أسامة النور ... أركلوجيا الوعي ، وحداثة الأسئلة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-28-2024, 11:12 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-30-2007, 10:24 AM

محمد جميل أحمد
<aمحمد جميل أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
sssss
أسامة النور ... أركلوجيا الوعي ، وحداثة الأسئلة

    من المؤلم والمحزن أن يدرك المرء ، بعد فوات الأوان أنه : (ليس بإمكانه أن ينهل من النبع مرتين) بحسب مقولة هارقليط الشهيرة . فحين يغيض النبع ـ مرة وإلى الأبد ـ دون أن نغرف منه ؛ لا تتكشف الأسئلة الحارقة عن غياب سهولة الارتواء من النبع ؛ بل عن غياب الجدوى التي تضمر فقراً مخيفا ً ، وذهولا عن الانتباه لعابر هائل مر بنا و بتاريخ السودان وهو يختزن ويعبـِّر عن الكثير من الأسرار الكاشفة عن كينونة حضارية متقدمة لذلك التاريخ ، عبر جهود معرفية ارتبطت بتأويل ذلك التاريخ في واقع يفيض بالأسئلة الناقصة ، واقع حجبته الآيدلوجيا المركـّزة والمتبادلة بين الجماعات السياسية وأتباعها من المثقفين (التقنيين) دون أن تدرك سيولة الأرض التي تنزلق فيها بفعل غياب الرؤية المتماسكة الصلبة ، للشعارات التي تلهج بها .
    هكذا كان يتأمل الراحل المقيم الدكتور أسامة النور السودان بين (أزمة التاريخ ، وعجز الذاكرة) ، وينتبه للعديد مما هو مسكوت عنه من الحقائق المعرفية ، عبر أسئلة جدلية نشطة تنتبه لوعي أحدوثة التاريخ ، وإمكان تجديدها وإعادة إنتاجها مرة أخرى بفعل الآيدلوجيا . ومن هنا كان يتأمل آيدلوجيا الإنقاذ الدينية المعاصرة ، في ضوء أزمة الأسرة الخامسة والعشرين ذات الأصول السودانية التي حكمت مصر في عصر الفراعنة، ليثبت أن استعادة التاريخ بوعي أيدلوجي في واقع معاصر ، هو الوجه الآخر لأزمة الكينونة. حين قال : (عبر غيرتهم على عبادة الآلهة الرسميين وعلى نصرة التقاليد حاول ملوك الأسرة الخامسة والعشرين الإيحاء بشرعية تطلعهم لفرض سيطرتهم على مصر) . ذلك أن الراحل المقيم حين دعا إلى تأسيس علم (الدراسات السودانوية) وفرزه عن الهامش المحقــَّر لعلم المصريات (egyptlogy) كان على يقين بأن الوحدة في إطار التنوع ،التي مازت تاريخ السودان القديم ودلت على التطابق الديمغرافي والجيوساسي للسودان المعاصر، إذا لم يتم تمثلها معرفيا في بنية وعي وطني إستراتيجي ، وتحقيقها في حقوق دستورية وتربوية ناظمة ومؤسسة لمفهوم المواطنة ؛ كان على يقين إذا لم يتم ذلك ـ طال الزمن أم قصرـ فإن مصير السودان سينطوي على أفق مسدود ، لأن طبيعة تلك الآيدلوجيا الآنفة الذكر (آيدولجيا الإنقاذ) هي آيدلوجيا انسدادية.
    هذه الرؤية الجدلية لعلاقة التاريخ بالواقع كانت بمثابة خيط ربط به الراحل المقيم علاقات الوعي الشقي ، وهو يتأمل تعثرات أحادية آيدلوجيا الإنقاذ الدينية المعقدة على نحو رث مع نزعات عرقية عربية / شمالية ، ماهت بين صورتها المؤدلجة ، ومصير السودان ـ الحقيقة أن الإنقاذ كانت هي الصورة الأسوأ لتلك الآيدلوجيا التي يمكن أن نصف حيثياتها الأولى بأنها كانت حيثيات معلقة ، أكثر من كونها مقصودة لدى مؤسسي دولة الاستقلال ؛ إذ أن الشعور القومي ضد الاستعمار والوضع العالمي الخاضع للاستقطاب الذي سمح بصورة الدولة الهشة في العالم الثالث وغير ذلك ، يجعلنا نميل إلى كون حيثيات تلك الآيدلوجيا ، في بداياتها ، حيثيات معلقة أكثر من
    كونها مقصودة . وهذا بالطبع يفسر ولا يبرر .
    بعبارة أخرى ، كان الراحل المقيم الدكتور أسامة النور يشتغل على مشروع تاريخي معرفي يمكن أن يؤسس للبني المعرفية والثقافية لمفهوم الدولة ـ الأمة (الدولة القومية) من خلال الوعي التاريخي بصورة موازية لعناصر مشروع الدولة ـ الأمة، في السياسة والدستور والمواطنة ...ألخ
    ولأن الفكر يسبق الواقع فإن الحقائق التي خرج بها الدكتور أسامة النور من خلال تلك الرؤية التي تنتبه للعلاقات الجدلية بين التاريخ والحاضر ، كانت رصيدا رمزيا غنيا لمن أراد أن يتأمل في الخروج من المأزق الذي عمقته تجربة حكم الإنقاذ لمصير السودان بتلك الأيدلوجيا الإنسدادية .
    ولأهمية هذه الرؤية المركبة لعلاقات التاريخ بالواقع ، كان من الطبيعي أن تتجلى في مواقف الراحل الكبير ، وهو يختبر صلابة المعرفة على سيولة الواقع وتحولاته المأزومة ، لا من الموقع الأكاديمي فحسب ؛ بل من مسؤولية المثقف النقدي الذي من أهم صفاته أن يكف عن كونه (مثقفا ً تقنيا ً) بحسب عبارة الراحل الثاقبة .
    ذلك أن المثقف إذا أصبح ترسا في عجلة النظام ـ مهما كان ثقله المعرفي ـ كف عن كونه مثقفا نقديا ، و تحول إلى مثقف (تقني) ؛ لأن ذلك يعفيه من طرح الأسئلة التي يفيض بها الواقع المأزوم .
    وفي هذا المعنى يقول الراحل الكبير : (لذا فإن خطاب الإنقاذ السائد لا يرحب بوجود المثقف فهذا الأخير يحمل عادة رؤية ومشروعا بديلا للمشروع القائم ولهذا فإن السلطة عادة ما تسعى إلى إقصائه وتهميشه) ..
    فموقع المثقف الهامشي من السلطة هو الذي يسمح له بالاستقلالية والتأمل .
    ذلك أن (دور المثقف : أن يتحمل هامشيته) بحسب رولان بارت ، لأن النظر الثقافي والمعرفي يقتضي من المثقف نقد خطاب السلطة بعيدا عن مركزها .
    وكان الراحل الكبير واعيا لهذا المعنى المركزي لطبيعة المثقف ودوره في نقد خطاب السلطة لا عن طريق العداء ، بل عن طريق المعرفة التي هي أهم حيثية تقوم عليها الكيانات المتماسكة ، ولأن سلطة الإنقاذ الدوغمائية لا ترى في اختلاف المثقف رصيدا للمعرفة الوطنية ، بل تماهي بين سلطتها والدولة والوطن دون فرز لهذا حسبت اختلاف المثقف معها خيانة لخطابها الآيدلوجي. وهذا ما جعل الراحل يتأمل مقولة (ميشيل فوكو) في تعريفه للخطاب ، وتسائل ما إذا كان مفهوم الخطاب عند (فوكو) يمكن تأويله في خطاب الإنقاذ فقال نقلا عن فوكو : (إنتاج الخطاب في كل مجتمع هو في الوقت نفسه إنتاج مراقب ، ومنتقى ، ومنظم ، ومعاد توزيعه من خلال عدد من الإجراءات التي يكون دورها هو الحد من سلطاته ومخاطره) .
    وبناء على هذا المفهوم قال الراحل الكبير: (علينا أن ندرك بوضوح حقيقة كون الثقافة ذات حدود أوسع من الآيدلوجيا ، فهذه الأخيرة نسقية التفكير لهذا كان التفكر فيها نشاطا مغلقا . كل شيء فيه محدد سلفا ً ، في حين أن الثقافة تفكـُّر منفتح لديه الاستعداد للتواصل مع كل مصادر الحقيقة ... والثقافة تفكر أكثر تجريدا من الآيدلوجيا) " المقطتفات من مقال للراحل بعنوان :المثقفون السودانيون وآيدلوجيا الإنقاذ الانسدادية. منشور بـكوش الجديدة عدد فبراير 2005".
    كان الراحل يكشف عن صمت العلل التاريخية التي نطقت نهاياتها وتجمعت بصورة واضحة في تجربة الإنقاذ ، ويحلل خطابها بنقد تاريخي منهجي لم تراكمه نجاحاته الأكاديمية فحسب ، وإنما قدرته على تحديد الوعي التاريخي الذي يسمح له بمعرفة مآلآت الواقع المتحلل وتمييز شروطه الموضوعية . وبالتالي لم يسلم الدكتور أسامة النور من إقصاء السلطة الذي أصابه ورحَّــله إلى المنافي(الجزائر ـ اليمن ـ ليبيا) دون أن ينسى ولو للحظة واحدة الكتابة عن هواجس المصير الذي حاول بكل أدواته المعرفية أن يضع مؤشراته بين يدي أكبر قدر من النخب السودانية المثقفة ، وبتواضع نادر كان الراحل الكبير يريد أن يدمج صيرورة التاريخ السوداني القديم في الأسئلة الحديثة لمفهوم الدولة ـ الأمة (الدولة القومية) لا عبر الآيدلوجيا الكثيفة في الواقع السياسي ؛ بل من خلال التأمل المعرفي العميق في كل الإمكانات النظرية لمفهوم الأمة السودانية التي صنعت ذلك التاريخ القديم ، والتي يمكن أن يعاد إنتاجه مرة أخرى عبر صيرورة حديثة في الحريات و الديمقراطية والمواطنة القائمة على هوية (سودانوية) تتمثل روح السودان في التعدد والوحدة ، وتستند إلى مرجعية صلبة للحقوق المتكافئة بين جميع مواطنيه .
    وكان الدكتور أسامة النورـ رحمه الله ـ من القلائل الذين يتوفرون على رصيد واع بمقولة (السودان الجديد) ، من خلال إدراكه العميق لذلك المفهوم ، لا عبر الشعارات السائلة في الخطاب الدعائي لبعض القوى السياسية ؛ بل عبر التأويل والفرز المعرفي لخطاب السودان القديم ، الذي أوقن الراحل تماما ً بالإمكانات التي يمكن أن يتوفر عليها إذا ما تم سبر خطابه وفق معطيات وطنية ، ومراجعات نقدية لمجموع الحيثيات التي ساهمت في تكوين وعي ما ، بهوية سودانوية موجودة بالقوة ، وغائبة بالفعل ـ بحسب خطاب المناطقة ـ
    وبالرغم من انخراط الراحل المقيم في النشاط السياسي ضمن قوى اليسار السوداني منذ وقت بعيد ، إلا أنه ظل يمارس فرزا معرفيا ونقديا متواصلا ً ، جاز به في النهاية انسدادات الآيدلوجيا التي يمكن أن يصل إليها كل باحث جاد ، حين يتأمل خطاب القوى السياسية في السودان وفي المنطقة العربية .
    هكذا تجاوز الراحل الدكتور أسامة النور، طريق الآيدلوجيا إلى فضاء المعرفة المرتبطة بالبنى التحتية لتاريخ الأفكار وأسئلة الهوية الناقصة ، ليعكف على كل ما رسخ من تلك الهوية في الطبقات (الأركلوجية) للتاريخ السوداني ، وليخرج بالدعوة إلى تأسيس علم (الدراسات السودانوية) بعد سجال معرفي طويل في المؤتمرات الدولية المتخصصة في علوم (الأركلوجيا) وتاريخ السودان القديم .
    ولهذا يقول الراحل الكبير في مقدمة كتابه الأخير : (دراسات في تاريخ السودان القديم) الذي صدر قبل ثلاث سنوات بالخرطوم عن " مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي بالخرطوم " : (لقد ظللت أجادل بأنه آن الأوان لتسمية الفرع المعرفي الجديد بـ(علم الدراسات السودانوية)sudanology وأن يتم تجاوز التابو المفروض من قبل (المصريولوجيا) egyptlogy والذي كان يرتبط بالمنظور العتيق الذي لا يرى في الحضارة السودانية القديمة أكثر من مجرد انعكاس شاحب و " متوحش " للحضارة الفرعونية ... فالدراسات السودانوية هو علم يشدد ـ وفق تعبير " دريك ولسبي" رئيس الجمعية الدولية للدراسات النوبية ـ على الجذور المحلية والأصلية لحضارات السودان القديم موفرا البينات الوثائقية والمادية التي تقدم منظورا ً جديدا ً يرى في المؤثرات المصرية خلال العهد الفرعوني والمراحل اللاحقة مجرد عناصر خارجية) ..
    ولهذا أسس الراحل الكبير موقع ومجلة (أركماني) الدورية التي تهتم بعلم (الدراسات السودانوية) ـ التي أرسلها لي لأول مرة مع مقدمة كتابه المذكور، وظل يرسل لي أعدادها بانتظام ـ حين قرأ مقالي : (إشكالات السودانوية) الذي كتبته في معنى الهوية (السودانوية) وما إذا كانت موجودة بالقوة أم بالفعل ـ بحسب المقولة المنطقية ـ في ضوء المأزق الوجودي للسودان . ودعوت فيه إلى تأسيس بحوث معرفية لهذه(الهوية السودانوية) في التاريخ والسياسة والاجتماع . وكان ذلك استجابة كريمة منه ، ولفتة بارعة نبهتني إلى ما ظل يكتبه عن تاريخ الهوية السودانية .










                  

06-30-2007, 10:34 AM

محمد جميل أحمد
<aمحمد جميل أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسامة النور ... أركلوجيا الوعي ، وحداثة الأسئلة (Re: محمد جميل أحمد)
                  

06-30-2007, 04:06 PM

محمد جميل أحمد
<aمحمد جميل أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسامة النور ... أركلوجيا الوعي ، وحداثة الأسئلة (Re: محمد جميل أحمد)

    *
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de