (4)

    صباح الثامن والعشرين من مارس 1985م.
    --------------------------------------

    حدث مفاجئ كاد يربك حسابات التجمع النقابي! إجتمعت الجمعية العمومية للهيئة النقابية الفرعية لأطباء مستشفى الخرطوم بقيادة نقيبها أحمد التيجاني الطاهر ، وقررت الاضراب ، منفردة ، حتى الثلاثين من مارس ، إحتجاجاً على القمع الوحشي الذي واجه به النظام المتظاهرين في الشوارع طوال اليومين الماضيين ، وكان من نتائجه اكتظاظ المشرحة والعنابر وعيادات الطوارئ بالشهداء والجرحى. أصدرت الفرعية بياناً أعلنت فيه قرارها ، ودعت فيه مركزيتها ، بقيادة نقيب الأطباء الجزولي دفع الله ، وسائر النقابات الأخرى ، للدخول في إضراب سياسي لإسقاط النظام!

    صار لا بُد من عقد اجتماع عاجل للتجمع النقابي لاتخاذ قرار حاسم بشأن تلك الخطوة ، إما بالاستمرار في التحضير للموكب والمذكرة ، أو بالدخول ، فوراً ، في إضراب يؤازر تلك الفرعية. واستقر الرأي ، عبر اتصالات سريعة ومضنية ، على عقد ذلك الاجتماع مساء نفس اليوم ، بدار نقابة المحامين القديمة بشارع كلوزيوم بالخرطوم.


    (5)

    مساء الثامن والعشرين من مارس 1985م.
    --------------------------------------

    في الموعد المحدد للاجتماع ، وقع حدث آخر كاد يربك ، أيضاً ، حسابات الجميع! تقاطرت ، فجأة ، إلى دار النقابة ، ومن كل أنحاء العاصمة المثلثة ، جموع غفيرة من المحامين الذين اتضح أن تسريباً مغلوطاً قد وصل إليهم يدعوهم للاحتشاد هناك! أياً كان الأمر ، فقد أمسى مناخ الدار غير مناسب لعقد الاجتماع! بل لقد تعذرت تماماً ، وسط ذلك الحشد الذي كان في أعلى درجات التعبئة ، حتى مواصلة التشاور الموسع حول ما يمكن عمله لإنقاذ الوضع ، والذي بدأ ، تلقائياً ، بين العدد القليل من الحاضرين من مجلس النقابة وبين بعض المحامين الناشطين في معاونة المجلس من خارجه ، وكنت واحداً منهم. فاقترح النقيب ميرغني النصري الدخول إلى مكتبه لإتمام التشاور بهدوء وسرعة!

    داخل مكتب النقيب كنا ما بين 12 ـ 15 شخصاً ، وكان وكيل النقابة ، حينها ، عمر عبد العاطي ، واقفاً على الباب يسد مصراعيه بجسمه من الداخل. لكن ما أن بدأنا الحديث ، حتى سمعنا طرقاً على الباب ، وحركة دفع وجلبة غير عاديتين. قطعنا الحديث ، واضطر عمر لفتح الباب ، فكان بمستطاع كل منا أن يرى ، بوضوح ، أن وريقة قد سُلمت لعمر ، وأنه بدأ يطالعها وهو ما يزال واقفاً بالباب من الداخل ، وأن أربعة غرباء يقفون بالباب من الخارج ، على حين كان مشهد المكتب مكشوفاً لأربعتهم بالكامل!

    لحظات ، ثم التفت إلينا عمر قائلاً بصوت جهوري:

    ـ ''يا أساتذة .. الجماعة ديل من الأمن ، ومعاهم أمر قبض على بعض الأسماء ، فرجاءً البسمع إسمو يطلع ليهم: عمر عبد العاطي ، سليم عيسى ، أمين مكي مدني ، مصطفى عبد القادر ، كمال الجزولي ، و ..''!

    أسماء أخرى أنستنيها الذاكرة الضعيفة. غير أنني أذكر جيداً أن أمين مكي كان غائباً بلندن ، وقتها ، ولم يعُد إلا في الثلاثين من مارس ، وأن أفراد الأمن لم يتعرفوا ، في ما بدا واضحاً ، على أغلب المطلوبين ، بما فيهم عمر نفسه ، علاوة على أن إيماءات ندت عنهم أوحت بأنهم قد تعرفوا علينا ، مصطفى وشخصي ، فلم يكن ثمة مناص من إنهاء المسألة بخروجنا معهم .. وفوراً!


    (6)

    صباح التاسع والعشرين من مارس 1985م.
    ---------------------------------------

    بتنا ليلتنا تلك في زنازين الجهاز. وفجر اليوم أخرجونا إلى حيث كان بانتظارنا ميني بص صعدنا إليه فوجدنا بداخله كلاً من بكري عديل والجزولي دفع الله ومحمد الأمين التوم وحسين أبو صالح ومروان حامد الرشيد ومامون محمد حسين ، فضلاً عن البطلين: محمد احمد سلامة رئيس اتحاد جامعة أم درمان الاسلامية ، ومحي الدين محمد عبد الله سكرتير الاتحاد. فعلمنا منهم أنهم اعتقلوا جميعاً مساء البارحة ، وأنهم باتوا ، مثلنا ، في زنازين الجهاز.

    إتخذ الميني بص طريقه باتجاه الشمال ، وغشي سجن كوبر ، حيث أنزلوا مروان ، ثم واصل سيره ، طاوياً بحري وريفها الشمالي ، حتى بلغ بنا إلى سجن دبك على الضفة الشرقية للنيل!

    أودعونا عنبراً تفوح منه رائحة الخفافيش النافقة ، في قِسم به عنبر آخر مشابه فتحوه ، في اليوم التالي ، لاستقبال منسوبي حركة الترابي المعتقلين ، والمُرحلين إلى هناك من سجن سواكن. وكانوا ، إلى ما قبل أسابيع من بداية الانتفاضة ، حلفاء للنميري الذي ما لبث أن شن عليهم جردة اعتقالات وملاحقة في إطار (نكبة البرامكة) التي حلت بهم آنذاك!

    بدا واضحاً أن القِسم ظل مغلقاً لسنوات ، وأنه جرى تجهيزه ، على عجل ، لاستقبالنا ، لكن بيئته كانت ما تزال رديئة ، حتى أن بكري عديل فضل أن يسحب سريره من داخل العنبر ليستقر به تحت ظل شجرة أمامه. وسرعان ما أصبح ذلك السرير ملتقى سحابات نهارنا ، نناقش ، ونحلل ، ونحاول ، في عزلتنا تلك ، حيث لا جرائد تصل ولا راديو يُسعِف ، استقراء ما قد تكون سارت عليه الأحداث منذ اعتقالنا!


    (7)

    مساء الأول وضحى الثاني من أبريل 1985م.
    -----------------------------------------------

    يعلمنا ، لاحقاً ، أن التجمع النقابي تمكن من تجاوز ارتباك أمسية الثامن والعشرين من مارس ، وأن مشاوراته تواصلت باتجاه تسيير موكب ، حدد له الثالث من أبريل موعداً ، لتسليم مذكرته إلى السلطة ، وأنه عقد ، مساء الأول من أبريل ، عشية (موكب الردع) ، أحد أهم اجتماعاته ، على نجيل نادي الخريجين بالخرطوم بحري ، حيث خلص إلى وضع تصوره النهائي للموكب ، وللمذكرة ، ولتصعيد المواجهة ، ثم كلف أمين مكي بحمل تلك المقترحات إلى القوى السياسية.

    هكذا ، وعندما وصل أمين إلى منزل الصادق ، ضحى اليوم التالي ، الثاني من أبريل ، في سباق مع (موكب الردع) ، كان الأخير يتأهب للاختفاء تفادياً لشل حركته في تلك الظروف. هكذا ، وعلى عجل ، سلمه أمين تصور النقابات ، واستلم منه الميثاق المقترح من القوى السياسية ، مكتوباً بخط يده ، كما حصُل منه ، مثلما كان قد حصُل ، قبلها ، من القوى السياسية الأخرى ، على دعم وتوجيه بالمشاركة في موكب الغد ، ثم اتفق الرجلان على استمرار اتصالاتهما عن طريق المرحوم عمر نور الدائم والمرحوم صلاح عبد السلام وآخرين.

    خرج أمين من بيت الصادق ، ليلحق باجتماع سكرتارية التجمع النقابي ، عند الظهر ، بمكتب عثمان عبد العاطي في وسط الخرطوم ، حيث استنسخت صور من بيان جماهيري أعِد لأغراض الموكب ، يزاوج بين أعم مشتركات النقابات والأحزاب. وفي المساء انعقد اجتماع آخر للتجمع النقابي في منزل بمنطقة كوبر ببحري ، وُضِعت فيه اللمسات الأخيرة على جهود التحضير للموكب والمذكرة.

    (8)

    نهار الثالث من أبريل 1985م.
    -.------------------------------

    غير مسبوق ، بكل المعايير ، هذا الانفجار الجماهيري الذي ظل يشهده وسط الخرطوم ، منذ الصباح الباكر. فقد أخذت جموع المواطنين والعاملين تتقاطر ، على بكرة أبيها ، وتتجمع ، نساءً ورجالاً ، شيباً وشباباً ، حتى الكسيح جاء محمولاً على ظهر الأعمى ، لتتدفق أنهاراً ، ومن كل فج عميق ، صوب شارع القصر ، تملأه حتى يفيض ، من السكة حديد إلى ساحة الشهداء ، وتتمركز ، بالأخص ، في ما يشبه التحدي لموكب (ردع) البارحة ، في ذات الساحة! لكن .. شتان بين هذا الطوفان البشري الهادر ، وبين ذلك الجمع الهزيل الذي تمت جرجرته بالأمس إلى هنا ، ليستمع ، متضجراً ، إلى مبتدءات (إن) التي لا (خبر) لها ، وليتلقى ، مستهزئاً ، تحريضات (ضرب العقارب) في الجحور! لقد كان أكتوبر آخر يتخلق في تلك اللحظة ، وساعة النظام قد أزفت لا ريب فيها!

    في ما بعد حدثني عمر عبد العاطي ، قال:

    ـ ''رغم كل الجهد الذي بذلناه في صياغة بيان التجمع النقابي كي يجئ معبئاً للجماهير بقوة ، إلا أنني ، وأقسم بالله العظيم ، حين رفعوني بالقرب من سور مستشفى الخرطوم لألقيه ، وواجهت مئات الآلاف من العيون التي تقدح شرراً ، وغضباً ، ورفضاً ، وتصميماً ، أحسست بالقشعريرة تسري في أوصالي ، وتأكد لي أن كارثة ما ستحيق ، حتماً ، بنا ، نحن أنفسنا قادة ذلك الموكب المهيب ، إذا لم أتصرف أثناء الإلقاء ، على نحو ما ، باختزال بعض فقرات ذلك البيان وعباراته ، وبشحن الأخريات بشحنات إضافية من مزاج تلك اللحظة الشعبية المتفجرة بالسخط والثورة .. وقد كان''!


    (9)

    الرابع والخامس من أبريل 1985م.
    --------------------------------

    أخذت في التصاعد ، أكثر فأكثر ، حركة النقابات والأحزاب ، واكتظت الشوارع بالهتافات الداوية ترفع شعارات الاضراب السياسي ، والعصيان المدني ، وتدعو لإسقاط النظام ، والقصاص من قادته ورموزه ، في ذات الوقت الذي راح يستعر فيه نشاط جهاز الأمن متجاوزاً لكل الحدود ، حتى لقد ازداد تساقط الشهداء ، وعلى رأسهم الشهيد عبد الجليل طه ، والشهيد أزهري مصطفى ، والشهيدة الطفلة ذات العام الواحد مشاعر محمد عبد الله ، وغيرهم ، جراء إطلاق زبانية النميري الذين اندسوا وسط المتظاهرين رصاصهم الحي عليهم من مسافات قريبة لا تزيد على المترين! وضاقت الزنازين بالمعتقلين ، ما أنْ تفرغهم شاحنات الأجهزة بالمئات في السجون ، حتى تعود لتمتلئ بغيرهم! وإلى ذلك عاثت الهراوات الغليظة ، والعصي الكهربائية ، تنكيلاً في جموع الثوار العُزل إلا من تصميمهم على إسقاط النظام البغيض. وانتشر الغاز المسيل للدموع في الشوارع والساحات يلوث هواء المدينة ، ويتسلل من فرجات الأبواب والنوافذ إلى غرف المستشفيات والبيوت. وصحف النظام ما تفتأ ، أثناء ذلك ، تلعب دورها المرسوم ، فتختزل الطوفان بأسره في محض ''عناصر مخربة تحدث بعض الشغب!'' ، و''غوغاء يخربون ممتلكات المواطنين!'' ، و''فلول أحزاب عقائدية تطل برأسها من جديد''! كل ذلك بأمل محاصرة وإيقاف المد الشعبي الزاحف بإصرار ، والذي لم يشهد النظام له مثيلاً من قبل .. ولكن هيهات!

    ظلت بيانات ومنشورات القوى السياسية والنقابية تصدر ، أثناء ذلك ، ممجدة لانتفاضة الشعب الباسلة ، ومحرضة لجماهيرها على التمسك بأهدافها الباسلة ، وعلى الاستمرار في الاضراب وتوسيع قاعدته. وفي صلاة الجمعة ، بتاريخ الخامس من أبريل ، ظهر الصادق المهدي ، فجأة ، بين أنصاره ، يؤمهم بجامع السيد عبد الرحمن ، مفتتحاً الخطبة بقوله تعالى:

    ''حتى إذا اسْتَيْئَسَ الرسُلُ وظنوا أنهُم قد كُذبُوا جاءَهُم نصرُنا فَنُجيَ مَن نشاءُ ولا يُرَد بَأْسُنا عن القوم المُجرمين'' (110 ؛ يوسف)

    وحيا حيوية الشعب وإقدامه ، ونبه إلى أن شعاعات الصبح قد أسفرت واتحدت الكلمة ، وحض على مواصلة الانتفاضة حتى سقوط النظام ، ثم ما لبث أن نزل من المنبر ، ليعود للاختفاء ، متسللاً من باب خلفي!


    (10)

    مساء الخامس وفجر السادس من أبريل 1985م.
    -----------------------------------------------

    توالى حضور مندوبي التجمعين النقابي والحزبي إلى المنزل الذي جرى تأمينه ، بحي العمارات بالخرطوم ، لعقد أول اجتماع مشترك بين الطرفين بشكل مباشر ، بعد أن كان التنسيق غير المباشر يتم بينهما ، حتى ذلك الوقت ، عن طريق أمين مكي الذي اختفى عقب موكب الثالث من أبريل مباشرة ، ثم حضر مساء اليوم إلى مكان الاجتماع بصحبة عمر عبد العاطي ، مندوب المحامين الذي اختفى هو الآخر. وحضر عبد الرحمن إدريس عن الأطباء ، وعوض الكريم محمد احمد عن المهندسين ، وعبد العزيز دفع الله عن التأمينات ، وعلي عبد الله عباس عن أساتذة جامعة الخرطوم. كما حضر المرحوم عمر نور الدائم والمرحوم صلاح عبد السلام عن حزب الأمة ، وسيد احمد الحسين والمرحوم ابراهيم حمد عن الاتحاديين ، ومحجوب عثمان عن الشيوعيين.

    كان الاجتماع عاصفاً ، تخللته حِدة وملاسنات وعنفٌ لفظي متبادَل ، خاصة بين عبد الرحمن إدريس وعمر نور الدائم ، مِما كاد يودي به إلى الفشل في أكثر من لحظة ، لولا تدخلات محجوب عثمان!

    تركزت نقاط الخلاف ، أساساً ، حول رئاسة الوزراء الانتقالية التي كان التجمع النقابي يطالب بها ، وإلى ذلك مطالبته بأن تخصص له نسبة 60% من مقاعد مجلس الوزراء الانتقالي ، علاوة على مطالبته بأن تكون الفترة الانتقالية ثلاث سنوات ، مقابل مطالبة الأحزاب بألا تتجاوز الفترة سنة واحدة.

    أخيراً ، وعند الثالثة من صباح السادس من أبريل ، تمكن الاجتماع من التوصل إلى صيغة توافقية لما صار يُعرف بـ (ميثاق التجمع الوطني الديموقراطي) ، صاغها أمين مكي بخط يده ، وأرفق معها ، وفق ما قرر الاجتماع ، النقاط الخلافية التي كانت ما تزال عالقة حتى ذلك الحين ، لكن لم يُعلن عنها مطلقاً في أي وقت بعد ذلك! واستطراداً ، فقد تم تجاوزها ، عملياً ، في ما بعد ، وبالأخص الخلاف حول مدى الفترة الانتقالية ، حيث تنازل التجمع النقابي عن مطلبه بشأنها حين قامت لديه استرابة جدية في الأسلوب الذي جرى به الاعلان عن تشكيل المجلس العسكري الانتقالي ، والمناورات التي انتهجها في أيامه الأولى ، فأوحت بتطلعه للعب دور سياسي أكبر في تقرير مصير الانتفاضة!

    على حين كان اجتماع (التجمعين) ذاك ما يزال منعقداً ، كان ثمة حدثان آخران ، لا يقلان جسامة ، يجريان على جبهة النظام وما تبقى له من (فتافيت) السلطة!

    فمن ناحية كان كبار قادة القوات المسلحة ، وقتها ، يعقدون اجتماعاً تاريخياً آخر ، في القيادة العامة ، مع المشير سوار الدهب ، القائد العام ووزير الدفاع ، ويضغطون عليه ضغطاً مكثفاً كي يوافق على إعلان انحيازهم للانتفاضة بالاطاحة بالنظام ، ورئيسه ، وأجهزة حكمه. وقد نجحوا في ذلك ، بالفعل ، مع الساعات الأولى لفجر السادس من أبريل!

    لكن ، من الناحية الأخرى ، وفي ذات تلك اللحظات العصيبة ، كان اللواء عمر محمد الطيب ، النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس جهاز الأمن ، يحاول اللعب بآخر كرت توهم أنه ما زال في جيبه! فعندما أحس ، على ما يبدو ، بتحركات كبار القادة ، بعث ، مع اثنين من كبار ضباطه ، برسالة شفهية تنضح بالسذاجة واليأس إلى ممثلين لجهاز الاستخبارات الأمريكى

    CIA ، كانا ناشطين ، بعلم الجهاز ، خلف قناع دبلوماسي من داخل سفارة بلادهم بالخرطوم ، طالباً تدخل قوات الانتشار السريع من القواعد المتوسطية لحماية (البلاد!) ، بزعم اكتشاف مخططٍ ليبي لشن غزو داهم على السودان خلال الساعات القادمة! غير أن الرد الصاعق سرعان ما جاء ، شفاهة أيضاً ، من ذينك المندوبَين إلى رسولي اللواء عمر ، بأنه لم يعُد ثمة متسع من الوقت لمساعدة (النظام!) ، فقد انتهت اللعبة عن اthe game is over! ، على حد تعبيرهما ، وليس بمستطاع أية قوة على الأرض أن توقف الانقلاب الذي سيقع بعد قليل ، والذي ائتمر قادة الجيش على تنفيذه انحيازاً للانتفاضة الشعبية!



    الشاهد أن الاجتماع التاريخي (الأول) لـ (التجمع الوطني الديموقراطي) الذي انعقد وأنجز (ميثاقه) ، إنما كان يجري في سباق محموم مع قرار القوات المسلحة بالاطاحة بالنظام ، ومؤامرة جهاز الأمن لخنق الانتفاضة!



    مع البياح ، فجر السادس من أبريل ، إنفض ذلك الاجتماع ، حيث قرر أمين مكي والمرحوم عمر نور الدائم قضاء ما تبقى من وقت حتى شروق الشمس في نفس المنزل ، بينما راح الآخرون يتسللون ، تحت جنح الظلام ، ليتفرقوا في شوارع حي العمارات.



    خرج عمر عبد العاطي بصحبة عبد العزيز دفع الله قاصِدَين سيارة عمر التي كان قد جاء بها مع أمين ، أول المساء ، وأوقفها أمام منزل أحد أصدقائه ، على بُعد شارعين من مكان الاجتماع! وهو نفس المنزل الذي غشيه معظم ممثلي النقابات والأحزاب ، ومنه تحركوا إلى مكان الاجتماع! لكن ما كاد عمر وعبد العزيز يقتربان من السيارة حتى اكتشفا أنها مفتوحة ، وأن (مجهولين) ينتظرون بداخلها مستغرقين في غفوة ، فأطلق الاثنان سيقانهم للريح! وعندما أحس (أهل الكهف) بحركتهما ، أفاقوا ، لتشهد شوارع الحي الهادئ مطاردة عنيفة ما كان عمر ليتصور أنه يقدر عليها ، وهو الذي يشكو من آلام الظهر والمفاصل! في ما بعد اتضح أن شقيق زوجة صاحب المنزل ، والذي شارك في استقبال كل ضيوف صهره قبل أن يتوجهوا إلى اجتماعهم ، عضو بالجهاز! ولولا أنه انشغل أكثر شئ بالمسارعة للابلاغ عنهم ، قبل أن يعرف المكان الذي توجهوا إليه من منزل صهره ، لما قامت لذلك الاجتماع التاريخي قائمة!



    واستطراداً ، فإن الوحيد الذى عثروا عليه واعتقلوه ، ذلك المساء ، هو التيجاني الكارب الذي كان قد أوصل المرحوم عمر نور الدائم والمرحوم صلاح عبد السلام بسيارته إلى ذلك المنزل ، ثم عاد إلى بيته ، حتى قبل أن يبدأ المندوبون في التوجه إلي مكان الاجتماع! وهكذا قدر للكارب أن يكون آخر مواطن تعتقله سلطة نميري ، وهي في برزخ المنزلة بين المنزلتين ، تلفظ أنفاسها الأخيرة ، قبل سقوطها الداوي! (11)

    نهار السادس من أبريل 1985م.
    --------------------------------

    لم يقيض لنا ، بطبيعة الحال ، إلا بعد عودتنا من دبك ، أن نعلم بكل تلك التفاصيل ، خاصة أحداث الثالث من أبريل والأيام الثلاثة التالية. ومع ذلك لم يخلُ ملتقانا حول (سرير بكري) من بعض (التسريبات) الشحيحة ، الله وحده يعلم بمصدرها! فهناك بلغتنا بعض أصداء الموكب. وهناك علمنا أن الأمور لم تنته بنهايته ، بل ما تزال ثمة أحداث تجري ، وما تزال الجماهير في الشوارع. وهناك رفعت من معنوياتنا ، بخاصة ، أخبارٌ لم تتأكد لنا ، إلا لاحقاً ، عن تغييرات ذات مغزى في مواقف القوات النظامية والعاملين بجهازي الاذاعة والتلفزيون! لكن حصولنا على مصدر موثوق به لتلقي أخبار البي بي سي ومونتي كارلو ، أولاً بأول ، كان له أكبر الأثر على حياتنا في ما تبقى لنا من أيام هناك! وعلى أهمية كل أخبار السودان التي ارتقت ، فجأة ، إلى واجهة نشرات المحطتين ، إلا أن ثمة تقريرين خبريين كان لهما دوي الزلازل ، في نفوسنا ، ودمدمة البراكين: أولهما تمحور حول التصريح الجسور الذي أدلى به سفير السودان لدى باكستان ، وقتها ، صديقنا الحبيب محمد المكي ابراهيم ، عقب انقطاع أخبار الأحداث في إثر إضراب العاملين بالإذاعة والتلفزيون ، يؤكد فيه انتصار الانتفاضة وزوال النظام فعلياً! أما الآخر فقد اتصل سياقه ، بدءاً من تأكيد ملازمة الجماهير للشوارع ، ومبيتها الليالي فوق الجسور ، وانتقال الانتفاضة إلى أنحاء السودان الأخرى ، وانتهاءً ببيان المشير سوار الدهب يعلن ، صباح السادس من أبريل الأغر ، عن انحياز القوات المسلحة إلى الإرادة الشعبية!



    عند ذلك الحد كانت قد انتفت ، بطبيعة الحال ، كل مبررات وجودنا في ذلك المكان. ولكن .. من يقنع مدير سجن دبك؟! سمع بأذنيه البيان في نشرة السادسة صباحاً ، فسارع بإحضار خروف نحره تحت أقدامنا ، وهو ما ينفك يهتف بأعلى صوته ، في وسط السجن ، والدموع الصادقة تنهمر مدرارة من عينيه: ''جيش واحد .. شعب واحد'' ، ''عاش نضال الشعب السوداني'' ، ونحن نردد الهتافات من ورائه ، ولا يكاد يكف عن رفع ساعديه يهزهما فوق رءوسنا على أنغام الأغنيات والأناشيد الوطنية يصدح بها جهاز الترانزيستور الصغير الذي أخرجناه للعلن ، وأدرناه بأعلى صوت أيضاً ، دون أن يبدي اهتماماً بمعرفة الطريقة التي تسرب بها إلينا!



    كل ذلك كان ، بالطبع ، وتحت تلك الظروف ، طيباً جداً ، ومدعاة لسعادة حقيقية ، إلا شئ واحد .. أن سيادته لم يُبدِ أي استعداد كي يفتح أبواب السجن ليدعنا نخرج! كان ، كلما أثرنا معه هذا الموضوع ، يصيح آمراً المساجين الذين أحضرهم لإعداد الطعام:



    ـ ''يا آدم استعجل المرارة .. يا هارون سِيب الفِي إيدك ده ونضف الكَمونية كويس .. وانت يا كوكو لِحَدي دِلوَكت ما جهزتَ البصل والشطة''؟!



    و .. لم يستطع أي منا أن يقنعه ، في تلك اللحظات ، بأننا لا نريد كَمونية ولا مرارة ، بقدر ما نريد أن نخرج .. أن نذهب إلى بيوتنا!



    تهامسنا بأن نصبر عليه ، فقد كان رجلاً طيباً ولطيفاً بحق. وبعد أن أكلنا سوياً الملح والمُلاح ، توجه إلى مكتبه ، فاجتمعنا وقررنا أن نرسل إليه وفداً يناقشه هناك بهدوء. تم اختيار الوفد من حسين أبو صالح ومصطفى عبد القادر وشخصي. وفي المكتب تحدثنا ، وسقنا الحُجة تلو الحُجة ، حتى بحت أصواتنا ، وقلنا له إننا سمعنا من العساكر أن الناس زحفوا إلى سجن كوبر الأسود ، وتسلقوا أسواره المنيعة ، وحطموا بواباته الغليظة ، وحرروا المعتقلين! لكن .. هل أجدى ذلك فتيلا؟! كلا .. مطلقاً ، فقد استعصم بمنطقه الذي أبى أن يتزحزح عنه قيد أنملة:

    ـ ''الشغل شغل يا أساتذة .. أيْ نعم نميري انتهى ، لكن برضو لازم ننتظر التعليمات من الرئاسة ، فـ .. ساعدونا من فضلكم بالصبُر''!

    هكذا عدنا إلى من انتدبونا نجُر أذيال الخيبة ، حيث اجتمعنا ، مرة أخرى ، وقررنا ، احتراماً للرجل الذي أحسن معاملتنا طوال الأيام التي قضيناها بين ظهرانيه ، أن ''نساعده من فضلنا بالصبُر'' ، وأن نسلم أمرنا لعزيز مقتدر ، وأن نواصل الاستماع إلى الراديو ، عسى تتنزل علينا ، فجأة ، رحمة من عند الله وفرج قريب!

    قبيل المغرب بقليل جاء الفرج ، من جهتين لا جهة! فقد عاد أهالي قرية دبك من الخرطوم ، بعد أن قضوا سحابة نهارهم هناك يؤدون واجب الوطن ، ولما علموا بأننا ما زلنا رهن الحبس ، هبوا لنجدتنا ، وأحضروا كل ما لديهم من وسائل توصيل ، حتى لواري التراب! تلازم ذلك ، في وقت واحد ، مع وصول عدد من سيارات ذوي وأصدقاء وزملاء بعضنا ، حيث كانوا قد قضوا اليوم بأكمله يبحثون عنا ، ولم يعرفوا بمكان اعتقالنا إلا متأخراً جداً! إكتظ الموقع بالرجال والنساء والأطفال وأبواق السيارات والهتافات والأناشيد المنطلقة من مكبرات الصوت ، فتنازل سيادة المدير عن موقفه ، بعد أن ظل مرابضاً في مكتبه طوال اليوم يحاول الاتصال بـ (الرئاسة) ، حتى أصابه الإعياء واليأس من وصول (التعليمات)!

    هكذا عُدنا إلى بيوتنا ، ومنها إلى نادي أساتذة جامعة الخرطوم.

    ......................

    ......................

    حدثني أمين مكي ، لاحقاً ، بأنه حرص ، بعد إذاعة بيان سوار الدهب ، على استساخ صورة من (الميثاق) والنقاط الخلافية بتوقيعات المندوبين ، وسلمها لعوض الكريم. ثم قام ، في ما بعد ، بوضع أصل تلك الوثيقة في إطار زجاجي وسلمها للصادق المهدي. وأرجو أن تكون محفوظة ، الآن ، بدار الوثائق المركزية ، فما أضر بتاريخنا الوطني الحديث غير ضياع الكثير من مصادر وقائعه ، دُفن بعضها مع شهودها الموتى ، وترك ما تبقى منها لمشافهات الأحياء وذواكرهم الخربة!
    ----------------------------------------------------------------------------------------------


    وهكذا أعاد كمال الجزولي لذاكرتنا ، ذكرى أيام مجيدة ،
    وحا تظل مارس/ إبريل { ماريل } ملهمة
    كما كانت أكتوبر

    وما أجمل غضبك يا شعب
                  

04-01-2008, 06:33 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    بنهاية مشهد إعدام تشاوسسكو وسط بوخارست علق البعض:
    عجباً لم يستفد أنصاره من تجربة سوار الذهب ...
    سوار الذهب.. «ود عرب».
    ---------------------------------------------


    التاريخ: Sunday, April 29
    اسم الصفحة: دراسات في المجتمع المدني

    إسماعيل آدم:-
    تروي مجالس السياسة في الخرطوم، عند اللزوم، ان احد السياسيين السودانيين كان يتابع، لحظة بلحظة، تداعيات ثورة الجماهير في بوخارست التي اقتلعت دكتاتور رومانيا نيكولاي تشاوسسكو من سلطته الحمراء، في اوائل التسعينات. كان السياسي يراقب عن كثب الحشود تتواكب على ساحة المدينة، ويفتح زبانية النظام النار بكثافة على الكتل البشرية، يُقتل منهم آلاف، وبين الطلقة والاخرى تلتهب بوخارست اكثر، وتشتعل، وتتدفق الى الساحة آلاف اخرى من الناس اشد غضبا، واكثر اصرارا على المضي قدما على خط الثورة.

    ويحدق السياسي على شاشة الاحداث، والمعركة يحمي وطيسها بين الشعب الاعزل إلا من ارادته وجنود تشاوسسكو المدججين بالسلاح وبسلطة النظام الى ان انتهت بانتصار «الاعزل» على «المسلح»، ثم توغل الغاضبون الى ان طالوا الدكتاتور في حصنه المنيع وانتزعوه ووضعوا رأسه تحت المقصلة، في ذات الميدان، ليلقى حتفه على الملأ.

    بنهاية مشهد اعدام تشاوسسكو في المكان علق السياسي السوداني قائلا: «عجبا لم يستفد انصار تشاوسسكو من تجربة سوار الذهب». وتتمثل تجربة سوار الذهب التي صارت مثالا يحتذى، واستدعاها السياسي السوداني في غمرة متابعته لنهاية تشاوسسكو ونظامه، في ان الفريق اول عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب القائد العام للجيش ووزير الدفاع في نظام الرئيس السوداني السابق جعفر نميري ظل يراقب زهاء العشرة ايام تصاعد الثورة الجماهيرية ضد نميري في العاصمة الخرطوم، وعندما بلغت حدها الاقصى اجتمع مع قادة الجيش، وحسب وقدر، وأعلن الاطاحة بنظام نميري في السادس من ابريل (نيسان) عام1985 بعد ستة عشر عاما من الحكم القابض والذي وصل اليه عبر انقلاب عسكري في عام 1969، وأعلن سوار الذهب انحياز الجيش للشعب، في «عملية بيضاء»، لا قتلى ولا جرحى، فقط كانت هناك اعتقالات واسعة طالت سدنة النظام.وسجلت التجربة على مستوى العالم العربي كأول تجربة يقوم فيها عسكري بتولي السلطة وأمور الحكم في البلاد بانقلاب عسكري، ويلتزم بتعهدات قطعها على نفسه باعادة السلطة الى الشعب عبر القوى المدنية التي تمثله، ويقبل طواعية فكرة التنحي عن الحكم، وخلع البزة العسكرية، والانتقال الى فضاء المجتمع المدني.

    سجلت تجربة مماثلة هي الثانية من نوعها في المنطقة، حدثت في موريتانيا الاسبوع الماضي، عندما سلم محمد ولد فال، الذي اطاح بانقلاب عسكري حكم معاوية ولد الطايع في عام 2005 ، ثم بقي في السلطة الى ان اجرى انتخابات ديمقراطية وسلم السلطة الى الحاكم المنتخب عبد الله ولد الشيخ الذي فاز في انتخابات رئاسية جرت في مارس (اذار) الماضي اشرف عليها ولد فال بنفسه، قبل ان يترك الكرسي الوثير وييمم وجهه شطر البادية.

    ويعقد المراقبون مقارنة في الخصوص بأن ولد فال ظل عسكريا مغمورا ووفيا لمؤسسته، ولم يتقلد منصبا سياسيا، غير انه عرف لحد ما تولى منصب المدير العام للامن الوطني في بلاده، قبل ان يطيح بولد الطايع، فيما عرف عن شخصية سوار الذهب قبل اعلانه الاطاحة بنميري بأنه شخصية هادئة ومتدينة وغير معروفة خارج المؤسسة العسكرية ويتمتع بسمعة طيبة في اوساطها.

    ولد سوار الذهب في مدينة ام درمان في عام 1935، لوالديه «محمد حسن» الذي جاء الى ام درمان من الابيض، ووالدته «السريرة مهدي ضيف الله» وهي من سكان حي «ودرو» الشهير في ام درمان، وتنتمي الى عشيرة «العبدلاب» التي تتمركز في منطقة حلفاية الملوك شمال العاصمة السودانية قبالة «الخرطوم بحري». لكن بعد عامين انتقل والده الى مدينة الابيض بغرب السودان، ليواصل ما بدأه اجداده من نشاط في مجال تعليم الدين، وقال سوار الذهب في هذا الشأن: «رسالة اهلنا في الحياة هي نشر العلم وتحفيظ القرآن لذلك عاد والدي الى الابيض لإكمال الرسالة».

    وفي الابيض تلقى سوار الذهب تعليمه الاولي ثم الثانوي في مدرسة خور طقت الثانوية، ليلتحق بالكلية الحربية الدفعة السابعة، وتخرج فيها ضابطا في القوات المسلحة السودانية في العاشر من اغسطس (اب) العام 1955، ضمن 60 من زملائه، قبل عام واحد من استقلال البلاد من الاستعمار البريطاني، وكانوا اكبر دفعة تتخرج من حيث العدد من الكلية الحربية.

    ويعتقد سوار الذهب في حديثه : ان «التخرج من الكلية يعتبر من اهم المحطات» في حياته، ويقول: «بعد اسابيع فقط من تخرجنا وقع التمرد المسلح في الجنوب فقطعت القيادة اجازاتنا واستدعتنا لمواجهة التمرد، وعليه دهبت الى الجنوب مع اول التمرد وعملت في عدة مواقع في الجنوب».
    تزوج سوار الذهب في يناير (كانون الثاني) عام 1963، بعد اربعة اعوام من وفاة والده في المدينة المنورة عام 1959، ورزق سوار الذهب من الابناء اثنين وهما: محمد وهو طبيب يعمل الان في السعودية، واحمد ويعمل دبلوماسي في الخارجية السودانية، وثلاث بنات وهن: عازة وهي طبيبة صيدلانية وهي الان مع زوجها في السعودية، ودعد وهي مهندسة تعمل في شركة موبيتل للهواتف الجوالة في السودان، والصغرى هبة خريجة كلية التربية.

    ولسوار الذهب سبعة من الاحفاد، ويقول«هم الذين يدفعوننا الى الامام». وبالعودة الى الجذور البعيدة، ينتمي سوار الذهب الى اسرة «السواراب» المعروفة الموزعة بين «دنقلا العجوز» في شمال السودان ومدينة ام درمان ومدينة الابيض بغرب السودان، ويعتبر جده محمد عيسى سوار الذهب الذي دخل السودان بعد رحلة طويلة، بدأت بالجزيرة العربية، وشمال افريقيا والمغرب وأخيرا اسوان المصرية، هو الذي ادخل رواية «عمر الدوري» في قراءة القرآن الكريم في السودان عبر مدرسة قرآنية أسسها في دنقلا العجوز فور دخوله البلاد عام 1504.

    وتوارثت الاسرة تعليم القرآن ونشره في السودان، وفي اطار هذه المهمة انتقل جده النور الى وسط السودان وتحديدا الى مملكة سنار المعروفة، وفيها جرى تكليفه من حاكم سنار بنشر تعاليم الدين في اقليم كردفان فغادر الى هناك مستقرا به المقام في مدينة الابيض كبرى مدن غرب السودان وكان يدير فيها مسجدا يعلم فيه الناس القرآن ويؤم المصلين في المسجد.

    اما جده صالح النور سوار الذهب فاستضاف محمد عثمان الميرغني احد مؤسسي طائفة «الختمية» الدينية في السودان وأعطاه الاخير «الطريقة». جده محمد صالح النور لم يخرج عن نهج التدين وعندما قامت طائفة الانصار بقيادة «المهدي» بفتح مدينة الابيض رحب بالمهدية بل ان احد ابنائه وهو «ميرغني» تولى قيادة مجموعة من المجاهدين باسم راية «الدناقلة» وهي المجموعة ذاتها بقيادة «ميرغني» التي اقتحمت فيما بعد قصر الحاكم البريطاني في الخرطوم «غردون باشا».

    وقد صحب ميرغني معه للخرطوم شقيقه حسن وهو الجد الثالث للمشير سوار الذهب، واستقر في ام درمان وقام ببناء مسجد السواراب المعروف في مدينة ام درمان، وتزوج وانجب محمد، وهو والد عبد الرحمن المشير. كان الباب الذي دخل منه سوار الذهب، العسكري المغمور الموسوم بالهدوء والتقوى والالتزام بالاوامر الى فضاء الشهرة والقومية في التعاطي مع الشأن العام، يتمثل في انه اطل صباح السادس من ابريل (نيسان) عام 1985 بكامل زيه العسكري على شاشة التلفزيون السوداني وبحضور الاذاعة السودانية في بيان حمل الرقم واحد: «لقد ظلت القوات المسلحة خلال الايام الماضية تراقب الموقف الأمني المتردي في انحاء الوطن وما وصل إليه من أزمة سياسية بالغة التعقيد. ان قوات الشعب المسلحة حقناً للدماء وحفاظاً على استقلال الوطن ووحدة اراضية قد قررت بالاجماع ان تقف الى جانب الشعب واختياره، وان تستجيب الى رغبته في الاستيلاء على السلطة ونقلها للشعب عبر فترة انتقالية محددة، وعليه فإن القيادة العامة تطلب من كل المواطنين الشرفاء الاحرار ان يتحلوا باليقظة والوعي وان يفوتوا الفرصة على كل من تسول له نفسه اللعب بمقدرات هذه الامة وقوتها وأمنها».
    وكانت صحف السادس من ابريل تحمل بالبنط العريض تأييد سوار الذهب غير المحدود لثورة نميري في مايو (آيار) من خلال كلمة كان قد القاها امام ضباط وجنود حامية مدينة ام درمان، وقال فيها «ان القوات المسلحة تقف بصلابة خلف الثورة والقائد العام نميري».

    ويروى ان سوار الذهب رفض تسليم حامية مدينة الابيض العسكرية، عندما كان قائدا للحامية اثناء انقلاب الرائد هاشم العطا على نميري عام 1971، حتى استعاد نميري مقاليد الحكومة بعد ثلاثة ايام، ويتفق الكثيرون في الاوساط السياسية والعسكرية في السودان ان هذه الواقعة هي التي «جعلت نميري يضع كل الثقة في سوار الذهب».

    وقال سوار الذهب في هذا الخصوص: «كان نميري يثق في بشدة وكنت حريصا كل الحرص على تلك الثقة». وبالتالي منذ ذلك الحين وحتى الان، ما انفكت الروايات والقراءات تتباين وتتضارب حول تداعيات الاحداث وتصاعدها منذ الاسبوع في نهاية مارس (آذار) وحتى السادس من ابريل (نيسان) 1985 اليوم الذي اعلن فيه سوار الذهب «انحياز القوات المسلحة للشعب»، ضد نميري.

    هناك من يعتقد ان ما جرى هو انقلاب «عسكري ابيض» نفذه سوار الذهب على نميري، وهناك من يرى ان سوار الذهب «قدر الموقف» في الشارع الذي كان يغلي على مدى ايام وقرر الاستجابة لمطالب الشعب، وهناك فئة ترى ان سوار الذهب فقط اجبر من قبل الجماهير على عزل نميري من حكمه.

    اما انصار نميري «الاوفياء»، كما يسمون، فيرون ان سوار الذهب «خائن، اؤتمن، ولم يرد الامانة الى اصحابها»، طبقا لاحد المقربين من نميري ممن يطلق عليهم «المايويون»، واذ يرددون تهمة خيانة سوار الذهب لنميري، يشيرون الى مستوى الثقة التي كان يوليها نميري لسوار الذهب، وحرص الاخير على تنفيذ كل التعليمات التي تصدر اليه من الرئيس والقائد الاعلى للجيش السوداني. وقال عميد متقاعد كان يعمل في جهاز امن نميري بهذا الصدد ان سوار الذهب لم تترك له المظاهرات والضغوط من قبل قوات الجيش اي فرصة غير اعلان بيان انحياز الجيش للشعب، وأضاف رجل الامن، الذي طلب عدم ذكر اسمه،: «كان امام سوار الذهب خيار واحد».

    ويروي المحامي كمال الجزولي الناشط انذاك في التجمع المعارض لنميري تداعيات اللحظات الاخيرة للاطاحة بنميري بقوله: «غير مسبوق، بكل المعايير، هذا الانفجار الجماهيريُّ الذي ظلَّ يشهده وسط الخرطوم، منذ الصباح الباكر. أخذت جموع المواطنين والعاملين تتقاطر، عن بكرة أبيها، وتتجمَّع، نساءً ورجالاً، شيباً وشباباً، حتى الكسيح جاء محمولاً على ظهر الأعمى، لتتدفق أنهاراً».

    ويتابع الجزولي:«أخذت الجماهير في التصاعد، أكثر فأكثر، حركة النقابات والأحزاب، واكتظت الشوارع بالهتافات المدوية ترفع شعارات الاضراب السياسي، والعصيان المدني، وتدعو لإسقاط النظام، والقصاص من قادته ورموزه، في ذات الوقت الذي راح يستعر فيه نشاط جهاز الأمن متجاوزاً لكلِّ الحدود، حتى ازداد تساقط الشهداء». ويقول المحامي الجزولي: «من ناحية، كان كبار قادة القوَّات المسلحة، وقتها، يعقدون اجتماعاً تاريخيَّاً آخر، في القيادة العامَّة، مع المشير سوار الذهب، القائد العام ووزير الدفاع، ويضغطون عليه ضغطاً مكثفاً كي يوافق على إعلان انحيازهم للانتفاضة بالاطاحة بالنظام، ورئيسه، وأجهزة حكمه.

    وقد نجحوا في ذلك، بالفعل، مع الساعات الأولى لفجر السادس من أبريل». ومن الناحية الأخرى، يواصل الجزولي «كان اللواء عمر محمد الطيِّب، النائب الأوَّل لرئيس الجمهوريَّة ورئيس جهاز الأمن، يحاول اللعب بآخر كرت توهَّم أنه ما زال في جيبه، فعندما أحسَّ بتحرُّكات كبار القادة، بعث، مع اثنين من كبار ضباطه، برسالة شفهيَّة تنضح بالسذاجة واليأس إلى ممثلين لجهاز الاستخبارات الأميركي، كانا ناشطين، بعلم الجهاز، خلف قناع دبلوماسيٍّ من داخل سفارة بلادهما بالخرطوم، طالباً تدخل قوات الانتشار السريع من القواعد المتوسِّطيَّة لحماية البلاد، بزعم اكتشاف مخططٍ ليبيٍّ لشن غزو داهم على السودان خلال الساعات القادمة، غير أن الردَّ الصاعق سرعان ما جاء، شفاهة أيضاً، من المندوبَين إلى رسولي اللواء عمر، بأنه لم يعُد ثمة متسع من الوقت لمساعدة النظام، فقد انتهت اللعبة، على حدِّ تعبيرهما، وليس بمستطاع أيَّة قوَّة على الأرض أن توقف الانقلاب الذي سيقع بعد قليل، والذي ائتمر قادة الجيش على تنفيذه انحيازاً للانتفاضة الشعبيَّة».

    غير ان الفريق اول عمر محمد الطيب الذي كان يشغل منصب النائب الاول للرئيس نميري ومدير جهاز الامن وهو من اقرب المقربين للرئيس له رواية اخرى للحظات الاخيرة، اذ يقول: «كان سوار الذهب معي لآخر لحظة حتى انه وقف بمسجد المظلات وهو يحمل المصحف الشريف مخاطباً الجنود والضباط ويتعهد بالدفاع عن مايو والولاء لها، وقال سندافع عنها ونحميها ولن نفرط في ذلك، لقد ألقى خطبة عصماء كلها ولاء وعهد لمايو».

    ويقول عمر في اخر احاديثه الصحافية: «كنت على اطمئنان غير عادي لسوار الذهب، اطمئنان كامل. هذا الرجل علمناه نحن وأوصلناه الى هذا الموقع نتيجة لثقة، حتى أصبح وزيراً للدفاع وقائداً عاماً للجيش لقد كان صاحب ولاء شديد لمايو». وواصل روايته: «كنت أثق فيه جداً وأتعامل معه كوزير دفاع وقائد عام للجيش وأحد الموالين جداً لمايو، وصباح 6 أبريل، بعد أن أديت صلاة الفجر تحدثنا حول تقييم الأمور فطمأنني الرجل. كان القائد العام للجيش وقد أخذت معلوماته مأخذ الجد وقال لي كل الامور تمام سعادتك».

    وتابع: «جاءني في المكتب وقلت له فلندهب الى القيادة العامة، وبالفعل ركب معي في عربتي وعربته خلفنا يسوقها السواق ودخلنا القيادة العامة، لنجد ان هناك اجتماعاً لهيئة الأركان. في البدء اندهشوا وخافوا وبعد قليل ظهروا أمامي مساكين، فسألتهم الاجتماع ده شنو... فقال أحدهم: ما في حاجة. فقلت لهم: ما في حاجة يعني شنو».

    وتابع عمر: «فرد عليّ تاج الدين: في شوية ضغوط من قادة الوحدات من الضباط.. فقلت لهم: ولكنكم أنتم القيادة العليا في الجيش. ثم نظرت لسوار الذهب، وقلت له: وأنت رأيك شنو؟ فأجاب: ما في حاجة. أنا بعتقد أن الأوضاع كويسة. ما في حاجة. فهمت أن الأمور تعقدت».

    واصل الفريق عمر روايته «بعد أن أذاعوا بيانهم، أيقنت أن الأمور اختلفت، لقد كانت صدمتي في سوار الذهب كبيرة جداً. أصلاً لم نتوقعها. لقد غدر بنا، وهل هناك أصعب من أن تثق في الإنسان ولا يتبادر الى ذهنك أن هذا الإنسان سيغدر بك في أية لحظة. إنها صدمة العمر بالنسبة لي لا تضاهيها ذهاب مايو نفسها»، ومضى «لقد قطعت صلتي به نهائياً. ولم أكن أقبل أن التقيه أو حتى أصافحه، الى أن عدت الى السودان. زارني في بيتي، حا أعمل شنو؟ يعني خلاص نسيت أو اتناسى الموضوع». فيما يروي سوار الذهب روايته للاحداث موضحا: «عندما جاءت الانتفاضة كنت وزيرا للدفاع في الحكم.. كان نميري لديه ثقة كبيرة في، وكنت حريصا على تلك الثقة، ولكن مجريات الاوضاع كانت تسير في اتجاه آخر غير تلك الثقة والحرص عليها، فقد كان هناك اجماع سوداني لتغيير الاوضاع يتصاعد من يوم لآخر، مع توالي انحسار جماهير الاتحاد الاشتراكي حزب نميري».

    وبلغة واثقة يتابع سوار الذهب الرواية: «كنا حريصين ان تكون مسيرة الردع التي رتب لها الاتحاد الاشتراكي قوية، وحاولوا ان يحشدوا لها الناس ولكنها جاءت هزيلة وهذا ما اكده لي ولزملائي من حولي ان ثورة مايو لم تعد لها جماهير».

    وتابع المشير: «كما ان اغلب الضباط ومن بينهم القادة كانوا يرون انه لا بد من الاستجابة لمطالب الشارع.. وعليه اجتمعت بالقادة وتحدثت معهم حول الاحداث وكنت حريصا جدا على تلمس وحدة القوات المسلحة وقد بدت لي كذلك رغم ان هناك من ينتمي بقوة لمايو».

    وأضاف: «اتضح لي من الاجتماع ان الاتصالات مستمرة وانه ليس هناك ما يدعو للمصادمة مع الشعب، فقررنا تسليم السلطة للشعب وهذا ما فعلناه. ولمن يستغربون ويرسلون، في هذا الخصوص، اسئلة واستفهامات حول قيامي بتسليم السلطة للشعب عن طريق قيادته التي اختارته في نهاية الفترة الانتقالية، احرص دائما ان اقول انني فقط اوفيت بوعدي.. لانني قلت لهم في بيان الانحياز للانتفاضة الشعبية بأنني سأسلم السلطة لهم»، ومضى:«ليس هناك ما يدعو للعجب فما قمت به في ذلك اليوم شيء عادي».

    مضى عام الفترة الانتقالية المحددة في البيان الاول لسوار الذهب كله عواصف تجلت فيها كل المظاهر السلبية لممارسة الديمقراطية، وكانت الاحزاب ترمي بعضها البعض بالحجارة، ونال سوار الذهب نصيبا مقدرا من الحجارة المقذوفة في الساحة الانتقالية، وكان اكبر الاحجار المرمية في سوار الذهب هو «انه كان ينحاز للاسلاميين ممثلة في الجبهة الاسلامية بزعامة الدكتور حسن عبد الله الترابي» كما يردد المنسوبون للحزب الشيوعي السوداني، ولكن الرجل اوفى بوعده وسلم السلطة للشعب في الزمان المحدد، وتولى زمام الامور في البلاد الصادق المهدي زعيم حزب الامة، بعد ان نال حزبه الاغلبية في الانتخابات التي اشرف عليها سوار الذهب، ومضى الاخير في اتجاه اخر يروق له «وهو نشر الدعوة الاسلامية والاهتمام بتعاليم الدين الاسلامي، في كل بقاع الارض»، كما اكد نصر محمد نصر مدير مكتب سوار الذهب في «منظمة الدعوة الاسلامية»، وهي منظمة عربية افريقية في السودان يتولى سوار الذهب فيها منصب رئيس مجلس الامناء في السودان، ويعود الفضل إلى المنظمة في تشييد مساجد، ومستشفيات، وملاجئ الأيتام ومراكز رعاية الطفولة في شتى انحاء العالم.

    ويتولى سوار الذهب مناصب اخرى في ذات المجال، حيث يشغل منصب نائب الرئيس للمجلس الاسلامي للدعوة الاغاثة وتضم نحو 70 منظمة، ونائب الرئيس للهيئة الاسلامية العالمية في الكويت، ونائب «رئيس ائتلاف الخير» ومقرها لبنان تعنى بدعم القضية الفلسطينية، ونائب رئيس امناء مؤسسة القدس الدولية.

    وحول نشاطات سوار الذهب اليوم، قال مدير مكتبه نصر في هذا الخصوص : «انه يسافر كثيرا داخليا وخارجيا سواء بصفته الشخصية او الاعتبارية»، وأضاف «ان المشير محل تقدير في كل المحافل الاسلامية والرئاسية.. انه مشغول الان بشدة بقضية جمع الصف الوطني السوداني.. الاوضاع في دارفور التي تفاعلت الى الدرجة التي دفعت بعض القوى التي لا تريد الخير للبلاد لان تعمل من اجل ادخال القوات الدولية في الاقليم بدلا عن السعي لحل المشكلة.

    هذا دفع مجموعة من الاخوة الى التحرك من اجل ايجاد الحل السوداني لشتى القضايا». ويقول سوار الذهب بهذا الخصوص «قمنا بتكوين هيئة جمع الصف الوطني وكلفوني برئاستها وقامت حتى الان بالاتصال بكل القوى السياسية في البلاد ونحن الان في انتظار ردودها تجاه ما طرحناها من افكار حول عملية جمع الصف الوطني».

    ومع هذا المشوار المضني يتمتع سوار الذهب الان بصحة جيدة، وقال في هذا الشأن : «صحتى كويس»، بعد ان اشار الى انه اصيب في رمضان الماضي بوعكة في القلب تجاوزها، والى انه اجرى قبل عشرين عاما عملية في القلب. ومهما اتفق الناس او اختلفوا حول شخصية سوار الذهب، فلن يبتعدوا كثيرا عن وصف رئيس الوزراء في حكومته الانتقالية الدكتور الجزولي دفع الله، الذي ظل لصيقا به طوال الفترة والذي قال : سوار الذهب نقي وأصيل وود عرب.



                  

04-01-2008, 07:51 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    الأخ الـحـبيب الـحـبوب،
    Nazik Eltayeb
    تـحـية الـود والتقـدير لقـدومـك الكـريـم، ومـشاركتك الـموقرة.

    لك الـحـق ان تبكـي ضـياع العلـم الـقـديـم، وغـيـرنا يبـكـي ضـياع الشـعار القـديـم ( وحـيـدالقرن )، وانا ابـكـي ضـياع حـلفا وكـجـبار وحـلايب (وامـدرمان!!) وحـلة حـمـد والخـطوط الـجـوية السـودانية والـبـحـرية والفلل الرئاسـية ونادي الاسـرة بالـخـرطوم والـمـقرن وغـابة السـنط ومـستشـفي الـخـرطوم وبنك الـخـرطوم.... فتـشـت عـلي مـكان فاضـي اعـمل فيـه العـزاء مـالقيت!!! اي مـحـل واي مـحـل بـقي ممـلوك للـمشائـخ وعـرب الـخليـج!!!. عشـان كـده بقينا وبعــد الـدفن نقول: ( ويـنتهـي العـزاء بانتـهاء الـدفـن!!).

    ..... اللـه يـجـازي الـكان السـبب!

    لك مـودتـي.

    --------------------------------------------


    6 أبريل 1985:
    ______________

    القضاة .. والانتفاضة.
    -----------------------------

    Sudanile
    April 11, 2007

    محمد الحسن محمد عثمان
    قاضى سابق
    [email protected]

    دوى هتاف القضاة (القضاة قضاة الشعب) وكم كان وقع هذا الهتاف رائعا فى ذلك اليوم التاريخى فى عمر الوطن وكم كان الذين رددوه بقوه وبصوت عال وطنيين حى النخاع .

    …كان المكان امام دار القضاء بامدرمان وكان الزمان زمان الانتفاضه …تجمع القانونيين قضاة ومحامين امام تلك الدار المهيبه فى مدينة المهدى وبجوار ضريحه استجابه لقرار لجنة القضاة باعلان الاضراب السياسى حتى زوال نظام مايو وتسيير مسيره من امام دار القضاء الخرطوم تتوجه للقصر الجمهورى.

    كان القضاة فى ذلك الزمان الجميل يفوحون وطنيه وتقودهم لجنه انتخبوها انتخابا ديمقراطيا بقيادة الربان الماهر مولانا عمر صديق وحوله رجال صناديد ليس بينهم خوار قادوا القضاة فى اضرابين مفتوحين اسهما كثيرا فى ضعضعت النظام حتى وهن عظمه ..

    ودفعت هذه النخبه ثمن مواقفها فكان يتم القبض عليهم عقب كل اضراب وعندما يخرجون من السجن كانوا يزدادون صلابه على صلابتهم ويزيدهم السجن اصرارا على مواقفهم …وكانوا دائما ياتون من السجن راسا الى دار المحامين حيث يكون القضاة الصامدون هناك وكانوا يدلفون الى الدار وهم مبتسمين هاشين باشين يوزع عمر صديق بلهجته الشايقيه التى لاتخطئها الاذن النكات هنا وهناك وكانهم قادمين للتو من فرح وليس سجن.

    تداعت لجنة القضاة لاجتماع فى تلك الايام الخوالد لتدارس الموقف بعد ان بدات الململه الشعبيه بعد مقتل الاستاذ محمود محمد طه وممارسات محاكم العداله الناجزه …وقد بدات الجماهير تنظم نفسها لمواجهة نظام نميرى ….

    كان الاجتماع بمنزل احدهم بالثوره (وكان الجميع فى منافسه لنيل شرف هذه الاجتماعات) وتناقش الجمع حول حركة الجماهير وبداية تكوين تجمع للنقابات يطالب بالديمقراطيه وحقوق الانسان فى ظل قضاء مستقل …

    وكان القرار باجماع المجتمعين وبصوره ترفع الراس عاليا انه لامكان للقضاه الا وسط شعبهم وان انحيازهم للجماهير لانقاش حوله واستعدادهم للتضحيه من اجل الديمقراطيه للشعب السودانى والقضاء المستقل لاتراجع عنه مهما كانت التضحيات (ومااعظم مواقف الرجال) ووصى الاجتماع بمتابعة الموقف وتشكيل لجان فرعيه ولجان اقاليم تحسبا لاى طارىء وبتنوير القضاة الذين لم يكونوا يقلون حماسا عن لجنتهم ..وتم انتداب قاضيين منهم مولانا تاج السر بابكر للا تصال بالقوى الوطنيه التى تكونت حديثا وروىء ان يكون الاتصال عن طريق نقابة المحامين لحساسية موقف القضاة …وتم الاجتماع فى منزل المرحوم مولانا عبد المنعم محمود بشير (وعبد المنعم كان رجلا يحب بلاده وشعب بلاده وهو دائما على استعدلد لدفع مهر هذا الحب مهما غلا) وفعلا تم الاجتماع وقام المندوبين بتنوير القضاء بموقف النقابات واصرارها على اسقاط النظام واستبداله بنظام ديمقراطى ..ونقل مندوبو لجنة القضاة انحياز القضاة للشعب وتاييدهم الكامل لقيام نظام ديمقراطى حر يحترم حقوق الانسان فى ظل قضاء مستقل.

    بعد ايام من هذا الاجتماع اعلن التجمع الوطنى الوليد عن موكب الاربعاء والقرار بالعصيان المدنى حتى سقوط النظام.

    اجتمعت لجنة القضاة فى مكتب مولانا نادر السيد قاضى المديريه امدرمان علانيه فالقاضى الذى يخشى قول الحق والوقوف معه لايستحق ان يجلس على كرسى العداله ويمسك بميزانها …وتم مناقشة الموقف واعلان التجمع للعصيان وموكب الاربعاء ولكن السؤال كان هل يعلن القضاة عن موقفهم واضرابهم فى موكب الاربعاء ام يكون هناك موكب آخر للقضاه وكان لمولانا عمر صديق رايا طرحه فوجد استحسانا وهو ان موقف القضاة لابد ان يكون قاصمة الظهر للنظام مثله مثل موكب اكتوبر الشهير وان يكون مثله يتحرك من امام دار القضاء وهذا لان موكب الاربعاء سيعقبه الخميس وعطلة الجمعه وستبرد قليلا سخونة الموقف خاصه ا نميرى سيعود بالسبت والحركه الجماهيريه فى حاجه لقوة دفع جديده فى بداية الاسبوع وليس هناك افضل من موكب للقضاه فى هذا اليو م للتصعيد ضد النظام حتى سقوطه وبزوغ فجر نظام ديمقراطى يستحقه الشعب وانفض الاجتماع عل ان يتم اجتماع اخير يوم الخميس 4 أبريل لتقييم موكب الخميس ولوضع اللمسات الاخيره لموكب السبت….

    خرج اعضاء اللجنه من هذا الاجتماع وكل منهم مرفوع الهامه وضاء الجبين بعد ان سطروا بموقفهم هذا صفحات بمداد من نور فى تاريخ الوطن وبعد ان اضافوا صفعات ناصعه للدور الوطنى للقضاه فى كتاب التاريخ.

    فى يوم الاربعاء لم يفت القضاة المشاركه فى موكب التجمع فهذا شرف لابد من نيله واعتلى حائط المحكمه المدنيه بالخرطوم مولانا انور عز الدين (وهو من القضاة الذين يتدفقون حماسا وطنيا يفيض حتى يعم من حوله ) ليعلن للجماهير باسم قضاة السودان تاييدهم للانتفاضه الشعبيه ومساهمتهم فيها الذى سيتوجونه بموكب السبت الحاسم …

    وشق الهتاف عنان السماء يتردد صداه بين عمارات الســــــوق المحيطه …فوق فوق سودانا فوق…فوق فوق سودانا فوق..واتجهت المظاهره هادره وعلى راسها مولانا انور لتنضم للمظاهره الام.
    اجتمعت لجنة القضاة فى مكتب مولانا تيتا فى صباح يو م الخميس فى داخل الهيئه القضائيه وتم تقييم موكب الاربعاء وكان الحماس فى داخل الاجتماع طاغيا وشارك فيه ممثليين من الاقاليم نقلوا تاييد القضاة فى الاقاليم للموكب ومشاركتهم وقرر المشاركون ان يتم طبع بيان يتم توزيعه على وسائل الاعلام والجماهير وان يشرف على طباعة المنشور مولانا عبد الله الحسن ومولانا حيدر مصطفى وبمساعدة الوطنيين من موظفى الهيئه القضائيه وكانوا كثر……

    وانفض هذا الاجتماع الاخير للجنه وخرج القضاة منه وهم لايدرون ان كان جمعهم هذا سيلتقى مره اخرى ام سيستشهد منهم من يستشهد ويقبض من يقبض ولكن كل منهم متاكد تماما ان النصر سيكون حليف شعبهم ..وماقيمة الارواح فى سبيل الوطن.

