رنامة الأسبوع: " عندما محـي البروفيسر الراحل عبداللـه الطيب أثار الشوش من الجامعة ونظفها!".

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-18-2024, 09:14 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-21-2007, 11:22 AM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رنامة الأسبوع: " عندما محـي البروفيسر الراحل عبداللـه الطيب أثار الشوش من الجامعة ونظفها!".

    ضيف على الرزنامة:

    حكماء المشير!
    ______________________________________

    [email protected]

    21 اكتوبر, 2007

    نجم الدين محمد نصر الدين
    [email protected]

    الثلاثاء:
    _____________

    إنتصبت أمامى، بطولها الفارع وقوامها السكسونى، ذات جلسة من جلسات (غسيل الكلى)! باربرا، أو بارب كابيلا كما يطلقون عليها، ولا أدرى من أين أتت بهذا الاسم الافريقى، علما بأنها بيضاء! إنها المديرة المسؤولة عن خمسة مراكز للغسيل تابعة لمستشفى جامعة أيوا الذى يعد الخامس فى ترتيب المستشفيات الامريكية. وهى فى الأصل ممرضة حاصلة على ماجستير فى الادارة، جمعاً بين الحسنين!

    أخبرتني بأنها بدأت تأسيس هذه المراكز التى تضاعفت أعدادها الآن بأمريكا، فى العام 1990م. وأنهم كانوا يُجرون (القرعة) لتحديد من يمكنه إجراء الغسيل، ويكون الموت الزؤام، للأسف، هو مصير من يخطئه الحظ! وحدثتني، كما لو كانت تحدث نفسها في الحلم، بأن من سيخترع ماكينة صغيرة يمكن حملها أو ربطها كبطارية بالجسم ، فتجعل الغسيل الدموى أهون مما هو عليه الآن، سيصيب، حتماً، ثراءً مهولاً ومجداً مؤثلاً.

    هكذا راح حديثها ينساب لأربع ساعات ونيف، هى زمن الغسلة الواحدة في ثلاث مرات كل أسبوع! لكن ما من سبيل غير ذلك لجعل الحالة العامة للمريض أقرب للعادية، فعديدة هى بعض وظائف الكلى الفاشلة التى يعوضها الغسيل بالتمام.

    آلاف الخواطر والأطياف تتراءى لك وأنت جالس بين يدى هذه الماكينة التى تهب الحياة ، لو لم تنغمس، هروباً منها، في مشاهدة جهاز التلفاز المسلط على كرسيك المتحرك الذى يمكن تعديل أوضاعه حتى ينتج سريراً كاملاً يتأتى لبعض المحظوظين النوم عليه بعد هنيهة من بدء الغسيل وحتى نهايته، مما يجعل التعايش معه ممكناً، وإلا فلك أن تتخيل الحال من دونه!

    لا تكاد تفارقني صورة شقيقى الذى يصغرنى، وقد رحل رحيلاً مفاجئا بهذ الداء نفسه، وبالاهمال فى مستشفياتنا. وكثيراً ما يستغرقني التأمل في حال القوم في هذه البلاد، والمقارنة المستحيلة بينه وبين حالنا في السودان. المعرفة وحدها التي يتميز بها الممرضون وفنيو هذه الماكينات هنا يؤكد عمق الفارق وبُعد الهوة، ناهيك عن انصراف دولتنا العام عن رعاية مرضاها، والقيام بواجبها حيالهم.

    الأربعاء:
    _____________

    ما أن أطلق بن لادن تهديداته وتحذيراته عبر شريطه الاخير، حتى راحوا في الغرب، وهنا في أمريكا بالأخص، يتعاملون معها، كالعادة، بما يقولون إنها تستحق من (الجدية)! وهذه (الجدية) التي (يخرجونها) من جوف (الجُراب)، كالحواة، كلما أطلقت (القاعدة) واحداً من هذه الأشرطة، لا تعني عندهم أكثر من ترويع مواطنيهم، وإرباك حساباتهم، والمتاجرة سياسياً بأمنهم، أياماً وليال طوال، إلى أن يطوي النسيان الأمر برمته! ولعلَّ هذا ما أكسب بوش الابن دورة أخرى رغما عن كل ما يقال عنه من غباء، وعن أدائه من سوء!

