في مثل هذا اليوم قبل أربعين عاما ( 21/10/1964م ) خرجت جموع الشعب السوداني عن بكرة أبيها لتقتحم المجهول في ملحمة ثورية رائعة ضد الحكم العسكري للفريق أبراهيم عبود .. وهي الملحمة التي أنطلقت شرارتها الاولى من جامعة الخرطوم ـ منارة العلم وقلعة الصمود والتحدي ـ فكان دم الطالب الشهيد الخالد أحمد القرشي بمثابة الزيت الذي صب على النار ليشعل الشارع السوداني لتخرج مواكبه الهادرة كالرعود تنادي بالحرية والانعتاق من الديكتاتورية ونزوة العسكر .. فكان لها ما أرادت .. وهوى نظام الفريق عبود . ثم جاءت حكومة سر الختم الخليفة .. وهي حكومة مدنية ولدت من رحم السنين .. فأتت بابناء حملوا راياتها وتصدوا للمسؤولية في اباء وكبرياء محملين بآمال وطن وطموحات شعب طالما هزه شوق عارم للحرية والعيش في سلام وكرامة وديمقراطية وتراحم وتواد مع أهل داره وجيرانه شرقا وغربا وشمالا وجنوبا . ورغم الاخفاقات التي صاحبت مسيرة تلك الثورة الشعبية النادرة والتي قادت ـ لاحقا ـ الى حدوث انقلاب عسكري آخر بقيادة العقيد ـ آنذلك ـ جعفر نميري يوم 25/5/1969م .. الا أن ثورة 21 أكتوبر شكلت منارة حية في ردهات التجارب الديمقراطية التي مر بها السودان منذ استقلاله في الفاتح من يناير عام 1956م .. بل كانت بمثابة منعطف تاريخي هام سيظل يسجله كل من يكتب عن تاريخ السودان الحديث باخفاقاته ومنجزاته . تأتي هذه الذكرى والسودان يترنح أمام تحديات خطيرة أقلها أن يكون أو لايكون فضلا عن اخفاق أبنائه في التوصل الى حل يحفظ له تاريخه ووحدة ترابه ووفاق أهله وأمنهم واستقرارهم.
كما تأتي ذكرى ثورة 21 أكتوبر العملاقة اليوم وسط متغيرات دولية واقليمية متشابكة ومتداخلة الاهداف والغايات ومتشعبة المرامي والمآلات .. والسودان نفسه يواجه مخاطر بلا حدود .. وهي مخاطر عجز أبناؤه عن مواجهتها أو التعامل معها من منطلق الحرص على كيانه و البعد عن مصالحهم الفئوية والحزبية الضيقة .. فضلا عن خلافات تنخر في بناء المجموعة الحاكمة التى وجدت نفسها في ورطة ذات بعد عالمي عميق كانت أزمة دارفور أحد اوجه تجلياتها المأساوية وجواز المرور الذي منحه أبناء السودان لتدخل دولي يتنامى يوما بعد يوم .
تمر ذكرى أكتوبر الشعبية العملاقة وشعب السودان مغيب تماما عما يجري بشأن بلده ومصيره ومستقبل كيانه .. لا بل أن المجموعة الحاكمة بأمرها في الخرطوم باسم الاسلام تكابر وتزداد صلفا وعنادا يوما بعد يوم دون أن تقر صراحة بعجزها البين وفشل ( مشروعها الحضاري ) وبعثرة نسيج ( ثوابتها ) التي كانت تنادي بالعض عليها بالنواجز وعدم التفريط فيها حتى لو ادي ذلك الى خوض حرب مع كل دول الجوار او حتى الشيطان الأكبرالولايات المتحدة الأميركية نفسها !!!. الا أنها تخوض اليوم حروبا متعددة الاوجه والأمكنة : حيث الجنوب الذي لم يلتئم جراحه بعد .. والغرب الملتهب انسانيا وفوضى .. والشرق أراض لا تزال ـ ومنذ سنين تحت سيطرة قوات معارضة لها .. وفي الشمال تذمر تزداد حدة نبراته وترتفع اصواته منادية بالعدالة والمساواة كما هو ا لحال لاهلنا في العديد من أقاليم السودان المختلفة .. وهي أقاليم تشكل ـ في مجملها ـ قارة مترامية الاطراف .
وقد صدق أحد الساسة السودانيين المرموقين حين قال يوما : ( لو كانت الشعوب تمنح بقدر تضحياتها .. لأستحق الشعب السوداني الفردوس جزاءا ) .. فهو بحق واحد من شعوب الأرض القليلة التي لم تقطف ثمار استقالالها ثماراستقلالهاطيلة سنين كفاحها .. ولم تنعم باستقرار قط .. وانما تقاذفتها أعاصير استعمار من نوع آخر .. ففيما نعمت بفق نحو أثني عشر عاما فقط بالحكم الديمقراطي .. فأن ليل العسكر الدامس قد أرخى سدوله عليها ستة وثلاثين عاما .. الا أن أسوأها ـ برأي الكثيرين من أبنائها ـ على الاطلاق هو نظام الحكم الحالي !!! وهو الذي أدى الى تشريد الملايين الى خارج حدود الوطن و تزايد حدة معاناة من بقوا بداخله
وطيلة سني استقلاله ( منذ يناير العام ستة وخمسين وتسعمائة وألف) لم ترحل عن هذا السودان مظاهر التفرق والتشرذم والاقتتال والاحتراب بين ابنائه . بل أن منهم من ظل طيلة تلك السنوات لاعبا أساسيا في ساحته السياسية رغم فشله في المساهمة الفعلية للأخذ بيد هذا الوطن المنكوب بأهله والخروج به من مأزق الفرقة والضياع الى مرافئ الوحدة والسلام والأمان والتصالح بين كافة الطوائف والمجموعات التي تعيش على أرضه.
والمتصفح ـ بتأن وتؤدة ـ لملف الفواجع التي لحقت بهذا السودان يجد نفسه أمام تراجيديا مبكية مضحكة ,, حيث أن كل تلك المحن ـ والتي لا تزال تتناسل يوما بعد يوم ـ هي بأيدي أبنائه وحدهم لا بايدي سواهم !!!. وتلك أحد أوجه المفارقات في الساحة السياسية السودانية ... كما أن ساسة هذا البلد المنكوب لم يأخذوا العبرة من غيرهم ولم يستقيظوا من غيبوبة أيامهم الاولى .. ولم يستوعبوا الدرس او يفيقوا على مستجدات عالم اليوم الذي أضحى قرية كونية صغيرة لا مجال فيه للخصوصيات فيما يتعلق بحقوق الانسان والديمقراطية وحريات الشعوب .
كما أن الحديث عن ذكرى ثورة 21 أكتوبر ا لسودانية الشعبية ـ والتي تعد الاولى من نوعها ولعلها الفريدة في عالمنا العربي ـ يستدعي كل التاريخ ليقف شاهدا على ما يجري اليوم في السودان ,, حيث وطن يترنح .. وشعب يتفرج .. وحكومة تمزقها صراعاتها الداخلية .. ومعارضة عجزت عن أقناع الشارع فآثرت التنقل بين الفنادق والمنتجعات خارج حدود الوطن تبحث لها عن موطئ قدم في معركة يدور رحاها من أجعل الوصول الى كرسي الحكم ولو على أشلاء وطن ممزق . أنها مأساة تتشكل .. ومحنة تتناسل .. وطامة كبرى تنتظر هذا الوطن الجريح في مقبل الأيام . فالسودان أمام اختبار صعب وامتحان عسير : فأما أن يكون أو لايكون.. بصرف النظر عن من يحكمه او كيف سيحكمه.
ولكن تظل الحلول معلقة في الهواء والمآلات متأرجحة .. وضباب كثيف يلف سماء مستقبل وطن بحجم قارة وشعب بحجم أمة .. وهو ما عجز الساسة هناك عن استيعابه او العمل على تداركه
وتبقى الحقيقة التي لا مناص من البحث عن الوصول اليها والتعامل معها بوعي وتعقل وهي أن الحل لن يكون الا بيد أبناء السودان أنفسهم .. وعليهم التحرك بهذا الاتجاه قبل فوات الاوان وأنتظار حلول معلبةمن الخارج
نعم للديمقراطية 00 ونعم للحرية 00 شعارات ونداءات لا يختلف عليها اثنان00
الشعب السوداني يعشق الديمقراطية والحرية والثورات واحياناً المظاهرات، ثم لا يفعل شئ بعد ذلك ، لا اريد ان اطيل الحديث ولكن اذا نظرنا الى الانجازات التي تمت في عهدالفريق عبوداو المشير النميري اي في عهد العساكربشكل عام ، نجدها الاضخم على مر تاريخ السودان 00 (هذا ليس دفعاً عن حكم العسكر ولكنه واقع وتاريخ ،فالتاريخ الذي يسجل جرائم وانتهاكات العسكروفظائعهم التى لا تحصرولا تعدايضاً يسجل لهم انجازاتهم)
الصديق خضر عطا المنان،رمضان كريم وكل أكتوبر وانت والوطن بخير درس اكتوبر اللذي كررناه في مارس /إبريل نحتاجه الآن قبل أن يتناثر الوطن ،، ومليون شهيد لسودان جديد
Quote: درس اكتوبر الذي كررناه في مارس /إبريل نحتاجه الآن قبل أن يتناثر الوطن ،، ومليون شهيد لسودان جديد
الصديق العزيز : أبوساندار طبعا أنا لي الكثير من التحفظات على مسألة ( سودان جديد) ربما لأنني حتى الآن لم أستطع تخيل شكله تماما كما أن جميع المنادين به لم يوضحوا لنا ماهيته بالضبط حتى ينخرط الكل في بنائه وهم على بينة من أمرهم حتى لا نغرق في مستنقع آخر لا نعرف اين هو وعلى بعد كم من مشوار هذا السودان الجديد . أما مسألة تكرار تجربة أكتوبر العظيم فلا تزال فينا حواء تنجب .. ولا يزال من بيننا من لايؤمن الا بسودان يكون ماعونا يأكل منه وفيه الجميع دون استثناء.. وحوشا يسع الكل .
العزيز خضر نعم مصطلح سودان جديد يحتاج لتحديد في ظل المناداة به من الجميع حتى الجبهة الإسلامية والسودان الجديد أركانه واضحة ، يقوم على الديمقراطية التعددية والسلام والتنمية والإعتراف بالآخر ،دولة المواطنة المعترفة بالتنوع العرقي والتعدد الديني والثقافي وبدون أدنى إستعلاء ،الجميع على قدم المساوة ، هو السودان المتقاطع مع القائم حاليآ ، والمعتمد على مقررات ومواثيق أسمرا
الأخ الحبيب خضر، ليت أكتوبر يتجدد فينا وبدواخلنا وفي وطننا قبل ان تجئ الحلول المعلبة من الخارج كما ذكرت ونصبح بألا يكون لنا وطن.. هل تصدق أن زميلة بحرينية ذكرت لي أن ثورة أكتوبر كانت تدرس لديهم في المدارس؟! يا الله .. لم أدر أفرح أم ابكي بعد أن نزعوها من كل الوجدان وليس من كتب التاريخ فقط.. أنظر كم بوست هنا عن أكتوبر لكن كم عدد من تداخل فيها؟ ومن هم غير الذين مر بهم عبق الثورة النقي..
الحبيب أبو ساندرا،
Quote: والسودان الجديد أركانه واضحة ، يقوم على الديمقراطية التعددية والسلام والتنمية والإعتراف بالآخر ،دولة المواطنة المعترفة بالتنوع العرقي والتعدد الديني والثقافي وبدون أدنى إستعلاء ،الجميع على قدم المساوة
قسما قسما .. يا أكتوبر نحمي شعارك .. ونجني ثمارك ونرفع راية الثورة الغالية .. عالية ترفرف فوق الساريه عليها شعار الثورة الأكبر وجهو الناير .. ناضر وأخضر ولسه بنحلف يا اكتوبر لما يطل .. في وجهنا ظالم بنحمي شعار الثورة نقاوم بنبني صفوف .. تتحدي وتهتف لما يعود الفجر الحالم يا أكتوبر ..
شهر عشره حبابو حبابو عشرة وابقوا عشرة على المباديء مبدأ الحرية اوّل لم يحوّر لم يأول والنضال سكة حياتنا مهما وكت السكّة طوّل ما تفرطوّا في الامانة كل شهيد روحو بتنادي ابقوا عشرة على المبادئ مبدأ التطهير يصير ما شعار خاوي وكبير الحساب لكل واحد للصنايعي وللوزير امشوا طهّرو بعدالة وابعدوا الفاشية غادي وابقوا عشرة على المبادي كل ثائر في جهادو قصدو تتحرر بلادو نحنا بنساعدو وندعمّ كل وقفاتو وعنادو اصلو هدف الثورة واحد والاعادي هي الاعادي ابقو عشرة على المبادي
Quote: والسودان الجديد أركانه واضحة ، يقوم على الديمقراطية التعددية والسلام والتنمية والإعتراف بالآخر ،دولة المواطنة المعترفة بالتنوع العرقي والتعدد الديني والثقافي وبدون أدنى إستعلاء ،الجميع على قدم المساوة ، هو السودان المتقاطع مع القائم حاليآ ، والمعتمد على مقررات ومواثيق أسمرا
عزيزي الغالي : ابوساندرا تظل تلك شعارات كم بح بها صوتنا منذ فجر الاستقلال .. وتظل المناداة بها ستارا واهيا اذ سرعان ما يتمزق ويتبعثر غزله .. لا لشيئ الا لأننا لا نغذيه بالعمل والكفاح من أجل الحفاظ عليه ـ لا كشعار ـ ولكن كواقع يومي يسعى حيا بيننا ويمشي في الأسواق وأزقة حاراتنا ويعرش في سقوف بيوتنا ومصانعنا ومزارعناويكسو العلاقات حتى بين الافراد منا ناهيك عن الاحزاب ومنظمات العمل المدني والنقابات والاتحادات بكل مسمياتهافي مقرات العمل والاحياء. وتبقى تلكم هي التحديات الحقيقية لسودان نحلم بنا جميعا.. وعندها ـ وعندهافقط ـ يحق لنا أن نسميه ما نشاء .. اذ ليس التسمية مشكلة أصلا بالنظر للهم الوطني الاكبر.. وهذا ما كتبت عنه عشرات المقالات وقلته شخصيا لأعضاء بالتجمع ابان زيارتي للقاهرة .. ومنهم على وجه التحديد صديقي حاتم السر الناطق باسم التجمع وكذلك الكريمين : الاستاذ فاروق أبوعيسى والفريق عبد الرحمن سعيد.. اللذين سعدت بالالتقاء بهما على مدى قرابة الشهرين .. سواء بمقر اتحاد المحامين العرب بحي المهندسين أو بمنزل سعادة الفريق الذي كان جاري أيضا بمصر الجديدة. ولكن يظل حلمنا بسودان بتلك المواصفات التي ذكرتهايا صديقي حلما مشروعا حقا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة