كلام فارغ

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 03:33 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2008م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-15-2008, 08:06 PM

عصام ابو القاسم
<aعصام ابو القاسم
تاريخ التسجيل: 12-18-2004
مجموع المشاركات: 544

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كلام فارغ

    كلام فارغ


    عصام أبو القاسم
    إلى علاء الدين محمود


    ما أن رأيته، من ظهره المحدودب، يمضي باتجاه مكتبه، حتى خطر ببالي أن اسارعه بالتحية، ثم احكي له ، لن انتظر أن يرد لي ؛ فهو لا يهتم!
    **
    لكنني ترددت قليلاً. نظرت إليه وهو يجلس ثم يفتح كيسه البلاستيكي ويخرج علبة مزيل العرق ويدّور يده بها علي رأسه وإبطيه بخاً متصلاً .ثم يضعها علي منضدته،و يدعك فروة رأسه الأصلع بعصبية . ثم ينظر إلىّ من فوق عدستي نظارته ويسألني :
    - كيفك، أمورك كلها جيدة ؟
    أجبت :
    - تمام.
    وجعلت انظر إليه، أحاول أن أجد بوجهه الصغير المليء بالبثور، ما يخففني ويجعلني أفضي له، بلا تشوش أو قلق، بما يعتمل بحوانيتي . خفقة تجاوب خفيفة ترهف بها الثنيات الدقيقة تحت عينيه تكفيني لأبدأ حكايتي !
    رأيته ينشغل بكيسه مرة أخري. يخرج بعض الأوراق والقصاصات الصحفية وينحني عليها بعينيه المتسعتين خلف عدستيه. لو بدأت الآن ألحكي سأفقده تركيزه في أوراقه، ولشد ما سيزعجه ذلك ويحمله علي ان يلجمني . أو هو سيجيء علي نفسه لحين وينصت لي متظاهرا ً بالاهتمام، ثم يفحمني :

    - دا كلام فارغ ساكت !

    أو هو سيقول لي - علي سبيل الحديث في أمور أكثر أهمية وحيوية - لماذا لم تلتحق بكورس اللغة الانجليزية . سيقلب السيرة رأسا علي عقب أذن . ويمضي قائلاً : لن تجد أي عمل ألا في المنظمات العاملة في دارفور والشرق، الكل يسعي إليها ألان، مرتباتها بالدولار. وقد تجد فرصة للهجرة إلي أمريكا أو بريطانيا.. البلد دي ما نافعة. تعّلم الانجليزية بأسرع ما يمكنك .. ليس هناك وقت. العمر يمضي، ستجد انك في آخر عمرك بعد غمضة عين . أنت شخص جيد فلا تضيع فرصتك .إن لم يقل ذلك فأنه سوف يتهكم عليّ قائلاً انشغل بهذه الأمور .. انشغل بها لأنها سوف تحل ديوانك، سوف لن تنشغل مرة ثانية بالعم صلاح صاحب البقالة .وتغلق موبايلك حتي لا يلاحقك، بل ستذهب إليه بعين ملآنة وتدفع له حقه عندك علي داير المليم .هذه الأمور أيضا سوف تجعلك شاباً حداثوياً تلبس الجينز وعلي كتفك لاب توب وكاميرا ديجتال وكلام فارغ،تجعلك ترسل بعض الجنيهات لأهلك، وتتكرم علي حبيباتك بدعوات في افخم الكفتريات ..هه!
    ***
    ان حكيت له الان،ان بدوت جاداً بأي قدر ..شددت خيوط وجهي، استخدمت يداي ممعنا في أظهار جديتي ربما رقَ وأكترث . علي كل حال لابد له ان يحترم مشاعري ان لم يحترم رغبتي في الإفضاء له بإسراري . ثم إنني لطالما أنصت له وهو يحكي لي أهوال زوجته نعمة . أمس فقط كنت سخياً لأبعد حد معه وهو يحكي لي قرابة الساعتين كيف انها كانت سيئة معه ولم ترحمه لتأخر المرتبات، يوم الجمعة الماضية واثر زيارة بعض أقاربها لهما وأخذت تلهب أذنه علي مرأي ومسمع منهم، كأنها تستقوي بهم، وتسأله:
    - لمتين .. لمتين ؟؟!
    لقد وافقته علي أنها يجب ان تراعي ان الأمر ليس بيده، وحينما قال لي إنها تحاول منذ وقت ان تبقيه في المنزل لرعاية وليدهما الصغير بدلا من المجيء إلي الصحيفة التي لا تدفع له وافقته علي ان شأن رعاية الطفل يخصها هي المرأة لا هو الرجل.علي الرغم من ان هذه وجهة نظر متحيزة، بل ورجعية كذلك !
    ان عليه ان يسمعني إذن، ان يترك ما بيديه، ما الذي بيديه مجرد مقالات صحفية سوف يقرأها لينتقد أصحابها بزوايته في عدد الصحيفة الصادر غدا. أهذا أكثر أهمية من الإنصات لي !

    ***
    فجأة سمعته يتحدث:
    - عارف البلد دي مقبلة علي انهيار كبير .. في مؤشرات كتيرة علي دا! كل شيء يؤكد ذلك . تعرف أمس مشيت لعيادة أسنان ..
    - ها ..
    - لاقيت طبيبة جميلة - لو شفت شفايفها - المهم ..أثناء العملية ارتبكت. طبعا لأنها مع راجل راجل هو انا. هه. من شدة ارتباكها خلعت جزء من ضرسي وما قدرت تخلع الجزء الآخر.
    - اها..!؟
    - اها شنو دايراني اقول ليها شنو ..

    - الحصل ايه بعدها ..
    رأيته يصّر علي أسنانه بعصبية، كأنه تذكر ألآلام تلك اللحظة، يهز رأسه و يبتسم باستغراب، ويقفز علي الموضوع :
    - المرتبات قولوا عنها شنو ؟
    لم ينتظر اجابتي .
    واستطرد :
    - ما فيش فلوس طبعا!
    صمت لبرهة، ثم سألني :
    - عليك الله دا شغل ولا سخرة ..تلاتة شهور بلا مرتبات ..انا ما عايز اشتغل هنا تاني بس خليهم يدفعوا لي قروشي .. انشاء الله نصها .. ربعها ..أي حاجة منها..
    - ح تشتغل شنو !؟
    - ما عارف والله بعد دا الا الواحد يشتغل "....... " !؟
    ضحك وأردف :
    - لكن بيلقي قروش ؟
    ***
    عائشة بائعة الشاي ما ان رأتني في الصباح حتي لاحظت ان بوجهي عكرة، سألتني ما الذي حدث ولماذا ابدو هكذا كدت أحكي لها من شدة شقائي، لكنني فضلت امضي بكوب الشاي الي المكتب، بعد ان ابتسمت لها ممتناً . في الممر الي مكتبي خطرت ببالي سارة، واحدة من حبيباتي القديمات، كانت تقول لي ان خيطاً رفيعاً يظهر علي جبهتي كلما اعتكرت . لا اعرف لماذا لم يلحظ هو هذا الخيط، تراه لاحظ ذلك ولا يريد ان يسألني حتي لا يعمق ما بي، اما انه رأي ان ذلك عادياً مثل خروج الريح . كما يقول عادة عندما يريد ان يبسط أمراً ما .
    ***
    سمعته فجأة يردد:
    - بالله شوف دا.. بالله !
    رفع لي قصاصة صحفية ميزت بها صورة الكاتب الطاهر ساتي، دققت لم استطع ان اميز منها شيء . سألته :
    - مالو ؟
    - دا وعثمان ميرغني والتاني بتاع البيطرة داك أي واحد فيهم عامل فيها محمد حسنين هيكل .. خلاص عارفين أي حاجة يعني .
    - ما لو الطاهر ساتي ؟
    دخل المكتب، في ذات اللحظة،عباس يغني "استنيني استينيني انت مصيرك تستنيني " باشاً محتقباً حقيبته الجلدية الخرقة ؛ فبادره بسرعة :
    - اها امبارح كانت ليلتكم كيف ؟
    ***
    انشغل بعباس كلية، وعباس أخذ يحكي له وقد ملأ وجهه المرح بالضحك كيف ان أحمد نصر كان كريماً معه ليلة أمس أذ أحضر له علي العشاء ربع لحمة مشوية وفول مصلح وقارورة بيبسي بارد . وحينما دخل أحمد نصر الي المكتب سمعته يسأله :
    - انت بتلقي القروش وين عشان تعزم عباس لحمة مشوية وبارد ..
    كان أحمد نصر يبدو متعباً كأنه لم ينم جيداً، لم يكترث للسؤال ومضي ليجلس بمكتبه . عاد وسأله مرة أخري عن الفلوس، فقاطعه أحمد نصر وقد بدأ متضايقاً من المزاح، بلباس سكرتير التحرير الحازم . وسأله ان كان قد انتهي من مقاله لم يجب عليه . ونظر اليه مبتسماً، فقال له أحمد نصر ان عليه ان ينتهي من المقال بسرعة . تدخل عباس وافتعل حديثاً عن ازياء الجماعات المسلحة في دار فور، قال انه يجهد خياله من أيام ليكتب عن دلالات الوانها وتصميماتها . انحني هو وأخذ في كتابة مقاله . انشغل احمد نصر بساندوتش بين يديه، بقيت انا استمع لعباس وهو يتقافز بحديثه بين تلك الحركات المسلحة، وبن لادن في ظهوره الاخير، وذكري محمود محمد طه، وغرفة ضيقة بالحاج يوسف قال انه ربما يؤجرها بمئتين الف جنيه ويحضر زوجته من الشمالية، ثم كثرة الباعوض في جبرة . والبنت التي راها معي أمس الاول، وان كنت قد احببتها فوجهها ينم عن انها بنت ناس ...

    ***
    لم يرفع هو رأسه الا عندما حضر العم ياسين، ابتدره من أول :
    - عم ياسين لقيت حبات الاسبرين الالمانية
    أومأ عم ياسين برأسه ان نعم ومضي ليجلس الي جوار أحمد نصر، وأخذ يقلب صفحات ذات العدد الذي يحمله دائما من مجلة الوحدة العربية وقد بدأ غير متجاوب معه . لكنه لم يدعه وسأله وقد طبع علي وجهه مسحة اهتمام:
    - السكري والضغط كيف .. ؟
    رفع العم ياسين رأسه وسأله بتحفز :
    - انت ما عندك اية شغلة غيري !؟
    ضحك هو حتي بان ضرسه المخلوع بالخطأ، وقال له بين ضحكه، يا راجل يا عجوز انت لقيت زول بسألك عن حالك وابيت، قالوا رضينا بالهم والهم ..، تدخل احمد نصر هذه المرة، وطلب منهما ان يصمتا . ولم يصمت هو وسأل احمد نصر:
    - انت لسة سكران !؟

    ***
    كانت الخامسة علي ساعتي حينما رأيته يدخل من باب المكتب فجأة عائدا من مشوار خرج اليه بعد ان أكمل مقاله واسلمه احمد نصر، ودنا مني قائلا :
    - انا من الصباح لاحظت انك عايز تقول لي داير قروش لكن ما كان معاي والله وقتها هاك !
    وحشر يده برزمة مال في جيب قميصي واسرع خارجا وهو يغالبني :
    - عارفك .. عارفك مفلس انا ما ح ارجعها ..
    - تعال ..
    اسرع خارجاً .
    .

    (عدل بواسطة عصام ابو القاسم on 02-15-2008, 08:52 PM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de