    فى يوم السبت تحرك القضاة افرادا وجماعات نحو دار القضاء ولكن السلطه وفى حركة مذبوح قامت باغلاق
    الكبارى حتى تقطع الطريق على موكب القضاة واغلقت الشوارع حول دار القضاء ولكن قرر قضاة امدرمان ان يسيروا موكبهم من امام دار القضاء امدرمان وان يتجهوا فى موكبهم الى القصر الجمهورى وفعلا احتشد القضاة رجالا ونساء ومعهم رفاقهم المحامين وتحركوا متجهين نحو الخرطوم وارتفع هتافهم (القضاة قضاة الشعب) (قسما قسما لن نتراجع) (الى القصر حت النصر )وشق موكبهم شارع المورده واستقبلتهم المورده بزغاريد النساء وتصفيق الرجال ..
    وتصدت لهم الشرطه بالقنابل المسيله ولكن لايتراجع موكب يتقدمه القضاة …وعندما وصل الموكب سوق امدرمورده اعلن سوار الذهب انتصار الانتفاضه بانحياز الجيش للشعب
    جاءت حكومة الانتفاضه لتكرم القضاة لمواقفهم الوطنيه فاوكلت لهم حق اختيار رئيس القضاء فى ديمقراطيه وسعت كل شىء فاجمع القضاة على اختيار مولانا محمد ميرغنى مبروك وهو احد القضاة الوطنيين
    وارسل المجلس العسكر الانتقالى العالى مشروع قانون الهيئه القضائيه للجنة القضاة ليجروا عليه التعديل الذى يرضوه ومعه جدول مرتبات القضاة المرفق مع القانون ليحدد القضاة مرتباتهم ..

    وكان قضاة ذلك الزمان مسكونين بحب الوطن وفى حالة هيام دائم به بدون الطمع فى اى مكسب مادى او منفعه وعندما اجتمعت لجنتهم وعدلت ماعدلت من القانون تحقيقا لاستقلال القضاء ومن ذلك اسم الهيئه القضائيه الذى تم تعديله ليصبح السلطه القضائيه مثله مثل السلطه التنفيذيه والسلطه التشريعيه جاء الدور على جدول المرتبات قال كبيرهم رئيس اللجنه ورئيس الجهاز القضائى وقد جاء للمنصب بعد المكاشفى فضمد جراح القضاء مما سببه له المكاشفى من اصابات واذى جسيم ولم يستجب فى عهده لاى ضغوط من السلطه وكان قاضيا عالما وعادلا ذلك هو مولانا الدكتور على ابراهيم الامام (اطال الله عمره) والذى قال فى تلك الجلسه ومااروعه من قول :ـ لقد منحتنا حكومة الانتفاضه فرصه لتحديد مرتباتنا كما نشاء وهى فرصه يتمناها الكثيرون الا القضاة فالقضاة ارفع من ان يتكالبوا ماديا وهذه المهنه اقدس من نلوثها بشبهة اقتناص الفرص فيسجل فى تاريخنا المشرف ان القضاة عندما وجدو الفرصه رفعوا مرتبتاهم بايديهم…

    وتم التامين على حديث مولانا على وترك للسلطه التنفيذيه تحديد مرتبات القضاة
    والتهنئه للشعب السودانى العظيم بذكرى انتفاضة ابريل والتحيه لقضاة الانتفاضه فى اى موقع كانوا والذين كات وقفتهم الشجاعه مع شعبهم لها تاثيرها الكبير فى سقوط نظام مايو بعد ان اصبح بلا سلطه قضائيه فانهارت شرعيته.

    Sudanile April 11, 2007
                  

04-01-2008, 08:06 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    حديث المدينة ..... (ما في واحد بيقدر يشيلني..)!!
    --------------------------------------------

    عثمان ميرغني.

    كُتب في: 2007-04-06

    بريد إلكتروني: [email protected] ([email protected])

    (ما في واحد بيقدر يشيلني!!)..
    ------------------------------

    أشهر عنوان لصحيفة (الشرق الأوسط) اللندنية، تصدَّر صفحتها الأولى في يوم 5 أبريل 1985.. والعبارة تصريح أدلى به الرئيس الأسبق جعفر النميري من العاصمة الأمريكية واشنطون حينما كان في رحلة علاج.. بينما الخرطوم تندلع بالمظاهرات..

    ولم يك النميري وحده الذي كان يظن أن (ما في واحد بيقدر يشيلني).. ففي الخرطوم ذهب بعض الوزراء إلى مكاتبهم في صباح 6 أبريل وبراءة الأطفال في عيونهم كأي يوم عمل عادي.. وسقط نظام الرئيس النميري بعد (16) عاماً ظن خلالها أن الشعب (ما بقدر يشيلني..)..!!

    وكأن التاريخ يعيد نفسه الآن.. البعض بعد (18) عاماً من نشوة السلطة يظن (ما في واحد بقدر يشيلني).. محروس بالقوة والهيبة والسلطة.. رغم العبر الماثلة السافرة.. في 21 أكتوبر 1964.. ثم 6 أبريل 1985..

    الشعب السوداني صبور (جداً) وصابر.. لكنه عندما يغضب فهي غضبة واحدة وبعدها الطوفان.. لم يثبت في التاريخ أن الشعب السوداني غضب على حكومة مرتين.. لم يثبت أن الشعب احتاج إلى إعادة غضبة.. مهما كان الحكم واثقاً من أنه (ما في واحد بقدر يشيلني).

    الوضع الآن يقترب كثيراً من مناخات 6 أبريل.. حكومة قلبها في وادٍ وشعبها في وادٍ آخر.. رغم شكليات الحريات الموجودة لكن الشعب مستبعد تماماً من القرار السياسي والمشاركة في صنع مصيره..

    بضع عبقريات هي التي تفكِّر وتقرر.. والسودان بكل ملايينه العاقلة البالغة الراشدة مجرَّد ضيوف في وطنهم.. من يحكم الحكومة؟؟ هل هي إرادة شعب الجبايات المقهور في معاشه وكرامته؟؟ أم هي إرادة لعبة التوزان بين مراكز القوى المتنفذة في الحزب والحكومة..

    هل يستطيع الشعب السوداني الخروج في مسيرة سلمية (جداً).. ليس فيها سوى بضع لافتات وشعارات وهتافات..؟؟ حتى ولو كان موضوع المسيرة التعبير عن ملل الشعب من (النعيم!!) الذي يعيش فيه؟؟ هل تذكرون كيف ضربت الشرطة (والشرطة في خدمة الشعب).. من خرجوا في الشارع ليقولوا كلمة واحدة فقط إنهم يحتجون على زيادة أسعار الوقود..!!

    وفي المقابل.. أرأيتم كيف تعاملت الحكومة عندما سقطت العمارة وقررت لجنة التحقيق (الحكومية!!) محاسبة وزير الداخلية وقياداته.. مارست الحكومة أفدح أنواع التعبير عن رأيها في شعبها.. فأمرت بترقية الوزير.. والله العظيم.. لم أجد في كل تاريخنا السياسي أكبر من هذا برهاناً على احتقار حكومة لشعبها.. أن تعلو قيم الصداقة الشخصية على أمانة التكليف بأمانة المسؤولية العامة عن وطن بمالكيه المواطنين.. أن يصبح الشعب كله مجرَّد (ما ملكت أيمانكم).. ما ملكت يمين السلطة..!!

    هل تريدون برهاناً مخرساً آخر..!!
    اذهبوا الى مكاتب استخراج البطاقة الشخصية.. في الخرطوم..!! يجري يومياً وطوال ساعات النهار عرض علني لرأي الحكومة في شعبها.. هذه حالة مستعصية جداً لـ (ما في واحد بقدر يشيلني..)..! لكن الواقع أنهم (شالوه) في عز النهار وتحت سمع وبصر كل أجهزته.. في 6 أبريل..!!

    حالة (ما في واحد بقدر يشيلني).. دائماً هي خط النهاية لأي حكومة تظن أن شعبها لا يستحق سوى أن يحني رأسه.. حتى لا تصفعه قبضة السلطة.
    ---------------------------------------------------------
                  

04-01-2008, 09:38 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    فجوات في تاريخ السودان المعاصر:
    لماذا منع الرئيس حسني مبارك حليفه الرئيس جعفر نميري من مغادرة القاهرة الى الخرطوم بعد ان استولى الجيش على السلطة في ابريل 1985م وحل محل نميري مجلس عسكري انتقالي برئاسة وزير الدفاع الفريق عبدالرحمن سوار الدهب؟
    --------------------------------------------------------------
    منبر ( أخبار اليوم ).

    احمد عمرابي
    خبير اعلامي وسفير سابق


    بتاريخ 26-3-1428 هـ


    أسرار ضاعت .. واسرار على طريق الضياع
    بعد تشكيل الإئتلاف الحكومي بين الإتحادي والأمة ووجه الشيوعي بعداء سافر!

    لماذا منع الرئيس حسني مبارك حليفه الرئيس جعفر نميري من مغادرة القاهرة الى الخرطوم بعد ان استولى الجيش على السلطة في ابريل 1985م وحل محل نميري مجلس عسكري انتقالي برئاسة وزير الدفاع الفريق عبدالرحمن سوار الدهب؟
    هذا سؤال واحد من عدة اسئلة لا تتوفر عنها اجوبة قاطعة موثقة لان الشهود في صناع الحدث او المشاركين فيه بصورة مباشرة لا يحرصون - أو لا يرغبون في تسجيل ونشر مذكرات شخصية.

    وهكذا تضيع اسرار جسيمة بشأن تطورات جسيمة في المسار التاريخي للبلاد خاصة عندما يرحل الشهود عن الدنيا.

    لا اتحدث حصراً عن ما جرى في ابريل 1985م ولكن اقول ان ضياع الاسرار التاريخية عن تحولات مفصلية ظل ظاهرة متجددة منذ الاستقلال - وحتى ما قبل الاستقلال وحتى اليوم - وفي هذا السياق ربما تكون هناك اسرار ضاعت الى الابد في مختلف مراحل التطور السياسي للبلاد بسبب ان صناعها او شهودها غادروا الحياة الدنيا دون ان يسجلوا ما فعلوا وما رأوا وما سمعوا.

    ما قبل اعلان الاستقلال في عام 1956م ربما يكون التمرد الجنوبي الاول الذي دفع في العام السابق للاستقلال الحدث الوحيد الذي جرى توثيقه او على الاقل توثيق مرحلته الاستهلالية والاسباب والعوامل التي دعت الى حدوثه.

    اندلعت الاحداث الدموية كما هو معلوم في مدينة توريت في اغسطس 1955م عندما قامت مجموعة من ضباط وصف ضباط وجنود حامية الاستوائية بالتمرد على الضباط الشماليين.. ومن ثم انتشرت روح التمرد في بقية انحاء الاقليم الاستوائي واقليم بحر الغزال مما ادى الى مذبحة ذهب ضحيتها مئات الشماليين من اداريين وموظفين ومعلمين وتجار، لكن جرى اخماد التمرد اخيراً في وقت قياسي على مدى اسابيع فقط.
    تسجيل ما جرى من احداث وسرد اسبابها وتخليدها يضمه تقرير وثائقي وضعته لجنة «لتقصي الحقائق» برئاسة قاضي جمعت الحقائق ميدانياً.

    وفي تقديري ان اكبر واهم حدث بعد التمرد الجنوبي كان اجهاض النظام الديمقراطي باستيلاء الجيش على السلطة في نوفمبر 1958م بقيادة طاقم القيادة العليا في المؤسسة العسكرية وعلى رأسهم الفريق ابراهيم عبود.

    هنا نجد وثيقة جيدة لكنها ليست كافية لشرح الاتصالات الخلفية الخاصة بفكرة الانقلاب والتفاصيل السياسية بتدبيره.

    الوثيقة هي تقرير قضائي يتكون من اقوال قادة الجيش الذين شاركوا في التحضير للتدبير الانقلابي امام القاضي صلاح الدين شبيكة الذي كلف رسمياً باجراء تحقيق قضائي مع كل منهم في اعقاب انهيار النظام العسكري.

    ورغم ان التحقيق شمل ايضاً السيد عبدالله خليل رئيس الوزراء الاخير في النظام الحزبي الديمقراطي الذي انقلب عليه الجيش إلاّ ان اقوال رئيس الوزراء لا تجيب على اسئلة اساسية لا تزال غامضة حتى اليوم.

    من اهم هذه الاسئلة : ما هي القوة الخارجية التي اوعزت بتدبير الانقلاب : هل هي مصر ام اثيوبيا ام الولايات المتحدة؟ ام انه كان هناك تواطؤ ما بين هذه القوى يستجيب للتوفيق بين مصالح كل منها؟
    ومن المؤسف انه لا يوجد على قيد الحياة الآن اي واحد من الشهود الرئيسيين.
    لقد حظى نظام «17 نوفمبر» بتأييد متين من مصر عبدالناصر وصداقة قوية مع اثيوبيا هيلاسلاسي والولايات المتحدة اللتين كانتا انئذً تعتبران مصر الناصرية عدوا استراتيجياً.

    كما هو معلوم فانه بعد سقوط النظام العسكري في اكتوبر 1964م عاد النظام الديمقراطي الحزبي ، ومنذ الوهلة الاولى لتشكيل الائتلاف الحكومي في ابريل من التالي بين الحزب الوطني الاتحادي بزعامة اسماعيل الازهري وحزب الامة بزعامة الصادق المهدي ووجه الحزب الشيوعي بعداء سافر.

    فالدور الرئيسي الذي لعبه هذا الحزب في تحريك وادارة ثورة الشارع التي اطاحت بالنظام العسكري جعل القيادات الحزبية التقليدية تتوجس من شعبيته المتنامية خاصة بعد ان كسب في الانتخابات العامة مقاعد الخريجين كلها تقريبا ،، من هنا كان التفكير لدى الحزبين الكبيرين في حظر الحزب الشيوعي.

    لقد بدأت مؤامرة حل الحزب بندوة طلابية برز خلالها بمداخلة تعمد فيها توجيه اساءات الى آل الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ان اعلن في صراحة مريبة انه يتحدث بلسان الحزب الشيوعي ، كانت تمثيلية مدبرة سلفاً لدفع الحزب بالالحاد تمهيداً للدعوة الى حظره.

    وتبقى الاسئلة الهامة بلا اجابة شافية حتى اليوم :
    _________________________________________________

    من ألف واخرج التمثيلية؟ هل هي السفارة الامريكية كما كان متداولاً في ذلك الحين ؟ وهل كانت «جبهة الميثاق الاسلامي» (الجبهة الاسلامية القومية لاحقاً) ضالعة في تدبير المؤامرة وتنفيذها؟.

    لكن لا يزال هناك شهود احياء .. فهل يتكلمون سواء بتثبيت الرواية او نفيها.
    هناك على الاقل الصادق المهدي ود. حسن الترابي.

    اسرار انقلاب 25 مايو 1969م نعرف عنه الكثير الآن من خلال ما صدر عن اقطابه من مذكرات منشورة او مقابلات اعلامية .. واهمها ما ورد على لسان السيد بابكر عوض الله من خلال سلسلة من المقابلات المتلفزة.

    لكن يبقى هناك جانب غامض.. الجانب المتعلق بالدور المصري في التحضير للعملية الانقلابية.

    فحتى اقوال بابكر عوض الله لا تساعد على اجلاء هذا الغموض.
    آجل .. هناك مؤشرات كثيرة بشأن ما قامت به عناصر الاستخبارات المصرية في آواخر ايام عبدالناصر في سياق تفاصيل تدبير الانقلاب لكنها مؤشرات مبتورة ومشتتة هنا وهناك.

    ورغم وجود الكثير من الشهود المباشرين على قيد الحياة - خالد حسن عباس ومأمون عوض ابوزيد وابو القاسم محمد ابراهيم .. وبالطبع الرئيس جعفر نميري (بالاضافة الى بابكر عوض الله) إلاّ ان هذا الجانب بالتحديد لا يزال غير مكتمل الوضوح.

    هناك احداث اخرى غامضة نسبياً من بينها ما دار في حوار عقب استيلاء الانقلابيين على السلطة بين الصادق المهدي وعضو مجلس قيادة الثورة فاروق حمدالله .. واسرار ضرب الجزيرة ابا.. واسرار محاكمات واعدام اقطاب في الحزب الشيوعي عقب اندحار انقلاب هاشم العطا.

    وخارج سياق انقلاب 25 مايوم 69 هناك اسرار اخرى تبقى اسرارً حتى اليوم ، على سبيل المثال طبيعة وتفاصيل علاقة «الحركة الشعبية» الجنوبية مع المنظمات اليهودية ومنظمات اليمين المسيحي في الولايات المتحدة.

    وهناك بالطبع ما بقى من اسرار انقلاب يونيو 1989م الذي جاء بنظام «الانقاذ» بعد ان افشى د. الترابي اطرافاً منها.
    ما يمكن ان يستخلص من كل هذا السرد يتجسد في تساؤل واحد : كيف ينسى تزويد الاجيال الصاعدة والاجيال المقبلة بتسجيل امين ودقيق ومفصل لتاريخ السودان السياسي المعاصر؟.
    _______________________________________________________

    : كيف ينسى تزويد الاجيال الصاعدة والاجيال المقبلة بتسجيل امين ودقيق ومفصل لتاريخ السودان السياسي المعاصر؟.


    لـو ظـل الجـميـع والذين يلـمـون بكل الـحـقائـق ويـعـرفـون كل خـبايا الاحـداث واسـرارهـا عـلي صـمـتـهـم وعـدم رغـبتهـم فـي فتـح ماعـنـدهـم مـن ملفات ووثائـق ، عـنـدها لـن يكون عـنـدنا تاريـخ واضـح ومـدون تـدوينآ امـينـآ!!
                  

04-01-2008, 09:56 PM

Abdelmuhsin Said
<aAbdelmuhsin Said
تاريخ التسجيل: 10-10-2006
مجموع المشاركات: 2678

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    تسجيل حضور ومتابعة


    مودتى
                  

04-01-2008, 10:58 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    الأخ الـحبيب الـحـبوب،
    يسرى معتصم،

    تـحـية طـيبة،
    وألـف شـكر علي مـشاركتك الـمتمـيـزة.

    وهـاك الـمـزيد عـن اســرار 6 أبريل ، والسـؤال حـول هـوية ودور سـوارالذهـب!

    لك مـودتـي.

    1 -
    "سوار الذهب".. أكبر أكذوبة !
    _____________________________

    جميع الحقوق محفوظة لقناة العربية © 2008

    الثلاثاء 13 جمادى الثانية 1426هـ - 19 يوليو2005م
    خالد عويس:

    بعد اعلان الرئيس اليمني علي عبدالله صالح عزمه عدم الترشح في الانتخابات المقبلة، تجدد الحديث مرة أخرى عن تفرد الرئيس السوداني الأسبق عبدالرحمن محمد حسن سوار الذهب بتركه السلطة طواعية.

    وعاد بعض المحللين لرسم صورة غير واقعية البتة عنه. سوار الذهب لم يكن يتحلى بقوة الارادة اللازمة للانحياز – كوزير للدفاع – بالجيش إلى الشعب السوداني في تلك الساعات المفصلية التي ثار فيها على حكم الديكتاتور جعفر نميري.

    وكان يؤثر السلامة على مجرد التفكير في "خيانة" نميري الذي عرف بسحله لكل من تسول له نفسه من العسكريين بالانقلاب عليه.سوار الذهب كان مرغما على القبول بترؤس المجلس العسكري الانتقالي الذي تألف في 6 أبريل 1985 ويعود لأعضائه – قادة الأفرع العسكرية الرئيسة – الفضل في وقوف الجيش السوداني إلى جانب الخيار الشعبي بتنحية نميري. وضع هؤلاء الضباط الكبار الذين اتخذوا قرار الاطاحة بالطاغية، سوار الذهب في الساعات الأخيرة من الانتفاضة الشعبية أمام خيارين، إما أن يرأس المجلس بوصفه وزيرا للدفاع وأرفع الرتب العسكرية في الجيش بعد جعفر نميري الذي كان في رحلة إلى الولايات المتحدة وقتئذ، أو مواجهة مصير مجهول فيما لو قرر الوقوف إلى جانب الرجل الذي اختاره وزيرا لدفاعه !والحق، إن الجيش السوداني في الأيام الستة الأولى من أبريل 1985 كان هو الآخر أمام خيارين، مواجهة الجموع الثائرة التي عجزت الشرطة السودانية والأجهزة الأمنية عن التصدي لها، أو اغتنام الفرصة والاطاحة بالديكتاتور الذي لم يتورع عن ذبح آلاف السودانيين كان آخرهم المفكر محمود محمد طه.ولم يكن هؤلاء الضباط منبتين عن فهم التجربة السودانية على الشاكلة ذاتها التي اطاحت بحكم الجنرال إبراهيم عبود في أكتوبر 1964 من خلال الضغط الشعبي.

    وسوار الذهب، الذي اختاره نميري لضعف شخصيته إلى حد ما، لم يكن مدعوما من الجيش للاستمرار في الحكم حتى لو أراد ذلك. فالجنرالات الذين اتخذوا قرار إنهاء حكم نميري، كانوا راغبين في تسليم السلطة للشعب عبر انتخابات ديمقراطية جرت بالفعل بعد عام. وفي دستور السودان الانتقالي للعام 1985، نصت المادتان السادسة والسابعة من الباب الثاني بوضوح على ارساء الديمقراطية وحرية تكوين الأحزاب. وخلال الفترة التي سبقت انتخابات 1986، كانت الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني في قمة فاعليتها وقدرتها على تحريك الشارع وقطع الطريق أمام أية محاولة لاستمرار حكم سوار الذهب.وكان أعضاء المجلس العسكري الانتقالي حريصين على إجراء انتخابات ديمقراطية حاولت بعض الأحزاب تأجيلها حتى تكمل استعداداتها بعد ستة عشر عاما من العمل السري، غير أنها جوبهت برفض قاطع من قبل هؤلاء بالاستمرار أكثر من عام.

    إن ما يتردد عن سوار الذهب كرئيس اختار طواعية التنازل عن السلطة، هو فهم مغلوط. فالسلطة ذاتها لم تكن سلطة عسكرية ولا انقلابية. الشعب السوداني هو الذي نحى نميري. وقادة الأفرع العسكرية هم الذين عضدوا هذا الخيار الشعبي الجارف بقرارهم تحييد الجيش في المعركة التي كان ينوي نميري زجه فيها ضد الثائرين، بل ووضعوه في نهاية المطاف في مجرى التغيير والثورة.إذا كان ثمة من يستحق التكريم، فهم أولئك الضباط الكبار الذين جنبوا السودان "تاريخا دمويا" كان سيؤرخ في أبريل 1985 عوضا عن التاريخ الذي بقي إلى اليوم إلى جانب 21 أكتوبر 1964 شاهدا على قدرة الشعب السوداني على هزيمة الأنظمة الديكتاتورية. ويستحق هؤلاء التكريم أيضا لأن الجميع يتناسى دورهم العظيم في اتخاذ قرار حاسم، وارغام وزير الدفاع - سوار الذهب - على القبول به، وايفائهم بالوعد الذي قطعوه على أنفسهم بتسليم السلطة للشعب السوداني.
    ___________________________________________________________________

    2 -
    المشير عبد الرحمن سوار الذهب
    هل معادن الناس من أسمائها؟؟}.
    --------------------------------
    www.altareekh.com/vb/showthread.php?t=42119 - 69k - Cached - Similar pages

    مصري قديم:

    د. نعمت عوض الله.

    كَانَتْ هَذِه أوََّلَ صَلاةِ جُمْعَةٍ أُؤَدِّيها فِي الْسوُدانِ ... بَلْ أوّلَ صلاةِ جماعةٍ أصلاً ...حيث وصلْتُ فجر اليوم وكلّ ما فعلته هو النوم قليلاً قبل آذان الظهر ...

    المسجد رحب وفسيح ..قالوا لي : إنَّه مِنْ أكبر مساجد الخرطوم ..أنا لا أهتم بالمساحات بل يشدني في المساجد الشعور بالراحة والسلام التي تتوزع على المصلين.. صليت تحية المسجد ثم جلست أنتظر الآذان ...أُسبِِِِّح وأسْتغْفر .... ولمحت سريان هَمْهَمَةٍ مِنْ حَوْلي كتلك التي تصاحب حدوث شئ هام أو ظهور شخصية عامة بين الناس ..فتلفَّت يميناً ويساراً ؟ ولكنِّى لمْ اَلْمَحُ شيئاً غير عادى ..كُلُّ ما رأيْتُه رجلاً وقوراً؟ قام أحد المصلين يصافحه بحرارة ثم جلسا جنباً إلي جنبٍ ببساطةٍ ...ثم وجدت بعض المصلين الآخرين يلتفتون ليسلموا على الرجل ... فعرفت أنَّه شخصية معروفة . لم أتعرف عليه ولكنى رأيت في وجهه وقاراً وتقوى ولا أُزكى على الله أحداً .

    بدأت الخطبة ثم الصلاة وبعدها وجدت أن اغلب من في المسجد يسلم ويحيى الرجل ومن باب الفضول، وربما لأنني شعرت أنه غالبا أحد المشايخ ؟ ذهبت لأصافحه ..وفى طريقي أحببت أن أتعرف على اسمه حتى أناديه به عند التحية ...فسألت الواقف إلي جواري : من هذا الرجل ؟؟؟ قال : بكل بساطة هذا هو المشير عبد الرحمن سوار الذهب رئيس الجمهورية الأسبق ......

    طبعا لم أسلم عليه .... لم أصل إليه أصلا فقد خرج الرجل مسرعا ... ووقفت أتأمل الموقف ..هذا الرجل كان رئيسا للجمهورية .... أُخْتير رئيسا للمجلس الأعلى العسكري الانتقالي في السودان سنة 1985م فأعاد البلاد للنظام الديمقراطي، وسلم الحكم لمن انتخب عام 1986م ...كيف لم يتمسك بكرسي الحكم ,,,, كيف هان عليه أن ينتقل من أعلى سلطة إلي مجرد رجل عادى . لا بد أنه شخص غير عادى

    بحثت مجتهدا عن ماهية الرجل فلم أجد إلا سيرة ذاتية مبسطة عن تاريخ ميلاده في 1935 ودراسته وتخرجه من الكلية الحربية في عام 1955 ..وبعض دورات حضرها في الدول العربية والأجنبية ... ثم توليه لرئاسة الأركان ثم وزارة الدفاع.......

    ولفت نظري أنه فاز بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام لعام 1424-2004 هذا الرجل باحث عن الجنة إذن وليس عن المناصب والمجد ... عن طريقة شبكة المعلومات اكتشفت أنه الآن رئيس مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية في السودان، التي شيدت أكثر من 55 مدرسة ثانوية، و150 مدرسة ابتدائية ومتوسطة ؟ أكثر من 2000 مسجد في أفريقيا وشرق أوروبا و14 مستشفى عاما ومتخصصا، وحوالي 800 مستوصف، و120 مركزا للطفولة والتغذية ورعاية الأمومة والتحصين. 6 ملاجئ للأيتام والإشراف عليها في أفريقيا. وأخيرا وليس آخرا حفر أكثر من 1000 بئر للمياه، وحفر أكثر من 10 محطات للمياه في أفريقيا. استطاع الرجل أن يقدم كل ذلك في 18 عاما ......

    هذا العدد الكبير من الآبار والمساجد والمستشفيات والمدارس ..
    بهرني تواضع الرجل وايجابيته وصدق توجهه لخدمة الإسلام والمسلمين ..فلقد قدم بحوثا في مؤتمرات كثيرة عن الإسلام والدعوة إليه، والتحديات التي تواجهه، وذلك على المستوى المحلي، والإسلامي، والعالمي.
    ولقد كانت كلمته التي ألقاها في حفل تكريمه وساماً آخر على صدره لنبلها ومصداقيتها ..فلقد أعرب فخامة المشير عن اعتزازه بهذه الجائزة وشكره للندوة التي رشحته لنيلها، وقال: إنه تفاجأ بإعلان اسمه فائزاً بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، فهو يرى نفسه أنه لم يقدم شيئاً . وأعلن المشير أنه يعتز بنيل جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام أكثر من اعتزازه بأي منصب تقلده في بلاده من قائد الجيش السوداني إلى وزير الدفاع، وحتى منصب رئيس الجمهورية.

    أليس هذا الرجل مثالا يُحْتذي به ؟؟؟ ألا يستحق أن تُدَرَّس سيرته ؟؟
    لا أعتقد أنِّى وفَّيْته حقه ولكن عذري أنه يعمل لله ولرفعة دين الله وليس لشهرة أو جاه أطال الله بقاء الرجل ومتعه بالصحة والعافية وأكثر من أمثاله فنحن في أمسِّ الحاجة إلي الاقتداء بمن يشغل نفسه بالحقيقة ويبتعد عن التوافه ويعمل مخلصاً أميناً لرفعة شأن الإسلام والمسلمين

    د. نعمت عوض الله
    ____________________________________________________________


    رغـم مـرور 23 عـامآ عـلي انتفاضـة 6 ابريل 1985 وانحـياز القوات الـمسـلحـة الـي جـانب الشارع السـودانـي، فان لغـز سـوار الـذهـب وحـقيقة دوره فـي الانتفاضــة مازال مـبـهمـآ ويرفـض زمـلاءه فـي السـلاح إماطـة اللثام وفك شـفرة الألـغاز الـتـي تكـتنف حـقيقـة دور سـوار الـذهـب فـجـر 6 ابريل 1985!!!

                  

04-01-2008, 11:30 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    في الحكم والثقافة الدينية:

    الدين والعلاقات المدنية - العسكرية.
    ---------------------------------------

    www.islamonline.net/iol-arabic/ qadaya/qpolitic/politic-3.asp - 59k - Cached - Similar pages

    أولى المفارقات في مرحلة ما بعد الاستعمار نجدها مثيرة ومزعجة، فاتنة ومقلقة، وتتمثل هذه المفارقة فيما يلي:
    إن الإسلام في الزي العسكري (العسكريون المسلمون) في إفريقيا ما بعد الاستعمار أكثر قمعًا من المعتاد، وأن الإسلام في الرداء المدني في إفريقيا أكثر تسامحًا من المعتاد. فالإسلام المسلح في إفريقيا شديد الاستبداد، والإسلام المدني شديد التسامح.
    لكن ما حقيقة هذا الأمر؟ وما أسباب ذلك؟ وما نتائجه؟.
    -------------------------------------------------

    تجربة السودان:
    ------------------

    وتعد السودان حالة أكثر تعقدًا. فجنوب السودان منذ عام (1955م) في حالة اضطراب ما أن يخمد حتى يعاود الظهور من جديد، والغالبية العظمى من سكان الجنوب غير مسلمين.

    والجزء الأكبر في السودان هو الشمال السوداني المسلم، وفي الشمال تصدق حقيقة أن السلطة المدنية المسلمة تسامحية على نحو بعيد -بغض النظر عن الحرب الأهلية في الجنوب- (9).

    ومثل العديد من البلدان الإفريقية الأخرى، فإن السودان قد خبُرت كلاً من نظم الحكم العسكرية والمدنية (10) . في ظل الحكم المدني في السودان لم يُعرف الاعتقال السياسي حقيقة، ولم يكن التفكير في دولة الحزب الواحد واردًا، ولم تقم أبدًا أي محاكمات سياسية، ولم تقع أي اغتيالات سياسية.

    وعلى الجانب الآخر، فإن الحكومات العسكرية في السودان قد بدأت بداية هشة نسبيًا، فالجنرال إبراهيم عبود الذي استولى على السلطة في نوفمبر عام (1958م) كان أول حاكم عسكري في إفريقيا يتم إقصاؤه من خلال مظاهرات شعبية في أكتوبر- نوفمبر عام (1964م)، لقد كان نظامًا شديد الهشاشة، حتى أنه ترك نفسه ليطاح به من خلال المدنيين الغاضبين.

    ومرة أخرى كان النظام المدني التالي متعدد الأحزاب في السودان متسامحًا إلا أن هذا الهدوء النسبي انتهى في مايو عـام (1969م)، عندما قام العقيد محمد نميري - يساري حينذاك - بالإطاحة بالمدنيين وإقامة ما عرف بالمجلس الثوري.