    وكان أيمن الظواهرى، في أحد أشرطة (القاعدة) تلك، والتي يتبادل إطلاقها، بين الفينة والأخرى، مع بن لادن، قد عمد لتذكير حكومتنا، عقب موافقتها على دخول القوات الهجين، بأنها سبق وأطلقت (قسماً مغلظاً) بعدم السماح بتدنيس أرض دارفور، لكنها ما لبثت أن تراجعت عنه استجابة للضغوط الدولية! وبالفعل كان الناس قد اهتموا بذلك القسم، وانشغلوا بالحديث حوله حتى عن القوات الهجين نفسها، لدرجة أن المؤرخين يستطيعون القول، باطمئنان، إن (القسم) تسلل، من يومها، إلى حياتنا السياسية بعد أن كان قاصراً، قبل ذلك، على حياتنا الاجتماعية، حيث لا يرد أحد (حراماً) أو (طلاقاً) يطلق فى وجهه مهما كان حجم الشطط والمغالاة فى أداء ما يترتب عليه!

    وأذكر أن صديقنا فتحى الضو ، الكاتب الصحفي المتميز والمقيم هنا بأمريكا، كتب في هذا الشأن مقالاً مطولاً نشره موقع (سودانايل) الاسفيرى، ولا أعرف إن كان وجد طريقه للنشر في صحافتنا الورقية (بالداخل) أم لا. كما أذكر أنني هاتفته بعد قراءته، مثيراً له الجوانب القانونية فى (القسم) ، وكيف أنه قديم قدم المحاكم، فالداخل الى عتبات أية محكمة يجد أمامه، أول ما يجد، المصحف الشريف ، والعهدين القديم والجديد (التوارة والانجيل). واستمر الحال هكذا إلى أن صارت بلادنا تعج بالكنفوشيوسيين والبوذيين والزرادشتيين من صينيين وكوريين وغيرهم!

    وقد حدث، على عهد المخلوع نميري، أن استقوى بعض قطاع الطرق فى البوادى، وأثاروا الفزع فى نفوس العربان، وهم لا يخشون (القسم) على المصحف بصيغته التقليدية، لاعتقادهم بأن أمره مؤجل، بينما يتلكأون ويجرون أقدامهم إذا ما طلب منهم القسم على (ضريح ود حسونة) برفع الأيدى ناحية مزاره، تيقنا منهم أنه حتماً (يكنش) اليد الممتدة إليه زوراً! فكان أن أصدر مولانا خلف الله الرشيد، الذي كان يتولى رئاسة القضاء آنذاك، منشوراً قضائياً وجَّه فيه محاكم تلك الاصقاع بقبول القسم على ضريح (ود حسونة)!

    طبق ذلك المنشور دهراً. لكن فى العام 1983م، صدر، ضمن قوانين سبتمبر الشهيرة، قانون للاثبات غير مسبوق، لا شكلاً ولا مضموناً. ومن غرائبياته صيغة (اليمين الحاسمة)، أو اليمين (الغموس)، وهى (اقسم بالله العظيم القادر على ان "يسخطنى" إذا كذبت ...). وهى (يمين) افترض المشرع أن تنتهى بها الاجراءات، لذا اسبغ عليها صفة (الحسم)! وقد تحرى فتحى الضو أصلها اللغوى، وأثبت لها معنى مغايراً. أما د. منصور خالد فقد رجح أن من صك تلك الصيغة إما أن تكون امراة ، أو رجلاً يكثر من مخالطة النساء!
    وقد عايشت شخصياً موقفاً طريفاً في شأن تلك (اليمين الحاسمة) قبل سنوات، وذلك أثناء ظهورى فى محكمة الكاملين ضد خصم من رواد المحاكم الدائمين، وما أكثرهم فى بلادنا، لكنه كان لطيفاً، حلو اللسان، ومن النوع الذى يألف ويؤلف، ولعلها بعض (عِدَّة شغله)! وكان متخصصاً فى حيازة الأرض بوضع اليد لندرتها وغلائها في المناطق المتاخمة للخرطوم. فراح، قبل بدء الجلسة، يؤكد لي أنه يتجنب أن يكون شاكياً تفادياً لأداء القسم المفضي لتأسيس الدعوى وتصريح العريضة ، وأنه، من شدة (ورعه)، يفضل أن يكون متهماً ، لأن (اسم الله)، على حدِّ تعبير العربان، (جراب دقيق) ، فلا يقسم عليه لئلا يعلق بيديه شئ من هذا (الدقيق) فيصيبه مكروه فى الدنيا قبل الآخرة! وعندما أكثر من ترديد هذا وتكراره قلت فى نفسي: وجدتها! فمادام هذا الخصم بهذه التقوى ، فسأضع حداً لدعوى موكلي (بالضربة القاضية) كي أريح وأستريح! وبالفعل طلبت من المحكمة أن تعرض عليه أداء (اليمين الحاسمة) وكلى ثقة في أنه سرعان ما سينهار لتيقني من أنه يعلم أن الحق ليس في جانبه! لكنه فاجأني، لدهشتى ، بأدائها بكل هدوء، وعلى أتم وجه، وكخير ما يكون الاداء، مما جعلنى أتساءل عمن ضاعت حقوقهم بتجريبهم لعرض هذه (اليمين الحاسمة) على من هم من شاكلة أخينا هذا! وقد اعتزمت، مؤخراً، إعداد دراسة مقارنة وافية حول (اليمين) بين الشريعة والقانون الوضعي، لولا أن المرض عطلني، عافاكم الله.

    الخميس:
    __________

    لم يكن مفاجئاً ما حدث مؤخراً بين شريكي الحكم، فقد كانت تنذر به، على الأقل، تصريحات الرسميين من الجانبين، خصوصاً رسميي الحركة الشعبية، وآخر ذلك، بالنسبة لي، حديث باقان اموم بواشنطن الكبرى قبل أسابيع قلائل، حيث أثار العديد من النقاط عن عمق تناقضات الشراكة، وتساءل عما يمكن أن تقود إليه؟!

    لكن ما تزال ثمة أسئلة تحتاج لإجابات شافية. فمثلاً: هل حقاً لامست الامور بين الطرفين حواف الخطر بما يستدعى تدخلاً دولياً ممن رعوا (اتفاقهما)؟! أم ان الأمر برمته مجرد لجاج ومماحكة مما يقع عادة بين طرفين متنافرين أصلاً لولا أن الظروف قد فرضت عليهما التعايش تحت سقف واحد؟! أم هو من ضروب سعي كل طرف للنيل من الآخر من باب (الفيك بدِّر بُه)؟!

    التفكير في الاحتمال الأخير يعيد إلى الاذهان ذلك الحديث الذى كان قد اطلقه مصطفى عثمان مستشار رئيس الجمهورية ومسؤول الشؤون الخارجية بالمؤتمر الوطني، والذى يذكر بالمثل الدارج لدى شعبنا، جراب الحكمة، عن (اب سنينة) الذي يضحك على (اب سنينتين)، أي (اللهله) ـ بكسر اللامات ـ الذي بلا أسنان يستخف بمن في فمه منها عدد مقدر! فقد قال إنه لا يمكن لمن هو (أسوأ) ان يتباهى على (السىء) أو (الاقل سوءاً)، وإن (البيتو من قزاز ما بجدع الناس بالحجار)! لكن سعادة المستشار نسي تماماً أن بيت حزبه من زجاج 1 ملم أو أقل، وإن كان جيد (التظليل)، ومع ذلك يحتمى به ليقذف الناس بحجارة من سجيل! كل ما تحدث الناس عن الفساد الانقاذى الذى تزكم رائحته الانوف، خرج عليهم أهل الانقاذ صائحين: إن شريكنا فى الحكم هو أبو الفساد والمفسدين .. وأين اختفت الستين مليون دولار التى كان جون قرنق قد طلب تخصيصها لإعادة من هم بالشتات والمنافى بعد ان وضعت الحرب أوزارها؟! ويروحون يكررون مثل ذلك بلا كلل أو ملل، وكأن هذا المبلغ هو الوحيد الذى أهدر من حقوق شعبنا! فكم من ملايين غيرها، بل مليارات، لا نعرف أين ضاعت، أو فيم صرفت، أو في أي جيوب انتهت. وهكذا يرمون أهل الحركة الشعبية بدائهم وينسلون، يريدون أن يقر فى الصدور أن هؤلاء هم المفسدون، حقاً، فى الأرض!

