|
|
 نزار غانم يتذكر : (البعاتي) الذي أبكى ود بادى
|
احبتي
قبل انقطاعي عن البورد لسنتين كنت تحدثت عن اولاد الدفعة و المتميزين منهم في الادب و في الشخصية اما المتفوقين و المتفوقات في الطب فهم الان يقدمون صورة السوداني الناجح في مستشفيات العالم
فاتني ان اذكر حادثة شخصية مررت بها مع الشاعر الطبيب الشايقي الذي تربى في بلاد الجعلية محمد بادى محمد و هل يخفى القمر
كانت اجازة منتصف العام و كنا نسكن داخلية حسيب و بالطبع فقد ذهب الجميع الى بيوتهم و اهاليهم في الاقاليم و بقيت مثل السيف وحدي على راي الشاعر معد بن يكرب الزبيدي اليمني الا اثنين اصرا على ان يقضيا جزءا من الاجازة مع هذا اليمني الوحداني هما ود بادى و محمد الحسن محمد ابوبكر الذي اصبح الان من اهم اخصائي الموجات الصوتية بشارع الدكاترة بامدرمان و ساعود اليه بعد سطور
لم يكن ود بادى يحب السينما على عكسي و كان يحاول تفادي تحلق و تعلق البنات حوله فقد كان و ما زال شاعرا موهوبا و رجلا قويا متماسكا و كان يقول لي يا شيخ نزار اللقاء و الحديث مع الحسان يمكن ان يثير الرجل على ما فيه من اثارة هرمونات مطلع العشرينات من العمر و انا لا ادري بشأنك و لكنني اجد ان الوقاية خير من العلاج !
و ذات يوم كان شايقيا بامتياز فقد تغذينا فيه القراصة بالشطة في السوق العربي ثم جاء يسامرنا مطرب الطنبور الاستاذ صديق احمد الذي غنى اغنية من وحي اليمن كتبها له الشاعر السوماني الراحل محمد مجذوب علي - توفي في الكلاكلة هذا العام بعد ان درس في اليمن 40 عاما -
اقول خلدنا انا و بادى الى النوم في حجرة بالطابق الثاني من داخلية حسيب و في حوالي الساعة الثالثة من الليل وسط صمت مطبق استيقظت على تربيت امراة شابه على كتفي و هي تقول لي : يا انت قوم قوم, و ظننت اني في حلم من احلام تلك الايام و لكني ذعرت عندما وجدتها حقيقة فقمت الى سرير ود بادى و صحيته فقام بصعوبة و لكنه اول ما شاهدها سمى بالرحمن و سالها من انت و كيف استطعت التسلل دون ان يراك الحراس في البوابة و كيف عرفت ان هذه الغرفة المظلمة و هي الوحيدة التي كانت مسكونه و في الطابق الثاني ايضا اي انك صعدت الدرج و ماذا تريدين منا
و المثل السوداني يقول قام من نومه لقى كومه و تشاورت مع بادى ان المراة التي شرحت لنا انها جاءت تبحث عن ابنها في حوادث مستشفى الخرطوم و ظلت الطريق يجب ان تخرج دون ان يراها الحراس و الا فاننا سنترفد من كلية الطب و لن يقبلوا لنا عذرا و قد كان فقد تسللنا الثلاثة من امام الحارسين بعد ان فلسنا الباب و بدانا نمشي في طريق حوادث الخرطوم و عندما ودعناها في منتصف الطريق سالها بادى عن اهلها فقالت انها مطلقة عندئذ و لاول مرة في حياتي رايت صوت بادى يعلو بالنشيج و كان الدمع استعصى عليه و عدنا الى نومنا بين مصدق و مكذب هل كانت بعاتي و بعد سنين و كلما التقى بادى اذكره بالحادثة فيقول لي انه لا يريد ان يتذكر ذلك الموقف الصعب
اما ابن عطبرة بروفسير محمد الحسن محمد ابوبكر فكان رجل دنيا و دين معا و قررنا ان نذهب الى السينما و العرب تسميها دار الخيالة و لسوء الحظ كان اختيارنا لفلم في سينما بالديوم الشرقية حبذا لو اتى المتفرج فيها بكرسيه من البيت لان الكراسي سيئة و تشطط البنطلونات و تخلل العرض انقطاع كهربائي زادنا على ما فينا ضيقا و كان الفلم كاوبوي ممل و كنا نرى شخصين في درجة شعب الرخيصة يتشيع احدهم للبطل و الاخر للمجرم و في اخر الفلم كان البطل يمشي حاملا مسدسه دون ان يشعر ان المجرم سينقض عليه من الخلف و لكنه راى ظل المجرم في ساعته و التفت لينهيه و ينهي الفلم معا لكن الشخص المتشيع للبطل كان قد تدخل في مجرى الاحداث و صاح وراك وراك فما كان من المتشيع للمجرم الا ان صاح كيف توريهو و اغمد سكينا صغيرا في خصمه و فر ليختبا في الحمام و حضر البوليس و لم نستطع ان نغادر مكان الحادثة الا بعد القاء القبض على الشخص في الحمام
و عندما رجعنا لم تكن هناك مواصلات فرجعنا كداري عن طريق كوبري الحرية و كان محمد الحسن يلعن الساعة التي قررنا فيها الحصول على الترفيه البريء في دار الخيالة
محمد الحسن اهدى اطروحته في الاشعة التي اشرفت عليها الفقيدة الدكتورة سلمى الى شخصي و سمى ابنه الاول باسم مركب هو نزار غانم محمد الحسن محمد ابوبكر
قال الشاعر : تولى زمان لعبنا به و هذا زمان بنا يلعب
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست