عدنان زاهر : مياه النيل..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-16-2024, 05:28 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-26-2007, 01:26 AM

الجيلى أحمد
<aالجيلى أحمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2006
مجموع المشاركات: 3236

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
sssss
عدنان زاهر : مياه النيل..

    *
    اقوم باعادة نشر هذا المقال و مقال آخر بعده بعنوان "المياه بؤر التوتر" ، كنت قد قمت بنشرهما عام 2004، و المقالين يتعلقان بمياه النيل و ما يثار حولها من جدل و مناقشات و ذلك لما يلى من اسباب:

    1- كثر مؤخرا الحديث عن المياه و تحديدا مياه النيل والاتفاقية التى تنظم المياه بين دول حوض النيل، و قد ابدى الكثيرون من تلك الدول رأيا فى عدم عدالة تلك الاتفاقية و ضرورة مراجعتها و تلك وجهة نظرصحيحة جديرة بالوقوف عندها و مناقشتها خاصة ان مسالة المياه ترتبط بالحياة و مستقبل تطور تلك البلدان.

    2- يعتقد كثير من خبراء المياه ان بؤر التوتر سوف ترتبط مستقبلا بمصادر المياه ، مع شحها و تزايد الطلب عليها و يقولون ان حصة الفرد من استهلاك المياه ستنخفض كثيرا فى العشر سنوات القادمة.

    3- هنالك مقال نشر فى جريدة الاهرام القاهرية فى العدد 4081 بتاريخ الاربعاء 15 اغسطس 2007 فى العمود اليومى الذى يحرره الصحفى مرسى عطا الله، تناول فيه شخص يدعى د. على نورالدين اسماعيل- خبير برنامج الامم المتحدة الانمائى- المملكة العربية السعودية مسألة المياه، ساقتطف هنا جزء من مقاله "النقطة الثانية: تتعلق بالجانب السياسى و الاقتصادى لموضوع حصص نهر النيل و الذى تحكمه اتفاقية 1929 بين مصر و انجلترا ممثلة فى دول الحوض انذاك و التى ترى فيها تلك الدول اجحافا لها، و اتفاقية 1959 بين مصر من جهة و السودان من جهة أخرى و التى تم بموجبها زيادة حصة السودان على حساب حصة مصر....... فى كل الحالات فان الامر يتطلب النظربطريقة موضوعية فى كلتا الاتفاقيتين لمصلحة جميع الاطراف و ضرورة اعادة قراءة بنودها بطريقة اقتصادية و دون ضغوط سياسية حيث يمكن يزويد هذه الدول بطاقة كهربائية نظير حصة اضافية لمصر كحل مقبول للطرفين اوبتعبير آخر زيادة الكفاءة الطاقمائية للنهر."

    و فى رأيي ان اعادة نشر المقالين يزيلان كثير من اللبس و الغموض، و الطرح المزيف والمتعمد الذى ينشر بين فينة و اخرى فى اجهزة الاعلام المصرية الرسمية حول مياه النيل لجس النبض ، طمس الحقيقة او لتسويق فكرة ما.

    السودان واتفاقية مياه النيل لعام 1959

    لماذا الآن

    كما ذكرت في مقالي السابق الذي نشر (بسودانايل) بعنوان (المياه بؤر التوتر) في يناير من العام الحالي، فقد حدث ما توقعت تماماً ووفقاً لما توصل اٍليه الخبراء في دراساتهم. و ها نحن نشاهد مزيداً من التوتر والتوجس بين دول حوض النيل، يتابع المهتمين بقلق ووجل الاستقطاب والاستقطاب المضاد، التكتل والمقترحات المتباينة والمتضاربة. فقد ذكرت الأخبار نقلاً عن الصحف السودانية والصحف العالمية أن ثلاث دول أبدت معارضتها وعدم التزامها بتوزيع حصص مياه النيل الحالية. وهذه الدول هي كينيا وتنزانيا ويوغندا. كما أعلنت تنزانيا من جانبها عن نيتها في انشاء خط ناقل من للمياه يستمد مياهه من بحيرة فكتوريا. من جانب آخر دعت كينيا لاجتماع طارئ لوزراء ري دول الحوض العشر في هذا الشهر في عاصمتها (نيروبي) لحسم الخلاف المتزايد بين هذه الدول. أما مصر المثيرة لهذا الجدل والمقصودة بهذا الخلاف باعتبار حصولها على أكبر الحصص من مياه النيل ونتيجة للاٍتفاقيات التي تمت في زمن المستعمر، فقد أبدت اعتراضها بالطبع على المشروع المزمع اٍقامته في تنزانيا.

    هذه التداعيات التي تشي بوادرها بتفاقم هذه الخلافات مستقبلا طرحت وتطرح كثيرا من الأسئلة المتداخلة ومن ثم المقترحات ذات الوجهات المتعددة.

    السؤال الملحاح الذي يتبادر في ذهن الكثيرين ويتكرر ويظل عالقاً لا يبارح التفكير هو هل السودان بمنأى عن هذا النزاع؟!! ثم يتبعه سؤال آخر هل السودان مؤهل للدخول كوسيط لحل هذا النزاع المتفاقم ونزع فتيل التوتر بين ذول الحوض ودولة مصر يسنده في ذلك موقعه الوسطى كما اقترح البعض؟!

    وسؤال تفرضه هذه الأسئلة ويرادفها - كيف تنظم مسألة المياه بين السودان ومصر؟!

    في تقديري أن الاٍجابة على هذه الأسئلة المشروعة تستوجب بالضرورة التعرض لاٍتفاقية مياه النيل لعام 1959 الموقعة بين السودان والجمهورية العربية المتحدة (مصر حاليا)، لمعرفة الحصص التي يحصل عليها كل من الطرفين. ومن وجهة نظري أن التعرض لهذه الاٍتفاقية يعتبر غاية في الأهمية ويساعد على تحقيق شيئين كنت ولا زلت أنادي بهما:

    الأول : تعميم المعرفة بالاتفاقيات الدولية (راجع مقالي بسودانايل بتاريخ 20/11/2003- الاٍتفاق والرقابة العامة) التي تقوم الدولة السودانية بالتوقيع عليها نيابة عن الشعب السوداني والتي تعتقد الحكومات أنها تهم (النخبة) فقط ولا يحق للعامة الاٍطلاع عليها لذلك نرى أهمية كشف بنودها لكافة الناس للمشاركة واٍبداء الرأي.

    الثاني: تعريف السودانيين بصورة خاصة باتفاقية مياه النيل ذلك (التابو) الذي يضرب عليه حاجز من الكتمان والسرية وتشجيع الغير لتناول موضوع مياه النيل الذي يهم كل السودانيين باعتبار المياه تلعب دورا أساسيا في استمرار حياتهم وتطورها.

    اٍتفاقية مياه النيل لعام 1959

    هي الاتفاقية التي وقعت في الثامن من نوفمبر 1959 بين الجمهورية العربية المتحدة (مصر حاليا) ينوب عنها وزير داخليتها في ذلك الوقت زكريا محي الدين وجمهورية السودان ينوب عنها اللواء طلعت فريد وزير الاٍستعلامات والعمل في حكومة عبود العسكرية والاٍتفاقية تشتمل على (1) محضر الاٍتفاقية وهي البنود التي تحتويها (2) ثلاثة ملاحق تقرأ مع الأتفاقية وتعتبر جزءا لا تتجزأ منها. الملاحق الثلاثة تشتمل على ملحق أول يتحدث عن سلفة مائية تطلبها الجمهورية العربية المتحدة من السودان والملحقين الآخرين يتتضمنان التعويضات التي ستقوم بدفعها مصر الى سكان حلفا حين تغمرها مياه السد العالي وهي عبارة عن مبلغ وقدره خمسة عشرة مليون جنيه مصري!!

    بنود الأتفاقية أو أقسامها، تنقسم بدورها الى ثمانية أقسام وتسمى في الأتفاقية (أولا حتى ثامنا) ووفقا للترتيب التي جاءت فيه فهي (1) الحقوق المكتسبة الحاضرة (2) مشروعات ضبط النهر وتوزيع فوائدها بين الجمهوريتين (3) مشروعات استغلال المياه الضائعة في حوض النيل (4) التعاون الفني بين الجمهوريتين (5) أحكام عامة (6) فترة الأنتقال قبل الاٍنتفاع من السد العالي الكامل (7) سريان هذا الاٍتفاق (8) يعتبر الملحق (1) والملحق رقم (2) (أ) و (ب) المرفقان بهذا الاٍتفاق جزءا لا يتجزأ منه.

    تفاصيل الاٍتفاقية

    بتبسيط غير مخل للمضمون سأكتفي باستعراض الأقسام التي أرى أنها جديرة بالمناقشة وتعطي فكرة متكاملة عن الأتفاقية وهي في تقديري (1) الحق المكتسب (2) مشروعات ضبط النهر وتوزيع فوائدها بين الجمهوريتين (3) مشروعات استغلال المياه الضائعة في حوض النيل (4) الأحكام العامة (5) ملحق رقم (1) اٍضافة الى المقدمة أو كما أطلق عليها في الأتفاقية محضر التوقيع.

    محضر التوقيع

    الاٍتفاقية تبدأ بمحضر التوقيع أو ما يمكن أن نطلق عليه مجازا مقدمة أو مداخلة وتحدد الغرض من الاٍتفاقية وهو كما جاء في هذا المحضر الاٍنتفاع الكامل بمياه النيل والحاجة الى مشروعات لضبطه.

    أولا: الحقوق المكتسبة

    نصت الاٍتفاقية أن تكون الحقوق المكتسبة لمصر 48 مليار متر مكعب من المياه مقدرة عند أسوان وللسودان 4 مليار متر مكعب من المياه تحسب عند أسوان قبل الفوائد التي يحققها ضبط النهر.

    ثانيا: مشروعات ضبط النهر

    تقوم مصر بانشاء السد العالي عند أسوان كأول حلقة من سلسلة مشروعات التخزين كما يقوم السودان بانشاء خزان الصيرص على النيل الأزرق.

    يقدر ايراد النهر في أسوان بنحو 84 مليار متر مكعب سنويا وعليه سيكون لمصر 48 مليار حقوق مكتسبة ويكون للسودان 4 مليار متر مكعب حقوق مكتسبة.

    هنالك عشرة مليار قدر بأنها تضيع بفعل التبخر فيما سمي في الاٍتفاقية (متوسط فاقد التخزين).

    يتبقى من كمية المياه المقدرة عند أسوان 22 مليار متر مكعب تتوزع بنسبة 14,5 مليار متر مكعب للسودان و 7,5 مليار متر مكعب لمصر.

    بناء على التقسيم أعلاه وبعد التوقيع على هذه الاٍتفاقية يكون نصيب مصر من المياه 55،5 مليار متر مكعب ونصيب السودان 18،5 متر مكعب.

    ثالثا: مشروعات استغلال المياه الضائعة في حوض النيل

    تم التفاق بين طرفي الاٍتفاقية على انشاء مشروعات تمنع الضائع من مياه النيل في مستنقعات بحر الجبل، بحر الزراف، بحر الغزال وفروعه، ونهر السوباط وفروعه وحوض النيل الأبيض على ان تكون النفقات مناصفة بين الدولتين.

    رابعا: التعاون الفني

    اتفق الطرفان على تكوين هيئة فنية دائمة تتكون بالتساوي منهما.

    خامسا: أحكام عامة

    اتفق الطرفان على التوطد في الرأي في مواجهة دول الحوض الأخرى في كل المسائل التي تتعلق بمياه النيل في المستقبل.

    اتفق الطرفان على على أنه في حالة تخصيص أي قدر من المياه لأي من دول الحوض مستقبلا فاٍن هذا القدر المخصص يخصم مناصفة بينهما.

    ملحق رقم (1)

    في هذا الملحق تطلب مصر من السودان سلفة مائية مقدارها مليار ونصف متر مكعب

    الملاحطات على أقسام الاٍتفاقية

    دون الدخول في أي حذلقة قانونية سوف أبدي بعض الملاحظات على الأقسام أو البنود التي قمت بذكرها في المقال أعلاه :

    1- الاتفاقية أغفلت كثيرا من الأشياء والتفاصيل التي يفترض وجودها في مثل هذه الاٍتفاقيات وما درج التعارف عليه فانونا في مثل هذه (العقود) التي يتعلق مضمونها بحقوق أمم ومستقبل أجيال. اٍن اغفال مثل هذه الأمور يؤدي الى تغبيش الرؤى، تعدد وتضارب التفسير، وتناقض التأويلات. كل تلك المسائل مجتمعة تؤدي في نهاية المطاف الى مشاكل يصعب احتوائها. مثال لذلك الخلل فاٍن الاٍتفاقية لم تفرد جزءا في مقدمتها لتعريف المصطلحات الواردة بها والتي يمكن أن تكون مثارا للخلاف وتباين وجهات النظر، نموذجا لذلك تعبير (الحق المكتسب).

    2- لم يرد في هذه الاٍتفاقية النص عن كيفية تعديلها أو حتى الغائها!!!

    3- لم يرد نص في هذه الاٍتفاقية يبين كيفية حل أي نزاع أو خلاف يمكن أن يقوم بين الدولتين الموقعتين حول أي من بنود هذه الاٍتفاقية أو الآلية المناط بها حل هذا النزاع (افتراض دوام الحال).

    4- الاٍتفاقية لم تتحدث عن مدة لسريانها.

    5- مصر وفقا للاٍتفاق حصلت على 48 مليار متر مكعب من المياه ، ادعت أنها حقوق مكتسبة وهو في اعتقادي تقنين لما كانت تحصل عليه مصر أبان استعمارها للسودان. وهذه الأنصبة التي سميت بالحقوق المكتسبة هي حقوق تحصلت عليها نتيجة لتبادل خطابات سنة 1929 بين رئيس وزراء مصر والمندوب السامي البريطاني وفيها اعترفت بريطانيا بحقوق مصر الطبيعية والتاريخية في مياه النيل!!!

    وغني عن القول أن هذا الاٍتفاق تم في غياب الاٍرادة السودانية، وهو اٍتفاق تم بين دولتين تجاه دولة ثالثة يستعمرانها مستلبة الاٍرادة وهو بهذه الصفة يفتقد الى السند القانوني والاٍخلاقي. ويحق لنا أن نتساءل ماهو تعريف الحق المكتسب؟ وكيف ومتى تحصلت عليه مصر؟ وبأي حق وماهو هذا السند القانوني والأخلاقي لهذا الحق.

    6- من النظرة الأولى للاٍتفاقية يلاحظ التقسيم غير العادل وغير المنصف للمياه بين السودان ومصر، التي تحصل على ثلاث أضعاف ما يحصل عليه السودان. هذه الكمية الهائلة من المياه تحصل عليها مصر دون مبرر أو سبب معقول أو حتى مجرد حجة للاٍدعاء بحق! مصر تحصل على 55,5 والسودان يحصل على 18,5 !

    هنالك ملاحظة بسيطة لماذا نص في هذا الاٍتفاق على أن يوزع صافي ايراد النهر بعد استبعاد الحقوق المكتسبة بنسبة 14.5 للسودان و 7.5 لمصر؟! على أي أساس تم ذلك! وهل هذا التقسيم محاولة لذر الرماد على العيون وصرف الأنظار عن 48 مليار متر مكعب التي تأخذها مصر من مياه النيل كحقوق مكتسبة!

    7- هنالك نص احترازي ورد في الأحكام العامة ينص على ضرورة اتفاق الدولتين وتوحدهما في مواجهة أي نزاع يمكن أن تثيره دول الحوض الأخرى حول أحقيتهم وحصتهم في مياه النيل. وفي اعتقادي أن هذا النص استباق عدائي يهدف الى تكوين محور مصري سوداني في مواجهة الدول الأفريقية الأخرى، كما يهدف الى عزل السودان من جيرانه الأفارقة ودورانه في فلك مصر.

    8- هنالك أيضا نص (مراوغ) آخر في بند الأحكام العامة يشير الى أنه في حالة تخصيص أي قدر من المياه مستقبلا لأي من دول الحوض يقسم مناصفة بين مصر والسودان. ذلك يعني في نهاية الأمر أن تظل نسبة توزيع المياه بين السودان ومصر كما هي 3:1.

    9- جاء في ملحق (1) مطالبة مصر للسودان لسلفة مائية مقدارها مليار ونصف متر مكعب! وهذا الطلب يثير الدهشة والغضب كما يعكس امعان الحكومة المصرية في سياسة الاٍستغلال (والاٍستغفال)- فكيف يستقم عقلا ومنطقا أن تأخذ مصر سلفة مائية من السودان وهي تأخذ من المياه ثلالثة أضعاف ما يأخذه!!!

    هل يعتقدون أيضا أن السوداني يمكن أن يعيش دون ماء؟! ونتساءل هل هذه السلفة صدقة أم منحة أم هنالك مقابل مادي لها! وكم مقداره؟! وكيف يسدد؟! واذا كان المقابل مادي فهل سدد أي جزء منه؟!

    يقال أن السلفة المائية ارتفعت كميتها في السنوات التي تلت التوقيع على هذا الاٍتفاق ولا زالت مصر تأخذها من مياه السودان حتى الآن وبلا مقابل.

    نتساءل مرة أخرى ببراءة هل يمكن أن تتحول هذه السلفة المائية لحقوق مكتسبة؟!

    10- الملاحظة الجوهرية والأخيرة كيف تسنى لحكومة السودان في ذلك الوقت القبول بهذه الاٍتفاقية والتوقيع عليها؟! ولنا بعض الأسئلة المشروعة، هل كان يرافق الللواء طلعت فريد عند ذهابه الى مصر للاٍتفاق فريقا من الخبراء؟ وهل عرضت هذه الاستفاقية على أي جهة فنية سودانية قبل التوقيع عليها؟ وأخيرا لماذا تم الاٍتفاق والتوقيع في مصر ولم يتم في السودان؟!!

    بالطبع أن كل ذلك لم يتم. حكومة عبود العسكرية في سنين حكمها الأولى كانت تبحث عن التأييد الدولي والقبول الخارجي والبقاء في السلطة بأي شكل من الأشكال لذلك وقعت على هذا الاٍتفاق (المشاتر). اٍن هذا الاٍتفاق هو تفريط في حق الوطن والمواطنين يستدعي المساءلة القانونية، التاريخية والأخلاقية.

    السودان ونزاع حوض النيل

    كما ذكرنا في مقدمة هذا المقال أن الأوضاع تتفاقم بين دول الحوض بسبب قسمة المياه. حكومة الاٍنقاذ العسكرية الاٍسلامية على لسان وزير الري السوداني القادم من قمة (سرت) نفى وجود خلافات بين دول الحوض ولأن حكومة الاٍنقاذ وممثليها عودونا على الكذب البائن الفاضح، ولأنهم يعيشون هذه الأيام شهر عسل مع الحكومة المصرية ويكررون معها بشكل غير ذكي كل ما قامت به حكومة عبود فسوف نتجازو رأيهم ونقفز مباشرة الى السؤال الجوهري.

    هل السودان الدولة مؤهل للدخول كوسيط لحل هذا النزاع المتفاقم بين دول حوض النيل؟

    ابتداءا أود أن أزعم أن موقع السودان الوسطي بين مصر وبين دول الحوض لا يفيد كثيرا في هذا النزاع ولن يلعب دورا حاسما وذلك للآتي: (1) أن هذا النزاع يتسم بخصوصية متفردة وهو أن الشئ المتنازع عليه - المياه- محدودة الكمية معروفة الفاقد وهنالك قوانين ومبادئ تحكم هذا النزاع.

    (2) أن أساليب (الجودية) التي تعودنا عليها في السياسة السودانية لا تجدي فتيلا في هذه الحالة وذلك لأن هنالك صفة أساسية يجب أن تتوافر في أي شخص، دولة أو هيئة تقوم بدور الوسيط. وتلك الصفة المفترض وجودها هي الحياد وهذه الصفة لا تتوافر الآن للسودان الدولة لسببين:

    أ- أن السودان مفترض أن يقف موقفا مؤيدا ومطابقا لموقف مصر في مواجهة دول الحوض الأخرى كما ورد في اتفاقية مياه النيل.

    ب- أن السودان بعد أربعة عقود من اتفاقية مياه النيل مع مصر وبعد كثير من المتغيرات المناخية، الاٍجتماعية، السكانية والاٍقتصادية يفترض أن يكون جزءا من ذلك النزاع كمطالب لحصة عادلة من مياه النيل وليس كوسيط في ذلك النزاع أو مؤيدا لمصر.

    هذا هو موقف السودان الآني من مياه النيل مصدر الحياة لنا ولأجيالنا القادمة، فهل نحسن التقدير والاٍختيار.



    مارس 2004

    عدنان زاهر
    _______________________________________


    * نقلآ عن الميدان الاكترونيه
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de