    لكن الحركة كانت، على الأقل، أكثر شفافية في هذا الأمر، حيث وضعت الملح على الجرح، وأعلنت اسم المسؤول عن هذه الاموال، وأجرت تحقيقاً حول الأمر انتهى بعزل البعض من وظائفهم العامة، وتحريك آلة الاجراءات الجنائية فى مواجهتهم، قطعا لدابر هذا الشر المستشرى في الشمال بما يجل عن الوصف، والذي تتجاوز نسبة الولوغ فيه، على تفاوتها، كل القياسي من أرقام! فعراب الانقاذ الاكبر قدرها بأكثر من 90%، ولكن كل ذلك، ويا لسخرية الأقدار، بلا أدلة! وقال بذلك أيضاً كثيرون، منهم رئيس المجلس الوطنى الانتقالى!

    الطريف أن مصطفى عثمان تحدث أيضاً عن عدم ديمقراطية الحركة الشعبية لأنها، على حد قوله، لم تأت بإرادة شعبية! وطبعاً نسي سيادته، أو تناسى، الطريقة التى جاء بها حزبه نفسه للسلطة! وحقاً (الماعندو لسان فقرى وفلسان) كما في المثل الشعبي الآخر!

    الجمعة:
    _____________


    لم يعرف القضاء السودانى (محكمة دستورية) مستقلة الا بعد (دستور التوالى) الشهير لسنة 1998م، وقبل ذلك كانت هي و(المحكمة العليا)، كما وصفتهما فى مقال سابق، رتقاً ففتقتهما الانقاذ، لتقول إن ثمة دستوراً سارياً تحرسه محكمة متخصصة ، تراقب تطبيقاته، وتقوِّم محاولات الانحراف به وعنه ، بالاستناد إلى نصوص جيدة الإحكام والأحكام، وملتزَمٌ بها من جانب الحكام ، أما المحكومين، فى ظل أنظمة كهذه، فكالدليب لايملكون من أمر ظلهم شئياً!

    تضمن قانون (المحكمة الدستوريَّة) الفائتة مادة جعلتها رقيباً على العمل القضائى برمته، تنقض احكامه، وتعيدها للمحاكم بعد أن تكون قد استوفت شروط إصدارها كافة، واستنفدت كل طرق الطعن والنقض والمراجعة المتاحة، فانكبت عليها وحدها، ولم تشتغل بغيرها البتة تقريبا. لذلك استغلها المتقاضون ابشع استغلال ، فخلقت حالة من الارباك للعمل القضائى برمته ، حيث تبدأ الدعوى، وتستمر ردحاً طويلاً من الزمن فى المحاكم الدنيا والعليا، ويطول أمد الفصل فيها، وفور إستكمال ذلك كله، يتقدم من يخسرها بطعن دستورى لا يلزم المتقاضين سوى الذهاب الى محامين، إن لم يكن إلى رهط بعينه منهم، ليقدموا العرائض نيابة عنهم، ويسددوا مبلغ مليونى جنيه سوداني (بالعملة المنقضية) كرسوم تأسيس للدعوى. عند ذلك تتوقف العجلة كلها إلى حين فصل (الدستورية) في (النزاع). وبالنتيجة وقع الكثير من المشادات العلنية غير اللائقة بين (رئاسة القضاء) و(رئاسة الدستورية)! والغريب أنه، وحتى بعد أن ألغى المشرع تلك المادة، إستمرت (الدستورية) في قبول الطعون ضد أحكام القضاء الصادرة بصفة انتهائية! لذا فقد أحسن الدستور الانتقالى صنيعاً بطيه لتلك الحقبة.

    ثم صدر القانون الجديد الذي تأسست عليه (المحكمة الدستورية) الحالية، وسمى قضاتها بواسطة الطاقم القديم فى الحقل القضائى دون إشراك حقيقى وفاعل للحركة الشعبية فى الاختيار، إذ أن (مفوضية العمل القضائي) التى اوجدتها اتفاقية السلام، والتي تكونت فى غياب تام من الحركة الشعبية، كما صرح بذلك ياسر عرمان، إما انها لم يكتب لها النجاح او ان جسام الحادثات طمرت أمرها كله، وهو ما هزم الفكرة وراء تكوينها، إذ صارت المراقب والمراقب (بكسر القاف وفتحها). ولم يتبدل الحال قيد أنملة فى إدارة (القضائيَّة)، كما ظل الحال في (الدستورية) كما هو قبل توقيع الاتفاق.

    قدمت إليها هيئة من المحامين، نيابة عن عدد من منظمات العمل الطوعى وبعض الافراد، طعناً ضد (قانون العمل الطوعى والانسانى)، فأوضحت لهم أنها لا تنظر في دعوى إلا من متضرر حقيقى تضرره بيِّن وجلي ومحسوس وحال بصورة مادية، وليس مجرد متوقع الحدوث، وإن كان ذلك وشيكاً! فكان أن حصرت الهيئة دعواها فى منظمة واحدة تنطبق عليها هذه الشروط كافة، واستمرت الاجراءات امداً بلا طائل! وقبل أيام شطب طعن آخر تقدمت به أسر المعتقلين في ما يعرف (بالمحاولة التخريبية)، وتم ضرب وتفريق المتظاهرين منهم سلمياً أمام مبنى (الدستورية)، برغمها وبرغم (وثيقة الحقوق) في الدستور نفسه! ناهيك عن العنت الذي ما تزال تلاقيه حتى هيئة الدفاع عن هؤلاء المعتقلين فى ما يتصل (بمقابلتهم) رغم أن ذلك حق مكفول بموجب قانون الاجراءات، بكل علله الكثيرة!

    لقد تسرب الى علمنا، في ما يتعلق بتبرير ذلك البطء، أن (الدستورية) الموقرة قد ورثت تركة مثقلة من الدعاوى، ولكى يُبت فيها لا بد من قراءتها والوقوف عليها ملفاً فى إثر الآخر. فتساءلنا: أيكون هذا رغماً عن الطبيعة المستعجلة لبعض الطعون، والحاجة الشديدة لانفاذ الدستور قضاءً حتى يرعوى الحكام الذين اوسعوه خرقا وتمزيقاً؟! وإن جاز لنا ان نقترح شيئا ، فلماذا لا يعدل قانون (الدستورية) نفسه، على نحو أو آخر، بإضافة المزيد من القضاة، مثلاً، وتفريغ دائرة أقل عدداً، أو تقوم بتنظيم نفسها بأية طريقة أخرى تمكنها من الفصل في ما هو معلق من طعون، وتشكيل دائرة للعاجل والملح من تظلمات دستورية تاكيداً للغرض من إنشائها تحقيقاً للعدالة فى قمة مؤسساتها.

    في كل الاحوال، لا يمكن أن يورق الدستور ويثمر فى حقل التطبيق، طالما كانت العدالة (متأخرة) إلى هذا الحد، فالقاعدة أن العدالة (المتأخرة) عدالة (مضنون) بها إذا صحت الترجمة لـ Justice delayed Justice denied!

    السبت:
    _____________

    قال ياسر عرمان إن أحد أكثر اخطاء الحركة الشعبية جسامة هى انها لم تنشئ قناة فضائية خاصة بها ، لتبث من خلالها أفكار (السودان الجديد) التى نادى بها الشهيد قرنق، وبذل حياته من اجلها، ولتتمكن عن طريقها من التبشير (بالتحول الديمقراطي) الذى يتقاعس أهل الانقاذ حتى عن الحديث حوله، وينفرد بعض عضويتهم، وبشكل منظم، ومن خلال منابر معلومة، بنشر الكراهية لهذه الافكار والمشروعات، مع استغلالهم، في نفس الوقت، لأجهزة الاعلام (القومية)، والتي يفترض أنها مملوكة للشعب السودانى كله، فى الحديث المشروخ عن (المشروع الحضارى) الذى ضاعت معالمه، وانطمست ملامحه، علاوة على سعيهم للحيلولة دون تقديم الآخرين أى طرح آخر مواز أو مناهض لهذا.

    حديث عرمان جاء من خلال ابتداره لندوته بمدينة أيوا سيتى بالولايات المتحدة، عشية السبت 14 يوليو 2007، بعرض الفيلم الوثائقى القصير (مر المحارب من هنا) للمخرج وجدى كامل عن استقبال قرنق بالساحة الخضراء، وكيف أنهم فشلوا تماماً فى عرضه بشتى السبل والحيل والاحابيل، وهم الشركاء!

    وبالفعل فإن المراقب يلحظ أنه، وبرغم الحديث عن التحول الديمقراطى، إلا أن ما يجري الترويج له إعلامياً هو فقط نشاط المؤتمر الوطني، سواءً فى إطار التتبع الممل لأداء وزرائه، أو أدائه كتنظيم يمثل (الحزب) و(الدولة) في آن واحد! أما الحركة الشعبية التى فرض حمل السلاح، ثم (اتفاق السلام الشامل)، واجب الاعتراف بها، فيُكتفى بتناول النشاط التنفيذى لبعض وزرائها فقط، وفي أضيق الحدود! فالمشاهد لتلفزيون السودان القومى وفضائية النيل الازرق، والمستمع للاذاعة السودانية، سرعان ما يكتشف، ودون كثير عناء، أن برامج هذه الاجهزة وسياساتها ظلت كما هى بلا تغيير جوهري يذكر. فقد استمر تجاهل معتقدات وديانات الآخرين تجاهلاً متعمداً وصريحاً ، حتى على مستوى الاحتفالات ، فيما خلا ساعة واحدة للمسيحيين عصر الاحد! وحتى هذه متربص بها من القوى الأكثر تململاً بإزاء الآخر المختلف، فما تفتأ تبث (زفراتها الحرى) من مكنونات الصدور المسكونة بالضيق والاقصاء!

    الأحد:
    ___________

    زار بلادنا، مؤخراً، وفد (جماعة الحكماء) المكون من جيمي كارتر، الرئيس الامريكى الاسبق، وديزموند توتو، القس الجنوب أفريقى الحائز على جائزة نوبل للسلام، وغارسيا ميشيل حرم السيد نيلسون مانديلا، نبع الحكمة الافريقية المعاصر، والأخضر الابراهيمى مبعوث الامين العام للامم المتحدة السابق للسودان، وذلك بهدف مدِّنا بالحكمة التى افتقدناها دهراً فى معالجة معضلاتنا الوطنية، وبالأخص (دارفور)!

    دفعتني هذه الزيارة لمقارنتها بجهد لجنة المشير سوار الدهب للمِّ الصف الوطنى العصىِّ على اللمِّ أصلاً! فقد خرج علينا المشير، فى سعيه هذا، بآخر ما فى (الجُّراب): تكوين لجنة او مجلس (للحكماء)! ويبدو أن أهل الانقاذ يحتفظون بتقدير خاص للمشير، لكن لا يبدو أن (السر) في ذلك هو قبوله التداول السلمى للسلطة، أو الايفاء بتعهده بتسليمها فى الأجل المتفق عليه ، مما يُعد ضربا من المستحيل بالنسبة للانقاذيين! وإذن ما هو يا ترى (سر) هذا الاعجاب ومكمنه؟! لا أعرف على وجه اليقين! لكن لجنة (حكماء المشير) ضمت فى تكوينها أناساً من مشارب شتى، ودروباً متقاطعة كل التقاطع، مما يجعلها اشبه (بخياطة القرع بالقحف)! واللافت، بوجه خاص، أنها ضمت، فيمن ضمت، نافع على نافع مساعد رئيس الجمهورية، والقيادي الانقاذي كثير الاستخفاف بالاحزاب والسعى للنيل منها، والذي لا يكاد يجد لها دوراً أو مكاناً فى الحياة السياسية، والحزبي الأكثر مغالاة فى إقصاء الآخرين من غير عضوية حزبه ـ المؤتمر الوطنى!

    رأيي، والله يعلم، أن هيئة المشير تسعى، في الاصل، (لإنقاذ الانقاذ)، بأن تجعل لها مخرجاً من ورطتها فى دارفور، وأن تبعد عنها شبح الضغوط الغربية المتزايدة، وأن تطالب الناس بإعذارها باسم الوطنية وتقديم الاجندة العامة على الخاصة أو الحزبية! لكن، لما اقتضى الامر إشراك الجميع وتوسيع مواعين العمل العام ، كان هذا بمثابة إمساك من (الليد البتوجع)، فعادت الحكومة إلى تعنتها وتمسكها بنسبتها من قسمة الثروة والسلطة، لا سيما أن (غير الموقعين) على اتفاق ابوجا ينتظرون نصيباً مقدراً وكبيراً وعزيزاً لإقليمهم المضطرب هو مهر توقيعهم على أي اتفاق تسعى الانقاذ لإبرامه كي تبرد (أضانها)! وهنالك الموقعون من جبهة الشرق الذين أخذوا (نصيبهم) بينما لا يزال البعض الآخر (رافضاً) يرى الاتفاق قاصراً وناقصاً! لكن الانقاذ لا تسعد، في كل الاحوال، إلا بمن (لا) يدنو من كراسى السلطة، و(لا) يتطلع لمشاركة حقيقية في الحكم، وليدنو بعد ذلك من أي شئ آخر أو يتطلع لتحقيق أي حلم يريد! فماذا فى جعبة (حكماء العالم) بعد أن أفرغت الانقاذ جعبة (حكماء المشير)؟!

    هذا ما ننتظر أن تجيب عليه صروف الايام القادمة، خصوصا أن جهود هيئة المشير قد توقفت، و.. أيضاً لا ندرى السبب الذي قد يبطل العجب!

    الإثنين:
    ____________

    البروفيسر الراحل عبد الله الطيب، فوق كل ما عرف عنه وأجاده من اتقان للأدب المقارن، تميز أيضاً بشدة حبه للغة العربية، فكان من قلائل بلا نظائر فى بلادنا والعالم العربى يعرفون دقائقها معرفة عميقة. وقد اشتهر بحميته وغيرته عليها، واستماتته فى الدفاع عنها، والحث على تعلمها وتدوالها صحيحة مبرأة. وكانت له فى هذا طرائف مع تلاميذه ومريديه إبان تدريسه بكلية الآداب بجامعة الخرطوم.

    وعندما تولى عمادة الكلية خلفاً للدكتور الشوش الذى كان يسعى لغرس مناهج مغايرة لما كان يدَرَّس وقتها، تصادف أن جاء أحد أصدقائه يبحث عنه، وسأل أحد الأساتذة الفرنجة أين يمكنه أن يجده، فأجابه الخواجة فوراً:he is there unshooshing the faculty "إنه هناك يمحو آثار الشوش"!

    وكان عليه رحمة الله يصر دوماً على أن يكون معه، فى إدارة مكتبه، من يعرف ويألف من الموظفين والعاملين وحتى السعاة! وحدث ذات يوم أن ذهب إلى مكتبه، فوجد سكرتيرة لم تتقاطع دروبه معها من قبل، فسألها من أين جاءت؟ فأجابت: من شعبة (الفرنساوي)، فعلق على الفور متسائلاً: "أما زال للفرنساوى شعبة"؟!

    وكان ثمة حريصون على تقصي ماورائيات عباراته، فكانوا يترصدونها ليلتقطوها ويتندروا بها! وقد لاحظ، يوماً، أثناء مروره بردهات الكلية، أن الطلاب كانوا مستغرقين مع زميلاتهم فى أحاديث جلها هامس ، فنشر إعلاناً على لوحة الاعلانات يقول فيه: (ترجو العمادة من الطلاب عدم "التواجُد" بالممرات"! فلما أجروا بحثاً معجمياً عن كلمة (تواجُد) هذه، علموا أنها تعني تصنُّع (الوَجْد) و(الصبابة)!

    وفي إحدى محاضراته قال إن بعض (النقدة) سعوا لمهاجمة شعره وكتاباته! فلما نقبوا عن الكلمة وجدوا أنها ليست مفرد جموع (النقاد) كما قد يبدو للوهلة الاولى ، وإنما تعني (صغار البَهَم التى تأكل الدريش طرية العود ضعيفة القدرة)!

    وذات مرة همَّ بمغادرة الكلية، لكنه وجد فتاة بيضاء جالسة فوقها، فاستسمحها قائلاً: "لو سمحتِ يا ظرفاء"! فلما نقبوا عن المعنى وجدوه شيئا غير (الظرافة) ، وانما (ظرف) من نوع آخر على صلة بما تنبئ عنه أصول الفتاة!!.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de