|
|
 السمبرية ام قدوم عيش ابوي متين بقــــوم!!
|
في الزمن الجميل عندما كنا بخير كان الخير والامان والطمأنينة تعم البشر وايضا الحيوانات والطيور والحشرات في بلادنا كانت تنعم بذلك الزمن الجميل حيث انقرضت الان نوعية من الطيور الجميلة التي كانت تاتينا في مواسم الخريف وبعض الحشرات والزواحف الملونة الجميلة...وكان السمبر والاوز والبط البري عندما ياتي الينا كان مجيئه ايذانا بموسم الخريف والامطار اي الزرع والضرع ..وكان السمبر وحده من بين الطيور المهاجرة لبلادنا التي تستأنس بالعيش جوار البشر حيث تختار وتبني اعشاشهافوق بيوتهم و( القطاطي والصرايف والدرادر) في متناول ايدي الناس ولا تخاف بشر ذلك الزمن الجميل بل كانت تجد عندهم الحماية والامان من الضواري والحيوانات البرية...حتى قططنا وكلابنا الاليفة لا تقرب اعشاش السمبر..ولذلك لا نجد السمبر يختار اعشاشه خارج مناطق سكن البشر اي في الغابات والعراء...ببساطة لان الناس كانوا مستقرين وفي حالة من الشبع والاكتفاء الذاتي لا جوع ولا مجاعات تجعلهم يلتفتون الي هذا الزائر الغريب لالتهام لحمه مثل سائر الطيور المهاجرة...واذكر ان امهاتنا وجداتنا كن يزجرننا عندما نهم بتسلق البيوت او الاشجار للنيل من فراخ السمبر وبيوضها..فكانت جدتي دوما تقول لنا انها ( جارة) قد جاءت من مكةونحن نصدق هذا النوع من التربية والنصح الجميل للرفق بالحيوان المسالم الذي اختار طواعية السكن بجوارنا كانه يفهم نفسية وطيبة هذا الشعب الجميل..وهي شهادة حقيقية من ذلك الطائر الجميل في حق شعبنا الطيب الامين...ولذلك كنت منذ طفولتي اعتقد ان السمبر طائر سوداني طيب مثل اهلنا حتي في طريقة سلامه محييا بعضه بعضا في طريقة تشبه سلام اهلنا السودانيين عندما يقابل بعضهم بعضا ويرسل ذلك الصفير الجميل تعبيرا عن المحبة والسلام ونحن صغار نقلد تلكم التحية و السلام..
لكن يبدو في هذه الايام الاخيرة مع انهيار الدولة السودانية وتردي الحياة والاحوال فيها الامر الذي ادي لافقار الناس وتشردهم في كل المنافي والاصقاع وتضورهم جوعا...وصل بهم الجوع في بعض الاحيان ان بحثوا عن الحبوب في بيوت النمل واكلوا اوراق الاشجار واكلوا( كوارع) الدجاج ومصارينها....هنا بدا السمبر يتفهم هذه الظرفية الجديدة التي يمر بها اهله في السودان و قيل انه ظل ( يفط) السودان في ترحاله وهجرته الطويلة خوفا علي حياته من بشر يتضورون جوعا وياكل بعضهم بعضا..فما عاد يهاجر الي السودان كعادته وهو ايضا ظل في انتظار التغيير للعودة للسودان الجميل الذي كان يجد فيه الامن والطمأنينة لصغاره مثله مثل اولئك المهاجرين والمشردين في كل المنافي والاصقاع والذين يحلمون بالعودة للوطن الجميل عندما تهب رياح التغيير... ولذلك كنا صغارا ننشد وراء كل سمبرية نراها قادمة مع مقدم الخريف ذلك المقطع الجميل من انشاد بريء حيث نقول لها: السمبرية ام قدوم...عيش ابوي متين بقوم...بقوم باكر مع العساكر؟
هنا سالت نفسي: ما علاقة العساكر بهذا الغناء الطفولي البريء ونحن نردده في زمن جميل حيث كان العساكر هم حماة الامن والسلام والحياة ...وما كانوا مصدر نكد وشقاء وتعاسة لشعبنا الحبيب... لماذا ارتبط نمو الذرة (العيش) مع قيام العساكر؟؟... ولا ادري حتى اللحظة قيامهم اي بمعني ذهابهم ام بمعني مجيئهم والله اعلم...؟؟
ولكن هذه الايام في هذا الزمن السوداني الرديء مع مقدم القوات الدولية وانتشارها في اصقاع كتيرة من الوطن في هذا الزمن الحقير والذي اوصلنا اليه هؤلاء الاوغاد والسفلة العملاء عصابة( الانقاذ) وهم يرهنون مستقبل بلادنااي الوطن للاغراب وهم يهيئونه لعودة الاستعمار البغيض من جديد.. بسياسات التجزئةوالتقسيم والنهب والسلب... وسمعت بان السمبر بدا يعود للسودان من جديد ولكن للاسف(مع العساكر) واي عساكر عساكر القوات الدولية...وانه الان صار يختار اعشاشه ويبنيها فوق خيام وثكنات جنود الاحتلال الاجنبي في جبال النوبة والدمازين وجنوب الوطن وغدا دارفور لا ( بيوت وقطاطي ودرادر وصرايف) اهلنا الطيبين كما اعتاد ان يفعل ذلك في الزمن الجميل لائذا بحماية الاجانب والاغراب خوفا من شعب السودان الطيب المحتار وهنا ايقنت ان انشادنا البريء انذاك كان نبوءة
بهذا الزمن الرديء حيث ان الخير سياتي بعد ان يذهب العساكر...وان السمبر حينهاكان طائر خير وحب وسلام ولكنه الان يعود مع العساكر نذير شؤم وشـر...لانه يعود مع الاحتلال والهوان والضياع والفناء الا رحم الله الوطن الجميل......امين
هباني
|
|
 
|
|
|
|
هشام هباني
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست