|
|
 بعد تاديبه ادب الفيلة: شوقي بدري يواصـل.. ويؤدب ..حسـين خوجـلي أدب الـمدائـح!!
|
رسالة الى حسين خوجلي - ( 5 ):
__________________________
[email protected]
04 يناير, 2008
شوقي بدري
[email protected]
ذكر الاستاذ حسين خوجلى انه كان يزور قهوه شديد ومقاهى امدرمان . وانا لا ازال على اقتناع بأنه لم يكن فى استطاعته ....
كان (الملعوب) عادة في المقاهي هو (السيف)، حيث يطلب الاعب كرت شايب، أو ولد، أو غيره، ومن يقع الكرت في كومه يكسب، والقهوة تاخذ نصيبها من الط....... بــ (النُص)، والط هو الكرت الثانى . وبعض المقاهي تأخذ حتى نص المرابع (الرابع)، وهنا يحضرني ذلك المثل المثل الام درماني الخالص الذي يقول: (ضربوه مرابع.. قال عدّو الورق)..ومعناه ان الموضوع واضح لا يحتاج الى نقاش أو تنقيب..!
والكنكان او كنكان اربعتاشر يعرف ب ( كاشف ) وهناك اللعب بالصحن، وهو يعني وضع القروش في صحن، واللاعب الذي (يفتح) مرتين متتاليتين يأخد الصحن، وقد تستمر اللعبة عدة ساعات. وبعد كل فتوح يدفع اللاعبون ركوز جديد فيما عدا الفاتح . وعندما لا تنتهى العشره تكون مشبوكه ويواصل اللاعبون فى اغلب الاحيان فى اليوم الآخر كنكان عشره هو الاكثر رواجاً . والفاتح يقبض من اللاعبين الثلاثه الاخرين ويمكن ان يتوقف الانسان من اللعب . وهناك (كنكان عتالة) وهو كنكان ستة واذكر انني مررت في الملجة بام درمان وشاهدني الصادق الحصان وهو جالس في الزنك الصغير الذي تم بناءه في الستينات في الملجة..شاهدته وهو يلعب مع مجموعة من العربجية والعتالة والصادق كان عربجياً اشتهر بالحصان لان وجهه كان طويلاً..سألت الصادق بتلعبوا شنو؟
قال بنلعب كنكانا..وكان يلعبون كنكان ستة وهي لعبة سهلة لا تحتاج الى ذكاء، ربما لذا اطلقوا عليه كنكان عتالة. وكان العتاله فى فترة الظهر عندما يشتد الحر وتحرن الخيل يمارسون كنكان سته منهم اصدقائى حبه حبه والجد وسقيد وفضل المولى ..
من اللذين كان يتواجدون في قهوة الحريف خاصة مساء الخميس كانوا رجال القنيص الذين كانوا ينطلقون بلوري خلف الله احمد ودصافيات وهو بمثابة شقيقي, وتأثرت به فقد تربينا في حوش ابراهيم بدري ثم صارله اكثرمن لورى تراب واشهر رجال القنيص في ام درمان ويسكن فيما عرف بزقاق خلف الله وهو الزقاق الموازي للشارع مستشفي التجانى الماحى وسوق القش..وكان يصحبهم العم عمر البنا والشيخ تاتاي وكثير من شيوخ وشباب هواة القنيص في امدرمان..وعادة ما يقضون ليلة او ليلتين في الخلاء . ولكن فى بعض الاحيان يأخذ الامر فتره طويله ..
خلف الله كان قويا وحاد الطبع، وصار صديقاً لعبدالرازق الضخم الذي كان سائقا لابراهيم بدري..ودفاعاً عن عبدالرازق الذى كان من الدويم اصلاً وكان بعيداً عن العنف ، استل خلف الله سكينه وكان يعرف بانه من الصعوبة ايقافه اذا تهور دون ان يقتل انساناً..فداهموه بعربة لا يقافه..ولم يتوقف الا بعد ان تحطمت سيقانه وكان رحمة الله عليه في آخر ايامه اضطر ان يصلي جالساً وكانت زوجته فضيلة وابناءه يخدمونه بتفان وود.
العم صديق البلولة كان ينطلق الى البادية كثيراً بسيارته للاندروفر وله جمل مضمر يقف امام منزله ..الا ان ابنائه كانوا يقولون لي:
الجمل ده زينة ساكت..ابوي ده ما بشيلو الا جمل بشاري او عنافي تلب . احد اصدقائى ذهب معى لزياره العم صديق البلوله . وعندما صافحنا ابنائه . وحس بقوتهم فى المصافحه . قال لى فيما بعد ( ديل شايلين عكاكيز فى شنو ايدينهم دى ما كفايه ) . .
