|
ومازال د . زهير السراج معتقلا !! / الحاج وراق
|
وأنت بخير: د.زهير!
الحاج وراق
لايزال د.زهير السراج معتقلاً ! لو أن الأمر أمر دستور وقانون وقضاء ، لكان المفترض أن يُفتح بلاغ في مواجهته ومن ثم يطلق سراحه، ولم يكن ليتعدى الأمر الساعات، ولكن أن يطول الاعتقال الى عدة أيام، فذلك يؤكد أن الأمر أمر آخر، فالقصد الاذلال والتطويع! * ود.زهير السراج، المعتقل ضمن قلائل آخرين، لم يحتفل برأس السنة مع زوجته وأبنائه وأسرته وأصدقائه! ولكن، كل من احتفل هانئاً آمناً هذه المرة، فان لزهير، بكلماته التي تحتفي بالحياة وبالحرية وبالتعددية الدينية والثقافية، وبكلماته التي ترفض الجزافية والحكم المزاجي في التعدي على حريات المواطنين ومداهمة منازلهم الآمنة وترهيبهم، لزهير بكلماته هذه نصيب لا يمكن انكاره في أي احتفال هانيء! لكن زهير لن ينعم بثمار غرسه. * ولماذا؟ قيل انه (أساء الأدب) مع رئيس الجمهورية، والادب ضروري تجاه كل الناس، دع عنك رئيس الجمهورية، وليس للديمقراطيين مصلحة أبداً في تحويل الصراعات الفكرية والسياسية الى صراعات شخصية، ليس بسبب التزامهم الأخلاقي وحسب، وانما بسبب اكثر بساطة، فأهدافهم التي يدعون اليها: الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية، أهداف صحيحة ورابحة حتما، ولا تحتاج بالتالي الى دعمها بالمهاترة والتجريح الشخصي!. ثم انني لا أود الخوض في الكلمات التي كتبها د.زهير، فأدنى درجات العدالة، والشرف، يستوجبان الا تناقش كلمات شخص لا يستطيع الدفاع عن نفسه! ولكن، تُرى حقاً يأخذون على زهير (قلة الادب) كما يدعون؟! لا يمكن أن نصدق ذلك إلا اذا كنا بلا ذاكرة وبلا عقل، اننا نعرف تاريخ الصحافة السودانية، ونعرف الذين أسسوا للصحافة الصفراء في البلاد ـ صحافة الاسفاف ولداد الخصومة والتجريح الشخصي والبذاءات! ونعرف الذين استنوا سنة استهداف الرموز الدينية والسياسية، ولاتزال نعوتهم التي تصدم الاذان والوجدان حية في الذاكرة «أبو كلام» لرئيس وزراء البلاد! «ودرق سيدو» لوزير الزراعة! و«ابو ناعم» لمرشد الختمية الروحي!! وغيرها وغيرها . انها ذات المدرسة الفكرية والسياسية، التي تدعي السهر على القيم، وتحاكم الآخرين على أساسها، ولكنها ظلت ولاتزال، الاكثر مفارقة للقيم في خطابها السياسي والإعلامي «طعانين ولعانين وفاحشين»! * اذن فقضيتهم ليست قضية (قلة أدب)، القضية الحق، صدوع د.زهير بالحق، دفاعاً عن الديمقراطية وحقوق الانسان، ودفاعاً عن المظلومين والمهمشين والضعفاء، وكفاحاً ضد المستبدين والمنكفئين والعنصريين والفاسدين! * ويأخذون عليك عزيزي زهير اندفاعك، وحقاً انك لم تعتد نير الاسترقاق الذي يلف الاعناق، وصحيح أن النير الآن في طريقه نحو الانقشاع، ولكنه لم يرتفع بعد، ثم ان طول زمانه على الأعناق قد عود الكثيرين على الانصياع! ولكنك، كنت دوماً استثناءً، لم تعرف (المداورة) ولا لغة العبودية والخضوع ، تسمى الأشياء بأسمائها، وتقول كلمتك و(اليحصل يحصل)، ولهذا كنت ضيفاً مستداماً على المحاكم والاستدعاءات! وهكذا الناس العظام، تصنعهم سجياهم الشخصية، بما فيها عيوبهم، فلولا اندفاعك الجريء، لما كنت زهير، رائد الكلمة الشجاعة التي لا تعرف الاهتزاز! نعم، اندفاعك حارٌ، وينضح بالمرارة والغضب، ولكن لهذا السبب كنت صوت الملايين الذين يتجرعون المرارات - الملايين الذين تركهم قطار الانقاذ في محطات الفقر والتهميش، ومئات الألوف الذين أحيلوا للصالح العام، ومئات الآلاف الذين تطاردهم الجبايات والتجاوزات والاهانات يومياً، ومئات الألوف الذين يستقبلون الصباح بلا حق المدارس للأولاد، والآلاف الذين خبروا في بيروت الأشباح ما تندى له جبين كل انساني وشريف! والقائمة تطول.. ولكن المهم، ان حرارة الكلمات التي يستخدمها زهير انما تمتح من السعير التي يتلظى فيها غالبية أهل السودان، إذن فما الأحق بالإدانة والتجريم، جحيم الأفعال أم سخونة الأقوال؟! * أيها العزيز زهير، كل عام وأنت بخير، شدة وتزول، وستخرج طال الزمن أم قصر، وستحتفل مجللاً بتحايا وتباريك وايماءات الآلاف من محبيك ومعجبيك. * وكلمة أخيرة، لابد منها، الى الذين يأتمرون في هيئاتهم الحزبية، فيقررون كسر الأقلام، ثم يمررون قراراتهم للأجهزة الرسمية لامِضائها، أعلموا انكم لن تستفردوا أبداً بزهير السراج، فإذا قررتم منعه من الكتابة الصحفية، فإنني، الحاج وراق، واحد من كثيرين، أعلن بملء الفم انني لن أكتب أبداً في صحافة لا تتسع لزهير السراج! ثم إن أرض الله واسعة!
|
|
|
|
|
|