رؤي حركة القوي الحديثة الديمقراطية للازمة السودانية - من وثائقهم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 10:07 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عادل عبد العاطى(Abdel Aati)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-14-2003, 08:33 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رؤي حركة القوي الحديثة الديمقراطية للازمة السودانية - من وثائقهم

    العزيزات والاعزاء

    وصلتني مجموعة من وثائق حركة القوي الحديثة الديمقراطية(حق) ؛ والتي يقودها الاستاذ الحاج وراق ؛ مع طلب بنشرها في البورد

    استجابة للطلب اقوم بنشرها علي التوالي كما وصلتني

    عادل

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 04-14-2003, 08:51 PM)

                  

04-14-2003, 08:35 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رؤي حركة القوي الحديثة الديمقراطية للازمة السودانية - من وثائقهم (Re: Abdel Aati)

    الميثاق
    -----------
    بسم الله الرحمن الرحيم



    ميثاق حركة القوى الحديثة الديمقراطية
    (حق)


    الباب الأول

    ضرورة حركة جديدة

    (1) بلادنا فى متاهة التجارب المريرة والمآسى والعذابات:
    كان الثلاثون من يونيو 1989م يوما للفجيعة والعار. عار تجللت به القيادات الحزبية الحاكمة حينها، والتى امتلكت معلومات كافية عن المؤامرة، ومع ذلك لم تتخذ الاجراءات الكفيلة بضربها فى مهدها، ولم تعلن جماهير الشعب للمقاومة، وببيان عسكرى رقم واحد(1) تنازلت عن سلطتها حتى دون اطلاق رصاصة واحدة! وعار للنخبة السياسية السودانية كلها، التى فتحت بغفلتها وتسيبها وهمودها، الطريق أمام الفاشية... وكان يوم فجيعة للبلاد التى ومنذ ذلك التاريخ أوقعتها الجبهة الاسلامية تحت سنابك القهر، وقذفت بها فى دوامة من الويلات والمحن وفى مخاضة من الدم والمعاناة.

    لقد قطعت الجبهة الاسلامية بالانقلاب مساعى السلام التى كادت أن تتوج بالمؤتمر الدستورى، وحولت الحرب إلى فتنة دينية منطلقة من أوهام إمكانية الحل العسكرى لقضايا القوميات، ومن فكر الاستعلاء والتعصب الدينى والعنصرى، ومحاولة فرض الهوية العربية الاسلامية عبر القسر والإكراه على بلد معقد التكوين متعدد العناصر واللغات والديانات. ودفعت بالحرب إلى مستويات لم تشهدها البلاد من قبل، فقصفت المناطق الأهلية بالسكان، واعتمدت مجازر التطهير العرقى فى جبال النوبة، واقتلعت المدنيين من مناطق سكناهم، ونظمت فرقا للقتل بالشبهة والهوية، واستخدمت منع الطعام والدواء عن المدنيين كسلاح فى الحرب، وبالاغضاء المتواطئ عن ممارسات الاختطاف والاسترقاق والاغتصاب وزيجات المتعة تسعى لتغيير التركيبة السكانية فى الجنوب وجبال النوبة. كما أشركت أطرافا عربية واسلامية اشراكا مباشرا فى العمليات العسكرية... وكانت نتيجة ذلك كله أن تفاقمت البغضاء والكراهية وازدهرت دعوات الانفصال وزهدت دوائر تتسع فى الجنوب والشمال فى وحدة التراب السودانى.

    وكما قطعت الجبهة الاسلامية الطريق على السلام بالعنف، فقد حافظت على سلطتها بالعنف. فصادرت الحريات السياسية والمدنية والنقابية، وركزت سلطات لا معقب عليها فى أيدى السلطة التنفيذية وأجهزة الأمن وحصنت ممارستها من أى ضبط أو رقابة، فشرد عشرات الآلاف من وظائفهم بدعوى الصالح العام، واقتيد الآلاف إلى الاعتقال، واطلقت فى بيوت الأشباح من كل قيد دينى أو قانونى غرائز الوحشية البدائية الفظة، فاقترفت جرائم يندى لها الجبين، من تعذيب حتى القتل، واعاقة واعتداء جنسى وممارسات محطة بالكرامة الإنسانية.

    وكما أزهقت أرواح الألوف بويلات الحرب، بددت سلطة الجبهة الاسلامية موارد البلاد وأجهضت فرص التنمية، فأهدرت مقدرات الشعب فى الصرف الفاجر السفيه على الحرب والأمن والدعاية والتآمر الخارجى. وبدعوى السوق الحر نأت بنفسها عن الصرف على الصحة والتعليم والخدمات، وأطلقت أيدى مؤيديها لنهب الشعب ومؤسساته. وفى الوقت الذى تروج فيه للحرية فى السوق تتدخل بصورة فظة لتحديد حتى طول فستان طالبات المدارس، وتستخدم جهاز الدولة وآلياته للمصادرة الخشنة لأى منافسة حقيقية.

    وكانت الثمار المرة للسياسات الاقتصادية الاجتماعية لهذه الطغمة – اتساع الفوارق الاجتماعية واشاعة الفقر والبطالة وتردى الانتاج الزراعى والصناعى وانهيار مرافق الصحة والتعليم وتدهورالبيئة، وانفلات الأسعار، وتآكل الدخول والمدخرات، واستشراء الأنشطة الطفيلية، وهروب الرساميل ونزف العقول والكفاءات، وانزلاق البلاد حثيثا إلى هوة الخراب الشامل.

    وتعتقد السلطة بفكرها الشمولى واستعلائها ووصايتها على الآخرين بأن لها الحق فى إعادة صياغة الفرد السودانى، على النقيض من حقه فى التمييز والأختيار، كأنما السودانيين قطيع يسوقونه كيفما شاءوا ويشكلونه كيفما يريدون! فحولت الإعلام إلى بوق دعائى متربص، وتسعى جاهدة كى تجعل من الجامعات حصونا ضد الفكر النقدى والتساؤل والابداع، وإلى منابت لتفريغ الهوس الأصولى وضيق الأفق.. وتتأول الاسلام – دين الرحمة والعدالة- تأويلا فاسدا كى تستخدمه آلة ترويع واذلال! وتصادر حرية الثقافة والفنون وخصوصيات المواطنين وتفردهم وتنصب الشائهين والمنحرفين رقباء على ضمائر الناس وأخلاقهم!

    وامتدت السلطة بمعاول الهدم إلى علاقات السودان الخارجية، فجعلت من الخرطوم مركزا لنشر التخريب والارهاب، وجندت الأموال لصالح الأصولية العالمية، وفتحت البلاد للمهووسين والقتلة، فعزلت السودان عن محيطه العربى والأفريقى وعن المدنية المعاصرة، وقذفت به فى عراء سياسى موحش.

    (2) الأزمة الوطنية الشاملة:
    ولكن برغم الحرب باهظة التكاليف إنسانيا وماديا، وأزمة السلطة الاقتصادية والمالية، وبرغم المعارضة الشعبية الواسعة لخيارات السلطة الفكرية والاجتماعية، وبرغم التضامن العالمى مع شعب السودان، والدعم السخى الذى وجدته المعارضة، فإنه وبعد عدة سنوات من الآلام والتضحيات الجسيمة ما زال النظام يترنح دون أن يسقط، وما زال عظم النظام الهزيل غير وشيك الانكسار! فلماذا أفلتت فرص وبددت إمكانات وانمحقت جهود؟!

    لقد تسلمت قيادة المعارضة القيادات التقليدية القديمة والتى وإن نجحت فى بلورة عناصر الاجماع الوطنى فى مواثيق التجمع، وساهمت فى فضح النظام عالميا، وشاركت فى قيادة بعض معارك جماهيرية، إلاّ أنها قصرت كثيرا عن الايفاء بمتطلبات قيادة نضال حازم ودؤوب ضد سلطة فاشية.. فاتسم خطابها الفكرى والسياسى بالتردد والمراوحة، وبنياتها التنظيمية بالتسيب الذى سهل اختراقها، وأداؤها بالعجز الفاضح، ومسلكها الأخلاقى بإنعدام التصميم وبالجنوح المتزايد للهمود والخراب المعنوى... لقد فشلت القيادات التقليدية القديمة فى طرح بديل ملهم لسياسات الطغمة الحاكمة لأن خلافها الأساسى مع السلطة ليس حول أركان برنامجها وإنما حول اشتطاط الجبهة الاسلامية فى تنفيذه وحول اسئثارها بالغنيمة! وفشلت هذه القيادات فى تعبئة الجماهير وفى استثمار الهبات الجماهيرية العفوية والوصول بها إلى نهاياتها الظافرة لأنها فى نفس الوقت الذى تسعى فيه إلى اسقاط السلطة، فإنها تتخوف من حركة الجماهير الواسعة والمستيقظة على مصالحها، وتمنى نفسها لو يمكن إزاحة السلطة دون معارك حقيقية ودون مشاركة الجماهير الواسعة.. إن ما تعانيه قيادات المعارضة التقليدية ليس عرضا طارئا يرجى شفاؤه، وإنما داء عضال يجرى منها مجرى الدم، وسم نشاطها طيلة السنوات السابقة.

    وهكذا تتجلى الأزمة فى البلاد بوصفها أزمة وطنية شاملة، أزمة فى الحكم، وأزمة فى المعارضة كذلك.

    (3) أزمة قديمة متكررة:
    لقد ظلت بلادنا منذ أن نالت استقلالها الوطنى أسيرة التجارب الأليمة والآمال المجهضة والحلقات الشريرة التى تبدأ من حيث تنتهى. لقد بددت أحلام الوطنيين السودانيين فى وطن ديمقراطى نامٍ وناهض وعزيز الجانب إلى محنة شاملة وأزمة عميقة، فلا التنمية الاقتصادية الاجتماعية تحققت، ولا البناء الدستورى قام ولا البناء القومى استقر، بل وعلى عكس توقعات الوطنيين أفضت حلقات التطورات السياسية بالبلاد فى آخر الأمر إلى العصابات الظلامية وبرنامجها الطفيلى، وانتهى كل شئ إلى الفجيعة الحالية! حلم التنمية صار إلى كابوس الفقر والمجاعات والتسول، والبناء القومى انتهى إلى مخاضة من الدم الغزير، والبناء السياسى أفضى إلى ديكتاتورية شمولية مريعة وقاهرة.

    أربعون عاما والبلاد تتداولها الانقلابات العسكرية بفواصل وجيزة من حكم مدنى عاجز عن حل أى قضية جوهرية، وتميز التطور السياسى بحلقة تبدأ بنظام تعددى يعقبها انقلاب كأنما قدر لا فكاك منه، مما يثير سؤالا لابد له من أجابة شافية: ما المخرج من هذه الدوامة التىاعتقلت تطور بلادنا فى ركن ضيق موحش؟ إن ما آلت إليه البلاد ليستفز العقل والوجدان ويستنهض كل وطنى للاجابة على الاسئلة المقلقة وفتح أبواب جديدة لتطور الوطن ونمائه وعزة جانبه.

    على تعاقب الانظمة والحكومات، فإن الثقافة السياسية ظلت واحدة، مقاربة المجتمع والسياسة بمفاهيم الغنيمة والسيادة بديلا عن الإيثار والخدمة، ومفهوم العقيدة بدلا عن الرأى، ومفاهيم البنى المغلقة كالقبيلة والطائفة والعشيرة والشلة بديلا عن مؤسسات المجتمع المدنى المفتوحة، ومفاهيم التسيب واللامبالاة والتكرار والإجترار بديلا عن العلمية والموضوعية والتخطيط والإبداع والعقلانية. وظلت أساليب الحكم هى نفسها برغم تغير الحاكمين، أساليب المحسوبية والفساد والعشوائية وضيق الأفق والمزايدة بالشعارات.

    وظلت هنالك قوى إجتماعية مصالحها الأساسية مصانة على تعاقب الأنظمة والحكومات، وظل برنامجها هو السائد، برنامج هذه القوى هو برنامج السودان التقليدى القديم، وتقوم أركانه على التخلف الثقافى والاقتصادى والمظالم القومية والكبح المقصود لمؤسسات المجتمع المدنى ولحرية الفرد وارادته وتطور وعيه. هذه القوى هى نفسها التى تجعل من الديمقراطية مسخرة، فتشوّه ثقافتها، وتقعد بمؤسساتها وتفسد آليات عملها، وتعزلها عن احتياجات الشعب الأساسية فتعصف بروائها وبريقها مما يفتح الطريق لانقلاب دوره المعتاد... وتكشف التطورات السياسية فى بلادنا عن قانونية باطنية تلعب فيها القوى المعادية لنهضة البلاد دوران مكملان لبعضهما البعض، الدور الأول الهزء بالديمقراطية واساءة سمعتها والدور الثانى انتصار المنقذين الكذبة ورسالاتهم الحضارية المنافقة أو دعواتهم الزائفة للتحديث والتنمية.

    (4) الحاجة إلى حركة جديدة:
    كانت ثورة أكتوبر 1964م وانتفاضة مارس أبريل 1985م معلمان هامان فى التاريخ الوطنى، وشواهد على تطور الوعى الديمقراطى وارتقائه عتبات جديدة. ومثلتا نهوضا حقا وتوقا رهيف الحس إلى تجديد الحياة وتبديلها وارتقاء القمم المنيرة.. ثورات الشعب السودانى وليدة الوعى فى القطاع الحديث والصحوة فى القطاع التقليدى، وليدة القهر المر، وحصيلة النضال الطويل ضد سلطات العسف والقهر القومى والعرقى، قوى التغيير تدافعت حلقات اثر حلقات ودوائر اثر دوائر تبحث عن المخرج من أزمة التطور الوطنى وتشتاق إلى منابر سياسية جديدة وجريئة تعبر عن مكنونها وتشى بسر روحها الوثابة نحو دروب النهضة والتجديد والانسانية العامرة.

    إن تلك الاختلاجات، إضافة إلى الظروف الحالية التى تحيط بالوطن، تجعل من ميلاد حركة سياسية ديمقراطية جديدة أمر لازم. حركة تتجاوز الخداع الطائفى، وتتجاوز الأطر التى حبست التلاقى الحر لقوى الحداثة والنهضة، وتتجاوز التخندق الانعزالى وتتوجه صوب القوى القادرة على إخراج السودان من محنته وبناء مستقبله الواعد وتحقيق مشروعه النهضوى... وهى قوى السودان الحديث، الحديثة فى رؤاها وبحكم مصالحها، من مثقفين ومهنيين وعمال ومزارعين ورجال أعمال غير طفيليين وعسكريين ديمقراطيين، ومن أبناء القوميات المهمشة فى الجنوب والغرب والشرق والشمال، القوميات الساعية لبناء دولة المواطنة الحديثة القائمة على العدالة والمساواة وتصفية التخلف وتحديث البلاد ورفع الظلامات التاريخية. وتتكون من جماهير النساء اللائى تقهرهن الظلامية وثقافة التخلف أكثر من غيرهم، والشباب والطلاب تاج الحركة الجماهيرية ورأس رمحها، الذين تحبس طاقاتهم ويعتقل نماء شخصياتهم وتحبط آمالهم. حركة جديدة ترمى بكل ثقلها لاستعادة الديمقراطية فى البلاد، وفى ذات الوقت تضع المقومات الضرورية للخروج من الدوامة الشريرة، وللانتصار اللاحق لقوى النهضة الوطنية الشاملة والتكامل القومى والعدالة الاجتماعية الشاملة.

    وإن الحاجة إلى حركة جديدة بمقدار ما هى وليدة أزماتنا الوطنية وفشل القوى التقليدية واخفاقها، فإنها وبذات القدر استجابة للمتغيرات العالمية الهائلة التى دشنتها الثورة العلمية التكنولوجية وما صاحبها وارتبط بها من انفجار معرفى هائل وثورة فى مجالات الانتاج والاتصال والمعلومات، والاصطفاف والحراك الجديد للقوى والفئات الاجتماعية، وعولمة القيم المادية والثقافة، والاحساس المتزايد بوحدة المصير الانسانى. إلاّ أن تدشين هذا الطور الجديد من الحضارة الانسانية لم يتم على مستوى التقنية وحسب وإنما كذلك بفعل سياسى حاسم قامت به شعوب شرق أوروبا حينما خرجت إلى الشوارع وأسقطت نظمها الشمولية فصدعت جدار النظام العالمى القديم وأطلقت نداءات الديمقراطية وحقوق الانسان بوصفها نداء العصر.

    وإن تكن ولادة الجديد ما زالت متعسرة وملتبسة وتتعرض للهزات والانتكاسات جراء ظواهر الهيمنة الأحادية وبروز الحركات الفاشية الجديدة والعنصرية والأصولية، إلاّ أن التاريخ قد قال كلمته: النظام القديم- بوجهيه الأثنين سواء الرأسمالى غير المقيد بأهداف اجتماعية أو الماركسى الشمولى- قد فقد مشروعيته الفكرية والأخلاقية، وتتلمس الانسانية طريقها عبر المراجعة والتجريب والمعاناة نحو أفق جديد وفكر جديد ونظام عالمى جديد.

    يتبع
                  

04-14-2003, 08:37 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رؤي حركة القوي الحديثة الديمقراطية للازمة السودانية - من وثائقهم (Re: Abdel Aati)

    الباب الثانى


    آفاق جديدة لسودان حديث:
    مشروع النهضة الوطنية الشاملة



    إن المبادئ الجوهرية التى تنشأ على أساسها هذه الحركة هى التالية:


    I- الديمقراطية:
    تشكل الديمقراطية كقيمة جوهرها حرية الاختيار، المرجعية الفكرية للحركة والدعامة التى يقوم عليها كامل برنامجها السياسى والاجتماعى. فالديمقراطية أساس فى بناء النظام السياسى وفى جهاز الدولة، فى علاقة القوميات، وفى حركة الجماهير وفى منظماتها، وكحقوق وحريات سياسية ومدنية، وأساس فى الاقتصاد وفى الانتاج، فى العلم والثقافة والفنون، وفى العلاقات الاجتماعية، وفى الأسرة والمسلك الشخصى.

    (1) الديمقراطية كنظام سياسى:
    نسعى لقيام نظام ديمقراطى تعددى يكفل:
    - صيانة حقوق الانسان السياسية والمدنية وفق المعايير الدولية، والتى أبرزها حق الانسان فى اختيار حكامه عبر انتخابات حرة نزيهة ومتكررة، وحقه فى الحياة، وفى الأمن الشخصى والكرامة، وحقه فى حرية الضمير والاعتقاد والعبادة، وحقه فى التعبير والنشر، وفى التنظيم والاجتماع والتظاهر والإضراب، وحقه فى المعلومات، وفى الفرح والسعادة.
    - سيادة حكم القانون واستقلال القضاء.
    - استقلال مؤسسات المجتمع المدنى وحمايتها من الاجتياح والتغول السلطويين، ونبرز على وجه الخصوص ضرورة استقلال الجامعات ومؤسسات البحث العلمى والأكاديمى، واستقلال النقابات وتنظيمات المبدعين ومنظمات العمل الطوعى وهيئات واتحادات الحركة الرياضية.
    - وضع ضوابط قانونية ومؤسسية وثقافية على الأجهزة العسكرية والأمنية بحيث لا تنتهك النظام الديمقراطى أو تقوض الحكم الدستورى، ولضمان عدم تعديها على الحقوق والحريات، وفرض عقوبات صارمة على أى ممارسات تعذيب أو سوء استغلال للسلطة والنفوذ.


    (2) الديمقراطية ودولة المواطنة المدنية الحديثة:
    - إن قضايا الاجتماع والسياسة قضايا دنيوية وليست دينية، ولا يوجد أى برنامج سياسى مقدس أو يمثل العناية الإلهية. وإن عدم التمييز بين السياسى الدنيوى وبين الدينى يحول السياسة إلى ساحة صراع عقائدى لا يحل إلاّ بإقصاء أحد الطرفين بواسطة الطرف الآخر أو اخضاعه اخضاعا كليا مما يؤى بالضرورة وفى كل الحالات إلى نشوء حكم ديكتاتورى ظلامى كالذى نشهده حاليا فى بلادنا.
    - وفى الدولة الديمقراطية الحديثة يشكل الشعب مصدر السلطات، وتقوم الحقوق على أساس المواطنة وليس الدين، فالدين لله والوطن للجميع، وفى هذا ضمانة ضرورية لحق المواطن – بغض النظر عن دينه- فى الحصول على معاملة متساوية وعادلة.
    - وتؤكد التجارب التاريخية قديما وحديثا ان السلطات التى أدعت العصمة أو القداسة وامتلاك الحقيقة المطلقة صادرت الرأى الآخر وفتكت بالمعارضين واعتقلت تطور الفكر والعلوم والفنون وحشرت أنفها فى خصوصيات المواطنين وأجهضت حق الفرد فى الاختيار واستقلاله ومسئوليته الأخلاقية. ولذلك فإننا ندعو إلى التمييز بين الدينى والدنيوى وبين القداسة والسياسة وإلى إبعاد الدولة عن أى تصورات شمولية سواء بإسم الدين أو القومية أو الإلحاد أو الماركسية.

    إن هذا التصور الموجز هو ما نريده من العلمانية، ولا مشاحة عندنا فى المصطلحات، فيمكن تعريف هذا التصور بمصطلح دولة المواطنة المدنية الحديثة، أو مصطلح علمانية متواضعة ذات محتوى إيجابى تجاه الدين... وإذ ندعو إلى ذلك فإننا لا نتخلى عن إيماننا الدينى، كما لا نتخلى عن استلهام قيمنا الدينية الكلية فى صيلغة البرامج وتحديد المواقف، فنحن مع إغناء السياسة بقيم أخلاقية، والأديان مستودع القيم الأخلاقية والانسانية، إضافة إلى كونها حوجة انسانية نفسية اجتماعية وضرورة لإعمار الوجدان ورفو النسيج الاجتماعى، ولكن تصورنا للدين وللسياسة يرفض الادعاء الشمولى والتعصب كما يرفض الإكراه، ويقوم على قاعدتى: (لا إكراه فى الدين) و(أنتم أعلم بشئون دنياكم).. وهكذا فإن استلهامنا- كأى استلهام آخر- قابل للخطأ والصواب، وهو بذلك أبعد ما يكون عن القداسة.



    (3) الديمقراطية وحقوق المرأة:
    - إننا نؤمن بتساوى النساء والرجال فى الانسانية والكرامة والحقوق ضد أشكال التمييز ضد المرأة.
    - ونعمل على تمهيد مشاركة المرأة فى جميع جوانب الحياة بما فى ذلك السلطة وصنع القرار وتمكينها من الفرص والموارد.
    - ونعمل لأجل التغيير الثقافى والنفسى ولأجل وضع الترتيبات الدستورية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية التى تكفل للمرأة إطلاق كامل طاقاتها وتعزز دورها فى التنمية واستقلالها الاقتصادى وحقها فى الأجر المتساوى وفى التدريب دون تمييز على أساس النوع، وتوفر لها الرعاية الصحية المتكاملة مجانا أو بأسعار معقولة فى متناول الغالبية... وسن قانون أحوال شخصية ديمقراطى يقوم على حرية الاختيار ويراعى كرامة المرأة وتكريم الأمومة ويحافظ على الأسرة بوصفها دعامة المجتمع وموئل الإشباع الطبيعى والنفسى والروحى ونبعا للحب والسعادة... ونعمل لأجل حظر كل أشكال العنف والإهانة والتحقير للمرأة كالإغتصاب والضرب الخفاض الفرعونى والتحرش الجنسى واستخدام المرأة كسلعة أو رقيق والتحقير المعنوى واللفظى.


    (4) الديمقراطية والحكم اللامركزى:
    - لأن بلادنا واسعة متعددة الأديان والثقافات والأعراف فإن النظام الأوفق لها نظام الحكم اللامركزى.
    - إننا مع نظام حكم فيدرالى- فيدرالية واسعة وحقيقية- تضمن توزيع السلطة ومشاركة الجماهير الواسعة فى مستويات الحكم المختلفة.
    - يجب أن يراعى النظام الفيدرالى ليس فقط تقليص الظل السياسى والإدارى، وإنما كذلك الحسابات الاقتصادية، فإذ تنداح السلطة إلى الأقاليم والمحافظات والمحليات، فإن ذلك يجب أن يترافق مع ضغط المصروفات الإدارية والسياسية؛ إننا مع نظام حكم راشد وقليل الكلفة الاقتصادية.



    II- التنمية والعدالة الاجتماعية

    إن التنمية بماظهرها وتجلياتها المختلفة: تطبيق العلم والتقنية الحديثة على الانتاج، مواجهة الفقر وتوفير فرص العمل، إشباع الحاجات الأساسية، وتعظيم الرفاه بالزيادة المستمرة فى السلع والخدمات، وتوحيد وتوسيع السوق الداخلى وترابط الاقتصاد وتكامله... إلخ إنما هى فى تقديرنا وبالأساس توسيع لمدى حرية الخيارات المفتوحة أمام المجتمع وبذلك تكتسب طابعها الديمقراطى والانسانى.

    وفى ظروف التخلف التى تعانيها بلادنا فإن التنمية لن تكون إلاّ عملا واعيا ومخططا بمجموعة متكاملة من السياسات الثقافية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية والمؤسسية والقانونية... ولأننا لن نستطيع فى هذا الحيز المحدود، وفى وثيقة ذات طابع عام أن نوضح بدرجة كافية من التفصيل تصورنا للتنمية، فإننا نكتفى بالإشارة للقضايا المفتاحية:

    (أ‌) شرط التنمية:
    شرط التنمية الأساسى وجود سلطة تعبرعن قوى النهضة فتجعل من التنمية تحديها الأول، سلطة تعبر عن مصالح المجتمع وتستنهض وتعبئ كامل طاقاته المادية والمعنوية فى إتجاه النهضة والتقدم.

    (ب‌) المدخل للتنمية:
    المضمون الأساسى لعملية النهضة هو انتقال البلاد انتقالا ابداعيا من مجتمع رعوى زراعى إلى مجتمع حديث مفتوح لما بعد الحداثة. والمدخل لذلك هو رأس المال الاجتماعى، بتغيير البنية الذهنية السائدة، تغييرها من ذهنية تقليدية قائمة على الاتباع والتكرار والجمود والمسلمات الاطلاقية إلى ذهنية نقدية إبداعية مبنية على النسبى وعلى التساؤل وعلى الفحص والاختبار، وعلى المبادرة والتجديد والاستقلالية والمسئولية... هذا بالإضافة إلى بث روحية جديدة تجاه العمل والزمن والمال العام. وهكذا فإن المدخل الأساسى للتنمية إنما هو التنوير الثقافى.

    (ج‌) نموذج التنمية والنظام الاقتصادى:
    - إننا مع تنمية متوازنة مستدامة ذات طابع انسانى ديمقراطى.
    - وان آليات السوق رغم أهميتها غير كافية لوحدها فى تحقيق التنمية. وما من سلطة إكتفت بالمراقبة العاطلة ليد السوق الخفية إلاّ وضحت بمصالح شعبها واحتياجات نمائه وتطوره، ولذلك فإننا مع دور نشط ومتوازن للدولة، دور يستهدف حث التنمية ويوفر إطارا ملائما من السياسات والمؤسسات لصالح نمو كافة المشاريع الانتاجية (سواء قطاع عام، خاص، تعاونى أو مختلط)، ويوازن ما بين زيادة كفاءة الانتاج والفعالية الاقتصادية وما بين إعادة توزيع الدخل وفرص التنمية بصورة أكثر عدالة سواء بين الفئات الاجتماعية أو أقاليم البلاد، ويراعى تقليل الكلفة الانسانية والعواقب الاجتماعية والبيئية للتنمية.

    إن النظام الاقتصادى الذى نسعى إليه يستفيد من آليات السوق كالمنافسة والحساب الاقتصادى ومؤشرات الأسعار والربحية فى حفز الانتاج وزيادة كفاءة الاقتصاد، ولكنه فى ذات الوقت يستدعى الدولة كى تراقب وتتحقق وتتدخل حتى يكون الاقتصاد لصالح غالبية المجتمع ولتلبية حاجاتهم الأساسية. إن هذا النظام والذى يمكن وصفه كاقتصاد السوق الاجتماعى يختلف بصورة واضحة عن تصورات الليبرالية المتوحشة التى تهتم بزيادة الانتاج وتتخلى بدعوى السوق الحر عن أية مسئولية اجتماعية، ويختلف كذلك عن اقتصاد الأوامر البيروقراطية على النمط السوفيتى الذى يضعف الحوافز والمبادرات الفردية ويكبح روح الخلق والابتكار ويهدر الموارد ويفرض خيارات قلة من البيروقراطيين بإعتبارها خيارات المجتمع.
    - تبحث الدولة عن الفائض الاقتصادى وتعبئه وتعيد استخدامه لأجل التنمية بالاستثمار فى البشر بإعتباره أهم الاستثمارات (الصحة، الاسكان، التعليم، التدريب، البحث العلمى، والرعاية الاجتماعية)، وفى البنيات الأساسية (مواصلات، اتصالات..إلخ) وفى المشاريع الارتكازية التى لا يقدم عليها القطاع الخاص لضخامة رأس مالها أو تعقد تقنيتها أو طول فترة الإكتمال وانخفاض ربحيتها النسبية والتى تكون ضرورية لخدمة الاقتصاد الوطنى (كمشاريع الطاقة، والسدود، والتعدين..إلخ).
    - تصوغ الدولة سياساتها الاقتصادية والمالية وقوانين الاستثمار والضرائب وسياسات التمويل والتجارة الخارجية بحيث تحفز الانتاج الزراعى والصناعى والخدمات المرتبطة بهما، وبحيث تكبح أنشطة المضاربة والأنشطة الطفيلية.
    - تصوغ الدولة خطتها للتنمية بمشاركة شعبية واسعة، وتراعى أن تكون تنمية متوازنة بحيث تكفل توزيعا للموارد المادية والبشرية ولفرص التنمية بين أقاليم البلاد المختلفة، وتنفذ الخطة بمراقبة الجماهير، وبصورة توفر للأقاليم والوحدات الحرية اللازمة فى ضوء مؤشرات الخطة العامة دون الرجوع للسلطة المركزية إلاّ فى الحالات التى تمس السيادة.

    (د‌) طرق تعبئة الفائض الاقتصادى:
    1/ رفع إنتاجية العمل وذلك بـ :
    - تحسين نوعية الإدارة، وذلك بجعل الكفاءة هى المعيار الوحيد للاختيار، وبتفويض السلطات واللامركزية، وبإشراك العاملين فى الإدارة، وربط الأجور والحوافز بمستوى الأداء.
    - نقل وملائمة التقنية الحديثة وتطبيق العلم على الانتاج.
    - العدالة الاجتماعية؛ فإعادة توزيع الدخل بصورة أكثر عدالة يجعل العاملين يوقنون بأن لهم مصلحة فى زيادة الانتاج فيتخذون موقفا أكثر كفاءة وانتاجية تجاه العمل.
    2/ فائض لدى الدولة من :
    - الضرائب العادلة والمعقولة.
    - أرباح مؤسات الدولة القائمة ومن فوائض استخراج البترول الذى يعطى أسبقية والذى يشكل مع القطاع الزراعى والحيوانى القطاعين الرائدين للتنمية.
    - التوفير الناتج عن تقليل النفقات العسكرية وضغط المنصرفات غير المنتجة فى أمن السلطة والصرف التبذيرى على جهاز الدولة.
    - محاربة الفساد الذى يشكل أوسع قنوات هدر الموارد وتبديدها وذلك بإجراءات فعالة كالرقابة الشعبية، حرية الصحافة، استقلال القضاء، إضافة إلى العقوبات الرادعة.
    3/ تعبئة وتشجيع الاستثمارات المحلية:
    - حماية الاستثمار وتطمينه بالقوانين الملائمة وسيادة حكم القانون واستقلال القضاء.
    - تشجيع الادخار بتقليل وتائر التضخم وذلك بضبط الصرف الحكومى غير المنتج وإشراف البنك المركزى على السيولة النقدية.
    - إعادة بناء النظام المصرفى بصورة تعبئ المدخرات وتوجهها فى الأنشطة الانتاجية.
    - جذب مدخرات المغتربين بإستقرار السياسات والحوافز والضمانات.
    4/ إنهاض الحركة التعاونية:
    استنادا على قيم التعاون فى التراث السودانى فإنه يمكن إنهاض حركة تعاونية جبارة توفر فائضا للتنمية وتحسن من مستوى معيشة أعضائها وتنشر الملكية بين الشعب كملكية ديمقراطية.
    - تقوم التعاونيات طوعيا ويسن لها قانون ديمقراطى يكفل رقابة عضويتها على مواردها ونشاطها.
    - ترتبط التعاونيات بنقابات العاملين ومنتجى الريف، وبصناديق المعاشات والتأمينات الاجتماعية فتحول مدخرات العاملين ومداخيل المنتجين الصغار إلى قوة إقتصادية هائلة تدعم الانتاج وتنافس وتوازن الرأسمال التجارى مما يوفر استقرارا فى أسعار السلع ويدفع رأس المال الخاص إلى القطاعات الانتاجية.
    - تدعم الدولة التعاونيات ماليا، إداريا، فنيا وتصمم سياسات تمويلية تعطى التعاون إهتماما خاصا.
    - إيلاء إهتمام خاص للتعاون وسط منتجى سلع الصادر (الثروة الحيوانية، الصمغ، السمسم...إلخ) لإعادة استثمار الأرباح المتحققة فى ترقية الانتاج وتحديثه، وللنهوض بهذه المناطق التى رغم ضخامة إسهامها فى الدخل القومى فإنها لا تجنى سوى الفتات.
    5/ استقطاب الموارد الخارجية:
    تسعى الدولة لاجتذاب الموارد الأجنبية سواء فى شكل عون أو استثمارات مباشرة وذلك باتباع سياسة خارجية راشدة تنطلق من مصالح الشعب، وتوفير البيئة الصالحة والضامنة للاستثمارات.



    (هـ) الإنتاج الزراعى والحيوانى:
    تتوفر للسودان بثروته الحيوانية الضخمة وأراضيه الواسعة وموارده المائية الوفيرة إمكانية نهضة زراعية وتحقيق ميزة نسبية مقارنة فى التجارة العالمية، ومن ثم النهوض بحياة غالب سكانه الذين يعملون فى الزراعة والرعى، ولذلك فإن تنمية الانتاج الزراعى والحيوانى تشكل أسبقية مقدمة من أسبقيات التنمية:
    - رفع الانتاجية بمكننة الانتاج وتحديث أدواته، وربطه بالبحث العلمى، وبتطوير الارشاد الزراعى وتوفير التقاوى وتطبيق الحزم التقنية، وبالاستثمار فى ترقية البنيات الأساسية (قنوات الرى، صوامع التخزين، الطرق والسكك الحديدية، والمحاجر الصحية وآبار المياه للثروة الحيوانية..إلخ)
    - وضع مدخلات الانتاج الزراعى الحيوانى على رأس الأولويات عند تخصيص العملات الصعبة للواردات.
    - توفير التمويل الضرورى بواسطة البنك المركزى لصغار المنتجين والتعاونيات وبأدنى فوائد. وإعادة بناء النظام المصرفى لصالح قطاعات الانتاج خصوصا الزراعى والحيوانى.
    - تشجيع الاستثمار فى الانتاج الزراعى والحيوانى بتقليل الضرائب وبالإعفاءات والامتيازات.
    - خلق تكامل بين قطاع البترول والانتاج الزراعى الحيوانى: استثمار فوائض البترول فى الانتاج الزراعى الحيوانى؛ المواد البترولية لصالح الانتاج الزراعى؛ الصناعات البتروكيميائية لتوفير مدخلات الانتاج والبنيات الأساسية ( أسمدة، مبيدات، أسفلت للطرق...إلخ).
    - النهوض بالريف إجتماعيا وتقليل الفجوة بينه وبين المدينة بترقية الخدمات الصحية والتعليمية والثقافية ومكافحة الأوبئة، وتصفية نظام "الشيل" القديم والحديث (المصارف الإسلامية الربوية)، وتصفية الادارة الأهلية القائمة على الوراثة وغيرها من المؤسسات القديمة التى تحبس طاقات أهل الريف وتسد عليهم مسارب النهضة والنور.

    (و) التصنيع:
    (1) التصنيع كإستيعاب للتقنية المعاصرة وتطوير أساسى لقوى الانتاج من أهم شروط تصفية التخلف المزمن، فبالتصنيع يتم تأمين وتائر عالية لنمو الانتاج، وتقليل البطالة، وتزويد الزراعة بالمعدات والآليات الحديثة، ولذلك فهو شرط لا غنى عنه لرفع مستوى حياة الشعب المادية والثقافية.
    (2) تضع الدولة خطة لرفع مساهمة الصناعة فى الناتج القومى على أساس بناء إقتصاد زراعى صناعى متكامل. وتأخذ العبر والدروس من الخبرة العالمية فى التصنيع، فتقطع نهائيا مع تلك التجارب الاستالينية التى ضحّت بالأجيال القائمة لتبنى أهرامات من الصلب والصناعات الثقيلة فى فترة وجيزة وبكلفة بشرية هائلة، فاستطاعت تصفية التخلف ولكن بوسائل هى نفسها همجية. كما تقطع جذريا مع التصورات الشعبوية التى تشكك فى جدوى التصنيع. والتى تسعى للحفاظ على البنية الزراعية البدائية كإحدى خصائص الأصالة والهوية! إننا مع التصنيع كعملية متدرجة ووفق خطط عملية لا تقفز فوق قوانين التطور الاجتماعى ولا تحرق المراحل.
    (3) ويخطط للتصنيع بحيث تستفيد منه الأجيال القائمة وأجيال المستقبل، فيتم أولا تطوير الصناعة الخفيفة خصوصا سلع الاستهلاك الشعبى والتى تتطلب مقادير أقل من رأس المال والتى يستعاد منها الرأسمال بمزيد من السرعة وبربح أكبر والتى تساعد منتجاتها فى تحسين معيشة الشعب كما تتطور صناعة سلع الصادر التى تتوفر لها ميزات مقارنة فى السوق العالمى بحكم الظروف الطبيعية والخبرة التاريخية، ومن فوق ذلك يوضع الأساس لقطاع الصناعة الثقيلة وانتاج وسائل الانتاج.
    (4) إعادة توزيع الدخل بصورة عادلة مع كونه هدف فى ذاته، فإنه برفعه للقوة الشرائية يساعد فى توسيع السوق الداخلى الذى يشكل أساسا هاما لصناعة مزدهرة.
    (5) توفر الدولة مقومات النهضة الصناعية بالسعى الحثيث لتوفير الطاقة والكوادر المدربة والبنيات الأساسية (مواصلات، إتصالات..إلخ). ويحفز القطاع الخاص المحلى والأجنبى للإستثمار الصناعى بالإعفاءات والامتيازات الضريبية ووضع مدخلات الصناعة فى أولوية الواردات، إضافة إلى محاصرة وتقييد الأنشطة الطفيلية.

    (ز‌) النهضة العلمية- التعليمية:
    فى عهد الثورة العلمية التكنولوجية تحول العلم إلى قوة إنتاجية حاسمة، وصارت ثروات الشعوب تقاس بمدى ما يتوفر لها من معارف وعقول .. وإن طموح وآمال شعبنا فى التطور واللحاق بالمدنية المعاصرة لا يمكن أن تتحقق إلاّ على أساس الاستيعاب العميق والخلاق للعلم المعاصر والتقنية الحديثة.
    (1) التعليم:
    - زيادة الاستثمار فى التعليم والتدريب والبحث العلمى كأسبقية قصوى.
    - حق التعليم حق ديمقراطى لكل قادر عليه، ولذا يتوجب على الدولة توفير فرص التعليم ومقوماته لكل فرد، إلزامية ومجانية تعليم أطفال الأساس.
    - المدخل للإصلاح التعليمى يبدأ بإعادة الإعتبار لمهنة التعليم بترقية أوضاع المعلمين المادية والمعنوية والإهتمام بتدريبهم وتأهيلهم.
    - إعادة صياغة مناهج التعليم وفق خط أساسى هو بذر ورعاية التفكير العلمى عند الطلاب، التفكير القائم على التساؤل والانتقاد والتحقق، والذى يرتبط فيه النظر بالتطبيق، وينبذ البالى والميت ويودع بلا رجعة الإطلاقات الدوغمائية والتكرار البليد للمسلمات التى تتعالى على الفحص والإختبار. فكر علمى لا مكان فيه للجمود والتعصب والخرافة.
    - ربط التعليم بمتطلبات النهضة الزراعية الصناعية، فيستهدف توفير العقول والكوادر الضرورية لمختلف مجالات الانتاج.
    - وتسعى الدولة بواسطة التعليم ووسائل الإعلام وبضرب المثل إلى تنمية الميول والإتجاهات السلوكية والقيم اللازمة للنهضة كالمبادرة، التجديد، المسؤولية، الإتقان، الإنضباط، تقدير قيمة الزمن، التوفير وغيرها. ويتوسل إلى ذلك بأساليب ديمقراطية بعيدا عن القسر والإسفاف.
    - محو عار الأمية بقفل منافذ زيادتها وبتنظيم حملة وطنية شاملة تستأصلها بتضافر جهد الدولة والجهد الطوعى، وتكرس لها الإمكانات الضرورية بما فى ذلك وسائل الإتصال العام.
    - تحويل الجامعات والمدارس إلى مراكز للإشعاع والتنوير، تطلق الطاقات وتنمى القابليات وتصقل المهارات وتبنى القيم الأخلاقية الرفيعة، فتكون المؤسسة التعليمية مدرسة وفى ذات الوقت ورشة ومزرعة ومسرحا ومرسما ومنتدى.
    (2) العلم:
    - إنصاف الكفاءات العلمية وتحسين أوضاعها وتمكينها من مواقع التأثير فى القرار الإدارى والسياسى، وبذل الحوافز المادية والمعنوية لأى إنجاز علمى أو تقنى بهدف المحافظة على الكفاءات الموجودة وحفز العقول السودانية المهاجرة للعودة والمساهمة فى النهضة الوطنية.
    - إنشاء مؤسسات متخصصة للبحث العلمى، ودعم القائم دعما سخيا، وإعادة هيكلتها بصورة تكفل إستقلالية البحث العلمى وديمقراطية الإدارة.
    - ربط الكفاءات والعقول فى مؤسسات البحث العلمى أو فى الجامعات بقطاعات الانتاج الزراعى والصناعى.
    - بالتنسيق مع المؤسسات البحثية والجامعات يوضع برنامج بأولويات البحث وتوفر له الاعتمادات الكافية.
    - توفير فرص التدريب والتأهيل فى مؤسسات التعليم والمعاهد الأجنبية وتشجيع الوفود والزيارات العلمية لربط الكفاءات الوطنية بأحدث منجزات العلم والتقنية.
    - دعم أسعار الكتب وتقليل تكلفة الطباعة وإعفاء المنتجات الثقافية ومدخلاتها من الرسوم.
    - فتح البلاد للإصدارات العلمية العالمية وتشجيع ودعم الإصدارات المحلية.
    - إعطاء حيز مناسب فى وسائل الإعلام للبرامج العلمية.

    (ح‌) الثقافة:
    لقد إنتهت السياسات الثقافية التى إنتهجتها القوى القديمة إلى أزمة شاملة للثقافة السودانية. هذه الأزمة لها مظهرين أساسيين: أحدهما يتعلق بالعلاقات بين الثقافات المكونة للثقافة السودانية. وتتبدى الأزمة فى هذا المظهر فى المركزية الثقافية، بحيث أصبحت ثقافة وسط السودان – الثقافة العربية الإسلامية- مركزا وغيرها من الثقافات هامشا أقصى ما هو متاح له أن يكون فولكلورا ورقصات شعبية. وواضح أن هذا المظهر من الأزمة يرتبط بأزمة الهوية والتكامل القومى ولذلك فإن حل هذه الأزمة يبدو ذو طابع سياسى يتعلق بتقديم قيادة إجتماعية جديدة تنتج سلطتها وتعيد إنتاجها ديمقراطيا بما يتجاوز التشتت والتجزئة وبالتالى يتجاوز الحاجة إلى الإستعلاء الثقافى، وبحيث تنتهج سياسات ثقافية توفر الأساس الذى يسمح بتطور كافة الثقافات السودانية ومنحها القدرة على التعبير عن ذاتها والتفاعل مع بعضها البعض فى مناخ يسوده المنطق الديمقراطى لا منطق الاستعلاء والقهر.

