|
الاستثمار فى المغتربين السودانيين بليبيا
|
http://www.sudaneseonline.com/ar/article_14234.shtml
الدبلوماسية العصرية
اصطف عشرات الرعايا السودانيين لاستقبال وفد رفيع المستوى قادم من جمهورية السودان إلى الجماهيرية الليبية لطرح مشروع العودة الطوعية برئاسة السفير محمد عمر مدير الشئون القنصلية بالخارجية السودانية وممثل لوزارة العدل وآخر لوزارة الداخلية يتقدمهم القنصل العام لجمهورية السودان ببنغازي .. وكانت الزيارة لمحافظة الجبل الأخضر بليبيا التي يزيد عدد الرعايا السودانيين فيها عن نصف مليون نفس .
وفي لحظات الاستقبال الحارة تلك عند مدخل مبنى الجالية السودانية التي كان يرفرف فوقها العلمين السوداني والليبي توقف الجميع فجأة في صمت مهيب ، لأن صوتاً قوياً اخترق جدار الضوضاء واستقر في القلب ( نحن جند الله جند الوطن ) .
أكثر من سبعين تلميذاً وطالباً سودانياً يتقدمهم معلم كهل أنشدوا علينا كلمات من سِفر الوطن المقدس .. أعادت لي الكلمات جزءاً من سنوات عمري الميتة.. ونقلت آخرين إلى ربوع الوطن الواسعة .. إلى الفاشر ، الأبيض ، كسلا وجوبا والجزيرة .. مجرد كلمات قادرة أن تستجمع لك شتات الوطن وما كنا لنملك سوى تلك الكلمات التي انطلقت من أفواه الصغار الذين هم كل ما جنيناه في غربتنا ولا نريد أن تموت فيهم سنوات العمر كما ماتت فينا .
نحن جند الله .. جند الوطن
إن دعا داعي الفداء لن نخون
نتحدى الموت عند المحن
هذه الأرض لنا .. فليعش سوداننا عالياً فوق الأمم
يا بني السودان هذا رمزكم .......
حاولت أن استجمع كلمات هذا النشيد بعد جهد وعناء من عدة أشخاص ولا أدري إن كان صحيحة أم لا ؟؟ ولا لوم عليهم إذ شارك الذين صنعوا غربة هؤلاء في أن يقتلوا فيهم الإحساس بالوطن .. فقدوا الروابط والجذور .. أضاعوا كلمات النشيد الوطني .. وبينما أنا أسأل عن كلمات النشيد سألني أحدهم عن اللونين الأسود والأبيض بعلم السودان ( الحرب والسلام ) أليس هذا منافياً للكلمات.
كانوا بحاجة لتربطهم بجذورهم في خضم المسئوليات الجسام التي فرضتها الغربة وكانوا في حاجة إلى رسول يربط بينهم والوطن ويريهم آيات المجد ومعجزات الثورة ويشرح لهم لماذا اللون الأسود بعلم السودان .
السيد عبد الله وادي القنصل كان هو الرسول لهؤلاء وللرجل مقدرة فائقة على الكلام ومقدرة أكبر منها على تغيير مفردات هذا الكلام ومقدرة تفوقهما على تغيير مفهوم هذا الكلام .. إن الرجل عدوٌ لدود للصدق .. كيف لا وهو يعلم علم اليقين أن المدرسة التي كان ينبغي أن تضم هؤلاء جاءت باسمهم وأن المدرسين الذين ينبغي أن يقوموا بدور التدريس فيها يجب أن يكونوا سودانيين .
هذا الرسول سمح باستخدام تصاديق وأختام مدرسة هؤلاء الطلاب لمستثمر مجهول الجنسية بقبول أعداد كبيرة من الطلاب المصريين والعراقيين ورسوم عالية تصل حتى 700 دولار للطالب الواحد .. وتصل أحياناً إلى ستة آلاف دولار لطلاب يأتون بالطائرة مباشرة إلى مركز الامتحان وآخرين ليس لديهم مؤهل إعدادي حيث أصبح الطلاب السودانيين مجرد ضحية لهذه الصفقة .. بحجة أن هؤلاء الطلاب ينتمون أو ينتمي أغلبهم إلى قبيلة واحدة وبهذا فإن هذا الرسول يسعى أو يرمي أو يوحي إلى تكوين معارضة جديدة وإشعال نار فتنة أخرى.
وبما أن القاموس السوداني يحتمل إضافة مفردات جديدة فإننا نستأذن بإدخال مفردة ( عنصرية ) إلى قاموس السودان العصري والتي بإمكان العالم أن يسمعها بوضوح لأن هذا القنصل اشترط علينا إعداد مدرسة بكامل هيكلها وأدواتها .. وأن يكون عدد الطلبة السودانيين فيها لا يقل عن 30% وأحسب أننا قد تعدينا هذه النسبة إلى ما يفوق 50% وتعاقدنا مع معلمين سودانيين مؤهلين ولأغلبهم الخبرة وعلى علم بالمنهج السوداني ولهم الرغبة في العمل بمدارس سودانية .
وبعد أن رأي كل تلك التجهيزات مرأى العين رفض سماع صوتنا بحجج دون مستوى الدبلوماسية وتغلبت المصلحة الشخصية على المصلحة العامة وتدخلت أسباب أخرى بالغة الخطورة لأن أغلب هؤلاء الطلاب من قبيلة واحدة هي قبيلة الحمر وقد اقتنع تماماً بالمنطق الذي صاغه إليه أصحاب المصلحة المادية والذين يعملون تحت حمايته الشخصية .. وبهذا يكون هذا الرجل قد بيت النية المسبقة على تجهلينا عن قصد وهو المعروف باسم الاضطهاد بسبب العرق كما تنص تشريعات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان .
إن المدرسة المصدقة بهذه المنطقة صدر الإذن بتأسيسها من وكيل وزارة التربية السودانية بتاريخ 22/10/2003م ومنذ ذلك الحين والمدرسة تقبل طلاباً ومدرسين عرب ولا تسمح أبداً بقبول الطالب السوداني إذ لا فائدة مادية ترجى من ورائه وهذه رؤية الدبلوماسية والمؤسسية كما يراها السيد عبد الله وادي والذين سمح لهم ورعاهم وحماهم لسرقة حقوقنا عنوة وتحت حماية القانون .
وبهذا نكون نحن في وادٍ والسيد القنصل في واد آخر لأنه يمنح الفائدة ليس للذين يستحقونها بل حسب الجنس والقبيلة والتوجه .
إن الرجل تسيره وتتحكم في قراراته مجموعة من البلطجية إذ أن الصورة جلية واضحة إذا سألناه من المستفيد من هذا المال ، هل يذهب لخزينة الدولة ، هل يدفع ضريبة لأبناء فلسطين ، هل يساهمون به في شراء سلاح لأبناء البجة مثلاً ، هل .. هل ... ؟؟
قد فرطنا في حقوقنا طوال الحقبة الفائتة والتي احتسبها علينا التاريخ حتماً ، ولكننا لا نفرط أبداً في حقوق الأجيال القادمة مهما كان الثمن الذي سندفعه ، رغم السلم الذي تميزنا به في بلاد كردفان والطيبة والكرم وغض الطرف ، أما وأن تكمم أفواهنا وتغتصب حقوقنا .. فلا وألف لا !!! ألم يقرأ عبد الله واد أن بسبب هؤلاء قد عُدّل بندٌ في قانون الجنسية السودانية ، سيتعلم سيادة القنصل أيضاً أنه بسبب هؤلاء ربما تُعدل بنود أخرى وربما يكون هو السبب في ذلك ..
مبدئياً نترك الأمر لذوي العقول لمعاينته ولكننا لا نرتجي رأيا نبني عليه الفكرة القادمة ، وقد تعلمنا دروساً يقول محتواها أن الحقوق في دولة السودان لا يمكن استردادها بالحوار.. ولنجرب إن كانت تلك المقولة صحيحة أم يلازمها الخطأ .
هادي برار
البيضاء – ليبيا
e-mail: [email protected]
|
|
|
|
|
|