هنـا نسـتعرض يوميـات انتفـاضـة مـارس أبـريـل المجيـدة ...

Quote: الأعزاء تحققت نبوة سليم ذلك الفلسطيني الجميل الذي جمعتنا الدراسة الجامعية وكان لايخفي حبه لوطنه المسلوب ووطنه الثاني السودان.عندما قامت الانتفاضة لم يكن يخفي فرحه الطاغي وكان يردد دوما السودانيين شعب لايستحق أن يحكمه ديكتاتور أويحرم من حريته وكرامته وحقه في حكم نفسه. كنا جلوساذات يوم ولم تصحو من نشوة الفرح بالأنتفاضةبعداذ بسليم يقول لي [ تصورلو قام أي شعب في العالم بأسقاط ديكتاتورية عسكريةبالعصيان المدني لكتبت فيها الاف الكتب و البحوث ولسجلت كمفخرة يتغني بها ذاك الشعب و يورثها لاحفادها فما بالك عندما يقوم بها شعبا مرتين في تاربخه الحديث أنها معجزه و لاأظن أن هذه المعجزة جديرة بقامة شعب أكثر من السودانيين...............ولكن خوفي ان تصبح أبريل ذكري باهتة تقتلها ديكتاتورية قادمة كما حدث مع أكتوبر] لقد تحققت نبؤة سليم ومع نفحات مارس أبريل هل قمنا بواجبنانحو الوطن واجيالنا التي لم تعايش تلك اللحظات بالتوثيق لهذه التجربة الفريدة أنه دين شعبنا علينا للتوثيق وكتايةالتاريخ حتي لا يصبح مجرد ذكريات باهتةمسلوبة المعني والقيمة. هذه دعوة أن يصبح هذا البوست ملفا لتوثيق ذكرياتنا عن الانتفاضة مهما صغرت قيمتها في دوران الاحداث فالتاريخ تصنعه تراكم المواقف الصغيرة, أتمني ان نستطيع توثيق مساهمات بعض الذين كانوا في قلب الاحداث وخاصة في النقابات والاتحادات الطلابية فلنوثق لنقابة الأطباء ودور فرعية مستشفي الخرطوم وأتجاد جامعة الخرطوم يقيادة العزيز عمر الدقير ونقابات المهندسين المصارف والمحامين وبقية النقابات نريد أن نسجل لموكب3 ابريل الشهير ولنحاول أن نوثق لدور القوات المسلحة وخاصة صغار الضباطالدي كثر الحديث عن دورهم في رفض ضرب الشارع.ماذا حدث في الاقاليم وكيف تحرك الشارع هي دعوة للتوثيق أتمني أن تجد الحماس والالتزام الجاد لتنفيذ هذا الواجب وسأبدأ من جاني كتاية بعض الذكريات عن ما أطلق عليه وكر جامعة الخرطوم وأتمني أن يشحذ هذا البوست الذاكرة لفيض من المعلومات والذكريات ولاشك لدي أن كثير من أعضاء المنبر وأصدقائهم كان لهم دور وذكربات تستحق التسجيل فلنبدأ هذا الواجب ولكم الود ..

Quote: كنا قد تخرجنا منذ شهور نقضي نهارنا بين المجلس القومي للفنون و مصلحة الثقافة ولجنة الاختيار. وكان بالغنا بنصل الاذاعة حيث غالبية الصديقات والاصدقاء خريجي معهد الموسيقى يعملون.. وليلنا في الندوات والقراءات الشعرية وجلسات الاستماع و الندوات هكذا قضينا الثلاثة شهور الاخيرة من حكم نميري.. بدات المظاهرات كنا لنشتري العشاء نخرج من الداخلية الى الديم لشراء الفول للعشاء حيث لاحظنا ان طعامنا بين لافتتين فوليات .ز فكنا بعد شراء الفول نهتف تسقط تسقط حكومة الجوع تسقط تسقط حكومة الفول.. فيمور الحي ويموج وتبدا مظاهرة الى منتصف الليل الغريب في ابريل ان المظاهرات كانت طول اليوم. غير تلك المظاهرات التى دائما تنتهي مع الدوام..المهم قبلها بايام سافرت الى عطبرة لاعد لزواجي...وصلت عطبرة وجدت العصيان المدني قد بدأ وكل العمال يجلسون في بيوتهم احضر نميري ما يسمى بالكتيبة الاستراتجية او الاحطياتية,, حيث شغلت مكان العمال.. فجاءة بدا المارش العسكري ثم سنواليكم ببيان ثم صوت سوار الذهب ثم صرخة من كل عطبرة. وتجمعنا في ساحة المولد حيث خطب احدهم لا اذكر الان هل هو عمي الله يرحمه موسى متي ام شخص آخر..وتوالت الخطب وخرجت كل الاحزاب تحمل الرايات الحمراء و الخضراء واللافتات .. اذكر ان قلبي كاد ان يقف من المهابة.. هل حقا فعلها الشعب,, واذكر ان عطبرة عن بكرة ابيها نساء رجال كبار صغار خرجوا في مواكب هادرة تقسم بالشعب لن نحيد ولن نميل عاش كفاح الطبقة العاملة.. بعد قليل هجم الناس على الكتيبة الاستراتجية التى كلها من خارج عطبرة فهربوا تجاه الدامر كان منظرا عجيبا.. وكان هناك افراح خاصة في كل عائلة اذ ان النقابة كانت قد رحلت سجن كوبر وجزء في سجن عطبرة اتجهت الناس الى السجن.. وهناك خرج الحراس مهللين فرحين ومعهم اعضاء النقابة ورات عطبرة ابطال النقابة وعلت الزغاريد. وكان طول الوقت هناك مايكروفونات تنبه الناس الى الهدوء وعدم التدمير او الاعتداء على الافراد. وانضبط كل الناس كانت مظاهرات فرح.. وكان استقبال النقابيين المحبوسين في الخرطوم عيد آخر اشتعلت المحطة بالهتافات وكانوا قد احضرو في ترولي.. وهذه لم اذهب اليها لأنني كنت من كثرة الحوامة والجري قد اصبت بنوبة ازمة ولكن كان يوما مدهشا.. عاشت عطبرة وعاش عمال عطبرة وعاش نضال الشعب السوداني والمحزن كل هذا ينتهي بنا في بيت الغول.. الان بعد كل هذه السنيين لو استقبلت من امري ما استدبرت لما تعبت نفسي ذلك التعب ولما تركت تلك البهجة الوحشية تتلبسني. ولا تلك الامال العراض تتملكني.. سافرت بعد شهور قليلة وعدت في آخر 1989 صرخ صديقنا عندما رانا انا وزوجي انتو قضستكم شنو مع العساكر؟ مشينا خلينا عساكر وجينا لقينا عساكر ولم استمتع بالديمقراطية كنت اقرا الصحف بشغف وارى مساحة الرأي الاخر واحلم بيوم الرجوع والعيش في ديمقراطية ورفاهية.. لم يحدث هذا.. فدخلت في فترة الستينات اقرأ الصحف اتنسم فترة ديمقراطية ثرة اثرت الحياة الثقافية وظهرت مدارس اديبة وثقافية مثل الغابة والصحراء وابيدماك والسودانوية و الكرستالية.. ويا جيلي ليك الرماد والعساكر.. ومن الذين خرجو من السجن في ذلك اليوم الاغر الاستاذ عبدالجبار عبدالله خريج معهد الموسيقى والاستاذ في قصر الشباب ان انسى لا انسى يوم ذهبنا الى المستشفي العسكري.. انا وصديقتي. وفجاة راينا عبدالجبار معه عسكري ويرسف في اغلال معدنية .. اتى للعلاج اذكر ذلك اليوم احسست بجرح عميق في داخلي. الرجل الشريف يمشي مغلولا بينما الناس تتبعه نظرات الناس وتساؤلاتهم الزول دا مسجون في شنو؟ مررنا عبارة انه سجين سياسي.. ما اجمل هذه الصفة وما انبلها. عبدالجبار بجسده النحيف اصلو كان كملان من لحم الدنيا يحمل حب هذا الوطن بين جوانحه وعلى استعداد ان يموت لأجله... رجعنا الى الداخلية والكآبة تتلفحنا اما لهذا الليل من آخر؟ واصبح الصبح ولا السجن ولا السجان باق وخرج عبد الجبار ..التحية له

Quote: في إفادات جديدة حول انتفاضة رجب أبريل العميد يوسف عبد الفتاح يروي أسرار الأيام الأخيرة داخل الجيش قاعدة وادي سيدنا أول من قال لا.. لاستمرار مايو أجراه: النور أحمد - محمد الفاتح ونحن نحتفل هذه الايام بذكرى انتفاضة رجب أبريل، يوم هب الشعب في ثورة على نظام الفرد في مايو، استطاعت ان تزيل حصون الرأي الواحد والفكر الواحد، وان تكسر شوكة التسلط والاستبداد، وتوجت يوم السادس من أبريل 1985م بتلاحم عظيم بين الجيش والسلطة، حيث اوفى قائد الجيش في ذلك الحين المشير عبد الرحمن سوار الذهب اولاً باختياره طوعاً جانب شعبه، وثانياً بتسليمه مقاليد الحكم للقوى المنتخبة من قبل الجماهير. ولأن الكثير من أسرار تلك الملحمة ظل حبيس الصدور ومكامن الاسرار، فقد ذهبنا نستجلي بعضاً من تلك الخفايا، وما هي قصة انحياز الجيش الى جانب الشعب، فالتقينا بالعميد يوسف عبد الفتاح محمود نائب والي الخرطوم السابق، الذي حدثنا عن الدور الكبير الذي قامت به القوات المسلحة في انتفاضة أبريل.. وكان هذا الحوار. هذه حكاية الاجتماع الذي غير وجه التاريخ * أولاً حدثنا أين كانت القوات المسلحة في تلك الايام، والنقابات تملأ الشارع طولاً وعرضاً.. وطلاب الجامعات منتشرون في الطرقات، ووصلت الحالة الى شلل كامل في الحياة الاقتصادية والسياسية.. اين كنتم قبل 6 أبريل؟ - ان القوات المسلحة قامت بدور كبير في التغيير الذي حدث في يوم 6 أبريل، وكنا نراقب الوضع أولاً بأول، ورأينا الاضرابات وانقطاع المياه والكهرباء وتزاحم المواطنين في صفوف الخبز وانعدام كل الخدمات الأساسية، وفي ظل هذه الظروف أخرج النظام تظاهرة هزيلة تزعمها قادة الاتحاد الاشتراكي وسميت بمسيرة الردع، فشكلها كان يوحي بسقوط النظام. * وهل كانت القوات المسلحة تحس بكل ذلك؟ - نعم.. كما ان القوات المسلحة كانت تعاني من نقص كبير في الاحتياجات خاصة في مناطق العمليات، وسقطت العديد من النقاط العسكرية في الجنوب، وبدأت الحركة الشعبية في الزحف شمالاً وانفرط عقد الأمن. * وهل تحركت القوات المسلحة رسمياً إزاء ذلك؟ - في يوم 4 أبريل بالمساء عند العاشرة، حيث كانت القوات المسلحة في حالة استعداد، كان هناك اجتماع في مكتب اللواء ركن عثمان الامين قائد منطقة وادي سيدنا العسكرية، وتتكون قيادة المنطقة من معهد المشاة ومعهد المدرعات والمطبعة العسكرية، بالاضافة للقاعدة الجوية. وجمع اللواء عثمان الأمين كل ضباط المنطقة وقدم لنا تنويراً «الحديث للرائد يوسف عبد الفتاح» فقال إنه كان هناك اجتماع مع نائب رئيس الجمهورية ورئيس جهاز الامن القومي اللواء عمر محمد الطيب، بحضور قادة الوحدات ووزير الدفاع وجميع قيادة القوات المسلحة. وخلص الاجتماع الذي ترأسه نائب رئيس الجمهورية عمر محمد الطيب الى تعليمات واضحة حسب رواية اللواء عثمان الامين، حيث ذكر لنا اللواء عثمان أن تعليمات اللواء عمر محمد الطيب تقضي بضرورة الالتزام بالانضباط التام، وان المشير نميري رئيس شرعي للبلاد بالانتخابات، وضرورة حسم كل من تسول له نفسه بالاخلال بالامن والانضباط، وهذه تعليمات واضحة ومشددة من اللواء عمر محمد الطيب. * أخ يوسف.. ماذا كان رد الضباط في ذلك الاجتماع؟ - نحن لدينا عرف في القوات المسلحة بعد نهاية الاجتماعات، فيسأل القائد او رئيس الاجتماع الضباط أو الجنود «اي سؤال» يعني هل منكم من يريد ان يستفسر عن امر ما، والحديث للعميد يوسف، فيقول كنت اول المبادرين بالسؤال، فقلت له نحن يا سعادتك نحترمك ونقدرك باعتبارك قائد المنطقة وعملنا معك بكل احترام وتقدير، وانت بتعرفنا جيداً.. نحن الآن لا نتفق معك ونحن لسنا مع مايو ولن تقف القوات المسلحة مع سلطة لا تستطيع ان تحمي نفسها. والقوات المسلحة يجب ان تتضامن مع الشعب السوداني، وان تساند ارادة الشعب، ولو انت مع نظام جعفر نميري فنحن ضدك. * ماذا كان رد فعل اللواء عثمان في ذلك الاجتماع؟ - قال لي بالحرف الواحد: الرائد يوسف انت في حالة غضب وكلامك هذا خطير وانت متوتر ومتهيج... فقاطعته وقلت له ايها القائد امامك جهاز تسجيل ارجو ان تسجل هذا الكلام.. وانا مسؤول منه تماماً.. وانني لست في حالة غضب او هيجان، وانما انا اتحدث لك عن الواقع. * هل اتفق معك الضباط في هذا الاجتماع أم ماذا حدث بعد ذلك؟ - بعد ذلك تركني لفترة قصيرة وقال للضباط في الاجتماع: ما رأيكم في حديث الرائد يوسف؟ فرد عليه العميد صلاح حسين قائد معهد المشاة وقال له: كلام الرائد يوسف عين العقل، وان الشعب السوداني كله ضد نميري، ما الذي يجعل القوات المسلحة تقف مع هذا النظام، وان الشعب السوداني كله الآن في الشارع، وكل النقابات في حالة اضراب ضد الوضع بالبلاد. ولكن اللواء عثمان الامين قاطعه وقال له فهمنا رأيك فما رأي باقي الضباط. ثم تحدث العميد ركن طيار الركابي قائد قاعدة وادي سيدنا الجوية، حيث ايد كلامي وقال هذا كلام صحيح. واضاف الركابي بأنه سينفذ اية مهمة توكل اليه لاسقاط نظام نميري أو هي في مصلحة الشعب السوداني، ويجب على القوات المسلحة أن تنحاز الى ارادة الشعب. * ما الذي تمخّض عنه هذا الاجتماع؟ وما هي الفائدة من هذا اللقاء وهذه الملاسنات؟ - في ختام الاجتماع قال اللواء عثمان الامين قائد منطقة وادي سيدنا العسكرية، هل هناك اي سؤال؟ فسكت جميع الضباط في الاجتماع، فشعر بان رأي الضباط ليس مع اتجاه ان يستمر نظام نميري، وفي آخر اجتماع قلت للواء عثمان، لو اتصلت بقيادة الوحدات عن طريق جهاز الاتصال «المايكرويف» ولو اتصلت على كل قادة المناطق، ستجدهم غير متحمسين لاستمرار نظام الرئيس جعفر نميري وستجدهم بنفس الشعور. وفي تلك اللحظات اتصل اللواء عثمان بقائد المنطقة العسكرية الخرطوم اللواء ابراهيم الجعلي، وقال له بالحرف الواحد يا الجعلي «المنقة كيف» وهذا مصطلح يعني كيف تسير الاحوال في المنطقة، فرد عليه الجعلي بأن الضباط في حالة تململ واستياء شديد واحباط واضح. * وبعد ذلك؟ - بعد ذلك اتصل اللواء عثمان الامين بقائد منطقة ام درمان اللواء عبد العزيز قائد سلاح المهندسين، وسأله عن احوال ضباط المنطقة في ظل التوترات في الشارع، فرد عليه اللواء عبد العزيز وقال له نحن معكم في أية اجراءات من شأنها ازاحة نظام نميري عن السلطة. وبعد ذلك اتصل بقائد منطقة بحري اللواء فضل الله برمة ناصر، ولم يتمكنوا من الوصول اليه، وتعسر الحديث معه لا في المكتب ولا في المنزل. * وما هو رأي باقي الوحدات في القيادة العامة والمدرعات بالشجرة؟ وكيف كان يسير الوضع هناك؟ - حقيقة في تلك الليلة كان التحدي الاكبر والاهم هو رأي قادة سلاح المدرعات بالشجرة، باعتباره سلاحا اساسيا وله دور حيوي في اي تحرك او تحرك مضاد، فحاول اللواء عثمان الأمين الاتصال باللواء ركن حمادة عبد العظيم حمادة ولم يجده بالمكتب، وتم الاتصال «بالضابط المناوب» فقال إن اللواء حمادة في اجتماع مع نائب القائد العام لقوات الشعب المسلحة تاج الدين عبد الله فضل، فقال له اللواء عثمان يجب ان يخرج الينا من الاجتماع للحديث معه قليلاً. وفعلاً خرج اللواء حمادة من الاجتماع ونقل له اللواء عثمان الصورة كاملة، ورأي الضباط وقادة المناطق، وقال له بالحرف الواحد إن قادة المناطق قرروا التخلص من نظام نميري، ويجب عليك أن تنقل هذا الرأي لنائب القائد العام اللواء تاج الدين عبد الله فضل، ووافق عبد العظيم فوراً وقرروا ان يلتقوا جميعاً كل قيادة القوات المسلحة بالمشير عبد الرحمن محمد حسن سوار الذهب وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة. * وماذا حدث بعد هذا الاجتماع؟ - بعد ذلك بدأ اللواء عثمان الامين عملياً في تحمل المسؤولية، فقال لابد من تجهيز قوة ضاربة لتنفيذ أية مهام اذا طلب منا ذلك، فقال للحضور في الاجتماع من منكم يتولى تجهيز هذه القوة؟ رفعت يدي وقلت له انا ساقوم بتجهيز هذه القوة، فاقترح اللواء عثمان تجهيز كتيبة المدرعات الموجودة في منطقة فتاشة. وقال لي -والحديث للرائد يوسف: أرجو أن تبلغ قائد الكتيبة بأن هذه القوة ستكلف بمهام احتياطية حسب الحاجة. ويجب ان تكون في حالة استعداد 100%. * كيف تم تجهيز كتيبة المدرعات؟ وكيف استقبل قائد الكتيبة هذه التوجيهات وما هو رد فعله؟ - في الحقيقة بعد أن انتهى الاجتماع بدا ضوء الفجر فجر السادس من أبريل، يعني الاجتماع استمر حتى الصباح. وذهبت بعد ذلك لمنزلي في الكلية الحربية، وكان معي مبلغ «150» جنيها وضعتها داخل المخدة واتجهت الى المرخيات، ووصلت فتاشة مع اول ضوء للشمس، واول من قابلته وقتذاك مقدم عزت ابراهيم حبيب، وتربطني به علاقة دم، ونهض مخلوعاً وسألني عن سبب قدومي في هذا الوقت، وقدمت له تنويراً مختصراً بكل وضوح، وقلت له ان الوضع اصبح لا يحتمل وجود نظام جعفر نميري، والبلد في حالة ثورة والشعب السوداني في الشارع ولابد ان ينحاز الجيش للشعب، ثم بعد ذلك سألته عن خيمة قائد الكتيبة واسمه العميد احمد زين العابدين، وبعد ان اديت التحية العسكرية للعميد أحمد قلت له انني مكلف من قائد منطقة وادي سيدنا بتجهيز هذه الكتيبة لتنفيذ مهام اذا طلب منها ذلك. وقدمت له ايضاً شرحاً عن هذا الاجتماع، ولكنه قال لي هل اللواء حمادة عبد العظيم حمادة على علم بذلك، وحمادة طبعاً هو قائد المدرعات بالشجرة، وهذه هي كتيبة مدرعات، فقلت له - والحديث لـ «يوسف» - نعم اللواء حمادة على علم بذلك. بعد ذلك فاجأني بأن هذه القوة ليست لديها ذخيرة ولا «إبر ضرب نار»، فقلت له سأقوم بتجهيزها فوراً، وفعلاً ذهبت الى مدرعات الشجرة وقابلت مدير العمليات والتدريب، وشرحت له الامر، وسألته عن اللواء ركن حمادة، فقال لي انه خرج لمقابلة وزير الدفاع الفريق عبد الرحمن حسن سوار الذهب، ومعه زملاؤه من قيادة الجيش لاقناعه بحتمية التغيير. * وماذا بعد...؟ - خرجت من المدرعات وأنا في طريقي الى منطقة فتاشة، ووجدت الشعب السوداني بإعداد كبيرة في الشوارع، ولما شاهدوا حركة القوات المسلحة بدأوا يهتفون جيش واحد شعب واحد، فهذه الهتافات رفعت من روحي المعنوية، وعندما وصلت منطقة فتاشة سمعت البيان الشهير والخطير، وهو ان الجيش استلم السلطة لفترة انتقالية، وفي هذه اللحظة انحازت القوات المسلحة للشعب السوداني. وأذكر أن الفريق سوار الذهب في اجتماعه بالقيادة كانت تواجهه مشكلة القسم الذي اداه للرئيس السابق جعفر نميري، الذي عينه لفترة ليست كبيرة، ولكن في الآخر اقتنع بانه امام خيارين، اما ان يكون مع النميري ويقضي على عدد كبير من الشعب السوداني، لان النميري كان في طريقه الى الخرطوم عائداً من الولايات المتحدة الاميركية، وإذا وصل ستكون هناك حمامات من الدم. وإما أن ينحاز إلى الجماهير ويجنب البلاد مخاطر كبيرة، وقد اختار الأخيرة فكانت الانتفاضة. * وماذا كان انطباعكم أنتم في منطقة وادي سيدنا؟ - أذكر ان اول زيارة قام بها الفريق سوار الذهب كانت الى منطقة وادي سيدنا العسكرية، وخاطب الضباط والجنود وقال لهم بدأت شرارة التغيير من هذه المنطقة، وحيا ضباط وجنود منطقة وادي سيدنا العسكرية. * إذن بعد كل ذلك هل انت تؤيد الانظمة الديمقراطية، وانت رجل عسكري؟ أم انك تدعم الانظمة الشمولية؟ - أنا مع التعددية الحزبية التي تقوم على منافسة شريفة وحرة. وحتى عندما كنت في المكتب القيادي وكان الحوار يدور بين ان نفتح مجالاً للتنافس أو أن نؤسس لنظام الحزب الواحد، كان رأيي واضحاً في المؤتمر الوطني، وموجود ذلك في مضابط الاجتماعات.. فقلت لهم انه في ظل الحزب الواحد فإن الناس تأكل بعضها البعض. واصدق مثال على ذلك الاتحاد الاشتراكي في السودان وفي مصر. وكما هو معلوم فإن دول شرق أوربا هزمتها الفكرة الواحدة والنظام الاوحد. كما ان الديمقراطية لا تعني الفوضى، وانما تعني الحرية وفق القانون. ولكن للأسف الشديد الممارسة الديمقراطية في الفترات السابقة، كانت تعطي ضوءاً أخضر للقوى العسكرية لحسم الفوضى.. ونسأل الله أن نستفيد من التجارب السابقة.