    وأصبح نميري نفسه رئيسًا بالانتخاب في عام (1971م)، ثم قام بعد ذلك بحل المجلس الثوري، وأنشأ تنظيم الاتحاد الاشتراكي السوداني كحزب سياسي شرعي وحيد.
    وعلى عكس النظام العسكري لإبراهيم عبود (1964 -1969م) لم يكن نظام نميري العسكري بنفس درجة الهشاشة، فمن وجهة نظر المتدينين كانت أفظع أعمال النظام الحاكم هي إعدام محمود محمد طه -الرجل المسن- بتهمة الهرطقة والردة.

    وعلى الجانب الآخر أجرى نميري مباحثات، ووصل إلى اتفاق "أديس أبابا" مع السودان الجنوبي في (1972م)، ومنح السودان الجنوبي عقدًا من السلام. إلا أن نظام نميري كان هشًا بما يسمح بالإطاحة به من السلطة عبر مظاهرات شعبية في شوارع الخرطوم في (1985م).

    وبعد فترة انتقالية قصيرة للمجلس العسكري المؤقت -لمدة عام بقيادة الجنرال سوار الذهب من أبريل 1985م) حتى أبريل (1986م)- عادت السودان مرة أخرى إلى الحكم المدني بقيادة الصادق المـهدي كـرئيس للوزراء، وكان من المتوقع أن يكون نظام الحكم المدني الإسلامي أكثر تسامحًا من المعتاد.

    وبمقياس بيت الحرية - سالف البيان- تمتعت السودان بأعلى درجات الحقوق السياسية في الفترة (1986 - 1988م)، حيث حصلت على أربع درجات، لكن درجات الحقوق الاجتماعية لم تتغير نسبيًا عن الفترات السابقة، رغم أنها كانت أفضل منها في الحقبة الأولى لنميري.

    ولسوء الحظ لم تستمر الحقبة المدنية طويلاً، ففي 3 يونيو (1989م) تمت الإطاحة بحكومة الصادق المهدي بواسطة انقلاب الجنرال عمر حسن أحمد البشير، الذي أثبتت حكومته أن الحكام المسلمين في الزي العسكري أكثر قمعًا من المعتاد، فنظام حكم البشير هو الأكثر قسوة وعنفًا من كافة نظم الحكم العسكرية التي عرفتها السودان، ويدعي هذا النظام أنه الأكثر وعيًا بالإسلام.

    ويشير مقياس درجات الحقوق السياسية والاجتماعية في السودان إلى أن الفترة من (1989 - 1994م) هي الأسوأ في تاريخ هذين النوعين من الحقوق. فقد وصلت الدرجات إلى أسوأ معدلاتها على المستويين، الأمر الذي يعني أن الوضع في ظل حكومة البشير هو الأسوأ حتى من وضع السودان في ظل حكم نميري، الذي كانت درجة السوء (6 درجات) أقل منها في عهد البشير.

    ويقدم لنا السودان بناء على ما سبق نموذجًا لكلا الجانبين من التفسير الثنائي المتمثل في أن السلطة المسلمة في الثياب المدنية أكثر تسامحًا، وأن السلطة الإسلامية في الزي العسكري أكثر قمعًا.
    (
                  

04-02-2008, 10:39 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    الاخ الـحبيب الـحـبوب،
    Abdelmuhsin Said

    تـحـية طـيبة،
    , وشـكرآ علي متابعتك.
    ..... واواصـل مـع مـودتي لك.

    6 أبريل 1985 ( مـسـاءآ ):
    -------------------------------

    1 - رغـم الافراح التـي عـمت الجـميع بزوال حـكم نـميـري الذي جـثـم علي الصـدور وطوال 16 عامـآ ، ورغـم الفرح بانـحياز القوات الـمسلحة لجـانب الـمنتفضـييـن فـي الشارع السـوداني الا ان التساؤل حـول عـدم حـل جـهاز الامـن القومـي ظل يقلق بال الـملاييـن. البعض راح ويقول صـراحةانه لايثق فـي سـوار الـدهب وان نـظام حـظر التـجوال الذي فرصـة ربـما تكون خـديعة مـنه ليعود نـميـري للخرطوم فـي ظل خـلو الشوارع مـن الـمتظاهرين
    وحـلول الظلام وراح اصـحاب هـذا الاعـتقاد يقول ان سـوار الذهـب ادي قسـم البيعة والولاء لـنميـري واقسـم علي الـمصـحف ان يكون علي العـهـد مـخلصـآ لولاية نـميـري وامامته، ولـهذا فان سـوارالذهب - بـحـسب نظـرية اصـحاب هـذه الفكرة - سـيعمل عـلي عـودة نـميـري!!!

    2 - انفـضـت الـمظاهرات في تـمام الساعـةالثالثة ظـهرآ وخـلت الشـوارع مـن الـمتظاهـرين وراح كـل مواطن بـمنـزله يـنتظـر نشـرة اخـبار الساعـة الثالثة ظـهرآ امـلآ ان يسـمع اخـبارآ طـيبة جـديـدة تزيل مـخاوفه واوهامـه،

    3 - وجـاءت اخـبار ولـم يكن فيـها الا اعـادة للقرارات العسـكرية الـقديـمة وتـحـذيرات بـخـصوص حـظر التـجـوال،

    4 - بيـنما والناس مـلتـزمون بـمنازلـهم احـتـرامآ لقانون حـالة الطـوارئ انطلقت اشـاعة قوية بالليل تفيـد ان بعـض الضـباط الكبار بالـحاميات البعـيدة غاضـبون مـن تشـكيلة الضباط الذين يـحكمون البلاد مـع سـوار الذهب وانهـم خـرجـوا مـن تقسـيـمة المناصـب لانـهـم ليسـوا ضـباطآ بـمدينة الخـرطوم ، وان كـعكة السـلطة تقاسـمها اصـدقاء سـوار الذهب ولـهذه الاسـباب - وبـحـسب مـاجاء فـي الاشـاعة - انـهم لايعترفون بالوضـع الـحالـي وسـيتـحركون للخـرطوم لاسـقاط نظام سـوار الذهب الـجـديـد و....( يـافيـهـا... يانـفسـيـها!!!)،

    5 - الـجـهة الوحـيـدة التـي ظلت مـستيقظـة وفي حـالة طـوارئ واجـتماعات مـتواصلة بلاكلل اومـلل وفـي حـالة انعقاد دائـم ومشاورات مـسـتمرة بـدار الاساتـذة بـجامعة الـخرطوم كانت ( الـتـجـمع ). وراح اعـضاء التـجـمع ويدرسـون الاوضـاع فـي حـالة انقلاب عسـكري جـديـد،

    6 - انطلقت فـي نفس الليلة ( 6 أبريل ) اشاعـة اخـري قـوية تقول ان اعـضاء جـهاز الأمـن سـيسـتغلون فرصـة حـظر التـجوال وينـزلون للشـوارع الـخالية ويبسـطون فيـها سـلطـتهـم وسـيكونون مسـلحـييـن باقوي عـتادهـم لـمجابهـة اي تظـاهرات جـديـدة قـد تـحـدث صباح اليوم التالـي، وانـهـم ينتظـرون وصـول ( ابـعاج ) فـي اي لـحـظة وسـيكون فـي اسـتقباله سـوار الذهـب شـخـصيآ!!!

    7 - كانت ليلة 6 ابريل وحـتـي صـباح اليوم مـن الليالـي التـي لاتنـسـي، مليئه بالارق والـهموم والـخوف مـما سـيقع صـباح اليوم التالـي......
                  

04-02-2008, 10:51 AM

تيسير عووضة
<aتيسير عووضة
تاريخ التسجيل: 12-20-2005
مجموع المشاركات: 7136

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    سرد تأريخي مبسّط وشيق
    تسلم يا د. بكري ..


    ولك التحية ..
                  

04-02-2008, 11:20 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    الاخـت الـحـبيبة الـحـبوبة،
    تيسـيـر عـووضـة،
    تـحـية طـيبة،
    واتشـرفـت جـدآ بـحـضـورك الـجـميل.

    ولك مـودتي.

    ملـحـوظة، اتـمـنـي ان نتخـاطب بـدون الالقاب العلمـية، ونكون سـواسية كاسنان الـمشـط في الـمنبـر الديـمقراطـي.

    ....................................................

    الثـلاثاء 7 ابريل 1985:
    ---------------------------

    1 - فـي صـباح هـذا اليوم امـتلئت شـوارع الخـرطوم بـمئات الألـوف مـن الـمتظاهرين وهـم ممـتلئون غـضـبآ مـن عسـكر النظام الـجـديـد الذي يتـركهـم فريسـة للهواجـس والاشاعات ، ولااحـدآ مـن هـؤلاء الـضباط الـجـدد
    ويقوم بتوضــيـح الامـور للجـماهـيـر.

    2 - مـن الاشـياء التـي زادت الطـين بلة وزادت مـن الاوضاع سـؤآ، ان البلـد كان بلا حـكومة ، فكل الوزراء السابقييـن تـم اعتـقالـهـم، ووكـلاء الوزارات ( الوزراء بالانابة ) كانوا فـي اجـتماعات مـستـمرة بـمقر مـجلس الوزراء مع اعضاء الـمجلس العسكري الـحاكم، وبعض الوزارات وقعـت فيـها حـوادث شـغب شـديـدة مابيـن بـعض الـموظفييـن وانصار الاتـحاد الاشـتـراكي الـمنحل، وجـهاز الامـن يبسـط سـيطرته علي جـزء هـام بـمنطقة الـخرطوم ويـهـد الـمواطـنييـن مـن الاقتـراب او الـمرور بـجـوارها،

    3 - خـرجـت مـظاهـرات 7 ابريل العارمـة واتـحـد الـمتظاهرون تـحـت شـعار ( لـن يـحكمـنا جـهاز الأمـن القومـي )... ( لن تـعود ياسـفاح ).

    4 - الـخرطوم كانت يوم 7 ابريل فـي قـمة الفوضـي العارمـة بسـبب ابتعاد الضباط الـجـددعـن الالتـصاق بالشـعب والنـزول اليـهم ومـخاطبتهـم وجـهآ لوجـه وتوضـيـح الـمواقف بـدقة والاسـتماع الـي تساؤلاتـهـم وتركوا الشائعات الـمحبطة تـملأ الشوارع ودون ان ينـفيها احـدآ مـن اهـل السـلطة الـجـديدة، وايـضآ ودون ان يـوضـحوا لـماذا لـم يـحلوا جـهاز امـن الـدولة اسـوه بـحل الـحكومة والاتـحاد الاشـتـراكي وروافـده!!!!

                  

04-02-2008, 11:33 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    عمر محمد الطيب :
    ســـوار الذهب صدمني .. وعثمان عبد الله قال يوم 3 ابريل Shoot & kill «اضــــرب واقتل»..!
    -----------------------------------

    ©2007 Alwatan News صحيفة ( الوطن ). All rights reserved.
                  

04-02-2008, 12:07 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    من حل جهاز امن الدولة؟؟الحلقة الأولى:
    ----------------------------------------------

    جميع الحقوق © 2006 لصجيفة ( السودانى ).

    تحقيق حنان بدوي:

    * المجلس العسكري ردَّ على اللواء السر أب أحمد "نحن لينا ثلاثة أيام بدون جهاز أمن الحصل لينا شنو..!!"

    مفهوم جديد للأمن استحدثه المجلس العسكري الانتقالي.. البقاء على قيد الحياة لثلاثة أيام دليل يثبت عدم الحاجة لجهاز الأمن..!!

    في هذه الحلقة سأقدم لكم إفادات ربما تنشر لأول مرة.. مباشرة من أفواه شهود العيان على تلك الفترة ومن داخل جهاز أمن الدولة.. العميد أمن هاشم أبو رنات يشغل منصب مدير مكتب رئيس جهاز أمن الدولة الفريق عمر محمد الطيب حتى لحظة سقوط نظام مايو في أبريل 1985.. وشهادة من العقيد أمن محمد الفاتح عبد الملك.. أخطر ضابط في الجهاز.. حامل المفاتيح وأمين سر المعلومات الحساسة التي كانت تقبع في خزائن جهاز الأمن.. العميد أمن (م) هاشم ابو رنات كان من أهم الشخصيات في جهاز أمن الدولة..

    صراع داخل المجلس العسكري:
    ------------------------------
    قال لي العميد أمن أبو رنات إن صراعاً حاداً نشأ داخل قيادة المجلس العسكري.. بعض أعضاء المجلس العسكري كانوا أكثر تشدداً لاتجاه قرار الحل.. ربما متأثرون بالشائعات التي كانت تملأ الجو السياسي.. وروّجت لجهاز الأمن كغول عملاق قادر على الإطاحة بالحكومة الجديدة.. كانت الشائعات تتردد في الشارع أن جهاز أمن الدولة يضم (70) ألف فرد مدججين بالسلاح.. ومخازن للصواريخ تنتشر في ابنيته المتعددة..

    ويسخر العميد أبو رنات من المشهد وهو يتذكر حادثة في اليوم الأول للانتفاضة كادت تجر مذبحة كبرى.. بسبب هذه الصورة المضخمة للجهاز..

    يقول العميد أمن أبو رنات "في أول يوم بعد إعلان الإطاحة بنظام الرئيس النميري.. اتصل بنا حرس البوابة وقالوا إن هناك مظاهرة جماهيرية تتجه نحو مباني الجهاز.. نزل بعض الضباط إلى الفناء للسيطرة على الموقف.. في هذه اللحظة سمعنا صوت إطلاق رصاص.. كان ذلك واحداً من حرس البوابة أطلق رصاصة في الهواء لإبعاد الجماهير عن مباني الجهاز.. لكن ماذا كانت النتيجة ؟؟".

    هيلوكوبتر.. تهدد جهاز الأمن بالصواريخ..!!
    ----------------------------------------
    يواصل العميد أبو رنات روايته "كان أحد ضباط الأمن يصرخ بقوة في الحرس أن لا يطلقوا النار.. لكن المدهش في الحال انفضت المظاهرة بسرعة.. كانت الصورة المرعبة للجهاز في ذهن كل متظاهر.. ولكن المفاجأة الكبرى جاءت بعد ذلك.. رأيت بأم عيني طائرتين هيلوكبتر محملتين بالصواريخ تحلقان على ارتفاع منخفض فوق مبنى رئاسة جهاز أمن الدولة..".

    الصورة التي رسمها أبو رنات.. أن الشائعات انطلقت بسرعة بعد حادثة إطلاق النار.. وظن الجميع أن جهاز الأمن قرر مقاومة الانتفاضة والتمسك بالولاء للنظام السابق.. ويبدو أن الجيش نفسه صدَّق تلك الشائعات فأسرج طائراته الهيلوكبتر لمواجهة جهاز الأمن.. شرارة واحدة كانت كافية لإحراق الخرطوم في أتون معارك بالقنابل والرصاص بين الأمن والجيش. لكن الطائرتان حلقتا فوق مباني الجهاز وكان واضحاً لهما أنه ليس هناك أي مظاهر لتمرد أو مقاومة فعادتا أدراجهما..

    في هذه الأجواء كان المجلس العسكري الانتقالي يناقش فكرة حل جهاز أمن الدولة.. وخلف كل قرار عظيم.. مستفيد عظيم..!!

    كتيبة النميري ترفض الاستسلام..!!
    -------------------------------------

    يقول العميد أمن هاشم أبو رنات عدد أفراد جهاز أمن الدولة لم يتعد إطلاقاً الرقم (3100).. يقومون بكل مهام جهاز الأمن داخلياً وخارجياً.. عدد الذين يجيدون منهم استخدام السلاح والتصويب لا يزيد عن (60) فقط.. والسبب في ذلك أن الجهاز كان يختار (90%) من عناصره من الخدمة المدنية والخريجين. ولا يمتلك جهاز الأمن أسلحة سوى الخفيفة التي لا تؤهله لإحداث تمرد.. ومع ذلك فللتاريخ كانت الكتيبة الوحيدة التي تمردت وعزمت على خوض معركة حتى آخر رمق للدفاع عن نظام الرئيس النميري.. كتيبة تسمى (كتيبة النميرى).. إلا أن الرائد حسن مقبول أقنعها بالاستسلام.

    المخابرات الأجنبية.. في خدمة الشعب السوداني..!!
    ----------------------------------------------------
    يؤكد أكثر من مصدر التقيت بهم صحة الرواية الشائعة بين الناس أن دبلوماسياً من دولة أفريقية مجاورة كان لها حساسيات أمنية مع السودان في ذلك الزمن.. هذا الدبلوماسي شوهد يتصدر مظاهرة حاشدة كانت تهتف بسقوط جهاز أمن الدولة.. الأجندة الأجنبية كانت حاضرة بقوة في قرار حل الجهاز.. بل كانت قوة محرِّكة تدفع في اتجاه تصفية الجهاز وترك البلاد مفتوحة الصدر لنشاط الاستخبارات المعادي.

    يقول العميد أمن هاشم أبو رنات "شاهدت المظاهرة يتقدمها ذلك الدبلوماسي الذي يشغل وظيفة استخبارية في سفارة بقرب الجهاز تحمل شخصاً على الاعناق وكان الشخص المحمول هو مساعد القنصل الاثيوبي وقام أفراد الجهاز بتصويره..".

    (انتو سدنة..)!!
    ------------------------

    المجلس العسكري أصبح أكثر توجساً والمظاهرات تجوب الشوارع إذ لا بد من قرار كان متوقعاً، يداهن الاندفاعة الجماهيرية المحمولة على أكتاف الشعارات العاطفية.. ولم يكن المجلس العسكري متماسكاً في النظرية السياسية.. فهو حاصل جمع قادة الوحدات العسكرية في العاصمة.. ولا تتناسب خبرته في إدارة الحكم واتخاذ القرارات السياسية مع مثل ذلك القرار.. لكن رغم ذلك ذهب حتى آخر الشوط وأصدر القرار.. الذي أطاح كلياً بجهاز أمن الدولة.. وترك البلاد عارية في عالم يعج بالاستخبارات.

    يروي العميد أمن هاشم أبو رنات أن مجموعة من ضباط القوات المسلحة قالوا للفريق السر محمد أحمد (السر أب أحمد ).. "انتو تكونوا سدنة لو ما حليتو الجهاز!!".. رد عليهم اللواء السر محمد احمد "علي الطلاق أنا لو ما عايز مصلحة البلد كنت أجيب ليكم الهجانة تهدكم كلكم..".

    ثلاثة تقارير أمنية.. كاذبة..!!
    ---------------------------------

    وقال لي ابو رنات إنه بعد الضغوط التى واجهها الفريق السر محمد أحمد من ضباط القوات المسلحة قام المجلس العسكري باستدعائه وقالوا له: "نحن قررنا نحل الجهاز استناداً على تقارير وصلتنا..".

    سألهم اللواء السر محمد أحمد ولكن هل تحرى المجلس العسكري عن صحة هذه التقارير وهل الذين جاءوا بهذه التقارير شخصيات موثوق بها ومن هم؟

    يكشف العميد أمن هاشم أبو رنات سر هذه التقارير الثلاثة.. التقرير الأول كتبه ضابط (ذكر لي اسمه).. يصفه أبو رنات بأنه أحد الضباط الذين كانوا على شفا حافة الفصل من الجهاز قبل الانتفاضة، وكان مشهوداً له بالكذب وتسنده خلفية فشل وسقوط في الكلية الحربية وبقي في الجهاز وتدرج إلى أن وصل رتبة محترمة ثم أرسل مساعد قنصل في دولة عربية وطلبت الدولة العربية إبعاده لعلاقته بالمعارضة.

    هذا الضابط كتب تقريراً من (15) صفحة حكى فيها عن قصص أشبه بالأساطير عن جهاز الأمن وممراته وسراديبه السرية وفساد المسؤولين فيه وتهريب العربات حيث كلفت هذه الحكايات لجان التحقيق كثيراً من الجهد والمال. وكان لتلك الحكايات والأكاذيب أثر مباشر في قرار تصفية الجهاز.

    أما التقرير الثاني، كتبته الاستخبارات العسكرية، جاء فيه إن نميري يستعد للعودة للسلطة وبمساندة قوات مصرية ، اتضح فيما بعد أنها محض هواجس وكوابيس..

    والتقرير الثالث، كان -أيضاً- من الاستخبارات العسكرية يحوي إشارات لاسلكية غريبة التقطتها من أجهزة مضادة فسرت بأن مصدرها جهاز الأمن.

    (لينا ثلاثة أيام بدون جهاز أمن الحصل لينا شنو؟؟)
    -:----------------------------------------------------

    وروى ابو رنات على لسان الفريق السر اب أحمد عندما عرض عليه المجلس العسكري قراره النهائي بحل الجهاز قال لهم: "نحنا الجهاز بنعرفو كويس وأصبح ليهو سمعته ولو عايزين تكونوا جهاز أمن جديد فإنكم تحتاجون لضعف المدة التي تكون فيها.. ثم كيف انتو تخلو السودان بدون جهاز أمن..".

    كان اللواء السر محمد أحمد يخوض معركة غير متكافئة.. ضد ظروف متراكبة كلها ضد جهاز أمن الدولة.. وعلى رأسهم قائمة المستفيدين!!

    يروي العميد هاشم أبو رنات أن المجلس العسكري ردَّ على اللواء السر أب أحمد قائلين: "نحن لينا ثلاثة أيام بدون جهاز أمن الحصل لينا شنو..!!".

    مفهوم جديد للأمن استحدثه المجلس العسكري الانتقالي.. البقاء على قيد الحياة لثلاثة أيام دليل يثبت عدم الحاجة لجهاز الأمن..!!

    ولكن هل صحيح أن تلك الثلاثة أيام الأولى بعد الانتفاضة التي مرت بدون جهاز أمن لم تحدث خلالها مهددات ومخاطر أمنية؟؟

    هنا يشير العميد ابو رنات إلى واقعة حدثت خلال تلك الفترة.. ويقول في الأيام التي كانت البلاد فيها بدون جهاز امن رصدت ثلاثة شاحنات كبيرة مليئة بالأسلحة دخلت الخرطوم من المدهش أن الذين رصدوا تلك الأسلحة هم أفراد جهاز الأمن المحلول، وهذا إن دل إنما يدل على أن الذين كانوا يعملون بالجهاز كانوا يتميزون بالوطنية وشرف المهنة... حتى ولو كانوا في وضع المنبوذ المشرَّد من الخدمة.

    اعتقال ضباط الأمن ما عدا أبو رنات..!!
    --------------------------------------
    ويمضي أبو رنات في حديثه.. ويقول.. بعد أن فشل الفريق السر في اقناع المجلس العسكري بعدم حل الجهاز أصدر المجلس قرار الحل وفي الصباح الباكر بدأ تنفيذ أمر الاعتقال لضباط الأمن وتصفية جهاز أمن الدولة.. وجاء السر أب أحمد إلى مقر الجهاز واجتمع بهم وطمأنهم بأن الأمور سوف تصحح.. وختم كلامه بآية قرآنية "كل نفس بما كسبت رهينة".

    بعدها بدأت خطوات تنفيذ الاعتقال ثم النقل إلى سجن كوبر وكانت العربات مجهزة لهذا الأمر.. يقول هاشم أبو رنات.. "تم اعتقال كل الضباط ما عدا شخصي حيث تم اعتقالي داخل مبنى الجهاز.."

    ويتذكر ابو رنات معلومة فيقول "في أثناء وجودي في الاعتقال في مباني الجهاز رأيت ذلك الضابط جالساً على مكتب ومنهمكاً في كتابة التقارير، لكن يبدوأ أنه استوفى غرضه فألحق بزملائه في سجن كوبر.. لكن زملاؤه رفضوا أن يوضع معهم فتم وضعه في مكان منعزل..".

    يقول العميد ابو رنات (العقيد (آنئذ) عمر حسن أحمد البشير جاءني أثناء اعتقالي في الجهاز وأبدى تخوفه من تسرب الوثائق فقلت له إن الوثائق موجودة في العمارة في الطابق الثالث محفوظة في مايكروفيلم وتحت مسؤولية العقيد أمن محمد الفاتح عبدالملك وهو الآن في سجن كوبر وبعد ربع ساعة أحضر محمد الفاتح وتمت حراستها.. ولكن ماذا حدث لهذه الوثائق والمستندات وماذا عن الشائعات التي روِّجت بتسريبها..".

    أخطر ضابط في جهاز الأمن..!!
    ---------------------------------
    ذهبت إلى العقيد أمن (م) محمد الفاتح عبدالملك رئيس قسم السجلات المركزية بجهاز أمن الدولة في منزله.. أبحث عن صورة واضحة للجهاز حتى لحظة صدور قرار تصفيته.. المعلومات التي أدلى لي بها العقيد الفاتح كانت مذهلة..

    يقول العقيد أمن (م) محمد الفاتح عبد الملك "... بعد تعيين الفريق السر محمد أحمد رئيساً لجهاز الأمن الوطني عقد اجتماعاً مع بعض قيادات الجهاز وكنت أحدهم وطالبهم بأن يستمر العمل بصورة عادية وتحدثت في الاجتماع، وتحدث كذلك العميد أحمد الجعلي، وعكسنا صورة ما يدور في الشارع من مطالبات بحل الجهاز، وطالبنا بالتحفظ على جميع ضباط وقيادات الضباط بصورة كريمة وقيام لجان تحقيق في دعاوى الممارسات الخاطئة إن وجدت حتى تتضح الصورة الحقيقية ويحاسب كل من أخطأ ويستمر في عمله من لا يثبت عليه شيء إلا أن الفريق أب أحمد وبحكم معرفته بضباط الجهاز وأعضائه قال: إنه لن يلجأ لذلك..".

    كنا -كضباط أعضاء في الجهاز- ندرك أن الجهاز لا يخلو من شوائب.. قابلة للتصحيح والمحاسبة.. وكلما كانت التصفية قانونية كلما دحضت الشائعات، ولكن في النهاية لم يستطع الجهاز ممارسة أعماله بالصورة العادية حتى صدور قرار حله ومن ثم أبلغنا بالقرار داخل الجهاز وصدور قرار باعتقال جميع الضباط بسجن كوبر وجاءت العربات المخصصة لنقل الضباط وأخذتهم إلى سجن كوبر.

    --------------------------------------------------

    * لم يجد ضباط جهاز أمن الدولة فسحة من الوقت لتدبر أى شيء.. عندما رأوا عربات عسكرية تتبع للجيش تحيط بهم وتطبق عليهم..وأوامر بالتقدم للصعود على ظهر العربات.. بينما انتشر جنود المظلات داخل أسوار المبني الكبير وآخرون خارجه في ما يشبه الحصار العسكري المحكم..

    * ..(كنت في الأبيض.. بعد حضوري إلى الخرطوم تم إبلاغي بقرار تصفية جهاز امن الدولة..توجهت فوراً إلى مبنى رئاسة الجهاز.. مررت على الإدارات المختلفة..)

    استولى المجلس العسكري على السلطة في الساعة العاشرة من صبيحة يوم 6 أبريل عام 1986.. بعد أقل من أربع وعشرين ساعة.. صدر قرار بتصفية جهاز امن الدولة.. وحاصرت قوة من سلاح المظلات رئاسة الجهاز ثم حملت ضباط الجهاز في عربات عسكرية إلى سجن كوبر..

    القرار..!!
    ------------------

    حوالي الساعة العاشرة من صباح يوم الاثنين 7 أبريل عام 1985.. في مباني رئاسة جهاز أمن الدولة جوار القيادة العامة للجيش بالخرطوم.. جرى على عجل استدعاء كل ضباط جهاز أمن الدولة من مختلف الرتب لاجتماع في كافتريا المبنى.. احتشد المكان بالضباط..الذين ظلوا على مدار عقدين من الزمن يديرون أحد أعتى أجهزة الاستخبارات في المنطقة.. كان المتحدث الرسمي الوحيد في الاجتماع اللواء السر محمد أحمد الشهير بـ(السر أب احمد).. في كلمات موجزة مقتضبة قال لهم أنه جاء ليبلغهم قرار المجلس العسكري الإنتقالي الذي تولى الحكم قبل أقل من 24 ساعة.. (تصفية جهاز أمن الدولة واعتقال كل ضباطه).

    ضباط الجهاز كانوا يضعون في توقعاتهم مثل هذا الاحتمال.. فالموج الثوري ضد نظام مايو كان من القوة بحيث يكتسح كل شيء أمامه بعقل وبدونه.. وجهاز امن الدولة رغم سطوته وقوته ومهنيته لم يستطع إقناع الشعب السوداني أنه كان لمصلحة الوطن لا النظام.

    لم يجد ضباط جهاز أمن الدولة فسحة من الوقت لتدبر أى شيء.. عندما رأوا عربات عسكرية تتبع للجيش تحيط بهم وتطبق عليهم..وأوامر بالتقدم للصعود على ظهر العربات.. بينما انتشر جنود المظلات داخل أسوار المبني الكبير وآخرون خارجه في مايشبه الحصار العسكري المحكم..

    (لم يستفزنا منظر جنود المظلات وهم يحملون الأسلحة ويطبقون علينا.. فنحن عسكريون أيضا.. كنا نعلم أنه إجراء عادي في مثل هذا الظرف..) هذا ما قاله لي ضباط امن سابق كان يتولى أحد أهم ادارات الجهاز حتى لحظة تصفيته..

    تقدم ضباط الجهاز للصعود الى العربات وكانت المفاجأة.. تقدم نحوهم بعض الجنود لتفتيشهم قبل الصعود..!! الأمر بدا كما لو أنهم أسرى أكثر منهم معتقلين.. ولم يعرف ضباط الجهاز على ماذا كان يبحث من يفتشونهم..

    إلى سجن كوبر..
    ---------------------
    انطلقت العربات خارج مبنى الجهاز صاعدة كبرى القوات المسلحة المؤدي الى الحي العريق كوبر..وبالتحديد الى أشهر سجن في تاريخ السودان (سجن كوبر).. أفرغتهم العربات تحت حراسة مشددة وجري تصنفيهم ثم توزيعهم على أقسام السجن..

    في لحظة واحدة تحول السجان الى سجين.. وضباط جهاز الأمن الى سجناء يخشى على الأمن منهم.. وفي لحظة واحدة انهار أحد أعتى أجهزة المخابرات والأمن في أفريقيا والعالم العربي.. وأصبح السودان كله بلا جهاز أمن وبلا مخابرات..

    خزنة أسرار السودان صارت مفتوحة على مصراعيها لمن يريد.. لم تجر أية عملية تسليم وتسلم.. ضباط الجهاز أخذوا من الكفتريا رأسا الى سجن كوبر.. حتى الأوراق التي كانت على مناضدهم لم يتمكنوا من جمعها.. بل حتى مصادر معلوماتهم المزروعين في أجهزة أخرى وبعضها خارج السودان لم يتمكنوا من الاتصال بهم لتوضيح الطريقة التي يجب أن يتصرفوا بها بعد قرار الحل.. كان الوضع يبدو كمن أمسك بكأس زجاجي وهوى به الى أرض وراح يتأمل في شظاياه تتبعثر في كل مكان بلا نظام أو نسق.

    حكى لي مصدر أمني كيف أن مقر الجهاز بعد صدور قرار التصفية واعتقال الضباط صار مسرحاً لإختراق هائل.. الأحزاب السياسية من جهة تأتي وتقلب في الملفات والأوراق أحياناً للبحث عن معلومة ولكن في أغلب الأحيان لطمس معلومات مسجلة عنها.. حتى أجهزة الإستخبارات الأجنبية دخلوا بكل أريحية الى المبنى بعد اعتقال ضباطه وتخيروا منه حاجتهم من المعلومات..

    من فعل ذلك بالسودان ؟؟
    --------------------------

    من قرر تحطيم جهاز الأمن كله بقرار لم يستغرق التداول حوله واتخاذه أكثر من خمس دقائق ؟؟ ولماذا فعل ذلك ؟؟

    اللواء السر محمد أحمد الشهير بـ(السر أب أحمد) حكى لي تفاصيل تلك الأيام المثيرة.قال..(كنت في الأبيض.. بعد حضوري إلى الخرطوم تم ابلاغي بقرار تصفية جهاز امن الدولة..توجهت فوراً الى مبنى رئاسة الجهاز.. مررت على الإدارات المختلفة..)

    استدراك مهم من اللواء السر أب أحمد يقول (كنت أرى أن لا يتم حل الجهاز دفعة واحدة..) اذن من صنع قرار الحل دفعة واحدة ؟؟ هل من صنع قرار التصفية كان يهدف لتصفية الجهاز أم تصفية حساباته مع الجهاز ؟؟

    ووصل اللواء السر أب احمد إلى مبنى قيادة الأمن.. ورأى بام عينيه كيف جرى نقل الضباط من مقر الجهاز إلى سجن كوبر..

    اللواء الهادي بشري.. كان يومها برتبة "العميد".. تولى رئاسة لجنة تصفية جهاز أمن الدولة..قال لي (قضيت أيام 6 و 7 و8 من أبريل عام 1985 في سلاح الأسلحة.. وكنت وقتها عضواً في لجنة مراقبة الصحف التي تتكون من أربعة ضباط.. وكانت مهمتي مراقبة صحيفة "الصحافة" التي كان يرأس تحريرها الاستاذ فضل الله محمد...)

    كان مدهشاً تشكيل لجان عسكرية لمراقبة الصحف من نظام وليد يفترض أنه جاء للاطاحة بنظام ديكتاتوري يقيد الحريات.. لكن يبدو أن القادمين الجدد كانوا يمارسون عملاً ما استعدوا له.. وكانت ممارستهم في كثير من جوانبها ضرباً من التخبط والبحث عن خبرة في التعامل مع الواقع الجديد..

    سلاح المظلات يحاصر الجهاز..
    --------------------------

    يقول اللواء الهادي بشري..أنه وجد قراراً بتعيينه رئيساً للجنة تصفية جهاز أمن الدولة.. (بعد إطلاعي على نص القرار توجهت فوراً الى مباني الجهاز.. وكانت سبقتني اليه قوة من سلاح المظلات يقودها العقيد عمر حسن أحمد البشير.. وكان معي عدد من الضباط الذين اخترتهم لمساعدتي في المهمة..)

    لماذا تم اختيار العميد "آنئذ" الهادي بشرى للاشراف على تصفية الجهاز؟؟.. هل لتخصصه في سلاح المدفعية صلة بالعمل الاستخباراتي؟؟ سأقدم الحيثيات في سياق هذا التحقيق الصحفي..

    يقول الهادي بشرى (عندما وصلت الى مباني الجهاز وجدت قوة تقوم على حراسته وتأمينه.. ووجدت عدداً من ضباط القوات المسلحة ينتظرون في المبنى رقم واحد..)

    كانت مهمة العميد الهادي بشرى حصر ممتلكات الجهاز.. إذ كان هناك اعتقاد سائد أن لجهاز الأمن خزينة أموال سائبة.. كنز لمن استطاع اليه سبيلا.. وكان آخرون يعتقدون أن ترسانة من الأسلحة الخطيرة تختبيء في دهاليز المبني أو مستودعات تتبع له.. وكان المطلوب الوصول الى هذه الأسرار الثمينة بأسرع وقت ممكن..

    (إجراء التصفية من زاوية الأصول والممتلكات كان عادياً كأي مؤسسة حكومية.. هناك عهد يجب أن تكون مسجلة في دفاتر.. حصرناها بسهولة وتحفظنا على الأموال التي كانت في البنوك.. وكإجراء احترازي قمنا بتجميد أموال بعض الشخصيات التي كانت تدور حولها الشكوك.. وحجزنا على بعض الأراضي التي كانت مملوكة لبعض ضباط الجهاز.. وتم لاحقاً اصدار قرار بفك الحجز لمن انتفت عنهم الشبهات...)

    هذه الأصول والممتلكات..لكن أين المعلومات؟؟ هل جرى التحفظ على خزائن المعلومات والسجلات وتأمينها من التسرب ؟؟

    الأموال التي جاءت من وزارة المالية كانت تستخدم عادة لدفع المرتبات ومصروفات التسيير الأخرى.. لكن هناك عُهد في حيازة بعض الضباط لأعمال لا يمكن ادراجها في المصروفات العادية التي تحددها وزارة المالية.. أين ذهبت هذه الأموال ؟؟

    وزارة المالية انتدبت أربعة من كبار موظفيها للمشاركة في تصفية الجهاز.. اثنان يختصان بالمال والآخران بالعهد.. العملية غير مسبوقة في تاريخ السودان.. وبالتأكيد محاطة بكثير من الاجتهاد والتجريب..

    لكن التصفية ليست مجرد ممتلكات وعُهد.. جرى جرد الموظفين التابعين للجهاز.. من كان منتدباً أو معاراً من جهة حكومية أخرى أرجع اليها فوراً.. أما الضباط والصف فقد استمرت عدة لجان تحقيق كونها النائب العام من النيابة وبعض المحامين في التحري معهم..


    لجنة تخصصت في قضية الفلاشا..اليهود المستقدمين من اثيوبيا والذين جرى ترحيلهم وتوطينهم في إسرائيل عبر جسر جوي كانت الخرطوم طرفه الأول والأهم...

    ولجنة خاصة بالأموال والتحقيق في الشكاوى.. وطلب من المواطنين أن يتقدموا بشكاويهم ومعلوماتهم (ضد) جهاز أمن الدولة.. التصفية كانت تجري في كل المسارات التي (تصفي) تركة الماضي الثقيل من مرارات سياسية مع الجهاز الذي كان الحامي الأول للنظام المنهار.

    أخطر ضابط في الأمن..!!
    -------------------------

    العقيد محمد الفاتح عبد الملك.. كان أخطر ضابط في جهاز أمن الدولة في ذلك الوقت.. فهو (حامل المفاتيح).. خزائن المعلومات والسجلات.. التي تحوي معلومات استخبارية من العام 1908.. وحتى آخر لحظة قبيل الانهيار المدوي لنظام مايو في صبيحة السادس من ابريل عام 1985..

    العقيد محمد الفاتح كان من ضمن الذين نقلتهم عربات الجيش الى سجن كوبر مع زمرة ضباط الجهاز.. لكنه لم يفرط في (المفاتيح) حرص أن يسلمها بيده الى العميد الهادي بشرى.. رئيس لجنة تصفية جهاز أمن الدولة..يقول الهادي بشرى (سلمني المفاتيح الخاصة بالسجلات وحذرني من التفريط فيها وقال لي أن هذه الوثائق تحوى ملفات من عام 1908 وفيها معلومات لم يطلع عليها حتى الرئيس جعفر محمد النميري...)

    موقف هذا الضباط كان مثار اعجاب العميد الهادي بشري.. فشاور رئيس لجنة الأمن في المجلس العسكري الانتقالي الفريق تاج الدين.. (أمرني أن أرجع الضابط للخدمة مرة أخرى وأسلمه المفاتيح على أن يعمل تحت إمرتي.. وقد فعلت ذلك فطلب الضابط استدعاء بعض ضباط الصف وعددهم حوالى 27 للعمل معه بالمشاهرة لمدة 8 أشهر..)

    يقول الهادي بشرى بمنتهى الإعجاب..(بعد 8 اشهر اكتشفت أن العقيد محمد الفاتح لم يأخذ قرشاً واحداً مما يستحقه من مال على عمله..) يريد الهادي بشرى أن يبين الى أى مدى كان هؤلاء الضباط مهنيين بلا ولاء سياسي للنظام بل للوطن..

    (أسرار جهاز الأسرار)..!
    ------------------------
    لكن ماهو مصير مئات المصادر الذين يعملون تحت اشراف الجهاز في مختلف أنحاء السودان والعالم.. دفعة واحدة وبلا أدنى مقدمات انهار كل شيء وأصبح مطلوباً من كل عنصر أو فرد أن يتصرف على مسئوليته.. هنا يقدم مؤلفا كتاب (أسرار جهاز الأسرار..) العميد عبد العزيز والعقيد هاشم أبورنات.. أسوأ سرد وصورة لما وقع مباشرة بعد حل جهاز أمن الدولة..

    عملاء يتبعون لجهاز المخابرات السوداني كانوا مزروعين في دول أخرى.. انقطع الاتصال بهم فجأة ودفعة واحدة.. وعملاء كانوا في وسط الغابة مزروعين في الجيش الشعبي لتحرير السوداني.. وعلاقات مع بعض المعارضين لأنظمة أخرى صاروا كلهم في عراء لا ساتر فيه إلا الصدفة المحضة..

    وفي الخرطوم بدأت تنتشر الإشاعات والإشاعات المضادة.. تتهم أشخاصاً بعضهم رموز في المجتمع بأنهم كانوا ضباطاً في جهاز امن الدولة.. و وقعت بعض الصحف في كمين هذه الإشاعات وصارت بقصد أو بغيره تروج لها..
                  

04-02-2008, 12:17 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    من حل جهاز أمن الدولة؟؟
    الحلقة الرابعة


    ------------------------------------------

    * ومن ضمن محتويات الخزنة ملف رقم (7829) يخص مأمون عوض أبوزيد، وملف رقم (6881) يخص جعفر نميري.. ومن الأشياء التاريخية (3) دفاتر شيكات باسم السيد الصديق عبد الرحمن المهدي
    * (البيوت السرية لم تكن موجودة قبل حضوره إلى الجهاز)، وأشار لي ابو رنات أن هذا الرجل هو أول من أنشأ البيوت السرية ونسي أن يتحدث في سيرته الذاتية للصحافيين بأنه كان عضوا في الجهاز.

    في الحلقة الماضية (الثالثة).. قدمت لكم بعض إفادات العميد أمن هاشم أبو رنات، مدير مكتب رئيس جهاز أمن الدولة حتى أبريل 1985، ثم العقيد أمن محمد الفاتح الملك، حامل أسرار الجهاز المسؤول عن السجلات، ومها تكن الإفادات السابقة أو اللاحقة مثيرة للتأمل فهي تمثل بكل قوة روايات قائليها.. وهم صفوة من داخل جهاز امن الدولة.. الجهاز الذي يعنى ضباطه بالاهتمام بالمعلومات ودقتها.

    * إدارة السجلات.. وما أدراك ما إدارة السجلات!!
    إدارة السجلات، وما أدراك ما إدارة السجلات!! هذه الإدارة في جهاز أمن الدولة تمثل القلب النابض الذي يمد بقية جسم الجهاز بالأكسجين الذي يحتاجه للتنفس؛ الزفير والشهيق. وهي أخطر الإدارات في جهاز أمن الدولة، إذ إنها تحوي كل أسرار السودان الأمنية، وإذا تسربت هذه الأسرار إلى المخابرات الأجنبية الأخرى فسيصبح السودان هدفاً مكشوفا ترتع فيه الأجندة الأجنبية لكثير من الجهات الداخلية والخارجية وتصفية الحسابات.. وعندما صدر قرار تصفية جهاز الأمن لم يضع متخذو القرار في بالهم مخاطر ضياع أسرار الوطن.. صدر القرار أولا ثم تُرك للأقدار بعد ذلك أن تسوق النتائج حسب دفع الرياح.
    العقيد محمد الفاتح عبد الملك كان مسؤولا عن هذه الإدارة الخطيرة، وكانت غيرته على وطنه فقط هي الصدفة التي أنقذت هذه السجلات، حسبما روى لي.
    يقول العقيد محمد الفاتح عبد الملك، مدير إدارة السجلات: "تحدثت للعميد الهادي بشرى –وقتها- وقلت له بأنني مسؤول عن إدارة السجلات المركزية وإن مفاتيحها لا تزال بحوزتي، وإنني ذاهب لسجن كوبر، وإنه لا بد من حماية كافية لهذه السجلات. بعدها طلب مني العميد الهادي بشرى أن اقدم له شرحاً عن إدارة السجلات، حيث ذكرت له أن السجلات تحتوي على طابق كامل في العمارة (3) وتحتوي على معلومات ومستندات يعود تاريخها للعام 1908م، وقدمت له سردا تاريخيا من أول تنظيم لسجلات الأمن بمكتب السكرتير الإداري لحكومة السودان إبان عهد الحكم الثنائي، باعتبار أن مركز السكرتير الإداري يعنى بالشؤون الأمنية، ثم بعد ذلك أنشئ قسم الأمن الداخلي بوزارة الداخلية، ثم فصل ذلك القسم من وزارة الداخلية وأصبح يعرف بالأمن العام كجهاز مستقل عام 1975.. وظل قسم السجلات يتوسع ويتطور حتى أصبح الوعاء الذي تصب فيه كل المعلومات والتقارير المتعلقة بالأمن القومي".

    * جهاز.. ولا بواكي له!
    --------------------------------

    القدر وحده كان يسوق الأحداث، فبعد أن صدر قرار تصفية الجهاز كان المطلوب أن ينعم الله على السودان بضابط في جهاز الأمن يحمل ضميره وينظر به إلى أبعد من مجرد الغضب والحنق على قرار تصفيته وإرساله إلى السجن حبيسا.. لو مارس هذا الضابط نزوة الانتقام لكان حريا بكل سجلات جهاز الأمن أن تتبخر في الهواء.. فلا بواكي على جهاز الأمن وممتلكاته وأسراره في لحظة الثورة والغضب الشعبي.
    يواصل العقيد محمد الفاتح عبد الملك: "وبعد أن قدمت له هذا الشرح عن الإدارة طلب مني العميد الهادي أن اصطحبه للقسم وآخذ معه كمية من الشمع الأحمر وتم تشميع الطابق وختمه".

    لقد كان تصرف هذا الضابط مثار دهشة العميد الهادي بشرى ولكن ماذا حدث بعد ذلك؟ روى لي العقيد محمد الفاتح أن العميد الهادي بشرى طلبه.. "قال لي هذه هي المفاتيح احتفظ بها عندك يا محمد الفاتح".. بعدها أخذ المفاتيح واحتفظ بها وظل العقيد محمد الفاتح في سجن كوبر حتى تم إطلاق سراحه بعد يومين.. "وكنت أول ضابط تم إطلاق سراحه". ولكن ما الحكمة في ذلك؟.

    يقول العقيد محمد الفاتح: "الوضع الجديد كان يحتاج لتأمين، وبما أن السجلات تمثل أهمية كبرى في سبيل ذلك من حيث ربط المعلومات السابقة بما يحدث في ذلك الوقت، لذا قررت لجنة الأمن أن يستمر عمل السجلات. عند عودتي طلب مني العميد الهادي بشرى أن استمر في العمل مديرا لإدارة السجلات تحت إشرافه. بعد ذلك تقدمت بطلب للجنة الدفاع والأمن لإعادة الضباط وضباط الصف الذين كانوا يعملون معي في الإدارة للخدمة، إلا أن لجنة الدفاع والأمن وافقت على عودة ضباط الصف فقط، وتم تسيير العمل تحت إشراف لجنة التصفية التي يترأسها العميد الهادي بشرى".

    * كيف تسربت سجلات الأمن؟؟
    -------------------------------

    ولكن إذا كانت إدارة السجلات بهذا الحرص فكيف جاءت الوثائق التي نشرت في بعض الصحف؟ في تلك الفترة طفحت صفحات الصحف بأحاديث عن سجلات أمنية تؤكد صلات بعض الشخصيات العامة بجهاز الأمن.. صار سهلا لكل غاضب أن يتهم عدوه بأنه عضو في جهاز الأمن.. وانتشرت الشائعات تتحدث عن وثائق أمنية حساسة تسربت إلى الصحف وإلى الأحزاب أيضا.. وبالطبع إلى المخابرات الأجنبية.

    روى لي العقيد محمد الفاتح كيف سعى الكثيرون ممن لهم مصالح ذاتية أو حزبية للحصول على المستندات عن طريق لجان التحقيق أو بطرق أخرى باعتبار أن هناك فوضى ستحدث بعد حل الجهاز.. "إلا أنني في إدارة السجلات فطنت لذلك الأمر وعملت له ألف حساب، ولقد كان لرئيس لجنة التصفية القدح المعلى في الحفاظ على المستندات قبل التسليم، حيث لم يطلع أي شخص أو مسؤول على أي معلومة أو مستند إلا أمام رئيس اللجنة وفي مكتبه وبحضوري، ثم يعاد الملف للإدارة مرة أخرى والذي يؤكد ذلك شهادة التسليم التي توجد الآن بحوزتي والتي تؤكد تأكيداً قاطعاً على أنه لم يتم تسريب أي وثائق أو مستندات من إدارة السجلات".
    قلت للعقيد الفاتح: هل تسمح لي بتصوير شهادة التسليم؟.. رد عليّ فورا: "لا.. إلا بعد الحصول على إذن جهاز الأمن الوطني والمخابرات الموجود حاليا".. ربما يريد العقيد الفاتح أن يقول لي: يظل الوطن هو الوطن مهما تغيرت النظم السياسية.. ويظل الأمن هو الأمن مهما تغيرت الأجهزة الأمنية.
    ومع ذلك يظل سؤالي قائما:.كيف تسربت بعض وثائق الأمن إلى الصحف؟
    روى لي العقيد محمد الفاتح قصة الوثائق التي تسربت لبعض الصحف، فأوضح أنه خلال الفترة التي سبقت حل الجهاز كانت لدى بعض الإدارات وأفرع الجهاز بعض الملفات والمستندات التي أرسلت إليهم من إدارة السجلات بالطريقة الرسمية وتم الاحتفاظ بها في حوزتهم ولم تعد مرة أخرى لإدارة السجلات مما أدى لتسريب البعض منها ونشره في الصحف اليومية خاصة أن جهاز أمن الدولة كان مستهدفاً من جهات كثيرة وجدت الفرصة السانحة للقيام بأي عمل يضر بسمعة الجهاز.

    ولكن ما طبيعة الملفات والمستندات التي كانت بجهاز أمن الدولة وكيف كان يتم حفظها؟.. يقول العقيد محمد الفاتح إن المستندات التي كانت محفوظة بالسجلات المركزية بجهاز تتكون من الآتي:

    * ملفات شخصية بالنسبة للسودانيين وعددها (6805) ملفات وقت التسليم وتحوي معلومات عن (18.675) شخصا من السياسيين ومختلف الفئات التي لها نشاط سلبي أو إيجابي متعلق بالأمن .

    * ملفات الأجانب وعددها (1392) ملفا.

    * كروت الأشخاص وهي المعلومات التي لا ترقى لفتح ملف مثلاً شخص خرج في مظاهرة وحكم عليه بالجلد أو غيره وعددها (86.400) كرت من السودانيين، والأجانب (71.000) ألف كرت في الخزنة.

    * ملفات الموضوعات النشطة: المصانع (24) ملفا، الهجرة الأجنبية (22) ملفا، هجرة السودانيين (16) ملفا، النقابات (149) ملفا، والجامعات والمعاهد (113) ملفاً.

    * الصحف ووكالات الأنباء وطنية وأجنبية (85) ملفا إضافة للنشاط المعادي وحركات التحرر واللاجئين والتنظيمات.

    * أما باقي المعلومات فكانت موضوعات كروت وأشرطة تسجيل ومايكروفيلم وأفلام فيديو، ومن ضمن محتويات الخزنة ملف رقم (7829) يخص مأمون عوض أبوزيد، وملف رقم (6881) يخص جعفر نميري.. ومن الأشياء التاريخية (3) دفاتر شيكات باسم السيد الصديق عبد الرحمن المهدي.

    وكانت بعض المعلومات تحفظ لدى مدير الإدارة في الخزنة، وكلها مصورة بالمايكروفيلم، وهناك معلومات متعلقة بشخصيات أجنبية مهمة.

    * من وراء القرار؟
    -------------------------

    ويرى ابو رنات أن ما تميز به جهاز امن الدولة من كفاءة ضباطه الذين لم يتعدَّ عددهم (180) ضابطا و(3100) جندي عند قيام الانتفاضة والكم الهائل من المعلومات التي تخص أفرادا وجهات وأحزابا ومؤسسات داخل الدولة.. كل هذا خلق نوعا من تضارب المصالح مع هذه الجهات ولكن ما هي أكثر الجهات التي لها مصلحة في حل جهاز امن الدولة؟.

    * الفريق تاج الدين كان أكثر تشددا للحل:
    -----------------------------------------------

    يقول العميد أمن هاشم ابو رنات إن الفريق تاج الدين عبد الله فضل كان له مصلحة في حل الجهاز.. فقد كان يشغل منصب نائب رئيس الجهاز قبل عدة سنوات من الانتفاضة.. وكان قد نقل للجهاز من القوات المسلحة ورقي إلى رتبة اللواء.. وحدث خلاف بينه و اللواء عمر محمد الطيب الذي كان يرأسه في بعض الأعمال الإدارية.. وأدى هذا الخلاف إلى إعادته إلى القوات المسلحة برتبة العميد، وعندما تسلم المجلس الانتقالي تحدث عن الجهاز بلهجة حادة وكأنه لم يعرف جهاز الأمن وذكر لهم البيوت السرية.

    واستطرد ابو رنات "البيوت السرية لم تكن موجودة قبل حضوره إلى الجهاز". وأشار لي ابو رنات إن هذا الرجل هو أول من أنشأ البيوت السرية ونسي أن يتحدث في سيرته الذاتية للصحافيين بأنه كان عضوا في الجهاز.
                  

04-02-2008, 12:26 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    من حل جهاز أمن الدولة
    (الحلقة الخامسة).
    ---------------------------------------

    جميع الحقوق © 2006 لصجيفة ( السودانى ).

    البروفسير الجزولي دفع الله تولى منصب رئيس مجلس وزراء الحكومة الانتقالية التي تكونت عقب انتفاضة 6 أبريل 1985.. وكان في أقرب نقطة تجعله ليس مجرد شاهد عيان بل مشارك في صنع الأحداث في تلك الحقبة. يقول الجزولي دفع الله ( قرار حل جهاز الأمن أصدره المجلس العسكري قبل تكوين مجلس وزراء الحكومة الانتقالية ولعل المبررات التي سيقت لذلك هي السمعة السيئة التي ارتبطت بجهاز الأمن والممارسات السلبية التي صحبت أداءه والتي رشحت في تلك الفترة بصورة غير مألوفة..)

    وكأن الدكتور الجزولي يريد القول إن المجلس العسكري إنما استجاب لطلب الشعب.. (بعد الانتفاضة الشعبية كان حل الجهاز من أولويات تلك الثورة الشعبية والتي جابت كل شوارع الخرطوم والولايات هاتفه بحل جهاز الأمن وطرد العاملين فيه ومحاكمتهم أمام القضاء العادل المستقل على ما تم من جرائم ارتكبوها في حق المواطنين..)

    لكن الجزولي يتراجع بسرعة ويستدرك.. فيقول (كان بالإمكان تلبية هذه المطالب الجماهيرية دون اللجوء لحل جهاز الأمن..)

    ولكن كيف؟
    -----------------------

    د. الجزولي يرى أن الأفضل كان إجراء مساءلة ومعاقبة للمدانين في تلك الممارسات وسد الثغرات القانونية لأن الأخطاء في أداء الجهاز لم تكن من القمة للقاعدة.,. وكان من الممكن إجراء إصلاحات هيكلية بالجهاز حيث يقسم الجهاز إلى قسمين الجزء الذي تثار حوله الشكوك والتصرفات السالبة يسرح ويتم الإبقاء على الجزء الآخر ويدعم بقوة جديدة لسد النقص ولكن استجاب المجلس العسكري لضغوط الشارع وأصدر قراراً بحله.

    قرار حل الجهاز سياسي...!
    ----------------------------------

    لكن اللواء (م) الهادي بشرى رئيس لجنة تصفية جهاز أمن الدولة المحلول في أبريل 1985 يحاول إلغاء إفادات الجزولي دفع الله.. يقول الهادي بشرى: ( قرار حل جهاز أمن الدولة سياسي أملته الظروف الآنية وقتها حيث كانت الإرهاصات تدور حول أن جهاز أمن الدولة يمتلك قوة ضاربة قوامها 5000 من الجنود وأنهم يرتبون لانقلاب مضاد للانتفاضة كما قامت العديد من المظاهرات تطالب بحل جهاز الأمن..)
    من السهل استيعاب أن يكون رجل الشارع العادي مرعوبا من فكرة جهاز امن أخطبوطي ضخم.. قادر على الإجهاز على الانتفاضة.. لكن أليس عجيبا أن تكون تلك أيضا مخاوف المجلس العسكري بكل ضباطه الكبار ورتبه العسكرية اللامعة خاصة ان من بينهم الفريق تاج الدين الذي كان في يوم ما نائبا لرئيس جهاز امن الدولة نفسه؟
    هل كان المجلس العسكري فعلا واقعا تحت (هلع!) الخوف من جهاز أمن بتلك الصورة المبالغ فيها؟؟ أم كان العسكريون يتظاهرون بمجاراة الغضبة الشعبية والخوف من جهاز الأمن لحاجة في أنفسهم ولتمرير بقايا حسابات قديمة مع الجهاز؟؟
    المجلس العسكري كون لجنة تسمى لجنة الأمن والدفاع برئاسة الفريق تاج الدين عبد الله فضل نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي ونائب القائد العام وعضوية كل من اللواء فضل الله برمة ناصر وفارس عبد الله حسني وعثمان عبد الله وكان يحضر اجتماعات اللجنة ضباط آخرون من بينهم السر اب احمد وصلاح مصطفى وهذه اللجنة عقدت عدة اجتماعات.

    يقول اللواء (م) الهادي بشري أن هذه اللجنة استشعرت خطورة أن تنشأ مقاومة من جهاز الأمن للمجلس العسكري قد تهدد الانتفاضة.. فأوصت اللجنة بحل جهاز امن الدولة.. كانوا يرون أن يحل مثله مثل الاتحاد الاشتراكي..(ولعله أكثر خطورة!!)
    ورفعت التوصية للمجلس العسكري الانتقالي الذي أصدر قرار الحل بعد إجماع كامل من أعضائه بضرورة الحل.. ولكن هل كان القرار صحيحاً وقتها؟ يقول الهادي بشرى: (إنني لا أستطيع أن أقول إن هذا القرار صحيح أو خطأ.. لكن مجموعة الرجال الذين كانوا تحت هذا الظرف ما كان عليهم إلا أن يفعلوا ذلك وهم ضباط ذوو خبرة عسكرية عالية.. ووقفوا كثيراً قبل أن يتخذوا هذا القرار).
    ولكن بغض النظر عن أن القرار صحيح أم خطأ ما هي الآثار التي ترتبت عليه؟
    (الشينة.. منكورة..!!)

    يقول اللواء الهادي بشرى...( لا شك أن جهاز أمن متخصص مثل جهاز أمن الدولة لديه من السلطات والصلاحيات التي تمكنه من أن يحمي البلاد سواء بشخصيته الاعتبارية أو منفرداً أو متعاوناً مع الأجهزة الأخرى في الجيش والشرطة والمخابرات وجهاز الأمن الخارجي بالشرطة بالتعاون مع لجنة تسمى لجنة الأمن القومي..هذه الأجهزة ستحافظ على الأمن وتقلل من وقوع الجرائم لكنها لا تمنع الجريمة بأي حال لأن الجريمة في بعض الأحيان يقوم بها شخص واحد حيث لا يستخدم وسائل كثيرة..فمثلاً مقتل "الحكيم" في فندق هيلتون في قلب الخرطوم وقد تحدث الناس كثيراً في هذه الجريمة إلا أنني أرى عكس ذلك فقيام الجهاز من عدمه لا يمنع من وقوع مثل هذه الجرائم والدليل على ذلك مقتل رئيس الولايات المتحدة جون كيندي ومقتل الرئيس السادات وجهاز أمنه قائم..)

    خطورة مرافعة الهادي بشري هذه أنه يصل الى محصلة هي نفس المحصلة التي نسبت الى بعض أعضاء المجلس العسكري الذين قالوا: ( مضى على حكمنا ثلاثة أيام بلا جهاز أمن.. فماذا تضررنا من ذلك..)

    يواصل اللواء الهادي فيقول: ( حل الجهاز ترك آثاراً نفسية على المواطن تتمثل بالشعور بالحرية فالبلد أصبحت بدون جهاز فالمواطن قد يستغل هذه الحرية حسب فهمه أحياناً يحمل أغصان الزيتون وأحياناً يهيج ويؤلب الناس..)

    ولكن هل حدث هذا في السودان بعد حل الجهاز؟
    -----------------------------------------------

    يرى الهادي بشرى أن السودان دولة متقدمة في هذا المجال فعندما تحل الأجهزة الأمنية في إفريقيا يحدث انهيار كامل للسلطة وكان الشعب ينتقم من خلال عمليات القتل والنهب ولكن الذي حدث في السودان هو أشياء صغيرة لا ترقى للمستوى الذي يحدث في كثير من بلدان العالم عندما تحل الأجهزة الأمنية.

    في بحثي الدؤوب عن من حل جهاز الأمن سعيت للالتقاء بغالب أعضاء المجلس العسكري آنذاك إلا أن أغلبهم اعتذروا؟؟ وحتى البعض الذي تحدث كان متحفظاً بعض الشيء., كان واضحا أنهم يدركون فداحة القرار المصيبة.. والحكمة تقول (النجاح له ألف أب.. والفشل بلا أب..) والمثل الشعبي يقول (الشينة.. منكورة..!!)

    درء البلاء قبل وقوعه.
    -----------------------------

    تحدث لي اللواء عثمان عبد الله عضو المجلس العسكري الانتقالي وعضو لجنة الدفاع والأمن ووزير الدفاع بالحكومة الانتقالية فقال إنهم لاحظوا في الأيام الأخيرة قبل سقوط النظام المايوي أن هناك صيحة واضحة في كل الشعارات التي كان يحملها المتظاهرون والمنشورات التي كانت توزع أو تعلق على الجدران تطالب بحل جهاز الأمن ومحاكمة أعضائه تأسيساً على ما كان موجهاً ضده من اتهامات تجاوزت حقوق الإنسان وعمليات تعذيب تعرض لها العديد من المعتقلين السياسيين التي لم تثبت فيما بعد.

    وروى لي اللواء عثمان عبد الله أنه بعد نجاح الانتفاضة وانحياز القوات المسلحة لجانب الشعب تجددت التظاهرات في اليوم التالي وطافت أرجاء العاصمة القومية مطالبة بحل جهاز الأمن وكانت أعنف تلك المظاهرات تظاهرة اقتحمت سجن كوبر وحررت جميع السجناء وكان من بينهم بعض معتادي الإجرام نجحت الشرطة في إعادتهم مؤخراً وتم إخلاء سبيل المعتقلين السياسيين من خلال الدفع الجماهيري للمظاهرة.
    ويقول اللواء (م) عثمان عبد الله: (في اليوم التالي لاقتحام سجن كوبر ثبت أن محاولة أخرى يجرى الإعداد لها لاقتحام مباني جهاز الأمن ولما تدارس المجلس العسكري احتمالات ما يمكن أن يترتب على ذلك الاقتحام من أضرار تتمثل في ضياع واحتراق الوثائق قرر المجلس العسكري أن يستبق كل الترتيبات بإعلان حل جهاز الأمن والتحفظ على منقولاته ووثائقه وهذا ما حدث بالضبط وعين عدد من ضباط القوات المسلحة على حراسته.

    تصفية.. أم حل الجهاز؟؟
    -----------------------------

    أما اللواء فضل برمة ناصر عضو المجلس العسكري ولجنة الدفاع والأمن فيقول إن المجلس العسكري لم يحل الجهاز في البداية والقرار الذي اتخذه المجلس العسكري هو تصفية الجهاز بمعنى أن تزال كل الشوائب وينقح الجهاز من العناصر الفاسدة ويتم الإبقاء على العناصر الجيدة مع الاحتفاظ بالكفاءات والخبرات خاصة وأن هناك عناصر وطنية من ضباط جهاز الأمن كان منهم من يقف بجانب الشعب ويدين الممارسات السالبة لبعض أفراد الجهاز.
    وروى لي اللواء فضل ناصر أن المجلس العسكري عين ضابطاً مشهود له بالخبرة والكفاءة هو اللواء السر أب احمد ومعه العميد وقتها الهادي بشرى وتم تكوين لجان تحقيق مع ضباط الجهاز.. حيث أدينت فئة قليلة من الضباط وهي التي استغلت الموقف وتجاوزت واجبات المهنة والحقوا أضراراً غير مبررة بالمواطنين.
    ولكن هل كانت تلك الأسباب التي تتعلق بشخصيات بعض ضباط وأفراد جهاز الأمن كافية لأن يحل ( أو يصفي) المجلس العسكري جهاز الأمن؟؟ يقول فضل الله ناصر إن المجلس العسكري واجه ضغطاً شعبياً كبيراً ومظاهرات ساخطة سيرتها الجماهير تطالب بحل جهاز الأمن إضافة للشائعات التي انطلقت في ذلك الوقت عن أن الجهاز يمثل قوة ضاربة من الأفراد وبه أسلحة وأموال لا حصر لها وأن الجهاز أصبح يشكل خطراً على المواطنين بأساليبه القمعية مما جعل المجلس العسكري يستجيب لتلك المطالب ويصدر قراراً بحل جهاز الأمن حيث أن عقلية المواطن ارتبطت بالسمعة السيئة لجهاز الأمن وتعتبره الآلة التي تسير دفة الحكم بالجبروت.

    ويرى برمة ناصر أن حل الجهاز ترتبت عليه آثار عديدة فالبلاد فقدت ذاكرتها الأمنية وحكومة الديموقراطية الثالثة جاءت بدون ذاكرة وعاشت معاناة بسبب عدم وجود جهاز يمدها بالمعلومات الاستخباراتية والتقارير الاستراتيجية الأمر الذي سهل على الآخرين اختراق الوطن أمنياً والعمل على خلق نوع من عدم الاستقرار السياسي والأمني في تلك الفترة.

    ويضيف برمة ناصر أن حل الجهاز أفقد البلد الكثير من الخبرات والكفاءات التي كان يتمتع بها أعضاء الجهاز نتيجة لتصرفات فئة غير مسؤولة وتنمية الفهم العام لبعض أفراد الجهاز بأن مهمتهم هي حماية الأنظمة والفهم الصحيح هو حماية الوطن والمواطن.

    (قرار حل الجهاز جماهيري)..!!
    ---------------------------------

    وفي فترة سابقة حصلتُ على إفادة من اللواء حمادة عبد العظيم حمادة عضو المجلس العسكري الانتقالي حيث ذكر لي أن المجلس العسكري اتخذ قرار حل الجهاز بناءً على مطالبة جماهيرية واسعة وأن القرار في أساسه المنطقي كان قراراً جماهيرياً صدر من كل قطاعات الشعب السوداني ومؤسسات المجتمع المدني والقطاعات الأمنية المتمثلة في الشرطة والقوات المسلحة وما أن نجحت الجماهير في إسقاط النظام المايوي إلا وعادت مرة أخرى للخروج في مظاهرات في كل أنحاء السودان تطالب بحل جهاز أمن الدولة فالبعض من الجماهير يرى أن الجهاز هو إحدى آليات القمع بالنسبة للنظام المايوي وطالما أن النظام المايوي قد اسقط فلا بد من التخلص من الجهاز والبعض الآخر كان يرى أن ممارسات بعض ضباط الجهاز قد ألحقت بهم أضراراً جسدية فمنهم من عذب حتى فقد الوعي وطالما أن الجماهير طالبت بذلك فلا بد للمجلس أن يستجيب لذلك المطلب ويصدر قراراً بحل جهاز أمن الدولة.

    أسلحة في (بدروم) جهاز الأمن..!!
    ----------------------------------

    العميد أمن (م) حسن بيومي قال لي إن المجلس العسكري ضحى بالجهاز ليحمي نفسه وأن قرار حل الجهاز جاء نتيجة لتقديرات ضعيفة ورخوة من بينها أن الجهاز يساند جعفر نميري وأنه جهاز مترهل وتوجد به قوة يمكن أن تشكل خطراً على القوات المسلحة كما أشيع كذلك أن الجهاز يمتلك ترسانة أسلحة حديثة موجودة في بدروم الجهاز علماً بأن هذه الأسلحة تتبع لمجموعة (المقيرف) الإسلامية والتي قامت باستلامها الاستخبارات العسكرية ونسبة لعدم وجود مكان بارد لحفظ هذا النوع من الأسلحة تم وضعها داخل بدروم الجهاز إلا أن هذه الأسلحة كانت تحت إمرة الاستخبارات العسكرية وليس لضباط الجهاز علاقة بهذه الأسلحة ومعظم ضباط الجهاز لا علاقة لهم بهذه الأسلحة ومعظم ضباط الجهاز لا يجيدون استخدام هذه الأسلحة وكانت هناك أحاديث تدور بأن الجهاز تجاوز صلاحياته وأنه أصبح باطشاً ويكلف الدولة ميزانية عالية تسببت في نكسة الاقتصاد السوداني في الوقت الذي كان فيه الجهاز لا يستخدم أموال الدولة إلا في الفصل الأول ونسبة لما يتمتع به الجهاز من علاقات طيبة كانت تأتي له العديد من الأموال والهبات.

    ضغوط عسكرية أم نقابية سياسية..!!
    -------------------------------------

    ويشير العميد أمن (م) حسن بيومي في كتابه (جهاز أمن الدولة أمام محكمة التاريخ) أن القيادة العسكرية التي تسلمت السلطة بعد سقوط النظام المايوي واجهت ضغوطاً كثيرة من أفرع القوات المسلحة الأخرى ومن القوى السياسية الممثلة في التجمع الوطني النقابي والتي كانت تطرح خيارين؛ ذهاب المجلس وتسليم السلطة أو حل جهاز أمن الدولة. ولكن ما هو أمثل الخيارات بالنسبة للمجلس العسكري؟ يذكر بيومي في كتابه أن المجلس العسكري اختار أن يحل جهاز أمن الدولة لأنهم تخوفوا أن يحدث لهم ما حدث لأعضاء المجلس العسكري إبان حكومة عبود حيث انتهى بهم المقام في سجن زالنجي لذلك فضلوا السلامة وانصاعوا لخيار حل جهاز أمن الدولة ويؤكد العميد بيومي أن العديد من أعضاء المجلس كانوا في جانب عدم موافقتهم على قرار حل الجهاز إلا أنهم ظلوا متحفظين ولم يكشفوا عن حقيقة الضغوط التي تعرضوا لها ولزموا الصمت. ويؤكد ذلك القرارات التي صدرت بشأن الجهاز بعد الأسبوع الأول من الانتفاضة ووضح هذا التردد والتضارب في تعيين اللواء كمال حسن احمد رئيساً للجهاز ثم إلغاء هذا التعيين وتعيين اللواء السر أب احمد رئيسا للجهاز. وتغيير اسمه لجهاز الأمن الوطني ثم حل الجهاز واعتقال جميع أعضاء الجهاز ثم قرار إحالة كل ضباط الأمن للتقاعد لذلك فإن مسؤولية حل جهاز الأمن تنحصر في التجمع الوطني النقابي والمجلس العسكري.
                  

04-02-2008, 12:40 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    من حل جهاز أمن الدولة
    الحلقة السابعة.
    --------------------------------

    تحقيق: حنان بدوي

    * البلد صارت مفتوحة والجهاز مفتوحاً حيث إن (6) من القناصل الاثيوبيين الذين كانوا مجندين في قسم المخابرات المضادة والذي كان يقوده العميد أحمد الجعلي تم اعتقالهم وعرفتهم المخابرات الاثيوبية، وأدركت أنهم العملاء الذين كانوا يوصلون المعلومات لجهاز الأمن السوداني.

    * بعد الانتفاضة قال لي أحدهم "ده الكلام الكنتو بتكتبوا عني"، وقال له آخر إن ملفي موجود الآن معاي في بيروت وأسهل شيء أنك تشتري ملفات الأمن..
    * ولكن حدث خلاف بين اللواء عمر محمد الطيب واللوء تاج الدين تم على إثره إرجاع الأخير للجيش مرة أخرى مخفضا إلى رتبة العميد، وهذه الحادثة جعلت تاج الدين صاحب موقف ضد الجهاز.

    الهروب من.. (عار) القرار..!!
    --------------------------------

    حاولت جهدي أن استنطق كل من له علاقة بهذه القضية.. قضية حل جهاز امن الدولة.. لكن بكل أسف بعض من اتصلت بهم استعصم بصمت غامض.. و البعض فضل أن يلوذ بين طيات المواعيد التي لا تنجز.. بينما رفض البعض الآخر صراحة التعليق.. بحجة أن ما قد يقولونه سيجرح (بعض أعضاء المجلس العسكري الانتقالي )!! هل يعني ذلك أن الجميع.. من ارتبطوا مباشرة أو بالانتساب بقرار حل جهاز الأمن باتوا جميعا يدركون أن هذا القرار سبة في السيرة الذاتية لأي شخص يثبت أنه كان أحد صناعه أو حتى مروجيه..؟؟ حالة هروب جماعي من (عار) القرار الخطير الذي أطاح بأسرار السودان الأمنية وكشف ظهره في أحرج سنوات تاريخه.. وربما كان السبب في قتل الحكم الديمقراطي والإجهاز عليه قبل أن يكمل عامه الرابع

    اللواء عثمان السيد.. الصامتون يتكلمون..!!.
    -----------------------------------------------

    حملت أوراقي هذه المرة وذهبت إلى اللواء أمن (م) عثمان السيد مدير إدارة الأمن الخارجي، في جهاز امن الدولة.. رجل ذو سيرة تاريخية ناصعة وممتدة.. تخصص وعمل في هذا المجال تحت أكثر من نظام سياسي.. وكان سفير السودان في أديس أبابا لفترة طويلة شهدت أقصى حالات المد والجزر في علاقات السودان بجارته إثيوبيا..
    اللواء عثمان السيد مخزن أسرار وطنية.. رجل هادىء لكنه قوى في نبراته و واضح في عباراته.. وضع النقاط على الحروف.. بكل جرأة..

    يقول اللواء (م) عثمان السيد رئيس إدارة الأمن الخارجي بجهاز أمن الدولة: "عند تسلم المجلس العسكري السلطة جرت إتصالات بين الفريق تاج الدين عبد الله فضل وشخصي واللواء كمال حسن أحمد، وقد خرجت هذه الإتصالات بأن يستمر عمل الجهاز شريطة تغيير اسمه على أساس أن اسم أمن الدولة غير مقبول، وتم الاتفاق على أن يسمى الجهاز (جهاز الأمن الوطني)، وأن يكون اللواء كمال حسن أحمد رئيسه وعثمان السيد والفاتح الجيلي نائبين له".

    قال لي اللواء عثمان السيد إن هناك مقترحاً تقدموا به لتفادي قرار حل الجهاز يقضي بإعفاء اللواء عمر محمد الطيب رئيس الجهاز ونائبه كمال حسن أحمد والفاتح الجيلي وعثمان السيد (باعتبار أننا نتقلد مناصب دستورية بدرجة وزير دولة.. ثم إعفاء العناصر التي تتهم بأن لها شوائب، والابقاء على الجهاز لكن كان هناك اصرار على الحل وفعلاً حدث ذلك).

    * القرار.. مؤامرة
    -------------------------------

    اللواء عثمان السيد كان واضحا وصريحا ومباشرا في تحديد مسئولية حل جهاز الأمن.. قال لي: ( قرار حل جهاز أمن الدولة كان مؤامرة كبرى وكارثة عظيمة ارتكبها المجلس العسكري الانتقالي في حق السودان، وينبغي أن يسأل عنها، وبقية المسؤولين الآخرين)..

    صراحة اللواء عثمان السيد امتدت لأبعد من ذلك.. فهو يرى ان المجلس من الأصل لم يكن مؤهلا للنظر في مثل هذه الأمور المصيرية.. قال لي عثمان السيد: (أنا شخصياً لا أعتقد أن المجلس الذي استلم السلطة بعد نهاية النظام المايوي يمكن تسميته مجلساً عسكرياً، وكان من الأفضل أن تسمى الأشياء بمسمياتها خاصة.. هذا المجلس تميز بالضعف والاهتزاز والتردد في قراراته، بدليل أنه استجاب لمطالبات بعض العناصر العقائدية من الشيوعيين والبعثيين).

    ويعيد اللواء عثمان السيد تأكيد رأيه (على حسب علمي أن المجلس العسكري هو المسؤول الأول عن قرار حل جهاز الأمن).

    ويصف اللواء عثمان السيد الطريقة التي تم بها حل الجهاز بأنها غير مسبوقة، حيث تم ترحيل الضباط بواسطة حافلات واعتقالهم، حتى من كانوا في رتبة الملازم، الذين لم يكملوا ثلاثة أسابيع في الخدمة تم اعتقالهم.

    حسابات شخصية أدت لحل الجهاز:
    --------------------------------

    اللواء عثمان السيد يصعد بصراحته إلى ذروة تحديد المسئولية بصورة أكثر سفورا.. بل ويعتبر أن القرار أصلا كانت وراءه حسابات شخصية فيقول: رغم أن المجلس العسكري هو الذي أصدر قرار حل الجهاز إلا أن الفريق تاج الدين يتحمل المسؤولية.

    كيف ذلك.. لماذا الفريق تاج الدين بالتحديد ؟؟ اللواء عثمان السيد يقدم شهادته فيحكي القصة قائلا :
    (قبل عدة سنوات من سقوط نظام مايو...اللواء عمر محمد الطيب اختار تاج الدين للعمل معه في الجهاز، وكان وقتها برتبة العميد في الجيش.. وقام بترقيته إلى رتبة اللواء في الجهاز وأصبح نائباً لرئيس الجهاز، وقضى في تلك الوظيفة أكثر من سنة، ولكن حدث خلاف بينه واللواء عمر محمد الطيب تم على إثره إرجاعه للجيش مرة أخرى مخفضا إلى رتبة العميد، وهذه الحادثة جعلت تاج الدين صاحب موقف ضد الجهاز، وبعد أن ذهب النظام المايوي وتولى منصب نائب رئيس المجلس العسكري واتته الفرصة ودفع مع آخرين لحل الجهاز بعد أن رفض كل البدائل التي طرحت لتفادي قرار الحل).

    مفارقات:
    -----------------------

    ويذكر اللواء عثمان السيد أن هناك لجنة فنية كانت قد تكونت منذ بداية مظاهرات أم درمان وحرق مقر جمعية ود نميري، وهذه اللجنة تهدف لحماية نظام مايو وكانت تتكون من القوات المسلحة والشرطة والجهاز، والممثلون في اللجنة من القوات المسلحة هم الفريق عبد الرحمن سوار الذهب القائد العام، واللواء عثمان عبد الله مدير العمليات، واللواء فارس عبد الله حسن مدير الاستخبارات، والفريق المرحوم جعفر فضل المولى قائد منطقة الخرطوم العسكرية.

    ومن الشرطة الفريق عباس مدني مدير عام الشرطة، والفريق إبراهيم أحمد عبد الكريم مدير شرطة ولاية الخرطوم، ومن الجهاز اللواء عمر محمد الطيب، واللواء كمال حسن أحمد، والفاتح الجيلي نائب رئيس الجهاز للأمن الداخلي برتبة وزير دولة، واللواء عثمان السيد نائبا لرئيس الجهاز للأمن الخارجي برتبة وزير دولة أيضاً، والعميد كمال الطاهر نائبا عنه والعميد عزالدين غندور. ومن المفارقات بعد ذهاب النظام المايوي وقيام المجلس العسكري أصبح سوار الدهب رئيس المجلس وعثمان عبد الله وزير الدفاع وفارس عبد الله حسني عضو المجلس وعباس مدني وزيرا للداخلية وإبراهيم عبد الكريم استمر في منصبه إلى أن توفي، بينما ذهب بقية منتسبي جهاز الأمن ومن كانوا معهم إلى سجن كوبر.

    آثار كارثية:
    -----------------------

    ويجرد اللواء عثمان السيد حسابات الخسائر من قرار حل جهاز الأمن.. فيقدم هذه الفاتورة الثقيلة قائلا:
    ( لم يحدث في تاريخ العالم أن تترك دولة أسرارها سلعة متاحة للمخابرات الأجنبية مثل ما حدث في السودان عندما حل المجلس العسكري جهاز الأمن، فقد واجهت البلاد مؤامرات خطيرة واستهدافات خارجية، خاصة من أثيوبيا في عهد منقستو والدعم لحركة التمرد وقتها من الدول المجاورة كينيا ويوغندا وزائير وزميبابوي، حيث كان الجهاز متاحاً في كل هذه الدول، وكان يمتلك معلومات كلها صارت في مهب الريح.

    البلد صارت مفتوحة والجهاز مفتوحاً حيث إن (6) من القناصل الاثيوبيين الذين كانوا مجندين في قسم المخابرات المضادة والذي كان يقوده العميد أحمد الجعلي تم اعتقالهم وعرفتهم المخابرات الاثيوبية، وأدركت أنهم العملاء الذين كانوا يوصلون المعلومات لجهاز الأمن السوداني، وهذا ينسحب على عملاء كثيرين.. انهارت المنظومة الأمنية الوطنية بأيدي السودانيين أنفسهم..

    في إثيوبيا انكشفت خلية تابعة لجبهة تحرير تقراي الحاكمة إذ أن جماعة ملس زناوي كانت لديهم صلة وصل بين عناصر جبهة تقراي الموجودة وبين عناصرهم في أديس أبابا اكتشفت عبر الرسائل، وهذا أدى لكشف العناصر في أديس أبابا أيام منقستو وتم القبض عليهم وإعدامهم.)

    ملفات الجهاز تباع في الأسواق:
    --------------------------------------------

    ويواصل اللواء عثمان السيد حديثه ويقول إن حل الجهاز أحدث الكثير من الدمار على المستوى الداخلي والخارجي إضافة للخلل الأمني الكبير الذي رشح في تلك الفترة.

    يقول عثمان السيد ( كنت أعمل مندوبا لقنصل الجهاز في لبنان، وكان هناك نشاط كبير للجبهة الوطنية في تلك الفترة حيث كان يوجد عدد من الشخصيات السياسية أحمد عبد الرحمن محمد، والمرحوم عمر نور الدائم، ومبارك الفاضل، وعثمان خالد مضوي، وبعد الانتفاضة قال لي أحدهم "ده الكلام الكنتو بتكتبوا عني"، وقال له آخر إن ملفي موجود الآن معاي في بيروت وأسهل شيء أنك تشتري ملفات الأمن..)

    ويمضي اللواء عثمان السيد في كشف الثغرة الأمنية الخطيرة التي اجتاحت البلاد بسب هذا القرار الخطير.. قرار حل جهاز امن الدولة..

    (..ومن الأشياء السالبة أيضاً أن التقارير التي كانت تذهب لرئيس الجمهورية بمختلف النشاطات أصبحت مكشوفة، وأصبح هناك خلل أمني كبير، حيث إن القواعد الأساسية للأمن هي أن تؤمن مصدر المعلومات في ساعة الشدة، ولكن بعد حل الجهاز أحجم عدد كبير من الذين يعملون في السفارات من التعامل مع جهاز الأمن بحجة أن وضع الجهاز أصبح غير مضمون، ويمكن أن يتكرر ما حدث..)

    ضياع خبرات نادرة:
    -------------------------

    ويشير اللواء عثمان السيد إلى أن حل الجهاز أفقد البلاد خبرات نادرة سواء كانوا أكاديميين أم عسكريين أم من الشرطة أم من أساتذة الجامعات، حيث إنهم تلقوا تدريباً في الاتحاد السوفيتي وألمانيا وأمريكا وألمانيا الغربية، وهم مخازن وأسرار للمعلومات، كل هؤلاء تشردوا وحتى عندما جاء اللواء الهادي بشرى وطلب من بعض الضباط العودة للخدمة رفضوا لأن ما حدث لهم هو عملية إغتيال للذات حيث اتهموا بالعمالة والخيانة والارتزاق وبأنهم من أسر وضيعة وقتلة.
    --------------------------------------------------------------------

    من حل جهاز أمن الدولة
    (الحلقة الأخيرة).
    -------------------------

    تحقيق:حنان بدوي

    في هذه الحلقة الأخيرة أتلمس شهادة واحد من أهم ضباط جهاز أمن الدولة في تلك المرحلة الحرجة من تاريخ السودان، العقيد أمن(م) أحمد الجعلي، الذي كان مديرا لإدارة مكافحة المخابرات المضادة.. الجهة المسؤولة عن حراسة الأبواب الداخلية لجهاز الأمن حتى لا يخترق الجهاز بواسطة مخابرات أجنبية أخرى فيصبح أمن البلاد مثقوبا.. تتسرب عبر ثقوبه أسرار السودان الى أعدائه.

    مدير مكافحة المخبرات المضادة!!
    ----------------------------------

    يقول العقيد أمن(م) أحمد الجعلي، مدير مكافحة المخابرات المضادة بجهاز الأمن المحلول، إن قرار حل جهاز الأمن "قرار غير موفق، وأنا شخصياً لا ألوم عليه أحدا ليبقى هذا القرار رصيداً ثراً لأبنائنا وإخوتنا الذين يملكون ناصية الأمن اليوم، حيث كان هذا الجهاز من أكفأ الأجهزة في الشرق الأوسط وتميز أفراده بالمهنية العالية من خلال الخبرة التي اكتسبوها عن طريق التدريب في جمهورية مصر العربية وألمانيا وأمريكا وإيران. ويكفي أن الجهاز لم يتح فرصة للمحاولات الانقلابية المتكررة في عهد مايو للانفراد بالحكم".

    الجهاز كتب شهادة وفاة للنظام المايوي:
    -----------------------------------------

    وروى العميد الجعلي أن جهاز الأمن أول من حرر شهادة وفاة للعهد المايوي قبل أي جهة أخرى "ووضعناها أمام السيد رئيس الجهاز، وكان أعضاء الجهاز يجوبون الشوارع التي امتلأت بشعب الانتفاضة، وشهد على ذلك كثير من المواطنين، وكان انحياز الجهاز للانتفاضة انحيازاً حقيقياً؛ حيث لم تخرج طلقة واحدة من أعضائه، وعندما أوكل أمر تصفية الجهاز للسر أب أحمد كانت هناك دراية تامة من أعضاء الجهاز بأنهم سيدفعون فاتورة النظام المايوي، وعندما أعلن السر أب أحمد أمر التحفظ على ضباط الجهاز دوَّت القاعة بالتصفيق والتكبير وفي أروع تجربة أودع ضباط الجهاز في السجن واتيحت الفرصة للشعب السوداني العظيم أن يقول كلمته ويأخذ القصاص من أميز تجربة يشهدها التاريخ". وبعد (22) سنة من حل الجهاز كانت النتيجة أن هؤلاء الضباط لم يشتركوا طيلة هذه الفترة في أي محاولات انقلابية أو يسوِّقوا المعلومات التي بحوزتهم ولم ينضموا لأحزاب أو أي جهات أخرى.

    فقدت مصادر المعلومات:
    -----------------------------

    ويقول العميد الجعلي إن حل جهاز مثل جهاز أمن الدولة الذي كان يمتلك كوادر عالية الخبرة في المجالات الأمنية المختلفة لا شك أنه سيحدث فراغا أمنيا كاملا، وبالتالي أصبح المجال مفتوحاً لكل المخابرات الأجنبية تفعل ما تشاء دون رقيب. وقال الجعلي إن حل جهاز الأمن بالنسبة لإدارة المخابرات المضادة يعني هدم ركن من أركان الأمن حيث حجبت التقارير التي كنا نقوم برفعها لرئيس الجمهورية يومياً من مصادر أمنية داخل السفارات، وهذه التقارير كانت تبنى عليها القرارات السياسية، ومن ثم أصبحت الدولة فاقدة لمصادر المعلومات ولا تدري ماذا تفعل السفارات الأجنبية داخل أراضيها.

    ضغوط الشارع:
    -------------------------

    سأنقلكم الى شهادة أخرى.. العقيد محمد أحمد سبيتي، سكرتير مجلس الأمن الوطني، الذي قال لي.. إن القرار جاء نتيجة (للهوشة) التي اجتاحت الشارع مطالبة بحل جهاز الأمن، وكانت الجماهير تعتقد أن الجهاز عبء ثقيل. ولمَّا قامت الثورة كان الاستهداف الأول لجهاز الأمن، ولكن المجلس العسكري استجاب لضغوط الشارع وأصدر قرار الحل، وبالتدرج استطاع أن يقود الناس بالوضع الجديد.

    ويقول العقيد سبيتي "إن جهازاً مثل جهاز أمن الدولة له قوته وسطوته من الطبيعي أن يحدث حله آثاراً حتى لو كانت فردية محدودة. وأذكر أننا عند إعلان لحظة التغيير كنا في القيادة العامة، وفي ذلك الوقت انطلقت إشاعة قوية جداً بأن كل الأجهزة والأسلحة داخل جهاز أمن الدولة موجهة للقيادة العامة وهناك أسلحة مضادة لأسلحة القوات المسلحة موجودة داخل الجهاز".

    الهدف من إجراء هذا التحقيق هو إعادة قصة الانتفاضة الشعبية للأذهان، وكيف كان المسؤولون وقتها يتخذون أخطر قرار، وكيف يمكن أن تتخذ مثل هذه القرارات دون تروٍ وتفكير بحيث تترتب عليها نتائج تمتد آثارها لأجيال.

    ومن خلال بحثي عن مَنْ حل جهاز الأمن، ومن خلال العديد من الإفادات والمعلومات التي استمعت إليها تأكد بما لا يدع مجالاً للشك أن المجلس العسكري هو الذي أصدر القرار، ولكن (للنجاح ألف أب.. لكن الفشل دائما بلا أب).. القرار الأخطر في تاريخ السودان، بقدر السهولة التي اتخذ بها تنصل منه الجميع.. لا احد يتجرأ بالاعتراف علنا أنه كان وراء القرار، ولخطورته تنصَّل عنه، وجعل من المظاهرات والمطالبات الجماهيرية بحل الجهاز شماعة لتعليق ذلك الخطأ التاريخي الكبير، حسب ما ورد من الذين أدلوا بإفادات للصحيفة من أعضائه والذين تحدثوا بتحفظ شديد، كما آثر رئيس المجلس العسكري المشير سوار الدهب عدم الإدلاء بأي حديث، وكنت قد ذهبت إليه في هيئة جمع الصف الوطني، وكذلك الفريق تاج الدين عبد الله، فضَّل رفض الإدلاء بأي إفادات، ورغم الإفادات الخطيرة ضده التي أدلى بها بعض شهودي في هذا التحقيق إلا أنه لم يخرج عن صمته.. وكذلك اللواء كمال حسن أحمد الذي قال "لا اريد ان اتحدث لأنني لو تحدثت في هذا الموضوع سأمس شخصيات في المجلس العسكري"..

    وإذا كانت الجماهير قد وجهت اتهامات لجهاز الأمن بارتكاب جرائم ضدها لم تثبت صحتها فإنها ما كانت مبرراً كافياً لأن يتخذ المجلس العسكري هذا القرار الذي ترتب عليه فراغ أمني ترك البلاد مفتوحة على مصراعيها للمخابرات الأجنبية.
    ومن خلال الإفادات عبر الحلقات السابقة اتضح أن المجلس العسكري كان رافضاً لكل الحلول البديلة التي طرحت لتفادي قرار الحل، فقد رفض المجلس اقتراحا تقدم به اللواء السر أب أحمد وهو محاسبة الذين تثبت ادانتهم بارتكاب جرائم ضد الشعب والإبقاء على العناصر الأخرى، واقتراحاً آخر تقدم به اللواء عثمان السيد وهو إحالة القيادات العليا بالجهاز رئيسه ونوابه، لكن قوبل بالرفض أيضاً... كما تجلى ضعف المجلس العسكري في استماعه للشائعات دون التحري عنها، والتي كانت تشير إلى أن جهاز الأمن أصبح يشكل خطورة على القوات المسلحة، ويمتلك أسلحة حديثة ويخطط لانقلاب مضاد.. إلا أن كل هذه المعلومات التي استند عليها المجلس العسكري لم تثبت صحتها بعد، فكان الأجدر أن يتوخى المجلس العسكري في حقيقة المعلومات الواردة إليه.

    الحسابات الشخصية:
    ---------------------------------------

    لقد أكدت بعض إفادات المسؤولين في الجهاز أن أعضاء المجلس العسكري -والذين هم قيادات لوحدات القوات المسلحة- لدى الكثير منهم خلافات وأحقاد شخصية مع الجهاز، أما جهاز الأمن فقد كان ضحية لكل ذلك بعد أن تكشف عدم صدق الشائعات والاتهامات التي كانت تدور حوله، كما أثبتت لجان التحقيق أن الانتهاكات التي ارتكبها جهاز الأمن ضد الشعب السوداني كانت ممارسات طفيفة لا تحسب على ضباطه، كما أن جهاز أمن الدولة لم يك يوماً ضد الانتفاضة والتغيير.. وحسبما ورد في إفادات العميد(م) أحمد الجعلي فإن جهاز الأمن أول من حرر شهادة الوفاة للنظام المايوي ووضعها أمام مكتب رئيس الجهاز، وكان ضباطه يجوبون الشوارع أثناء الانتفاضة ولم يقوموا بإطلاق طلقة واحدة. لقد كان حل جهاز أمن الدولة تجربة قاسية امتدت آثارها لزمن بعيد، إلا أنها يجب أن تكون رصيداً وعلماً تستفيد منه الأجيال القادمة.

    في ختام هذه السلسلة لا بد من سؤال قاسٍ: لماذا يدفع السودان دائما فواتير فشل لم يستهلكه؟؟ لماذا تصدر القرارات الخطيرة الكبيرة، بأفقر خيال ووطنية.. ويدفع الشعب كله ثمنها في النهاية.. قبل أن تدفعه الحكومة الحزبية التي سقطت بعد أقل من أربع سنوات، لأنها كانت حكومة بلا أمن، تحكم بلدا تمزقه الحروب والمصالح الدولية؟؟.
                  

04-02-2008, 09:21 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    7 أبريل 1985:
    ______________

    1 - بـعـدان تـم حل جـهاز الأمـن القومـي وتنفس الناس الصـعداء وايقنوا ان كل مـخاوفهم من عسكر النـميـري!! كانت غـيـر صـحـيحة وان سـوار الذهـب فعـلآ انقـذالبـلاد مـن كارثة مـجـزرة كانت سـتقع مابيـن جـماعة الاتـحاد الاشـتـراكي وتنـظيـم التـجـمع. بـعـد هـدوء الاحـوال بـدأ الناس يسـألون بعـضـهم البعـض ان كانوا يعـرفون هـوية وتاريـخ اعـضـاء الـمـجلس العسكـري الانتقالـي?

    2 - تسـأل الكـثيـرون مـن يكون:
    1 - الفريق اول عـبـدالـرحـمـن مـحـمد حـسـن سـوار الـدهـب،
    2 - الفريق اول تـاج الـدين عـبداللـه فـضـل،
    3 - الفريق طيار محـمد مـيـرغـنـي مـحـمـد طـاهـر،
    4 - الفريق بحـري يوسـف حـسـيـن أحـمـد،
    5 - الفريق مهندس محمد تـوفيق مـحـمـد خـليل،
    6 - الفريق معاش يوسـف حـسـن الـحـاج،
    7 - اللواء(أ.ح ) فابيان اقـم لـونـج،
    8 - اللواء جـيمس لـورو،
    9 - اللواء(أ.ح ) عـثمان الأمـيـن السـيـد،
    10 - اللواء(أ.ح) حـماده عبدالعظـيم حـماده،
    11 - اللواء(أ.ح) ابراهـيـم يوسـف العوض الجـعلي،
    12 - العميد(أ.ح) عـثمان عـبداللـه مـحمـد،
    13 - العميد(أ.ح) فـضل اللـه برمـه ناصـر،
    14 - العميدمهندس(أ.ح) عبدالعـزيز مـحـمدالامـيـن،
    15 - العميد(أ.ح) فارس عـبداللـه حـسنـي.

    وظل التساؤل يدور حـول هـؤلاءالضباط... وكانت النتـيجة ان لااحـدآ يعرف عنهـم شـيئآ ( ماعـدا سـوار الذهـب ) وكانوا نكـره لاتاريـخ عسـكري او سـياسـي او بطـولات فـي اي مـجـال رياضـي او ثقافـي او بنشاطات الاتـحـاد الاشتـراكـي!!!

    3 - عـنـدما ألـت كـامل السـلطات لـهؤلاءالضباط الجـدد كـان واضـحـآ انـهـم يعانون مـن مـشكـلة الـتكيـف مـع الوضـع السياسـي الـجديـد وهـم عـديـمي الـخـبـرة بالعمل السـياسـي الذي أل لـنـميـري 16 عامـآ ومادرب احـدآ فـي البلاد ليـخلفه بالـحـكم. كان اعـضاءالـمجـلس العسـكري يتـحـاشـون مـلاقات الجـماهــيـر وجـهـآ لوجـه ومـخاطبتـهم جـماهـيـرآ،
    ابتـعـدوا تـمامآ عـن الاضـواء واللقاءات الصـحـفية، ومـما زاد الطيـن بلة علي وضـعـهـم ك (عسـاكر نـميـري ) ان الوضـع الـديـمقراطـي الجـديـد بالبلاد اعـطـي الجـماهـيـر حـق نـقـد السلـطة والممـارسـات القـديـمة التـي قام بـها اغلب ضــباط القوات الـمسلحـة بالـجـنوب وابان حــكم نميـري.
                  

04-02-2008, 11:06 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    3 أبريل 2001:
    _______________

    مـصـرع الرائد ابراهـيـم شـمـس فـي حادث انفجار طـائرته الانتيـنوف ومـعه ثـلاثة عشـر مـن كـبار ضـباط القـوات الـمسلحـة.
    ----------------------------------------------------

    1 - مـن غـرائب الـصـدف والتـي يندر ان نجـد لـها مـثيلآ فـي التاريـخ، قـصة مـصـرع الـرائـد ابراهـيـم شـمـس الـدين وتـحـديدآ فـي شـهر ابريل!!

    2 - فـفـي يـوم 28 ابريـل 1991 كـان الرائـد شـمـس الـدين هـو الـمـشـرف علي اعـدامات الضـباط الثـمانية والعشـرين الذين فشـلوا فـي انقلابـهـم العسـكري يوم 24 ابـريل مـن نـفـس العام، وهـو الذي اصـدراحـكامـه باعـدامـهـم بعـد سـاعتين مـن انعقاد مـحـكـمة عسـكرية خـلت مـن ابسـط مـحـامييـن وشـهـود وقـوانيـن.

    3 - هـو الـذي كان وراء تـعـذيب الـدكتور عـلي فضــل ومـعـه الدكتورالطـيب ( سـيـخـة ) حـتـي تـوفـي 22 ابريــل 1990.

    3 - الرائد شـمـس الـدين هـو الذي رفـض بشـدة فتـح اي تـحـقيقات مـع الذيـن تســببوا فـي مـجـزرة معسـكر( العيلفـون ) والتـي حـصـدت ارواح مئات مـن الطـلاب الـمجـندين فـي يـوم 2 ابريـل 1998.

    تـقول كـتب التاريـخ،ان هـتلر مات منـتـحـرآ فـي 30 ابريل 1945، والـديكتاتـور مـوسـيليـنـي قـتل وبعـدها عـلق مـن قـدميـه بايطاليا فـي يوم 29 ابريل 1945.

    انتـحار وزيرالدعاية النازي غوبلز ومـعه زوجـتـه واطـفاله السبعة.

    انتـحـار ايفا براون زوجـه هـتلر فـي نفـس يوم انتـحار زوجـها هتلر، نـهاية حـكـم نـظام مـايو بالسـودان فـي 6أبريل 1985، ......

    اصـطـدام طـائرة الـرائـد ابراهيـم شـمـس الـدين بجـدار مـطار ( عـدرائيـل ) بغـرب السـودان انـفجارهـا واحـتـراق ركابـها.

    ..... ماذا يــدخـر لـنا ابـــريل هــذا العــام مـن مـفاجـــاءات!!?.
                  

04-03-2008, 00:39 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    25 ابريل 1985:
    _______________

    ..... إنشاء وتشـكيل مجلـس الوزراء:
    _____________________________________

    اصـدر المجلس العسكري الأنتقالي القرار رقم( 35 ) بإنشاء وتشكيل مجلس الوزراء لسنة 1405 علي النحو التالي:

    1ـ السيد الدكتور الجزولي دفع اللـه رئيسـآ للوزراء،
    2ـ صمـوئيل أرو بـول نائب لرئيس الوزراء،
    ووزير للري والقوي
    المائيــة،
    3ـ السيد العميد ا.ح- عثمـان عبداللـه وزيـر للـدفاع،
    4ـ السيد طـه ايـوب وزيـرآ للخارجيـة،
    5ـ السـيد عوض عـبدالمجـيـد وزيـرآ للمـالية
    والتخـطيط الاقتصادي،
    6ـ السيـد سيـداحمدالسيد وزيرآللتجارة والتعاون ،
    7ـ السيد المهندس عبدالعزيز عثمان وزيرا للطاقة والصناعة،
    8ـ السيد بيتر قات كوث قوال وزيـرآ للنقل،
    9ـ السـيد صـديق عابـدين وزيـرآ للزراعة والموارد،
    10ـ السيدد. حـسين ابو صالـح وزيـرآ للصحـة،
    11ـ السيد اوليفر البـينو وزيرآ للخدمة العامةوالعـمل،
    12ـ الفريق اول شرطة عباس مـدني وزيـرآ للداخليـة،
    13ـ السيدد. امين مكي مـدني وزيرآ للتشييد والأسكـان،
    15ـ السيـدمحـمد بشـيرعـمــر وزيــرآ للثقافةوالأعـلام،
    15ـ السيد بشـيرحـاج التوم وزيـرآ للتربيـةوالتعليـم،
    16ـ السيد عمرعـبدالعاطي نائبـآ عـامآ،


                  

04-03-2008, 00:52 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    .... اسـتطاع جـهاز الأمـن وبعـد 14 عـامآ من الإخفـاقات الفاشـلة وان يـصـل الي مكان اختـفاء نـقـد الأمـين العام للـحـزب الشـيوعـي فـي 7 ابريل 2005،

    سـؤال:
    هـل هـي مـحـض صـدف وان يـجـئ اكتشـاف مـقـر نقـد فـي شـهـر ابريل بالذات، ام هـي وكعادة هـذا الشـهـر " ابريل " وان يـفاجـئ السـودانييـن بحـدث كبيـر يهـزهـم ويـهـز العالـم ??.

    --------------------------------------------------------------------------------------------
    المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني ونائبه يلتقيان بالأستاذ نقد في مخبئه بأحد أحياء الخرطوم
    الخميس 7 أبريل 2005


    مدير الإدارة السياسية بالجهاز : نقد ليس مطلوبا امنيا وبإمكانه التحرك بحرية وممارسة نشاطه الحزبي

    الخرطوم (smc)


    قام اللواء مهندس صلاح عبد الله محمد المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني يرافقه اللواء مهندس محمد عطا المولى نائب المدير العام عصر اليوم بزيارة تفقدية للأستاذ محمد إبراهيم نقد السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني في مخبئه بمنطقة الفردوس مربع (58 ) ، وأوضح مدير الإدارة السياسية بالجهاز أن قيادة الجهاز أبلغت الأستاذ نقد أن لا داع ولا مبرر للاختفاء حيث انه غير مطلوب للسلطات الأمنية مشيرا إلى أن الجهاز ظل على علم بأماكن إقامته الدائمة والبديلة وأكد مدير الإدارة السياسية بجهاز الأمن والمخابرات الوطني أن الأستاذ نقد يستطيع التحرك بحرية والاضطلاع بكافة مهامه وإسهاماته في قضايا الوطن .

    الجدير بالذكر أن الأستاذ محمد إبراهيم نقد ظل مختفيا عن الأنظار لعدة سنوات مارس خلالها نشاطه السياسي بعيدا عن الأضواء ، هذا ولم يتسن لــ( (smcالحصول على تعليق اى من مسئولي الحزب الشيوعي بالخرطوم على الزيارة .
                  

04-03-2008, 03:52 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)


    5 أبريل 1985:
    _______________

    لاول مـرة فـي تاريـخ الـخـدمة الـمدنية بالسـودان: مـوظـف يهـدد
    زمـلاءه بالـمسـدس ان خـرجـوا للتـضامن مـع الـمتاهـرين!
    __________________________________________________

    اولآ: الـحـادثة قديـمة وقعـت ابان ايام انتفضـافة الـجـماهيـر بالـخرطوم فـي ابريل 1985،

    ثانيآ: ايضـآ هـي حـادثة غـدت مـعـروفه واعـيـد سـردها مـرة اخـري لعـلاقتـها بـموضـوع ( البوسـت ) وبصـفتـها واحـدة مـن الاحـداث الكـبيـرة
    والـمعروفة التـي وقـعـت فـي شـهـر ابريل.. ( شـهـر الاحـداث السـودانية !!).

    تـقول اصـل الـحكاية ان الـصـحفييـن والعامليـن بجـريـدة ( الايام ) قـرروا التوقف عـن العـمل والتـضامـن مـع الـمنتـفضـييـن بالشارع ضـد نـظام 25 مايو... وان قرارهـم بالاضـراب والتوقـف عـن العـمل ياتـي اسـتجـابه للنداء الذي وجـهته قوي التجمع للـجـماهيـر بالخروج للشوارع لاسـقاط النظام، وثانيآ تاكـيدآ مـنهـم بان الصـحافييـون لن يـخـذلوا الشارع والقضـية الـملحـة.

    طـوال فتـرة الـمناقشات الـحـاميـة والجـادة الـتـي كانت تدور بيـن الصـحافيـون والعاملون بالجـريدة حول ضــرورة الاشـتـراك في مـسـيـرة يوم 6 ابريل لتقديـم مـذكرة (التـجـمـع ) للقصــر والتـي فيـها الـمطالبة بتـنـحـي النـظام عـن الـحـكم وعـودة العسـكر للثكنات وتسـليـم كـامل السـلطـة للشـعب
    ،كان احـمد الـطـيـب البلال هـو الـوحـيـد الـمتـشـنج ومنـفعل للغاية ويـحاول اثناء زمـلاءه عـن الخـروج والتضــامـن مـع الـمتظاهرين وراح يـذكرهـم بخـطورة خـروجـهـم واضـرابهـم عـن العمـل بانهــم سـيـفقـدون وظـائـهم وسـيـتـعرضـون للـمسـاءلة والـحـساب العسـيـر. لاحـظ البلال اصـرار كل زمـلاءه بالخـروج فراح يشـن هـجـومه الضــاري عـلي التجـمع ويصـف الـمتظاهـرين بالـرجرجـةوالصـعاليك وان مـثل هـذه الـمظاهـرات الصـبيانية لـن ولن تسـقـط نـمـيـري. مااهـتـم احدآ مـنهـم بكـلام البلال ...وبيـنما هـم كـانوا يسـتعدون للـخـروج ويغلقون ادراج مكـاتبـهـم فـوجـئوا بالبـلال يـخـرج مـسدســه ويـهدد كل مـن يـحاول الـخـروج وراح يأمــرهـم بغـلاظـة شـديدة بان يبقـوا بـمـاقعـهم ولايغادروهـا.

    وخـرجـوا كلهـم للشارع الـمنتفـض رغـم انــف البلال ومـن منـحـه الـمـسـدسالـحـربي.

    واليوم ونـحـن فـي ابريل 2008... وبـعد ثـلاثة وعـشـرين عـامـآ مـن حـادثة جـريـدة ( الايام ) فـي 1985، واحـمدالطـيب الـبلال يلقـب بـ... (امبـرطور الصـحـافةالسـودانيـة )!!!، ويـملك صـحـيفة تـدور حــولـهـا ألـف علامات اسـتفـهام و...... ( مــن اين لك هــذا?)!!
    وزمـلاءه القـدامـي الذين خـرجـوا لـلشارع وشـاركوا فـي الانتفاضـة واسـقطوا نظام نـمـيـري دخـلوا التاريـخ كـــأشـرف الرجـال وانقـي الصـحـفييـن يكن لـهــم الجـميع الاحـــترام والتقـديـر.
                  

04-03-2008, 04:18 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    .... كـان احـمد الطـيـب البلال فـي عـام 1985 مـجـرد صـحـفـي لايـمـلك مـن متاع الدنيا الا ورقة وقلـم ووظيفة عـادية وراتـب مـتواضـع،

    فكـيف غـدا فـي عـام 2008 صـاحـب جـريـدة وامـبـرطورية صـحـفية كـما يطلقون عليـه?.
                  

04-03-2008, 09:15 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    احـداث ابريلية لاتنـسـي:
    _______________________

    الذكرى السادسة عشر للانقلاب الثنائى : الترابى - البشير بانوراما الانقلاب وجرائم الجبهة الاسلامية فى السودان الحلقةالعاشرة :
    اعدام ضباط حركة ابريل وتجار النقد الاجنبى .
    ------------------------------------------------------

    سودانيزاونلاين.كوم
    sudaneseonline.com
    7/14/2005

    نقلا عن كتاب : ( الاخوان والعسكر )
    تاليف : حيدر طه
    عرض : كوات وول:
    بقلم بدر الدين أبو القاسم محمد أحمد-
    ليبيا / طرابلس.


    الغرض : فضح جرائم الجبهة فى عيدها الانقلابى.

    استدل اصحاب الراى القائل بان القوات المسلحة تضم فى صفوفها اكثر من اربعين فى المائة من ابناء الجنوب وابناء الغرب ، وان هذه الهزات الحادة التى تضرب فى التكوين الاساسى للجيش الان سوف تكون لها عواقب سوداء على الوطن .

    وبالضرورة ان يكون داخل القوات المسلحة من يستشعر كل هذه المخاطر المتغلغلة وسط الاحداث الجارية منذ الانقلاب وتاثيرها على اداءة التامين الوطنى . فخلال الثلاث سنوات جرت اربع محاولات لانقلابات قادها ضباط من داخل القوات المسلحة ، وكانت اشهر حركة انقلاب تلك التى جرت فى الثالث وعشرون من ابريل عام 1990.

    والتى استطاعت ان تسيطر على معظم المواقع الاستراتيجية فى العاصمة ولكن لاخطاء فى التقدير ولسؤ الاتصالات وربما بسبب حسن النية والتسامح المفرط الذى تعامل به قادة المحاولة الانقلابية فشلت المحاولة وكانت نتائجها ماساوية .

    فقد تم اعدام ثمانية وعشرين ضابطا واكثر من اربعة وخمسين جنديا ، وصف ضابط فى اقل من 48 ساعة ودون محاكمات وبعد استجوابات سريعة لم ينتظر منها المستجوبون ادلة ولم يتوقعوا منها معلومات ، كما لم ينتظر منها المتهمون رافة ولم يتوقعوا عدالة .

    وفى الساعة الرابعة صباحا ، بعد ليلة القدر ، فى اليوم الثامن والعشرين من شهر رمضان وقبل عيد الفطر بيوم واحد ، نقلت عربات مدرعة ثمانية وعشرين ضابطا الى منطقة المرخيات 40 كيلو مترا شمال الخرطوم ، تحرسهم قوة من اربعين جنديا ،حيث تم انزالهم امام مقبرتين واسعتين تم تجهيزها فور اعتقالهم .. ثم صفهم واطلقت نيران كثيقة تخللتها صوات صمود وشجاعة من الشهداء (( الله اكبر ... الله اكبر )) . وقال احد الجنود الذين شاركوا فى الحراسة .. عندما كان التراب ينهال عليهم فى مقابرهم الجماعية بالبلدوزر سمعنا اذان من بعيد يؤذن لصلاة الصبح وتردد فى اسماعنا : الله اكبر ، الله اكبر .

    ومنذ تلك الساعة اطلق الناس على ضباط حركة ابريل وصف ( شهداء ابريل ) . كان من بين هولاء الضباط عبدالمنعم كرار، رزق بابن فى صباح نفس يوم الاعدام فلم ير طفله الوليد .. وربما لم يخطر بهذا الحدث السعيد ، ولكن من المؤكد ام قلبه نبض بمشاعر الميلاد .

    وكان من بينهم مصطفى عوض خوجلى ، رزق قبل شهر واحد بطفل هو البكر ولم يهنا بان يراه صبيا يحمل حلم الاب . وكان من بينهم الرائد اكرم الفاتح يوسف ، حيث كان يتوقع طفله الاول بعد ستة شهور وهى فترة تتارجح فيها مشاعر دافئة بين الاختيار فارس ام عروسه .

    ونقل جندى شجاع كان بالقرب من الرائد اكرم الفاتح يوسف لحظة ترحيلهم الى المرخيات للاعدام، الى اسرة الشهيد اكرم رسالة هى الوصية الوحيدة التى همس بها فى اذن الجندى ، كانت الرسالة مقتضبة ومعبرة هى: انه حينما يوضع طفلى ارجو ان تسموه اكرم .وراح يردد همسا .. اكرم اكرم الفاتح..
    نقل هذا الجندى الامين الرسالة وبالفعل بعد ستة شهور ولد اكرم اكرم الفاتح يوسف. هل هو الاصرار على الاستمرار فى الوجود ؟ .. ام هل هو الاصرار على ان الثورة حية لن تموت ؟ يبدو ان الاصرار على الاثنين معا .

    بدليل ان محاولات الانقلاب لن تتوقف وان فى الافق مازالت هناك شمعة مضيئة برغم العواصف العاتية التى تهب عليها من كل جانب ... ولكن تبقى حقيقة واحدة، بارزة وعميقة ولا يختلف عليها احد ، هى ان دماء هولاء الشهداء اكدت قيمة اساسية بان الديمقراطية القادمة ستكون غالية لايعلو عليها ثمن لسبب واحد هو انها مهرت بدم عزيز وغزير وان الحرية المنشودة اساسها تضحيات مضمخة بالمجد . تضحيات قدمها جنود بدون تردد وبدون وجل وبدون مقابل مرتجى .

    ومن طبيعة الشعب السودانى انه يحفظ مجد الابطال وقيم الشهداء فى وجدان صاف ثقفته التجارب وعلمته المحن.

    ازمة التجار مع حكومة الجبهة:
    _______________________________

    التجار والاغلبية الغالبة منهم اثرت عالم السوق عن دنيا السياسة ، فهم بالطبيعة ابعد الفئات عن الانغماس فى مشاكل يجرها الصراع المباشر بين مختلف الاحزاب حول السلطة .. فالسلطة السياسية بالنسبة للغالبية هى الفاكهة المحرمة .

    صحيح ان ارتباطهم بالسياسة ياتى عبر طرق غير مباشرة ومسالك بعيدة عن اتون الصراع ، وراس المال اصله جبان يحب الاستقرار ويعشق المخاطرة المحسوبة وقبلته الارباح المفتوحة ويسعى الى الفائدة ولو كانت فيها هلاك ثلثى المال .
    وعالم التجار لم يشهد، منذ بداية هذا القرن ، ان اعدم تاجر لمخالفة او الجريمة ، كانوا دائما يحتاطون ويتحوطون يصادقون الحكومات مهما كان نوع هذه الحكومات ، منهم من يجهر بالتاييد، ومنهم من يسر بالمعارضة ، ولكنهم فى كل الاحوال كانوا اهل ( تقية) ولكنهم فوجئوا فى 17 ديسمبر 1989 ان الحملة ضدهم بلغت ذروتها باعدام رجل الاعمال مجدى محجوب محمد احمد بعد اتهامه بحيازة نقد اجنبى .

    كانت الدهشة عظيمة لاعدام شاب لم يتجاوز عمره سبعة وعشرين عاما ، هو اصغر بين اشقائه ، بسبب الاحتفاظ بحوالى 200 الف دولار فى خزانة البيت بعد ان راى مخاطر كبيرة فى تحريك هذا المبلغ نحو اى تعامل فى السوق ، فاثر السلامة بتجميد نشاطه التجارى فى ظل ظروف غير مناسبة منتظرا استقرار الوضع الاقتصادى ليعاود اعماله ، ولكن يبدو انه كان الراس المطلوب جزه تحت مقصلة عمياء .
    وتساءل الناس حينها الم تكن مصادرة امواله اكثر من 200 الف دولار او ما يساوى ستة ملايين جنية سودانى فى ذلك الوقت ، كافية لتوقيع عقوبة على جريمة حيازة النقد الاجنبى .

    اليس المصادرة والحبس عقوبة كافية لمثل هذه الجريمة..؟ وتواصلت التساؤلات الى حد ان اصبحت هل حيازة النقد الاجنبى يمكن ان ترتقى الى مستوى الجريمة الموجبة للاعدام ؟

    ودارت وسط التجار روايات كثيرة حول السبب الحقيقى وراء اعدام مجدى محجوب ، الا ان الرواية المرتبطة بخيوط خفية مع السياسة تقول ان العقيد صلاح كرار عضو مجلس قيادة الثورة الانقاذ الوطنى ورئيس اللجنة الاقتصادية التابعة للمجلس ، اراد ان ينتقم من مجدى الذى كان يتعامل فى النقد الاجنبى ، اى فى نفس دائرة التعامل التى ضمت العقيد كرار نفسه .

    فقد اعترف العقيد صلاح كرار عدة مرات بانه كان يتعامل بالنقد الاجنبى فى السوق السوداء مع تجار اخرين لهم وزنهم فى هذه السوق ، وذكر العقيد كرار اما صحفيين فى احدى المرات بانه كان مكلف من قبل التنظيم لاختراق هذه السوق ومعرفة اسرارها حتى تتم معالجتها وفق رؤية علمية ووفق معرفة مسبقة .
    وذكر التجار الذين كانوا يتعاملون مع العقيد كرار لاكثر من ثلاث سنوات قبل الانقلاب انه كان شرسا فى التعامل وصعب المراس ، ولكنه ذكى .

    ومعروف ان الصراع بين كتل التجار فى سوق العملة يصل احيانا الى حد الخصام والقطيعة ويؤدى الى التوتر الحاد بينهم ولكن معروف ايضا ان هذه السوق لها تقاليدها وقيمها ومن هذه التقاليد عدم الاضرار بالاخرين مهما كان السبب ، ومن قيمها سيادة روح التسامح بين التجار مهما كانت اسباب القطيعة .
    وبعد اعدام مجدى محجوب جرى اعدام جرجس بطرس مساعد طيار بالخطوط الجوية السودانية فى 5 فبراير واركانقو اغاداد الذى نفذ فيه الحكم بالشنق فى 14 ابريل 1990 بتهمة التعامل بالنقد الاجنبى .

    وتاتى المفارقة الماساوية ... بعد ثلاثين شهرا من اعدام مجدى وجرجس واركانقو يصدر وزير المالية السودانى عبدالرحيم حمدى قرارا يقضى بالسماح بحيازة النقد الاجنبى .

    ففى 6 يونيو عام 1992 اعلن عبد الرحيم حمدى فى مؤتمر صحفى حرية حيازة النقد الاجنبى او العملة الصعبة وانهاء العمل باقرارات العملة نهائيا وقال انه تقرر ايضا الغاء القيود التى فرضت موخرا للتحويل من حساب الى حساب .

    لقد كان لتلك الاحداث الدامية ظلال قاتمة وتاثيرات سلبية فى العلاقة بين حكومة الثورة والمواطنين على المستوى الانسانى، اما على المستوى الاقتصادى فكان هناك هروب جماعى للتجار ورجال الاعمال من السودان الى وطن اخر ... او الى ملاجىء اخرى.

    وكانت مصر هى اول هذه الاوطان واهمها بسبب الاحساس الصادق لدى المواطن السودانى بانه ليس غريبا عن ارض الكنانة .. او ربما لقرب المكان وتواصل اللغة والاهل والاقرباء وتواصل الكلام.

    فقد اظهرت اخر الاحصاءات التى اصدرتها الهيئة العامة للاستثمار فى مصر فى عام 1992 ان اجمالى استثمارات رجال الاعمال السودانيين فى مصر تبلغ 21 مليون جنية مصرى، فى مشروعات تبلغ قيمة رؤوس اموالها حوالى 529 مليون جنية .
    خرج راس المال ورجال الاعمال الى وطن اخر ينشدون فيه الاستقرار بعد حرب ملتهبة وشاملة شنتها الحكومة ضدهم حيث استخدمت كل ادواتها ووسائلها المعروفة وغير المعروفة ، للسيطرة على مركز النشاط الاقتصادى دون اعتبار للاضرار التى تصيب الحياة الاقتصادية من جراء هذه السيطرة.
    ___________________________________________________________

    1 - وفى الساعة الرابعة صباحا ، بعد ليلة القدر ، فى اليوم الثامن والعشرين من شهر رمضان وقبل عيد الفطر بيوم واحد ، نقلت عربات مدرعة ثمانية وعشرين ضابطا الى منطقة المرخيات 40 كيلو مترا شمال الخرطوم ، تحرسهم قوة من اربعين جنديا ،حيث تم انزالهم امام مقبرتين واسعتين تم تجهيزها فور اعتقالهم .. ثم صفهم واطلقت نيران كثيقة تخللتها صوات صمود وشجاعة من الشهداء

    2- اركانقو اغاداد الذى نفذ فيه الحكم بالشنق فى 14 ابريل 1990 بتهمة التعامل بالنقد الاجنبى .
    ------------------------------------------------------------

                  

04-04-2008, 00:40 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    اشـهـر حـالات الاغـتيالات والتصـفيـات الـجـسـدية والوفيات والانـتـحارات الـتـي وقعـت بالسـودان فـي ( ابريليات ) سـابقــة!
    ___________________________________________________



    1 - نظاميون بالقوات المسلحة جرى قـتـلهم:
    ---------------------------------------

    الفريق خالد الزين
    اللواء عثمان بلول
    اللواء حسين الكدرو
    العميد محمد عثمان كرار
    العقيد نصر بشير
    العقيد عصمت ميرغني طه
    العقيد محمد قاسم
    العقيد صلاح الدين حسين
    المقدم بشير ابو ديك
    المقدم محمد عبد العزيز
    المقدم عبد المنعم كرار
    المقدم سيد عبد الرحيم
    المقدم بشير صالح
    الرائد أسامة عبد الله
    الرائد بابكر نقد الله
    الرائد أكرم يوسف
    الرائد معاوية علي
    الرائد نهاد حميدة
    الرائد عصام الحسن
    الرائد الفاتح الياس
    الرائد صلاح الدين درديري
    الرائد سيد أحمد النعمان
    الرائد تاج الدين فتح الرحمن
    الرائد الفاتح خليل
    النقيب مدثر محجوب
    النقيب مصطفى خوجلي
    النقيب عبد المنعم كمير

    _______________________________



    2 - ‏ أطفال قتلوا في معسكرات التجنيد
    في العيلفون والسليت.
    ________________________________

    في 2 أبريل 1998، فر أطفال بين الخامسة عشر والثامنة عشر من عمرهم تم تجنيدهم بشكل غير قانوني من معسكر تجنيد يسيطر عليه الجيش في السليت وذلك لقضاء مناسبة دينية (العيد) مع أسرهم. لاحق جنود وضباط المعسكر الأطفال بصورة وحشية. قتل العشرات على الفور بالبنادق الآلية. في يوم الجمعة 3 أبريل 1998، وقعت نفس المجزرة في معسكر تجنيد العيلفون عندما قرر 1417 من الشباب الهرب من مضايقات الضباط الذين يشرفون عليهم. تم إطلاق النار الأطفال الهاربين. وهلك العديدون منهم غرقى في النهر. كانت حصيلة المجزرة أكثر من 100 طفل قتلوا بأوامر مباشرة من عمر حسن البشير، القائد العام للقوات المسلحة السودانية.

    المصدر: دورية حقوق الإنسان السوداني
    العدد رقم 15- يونيو ‏2003
    ------------------------------------------


    3 - الـدكتورعــلي فضـــل:
    __________________________

    القاتل يقتل و لو بعد حين:.
    ---------------------------

    www.midan.net/nm/private/news/Alifadul_memorial.htm - 37k -

    احمد حاج علي.

    " في تجديد العهد و المحبة معك يا علي يا فضل...! "

    وحدها واقعة ميامي القضائية هي التي جعلتني أكثر فهما و استيعاباً، و هي التي حركت في دواخلي العهد و أيقظت ذلك الأمل و تلك الإمكانية تجاه شهيدنا و شهيد حركة الأطباء و الشعب ، و من ناحية أخرى تفسر لي الواقعة سر ذلك الخوف الداهم الذي حاق بالحجاج بن يوسف الثقفي، و أورثه ذلك الضجر الأرعن المستبد الذي ظل يقابل به فتوى القاضي الورع سعيد بن جبير . . " القاتل يقتل و لو بعد حين..! "

    إن واقعة ميامي عند العام 2003 بولاية فلوريدا الأمريكية تتصل بما جرى في استاد سنتياغو الرياضي عند العام 1970 ، إذ يحكي بأن ثلاثاً من المعتقلين اللذين اكتظت بهم المدرجات بعد أن امتلأت و طفحت " معتقلات و بيوت أشباح" أوغستيو بينوشيه ، شاهدوا أربعة من محترفي القتل التابعين لجهاز أمن الانقلاب العسكري الدامي يطلقون النار (اختيارا و إصرار و ترصدا) على شخص ما ، هو أيضا معتقل و اعزل و ذلك بعد أن كدوا و جاهدوا في تحديده و فرزه من بين المئات!

    إذن و بعد 33 عاما صار اثنان من هؤلاء شهودا على أحد القتلة من أولئك الأربعة، و ذلك بعد أن توفى رب العزة و الجلالة الآخرين (شهودا و متهمين) . وهكذا دارت الأفلاك و الأزمنة لتستقر بوصلة الحق عند مقولة بن جبير . . " ولو بعد حين... و لو بعد 33 عاما "

    كان عيال أب جويل و منهم شهيدنا علي فضل احمد قد انطلقوا من تخوم كرري إلى فضاء السودان و سهوله الواسعة بعد أن واروا شهداءهم ثرى الوطن العزيز، و هم ما انفكوا يلعقون جراحهم!

    . . لقد نبهني استشهاد علي فضل و ضياعه من بين أيدينا على هذا النحو المأساوي إلى أننا و في أمر السودان ينطبق علينا قول المتنبي و فلسفته للموت في قصيدته المسماة "يدفن بعضنا بعضاً . . و صرنا إن أصابتنا رماح تكسرت النصال على النصال !"

    . . فهاهو ألماظ يدفن ود حبوبة، و هاهو عبد الخالق يدفن ألماظ، و هاهو علي يدفن عبد الخالق، و هانحن ندفن علياً و ننتظر و ما بدلوا تبديلا ...! و منذ تلك الانطلاقة التاريخية الوثابة للعيال فالظلم و الاستباحة و القمع صولات و جولات و دول في السودان ! إن نفس علامة الاستفهام الكبيرة(؟) التي رسمتها أعمدة الدخان المتصاعدة من حطام عنبر جودة المحترق في سماء النيل الأبيض عام 1953 ، قد عادت لترتسم بوضوح في سماء مقابر الفاروق بالخرطوم عند صباح ذلك اليوم من ابريل1990 .. و هاهو شبح الاستفهام يتضخم و يكبر مرتحلا غربا و شرقا ليعلو فوق تلال البحر الأحمر و وهاد دارفور ..!! لماذا؟! لماذا قتلوا أولئك المزارعين الطيبين البسطاء عندما طالبوا بتوزيع دخل المشروع وفقاً لنسبة جديدة.. لماذا قتلوا "علي" عندما حمل هموم الأطباء بإعادة توزيع الدخل القومي لصالح قطاع الصحة ؟ لماذا كلما طالب أحد أبناء الجنوب أو الشرق أو الغرب بإعادة التفاوض سلميا حول أمر السودان كان نصيبه الاستباحة و القتل؟؟ ، و على كلٍّ .. فلولا تلك الأيدي الآثمة لكان علياً بيننا الآن و هو يبلغ من العمر56 عاما فيالها من سن للنضوج و يالها من تجربة عظيمة !" و لكن كما لاحظ خليل فرح مبكرا" : وهل بمقدور العنزة الفاردة أن تبقى على قيد الحياة حتى عمر كهذا أو لما بعده في بلد كالسودان. . ! ؟

    و منذ العام 1979 و نحن متعلقين بـ "علي فضل أحمد" نناديه تحببا و صفاء بـ "علي يا فضل" و هي تسمية و حالة و وصف كامل من صنع رجل بسيط بمعامل كلية الطب منسوب للطبقة العاملة المصرية! و عليا بعد أن تعرفه "ولا تستطيع أن تتذكر متى و كيف كان ذلك من هول جمال التعاطي المنداح"، سرعان ما يستدرجك عفوا و اقتدارا إلى أن تتأمله و ترصد مكونه الفريد الخاص، و يظل زنادك قلبا و عقلا " مقدوحا" من فرط هذا السجال الفكري –الإنساني المدهش! ثم ينمو حبك له في خط صاعد أشبه بخطوط العلاقة الإحصائية ذات القيمة الإيجابية العالية The linear relation ففي العلاقة مع علي و في صعيدي الصداقة الحميمة و العمل النضالي الجاد تجد تنفسك منطلقا كما التحليل الإحصائي الدال من حالات عشوائية غير جاهزة و لا مصنفة سلفاً Non-biased عينات واسعة و أثيرة و مريحة.. ثم سرعان ما يسوقك (علي) كوقع الحافر بالحافر وبذكاء إنساني لا ينضب إلى حالة من البساطة و الثقة و الاحترام المتبادل لا تعترف بالشكليات و لا الخوف من الخطأ أو اللوائح أو الضوابط لينتهي معك عند تخوم الجمال و الحقيقة.. لم أر شخصا متزنا "و منتجا" على الصعيد اليومي كما "علي فضل أحمد". . حقاً، فقد كان حديثا و متمدنا و بسيطا كالحقيقة أو كما جاء وصفه في كتاب الشهيد الصادر في 21/4/1991 من لجنة نقابة الأطباء الشرعية.

    و ها نحن نعيد اكتشافه مجددا عند المدى 86-1989 .. كنا معاً عندما وصلنا تلك المزرعة بضاحية الخرطوم في فبراير 1987 فلقد مثل ذلك الاجتماع الموسع و الذي تجلت في أمر ترتيبه و الإصرار عليه عبقرية الشهيد التنظيمية و الفكرية الفذة و أصالة نهجه الديموقراطي الجماعي، مثل نقطة الانعطاف التي رسمت مسار مستقبل حركة الأطباء لاحقاً و بلورت نهجها و رؤاها الجديدة ..!

    و في مساء 26/11/1989 قال لي يوم اشتعال شرارة الاضراب البطولي لأطباء السودان في مواجهة طغمة الإنقاذ : يا أبو الحاج ، لسنا سعداء لأن الإضراب قد تم تنفيذه بنسبة تفوق الـ96% وهذا دون شك إنجاز يحتسب للحركة ، بقدر ما إننا سعداء لأن قرار الإضراب قد اتخذته الغالبية الساحقة للأطباء من داخل جمعياتهم العمومية ، و إن كان علي فضل قد استشهد بسبب ذلك الإضراب فإنني أقول و للتاريخ و للحقيقة :

    " لم يكن شهيدنا و على المستوى الشخصي مقتنعا بتوقيت الإضراب و ظروف الإعداد له ؛ فعلي فضل بكل تجربته و ثاقب نظره لم يكن ممن يدخلون المعارك الكبيرة بدون حساب دقيق لمجمل الوضع على الصعيدين الوطني/السياسي و التنظيمي، لكنه نفذ الإضراب و أصبح في قيادته؛ لأنه كان قرار الجمعيات العمومية و قرار اللجنة السياسية للتنظيمات الوطنية وسط الأطباء.

    قال لي علي ليلتها :

    صارت علينا مسئولية كبيرة، سنواجه هذه المعركة بكل استقامة و عزم و ثبات؛ فقد صار الأمر مرتبطا بشرف الأطباء و الوطن.. أتوقع أن نتعرض لقمع وحشي فلا تقضي الليلة في المنزل و ابق خارجا حتى إشعار آخر، احرصوا على سلامة و أمن "حاج إبراهيم" ، و رتبوا منذ الليلة مكانا لائقا لاختفائه. . ولنبدأ حملة الدفاع عن سلامة أطباؤنا المعتقلين صباح اليوم نفسه . .

    ثم غادرني "دابي الجبال" . . متخيرا وعرالدروب و هو لا يدري أين سيقضي الليل؟

    كان علي وسطنا خلال الديموقراطية الثالثة مثل " ستيف بيكو" وسط جماعة نيلسون مانديلا و مثل حمزة وسط جماعة "النبي الكريم محمد" يوم نزال بدر، . . بالله ألا تبدو الأمور مترابطة؟ فقد سحلوا الأول و مضغوا كبد الثاني ثم ساقوا عليا إلى آلة تعذيب وحشي دامي على مدى21 ليلة ممسكة برقاب بعضها البعض ! اعذروني إذ أفتح عليكم أبواب الأوجاع و الحزن ، و لكن من العذابات و الألم نحن ننهض لاستيفاء الحقوق و ما فينا تشوهات ولا رعونة و لا حقد و أريد أن أذكر كل من يشعر بأن دم علي حق معلق برقبته ، و حيث أن الذكرى تنفع المؤمن . . بأن ما تعرض له شهيدنا من تنكيل على أيدي جماعة المشروع الحضاري الاسلامي تتضاءل أمامه آلام بلال بن رباح و محنته على يد المشرك أمية بن خلف! لقد كان تعذيبا مبرمجا "لأجل القتل" . . فما من موضع بجسد فتى الخرطوم المشرق Ali The verdant إلا و به ضربة من سوط أو طعنة من نصل أو حرقة من نار " مثلما دون تقرير الطبيب الشرعي آثار أعقاب السجائر على إحدى عينيه" ! . . و الله حقا لا نامت أعين الجبناء.

    عند الساعة السابعة مساء يوم 21/4/1990 كان " قنديل" واجما أمام باب منزلنا و محرك سيارته يدور فتوجهنا سريعا إلى مجمع العيادات و تأكدت لنا الحقيقة ، الحقيقة التي مثلت طعنة نجلاء لا تزال في كبدنا !

    سمعت هنالك كلمات ذلك الجراح الذي يعمل بالمستشفى العسكري و هي لا تزال ترن في أذني كأنغام مدوزنة على مقامات قسم أبقراط و استقامة و نزاهة أطباء بلادنا ، كلمات لا تزال تعيد الأمل و الإمكانية في إيفاء العهد معك يا علي يا فضل ... " لم يكن مارايته هو حال معتقل سياسي مريض بحمى الملاريا كما يدعون .. بل هي حالة مشرد بائس جيء به من زاوية الطريق بعد أن انتهكت حرمة جسده بما يفوق الوصف ! لقد كانت حالة هذا الطبيب السوداني مزرية و مؤلمة و إنني مستعد أن اشهد بذلك في أي تحقيق جنائي يتم". كان قنديل و منذ العام 1980 منسوبا إلى مدرسة "الشيخ البكاي" في أمر الشهيد علي! دموع قنديل و عبد الله و مصطفى و شيخنا الأمير جرت عفوا و نحن نودع علي عند باب الحديد مستقلا قطار عودته النهائية من مصر لأرض الوطن..بكى قنديل مرة أخرى في ميدان الشهداء بأم درمان و أبكاني معه هذه المرة في أمر علي أمام الرجال... ما رد علينا عقلنا و ثبات قلوبنا إلا حزم و دلالات تلك الكلمات الجليلة من أحد اشد الرجال صدقا و شجاعة و كرما كان ذلك الراحل د عثمان بشير عبد الله! أفقنا و لملمنا سريعا حزننا و متاعبنا " بالضبط كما كان يفعل شهيدنا " . . لنواصل سيرنا الذي لم ينتهي بعد على درب محنة الوطن الجريح!

    شققنا طريقنا إلى حي الديوم بالخرطوم و ترن في ذهني كلمات الجراح و شهادته تلك و ينطبق علينا غناء ود الأمين .." عيال أب جويل درب أب درق شقوا"

    الساعة 9.45 مساء وصلنا و شاهدنا حركة غير عادية و نحن نرقب منزل الشهيد من بعد و لمحت المدعو "عباس عربي" رجل استخبارات و أمن نظام القتلة يدخل و يخرج متوترا ، و هو يسعى جاهدا لإقناع العم فضل أحمد باستلام جثمان ابنه و دفنه سريعا على قاعدة الإسلام التي تقول " الميت أولى بالدفن و إكرام الميت دفنه" ناسيا عن عمد ما جاء في محكم التنزيل معنى و دلالة " بأن الذين إن أصابهم البغي فهم ينتصرون.. و السن بالسن و الجروح قصاص"

    أكرر و أشير إلى أن فطنة و ثبات العم فضل وهي من ذات فطنة و ثبات قاسم أمين و الشفيع أحمد الشيخ حيث يتناغم العقل و القلب بسبب من الجسارة و خبرة الحياة، هي التي قادت الأمر إلى ذلك الحد الذي قام بموجبه مولانا القاضي المقيم "بشارة" بفتح البلاغ رقم 903/1990 ووصفه و تحديده لجهاز أمن السودان كمتهم مباشر تحت المادة 251 من قانون العقوبات لسنة 1983 القتل العمد مع سبق الإصرار و الترصد.

    حلاً لإشكال إنساني و أخلاقي عويص تنزل على حشود كانت بانتظار جثمان الراحل عبد الوهاب سنادة ، توجه عمر سنادة بسؤاله الى صديق طفولته وهو مسجي بداخل كفنه القادم من بلاد تموت حيتانها من البرد ، و ذلك في فناء مقابر برى بالخرطوم:

    " يا وهاب هؤلاء أهل خير و متطوعون رحمة و أجرا" ليدفنوا هذه المرأة الفقيرة التي لا تملك ثمنا لقبر في دولة المشروع الحضاري! وهم يريدون قبرك الذي أعده لك آل سنادة؟!" قال عبد الوهاب و هو يحكي البرق مبتسماً " باقي ليك يا عمر نحن حنسابق على قبر بعد أن تركنا الدنيا مبكراً بحالها و نعيمها؟! يدنا مع الجماعة و قلوبنا مع الفقراء و الكادحين أدوها القبر يا آل سنادة" - الواقعة رواها كامل إبراهيم أما كلمات عبد الوهاب فهو ما عرفته عنه و شاهدته بأم عيني. . لذا فهي من عندي "

    ينطبق على عبد الوهاب و علي فضل و عثمان سوركتي قول الحردلو في وصف هذا النوع من الرجال

    " من قومة الجهل ولدا مميز عومو...

    حافلات اللبوس فيهن مفرز كومو.. "

    بالله يا قسم الله و يا راوي اسألوا عليا ماذا تريد منا الآن فأنتم أدرى بقوله " محاكمة قضائية عادلة لمن استباحوا حرمة جسدي و حاكموا فكرنا المسالم بالآلة الحادة " حاكموهم ما وسعكم ذلك أمام قضاء مستقل و نزيه لكي ما نضع بلادنا على درب الأمل .. ذلك الأمل الذي ظل يراود لويس أراغون بشواطيء جميلة لا متناهية مليئة بأمم عاقلة ونقية "

    إنني أشهد و أجزم أن شهيدنا علي فضل أحمد قد تزوج الناس كلها . . " قد تزوجت البلاد يا علي كما قال محمود درويش" و أن حب علي فضل أحمد للسودان كان حبا "عذريا" ليس فيه مغانم و كذلك كان حبا "سلميا" و اعزلا كحب الشفيع أحمد الشيخ للكادحين و البسطاء و كحب مصطفى بطران لحسناء بحري و هو يردد على فراش موته في ذلك الزمان الذي لم يكن فيه لداء الصدر دواء بعد "صدري مزماري و الدموع شربي .. و إنت عارف نوع حبي ليك .... سلمي، و شوقي مهما ازداد ... برضي شايفه قليل"

    . . لا تحدها حدود قد كانت أشواق عبد الوهاب سنادة و عثمان سوركتي و علي فضل لدولة القانون و الديموقراطية و السلم!

    في السودان و في مناطق خليجية و على ضفتي الأطلنطي بلندن و مدن أخرى أمريكية ناقشنا مع عدة عارفين و أحبار قضاء و قانون وناشطي حقوق إنسان "حق أولياء الدم" فيما يشبه قضية شهيدنا علي فضل أحمد .. و عود على بدء ، فلقد مثل أولئك التشيليين الثلاث وبعد 33 عاما ، شهود إثبات و عامل مبرر لإقامة دعوى قضائية أركانها مكتملة فالمتهم حاضر و أولياء الدم موجودون و جريمة إستاد سنتياغو موثقة و أدلتها ثابتة و جلية.

    إذن ما بالنا نحن؟ إذ أن قاضيا "مقيما" بقسم أم درمان الجنوبي قد طالب بإعادة التشريح وفقا لشك مقنع و تكييف قانوني سليم استند فيه على المادة 137 من قانون الإجراءات "الاشتباه في القتل" فجاء تقرير الطب الشرعي بوصفه البينة الكافية لتقبل النيابة الدعوى و يفتح القاضي بلاغه محددا المتهم و مادة الاتهام التي تنطبق على الفعل و تصفه كما هو! إذن (لا تقادم و لا حصانة) فمن أوقف الإجراءات القضائية هم القتلة أنفسهم!

    و في أمر شهيدنا "العلي" فلتتصارع اليوم الأدلة و القرائن بين تقرير الطب الشرعي . . " ذلك أن البينة الطبية حاسمة في إثبات أو نفي ادعاءات التعذيب.. " و بين تقرير آخر ملفق كتبه طبيب إسلامي يدعى "أحمد سيد أحمد" كان نفسه قد جاء متخفياً إلى لندن فتم كشفه و فضحه و ما أفلت إلا لكوننا لم نمارس حقنا الصريح و المشروع في تجديد إقامة الدعوى كاملة داخل السودان و خارجه و بما تكفله لنا المعالجة الدولية كما جاء في دليلRedress حول قضايا التعذيب. . فما أصاب شهيدنا يندرج عند صلب المادة (1) من الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب و في صلب مواد العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر في 18/3/1976.

    لا أدري إذا كان نهج نيلسون مانديلا حول المصالحة و الحقيقة قد يصلح لبلادنا أم لا؟! و لكنني أرى أن ما يهمنا هو جوهر الأمر المتعلق برسالة الشهيد ومهام قوى التحول الديموقراطي وقضاياه الماثلة اليوم! فنحن نروم و بحزم تحقيق العدالة في أمر شهيدنا علي و نتمسك بإصلاح و جبرالضرر أمام محكمة قضائية كمبدأ قانوني و صفة للعدالة .. ونعلم تماما لماذا يرفض القتلة الحاكمون إلغاء المادة 33 من قانون قوات الأمن الوطني و التي تبيح الإفلات و تشجع على التعذيب و نعلم لماذا يرفضون حتى اللحظة المصادقة على الاتفاقية الدولية المناهضة للتعذيب .. لكن نضالنا لن يتوقف ، فنحن أحبابك يا علي و رفاق دربك و فكرتك... نسير على خطى كلمات بازرعة و هو يخاطب الشهيد القرشي عند العام 1964 " قلبي معا .. لا الغاز ، لا البارود ، لا التعذيب يوما أفزعا. . قلبي معا" بيننا و بينك يا علي شرف و ميثاق وصيتك الأخيرة التي تقطعت فيها أنفاس رئتيك المتهتكة من التعذيب . . " إنه درب اخترته و أموت لأجله و أنا واثق بأن هناك من سيواصل بعدي على هذا الدرب".

    دعني أخبرك ختاما بما قالته عنك تلك العجوز الفقيرة التي كنت أراها دائما تنتظرك خارج عيادتك بذلك الحي الشعبي العريق، بكت تلك المرأة و سالت دموعها و هي تقول "أحي عليه الوجيع.. أحي عليه البليغ... إنت فهمك مو دراسة .. إنت فهمك مو قليل .. بريت دار أبوك. . قش دمي البسيل"

    يا علي يا فضل . . يا فرتيقة أم لبوس يا لويعة الفرسان، كنت عنزة و قرونها سنان، و كنت أعلم أنهم لن يتركوك .. لقد حملت همنا و مهامنا ردحا طويلا و ها نحن بعدك نكبر و نصير أكثر وعياً و نضجاً و على دربك نسير...


    4 - الفقـيد الـخـاتــم عــدلان.
    ----------------------------------
    تـوفـي الـي رحـمـه اللـه فـي يوم 23 ابريل 2005.

    5 - الفقيـد مـحـمـد اســماعيل الازهــري.
    تـوفـي الـي رحـمـه مـولاه بتاريـخ 24 ابريـل 2005.

    6 - الرائـد ابراهـيـم شـمـس الـديـن.
    -----------------------------------
    لقـي مـصـرعـه حـرقآ فـي حـادث انفـجـار طـائرة (الانتينوف ) ومـعه ثلاثـة عشــر مـن كبار ضـباط القوات الـمسلحـة فـي 3 ابريل 2001.

    7 - مـقتل اشـهـر بائعة شـاي :
    مقتل أشهر بائعة شاي في الخرطوم بطعنتي سكين!
    ________________________________________

    سودانيز اون لاين:
    4/10 8:21am

    الخرطوم - الراية :

    أخيرا أسلمت سيدة سودانية معروفة علي نطاق واسع ، روحها إلي الرفيق الأعلي بعد صراع مع الألم امتد لأكثر من عشرين يوماً وذلك نتيجة تعرضها لطعنات قاتلة من شخص كان يرغب في الزواج منها إلا انها رفضته مما أدي بالمتهم إلي قتلها.
    وتعود تفاصيل القضية إلي أن السيدة الراحلة أم جمعة عباس سليم كانت تعمل في بيع الشاي والقهوة علي شارع الجمهورية اشهر شوارع وسط الخرطوم، ومع مرور سنوات عملها في المنطقة اكتسبت أم جمعة شهرة واحتراماً من جميع العاملين في المنطقة والسياح الأجانب الذين عادة ما يزورون المنطقة كما عرف عنها إنها أم لطفلين تركهما لها زوجها الراحل وهي تعمل لاعالتهما إلي جانب والدتها التي كانت تعمل هي أيضا في بيع الشاي والقهوة في ذات المنطقة ، إلا أن أم جمعة قررت العمل بدلا لوالدتها فيما كانت تواصل دراستها .

    وكانت طموحاتها أن تواصل تعليمها إلي آخر مرحلة نسبة للذكاء الذي تتمتع به ووصلت إلي المرحلة الثانوية، وظلت تتكبد المشاق يومياً بالحضور في الصباح الباكر من مكان سكنها البعيد عن موقع عملها وتقوم بإيقاد النار وبيع الشاي للزبائن حتي أصبحت أشهر بائعة بشارع الجمهورية نسبة لتعاملها الراقي مع المحيطين بها، وبحكم تواجدها تدخل في حياتها المتهم بقتلها وحاولت مراراً منعه إلا أنه كان عنيداً حيث ظل يفرض نفسه رغم ما يحدثه ذلك لها من مضايقات وكانت تمني النفس بانتهاء هذا الكابوس من أجل ولديها ولكن تطور الأمر أن عرض عليها المتهم الزواج وأخبرته بأنها لا ترغب في الزواج وتود أن تعيش من أجل أبنائها والصعود بهم إلي أعلي مرحلة تعليمية ورغم ذلك لم تنته الأمور عند هذا الحد .

    وفي يوم الحادث حضرت أم جمعة إلي عملها كالمعتاد في حوالي الساعة السابعة صباحاً وكانت وقتها توقد النار استعداداً لبدء العمل فحضر المتهم وتحدث معها ودون مقدمات سدد لها طعنتين بالسكين التي كان يحملها وسط صيحات الألم التي انتابتها بعد ذلك حاول الفرار من مكان الحادث بالصعود إلي إحدي الحافلات إلا أن العاملين بالمنطقة وأفرادا من الشرطة تمكنوا من إلقاء القبض علي المتهم واقتياده إلي قسم الشرطة شمال حيث دون في مواجهته بلاغ بالأذي الجسيم ، فيما نقلت أم جمعة إلي المستشفي حيث أجريت لها عملية جراحية عاجلة بيد إنها توفيت بعد عشرين يوما من تلقيها للعلاجات .

    ونقلت صحيفة الدار المتخصصة في الجريمة والحوادث والتي تابعت القضية باهتمام بالغ ، نقلت عن عائلتها أن أم جمعة كانت تتمتع بعلاقات طيبة مع العديد من العاملين بالقرب من موقع عملها إلي جانب إنها كانت تتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة مما وطد علاقاتها بالسياح الأجانب الذين كانوا يرتاحون إلي الجلوس معها لساعات طويلة ويتحدثون معها وهم معجبون بلغتها واجادتها اللغة الإنجليزية وحتي عندما علموا بإصابتها سجلوا لها زيارة في المستشفي متمنين لها عاجل الشفاء إلا أن الأقدار كان لها رأي آخر حيث فاضت روحها الطاهرة إلي بارئها مخلفة وراءها ألماً وحزناً وجرحا طال زبائنها قبل عائلتها المكلومة.


    8 - إرتفاع نسبة الإنتحار في السودان!!!
    ______________________________________

    إرتفاع نسبة الإنتحار في السودان.

    سودانيز اون لاين
    4/10 8:13am

    السودان:

    الخرطوم - الراية:
    نشرت صحف الخرطوم قبل أيام نبأ انتحار الشاب عز الدين مهدي الذي القي بنفسه في النيل من اعلي جسر في الخرطوم، وقبله قصة الشاب الذي خرج من متجر والده وافرغ مافي مسدسه من طلقات علي رأسه وتوفي منتحرا وغيرها مما تورده الصحف المتخصصة في الجريمة واخبار المجتمع او الذي تدونه محاضر الشرطة.
    وطبقا للتقرير الجنائي السنوي للشرطة فقد دونت 592 بلاغ جريمة انتحار مقابل 440 بلاغاً في العام الماضي بزيادة 152 بلاغاً.

    واحتلت العاصمة الخرطوم الصدارة بين ولايات السودان اذ سجلت 283 بلاغاً وهي تعادل نسبة 8،47% من جملة البلاغات وبلغت نسبة الزيادة في عام 2003م عن 2002م 5،34%.

    وهذه الارقام عن البالغين اما في مجال الاحداث فلم تدون محاضر الشرطة عنها أي بلاغ في العام 2002م، ولكنها سجلت 52 بلاغاً عام 200م وهذه الارقام تكشف الزيادة الكبيرة في هذه الجريمة.

    ويشير التقرير الجنائي ان الذكور الذين اقدموا علي الانتحار بلغ عددهم 114 شخصاً والاناث 478 وتقسيم اخر ان من بين المتزوجين سجلت المحاضر 13 حالة وللمطلقين ،30 اما الأرامل فعددهم 31 اما العزاب الذين قاموا بهذه الجريمة بلغ عددهم 500 عازب.

    وبين هذا العدد يظهر 528 مسلماً و146 مسيحياً ومن حيث المستوي فالأميون عددهم 82 والذين اكملوا الابتدائي 94 اما الذين وصلوا المرحلة المتوسطة عددهم 107 ويصعد العدد في الثانوي الي 138 حالة اما الجامعيون فعددهم 123 و48 حالة لفئات تعليمية اخري

    اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com

    ______________________________________________________________________________

    ::::::: يـاتري مـاذا يـحـمـل لـنا ابريـــل هـذا الـعـام ( 2008 ) مـن مـفاجـاءات ومـصــائب ومـحـن وبـلاوي?.

    أمـسـكوا الـخـشـــب!
                  

04-04-2008, 03:11 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    ابـريل 1970: الرئيـس جـعـفرالـنميـري يعتقل
    عـبـدالـخالقمـحجـوب وينـفيـه الـي مـصـر.
    ----------------------------------------------------

    1 - غـضـب النـميـري غـضبـآ شـديدآ من قادة الـحـزب الشـيوعـي الذين راحـوا كانوا يقولون رأئـهـم صـراحـة فـي النظام ...وان ماقام به الجـيـش ليـس بثورة وانـمـا انقلاب عـسكري، وهـوالأمـرالذي لـم يعجـب قادة حـركة 25 مـايو واعتبـرو ان الـحـزب الشـيوعـي قد تـمادي كثيـرآ فـي نقـده للسلطة.

    2 - وعـلي مـر الأيام توترت العلاقات مابيـن السلطـة والـحـزب الشـيوعـي...ومـما زاد مـن حـدة الصـراع بيـنهـما جـنوج بعـض الاعـضاءالكبار فـي الـحـزب الشـيوعـي ( احـمـد سـليـمان، فاروق ابوعيـسـي، سـورج، واخـرون) للسلـطة الـحاكمة ضـد حـزبـهـم.


    3 - فـي سـبتمبـر 1969 استـدعـي وزيـر الداخلية اعـضاءاللجنة الـمركزية
    للحـزب الشيـوعـي وذلك بارسـال امـر قبـض الـي كـل واحد مـنهـم، وكان الهدف وراء الاسـتـدعاء بـذلك الاسـلوب هـو ابراز دورالسلطة المتـفرد وعدم الاعـتـراف بالوجـود الـمسـتقل للحـزب الشيـوعـي. ولا بانـه متـحالف مـع السلـطة عـلي مـستـوي واحـد. ورد عـبـدالخـالق فـي ذلك اللقـاء بان الاسـتـدعاء بـذلك الاسـلوب لايسـاعـد عـلي خـلق الـجـو الـمناسـب للحـوار.

    4 - فـي اكتوبر 1969 ادلـي بابكر عوض اللـه بتـصـريـح فـي الـمانيا الـديـمقراطيـة اشاد فيـه بالـحـزب الشـيوعـي السـوداني. فأصـدر مـجـلس قـيادة الثورة بيانـآ عـنيفآ هـاجـم فيـه تصـريـح بابكر عوض اللـه وهـاجـم الـحـزب الشيوعــي. وكـان رأي عـبـدالخـالق ان يسـتقيل الـوزراء الشيوعييـن مـن الـحكـومةاحـتجاجـآ عـلي ذلك البيان. ولكـن رأي عـبـدالخـالق انـهـزم داخـل اللـجـنة المـركزيـة.نتيجـة للتوازنات التـي كـانت تـحـكـمـها.

    5 - فـي ديسـمبـر 1969 جـري تـعـديل وزاري خـرج بـموجـبه مـحجـوب عـثمان ومـوريـس سـدرة مـن الوزارة. وحـل مـحـلهـم احـمد سـليـمان وعـمـر الـحاج مـوسـي وثلاثة مـن اعـضاء مـجـلس قيادة الثورة. وكـان رأي عبد الـخالق ان يستـقيل بقيـة الوزراء الشـيوعييـن ولكنه ايضـآ هـزم.


    6 - ..... قام نـميـري فـي بـداية عـام 1970 بـحـل كـل الاحـزاب السودانية
    بـما فيها الـحـزب الشـيـوعـي السـودانـي.

    وفـي ابريل 1970 قام نـميـري بـحـل اتـحـاد الشـباب السودانـي والاتـحـاد النســائـي وهـما تنـظـيمان ديـمـقراطيان يتـمتع الـحـزب الشـيوعـي فـيـهما بنفوذ كـبيـر.

    7 - - قامـت السلـطة الـحاكـمة باعتقال عـبـد الـخالق مـحـجـوب في مارس 1970 ونفتـه الـي مصــر فـي ابريل مـن نفس العام.

    8 - فـي يـوليو 1970 عـاد عـبد الخـالق مـن منفاه فـي مـصـر، وبقـي رهـن الاعـتقـال الـمـنـزلـي فـي مـزرعـة بـ ( البـاقيـر ) ...ثـم اطـلق سـراحـه.

    9 - وقـع انـقلاب هـاشـم الـعـطا فـي 19يوليو 1970.

    .........--------------------------------------.........

    الـمـصدر:
    __________
    لـمـحات مـن تاريـخ الـحـزب الشيـوعـي السـوداني.

    يـوليو 1988.
                  

04-06-2008, 08:15 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وجاءكم أبريل شهرالأنتفاضة ولجؤ نميري واعدامات الضباط ومقتل علي فضل ومصرع شمس الدين وماخفي ا (Re: بكري الصايغ)

    أوراق ابريلية غـيـر منـسـية:
    _____________________________

    6 ابريل 1985 ( مسـاءآ ).
    ---------------------------

    فـي مثل هـذااليوم 6 ابريل 1985 وقـعت ادارة التلفزيون فـي مشكلة كبيـرة اسـمها ( ماذا نقـدم للمـشاهـدين اليوم?). فقـد فاجـئتهـم الانتفاضـة وتـضامـن القوات الـمسلحة لـجانب الشـعب وغـيـرا مـعآ النظام باسـره.

    كان التلفزيون وحـتـي يوم 5 ابريل يقوم بتقـديـم برامجـه العادية مـتجاهـلآ ( وبناء عـلي اوامـر عليا ) عـدم التطرق لـموضوع مايـدور فـي الشارع يـقدم الاخبار التـي تـحتوي علي نشاطات الـحومة ومـقابلات الوزراء ثـم الـمسلسل الـمصري وكان هـدف الـحكومة مـن كل هـذا التـجاهل التاكيـد علي هـدوءالاحـوال وان الأمـن مـسـتتـب والـحكومة قابضـة عـلي زمام الامـور.

    فـي مـساء 6 ابريل احـتار مـدير التلفزيون وقتـها حـمـدي بـدرالـدين مـاذا يقـدم للمـشاهـدين?. فالعاملون كانوا صـباحـآ مـشاركون فـي الانتفاضـة والبـرامج الـمعدة سـلفآ لـمساء 6ابريل غـدت ملغية، ......وللاعـداد لبـرامـج مسائية جـديـدة يتطلب زمـنآ طويـلآ قبل البث!
    كانت لـحـظات عـصيبة لـم يـجـدامامها حـمدي بدرالدين الا وان يبـث القرارات العسكرية عـدة مـرات حتـي مـواعيـد الاغـلاق.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de