دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
محمد طه محمد احمد ( الكوز ) ما بين الجبل والنهر !!!
|
حفر في الذاكرة
محمد طه محمد احمد ما بين الجبل والنهر رحلة تفتيش في الدفاتر الخـاصة لرئيس تحـرير الوفاق نعم انا غير قابل لـلتحضـر وجسـمي يرفض حتي مكيفات الهـواء!!
أجره / الطاهر حسن - ضياء بلال - جمال علي - الخرطوم الجديدة
هل كان من السهولة محاصرة محمد طه محمد احمد؟!
لا اظن ان الاجابة بنعم .. هي الاجابة الصحيحة .. محمد طه رقم جدلي في معادلات الصحافة والسياسة السودانية المعاصرة غير قابل للتجاوز او المرور عليه او القفز من فوقه .. وهو دوما قادر علي الاحتفاظ باثارته ومقدرته علي الادهاش والمفاجأة .. فلا تستطيع ان تقدر ردود افعاله .. فهو لا يعطي القارئ شيك ضمان .. الحوار الثلاثي الذي اجراه الطاهر حسن وضياء الدين بلال وجمال علي حسن مع محمد طه اختار لنفسه ان يتحرك في جغرافيا الرجل النفسية والثقافية دون محاذير او مراعاة للخطوط الحمراء .. فعاد الحوار من رحلته بحصاد من الاجابات المثيرة والصريحة والجديدة كذلك .. والتي ترسم صورة قلمية لمحمد طه في كل احواله في هدوئه وفي ثورته .. لا نفسد عليكم الطعم ولكن تفضلوا لتناول هذه الوجبة الصحافية الدسمة وتحملوا مذاق توابلها الحارقة الي نهاية الصحن..!!
الطاهر : محمد طه بدايات التكوين والنشأة؟ طه: نحن اسرة شايقية لكنها من اقاصي الشمال.. من وادي حلفا.. وحلفا مدينة لها نكهة خاصة لانها تقع مابين النهر والجبل .. حلفا تركت تأثيرا كبيرا جدا علي حياتي اكثر من مناطق الشايقية.. قرب حلفا من مصر مصدر ومنهل الثقافة قربني من الاطلاع الثقافي والادبي الذي كان يمكن الا يتوفر لي في القرير والقرير بالنسبة لحلفا اقل تحضرا.. في حلفا كانت هنالك مكتبة السلام.. والدي كان يوميا يأتي وفي رفقته الاصدقاء الذين لا نمل لهم حديثا .. وهم الكتب مثل كتب دار الهلال وقرأنا فيها معظم ثمار الفكر العربي والاسلامي طه حسين والعقاد والمنفلوطي.. وسلسلة العبقريات .. وكتب عن الثورة المصرية .. وقرأنا مجلة العربي .. فمنذ وقت مبكر شدت انتباهي الثقافة .. اما بقية الاسرة لا توجد لديهم هذه الاهتمامات لانهم ولدوا في مناطق الشايقية بالقرير والقرير بها ثقافات عامة مثل شعر الشايقية حلفا خلقت لي صلة بالكتاب وهي تختلف عن المدن .. لان فيها طبائع المدينة وفيها ميزات القرية. -اعتدل طه في جلسته- ثم واصل حديثه الشايقية والحلفاويين تجمع بينهم اواصر الاخوة فالدلائل تشير الي ان عاصمة النوبة كانت بأراضي الشايقية بالبركل . ضياء الدين: محمد طه مابين الجبل والنهر النهر بعذوبته والجبل بشدته وقسوته .. مناخات مختلفة تتقلب فيها شخصية محمد طه؟ طه : اتذكر جيدا .. كان بيتنا في طرف المدينة كنا في مدينة اسمها دبروسة كان هنالك ميدان يفصل بيننا والجبال .. حدثت لنا قصة مثيرة ونحن صغار .. كنا وقتها ستة اطفال نلعب في الجبل دون سابق انذار حاصرتنا مجموعة من الثعابين ...اهلنا كانو يقولون اذا قتلت ثعبانا صغيرا تكسب عداوة كل الثعابين .. اتذكر اننا قتلنا ثعبان صغير في مرة من المرات و هنالك روايات كثيرة مسرحها كان وادي حلفا والمنطقة اصلا منطقة ثعابين .. كان رد فعلنا اننا اصبحنا نتقافز من اعلي الي اسفل رغم وعورة مسالك الجبل .. عدت الي البيت مثخن بالجراح... هذا ما يخص صلاتي بالجبل !!! التفت الي اتجاه معاكس ثم قال اما عن عذوبة النهر يالطاهر .. انا الي الان (بيني وبين النهر عشانك عشرة بتبدأ) مثل محجوب شريف .. ولا ازال علي صلة بالنهر منذ حلفا والقرير التي كان فيها النهر قريب جدا من بيتنا .. وانا سباح ماهر ويمكن ان اسبح في الليل .. النهر لم يكن كله عذوبة .. فمثل ما تعرضت للثعابين في الجبل تعرضت للتمساح في النهر..! ضياء الدين: منذ البدايات صراع مع الثعابين والتماسيح .. هل هذا هو الذي وسم شخصية محمد طه بالمزاج الصراعي الحاد؟ طه: يمكن ان يكون ذلك صحيحا .. لكن اثر السياسة كان اكبر .. لا اري نفسي عنيفا .. لكن ظروف كثيرة تجعلني ابدو متوترا .. اضافة للسياسة جاءت الصحافة بكل موتراتها بعد ان اصبحت تحدي شخصي بالنسبة لي ..رغم ذلك لم اشترك في يوم واحد في احداث عنف ولم احمل عكاز قد يكون عنفك لفظيا؟ طه: ابدا ... انا قد اكون كثير الميل للسخرية ومحاولة هزيمة الاخرين بالحجة. الطاهر: محمد طه ليس عنيفا والحدة ليست عنفا قد تكون طبع ..هل انت حاد الطبع؟ طه: شوف يا الطاهر .. الحدة في اي انسان الحياة ليست جلسة صفاء طويلة.. اشعر الان ان حياتي الطبيعية لم اعشها بعد .. بلغت 45 عاما اي ان العمر سرقني . . حتي اطفالي روعة ورماح.. رماح سيمتحن الجامعة في هذا العام.. كثيرا اسأل نفسي (ديل ... انا ولدتهم متين) .. منذ ان تزوجت يمكن البيت تناولت فيه وجبة الفطور والغداء 4.مرة فقط . التوتر والحدة من طبيعة الحياة التي اعيشها .. لكن طبيعتي الشخصية ليس بها توتر لانني احب القصة والشعر والغناء (ودي ما طبائع ناس حادين) .. حتي ولو كانوا حادين تجعلهم اكتر رقة.. وحتي المفكرين الذين يوصفون بالحدة مثل سيد قطب .. انا لم ابدأ من افكارهم الحادة (معالم علي الطريق) ولكن من قصصه (المدينة المسحورة واشواك وطفل من القرية) لكن السياسة والظرف الصحفي خاصة في الفترة الاخيرة جعلت الكثيرين يصفونني بأنني (زول حاد).. -ضياء الدين : اذا لم يكن محمد طه بحلفا ولم تكن هنالك مكتبة السلام.. وكنت بالقرير .. الي اي مدي كان سيكون هنالك اختلاف بين الشخصيتين الشخصية الاحتمالية .. والشخصية التي بيننا الان؟ طه : الاسرة بطبيعتها بها بذرة الاهتمام بالفصاحة .. يروي ان واحد من اجدادنا ..جدنا الكبير مثل امام القاضي الانجليزي وكان هنالك من يترجم له كلامه .. وعندما اقحم القاضي بالحجج ..سأل القاضي جدي (انت الكلام دا بتجيبوا من وين) .. فرد عليه بالقول (الجن قال) .. ومنذ ذلك اطلق عليه لقب (جنقال) فالمسألة موجودة في الاسرة .. يمكن اذا استمريت في حلفا ان اصبح رطانيا .. فتغلب الرطانة علي لغتي العربية واصبح مثل محمد وردي في بداياته.. لكن الشايقية اثروا فيّ بشعر اسماعيل حسن . -جمال : هنالك قول بأن محمد طه لا يزال في القرير وهو غير قابل للتحضر والتعامل مع المدنية.. او انه يشعر ان الشكل الذي ظهر به منحه لونية خاصة تميزه عن الاخرين لذلك اراد الاحتفاظ بتلك الصورة لدعم نجوميته؟ شوف الكلام دا صحيح .. انا موش قابل للتحضر بس انا جسمي ذاته يرفض التحضر ..