عندما كنت ازور صديق البلولة كنت امر على صديقى الوجيه صديق حيدوب، الذي صار من اكبر مصدري الماشية في السودان، وهو والده هما اللذان شيدا الجامع الذي في مدخل ام بدة. وعندما استأذن حيدوب بالذهاب الى البلولة كي اقضي معه سهرة المساء في دردشة ومتعة بحكاياته، كان يقول لي:
صديق البلولة ده عمي لكن نحن بنخاف منو..! انت كيف بتمشي تتونس معاهو كيف؟!
من شخصيات ام درمان التي لا انساها، العم ابو عرموص وابوعرموص رجل صعيدي قوي تخصص في حفر الآبار والادبخانات، كنت اشاهده في قهوة الحريق وعندما ينطلق العم صديق البلولة الى البادية كان يصحبه معه لانه يحب مسامراته وقصصه..وابو عرموص يعرف جيداً كيف يطبخ الغزال والارنب..ويقول لابوعرموص : خلي شغلك .اذا بدوك جنيه اانا بديك جنيهين! ولكن حين كان العم البلولة يغضب كان يجلد ابوعرموص بالسوط.
من الذين ارتبطوا بقهوة الحريق فنان الحقيبة (ابو الجود) الذي توفى سنة 1964م حين صدمته سيارة تاكسي، وبما انه كان جاراً لخالتي في المسالمة بحي العرب، كانت تذهب مع والدتى لزيارته وكانت المستشفى تمتليء بالناس الذين كانوا يعاودنه بعد اصابته ولسوء الحظ ان سائق التاكسي استعان بشهود زور احدهم (ود الحاجة) وشهود الزور عادة كانوا يجتمعون في مقهى مهدي حامد وكانوا يقولون: القاضي ده انا مشيت ليهو قريب كده...لكن حشوف ليكم زول تاني! وهذه بعض بلاوي القهاوي.
جنوب مقهى الحريق مباشرة كانت هناك شجرتا نيم، يستخدمه الاخوة من غرب افريقيا كصوالين للحلاقة، وعادة ما يتفقون مع الزبون، انه في حالة ظهور عسكري البلدية ياخذ الحلاق الكرسي والزبون يحمل الفوطة والمراية ويتقابلان في مكان معين..لمواصلة طقوس الحلاقة بأمان!
من رواد قهوة الحريق في النهار بين مكوار او بين باسطة وهو صاحب اشهر عربة باسطة في السودان كان نحيفا وطويلاً يقف امام سينما برمبل وبعد ازالتها احتل مكانه امام قهوة مهدي حامد..وكنا نتحلق حوله في المساء بالكراسي كان هناك مخبز صغير في الحائط الجنوبي لزربية العيش متخصصاً في صناعة الباسطة والبسبوسة والكنافة والبغاشة والسرندبلو وحلاوة جوز الهند، ويقف كل معهم على بضاعته، وفي المساء تعود الصواني فارغة للفرن ليتم تعبتها من جديد ويكون هناك بواقي في حافة الصينية مخلوطة بالسكر تصلح للقرمشة..ويمكن ان يشتريها البائس بثمن اكبر منه بؤساً اما اصحاب قهوة الحريق فكانوا يأخذونها ليشربو بها شاي الصباح حين يمتليء المقهى بسائقي التاكسي في الصباح او سبابه وتشاشه وعمال السوق.
كثير من رواد قهوة الحريق كانوا متأثرين بالهمباتة امثال بامسيكا ويحفظون اشعاد ود الشلهمة والصادق ود آمنة ولهم قصص وحكايات لا تنتهي، احدهم كانوا يداعبونه لانهم با ابل مسروقة ويبدوا انه (اكل) نصيب شريكه، وادعى انه باعه بسعر ميت وعندما كانوا يعبرون خوراً بقرب منفوخة، وفي منتصف الخور قال الشريك ما تورينى بعته بكم والفلوس وين الا سكينى دى اشرط القرب دى وانا بعرف اعوم وانت زول ضهره ساكت ما بتعرف تعوم .واضطر الهمباتى للاعتراف . وحتى فى الثمانينات بعد ان صار شيخاً كان يذكرونه بموضوع القرب لان الشخص الآخر كان هو كذلك زول ضهارى ( بعيد عن النيل ) ولم يعرف العوم . الا ان الحيله انطلت على صاحبنا ابو قرب . ....
كانت فكرتى عن الهمباته انهم ضخام الجسم قساة القلوب . ولكن وجدت انهم جميعا كانوا من خفاف الاوزان والا لما تحملهم الجمل السريع المضمر . لان زياده عشرين كيلو على ظهر جمل او حصان تعنى عقوبه خطيره . واغلبهم كانوا اهل حيله ويحبون الحياة والمزاح والمقالب . ولهذا ينفقون مالهم فى المسرات والبذخ والكرم . ويبدو ان مظهر بامسيكا الفارس الضخم . الذى عرف بمامسيكا وتعنى التمساح لضخامه جسمه اعطتنا هذه الفكره الخاطئه وبامسيكا قتل زميله ورفيقه ود نايل . ثم قتل نايل فيما بعد عندما اراد ان ينتقم لابنه فى مبارزه شريفه حاول بامسيكا ان يتفاداها .