    أما المظهر الآخر لأزمة الثقافة السودانية فيتعلق بعلاقة هذه الثقافة بالمدنية المعاصرة. فقد إنتهت السياسات الثقافية التى إنتهجتها القوى التقليدية إلى تغريب الحياة والثقافة السودانية عن الحياة والثقافة الإنسانية المعاصرة وارتدت بها إلى قرون سحيقة فى الماضى، وبدلا من أن تستلهم القيم الخيرة فى عقيدتنا وتراثها للإنتماء إلى عصرها إنغلقت فى ماضيها السحيق لتبدو غريبة عن عصرها غير منتجة إلاّ للتخلف والجهل والفكر الظلامى، ومتوجسة تجاه كل ما هو علمى أو تقدمى وتجاه الآداب والفنون وكل ما هو خير وانسانى.. وبتغييبها للحياة الانسانية المعاصرة ازدادت الثقافة السائدة إمعانا فى استعلائها وقهرها.

    وتعبّر القوى الاجتماعية المسيطرة عن علاقتها بمحيطها الطبيعى والإجتماعى والإنسانى فى ثقافاتها وآدابها وفنونها ولذلك نجد أن الثقافة السائدة تتلاءم مع نمط عيش هذه القوى وإنتاجها لحياتها وتفرز من القيم ما يتفق وهذا النمط. والأقسام المهيمنة على هذه القوى هى أكثرها ظلامية وتخلفا وفسادا فهى غير منتجة إقتصاديا وكذلك ثقافيا، معادية للتفكير العلمى فى كليهما. إقتصاديا تراكم ثروتها – فى الغالب- عن طريق وسائل فاسدة، وثقافيا تعبر عن علاقة منحرفة بالطبيعة والمجتمع والانسان فى فكر ظلامى يجهد فى أن يكون غطاءً أيديولوجيا يتلون بزخرف القول ويتوسل إلى الناس بعقائدهم. إن الطفيلية فى نمط معاشها طفيلية فى ثقافتها وهى فى الأثنين فاسدة. وتتعدد مظاهر الفساد الثقافى فى حياتنا. فالحركة الثقافية تعانى ركودا وعزلة تامتين وانقطاع عن تيارات الفكر المعاصر وغياب المعرفة بها، انقطاع الصحف والمجلات والدوريات الفكرية الجادة والكتب الجديدة وغلاء أسعار القليل الذى يصل منها. معارض الكتب على قلتها فقيرة تعرض كتبا قديمة فى معظمها وبأسعار باهظة. ضعف حركة النشر والتأليف وتكاليفها الباهظة، غياب الترجمة. إغلاق دور السينما والقليل الذى يعمل منها يعرض نفايات الانتاج العالمى. إغلاق معهد الموسيقى والمسرح لثلاثة سنوات وإعادة فتحه دون كادر مؤهل. حركة مسرحية مكبوحة بالعزلة والرقابة وقلة دور العرض، إفتقاد كلية الفنون الجميلة للمواد الأساسية ونقصان الكادر المؤهل. صحافة مقيدة وتردى مريع فى مستواها. آداب فى غالبها فجة التكرار تفتقد جرأة التجريب وارتياد مغامرة الابداع، عالية الرنين ولكنها ضحلة. ضعف مناهج أقسام كليات الآداب فى الجامعات وانقطاعها عن الانفجار المعرفى الهائل الذى تم فى مجالاتها وانقطاع الدوريات والكتب الجديدة الصادرة عن مراكز البحث وإنتاج المعرفة فى جامعات العالم المختلفة. غياب البحث الأكاديمى فى جامعاتنا وعطالتها عن إصدار أى دوريات وعن إنتاج أى معارف بإستثناء رسائل الدرجات العلمية وهى تعانى ضعفا واضحا وتسيطر عليه علل المناخ الثقافى الفاسد. بإختصار إننا نعيش عصر انحطاط لن يتم الخروج منه إلاّ بتبنى سلسلة من الإجراءات الثقافية وصياغتها فى برنامج يعالج هذه الأزمة. ويمكن تلخيص ملامح هذه الإجراءات فى:
    - الإنفتاح على الثقافة الانسانية فى قممها بتشجيع التبادل الثقافى وفتح البلاد أمام المبدعين والمنتوجات الثقافية.
    - إعفاء كل منتوجات الثقافة ومدخلات الانتاج الثقافى من الضرائب والجمارك ودعمها بما اقتضت الضرورة.
    - الدعم السخى للمؤسسات والأجهزة الثقافية وتأهيل كادرها وضمان إتصالها بأحدث المنجزات، ونخص بالذكر معهد الموسيقى والمسرح، كلية الفنون وكليات الآداب، قصر الشباب والأطفال ومراكز الشباب.
    - دعم وتشجيع حركة النشر والتأليف والترجمة.
    - فتح أجهزة الإعلام أمام المبدعين دون هواجس.
    - تقريب كنوز الثقافة من الشعب بتوفير الطبعات الشعبية، وبتشجيع ودعم بناء دور العرض والصالات والأندية.

    إن دعم ورعاية الآداب والفنون يجب ألاّ يعنى بأى حال من الأحوال فرض أيديولوجيا ما أو مدرسة جمالية بعينها، فالظاهرة الجمالية لها قانونها الخاص وعلاقتها بما هو سياسى واجتماعى علاقة من التعقيد بحيث أن قيم التقدم والديمقراطية تتبدى فى هذه الظاهرة على نحو أدبى وفنى يتجاوز جماليا ما هو سائد متطلعا دائما إلى التجديد.

    ويرينا التاريخ بوضوح أن القوى الاجتماعية التى تتطابق صيرورتها مع النهضة تنتج ثقافة النهضة. ولأنها لا تخشى الجديد فإنها تؤسس حرية الابداع وترعى الجديد وتوفر له أساسه الموضوعى. وفى بلادنا فإن قوى النهضة مدعوة للعب هذا الدور، وإلى أن تتحقق لها سلطتها السياسية فإن عليها أن تنهض بهذا الواجب عن طريق مؤسساتها فى المجتمع المدنى من حركات و أحزاب سياسية ومؤسسات وجمعيات ثقافية وفكرية.

    (ط‌) حماية البيئة:
    إن إنجاز التنمية المستدامة هو واحد من التحديات التى تطرحها بإلحاح مشاكل تلوث البيئة والتبذير والهمجية إزاء الموارد الطبيعية. إننا مع استثمار عقلانى للموارد الطبيعية من وجهة نظر المجتمع ككل ومصلحة الأجيال اللاحقة. وتتخذ الدولة التدابير التشريعية والمؤسسية لحماية البيئة، وتعمل على خلق وعى بيئى عام وتضع قضايا البيئة ضمن المنهج الدراسى. ومستفيدة من الجهد الطوعى – خصوصا منظمات حماية البيئة ومنظمات الشباب – وبالتعاون مع الهيئات الدولية تسعى لمواجهة المشاكل البيئية فى السودان: الزحف الصحراوى، تلوث المياه، جرف التربة والهدام، مخلفات الصناعة، إضافة إلى ضمان الحياة البرية المهددة بالإنقراض بنتيجة الحرب والصيد العشوائى.



    III- الوحدة الوطنية

    إن ظواهر التمزق والتشتت والحرب الأهلية التى ظلت تعانى منها البلاد لا تجد جذورها فى مجرد وجود تعدد إثنى وقومى ودينى ولغوى فى السودان، فغالبية المجتمعات تشهد هذه التعددية، وإنما تجد جذورها فى المظالم التاريخية، وفى فشل القيادات القديمة فى جعل الدولة أداة لصيانة المصالح المشتركة العمومية لأهل السودان، فحولتها إلى أداة إقطاع خاص لتعظيم المصالح الضيقة والإثراء الطفيلى. إن فشل القيادات القديمة كقيادة إجتماعية عمومية جعل شكل إعادة إنتاج سلطتها وتحقيقها لا يتم إلاّ فى إطار التشتت والتجزئة والاحتراب.

    وفشل هذه القيادات كقيادة إجاتماعية عمومية يعود فى بعضه إلى التصور الذى تحمله هذه القيادات ومن خلفها القوى الاجتماعية التى تمثلها عن هويتها وهوية السودان أو ما تطمح أن يصير إليه. إن الأزمة ليست فقط فى تبنى المركزية الثقافية الأحادية للثقافة العربية الإسلامية ومحاولة إقصاء وتهميش الثقافات الأخرى، وإنما تكمن أيضا فى إغتراب المجموعات الحاملة للثقافة العربية الإسلامية عن معظم تاريخها ومكوناتها الثقافية والإثنية لأنها غير عربية إسلامية. وهذا وضع لا يجد تبريره الكافى فى الدين، فالأرض تمتلئ بشعوب مسلمة حافظت على مكوناتها الثقافية والتاريخية. إن تغريب الجزء الأكبر من تاريخ ومكونات الثقافة السودانية نتج عنه شرخ عميق فى هذه الثقافة ساعد على تكريسه حقيقة أن القوى القديمة تعيد إنتاج سلطتها فى إطار من التشتت والتجزئة والإحتراب، مما يعنى أنها تنتج بإستمرار الإفتراق الثقافى والإثنى بإنتاجها بإستمرار لتغريب الجزء الأكبر من الثقافة السودانية بحيث تتوهم بعض المجموعات العرقية بأنها تمثل أطرافا عربية خالصة فى مواجهة أطراف أفريقية خالصة.

    إن هذه الرقعة من الأرض التى تعرف بالسودان حاليا سكنتها فيما مضى أقوام، هم أجدادنا، كانت لهم حضارات ما زالت الدراسات التاريخية والحفريات تكشف عن عظمتها. وإعادة الإعتبار لهذا التاريخ من ثقافتنا ليس أمرا شكليا أو صوريا إنما يعنى التصالح مع ذاتنا والتعرف عليها من جديد وترميم شرخ كبير فى وجداننا وفى نسيج بناءنا الوطنى.

    إن الوحدة الوطنية لا يمكن بناؤها وصيانتها إلاّ بتصفية المظالم والإقرار بحقوق أبناء القوميات والأقاليم والمناطق المهمشة:
    - الحق فى معاملة متساوية وعادلة للمواطنين على إختلاف ألوانهم وقومياتهم ولغاتهم ودياناتهم.
    - الحق فى عدالة توزيع السلطة والثروة.
    - حق القوميات فى حكم لا مركزى، وفى صيانة وتطوير ثقافتها ولغاتها والتوسل بها فى التعليم وأن تجد مكانها فى الأجهزة القومية للإعلام.
    - تأكيد النزعة الانسانية فى كافة أوجه التعامل، وفى التعليم والإعلام والقانون إعترافا بالكرامة الشخصية لكل فرد أيا كان أصله أو دينه أو نوعه، والمعاقبة قانونا للإهانة والإزدراء العنصرى ودعاوى العداء والتفوق العرقى، وتجريم كل تحيز مباشر أو غير مباشر، مؤسسى أو فردى، على أساس العرق أو الدين أو القومية.
    - إننا وحدويون نرى من مصلحة كل السودانيين العيش فى ظل دولة كبيرة متعددة الموارد وتركيز هذه الموارد والقوى لخير الجميع. وأنه رغم التمزق والحروبات فإن جسورا من المصالح والثقافة والإتصالات والمشاعر التى أوجدتها ووطدتها مئات السنين ظلت تربط أهل السودان على إختلاف مللهم وسحناتهم. ولكننا وحدويون ديمقراطيون نرى أن الوحدة التى يؤبه لها حقا هى التى تقوم طوعا واختيارا، ولذلك نحن مع حق القوميات فى تقرير مصيرها.











    IV- الوطنية الراشدة

    إننا نستند فى تصورنا للعلاقات الخارجية على المبادئ التالية:
    - إن وعينا بذاتنا ككيان متميز، وإعتزازنا بتقاليدنا السمحة وحبنا لوطننا يجب ألاّ يكون مدعاة للتعصب والإنغلاق، ولا خصما على الإنتماء الرحيب للإنسانية، ولا نقيضا لإندراج السودان من موقع التكافؤ والعطاء المتبادل فى المدنية العامرة، فنسعى لتبادل المنافع والتجارة والخيرات والمعارف والصداقة مع كل الشعوب.
    - تنطلق السياسة الخارجية من مصالح أهل السودان وتقوم على الإخلاص والمسؤولية تجاه مصائر الشعب والوطن.
    - الإستفادة من تكوين السودان الثقافى المتعدد لفعالية مزدوجة وعلاقات متينة بالعالمين العربى والأفريقى.
    - دعم دور أكبر للمؤسسات الدولية والتعاون الدولى فى القضايا الإنسانية العامة كصيانة السلام وتصفية الفقر وحماية البيئة وحقوق الإنسان وفى درء الكوارث والأوبئة ومكافحة الأرهاب والمخدرات والجريمة المنظمة.


    يتبع
                  

04-14-2003, 08:38 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رؤي حركة القوي الحديثة الديمقراطية للازمة السودانية - من وثائقهم (Re: Abdel Aati)

    الباب الثالث

    المعركة الماثلة: إستعادة الديمقراطية

    تسعى حركة القوى الحديثة الديمقراطية(حق) كأولوية سياسية مطلقة إلى إستعادة الديمقرطية التعددية، كاملة غير منقوصة، ووفق المواثيق الدولية المعتمدة لحقوق الإنسان، والتى تشمل فى أوضاعنا الراهنة ضرورة حل سلمى ديمقراطى عادل للحرب الأهلية فى البلاد.

    ويتحقق ذلك بأحد إحتمالين: إما بإسقاط سلطة الإنقاذ، أو عبر تسوية سياسية شاملة.

    (1) إسقاط الإنقاذ:
    ويتم عبر آلية المواجهة الشاملة، وهى جماع المقاومة المسلحة للقوميات المهمشة والأحزاب المعارضة، والمقاومة المدنية للجماهير خصوصا تكوينات وتنظيمات القوى الحديثة، إضافة إلى إسهام المجتمع الدولى، وتتكامل هذه الوسائل وتتصاعد حتى تصل ذروتها وتتوج بالانتفاضة الشعبية والإزاحة النهائية للسلطة.
    - ومن بين حزمة هذه الوسائل المتكاملة فإن الحركة تتبنى المقاومة المدنية.

    (2) التسوية السياسية الشاملة:
    أ- إجراءات بناء الثقة:
    نتيجة عدة أسباب أبرزها الطبيعة الخاصة لسلطة الإنقاذ (الجبهة الإسلامية)، كطغيان يستند على حزب عقائدى، وبسبب تعاظم المأساة الانسانية جراء الحرب، وتآكل الدولة الوطنية، وهجرة أعداد كبيرة من نخبة البلاد السياسية والثقافية، وازدهار الولاءات المغلقة والانكفائية، وتداخل الشأن الداخلى مع الشأن الأقليمى والدولى، لكل هذه الأسباب فإننا نرى بأن التسوية السياسية الشاملة هى المخرج العقلانى والأفضل من الأزمة الشاملة فى البلاد.

    والتسوية الشاملة لا تتحقق بإستجداء السلطة الحاكمة، ولا بالانتظار العاطل وتمنى الأمنيات، التسوية تتحقق بمواصلة شتى الضغوط، وبالأبقاء على الخيارات الأخرى، وعلى رأسها الانتفاضة، مفتوحة وقائمة على الدوام.

    وبرغم قبول السلطة اللفظى لمبدأ التسوية فإن تجارب أهل السودان مع الإنقاذ والحركة الإسلامية الحاكمة فيما يتعلق بالمصداقية تستوجب اليقظة والحذر، فقد ظلت الإنقاذ تظهر خلاف ما تبطن وتدعى خلاف ما تنوى، ولذا فإن مؤسسات المجتمع المدنى والحركة الجماهيرية مدعوة إلى استمرار فاعليتها وتعبئة قواها والضغط على السلطة حتى تثبت صدقية أقوالها بأفعالها.

    ونرى بأن هناك إجراءات ضرورية ولازمة لتأكيد قبول السلطة العملى بالحلول السياسية، وهذه الإجراءات:
    (1) فك الحظر عن النشاط السياسى.
    (2) تعديل قانون الأمن الوطنى بحيث تكفل الرقابة القضائية على أجهزة الأمن.
    (3) إلغاء قانون النظام العام ومحاكم النظام العام.
    (4) تسريح القوات المخصصة للقمع.
    ب- أسس التسوية:
    تستهدف التسوية إيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية كاملة غير منقوصة وذلك بإقرار الآتى:
    1- معافاة الحياة السياسية:
    - الإقرار الفكرى واللفظى والعملى بالحق فى المغايرة والاختلاف ونشر ثقافة وقيم الديمقراطية والسلام والرحمة والتسامح.
    - المحاسبة الجنائية على انتهاكات حقوق الانسان (جرائم الحرب، القتل خارج نطاق القانون، التعذيب)، وعلى جرائم الفساد.
    - حل الميليشيات، وجمع أسلحتها وحظر حمل السلاح لغير أفراد القوات النظامية.
    - الارجاع الفورى وبقرار سياسى لجميع المفصولين للصالح العام إلى وظائفهم.
    - سحب جميع عناصر الحركة الأسلامية والأمن المدسوسة فى مؤسسات المجتمع المدنى تحت أغطية فكرية وسياسية زائفة.
    - الإلتزام الأخلاقى والقانونى بإبراء الممارسة السياسية من الفساد السياسى المتمثل فى الديماجوجية وإثارة النعرات الدينية والعرقية والقبلية، والرشاوى السياسية وشراء الذمم وتمويل الحملات الانتخابية بواسطة الأجانب، وتكوين هيئة قضائية مستقلة للتحقق من سلامة الممارسات الانتخابية.
    2- دستوريا:
    - النص دستوريا على إلزامية المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان.
    - الإقرار بالتعددية الدينية والثقافية والإثنية فى البلاد، وأن تكون المواطنة هى أساس الحقوق والواجبات، وحظر التمييز على أساس الدين أو الثقافة أو العرق أو النوع، إلاّ أن يكون تمييزا إيجابيا.
    - إقامة نظام ديمقراطى تعددى لا مركزى، وكفالة عدالة توزيع السلطة وفرص التنمية والثروة بين أقاليم البلاد.
    - النص دستوريا على عدم جواز سن أية قوانين تضير بحرية الضمير أو بحرية العبادة والتبشير أو بحرية البحث العلمى، وعلى عدم جواز أية قوانين تميز ضد غير المسلمين أو ضد النساء.

    (3) ترتيبات التحول والانتقال:
    وسواء تمت استعادة الديمقراطية بإسقاط السلطة الديكتاتورية الحاكمة، أو عبر تسوية سياسية شاملة، فإننا نسعى فى الفترة الانتقالية إلى الآتى:
    تكوين حكومة انتقالية لفترة انتقالية معقولة تكون واجباتها:
    1- إعادة بناء جهاز الدولة على أسس ديمقراطية وقومية.
    2- تصفية آثار الحرب: معالجة أوضاع النازحين واللاجئين، وإعادة التوطين وتوفير مقومات الاستقرار من خدمات ووسائل إنتاج.
    3- إعادة التأهيل:
    ∆ من حيث الذهنية:
    • إصحاح المناهج التعليمية بحذف المواد والطقوس ذات الصبغة الأيديولوجية المغلقة، وإعادة الإعتبار لمهنة التعليم ماديا ومعنويا، إعادة النظر فى تعريب التعليم الجامعى وفى عدد الجامعات وأعداد القبول إلى حين توفر المقومات الحقيقية.
    • إعادة بناء الرسالة الإعلامية فى أجهزة الإعلام بحيث تروج لثقافة السلام وقيم الديمقراطية والرحمة والتسامح.
    • السعى الدؤوب عبر إجراءات سياسية وإدارية واقتصادية إلى استعادة الكفاءات والرموز الثقافية والعلمية والتعليمية من المهاجر والشتات.
    ∆ من حيث السياسات الاقتصادية والاجتماعية:
    • تقليل حجم الجهاز السياسى والإدارى للدولة، وتقليل الصرف عليه إلى أدنى حد ممكن، والإيقاف التام طيلة الفترة الانتقالية لبنود شراء العربات الحكومية وتأثيث وإعادة تأثيث المكاتب الحكومية فى الأقاليم الشمالية.
    • استقطاب العون الدولى لبرامج إعادة التوطين وإعادة التأهيل.
    • استقطاب دعم السودانيين فى المهاجر لصالح برامج إعادة التأهيل.
    • كفكفة النشاط الطفيلى بالسياسة التمويلية والضرائبية.
    • وضع الصحة والتعليم كأولوية قصوى فى الانفاق الحكومى، بحيث لا يقل الصرف عليها عن معدل الصرف فى إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والعمل بإتجاه مجانية الخدمات الصحية والتعليمية الأساسية، وإعادة السكن والإعاشة لطلاب الجامعات.
    • دعم الزراعة عموما، ووضع برنامج عاجل لإسعاف وإعادة تأهيل مشروع الجزيرة.
    • دعم سلع الاستهلاك الشعبى.
    • مواجهة القضايا الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة ببرامج وأولويات وتوفير التمويل اللازم: مواجهة أحزمة البؤس حول العاصمة، إنهيار الخدمات الصحية وتفشى الأوبئة خصوصا فى الجنوب والغرب والشرق، وانحطاط دخول العاملين عن حد الكرامة، البطالة وسط الشباب تحديدا خريجى الجامعات، الكهرباء والمياه فى المدن، مياه الشرب فى الغرب والشرق، إنهيار الخدمات التعليمية فى غالب أنحاء البلاد.

    (4) الوحدة كخيار جذاب:
    تصوغ الحكومة الانتقالية برنامجا لجعل الوحدة الوطنية خيارا جذابا لأبناء الأقاليم المهمشة، وتراعى تنفيذه بإرادة سياسية حازمة وبفاعلية وكفاءة.

    ويتركز هذا البرنامج على العدالة فى توزيع الفرص والموارد، على مد الخدمات، سواء تعليم أو صحة أو إعلام واتصالات ومواصلات، وعلى الشروع فى بناء مشاريع التنمية فى الأقاليم المهمشة، خصوصا فى الجنوب والغرب والشرق.

    ويركز على تخطى مشاعر البغضاء والكراهية، وعلى بناء الثقة، ومكافحة العنصرية والاستعلاء الثقافى والعنصرى، وعلى نشر ثقافة وقيم الإخاء والمساواة الإنسانية، والتزاوج بين أعراق وثقافات البلاد، وبكلمة يستهدف البرنامج جعل السودان وطنا لائقا وجديرا بكل أبنائه.

    (5) الاستفتاء والانتخابات:
    - فى نهاية الفترة الانتقالية يُستفتى جنوب البلاد بحدود 1956 ليختار بين وحدة طوعية بسلطات لا مركزية يتقف عليها أو الاستقلال.
    - وتنظم انتخابات ديمقراطية لإختيار الحاكمين، يراعى فيها تمثيل القوى الحديثة والمدن بحسب وزنهما النسبى والنوعى.
    - يتم الاستفتاء والانتخاب برقابة إقليمية ودولية لضمان نزاهتهما.

    خاتمة
    إن لدينا حلما، بأن ينعم أهل السودان بحياة حرة كريمة، حياة مرفهة مزدهرة، مضيئة ومعافاة، وآمنة مطمئنة، حياة تتصاعد دوما فى مدارج الرقى والتقدم الإنسانى؛ وإننا على قناعة بأن أهل السودان يستحقون ذلك، وجديرون لتحقيقه، جديرون بخصائهم وشمائلهم المميزة، وبمواردهم وأرضهم الغنية المعطاء؛ وإذ تكالبت عليهم عطالة التخلف المزمن، وممارسات القادة الأقزام، وسقم السياسات الخرقاء، والإدارات البليدة، إلاّ أن أرضهم ما تزال متاحة، ويظل معدنهم النفيس يضئ رغم كل ما أهيل عليه من ران.

    فمعاً، نقدح الفكر، نشحذ الهمة، ونشمر الساعد، ونخب الخطى، لأجل تحقيق الحلم.

    ----------
    انتهي الميثاق
                  

04-14-2003, 08:40 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رؤي حركة القوي الحديثة الديمقراطية للازمة السودانية - من وثائقهم (Re: Abdel Aati)

    وحدة القوي الحديثة
    --------------------

    وحدة القوى الحديثة

    التجربة السياسية للقوى الحديثة فى بلادنا:

    إن حكاية الإخفاق فى بلادنا فى تاريخها الحديث هى حكاية إخفاق قواها الحديثة فى تكوين جسم سياسى يعبر عنها وعن القوى الحية فى المجتمع بحيث تصوغ مستقبل البلاد وتفتح أفق تاريخها على مدارج التقدم والحداثة لتصعد مع غيرها من شعوب العالم التى تصنع التاريخ الإنسانى وتشكل ملامحه الأساسية وتنتج منجزاته ورفاهيته ومعارفه وعلومه وآدابه وفنونه وقيم حياته الإنسانية المعاصرة وتنعم بكل ذلك. إن تاريخ بلادنا تاريخ من الإخفاق المستمر. ولهذا الإخفاق آباء كثيرون ولكن له ابن واحد هوتخلف بلادنا وأزماتها الدائمات ومشاكلها المزمنات فى جميع مستويات حياتها، الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والثقافية.

    وإذا كانت مسئولية هذا الإخفاق المباشرة تقع على عاتق القوى التقليدية، فهى التى تشكلت البلاد على يديها، وهى التى فشلت فى قيادة البلاد إجتماعيا وسياسيا واقتصاديا، وتسببت بذلك فى حرب أهلية مدمرة تشتعل فى البلاد منذ سبعة وأربعين عاما ومازالت، فإن هذا لا يعفى القوى الحديثة من المسئولية فهى لم تقدم بديل التغيير المناسب، بل وساهمت فى تعميق الأزمة بمحاولاتها الإنقلابية العسكرية لاختصار الطريق فوقعت فى أسر نقيضها التاريخى وأعادت له السلطة وأكملت بذلك الدوران فى الحلقة الشريرة، التى مازالت البلاد تلف فيها، وصارت بذلك الآلية التى تحكم بها القوى التقليدية البلاد. وأحكمت القوى الحديثة القيد حول نفسها باختيارها للتشتت والتشرذم والإنعزال فى خنادقها الآيديولوجية، ولم يعد لها من وظيفة إلاَ إكمال الدوران فى الحلقة الشريرة، محكمة قيود تبعيتها للقوى التقليدية ومن ثم قيود تبعية البلاد كلها.

    والمسئولية عن هذا الإخفاق ليست مسئولية أخلاقية وإن كانت كذلك فى بعض جوانبها ووقائعها إنما هى مسئولية تاريخية بالأساس. وهى مسئولية تاريخية لأن الإخفاق قد ترتب على عدم إدراك السياق التاريخى وشروطه وبالتالى عدم إدراك مشكلات مجتمعنا أو إدراكها على نحو زائف. وهى من حيث كونها مسئولية تاريخية يمكن تبريرها بالسياق التاريخى نفسه، أى السياق الإقتصادى والاجتماعى. ومع ذلك تظل هنالك مسئولية أخلاقية لأن الأمر كان يرتبط بخيارات عديدة ودائما ما كانت خيارات هذه القوى هى الأسوأ، يستوى فى ذلك القوى التقليدية والقوى الحديثة.

    و أحد أهم الخيارات، إن لم يكن أهمها على الأطلاق، التى فشلت القوى الحديثة فى تحقيقها كان هو خيار وحدتها. ويشهد تاريخ السودان الحديث أن كل لحظاته المضيئة قد حققتها القوى الحديثة فى لحظات توحدها النادرة والتفافها حول هدف. والوقائع الجليلة لثورة 1924 ولإستقلال البلاد فى 1956 ولثورة أكتوبر 1964 ولإنتفاضة مارس-أبريل 1985 تحكى عن قدرة هذه القوى وفاعليتها عندما يتوفر شرط وحدتها، وهى تنبئ أيضا عن ملامح السودان الذى يمكن أن تحققه هذه القوى، وتعبر كذلك عن السمات الأساسية للبرنامج السياسى والإجتماعى والنظرى الذى يمكن أن تتفق عليه هذه القوى. ويمكننا بالنظر فقط لهذه الوقائع أن ندرك أهم السمات فى هذا البرنامج ألا وهى الديمقراطية والسلام والعدالة، وهى قضايا كلها ترتبط بالحداثة والتنوير التى تعبر عنها هذه القوى، وتشكل ملامح السودان الذى يمكن تحقيقه. وعلى الرغم من وضوح هذه القضايا ويسر التوصل إليها بإستقراء وقائع تاريخنا المعاصر ومن ثم استخلاص الاستنتاجات النظرية اللازمة عنها، إلاَ أن القوى الحديثة فشلت فى ذلك وإن لم تفارقها الرغبة والأحساس بضرورة وحدتها، فقد كان ذلك دائما احتياجا موضوعيا.

    والأسباب عديدة لهذا الفشل ويمكن تفسيرها بالشرط الإجتماعي الذى تحوَل فيه القوى الإجتماعية السائدة التناقضات الأساسية التى تعوق التغيير الاجتماعى إلى تناقضات ثانوية أما التناقضات الثانوية فتنقلب إلى تناقضات رئيسية. عملية القلب هذه تتم فى الأيديولوجيا فتمنع القوى المناط بها التغيير من التوحد وتحول التناقضات الثانوية بينها إلى تناقضات رئيسية بحيث يصبح الصراع الاجتماعى بينها لا مع نقيضها التاريخى. فالأيديولوجيا هى التى جعلت القوى الحديثة تتبعثر وتتشتت لأن كل فصيل منها حجبته الأيديولوجيا عن التناقض الأساسى وزيفت له المشكلات، فبدلا من أن تبصر أن التناقض الأساسى بينها والقوى التقليدية كانت ترى أن التناقض الأساسى هو تناقض طبقى أو تناقض قومى، كلَ حسب موقعه الأيديولوجى. وحتى الفصائل التى لم تكن لها أيديولوجيا بعينها كانت تريد أن تشق لها طريقا بين هذه الأيديولوجيات لا أن تقدم بديلا عنها.

    إن اللبس والتزييف والتشوش هى خصائص أيديولوجيا القوى الإجتماعية المهيمنة وذهنيتها وهى أيضا خصائص معكوسها الأيديولوجى والذهنى. ذلك المعكوس الذى إذا تبنته القوى الإجتماعية النقيضة تكون قد وقعت فى أسر نقيضها التاريخى فكرست لسلطته ودعمتها، رغم ما يظهر من تناقضها معه. إن بديل الأيديولوجيا السائدة ليس هو معكوسها الأيديولوجى إنما هو تجاوزهما معا تجاوزا نقديا ونظريا ومعرفيا إلى تكوين فكر يوفر الوضوح والإشراق ويمسك بالقضايا الحقيقية ويبصر بصفاء التناقضات الأساسية التى تعوق التغيير الإجتماعى، ليدفعنا للعمل على ضوء ذلك.

    والآن، وتحت وطأة الإخفاق المزمن، وتحت ثقل وطأة الإصطدام بجدار نهاية الطريق التقليدى المسدود وتعلق مصير البلاد بخيار وحيد وهو اختيار الطريق الآخر، طريق السودان الحديث، وإلاَ ستنتهى البلاد إلى التفتت والتقسيم، وتحت وطأة تحولات العالم المعاصر وانتقاله إلى طور جديد فى التاريخ الإنسانى، أدركت القوى الحديثة ضرورة وحدتها وأزاحت حجب الأيديولوجيا عن عيونها فأبصرت أيضا الشروط التاريخية والإنسانية لاستكمال وضع البلاد فى مشروع حداثتها، ومن ثم الحفاظ على وحدتها وسلامها. وبعبارة أخرى فإن الذى دفع القوى الحديثة لإدراك ضرورة وحدتها إدراكا سياسيا واجتماعيا وفكريا هما عاملان: العامل الأول هو تجربتها السياسية فى البلاد أما العامل الثانى فهو تجربتها السياسية فى العالم المعاصر. ولقد تناولنا جانبا من تجربتها السياسية فى البلاد والآن علينا أن نتناول جانبا من تجربتها السياسية فى العالم المعاصر.

    القوى الحديثة وتحولات العالم المعاصر:

    لقد اجتاحت القوى الحديثة بفصائلها وتياراتها المختلفة رجَة تاريخية بانهيار منظومة الدول الاشتراكية فى التسعينات من القرن السابق، الحدث الذى يمثل فاصلا تاريخيا ومعرفيا بين العالم الذى كان، العالم القديم، والعالم الذى يتكون، العالم الجديد. استيقظت تلك القوى وفتحت عيونها على عالم لم تعد تعرفه، عالم غدا فيه ما كانت تحسبه ثانويا، أى محددا وملحقا بغيره، وقد أصبح أساسيا ورئيسيا. فإعتلت قضايا حقوق الانسان والديمقراطية الموقع الأساسى والرئيسى فى أولويات حركة الشعوب السياسية وأصبحت ذات أسبقية مطلقة على غيرها من القضايا. وقد كان هذا تعبيرا عن عمليات بدأت فى خمسينات القرن الماضى وما زالت تعتمل فى التاريخ الانسانى، أصبحت بموجبها المعرفة هى المحدد الأساسى للبنية الاجتماعية بعد ذلك التطور الهائل فى المعارف الانسانية وتطبيقاتها التقنية، مما أحدث ثورة جذرية فى مجال المعلومات والاتصال والانتاج والتجارة والاستثمار قضت بالانتقال بالمجتمع الانسانى إلى طور جديد من تطوره، أى طور مجتمع التقنية والمعلومات بعد أن مرت الانسانية خلال عمرها الطويل بطورى المجتمع الزراعى والمجتمع الصناعى. ولأن المعرفة أصبحت المحدد الأساسى للبنية الاجتماعية كان من الضرورى أن تحتل قضايا حقوق الانسان والديمقراطية الموقع الأساسى فى الحركة السياسية للشعوب فالرابط بينهم أوضح من أن نقرره.

    هذه التحولات تعنى أن هنالك اصطفافا جديدا يتم للقوى الاجتماعية تستلم بموجبه قوى المعرفة، أى المثقفون، موقع القيادة فى الحركة السياسية والاجتماعية للقوى الحديثة من أجل تغيير اجتماعى جذرى يحقق العدالة والديمقراطية والسلام فى بلادنا، ويضعها فى مشروع حداثتها وتنويرها. وهذا لا يعنى أن المثقفين طبقة اجتماعية إنما هم فئة اجتماعية تتخلل سائر القوى الاجتماعية؛ والمرتبطون منهم بالقوى الحديثة ورؤيتها الفكرية هم الذين سيحتلون موقع القيادة فى مشروع الحداثة والتنوير، السياسى والاجتماعى والفكرى. وهذا الاصطفاف جديد لأن أيديولوجيات التغيير الاجتماعى فى العالم القديم كانت تطابق بين هذا التغيير وبين الصيرورة الطبقية للطبقة العاملة، أى تكونها كطبقة. وبالتالى فإن الاصطفاف الاجتماعى القديم كان يضع الطبقة العاملة والفلاحين فى موقع القيادة فى الحركة السياسية والاجتماعية للقوى الحديثة من أجل التغيير الاجتماعى الجذرى أو ما كانوا يسمونه بالثورة ويسعون لتحقيقه بالعنف والقوة. وهذا ما كان يميز الحركة الاشتراكية وإن كان بتلاوين مختلفة من حيث الحدة والتطرف. أما الآن فإن العصر يتسم بطابع طوره الجديد وتفرض المعرفة خصائصها على كل مستويات الحياة الانسانية فتغير الممارسة السياسية ونظريتها ويصير الهدف الأساسى لقوى التغيير الاجتماعى ليس الثورة وإنما الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية.



    إن القوى الحديثة فى بلادنا قد وعت الدرس وتوصلت إلى الاستنتاجات الصحيحة من تجاربها السياسية بإعمال أدوات تفكيرها النقدى فى هذه التجارب. وهى الآن تحدوها رغبة حقيقية وصادقة فى التوحد، وستقترب من تحقيق هذا الخيار كلما أقتربت من طابع عصرها ومن مشكلات مجتمعها الحقيقية وكلما أدركت التناقضات الأساسية فى هذا المجتمع إدراكا حقيقيا، أى نقديا ومعرفيا. وقد بدأت الآن أولى خطواتها فى الاتجاه الصحيح، الاتجاه الذى سيفتح طريق التنوير والحداثة والحرية والديمقراطية والعدالة والسلام أمام شعبنا. وبين يديكم الوثائق التى هى الآن قيد التداول والدراسة بين القوى المعنية بالأمر.


    القيادة الوطنية لحركة القوى الحديثة الديمقراطية
    الخرطوم - نوفمبر 2002م
                  

04-14-2003, 08:44 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رؤي حركة القوي الحديثة الديمقراطية للازمة السودانية - من وثائقهم (Re: Abdel Aati)

    الورقة السياسية - المؤتمر العام الرابع
    ------------------------------------

    حركة القوى الحديثة الديمقراطية (حق)
    المؤتمر العام الرابع




    الورقة السياسية


    منعطف فى تاريخ السودان :
    موقف لايتكرر مرتين، موقف للاختيار!



    وصل الان الى نهاياته المغلقة ـ درب السودان القديم الذى دفعت فيه البلاد دفعا منذ الاستقلال والىاليوم، فأفضى بها الى المتاهات وحمامات الدم والمجاعات والمسغبة والقهر والتهميش، ليغلق الان، فما من امام فى ذات الدرب، وليس من رجعى مفتوحة، فاما تغيير الدرب الى السودان الحديث الفسيح واما تفتيت السودان أرضا وشعبا! ولذا فالبلاد اليوم فى لحظة اختيار وجودية: اما أن تكون أو لاتكون!

    وقد دفعت الى هذه النتيجة عدة اسباب، محلية وعالمية. على المستوى المحلى، تعاظم المأساةالانسانية التى خلفتها الحرب الأهلية، أكثر من مليونى قتيل وحوالى الأربعة ملايين نازح ومشرد، هذا خلاف اقتلاع الملايين من جذورهم الاجتماعية والثقافية، وتحطيم مجتمعات محلية، وبروز تشوهات مجتمع الحرب فى كامل قيحها ودمامتها بصورة جعلت من الرائج والصحيح الحديث عن تهتك النسيج الأجتماعى فى البلاد.

    وبامتداد آماد الحرب أرهق طرفاها، وتدهورت معنويات المقاتلين، خصوصا وأن الحركة الاسلامية الحاكمة قد انصدع صفها الى شقين ، ذهب احدهما الى التنسيق مع العدو السابق، ومفرغا بالتالى الحرب من بعض حمولاتها "الجهادية " التعبوية.

    وبذات اسباب الحرب فى الجنوب، وكنتيجة من نتائجها غير المباشرة ـ حيث أدت الى تفاقم التخلف وأختلالات توزيع الثروة والسلطة فى البلادـ، امتدت الحرب اولا الى الشرق ثم الى الغرب فى دارفور ـ والتى تشهد صدامات قبلية طاحنة وهجوما واسعا على مؤسسات السلطة المركزية، اضطرت السلطات لأجل مقابلته لاستدعاء سلاح الطيران!

    وانضافت الى الحرب وآثارها السياسة الاقتصادية الاجتماعية الوحشية التى تبنتها السلطة بدعوى اقتصاديات السوق الحر ، وهى تقوم على اطلاق يد الطفيليين من كل قيد، وعلى تخلى السلطة عن اى واجبات فى الصرف على التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية ، فكانت النتيجة الدفع بأكثر من 90 % من اهل السودان الى الفقر والتهميش ، وإلى تدهور فظيع فى نوعية الحياة ، والى تفسخ القيم المجتمعية والاخلاقية ، والى انتشار قيم التكسب والتطفل والانانية المتوحشة والتسول والدعارة والى تفشى أخلاقيات الخداع والغش... وقد تفاقمت هذه الظواهر بحيث لم يعد التكتم عليها ممكنا ، فاضطرت السلطة الى تكوين لجنة رئاسية لمعالجة الظواهر السالبة ، ولاتجدى بالطبع اللجان فى معالجة ظواهر تتصل بجوهر الاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ولكن الهدف من اجراءات العلاقات العامة هذه تبرئة ذمة السلطة بدعاوى أنها لاتقف مكتوفة الايدى وتفعل شيئا ما !اضافة الى السعى الى تطمين الضمير الاصولى بان سلطته ليست راضية عما يجرى، من مظاهر التفسخ الاخلاقى التى جعلت من الانقاذ مسخرة تاريخية، فالسلطة المدعاة اسلامية هى السلطة التى شهدت اعلى تدهور فى القيم الاخلاقية وانتجت قيما مضادة للقيم الاسلامية ولقيم اى دين أونظام أخلاقى متسق !! وتحتاج الانقاذ الى تطمين الضمير الاصولى الذى يلاحظ كل ذلك، تحتاج الى تطمينه لان الهوس الاصولى هو وقود الحرب الذى لاغنى عنه، ولذا لكسب التأييد الاصولى وللمتاجرة بالحساسية الدينية تكون الانقاذ اللجان وتجرد حملات النظام العام وتنافق بأظهار التشدد الاخلاقى واللفظى فى المنابر العامة ووسائل الاتصال الجماهيري... ولكن كل هذا لايجدى فتيلا، فالحياة المعيشة تتدهور وتتناقض بصورة جذرية مع المعلن من خطاب وقيم، وكلما اتسعت شقة هذا التناقض كلما ادركت دوائر أزيد أن أساس البلاء فى الفقر، وألاّ كرامة مع الفقر، وانه اضافة الى الوعظ والقدوة والقانون والنظام العام لابد فى المقام الاول من الرفاه العام.

    وهكذا فان جملة الاسباب المحلية تقود الى تآكل البلاد، وإلى تآكل القيم المجتمعية والاخلاقية والى تآكل المشروع الاصولى وتآكل معنويات مناصريه. أما السبب الخارجى، وهو هام، فيرتبط بهجمات الحادى عشر من سبتمبر فى الولايات المتحدة الامريكية.

    يتبع
                  

04-14-2003, 08:45 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رؤي حركة القوي الحديثة الديمقراطية للازمة السودانية - من وثائقهم (Re: Abdel Aati)

    11سبتمبر

    فى الحادى عشر من سبتمبر 2001 شن تنظيم القاعدة بقيادة أسامة بن لادن هجوما بطائرات مدنية على مركز التجارة الدولى ومبنى وزارة الدفاع فى واشنطون، وخلف الهجوم أكثر من 3 الآف قتيل أغلبهم من المدنيين.

    واضافة الىآثاره المباشرة على الارواح، وآثاره الاقتصادية الكبيرة، زلزل الهجوم الولايات المتحدة، فالقوة الاعظم فى العالم صحت على مفاجأة صاعقة، مفاجأة بشكل السلاح المستخدم فى الهجوم ـ طائرات مدنية أستخدمت بركابها ومختطفيها أنفسهم كسلاح، ومفاجأة بنطاق العمليات واهدافهاـ مركز الاقتصاد ومركز السيادة والسيطرة... مفاجأة جعلت رئيس الولايات المتحدة ولساعات طويلة هائما بطائرته الرئاسية بعيدا عن مقار الرئاسة والمطارات والقواعد... وهكذا خلف الهجوم ضمن ماخلف جرحا بالغا فى الولايات المتحدة، جرحا فى كبريائها وعزتها الوطنية، بل وجرحا لكرامة رئيسها وكرامة مؤسساتها... ولذا كان رد الفعل المباشر أن تعبأت المؤسسات الامريكية جميعابمشاعر الثأر والانتقام.

    بالنسبة لنا فى (حق) ونحن ديمقراطيون وانسانيون فإننا ندين الارهاب – ونعنى به ان يستهدف العنف المدنيين والابرياء او المرافق ذات الطابع المدنى لتحقيق اهداف سياسية ما- أننا ندين الارهاب مهما كانت القضية السياسية التى يتبناها عادلة، بل وأننا على قناعة بان القضايا العادلة لاتعفى من ضرورة التحقق من استقامة وسلامة الوسائل اللازمة لتحقيقها.

    ولكننا على عكس اليمين الاصولى النافذ فى الولايات المتحدة لانكتفى بمجرد الادانة فحسب، وانما نذهب الى التساؤل عن جذور الارهاب السياسية والفكرية والنفسية. وتود القوى المحافظة فى الغرب تفادى مثل هذه الاسئلة أو قمعها، لأن هذه الاسئلة تحيل الى المظالم الواقعة فى منطقة الشرق الاوسط، تحيل الى الانحياز غير العادل لاسرائيل، والى مأساة الشعب الفلسطينى، والى انظمة القهر والافقار التى تجد سندا من حكومات الغرب، والى الجرائر التى ارتكبتها الحكومات الغربية ابان الحرب الباردة بتشجيع وتمويل واسناد الحركات السلفية المغلقة كترياق لحركات التحرر الوطنى والحركات الديمقراطية فى العالم الاسلامى، وتحيل الى اللامبالاة غير الانسانية التى ظلت تتعامل بها الحكومات الغربية تجاه المآسى والكوارث الانسانية فى عالم الجنوب.

    لقد أكدت أحداث الحادى عشرمن سبتمبر بأننا جميعا- شمالا غنيا او جنوبا فقيرا- ركاب قارب واحد هو عالمنا المشترك، وإن دولة فقيرة ومتخلفة ومنسية كأفغانستان تستطيع الاضرار بأكثر الدول ثراء وقوة، ولذا استنتجت القوى الديمقراطية فى كل العالم بأن مصلحة الشمال، وبعيدا عن اية دوافع أنسانية أوأخلاقية، مصلحة أمنه وحريته، فى أن يأخذ معه الجنوب الى الازمنة الحديثة، أزمنة الحرية والتنمية والعقول المفتوحة والسلام.

    أما القوى المحافظة فقد أستنتجت درسا مغايرا ، أصولية مضادة فى مواجهة الاصولية، والحرب المجنونة فى مواجهة جنون الحرب، والصليبية المغلقة فى مواجهة الاسلام الاصولى المغلق! وهكذا اندفعت فى تعبئة مجنونة لحروبات شاملة ليس ضد الاصوليين فحسب، وانما ضد كل ماهو إسلامى أوعربى. وتود هذه القوى المحافظة التغطية على انانيتها الجشعة فى استغلال واستنزاف موارد الجنوب بازاحة الصراع لاجل النهب الى محاور أخرى زائفة، وتصويره بوصفه صراعا بين الحضارات !...وتجد هذه القوى تعضيدا من القوى المحافظة والاصولية فى عالم الجنوب والتى تتصور الصراع على ذات المحاور الزائفة التى تبنتها قوى اليمين المحافظ فى الشمال!

    الانقاذ و11سبتمبر


    ارتبطت الانقاذ وتنظيم القاعدة بروابط فكرية ونفسية وسياسية ومالية، وظل أسامة بن لادن لاجئا لدى الانقاذ عدة سنوات الى ان طلب منه الخروج استجابة لضغط الحكومة السعودية فى ديسمبر 95، تاريخ انقطاع العلاقة السياسية المباشرة، مع بقاء الروابط الاخرى بما فى ذلك بعض العناصر والاستثمارات المالية لابن لادن فى السودان. على خلفيةهذه الروابط لم تخف الانقاذ شماتتها فى اللحظات الاولى لهجمات 11سبتمبر ، ولكن ما ان انجلى دخان الهجمات ، الاوانجلت مشاعر الشماتة ، وتبينت الانقاذ مقدار الورطة التى تواجهها. فالريئس الامريكى مجروح الكبرياء الوطنى والشخصى أعلنها بوضوح ، تسنده قاذفات الصواريخ والقنابل : "اما معنا او ضدنا" ! واختارت الانقاذ بسرعة معسكر ال " مع"، وتعزز اختيارها على مرأى مصير طالبان التى اختارت الضد!! ودون عناء يذكرقدمت الانقاذ خدماتها المعلوماتية للولايات المتحدة الامريكية فى حربها على الارهاب، ووصلت حدود التعاون الى درجات اذهلت الامريكان!.. وهذا ربما يشكل فضيحة فكرية واخلاقية للانقاذ ولكنه وعلى كلٍ تطابق والمصالح الوطنية لاهل السودان، فقد جنب البلاد ضربة كانت محتومة ودون ذنب من اقتراف الشعب.

    وتبلور تياران فى النخبة الامريكية تجاه السودان، تيار يتبنى المواجهة مع الانقاذ على اساس طابعها الاصولى واستمرارها فى الحرب وانتهاكاتها لحقوق الانسان ودعمها لتجارة الرق... ويتركزهذا التيار فى دوائر اليمين المسيحى وفى دوائر منظمات حقوق الانسان وجماعات مناهضة التمييز العنصرى. اما التيار الثانى والذى يتركز فى دوائر احتكارات النفط والمؤسسات الرسمية فيرى الاستفادة من تعاون الانقاذ، والضغط عليها لفرض تعديلات جوهرية على سياساتها الخارجية والداخلية، خصوصا فيما يتعلق بفك الروابط مع الحركات الأصولية العالمية، وإيقاف الحرب فى البلاد ... ويرى هذا التيار أن ظروف الحرب والنزاعات وضعف السلطة المركزية هى البيئة الأنسب لبذر بذور الأرهاب كما تشير إلى ذلك تجارب لبنان وافغانستان والصومال وغيرها، ولذا فالأفضل تطويع الإنقاذ وإيقاف الحرب بدلا من إسقاط الإنقاذ الذى ربما يؤدى فى النهاية إلى احتمال انهيار السلطة المركزية وغرق البلاد فى فوضى الإقتتال الأهلى العام، خصوصا وأن هذا التيار يتشكك فى قوة التجمع الوطنى وفى قدرته على الحفاظ على الإستقرار.وظلت السياسات الأمريكية تجاه السودان وما تزال نهبا للصراع والمساومة والحلول الوسط بين هذين التيارين.

    وعلى هذه الخلفية جاء التدخل الأمريكى فى مساعى السلام فى البلاد، والذى أثمر حتى الآن عن وقف إطلاق النار بجبال النوبة، وتنشيط عملية إيقاد، والتوقيع على الإتفاق الإطارى فى مشاكوس، والإتفاق على هدنة تستمر حتى مارس 2002، وما يزال الوسيط الأمريكى يرعى المفاوضات الجارية حاليا.

    وعلى هذه التطورات إنفرزت عدة مواقف فى السلطة والمعارضة؛
    • فى السلطة، برز تياران، التيار الأول يعبر عن الدوائر الأكثر ذكاء ومعرفة فى الإنقاذ، ويرى هذا التيار ضرورة الإستجابة لداعى السلام، فهذا هو الخيار الوحيد العقلانى للحفاظ على الوجود دعك عن السلطة، وإن السلام يوفر فرصة للإنقاذ لإكساب إنقلابها مشروعية انتخابية، حيث أنها ستخوض الإنتخابات القادمة وفى رصيدها أهم إنجازين النفط والسلام، وفى مواجهة قوى أخرى منافسة إما ضعيفة ومبعثرة أو فقيرة الموارد المالية اللازمة للإنتخابات، ولذا ينظر هذا التيار إلى السلام بوصفه فرصة أكثر من كونه تهديدا وفى المقابل يرى أن الخيار الآخر، فى ظل الشرط الدولى الحالى، لا يعدو أن يكون إلقاءً بالنفس إلى التهلكة، وفى هذا فإنه محق!
    • كما برز تيار آخر معادى للسلام، ويتركز فى الدوائر المتنفذة فى قطاعى الأمن والنفط ووسط العناصر التى دبرت عملية محاولة إغتيال الرئيس المصرى حسنى مبارك، وهى عناصر تخشى ليس على احتكارها للسلطة وأهم ثروة للبلاد وحسب، وإنما كذلك تخشى أن تخرجها معادلات إقتسام السلطة من مناصبها فتتعرض للملاحقة الجنائية الدولية، ولذلك تريد الإحتفاظ بالسلطة وبأهل السودان كرهائن تقايض بهم على السلامة الشخصية.

    وقد كشفت أحداث توريت الأخيرة وما أعقبها مقدار القوة التى يتمتع بها هذا التيار فى دوائر الإنقاذ.. فقد فرضوا الإنسحاب من عملية التفاوض، وهم وراء الحملة الإعلامية الصليبية التى انطلقت من وقتها وما تزال، الحملة التى يعلو فيها نعيق البوم على هديل السلام، والتى تراهن على العنصرية وعلى إثارة البغضاء الدينية وعلى إشعال المخاوف فى الشمال من احتمال مصادرة صليبية أو حتى يهودية(!) لحرياتهم وحقوقهم! وذلك كله هراء، فالمهدد حقا ليس الإسلام، وليس الشمال، إنما احتكار السلطة والثروة.

    وهذا التيار نفسه وراء الدعوة التى بدأت تروج للإنفصال، فهؤلاء يعتقدون أنه يمكنهم رشوة الدوائر المحافظة فى الغرب بنفط جنوب السودان لتتخلى لهم عن الشمال! وذلك وهم، لأن الدوائر المحافظة تلك، وبحكم "محافظتها" ذاتها، لن تسلم الشمال لقمة سائغة وصافية لأكثر الدوائر أصولية وإنغلاقا فى الإنقاذ!

    • أما فى المعارضة فقد برز موقفان أساسيان، موقف يعارض إتفاقات مشاكوس بإعتبارها مقايضة للسلام بالديمقراطية، وأنها فى المحصلة النهائية ستفضى إلى تمزيق السودان.
    • أما الموقف الثانى والداعم لإتفاقات مجاكوس بإعتبارها خطوة فى الإتجاه الصحيح فتعبر عنه (حق) بصورة أساسية.

    إننا لا نقلل أبدا من المخاطر الماثلة على مستقبل التحول الديمقراطى أو على وحدة البلاد، ولكننا نرى فى إيقاف الحرب فرصة أفضل لتحقيق الهدفين الجوهرين – الديمقراطية وتأمين وحدة البلاد. ونحن ننطلق نظريا من أولوية قيمة الحرية على سواها من قيم، ولكننا نضع فى إعتبارنا الأوضاع والملابسات الملموسة... وفى أوضاع السودان فإن أبشع انتهاكات حقوق الإنسان ترتبط بصورة مباشرة بالحرب الأهلية، بما فى ذلك فقدان أكثر من مليونى ضحية فى الحرب... ثم إن أجواء الحرب وآثارها قد كتمت أنفاس البلاد، أعلت من دور ونفوذ الأجهزة العسكرية والأمنية، وعمقت الاستقطاب على أساس الدين والثقافة والعنصر، وقادت إلى سيادة روح الإحباط واليأس، وإلى همود مؤسسات المجتمع المدنى.

    إضافة إلى ذلك فإن المجتمع الدولى، خصوصا الولايات المتحدة، أعطى أولوية للسلام، وغض النظر عن موقفنا نحن، فإن توازن القوى الحالى سيعبر فى المحصلة النهائية عن هذه الأولوية. ثم إن السلام ليس نقيضا بالضرورة للديمقراطية، بل إنه يمكن أن يشكل دينامية لا غنى عنها للتحول الديمقراطى.

    وهكذا واضعين فى الإعتبار الظروف الملموسة فى البلاد فإننا ندعم السلام، كهدف فى ذاته، وكرافعة للتحول الديمقراطى، وكجسر لتأمين وحدة البلاد الطوعية.


    يتبع
                  

04-14-2003, 08:46 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رؤي حركة القوي الحديثة الديمقراطية للازمة السودانية - من وثائقهم (Re: Abdel Aati)

    أسبقياتنا


    لضمان إيقاف الحرب، ولكى لا تتحول إتفاقات إيقاف الحرب إلى صفقة شمولية ثنائية، أو إلى هدنة مؤقتة تنتهى إما بإنفجار الحرب من جديد، أو بتمزيق السودان، فإننا نقترح على الحركة الجماهيرية عموما والحركة الديمقراطية تحديدا الأسبقيات التالية:
    • الضغط لإفشال مخططات التيار المعادى لإيقاف الحرب فى السلطة، وذلك بفضحه سياسيا وإعلاميا، وبإشاعة ثقافة السلام، وبمحاصرة دعايته الرامية لإثارة البغضاء الدينية والعنصرية.
    وفى حال استمرار نفاذ تأثير هذا التيار وقدرته على توجيه سياسات الإنقاذ، واستمرار عرقلة وتخريب مساعى السلام، فإن الأولوية المقدمة ستكون فتح الطريق للسلام بإسقاط سلطة الانقاذ بتياراتها كلها، وحينها وبرغم إرهاق الحركة الجماهيرية والمعارضة، سيكون هذا هدفا سهلا لأنه ستتناصر لتحقيقه ليس المعارضة وحدها وإنما معها كذلك المجتمع الدولى الذى رمى بثقله كله لأجل تحقيق السلام فى البلاد ولن يقبل بإفشال جهوده دون أن يترتب على الإنقاذ أثمانا باهظة واجبة السداد.

    • نشر ثقافة السلام، كأولوية، وبمعزل عن صراعات تيارات الإنقاذ، ففى ثقافة السلام المدخل لإتفاقية السلام، وضمان إستمراريتها واستدامتها. وفى ذلك يجب أن تلعب جمعية التنوير الثقافية دورا أساسيا.
    • نسعى كى تكون إتفاقات السلام أساسا للتحول الديمقراطى، ولجعل وحدة البلاد، خيارا جذابا وذلك بالآتى:
    - إشراك القوى السياسية الأساسية ومنظمات المجتمع المدنى فى العملية السلمية، خصوصا فيما يتعلق بمناقشة وإقرار الدستور المقترح.
    - جعل حماية حقوق الانسان أحد أركان الإتفاقات, والإقرار بصورة لا تقبل اللبس على كفالة حقوق الانسان وفق المواثيق الدولية فى الدستور.
    - النص على انتخابات حرة ونزيهة ومراقبة دوليا فى مدة أقصاها عامين من بداية الفترة الانتقالية.
    - النص على طرائق فى توزيع عائدات النفط لا تراعى التوزيع الجهوى وحده(أقليم- ولاية- محافظة). وإنما كذلك التوزيع القطاعى بحيث تحدد نسب معينة للتعليم والصحة والرعاية الإجتماعية وإعادة التوطين والبنيات الأساسية، وفى هذا أهم ضمانات عدم تبديد الموارد خلال الفترة الانتقالية فى الصرف على بيروقراطية الحكم فى الشمال والجنوب، وهذا التبديد البيروقراطى سيكون من أخطر دواعى إثارة القلاقل والنزعات الانفصالية.
    - إعتماد سياسات وإجراءات يمكن وصفها بسياسات الإعتذار، تتمحور حول مكافحة العنصرية ببرامج متناسقة فى الإعلام والتعليم وبالقدوة، وتتمحور حول تمييز إيجابى لصالح أبناء القوميات المهمشة فى التوظيف والتعليم والتمويل المصرفى، وتتمحور كذلك حول إشاعة قيم الحقيقة والعدالة والصفح والتسامح والرحمة.
    - رفعت السلطة الحرج السياسى عن نفسها أمام منسوبيها من الأصوليين، ولكنها لا تهتم برفع الحرج عن الدين، ذلك أحد المهام الملقاة أمام إجتهاد دينى حقيقى يجعل السودانى متدينا ومعاصرا فى آن واحد، ويؤكد أن الإسلام يصلح للأزمنة الحديثة، ويقدم نموذجا لكل الدول الشبيهة بأن التعدد الدينى والعرقى يمكن أن يتحول إلى مصدر ثراء خلاق وقوة.
    • وتشترط جميع هذه الأسبقيات المذكورة ضرورة إنهاض مؤسسات المجتمع المدنى، وهذا الإنهاض هو أسبقية الأسبقيات جميعا، عليه تتوقف بلورة الأجندة والسير بها وإنجازها، ثم أنه هو وحده الكفيل بتنبيه الغافلين وتحريك المحبطين وغل أيادى الطغاة والطامعين.
    • وتشغل القوى الحديثة موقع القلب فى مؤسسات المجتمع المدنى، وتشكل المضغة التى تتوقف عليها عافية الجسد فى الحركة الجماهيرية... ولذا لا يمكن تصور إنهاض وتفعيل مؤسسات المجتمع المدنى والحركة الجماهيرية فى ظل أوضاع القوى الحديثة الحالية من إنهاك وتبعثر.

    ومن هذه الزاوية تأتى أهمية وحدة القوى الحديثة بإعتبارها السبيل المتاح لتمكين القوى الحديثة من لعب دورها المأمول والحاسم فى إنهاض الحركة الجماهيرية، وبالتالى فى تأمين سلام وديمقراطية ووحدة البلاد.






    القيادة الوطنية حركة القوى الحديثة الديمقراطية(حق)
    الخرطوم- نوفمبر 2002

    ---------------
    انتهت الورقة السياسية
                  

04-14-2003, 08:49 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رؤي حركة القوي الحديثة الديمقراطية للازمة السودانية - من وثائقهم (Re: Abdel Aati)

    قضايا المرأة
    -------------------


    تياران متباينان ) هادية حسب الله ممثلة حركة القوى الحديثةة الديمقراطية المعارضة )

    >النساء رغم التكلفة الغالية والعالية التي دفعنها بسبب الحرب إلا أنهن آخر من يتحدثن عن السلام ترى الآن وجود إرادتين لاحلال السلام الأولى إرادة المجتمع الدولي بينما الأخرى وهي المحلية. أما على مستوى المجتمع الدولي نرى أن المنظمات الإنسانية في الغرب ولاسباب أخلاقية تعتقد أنه لابد من ايقاف الحرب في جنوب السودان وإحلال السلام لأنهم يعتقدون أن دعاوى الرق وانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب طفح كيلها. غير أن تلك المنظمات والدول المانحة ملت مسألة توفير أموال وبصورة مستمرة لاغاثة الجوعى جراء استمرار هذه الحرب وتبلغ جملة هذه الأموال شهرياً مائة مليون دولار تقريباً وبعد أحداث 11 سبتمبر برز تيار مهم جداً في أوروبا واميركا على وجه التحديد يرى أن نظام الانقاذ اصولي ويجب اقتلاعه من جذوره. وهذا الاقتلاع يجب أن يتم بدعم انفصال الجنوب وبدعم الحركة الشعبية لتوجيه ضربة عسكرية للنظام في الشمال. أما التيار الآخر هناك فهو يمثل شركات النفط ويرى ايقاف الحرب بالضغط على الحكومة حتى تقدم تنازلات في سياساتها وتجبرها على فك روابطها الإرهابية والأصولية وهم لم يقولوا ذلك عبثاً وإنما نتاج لتجربتهم بعد أحداث 11 سبتمبر لأن الحكومة حينها قدمت معلومات وتعاونت معهم بشكل مدهش خاصة فيما يتعلق بأسامه بن لادن واستثماراته وبالتالي فضل هذا التيار ممارسة ضغوطه دون تفكير بخيار التيار الأول لانهم فضلوا المحافظة على الحكومة الحالية التي تمكنهم من ضبط الأمور في البلاد حتى لا يحدث اقتتال وعبث شديد. وهذا التيار يعتقد أنه يمكن أن يتم تحالف بين الحركة الشعبيةالتجمع الوطني ويحافظ على الحكومة الحالية في الوقت نفسه.

    أما على المستوى الداخلي نجد ان طرفي الحرب الحكومة والحركة الشعبية قد ارهقوا بفضل استمرار الحرب ونجد ن الحكومة فقدت روحها التعبوية نتيجة للانقسام الذي حدث داخلها لأن طرفا أساسيا داخلها تحالف مع الحركة الشعبية «المؤتمر الشعبي» بالتالى اتضح أن مأساة الحرب كبيرة:

    >ليونا قتيل بينما عدد النازحين والمشردين وصل الى أربعة ملايين كل ذلك ادى الى ظهور ضيق من استمرار هذه الحرب التي استنزفت معظم الموارد المخصصة للتعليم والصحة وغيرها بجانب أنها اضعفت الطبقة الوسطى التي تمثل مركز الاستنارة التي تنتج مؤسسات المجتمع لذلك أننا في (حق) نرى أن السلام هدف أخلاقي وإنساني في حد ذاته لانه مرتبط بإيقاف انتهاكات حقوق الإنسان ورفع حالة الطوارئ وضبط نفوذ الأجهزة الأمنية وإيقاف التعبئة الدينية وما يحدث من إفقار لطبقة الوسطى الآن ونرى أنه حتى ولو تحقق السلام وبشروط سيئة نرى أنه يمكن أن يشكل رافعة للتحول الديمقراطي.

    هنالك مخاطر وهي استمرار الحرب التي يمكن أن تكون داعمة لاستمرار النظام الشمولي على شمال السودان وتطبيق برنامجه الأصولي المتزمت المنفر للوحدة وبالتالى نخسر الوحدة لان برنامجها سيكون متشدداً تجاه أبناء الجنوب الذين سينفرون من الوحدة ويمكن أن نقع في مشكلة جديدة وهي سيطرة الحكومة والحركة على البلاد لكن في كل الأحوال نرى أن أي صراع يجب أن يؤجل الى ما بعد إحلال السلام ليصبح السلام مقدمة لتحول ديمقراطي حاسم. لذلك نرى أن الأسبقية يجب أن تمنح للسلام لأن التحول الديمقراطي يمكن أن يتم في وقت لاحق بغض النظر عن التكلفة.



    الرجم بالحجارة هادية حسب الله ممثلة حركة القوى الديمقراطية الحديثة (حق)

    : لماذا لا تكون الحركة النسوية فاعلة ويكون النساء في مراكز صنع القرار.! ونعتقد أن السبب في كل ذلك مرتبط بما ننوي ان نقوم به نحن في حركة (حق) وهو تحديث السودان لأننا نعتقد أن معركة تحرير المرأة في إطار مجتمع متخلف لا تختلف عن معركة تحديث السودان لأن تحرير المرأة غير مرتبط بالمناخ الديمقراطي فقط. لأنه حدث ان مارست النساء الديمقراطية من قبل لكن ذلك لم يغير من أوضاع المرأة وما زالت مغمورة ومقموعة. وظل تمثيلها النسبي ضعيفاً في كل الأحزاب السياسية لأن تغيير ذلك مرتبط بتغيير بنية المجتمع.

    > وإذا ما أخذنا الان الجبهة الإسلامية القومية الحاكمة والحزب الشيوعي السوداني باعتبارهما أكبر حزبين يمكن أن يكونا على طرفي النقيض يمكن أن نجد بهما تمثيلا واضحا للنساء ويبدو في ظاهرة الحزبين اختلاف يكاد يكون متعارضا في موقفيهما من المرأة ونجد ان ارتفاع نسبة النساء دفع بالجبهة الإسلامية للخروج بالمرأة الى العمل لكن الإسلاميين فعلوا ذلك وهم يرغبون في أن تكون المرأة في ذات الدور النمطي لها وهو المرتبط بالأسرة والمهام المنزلية فقط ولم تتعامل معها كإنسان له تطلعات وطموحات في العمل العام وواجبات يمكن أن يعملها ويتم الاستناد عليه. وصورة المرأة في الجبهة الإسلامية تحولت الى تحميس من يذهبون الى الحرب أو أخوات نسيبة اللائى يقطعن البصل. فيما يتعلق بطريقة تفكير الحزب الشيوعي تجاه المرأة نجد أن الحزب يحاول ان ينأى بنفسه عن المساس بقضايا الدين لأنهم يعتقدون أن تناول تلك المسائل قد تفقدهم الجماهير لذلك فهم يحاولون تقسيم حياة المرأة لما هو عام وخاص وما هو خاص يتم فيه قهر المرأة أي في مجال الأسرة والعنف المنزلي وإذا ما قلنا أن هنالك مجالا خاصا للمرأة ويفترض أن تتواجد فيه فإن هذا يعني أننا قمنا بتحديد دور المرأة حسب نوعها وبالتالى لم يكن موقفهم أفضل من الجبهة الإسلامية الحاكمة وفاطمة أحمد إبراهيم القيادية البارزة بالحزب الشيوعي السوداني أوضحت أن المحافظة على الاتحاد النسائي وابتعاده عن الأحوال الشخصية في بدايته كانت ضربة معلم. أي ان الاتحاد لم يحاول التدخل في قوانين الأحوال الشخصية لأن ما يخص الدين والتقاليد أشياء يجب ان لا يتم المساس بها حسب رأي فاطمة ولكن هذه هي الأشياء التي تقهر المرأة السودانية ونحن (في حق) لدينا مكتب نسوى وسأتحدث بزهو شديد عن أوضاعنا في حق لأن الحركة ربطت نفسها بمشروع التحديث وهذا المشروع مرتبط بداهة بتحديث أوضاع المرأة ونقول ان الحركة بدأت كفكرة بخمسة أفراد من بينهم امرأتان بعد ذلك أول مؤتمر عام عقدته الحركة انتخب قيادة كان بينهم ايضاً امرأتان ونحن بصورة عامة عقدنا أربعة مؤتمرات القيادة الأولى التي انتخبناها كما ذكرنا كان من بينها امرأتان والثانية ثلاث نساء والثالثة ضمن ثلاث نساء الرابعة فقد بلغ عدد النساء فيها اثنتين فقط من جملة تسعة أعضاء. أما المؤتمر العام الذي عقدناه في اسمرا وضم المجموعة الموجودة بالخارج فقد انعقد في قمة التوتر في العلاقات بين السودان وارتيريا وبالرغم من كل ذلك شاركت ثلاث نساء فيه سافرن عن طريق البر ونستطيع القول ان دينمو الحركة هم النساء ونجد ان المكتب التنظيمي لحق يضم ثلاث نساء من بين خمسة أشخاص أي ثلاث نساء مقابل رجلين. أما مكتب التأمين والمعلومات فهو يضم ثلاث نساء مقابل أربعة رجال ومكتب الدراسات والبحوث المسئول عنه امرأة وايضا المسئول الثقافي للحركة امرأة وهي شخصي. ولدينا جمعية ثقافية وهي جمعية التنوير نجد أن عضوية لجنتها الثقافية وهي بمثابة المكتب التنفيذي تضم ست نساء مقابل أربعة رجال ورئيستها امرأة ونحن في حق نرى أن هنالك أهمية لوجود مكتب نسوى عكس ما يراه الآخرون لاننا نعتقد أننا جزء من العمل العام لأن لدينا خصوصيتنا باعتبار أننا مظلومات. نحن نعتقد ان واحدة من القضايا المهمة لدينا في المكتب النسوي (البحث فيما يخص الدين) ونقول أن عمر بن الخطاب وهو واحد من المبشرين بالجنة أعطى الخنساء وأسماء سياط وهن رئيسات الحسبة لكي يعاقبن الرجال الذين يخطئون في الأسواق إلا يعتبر ذلك أن وجود المرأة في السوق طبيعي ويعني أن هنالك أشياء ينبغي أن تبحث عن أوضاعنا الحقيقية في الدين الإسلامي في النهاية نقول أن حق تفى دائماً بما تقوله لنا ومازالت محافظة على وعدها لنا.


    -------------
                  

04-14-2003, 11:38 PM

Napta king
<aNapta king
تاريخ التسجيل: 04-03-2003
مجموع المشاركات: 767

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رؤي حركة القوي الحديثة الديمقراطية للازمة السودانية - من وثائقهم (Re: Abdel Aati)


    دي كل الوثائق ولا في تاني ؟؟؟
    الاهم من ده كلو نحن عاوزين نعرف رأيك وتقييمك للحركة
    حتى نستطيع أن ندير نقاشا موسعا حولها
    ولك الشكر
    نحن في الانتظار
                  

04-15-2003, 00:45 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رؤي حركة القوي الحديثة الديمقراطية للازمة السودانية - من وثائقهم (Re: Napta king)

    سلام يا نبته كينغ

    هذا كل ما وصلني من الوثائق؛ ولا اعرف ان كان لهم غيرها ام لا ؛ ولكن حسب ظني هذه هي الوثائق الرئيسية

    اعتقد ان الحوار الذي يمكن ان يدور؛ سيكون ثرا؛ واستمرارا بشكل ما للنقاش حول القوي الحديثة؛ في احد بوستات الاخ ودالبلد؛عن الاجزاب السودانية؛ والذي غاب فيه صوت وممثلي حركة القوي الحديثة

    اما عن رايئ انا فساتيك به قريبا وبالتفصيل

    عادل
                  

04-15-2003, 04:10 PM

elsharief
<aelsharief
تاريخ التسجيل: 02-05-2003
مجموع المشاركات: 6709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رؤي حركة القوي الحديثة الديمقراطية للازمة السودانية - من وثائقهم (Re: Abdel Aati)


    سؤال

    حركة حق جناح الخاتم
    حركة حق جناح الحاج وراق

    هل نفس البرنامج أم هنالك أختلاف فى البرامج

    وهل الانقسام تنظيمى أم حول البرنامج
                  

04-15-2003, 04:30 PM

بكرى ابوبكر
<aبكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18724

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رؤي حركة القوي الحديثة الديمقراطية للازمة السودانية - من وثائقهم (Re: elsharief)

    الاستاذ عادل
    لك الشكر و التحية وانت تجلب لنا القيم من الكتب و الكتاب و يا حبذا لو تكمل جميلك و تجيب لينا قلم حاج وراق الى البورد و معاهو نزار عبد الحميد ايوب و ساطع
                  

04-15-2003, 06:43 PM

hala guta

تاريخ التسجيل: 04-13-2003
مجموع المشاركات: 1569

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رؤي حركة القوي الحديثة الديمقراطية للازمة السودانية - من وثائقهم (Re: Abdel Aati)

    الاخوه بالبورد
    لكم التحايا
    عفوا ان لم انتظر الترحيبات ودخلت طوالى
    الوثائق المنشورة هى وثائق مؤتمر حركة القوى الحديثة-حـــق- الديمقراطيةالرابع المنعقد فى نوفمبر 2003
    ما عدا الجزء الاخير -حول قضايا المراة الذى هو جزء من ندوة عقدتهاصحيفة البيان و قام بنشرها على صفحات البورد الاخ زمراوى
    وان كان ما جاء على لسان ممثلة الحركة يمثل رؤية الحركة حول قضايا المراة
    هنالك وثيقة اخرى مهمة وهى الورقة السياسية المقدمة فى المؤتمر
    الاستثنائى الثالث المنعقد فى فبراير
    رؤية حــق فى واقع سياسي معقد)2001
    ساعمل على الحصول عليها ونشرها بالبورد انشاء الله
                  

04-15-2003, 07:18 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رؤي حركة القوي الحديثة الديمقراطية للازمة السودانية - من وثائقهم (Re: hala guta)

    الشريف سلام

    اعتقادي ان الخلاف تنظيمي وسياسي ؛ اكثر منه فكريا

    حسب علمي فالخلاف كان حول التكتيكات ؛ وخصوصا:

    الموقف من الكفاح المسلح
    الموقف من حزب الامة
    الموقف من سبل التعامل مع النظام

    اعتقد ان كل الحركتين لهما ممثلين الان ومؤيدين في البورد ؛ فحركة القوي الجديدة - حق - يمثلها امجد ابراهيم وعبد الوهاب همت ؛ وحركة القوي الحديثة تمثلها الاخت هالة ؛ ويؤيدها د. حيدر بدوي ؛ وهناك ايضا اخرون من الضالعين في العلم

    سلام بكري

    التحية لك وانت تقف علي تطوير البورد واستمراره
    سارسل لك عنوان الدكتور هشام عمر النور لضمه للبورد

    عادل
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de