دي حاجة غريبة جدا .. يعني مثلا مكيف الهواء في المكتب يورم لي جسدي .. معدتي لا تقبل اي طعام فانا شاعر ان هذه المسألة اشبه بالمنهج المفروض علي .. وانا لا ادمن الزهد لكن هذا الامر اصبح بالنسبة لي فسلفة حياة سيدنا عمر يقول (اخشوشنوا فان النعمة لا تدوم) بمعني مثلا انا حريص علي ان اولادي يكونوا مثل باقي ابناء الناس ما ممكن اوديهم المدرسة بالعربية .. عاوزهم اتربوا مثلي اذكر انني كنت اقطع مسافة طويلة جدا من الحي الي القرير الوسطي .. انا اريدهم يعيشوا كدا .. طبعا لن تكون نفس المعاناة هي اقل ولكن هذا الامر سيفيدهم كثيرا.. - الطاهر : اذا كان محمد طه اهملته الحياة وفرضت عليه قسوة النشأة .. لماذا يفرض تلك التجربة علي ابنائه الذين اكرمتهم الحياة بمال وافر. طه: اصلا اذا اردت ان اشكلهم لا استطيع .. يعني هم الان ليس لهم اي اهتمامات سياسية يمكن روعة لهااهتمام ثقافي .. رماح امكن يكون طبيب او مهندس وهم اصلا محظوظين .. انا ابوي عندما ذهبنا للقريرمصادر المعرفة انقطعت عنه ..ابوي يمكن يكون شكل اهتماماتنا لكن انا لا اقدر علي تشكيلهم .. فهم مسيرين بغير ارادتي انا ضياء الدين: قد يكون ما قلته سابقا.. هو فلسفة تبر يريه للبخل؟ طه: هذه فلسفة سيدنا عمر الحياة فيها الترف وفيها الزهد .. من المفروض ان تختار لنفسك ومن باب اولي لذريتك تختار لهم طريق يامنهم من عسرات الدهر .. النعم لا تدوم فمن الافضل اذا جاء الثراء يكون اضافة اليه.. واذا جاءه الفقر يكون هو اصلا متحصن بخشونة العيش.. - ضياء الدين : لماذا لا تعلمهم ادارة النعمة بدلا من تأقلمهم علي العسر؟ طه : احاول ان اعلمهم ان يعيشوا حياة عادية نحن نسكن في حي شعبي.. امهم ترغب لهم النعم، النساء يختلفون عن الرجال بما فيهن بنت الامام علي كانت تحب زينة الحياة الدنيا .. والله خاطب زوجات النبي ( اذا كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين امتعكن واسرحكن سراحا جميلا) الراحة مطلوبة ولكن انا لااري ان يقوموا علي الترف السودانيون يصيبهم التطلع الزائد عن الحاجة .. كنا في البيوت الملاية يتم تغييرها كل عيد .. وكنا في القرير الوسطي والجامعة نغسل ملابسنا بانفسنا ..ولكن الان يكون الشخص محدود الدخل جدا ويأخذ ملابسه الي الغسال.. ضياء الدين: الخوف من المستقبل من القادم والاحتراز له لحد عدم الاستمتاع بالحاضر.. صفة ميزة خطاب محمد طه السياسي وجعلته دائما اقرب للتشاؤم؟ طه: من الضروري ان يبني كل شخص او دولة حساباتهم علي الحد الادني .. صحيفتي الوفاق هي في الاساس قائمة علي التدبير المنزلي .. قرأت قصة لنجيب محفوظ يقول فيها البطل امي بين النساء كالمانيا بين الدول تستفيد من كل شئ ..وكان يضرب مثلا بأن الملاية في البيت اذا قدمت تحول الي كيس مخدة..والكيس اذا قدم يحول لقطعة مسح .. الوفاق قامت علي هذا المنهج لذلك هي اقل الصحف تعرضا للازمات المالية.كما تعلم يا ضياء = ضحك = -جمال: اذن محمد طه شخص غير قابل للتمتع بنعم للثراء؟ طه: كل مالدي اوجهه للصحيفة حتي تكون هي الصحيفة الاولي التي لا تستعين بغير الله .. -ضحك- ثم واصل انا ما عندي قروش لكن امكن عندي ورق ومطبعة فضل فيها قسط ولا قسطين وامكن عندي عقار خاص بالمطبعة والصحيفة نعم هذا ثراء ولكنه ثراء للرسالة الصحفية والمجتمع .. لا ثراء بوباري مثل ان اذهب الي جنيف في الاجازة وتكون لزوجتي حلي ذهبية وارصدة في البنوك. ضياء الدين: ماذا اذا قلنا ان محمدطه يعيش في الخرطوم علي معكوس مصطفي سعيد في ود حامد .. مصطفي سعيد بعد عودته من بريطانيا وفي منزله بود حامد كانت له غرفة علي النمط الانجليزي يقضي فيها اغلب وقته .. فالبطل هنا استدعي الحياة الاوربية الي قريته .. انت في الخرطوم تستدعي الحياة الريفية.. ابراج الحمام وسعاية الاغنام لمجتمعك الحضري الجديد؟ طه: اريد ان اوضح بأنني لم اشعر اصلا انني انتقلت لمجتمع حضري بقدومي للخرطوم بل العكس انا اتيت من مجتمع حضري لمجتمع ريفي. انا ابن اعرق مدينة في السودان حلفا.. يمكن تقول حدثت لي ردة مجتمعية (الخرطوم دي ما مدينة.. دي شي مجهول) .. وعندما جئت للخرطوم لم افتكر لها هل كانت مدينة ام قرية فقد دخلنا في المعمعة السياسية .. مصطفي سعيد لم يربط نفسه بقضية فكرية او سياسية ولكن كان يربط حياته بالمتعة واللذة.. الرسالة ربطتنا باللذة السياسية .. وانا علاقاتي بالاسلاميين في مروي الثانوية وجامعة الخرطوم اكبر من علاقتي باشقائي .. لذلك اقول لك ان الالتزام السياسي عادة ما يقودك الي مجتمع مختلف.. ضياء الدين: ماهو الباب الذي دخل به محمد طه للحركة الاسلامية .. اذا لم تكن كتب سيد قطب او حسن البنا .. خاصة وان هنالك حديث شعبي مثار عن تدين الحلفاويين .. وانت قضيت فترتك الاولي بحلفا؟ طه: دخلت عبر التأثر الثقافي .. كل المنطقة النوبية من حلفا الي ديار الشايقية لم يدخلها الدين فاتحا لذلك يشاع بان هذه المنطقة ضعيفة في التدين .. هذه المنطقة قبلت بالتدين الصوفي .. البرهانية بدأت بحلفا وشيخهم حلفاوي محمد عثمان عبده البرهاني .. ونسيت ان اقول لك بان والدي كان برهانيا وكانت الحضرات تقام ببيتنا .. انا طبعا كنت معجب بالاشتراكية ولكن ابعدني منها موقفها من الدين ولكن جذبتني اطروحات حسن البنا وسيد قطب.. السؤال بصورة مباشرة من الذي استقطبك للحركة الاسلامية؟ طه: ليس هنالك شخص محدد . . كانت مناقشات عامة بمروي الثانوية.. وكان هنالك تنظيم قوي جدا للجبهة الديمقراطية .. وتنظيم قوي لحزب البعث اقوي فروع الجبهة الديمقراطية والبعث كانا بمروي الثانوية ونوري .. عدد كبير من اطباء المنطقة درسوا بالعراق .. ومعظم ضباط حركة 28رمضان من تنقاسي.. مدرسة مروي كان بها جو صراع سياسي وفكري حاد .. في هذا المناخ وبحكم ثقافتي وقراءاتي وجدت نفسي اقرب للاسلاميين فقد كانوا الاكثر اقناعا.. ضياء الدين: فردانية محمد طه .. البعض اطلق عليك صفة اباذر الغفاري.. طوال سردك لم يتضح اثر الاصدقاء والاقران عليك .. كنت عضو بالاتجاه الاسلامي في الثانويات والجامعة بصلاحيات وسلطات مستقلة تماما .. صحيفتك في الجامعة التي تنطق باسمك فقط .. وكذلك الوفاق الان؟ - اصبحت ملامح وجهه اكثر جدية- طه: قد يكون مرد ذلك لاختلاف الاهتمامات، الاسلاميون لم يكن لهم اهتمام بالادب الا قليل منهم لكن لقد كنت بمروي الثانوية المسؤول السياسي في الاتجاه الاسلامي .. ولقد انتخبت في اول مكتب سياسي للجبهة الاسلاميةبعد تكوينها في 85.. مع ذلك نعم هنالك فردانية .. لم اكن احب الدخول في العمل النقابي. . تجربتي في العمل مع الجماعة لم تكن ناجحة .. وكثيرا ما يحدث تصادم في القناعات تجربتي في الراية لم اكن سعيد بها .. واذا لم اكن املك الوفاق ليس هنالك صحيفة يمكن ان تستوعبني (وخليها مستورة) في كل عمل سياسي هنالك المنافسة .. الاسلاميون مثل كل البشر عندهم المنافسة والغيرة والحسد (هسع الصحيفة دي لو عندهم فيها يد لما قدمونني لرئاسة التحرير لي معهم تجارب كثيرة) عملت في الملتقي فوجدت معاكسة كبيرة جدا ..ولقد منعت ان اكون رئيس تحرير .. في الوان مورست ضغوط كثيرة حتي لا يظهر اسمي وظللت اكتب باسم المحرر السياسي .. كل هذا جعل من الفردية جنة بالنسبة لي.. -جمال : تتحدث عن انك عملت الملتقي ولا تذكر الاخرين الذين كانوا معك؟ طه: انا .. اريد ان اميزها عن الاسلاميين الجماعة لم تكن لها علاقة بالملتقي وهي ليست ابداع خاص بي وحدي كذلك .
ضياء الدين: لماذا يتملكك شعور باستعداء الاخر لك؟ طه: الاخر انا تعاملت معه .. لكن تجربتي معه لم تكن مفيدة ولا سعيدة .. بسبب المشاكل التي حدثت في الحركة الاسلامية التي يشتعل فيها التنافس .. فانت كل ما بعدت عن مجال التنافس فذلك افضل ..تجربة العمل الجماعي فيها مطبات كثيرة جدا .. - الطاهر : ومحمد طه من ينافس ؟ طه: اذا لدي كسب افضل ان يذهب الي المجتمع وهم كانوا يستفيدون من كسبي استفادة كبيرة جدا .. دون ان انافسهم في اتحاد او جمعية مثل ان اصبح نائب في الجمعية التأسيسية ( انا كنت زول معروف جدا اكثر من ناس كثيرين من الذين فازوا في دوائر الخريجين .. كثيرين منهم كانوا نكرات لم يكونوا نجوما ولم يكن يعرفهم احد.. وانا كنت معروف جدا فانا منذ 75-85 كنت اتحدث في الجامعة رغم ذلك لم انزل في الانتخابات وكان هذا افضل طبعا اذا اصبحت نائب في البرلمان لم يكن من الممكن ان اصبح صحفي .. نعم ان عطائي من خلال الراية افضل للمجتمع والحركة الاسلامية من ان اصبح نائباً في البرلمان .. الطاهر:بعد كل هذه المجاهدات الطويلة هل شعرت بأنك مستغل من قبل الحركة الاسلامية وأنها تسخرك دون أن تدري ؟ طه: سؤالك دا مهم .. هذا كان من اسرار نجاح الحركة الاسلامية في مرحلة الدعوة والحركة كانت تتقبل اي فرد مهما كانت طبيعته كادر عنف او كادر نقاش لكن الدولة فيها المكاسب والمغانم والكراسي .. ففي الجامعة يمكن ان تتعطل او تسجن انا مثلا سجنت ثلاث سنوات .. الحركة تفرض عليك دفع الثمن لكن السلطة فيها المغانم. لماذا اخترت مهنة القانون؟ طه: لم اختار القانون وليس لي علاقة بهذا الاختيار ..كنت ارغب في دراسة الاداب والدي هو الذي ملأ الاورنيك واختار القانون وقالت وقتها امي ان والدي يريدني ان اصبح قاضي مثل قاضي مروي الذي يملك اكبر بيت هناك وعلي البحر. - الطاهر : محمد طه كان معلم ومحامي والان صحفي ماهو الخيط الذي يربط بين هذه المهن؟ طه : كنت معلم لفترة محدودة جدا بمدارس دار النعيم .. واغتربت بعد ذلك الي قطر هذه هي الفترة التي قابلت فيها الطيب صالح .. وفي فترة التدريس تعرضت لثلاث محاولات فاشلة للزواج.. ضحك
ضياء الدين : محمد طه له تأثير علي الحركة في مرحلة الجماعة والسلطة عبر قلمه الصحفي ما تأثير الحركة عليك في جانب اختياراتك الشخصية مثل الزواج مثلا والعمل؟ طه: الحركة كانت تلعب دور في الاختيارات الشخصية خاصة خيار الزواج .. كثير من الاخوان المسلمين تزوجوا اخوات مسلمات .. كان لي تجربة في ذلك حيث كنت لا افضل الزواج والارتباط باخت مسلمة لان وجود الاخوات المسلمات خارج البيت اكثر من وجودهم في البيت .. لذلك كنت افضل الزواج من فتاة عادية.. ورغم ذلك كان من الممكن ان اتزوج من احدي الاخوات المسلمات .. لكن هذا الزواج تعطل لاسباب عادية .. وفي النهاية تزوجت زواج عادي والاخوان المسلمين لا يجبروك علي الزواج ولكن طبيعة المناخ تفرض عليك الزواج من داخل التنظيم.. -هل استقطبت زوجتك للحركة الاسلامية؟ طه : ابدا .. انا ما فضيت ليها اصلا وهي امرأة عادية تلبس الحجاب ذي اي امرأة وتدرس الاطفال.. ضياء الدين : طبيعة علاقتك بالمرأة هنالك حساسيات كثير فيما يتعلق بالعلاقة بين الجنسين داخل التنظيمات الاسلامية السلفية والمعاصرة.. كيف كانت علاقتك بالمرأة داخل اطار التنظيم وخارجه؟ طه: لا يمكن ان تشبه العلاقة بين الجنسين داخل جماعة الاخوان المسلمين بالعلاقة المقابلة في انصار السنة .. فالاخوان المسلمين حركتهم حركة حجاب وليست حركة نقاب. فالعلاقات كانت عادية فالمرأة في الكلية والنشاط والاتحاد .. المشكلة الحقيقية كانت في ممارسة الرياضة و... مقاطعة ضياء الدين: السؤال متعلق بمحمد طه وتجربته الشخصية في التجاذب بين الاطروحات الاسلامية المحافظة والتي تضبط العلاقة بين الجنسين بضوابط كثيرة .. وروح الشباب ومتطلباته ..في محيط مختلط وغير منضبط بالتصورات المحافظة .. التجارب هذه الي اي مدي كانت مصدر توتر وقلق بالنسبة لك؟ طه: الفترة التي قضيناها في الجامعة كانت فترة التوترات السياسية والصراع السياسي وهما يطغيان علي ما سواهما من توترات اخر كان (شوف مثلا نحنا سجلنا للجامعة يوم الخميس وانقلاب المقدم حسن حسين كان يوم الجمعة 5سبتمبر 1975م .. ثم من بعد ذلك جاءت حركة 2يوليو 76 وجاءت المشاكل الكثيرة .. الجامعات كانت تشهد مشاكل كثيرة من السياسيين وامن نميري .. وكانت هنالك في كل يوم (الكشة) الامنية التي تنظف الجامعة من كل الصحف الحائطية والشعارات .. لاحظ هذا التوتر في كل يوم كيف انظر للمرأة وللداخليات .. وهذا حال كل السياسيين .. والاهتمام بالمرأة في الجامعات (جاهسع لما للجامعات خلت من الصراع السياسي والندوات واركان النقاش والمشاكل فالفراغ هو الذي جعل البعض يلتفت للنساء..
-ضياء الدين هل دخلت في قصة حب؟ ابتسم باقتضاب ثم قال : طبعاً ولكن لم تنجح !! محمد طه محمد احمد : لـم يبـــق أمـامي سوى القـبر!! هل كان من السهولة محاصرة محمد طه محمد احمد؟! لا اظن ان الاجابة بنعم .. هي الاجابة الصحيحة .. محمد طه رقم جدلي في معادلات الصحافة والسياسة السودانية المعاصرة غير قابل للتجاوز او المرور عليه او القفز من فوقه .. وهو دوما قادر علي الاحتفاظ باثارته ومقدرته علي الادهاش والمفاجأة .. فلا تستطيع ان تقدر ردود افعاله .. رحلة تفتيش في الدفاتر الخاصة لرئيس تحرير الوفاق 2-2 محمد طه محمد احمد : لـم يبـــق أمـامي سوى القـبر!!
هل كان من السهولة محاصرة محمد طه محمد احمد؟! لا اظن ان الاجابة بنعم .. هي الاجابة الصحيحة .. محمد طه رقم جدلي في معادلات الصحافة والسياسة السودانية المعاصرة غير قابل للتجاوز او المرور عليه او القفز من فوقه .. وهو دوما قادر علي الاحتفاظ باثارته ومقدرته علي الادهاش والمفاجأة .. فلا تستطيع ان تقدر ردود افعاله .. فهو لا يعطي القارئ شيك ضمان .. الحوار الثلاثي الذي اجراه الطاهر حسن وضياء الدين بلال وجمال علي حسن مع محمد طه اختار لنفسه ان يتحرك في جغرافيا الرجل النفسية والثقافية دون محاذير او مراعاة للخطوط الحمراء .. فعاد الحوار من رحلته بحصاد من الاجابات المثيرة والصريحة والجديدة كذلك .. والتي ترسم صورة قلمية لمحمد طه في كل احواله في هدوئه وفي ثورته .. لا نفسد عليكم الطعم ولكن تفضلوا لتناول هذه الوجبة الصحافية الدسمة وتحملوا مذاق توابلها الحارقة الي نهاية الصحن..!! الطاهر: هنالك جانبٌ مهمٌ وهو علاقتك بالتشيع وسط حركة الإتجاه الإسلامي.. الذي بدأ يتميز فيها تيار ذو ميول شيعية.. محمد طه إكتمل تيار تشيعه داخل الجامعة أم بعد التخرج منها؟! طه: تيار التشيع كاد يكتسح الحركة الإسلامية وحتى الجمعيات التي أنشأتها الحركة الإسلامية كانت صدى لجمعيات إيرانية مثل رائدات النهضة وجهاد البناء وزواج الزهراء.. كل هذا العمل كان تأثراً بالحركة الإيرانيّة سلوكاً وفكراً وانتشرت كتب الثورة الإيرانية في أوساط الإسلاميين.. وهذا التيار أخاف الكثيرين أولهم الترابي.. أذكر في ذلك الوقت نشبت معركة كلامية بين الترابي وأمين بناني في مكتب الأول بالخرطوم «2».. الترابي قال لأمين (أنا.. عارفك داير تكون حزب الله في السُّودان)، وردّ عليه أمين (أنا.. لو عاوز أعمل حزب الله ما بتقدر تمنعني).. والتيار الشيعي كانت له مجلة كان يرأسها عبد الرحيم عمر محيى الدين، عمل ملحقاً إعلامياً بالسفارة السودانية ببيروت!
ضياء الدين: هل هذا يعني أن محمد طه يعترف بأنه شيعي؟! طه: لا أبداً.. أنا عندي تعاطف مع آل البيت والإمام علي.. ولي قراءات مبكرة في الفكر والأدب المرتبط بآل البيت حتى الروايات التي كتبها المسيحيون مثل جورج زيدان أنا من مدرسة ترى ضرورة التوحيد بين مدارس الفقه.. التي هي في الأصل تقسيمات تاريخيّة.. فالإمام علي لم يقل إنّه شيعي ولا الإمام الحسن و... الطاهر: محمد طه عّودنا أن يكون قاطعاً في اختياراته ولكنه في موضوع السنة والشيعة إختار مدرسة توفيقية.. إذا وضعت لأنْ تختار هل أنت شيعي أم سني؟! طه: الإسلام سابق للتصنيف.. أنا لست شيعياً وكذلك لست سنياً بالتصنيف الضيِّق الجاري الآن.. الطاهر: مدرستك التوفيقيّة بين السنة والشيعة أين موضع سيدنا معاوية بن أبي سفيان فيها؟ -بدت ملامحه أكثر جدية مع انفعالٍ طفيفٍ- طه: طالما أن الإمام علي قاتله.. فهو أول من سنّ للقيصرية والكسروية والملكية والوراثة في الحكم.. وهذه أخطاء فادحة في التاريخ الإسلامي.. فهو نازع الخليفة المنتخب الإمام علي والإمام علي دائماً على حق (ودي ما فيها كلام)! لا بد أن يكون هنالك من هو على حق والآخر على باطل.. الطاهر: حاولت أن تقلل من أهمية التصنيف (شيعي وسني).. رغم أنّ المذهب الشيعي الذي يظهر إقترابك منه وتدّعي حبه وأسميت إبنك الخميني يعطي هذه الخلافات في منشئها التّاريخي بُعداً عقديّاً وإرتبط بفكرة ولاية الفقيه؟ طه: نشأة الخميني تختلف عن نشأتي، كذلك نحن من منابع ثقافية مختلفة.. وأنا مُطّلع على المنهجين «السني والشيعي».. وأنا دارس للقرآن وللفقه وأنا .. -مقاطعة- ضياء الدين: أراك تدخل نفسك في مقارنات مع زعماء تاريخيين ومعاصرين وتكثر من كلمة (أنا).. إلى أيِّ مدى يمكن إستنتاج أنّ محمد طه رجلٌ نرجسي؟ -ضحك- طه: لسبب بسيط أقول (أنا) لأنّ الحوار الذي تجرونه معي (أنا).. وتسألونني عن أشياء مُتعلِّقة بي.. فلا يمكن أن إستخدم (نحن) فأنا أمثِّل نفسي في هذا الحوار! ضياء الدين: محمد طه.. يحب الشعر لكن هل يكتبه؟ طه: لا أبداً.. أنا أحب الشعر لكنني أحب القصة والرواية أكثر.. كتبت القصة.. وكانت لي محاولات في كتابة الرواية..
-ماذا أخذت من الإشتراكية؟ طه : العدل الإجتماعي.. الإسلام إشتراكي لكن الشيوعيين ربطوا الإشتراكية بالعلمانيّة والإلحاد لذا نفرت منها الحركات الإسلامية.. ضياء الدين: أبو ذر الغفاري هل يمثل قدوة بالنسبة لك في منهجه الفرداني؟ طه: أبوذر مُهمٌ جداً للمسلمين كنموذج صحابي.. وهذا ما تشهد به الأحاديث النبوية.. ضياء الدين: إلى أيِّ مدى شخصية أبوذر مؤثرة على نظرتك لذاتك ودورك؟ طه: المسلمون الأوائل لو استمعوا لصيحات أبوذر لتجنّبوا الفتنة! ضياء الدين: أسميت صحيفتك في الجامعة «أشواك» والأشواك عَادَةً ما تحمل مدلولاً سلبيّاً.. وهي مما يصعب الإستفادة منه؟ طه: «أشواك» أخذتها من رواية لسيد قطب قبل أن يلتزم في جماعة الأخوان المسلمين وهي قصة عاطفيّة.. و«الأشواك» إسمٌ أدبيٌّ لا يشبه الإيحاء الذي يأتيك منه عندما تسمع الإسم.. ضياء الدين: هنالك مفارقة بين «أشواك» الجامعيّة التي لا يخفى بُعدها الصراعي.. و«الوفاق» الحاليّة التي تبدو مهادنة في اسمها.. رحلة محمد طه من الأشواك الى الوفاق.. كيف كانت؟ طه: أشواك لم تكن تُعبِّرعن الصراع فهي كان بها إهتمام كبير بالأدب وكانت السياسة فيها تتحرك في فضاء الأدب، أمّا الوفاق فقد فرضتها المرحلة، فقد وصلت لقناعة بأن الصراع السياسي في السودان إذا وصل إلى نهاياته سوف يُدمِّر السودان.. لإن القوى السياسية تتملّكها روح الإنتقام فإذاً لابد من الوفاق! الطاهر: ماذا تعلّمت من الفكر الجمهوري غير الإحتجاج؟ طه: الفكر الجمهوري به إضافة مُهمّة جداً ألا وهي تأكيده على فكرة العدالة الإجتماعية وحياة الجمهوريين، وحياة المهندس محمود محمد طه فيها الكثير من الزهد، محمود كان بيته من الجالوص.. وفيهم كثير من حياة الأشعريين.. ولولا بعض شطحات محمود محمد طه لاتّبعه كل السودانيين.. فهو قدوة في السلوك الإجتماعي.. -هل أنت حزينٌ لإعدامه؟ طه: (شوف دا سؤال خطير.. لكن أنا زي ما بتمنّى لنفسي الهداية وأنا مازلت بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبهما كيف يشاء، كذلك كنت أتمنى لمحمود الهداية.. وهذا ما قاله شيخ أبو زيد كذلك)! - الإجابة غامضة.. هل تعتقد أن إعدامه كان خطأً؟ طه: (والله دا قرار محكمة وليس بوسعي التعليق)! - بناءً على الحيثيات التي أُعدم على اثرها.. وأنت قانوني ماذا تقول؟ طه: لعادل إبراهيم حمد مقولة ذكية وهي أن محمود لم يكن طارحاً نفسه كبطل ولكن كصاحب دعوة لا ينال.. قبل إعدام محمود بيوم كان هنالك حشدٌ كبيرٌ للجمهوريين والمهتمين في الميدان الغربي لجامعة الخرطوم، وظل الجمهوريون يرددون (أن قوى الظلام في كل الأرض سوف تعجز عن نَيل شعرة واحدة من رأس الأستاذ محمود محمد طه)، فقد كانوا يعتقدون أنّ محمود فوق طاقة وإرادة البشر وله رسالة لن يموت إلاّ بعد إكمالها.. الطاهر: هل تفاجأت ببيان 30 يونيو؟ طه: لم أتفاجأ.. فقد فهمت من الإشارات ولقد كنت عضواً في مجلس الشورى.. أن هنالك تغييراً عسكرياً قادماً.. والترابي لم يكن يخفي ذلك.. لا أدري هل كان غير حذر أم أن يدعي ذلك للتمويه.. وفي الميدان الشرقي بجامعة الخرطوم قال (أنعي إليكم الديمقراطية)! الطاهر: متى طرق لك الباب وأخبرت أن الإنقلاب إسلامي ووجهت لك الدعوة لتأخذ موقعك من الصحيفة «الكذا»؟ طه: دخلت في صباح الجمعة كعادتي باكراً إلى الخرطوم.. وقابلني أحد كوادر الأخوان المسلمين وقال لي (البلد مشكلتها حلاها الجهاد).. وعندها عرفت.. -مقاطعة- مَن هذا الكادر؟ طه: على كل حال هو مدني في القوات الخاصة أو السرية. ضياء الدين: كنت من الذين تعرّضوا لبطش الإنقاذ في فترتها الأولى، الآن تبدو على علاقة حميمة بها.. هل رضيت عنك أم رضيت عنها؟ طه: كان ذلك في فترة التوترات.. ومايزال النظام متوتراً فالتحديات الداخليّة والخارجيّة ماتزال تحاصره.. نحن من قبل لم نقدر تلك التحديات لأنّنا كنا كوادر جماهيرية صحفية نفكر في أن الأشياء يجب أن تمضي وفق تصورات مثالية محدّدة.. ضياء الدين: السُّؤال مايزال قائماً هل تفهم محمد طه الطبيعة التوترية للإنقاذ.. أم تفهمت هي الطبيعة الجماهيرية لمحمد طه.. ومتى تمّ هذا التفاهم؟ طه: يمكن نكون الإثنان قد وصلنا الى نقطة تفاهم في وسط الطريق.. فالنظام نفسه إختلف عن بداياته وتبيّن له أنّ كثيراً من أطروحاتنا كانت صحيحة مثل دعوتنا للإنفراج والوفاق.. ونحن في المقابل تفهّمنا بعض المخاطر التي تجعلها مُتوتِّرة.. من المحطات المُهمّة في مسيرة محمّد طه كتاب محاولة إغتيال حسن الترابي.. كيف تقرأه الآن؟ طه: هو كتابٌ موضوعيٌّ أورد فيه كثير من الجدل حول شخصية الترابي وهذا الكتاب يحوي نصائح وتحذيرات قدمتها للترابي.. -هل أنت نادمٌ عليه؟ طه: لا أندم على ما كتبته.. هو يمكن أن يقرأ قراءة جديدة.. أورد في الكتاب أن على عبد الله يعقوب حذّر الترابي من هذه الرحلة.. لكن الترابي دائماً يحب المغامرات ويسخر من التحذيرات وهذه هي طريقته في الحياة بصفة عامّة.. - وماذا عن رصاصات عصام الترابي التي أطلقها نحوك؟ طه: (الموضوع ده خلوه هسع.. ما في داعي ليهو)! - نريد تسجيلها للتاريخ؟ طه: ما أحب أن أؤكِّده أن عصام الترابي ليس سياسياً وهو قال لي ذلك (يا محمد أنت عارف أنا ما سياسي من حقك تهاجم أبوي لكن ليس من حقك تهاجمني أنا).. هذا هو منطقه لذا يجب ألا نخوض في هذه الواقعة! ضياء الدين: كتبت في 98 مقالة تحت عنوان ما بين الاطلال واذكريني وقصيدة الامام الصرصري فهمت على حد كبير إنّها تعريض بالأستاذ علي عثمان محمد طه؟ طه: مكتب السيد علي عثمان طلب المقالات وأخذها من إرشيف الجريدة وهي 13مقالاً وهي بسيطة جداً من عنوانها.. وكانت تريد أن توصل فكرة أن الحكم مسؤوليتنا جميعاً عبر المناصحة.. فيجب أن يكون لنا حق نصيحة الرجل العام في أي وقت.. كان هذا تقليد الحركة الإسلامية.. كنا نجلس كل أربعاء في منزل يس عمر الإمام ويوم الخميس مع الترابي.. نتحدث في الشأن العام.. وعلي عثمان كان الأجدر أن يُحافظ على هذا التقليد.. ما معنى أن نذهب إلى منزله ونجد مديح عبد السلام في الإمام الصرصري؟! قد يكون علي عثمان كرجل دولة طاقته ووقته لا يستوعب هذه المسألة لكنه يمكن أن يستفيد هو نفسه من هذه اللقاءات.. لأنّها تعكس له آراءً ومعلومات لا يمكن أن تصله عن طريق التقارير.. فإذا كُنّا نذهب لعلي عثمان في منزله لنستمع لمديح البرعي أو فرقة الصحوة لا معنى لهذا لأنّ المديح موجودٌ في أيِّ مكان.. ضياء الدين: روماريو يعود الى الملعب.. سلسلة مقالات في وقتٍ كان محمد طه في مساندة الترابي ضد مجموعة العشرة.. وكان يُشبِّه الترابي بروماريو اللاعب البرازيلي الخطير؟ طه: لم أُساند الترابي وقتها فقد كنت في مرحلة المراقب.. كنت أراقب إجتماع شورى المؤتمر الوطني من خارج القاعة وكان معي حسن مكي.. وكنت أقول إنّها مباراة رياضيّة بها نجومٌ من طراز روماريو وبيبيتو.. - مقاطعة- ضياء الدين: لم تكتب تلك المقالات في ذلك الوقت ولكن كتبتها بعد الهجمة التي قادها الترابي ضد العشرة في المؤتمر العام للحزب.. وعصف بالكثيرين منهم خارج هيئة قيادة المؤتمر؟ طه: قلت «هجمة» لذلك أسميته روماريو.. فالترابي مازال وحتى الان يمثل دور «روماريو» في ساحة السياسة السودانية لان لديه مقدرة الخلط بين الكثير من الأوراق.. فعندما كان قيد الإقامة الجبرية بكافوري كان الوضع مختلفاً عن الآن.. فما يحدث في دارفور والمُتغيِّرات التي طرأت على المفاوضات مع المتمردين جاءت بعد خروجه.. فهو له دوره وله قدراته التي يمتلك فيها خبرة كبيرة جداً على تلاميذه.. -مقاطعة- ضياء الدين: هل تخشى على الحكومة من الترابي؟ طه: الترابي له تأثيرٌ كبيرٌ وأنّ القوى السِّياسيّة الأخرى مثل حبّات المسبحة غير المنظمة .. فالترابي يمكن أن يكون الخيط الذي يجمع هذه الحبّات وتلك المتناقضات ويمكن أن يُسبِّب مشاكل لا حصر لها.. ويمكن أن ينشط عبر أيّة جهة.. ضياء الدين: يعتقد على نطاق واسع أنّ تحول محمد طه من التعريض بعلي عثمان في مقالات الصرصري ومدح الترابي في روماريو.. أي مدح علي عثمان وإساءة الترابي أخيراً.. ان محمد طه إنحاز لعلي عثمان بمفهوم قبلي فقط؟! طه: أنا.. لا أهتم بالقبليّة.. فقد عشت خارجها فقد تربيت في حلفا وهي مدينة نوبية.. وعلي عثمان لا يهتم بالقبلية لأنّه ولد في الخرطوم.. ولا أقول سراً إذا قلت إنّ المرات التي إلتقيت فيها بعلي عثمان تكاد تكون قليلة جداً.. الطاهر: صمت عن الدفاع على إيقاف صحف «الأيام و ألوان والوطن» وفي مجالس تتبع لجهات مسؤولة عن الأمن في البلد.. هاجمت بعض رؤساء الصحف؟ -صمت.. بشئ من الغضب قال: طه: هنالك حقيقة لابُدّ أن يعرفها الناس عشان يفرّقوا بين البطل وبين إدعاء البطولة.. فمحجوب محمد صالح.. هو رئيس لجنة تأميم الصحافة السُّودانيَّة في عهد مايو.. وهذه حقيقة مثبتة، فهو مسؤولٌ عن تأميم ومصادرة الصحف مع التجربة اليسارية القاسية.. وكان رئيس تحرير الصحيفة، ومايو كانت بتضرب في الناس بالقنابل في الجزيرة أبا وفي ودنوباوي.. وكذلك محجوب عثمان هو وزير الإرشاد.. في عهد مايو.. التي كانت تجمع الثقافة والإعلام.. (فما يدعو البطولات) الحكومة تعرف ذلك جيداً.. وحتى كان فيها وزير وهو مهدي إبراهيم كان مطارداً في عهد محجوب عثمان.. وأكثر من ذلك اللجنة الرباعية التي كانت تنسق بين المخابرات والأمن والصحافة في ذلك الوقت مسؤولها الأول كان محجوب محمد صالح.. ولجنة العشرة نفسها.. الرئيس كَلّفهم بالحوار، العضو فيها هو محجوب محمد صالح.. أمّا محجوب عثمان فقد أشارت الوثائق البريطانية إلى أنه بالإضافة لشيوعيته مخترق من قِبل المخابرات المصريّة.. ونشر ذلك نقلاً عن الوثائق البريطانية في مجلة المجلة والشرق الأوسط.. بالإضافة إلى أنه كان لوقتٍ قريبٍ جداً مع التجمع الذي يحرق في كسلا وبضرب خطوط الأنابيب.. رغم ذلك تَمّ قبوله في الوطن.. فلا يمكن أن ينقل حرب الشرق للداخل وينشر في جريدته بيان مؤتمر «البجا».. الذي يتحدّث عن تطهير عرقي مزعوم.. لشعب «البجا».. والشكوى هي أصلاً جاءت من قاضي محكمة عليا وهو مسجل التنظيمات السياسية ويمكن الرجوع إليه.. فلا يمكن أن يتعدوا كل الخطوط الحمراء للبلد و«الأيام» كسبت ملايين الجنيهات كملفات وملاحق من المؤسّسات الحكوميّة.. وحرمت انا من الاعلان لأكثر من عام.. بقرار من الطيب مصطفى.. وعبيد أحمد مروح.. ويشهد بذلك علي شمو قدمت النصائح لمحجوب محمد صالح وسيد احمد خليفة وابنه عادل في إجتماعات كثيرة جداً في المجالس العدلية وقلت لهم إني أعرف النظام أكثر منكم.. فلابد أن نعمل معادلة.. مثل شعرة معاوية إذا شد نحن نرخي.. وإذا رخى نحن نشد.. وفي إجتماع إحتدينا مع سيد أحمد خليفة وإبنه عادل.. وتجمعني بهم علاقة شخصية.. ولم يقبلوا نصائحي، بل أن الشرطة إشتكت للرئيس في ماكتبه الوطن بان الشرطة تعتدي وتقتحم بيوت الله في احدى المظاهرات.. بدعوى ان هذا يؤلب المواطن على الشرطة.. ولا أؤمن بالمنافسة الصحفية.. وسيد أحمد خليفة قال لي في احد الاجتماعات.. بلغني إنك حسدتني! فقلت له أحسدك على ماذا؟.. إذا كان ذلك كذلك.. فلماذا انا عملت ليك اعلانات بخمسة وعشرين مليون جنيه في الصفحة الأولى من «الوفاق».. لصحيفة «الوطن».. مجاناً فهل هنالك شخص يعمل اعلانات لآخر منافسه؟صحيفة «الوفاق» غير قابلة للمنافسة.. لأنّ طريقتها مختلفة.. لكنهم لم يقبلوا النصيحة.. «فالأيام» كانت تعتقد أن القوى الأجنبية يمكن أن تحميها.. ويخرج السفير البريطاني أو القائم بالأعمال الأمريكي ويضغطا على الحكومة.. وقلنا لهم إن الامريكان أنفسهم قتلوا طارق أيوب.. يمكن النظام دا يقول بنفس المنطق الذي عزلتوا به مهدي إبراهيم.. يمكن أن نطبقه.. فنحن غير مُكلّفين بالدفاع عن أناس أصلاً باحثين عن المشاكل.. وندافع عنهم بالباطل والآن قضاياهم معروضة أمام القضاء والنيابة.. -مقاطعة- ماذا عن الوطن؟ أسباب إيقافها هي أسباب غير سياسيّة.. وسيد أحمد خليفة يعرف ذلك جيِّداً.. بدليل أن مدير جهاز الأمن الداخلي تناول معهم وجبة الإفطار الرمضاني في منزلهم قبل إغلاقها بـ «48» ساعة.. وقلت لعادل سيد احمد خليفة انتم تناولتم بالخط العريض 7 مرات في الجريدة «محامي يعمل في السوق وعايزين تدمِّروا سمعته» وهو عبد الرحمن محمد علي.. وعايزين تقطعوا عيشته.. وأنتم بنفس الطريقة سوف ينالكم مصيره.. سوف يقفلوا جريدتكم ويقطعوا رزقكم.. وهذا ما حدث فعلاً.. ودعيتهم لمعالجة ذلك.. والكف عن ترديد «محامي الرشوة.. محامي الرشوة».. إذاً مشكلتهم غير سياسية.. وكل المشكلة أن الصحيفة تجاوزت حدوداً كبيرة جداً.. لا علاقة لها باصراع السياسي.. أمّا «ألوان» ليس لديها مشكلة.. الترابي قال فيها «ألوان.. تتلوّن».. ولا أقدر أن استعدى عليها الناس ولا أحببهم فيها.. لأنّ حسين خوجلي.. النائب الأول يعلمه خبر اطلاق الترابي قبل اي شخص وهذا سبق صحفي.. -مقاطعة- يقال إنّك صمت فترة توقيفها؟ توقيفها تم عبر الأجهزة.. ونحن في «الوفاق» أيضاً طالنا الإيقاف بل توقفنا أطول فترة 15يوماً.. ولم يوقفنا القضاء ونحن الصحيفة الوحيدة التي قال القضاء إنّ إيقافها غير صحيح..! «فألوان» توقفت عبر الأجهزة ولها مستشاروها القانونيون للدفاع عنها وعادت بالأطر القانونية أيضاً. -أخيراً: محمد طه بعد رحلته من «أشواك» الحائطية إلى «الوفاق» اليومية.. ماذا بقي من المشوار؟ صمت!! قال: لم يبق سوى القبر!
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: محمد طه محمد احمد ( الكوز ) ما بين الجبل والنهر !!! (Re: tariq)
|
Quote: ضياء الدين: منذ البدايات صراع مع الثعابين والتماسيح .. هل هذا هو الذي وسم شخصية محمد طه بالمزاج الصراعي الحاد؟ طه: يمكن ان يكون ذلك صحيحا .. لكن اثر السياسة كان اكبر .. لا اري نفسي عنيفا .. لكن ظروف كثيرة تجعلني ابدو متوترا .. اضافة للسياسة جاءت الصحافة بكل موتراتها بعد ان اصبحت تحدي شخصي بالنسبة لي ..رغم ذلك لم اشترك في يوم واحد في احداث عنف ولم احمل عكاز
|
في الصباح الباكر بعد إحصاء نتائج انتخابات اتحاد جامعة الخرطوم التي تولى فيها التمثيل النسبي، بدأ الأستاذ محمد طه الصياح بداخلية البركس (( سقطت سقطت ،، سقطت سقطت)) وكان يصيح بتشنج معنياً إن الإتحاد النسبي لن يتمكن من تغيير شي مادام لم يمتلك النصاب الكافي للتغيير ،، وماذا بعد ،، ماذا حدث ،، أصبحت التشنجات والعنف ترياق يومي ولم يكن الأستاذ محمد طه بعيدا من القيادة وكان حاضراً يوم المعركة بالميدان الغربي بجامعة الخرطوم حيث سالت الدماء واستمرت المعارك لمدة عامين ىخرين متواصلة بفضل عنف محمد طه
لم يكن محمد طه عنيفاً فقط بل كان مشوش الأفكار يختلف مع من معه ومع من يظن إنه ضده، ولم يكن ابداً بعيداً عن تمثيل العنف في منابر النقاش وخاصة منبر الجمهوريين الذي كان يستهوى الحضور والمناكفة حتى صبروا عليه ووهبوه تزكية أنهم علموه كيف يحاور
نعم محمد طه شخص محترم ونكن له كل الإحترام بصفته طالب وبصفته مشارك في النشاط وبصفته صحفي أدخل الكثير من الأفكار ولكن المواقف التي كان فيها وكان يوافقها كانت تمثل العنف بعينه وكانت لا تبتعد من درجة اقل من الإحترام للأفكار وحتى إختلافاته الأخيرة التي كاد أن يفقد حياته فيها كانت نتاج نفس الطريق الذي كان هو مع مرتاديه
يصعب علينا أن نستقي المعلومات الإنسانية من السيرة الذاتية لشخص دخل في مرحلة من مراحل التشويش حتى لا نستقي دلالات التشويش
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمد طه محمد احمد ( الكوز ) ما بين الجبل والنهر !!! (Re: tariq)
|
لم أفاجأ بشيء فيما أورده الأستاذ محمد طه محمد أحمد في هذا اللقاء الصحفي. فمهما بدا المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين مختلفا عن بقيتهم، فهو لابد ملاقيهم في نهاية الشوط. فمحمد طه فيما ورد عنه هنا، لا يختلف عن الترابي، ولا عن علي عثمان محمد طه، ولا عن شيخ أبوزيد، أو شيخ الهدية، أو حتى الملا عمر، أو أسامة بن لادن.
وأعيد على مرتادي هذا البوست تهربه من أسئلة الصحفيين حول مقتل الأستاذ محمود محمد طه، والذي انتهى به لأن يقول أن هذا "حكم محكمة" ولذلك فهو ليس في وسعه أن يعلق عليه!! ألا يدري محمد طه يا ترى أن المحكمة العليا قد نقضت ذلك الحكم الجائر عقب الإنتفاضة؟. ما الذي جعل محمد طه يحترم قرار مهزلة (المهلاوي، والمكاشفي، وحاج نور) ولا يحترم قرار المحكمة العليا التي نقضت الحكم بعد الإنتفاضة؟؟؟
الإخ المسلم يظل أخاً مسلما، في غالب أحوله. فهو قد يُشَرِّقٌ هنا، ويُغَرِّب هناك. ولكنه لا يملك في نهاية الشوط، من أن يعود لعشه القديم. وقديما قيل: (العرجا لمراحها).
Quote: الطاهر: ماذا تعلّمت من الفكر الجمهوري غير الإحتجاج؟ طه: الفكر الجمهوري به إضافة مُهمّة جداً ألا وهي تأكيده على فكرة العدالة الإجتماعية وحياة الجمهوريين، وحياة المهندس محمود محمد طه فيها الكثير من الزهد، محمود كان بيته من الجالوص.. وفيهم كثير من حياة الأشعريين.. ولولا بعض شطحات محمود محمد طه لاتّبعه كل السودانيين.. فهو قدوة في السلوك الإجتماعي.. -هل أنت حزينٌ لإعدامه؟ طه: (شوف دا سؤال خطير.. لكن أنا زي ما بتمنّى لنفسي الهداية وأنا مازلت بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبهما كيف يشاء، كذلك كنت أتمنى لمحمود الهداية.. وهذا ما قاله شيخ أبو زيد كذلك)! - الإجابة غامضة.. هل تعتقد أن إعدامه كان خطأً؟ طه: (والله دا قرار محكمة وليس بوسعي التعليق)! |
قال جل من قائل: ((ستكتب شهادتهم، ويُسألون)). صدق الله العظيم؟.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمد طه محمد احمد ( الكوز ) ما بين الجبل والنهر !!! (Re: Dr.Elnour Hamad)
|
شكراً يالنور، فقد عبرت عني خير تعبير! والشكر للأخ طارق لنقله لهذه المقبلة، التي تدل على أن التشوه الذي يلحق بشخصية المتهوس، يصعب علاجه. ومثل هذا العلاج لا يتوفر إلا في إطار نسق فكري-اجتماعي-سياسي جديد، لايقدر عليه إلا أصحاب المبادئ والقيم، والقامات السوامق. أنظروا إلى محمد طه، وإلى ضعف أخلاقياته المهنية، كقانوني، وكمعلم يفترض فيه أن يكون أنموذجاً لتجسيد أرفع القيم والمبادئ، ثم كصحفي -يفترض فيه أن يكون عاشقاًً للحقيقة لا للإثارة. فلو كان يحترم تخصصه كقانوني لما اعتبر مهزلة المهلاوي "محاكمة" ولما اعتبر المهلاوي قاضياً. ولو كان معلماً نزيهاً لما كان لاهثاً خلف مصالحه المادية البحتة بالإثارة وسرقة الدين، وخطابه المقدس، لأكل الدنيا. ولما تمظهر بمظهر الورع والزهد، وهو اللاهث نحو الظهور والتسلط والمال، إبان نشاطه السياسي، وفي صحيفته. وفي هذا يحضرني قول الأستاذ محمود بأن الزهد حالة ذهنية. فقد يكون الفقير المتلهف للدنيا، المتعلق بها، أبعد الناس عن الزهد، في حين يكون رجل ثري، مالكا للمال، ولا يمكله المال، زاهد عما سوى الله، وعن التسلط، وقلبه متعلق بالفضائل، وحب الخير للناس. محمد طه يتمظهر بمظهر الزاهد لكي يقال عنه أنه زاهد، وهو الثري، الذي تملكه الدنيا، ولا يملكها. وهذا، لعمري، أسوأ صنوف الرجال. أما كصحفي فإن أبسط المتمهرين في أساليب تحليل الخطاب وتحليل المضامين الصحفية سيخرجوا الكثير من مقالات محمد طه في صحيفة الوفاق من دائرة الكتابة الصحفيةالجادة إلى دائرة التابلويد، أي الصحافة الصفراء، دون عناء.
مع ذلك أقر بأنني ظننت لفترة بأن محمد طه ربما قد تغير. وقلت ربما علمته خيانات رفاقه له ولغيره من السودانيين بأن ما كانوا "يجاهدون" من أجله لم يكن ديننا الحنيف، وإنما هو المال وكرسي السلطة ومرقدها الهانئ والرغيف! وحين أنكشف المستور، الذي ظل محمد طه نفسه، يساهم في كشفه، ظننا أنه ربما أصبح "إنساناً" سوياً، لا بشراً يراوغ، ويستخدم كل الأراء، ويرحل عن كل الأراء، وفق لمصلحته الذاتية، لا غير، دون أن يطرف له جفن!! هذه نسخة من شخصية الترابي، لا تملك قدرات الترابي! أما الترابي، فمازال محمد طه يحتقظ "بشعرة معاوية معه" -معاوية هذا الذي يحافظ محمد طه على شعرته، يقول محمد طه نفسه عنه أنه قلب أمر الحكم في الإسلام إلى كسروية. ويحافظ محمد طه بشعرة معاوية معه أن يجعله الخيط الواصل بين "كل القوى السياسية" في الساحة السودانية!!! وفي هذا يتهياً محمد طه لعودة لا يستبعدها ذهنه المتقلب، لهذا الشيخ المتهوس المنكسر المخزون. هذا الشيخ الذي ظل محمد طه ورفاقه يخونونه، وينقلبون عليه آلاف المرات، متعلمين منه فنون التحايل والخيانة، كاسحن ما يتعلم التلميذ من معلمه!
هذا اللقاء الصحقي مع محمد طه يصلح كنص يمكن من خلاله تحليل الحالة الذهنية لمن حكمونا منذ يونيو 1989، ومن فاقموا أزمة الهوس الديني في البلاد منذ طرد الشيوعيين من الجمعية التأسيسية، مروراً بمحاولة تمرير الدستوري الإسلامي -"المزيف" على حد تعبير الأستاذ محمود محمد طه والجمهوريين. ثم مروراً بمحاولة تعديل القوانين في السبعينات لتتماشى مع "الشريعة الإسلامية،" ثم قوانين سبتمبر، وغير ذلك كثير من المحطات التي انتهت بإستيلائهم على الحكم عن طريق إنقلاب عسكري، كان طابعه الأساس الكذب الصراح. وفي هذه المرحلة كان مبدأ التقية، المستمد من الفقه الشيعي، - وهو مبدأ يبرر الكذب- هو ما الحاكم في تصرفاتهم في الأفق السياسي السوداني. هذه اللأأخلاقية، التي تلتحق بقداسة الدين، لم تكن مألوفة في الفضاء السياسي السوداني على وضاعة قدرات من أزدحموا ليملأوا آفاقه من الطائفين والمتسلقين، أذناب الاستعمار، من قبلهم.
أحاول أن أجمل ما أريد قوله هنا بأن أعيد ما قلته من قبل بأن محمد طه محمد أحمد نسخة من الترابي، في أساليب التحايل، بفقه الضرورة، والالتواء، والتناقض، ولكنها نسخة ممسوخة لا منسوخة. ويحتار المرء حين يقرأ رأياً لنفس الشخص، ثم يراه يحمل رأيا مناقضاً له تماماً، ثم يهو يظن بنفسه الظنون، ولا يجد لجل أسئلة السائلين له من افتتاحية للإجابة غير الضحك، تماماً كما كان يفعل الترابي في أيام مجده السياسي، التي زالت. مثل شيخه، يتعامل محمد طه بنموذح معاوية، وبشعرته، حتى النخاع، ثم يريد أن يوهمنا بأنه من المشايعين لأهل بيت نبينا الكريم، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم! وهناك العشرات من دلائل التناقض في هذا اللقاء الصحفي في هذه الشخصية السودانية الطيبة التي شوهها الهوس فصارت لا ترى لها في الأرض إلا الأعداء! حتى رفاقه- فيما يسميها هو، وهؤلاء الرفاق، بالحركة الإسلامية- لا يأتمنهم الرجل على شئ. ثم هو يحاول أن يظهر لنا من حاول أن يقتله بمظهر من يحمل راياً مخالفاً له، لا غير!!
هكذا يحتقر المتهوس نفسه، ويحقر من كرامته، ومن حقه في الحياة نفسها، فلا تبقى له حرية، ولأ رأي! ولا أظن بأن محمد طه محمد أحمد لديه رأي مبدئي عتيد في أي شئ! ومن لا يبقى له رأي ولا حق في الحياة فلا ينتظر غير القبر!!!
وهل لنا أن ننتظر من مهووس غير هذا!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمد طه محمد احمد ( الكوز ) ما بين الجبل والنهر !!! (Re: tariq)
|
الأخ العزيز النور كنت أنوى التأمين على تعليقك على موقف محمد طه في حينه لولا ظروف سفرى الأخير الى أيوا:
Quote: وأعيد على مرتادي هذا البوست تهربه من أسئلة الصحفيين حول مقتل الأستاذ محمود محمد طه، والذي انتهى به لأن يقول أن هذا "حكم محكمة" ولذلك فهو ليس في وسعه أن يعلق عليه!! ألا يدري محمد طه يا ترى أن المحكمة العليا قد نقضت ذلك الحكم الجائر عقب الإنتفاضة؟. ما الذي جعل محمد طه يحترم قرار مهزلة (المهلاوي، والمكاشفي، وحاج نور) ولا يحترم قرار المحكمة العليا التي نقضت الحكم بعد الإنتفاضة؟؟؟ |
وأضيف هنا أن محمد طه كان "يدري" بقرار المحكمة العليا الذي نقض قرار المهلاوي والمكاشفي وقد كتب عنه في صحيفته "الوفاق" بتاريخ 15/2/2002 في معرض اعتراضه على قرار مدير جامعة النيلين (وهو البرفسير عوض الحاج علي احد كوادر الاتجاه الاسلامي) بمنع اتحاد الطلاب (الذي كان يترأسه طلبة الاتجاه الاسلامي ايضا) من اقامة ندوة عن فكر الاستاذ محمود وعن أمر اعدامه بحجة أن ذلك يعرض حكم القضاء (يقصد المهلاوي والمكاشفي) للنقد والمراجعة .. فكتب محمد طه يحاججه قائلا:
Quote: ولو استشار مدير الجامعة عميد كلية القانون لقال له العميد ان حكم القاضي المهلاوي والقاضي المكاشفي بالاعدام على المهندس محمود محمد طه قد تعرض للنقد والنقض في المحكمة العليا وهذا الحكم يدرس في كليات القانون كسابقة للاحكام الخاطئة التي تمت على عجل واعدمت انساناً بعجلة سياسية لا علاقة لها بالتروي والصبر والحكمة |
وأردف قائلا في نفس الصحيفة بتاريخ 18/2/2002 :
Quote: ان القضاة الذين يقول مدير جامعة النيلين انهم يجب ألا يتعرضوا للنقد اعدموا رجلاً ودفنوه في قبر مجهول، فماذا يعتبرهم اذا وصل الجدل حول حكمهم الى انهم اخطأوا أو اصابوا ؟؟ انهم احياء يرزقون، بعد ان اعدموا زعيم حزب ظل يعيش في بيت جالوص في الحارة الاولى بالثورة- ام درمان. |
فلأن يأتي محمد طه اليوم ليناقض نفسه بنفسه ويحتج بالحجة التي دحضها هو نفسه في الأمس القريب فإن ذلك يدل على أنه يلعب على الحبلين أو أنه يفكر بعقلين منفصلين وكلا الأمرين يؤكدان أنه لا يزال هو هو ذلك الشخص الموتور (بحسب اعترافه) والملتوي (بحسب مواقفه) وربما الطامع في جولة اخرى يترأسها الترابي الذي وقف بثقله وراء حكم الردة ووراء اغتيال الاستاذ محمود محمد طه ، ولذلك فإنه يحق في أمره قولك:
Quote: الإخ المسلم يظل أخاً مسلما، في غالب أحوله. فهو قد يُشَرِّقٌ هنا، ويُغَرِّب هناك. ولكنه لا يملك في نهاية الشوط، من أن يعود لعشه القديم. وقديما قيل: (العرجا لمراحها). |
| |
|
|
|
|
|
|
|