فى يوم عيد الاضحى 1964 . اتى مجموعه من اهل الباديه لزياره الوالد عبد الله احمد ( مخزنجى ) . والد تؤام الروح بله رحمه الله عليه . وكان لاهل الباديه ارتباط بالعم عبد الله لانه كان له متجر فى المورده متخصص فى بضائع اهل الباديه . وكانوا ثلاثه احدهم شقيق لشخص يرقد فى مستشفى امدرمان بين الموت والحياه . الا انه كان سعيدا وفخورا . والقصه ان بعض الهمباته كانوا يسوقون جمالا . واصحاب الجمال يتابعونهم من بعد ( بالطوالى ) خوفاً من سلاحهم النارى . وعندما اقتربت الابل من مساكن البدويين . استنجد بهم اصحاب الابل . وخرج المجنى عليه وقبض على رسن فحل الابل . ولم يطلق الرسن الى ان طعنوه بسكين ثلاثه مرات . واضطروا لقطع الرسن من يده .
اذكر الاخ عزام وهو شاب معقول من اولاد العباسيه مثقف ومتذن كان وشقيقه احسن من يلعب كره الطاوله فى نادى العباسيه عرفوا باولاد عزام . ( طيب ما كان قبل ما يطعنوه ما كان بس يقطعوا الرسن ويمشو ؟ ) وكان الرد ما كان حيمسك تانى . والهمباته لا يزالوا يعملون فى السودان وكما سمعت منهم مادام فى بهائم الهمبته ما بتقيف . الهمباتى الحقيقى يقول مافى زول مابخاف خاصه لمن الزول بكون ماشى برحلينه يقش البهائم والله من الخوف الواحد بولو ينقط لكن بعد ما يركب وبكون عارف جمله قلبه بثبت . من قصصهم ان احد الهمباته اعطى زميله الجديد البندقيه ليمسكها لكى يقطيه . وفجأه صارت تصدر اصوات غريبه من زميله فرجع وقال له هامساً ( قبل ما تمسك البندقيه امسك لى ...... ) . وهمباتى ذكى ولماح قبض عليه ببهائم مسروقه . وعندما اخذوه للعمده وكان يعرف ان العمده ذمتو واسعه . فعاجل العمده بالعناق قائلاً كيفنك يا خالى , كيف الحال فقال العمده الاهل يا ولدى ما كتار انت منو فى اولاد الاخوات . فقال الهمباتى بسرعه انا ما ود اختك ابو القاسم ابو القاسم ابو القاسم . وفهم العمده الاشاره بان فى الموضوع قسمه .
كما اوردت فى كتاب حكاوى امدرمان انه فى ايام المحل فى الثمانينات قال لى العم صديق البلوله فى احد الامسيات ونحن فى امبده المحل ما خله شى يا شوقى حسى البهائم السمحه سمحه نوديها السوق نبيعها . فقلت له الكسر بنجبر والواطه بتنعدل . فتحسس رأس آخر ابنائه عمار وهو صبى قوى وشجاع ومعتد بنفسه وهو فى العاشره من عمره وقال ما فى زمنى لكن امكن فى زمن عمار ده , انا بس قبل ما اموت بدور اشوف اخوك الطاهر .
الطاهر او الريح او ( بيق راى ) ابن العم البلوله كان يقضى عقوبه سجن طويله فى كوبنهاجن . لانه صرع بالرصاص سته من رجال المافيا فى كوبنهاجن فى مارس 81 ويومها قسم اصحاب المقاهى والمطاعم المشروبات مجاناً لان سونى ومساعده الجزار كانوا يتحصلون على الاتاوى من اصحاب المحلات . وفى سكون ذلك الليل سمعت شخص يقول للعم البلوله العيد ده الريح حيعيد معاكم ولم يكن هنالك غيرنا . ورده كان انا عارف . ولقد كان . وفى الريح قلت قديماً
كان الرجال تنقاس
الريح عبار ومقاس
عزماً ملازمه ادب
وفى الحاره ماهو ضنب
وقت القرش كان شئ
حتى الكثير بدى
كان شلته ما بحميك
تسأل عقب يديك
ونعود للريح ....التحيه
شوقى
قبل سته ايام توفى الاخ بابكر صديق البلوله بعد نضال مع داء السرطان اللعين . رحمه الله عليه وكانت فرصه لان اسمع صوت اخى الزين البلوله . التحيه والعزاء لآل البلوله .
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست