المثقف السوداني..... صلاح احمد ابراهيم...

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-12-2024, 04:02 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.نجاة محمود احمد الامين(د.نجاة محمود&bayan)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-08-2007, 12:35 PM

bayan
<abayan
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 15417

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
المثقف السوداني..... صلاح احمد ابراهيم...

    نقلا من الاوفلاين انزله ابو عبيدة محمد ضيف الله.

    في سياحة علي منتوجنا الأدبي والفكري إستوقفني ما كتبه الراحل صلاح أحمد إبراهيم بملحق الأنوار البيروتية الأدبي في مارس 1969م وأعادت نشره مجلة الخرطوم في يناير 1994م ..
    ربما سيفتح هذا المقال بعد نشره ( علي طوله ) باباً واسعاً من الجدل لأني أراه ( رؤية شخصية بحتة ) ما زال مناسباً لعكس واقعنا الحالي ولما يمكن أن نسميه أزمة هوية المثقف السوداني المتعلق بكل ما هو غير سوداني ..
    وربما يعجب به البعض بإعتباره نتاجاً أدبياً راقياً لقامة من قامات السودان الشامخة..
    وربما يمل منه البعض الأخر من أول سطر فيعجل بالضغط علي Back ..
    في كل الأحوال وبرغم طول المقال وبالرغم من كل هذه ( الربماءات ) أهديه لكل متصفح للأوف لاين عامةً وللأخوة الأعضاء خاصةً علي أمل إثراء حوار حول المثقف السوداني..


    ( 1 )

    حمل الشيخ المغربي - ذلك العالم الأزهري هذه القصيدة الطويلة من خريطته ويمم صوب الملك بادي - ملك سنار الذي سمع عن كرمه بل ربما وصله كرمه وهو يدرس هناك في رواق السنارية بالأزهر فاراد أن يقوم بقضاء الحق أو يستزيد .. ربما لم تكن هذه القصيدة وحدها في خريطته - وخريطته كلمة شائعة في السودان وهي فصيحة ومعناها الحقيبة - ربما كانت معها رسالة الأخضري ومختصر خليل وربما كان من رفقته علماء سناريون عائدون بعد إجازتهم من الأزهر ليدرسوا في مسجد سنار الفخم – الفخم بمقايس سنار قصبة السلطنة الزرقاء – يسمعون علي البعد صهيل الخيول المطهمة المسرجة إستعداداً خارج قصر الملك وينظرون إلي سنار وقد إزدانت بالبشرية من كل صوبٍ وحدب.
    وكثيرون غير الأستاذ المغربي كانوا يؤمون سنار كتاج الدين البهاري مثلاً تلميذ القطب عبد القادر الجيلاني وسواه من المعلمين والمشايخ القادمين من شنقيط وتمبكتو ومن المغرب ومصر والحجاز. وكان في السودان معلمون محليون يطلع منهم العلم "دخاخين دخاخين" - علي حد تعبير صاحب طبقات الأولياء – تهب ريح هادئة من نفض فرو الفقراء الذين يؤمونهم للطلب فتخضر الأرض من وضوئهم ، حتي جاء الإمام المهدي فإذا به البحر الذي إستغني به الناس عن الثمدات علي حد قوله.
    وكان ثمة صراع مستمر بين أهل الظاهر والباطن – كالمعركة التي دارت بين الشيخ "دشين" قاضي العدالة ويمثل الفقهاء والشيخ "الهميم" ويمثل أهل الكشف و"الملاماتية" وصراع بين الثورة وخدمة النظام القائم و "ولي الأمر" كالذي دار بين الإمام المهدي ومن أسماهم "بعلماء السوء" بين الإسلام الثائر الذي يقف حاملاً رمحه مع المظلوم والمغبون والمضطهد والإسلام الذي يقعد " فكي ود مرتضاه يقري " بين إسلام الرفه والسفه كالذي تجلي في حفل ختان أنجال الشيخ القرشي وإسلام التقشف والزهد والتقوي كما تجلي في ثورة حواره محمد أحمد الدنقلاوي إبن صانع المراكب بكرري.
    ولكن الخليفة عبد الله لم يكن بحاجة إطلاقاً إلي العلم ولديه "جراب الرأي" الأمير يعقوب عن يمينه و" مسمار الدين" الأمير حمدان عن يساره ، ثم كان هنالك سجن " السائر " حيث يطهد ويموت صبراً أمثال الحسين الزهراء العالم الأزهري والشاعر الكاتب الثائر الذي كان يحض الناس علي العصيان والتمرد بإسم مستعار معروف عند أهل الفطن " بأخي الحسن " ورغم ذلك كان للخليفة مطبعة حجر لا تزال موجودة بمتحف بيت الخليفة بأمدرمان ولكنها لم تكن لخلق رأي عام أو إشاعة فكر أو إزالة جهالة أو خلق طبقة مثقفة فقد كفاه أهله التعايشة الذين قطعوا له دابر البطاحين " راجع وصف المذبحة في السيف والنار لسلاطين " وطيروا علي الجعليين أحفاد العباس فصاحتهم ونظروا للأشراف شزراً بالعين الحمراء وأدموا برماحهم البليغة عين الشمس وكبد الحقيقة.
                  

07-08-2007, 12:35 PM

bayan
<abayan
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 15417

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المثقف السوداني..... صلاح احمد ابراهيم... (Re: bayan)

    2 )

    ما يجري ثقيل علي

    ودخل جيش الإحتلال الأجنبي السودان وكانت الهزيمة الكبري في مشارف أمدرمان العاصمة الوطنية:
    سار الجنود عجالي
    كأنهم في سباق
    راياتهم تتعالي
    وبالسلاح إشتياق
    وهم نشاوي الجهاد قبل مدار الكوؤس
    وللمنايا حصاد تجز فيه الروؤس
    صبيحة الجمعة
    ومدفع الأعداء يرمي بعيد المدي
    فيرتمي الشهداء بحيث يحلو الردي
    وليس فيهم جبان
    من دوخوا الخرطوم وقوضوا شيكان
    وفي نواحي هثيم كانت لهم وقعة
    الصف خلف الصف يموت تحت العدا
    ولم يزل يزحف جيش دعاة الفدا
    في الراية " الزرقاء " لم يبق غير إثنين
    ماتا وخر اللواء .. سعد وسعد الدين
    صبيحة الجمعة
    وظل ذاك النهار دامٍ حزيناً عبوس
    الموت فيه إنتصار والنصر فيه خسيس
    لو لم تخن يا سلاح؟؟
    لو لم تقصر يداك؟؟
    كنا ملأنا البطاح
    منهم بضرب دراك صبيحة الجمعة
    ونحن لما إنهزمنا والضرب فينا إستحر
    قلنا الصراع مثني والحرب فر وكر
    غداً لنا الوقعة

    كانت هزيمة أهلينا هزيمة رجال .. الخليفة عبد الله إنكسر نحو الغرب ليلم فلول محاربيه ولم ينسحب إلا بعد أن صلي الجمعة .. ومن سهول كردفان أخذ يجمع رجاله والأمراء يتقاطرون إليه .. إستجاب الأمير أحمد فضيل مثلاً من أجل اللحاق به من سهل القضارف عبر الجزيرة يراوغ ويكمن ويضرب وكان بحد ذاته ملحمة بطولية .. وحين تيقن الخليفة إن إنسحاباً جديداً لن يدرأ عنه هزيمة جديدة وقف وقفة رجال .. وقفة السوداني الصميم والعز يخطر بين يديه .. السوداني الذي يبصق في وجه الموت وهو يقول له " خذها مني يا أبن ......." و"فرش" الخليفة عبد الله كما فرش قبله الملك جاويش ملك أبناء شايق "البيرشوا الضعيفة ويلحوقوا الضايق" من وجه إسماعيل بن محمد علي و"فرش" بمعني أن يترجل الزعيم عن فرسه ويفترش فروته بإنتظار الموت أنفة منه .. ومات الخليفة برصاصة بين عينيه ومات من حوله الأمراء..
                  

07-08-2007, 12:36 PM

bayan
<abayan
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 15417

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المثقف السوداني..... صلاح احمد ابراهيم... (Re: bayan)

    3 )

    دخل جيش الإحتلال البريطاني عرين الأسد .. إنكسر الجسد ولم تزل الروح السودانية في صلفها وإبائها ولفحها علي جبين شمس الظهيرة .. كان " إمام ولد حبوب " يشتري الخيول من جهات بربر ويأخذها لديار الحلاوين .. عاتبوه "أفو يا إمام بعد ما كت أنصاري بقيت تتاجر في الحصين؟؟" رد عليهم الذي سار إلي المشنقة فيما بعد وكأنه سائر إلي إلي خدر عروسه " شن داير بالتجارة بعد ما بايعت الإمام المهدي!! لكن داير لي ضحوة في الإنكليز تخلي إبليسهم يخجل" .. وقد كان
    لم يكن بمقدار كتشنر فاتح الخرطوم إذلال هذا الشعب الجموح " .. حين إلتقي الأمير عثمان دقنة بسجن حلفا سأله أعرفتني؟؟ قال له هذا الأنصاري .. يأتون ويذهبون فمن أين لي معرفتك؟ قال له كتشنر أنا الذي هزمك في معركة كذا وكذا فرد هذا وأنا عثمان دقنة الذي هزمك في معركة كذا وكذا" ولم يكن بمقدور ألف جيش من جيوش الإستعمار فعل ذلك .. كان كتشنر يعرف معرفة اليقين أن نصره كان نصراً مؤقتاً .. كان نصر سلاح فهذا الشعب لا يسكت في النير طويلاً فهو إبن الصحراء كإعصار الصحراء لا شئ يحده متى إنطلق .. في باقي أفريقيا أذلوا الجسد وأذلوا الروح بل طمسوها .. قالوا لهم نحن أفضل منكم وأرقي لأن مسيحيتنا خير من وثنيتكم وخرافاتكم فإذا بالمبشر يحمل لهم الأنجيل بيد وصك العبودية باليد الأخري .. كان المبشر الوكيل التجاري للصناعيين وأصحاب الحوانيت بأوربا وكان مدير دعاياتهم ووكالة إعلاناتهم .. ولكن في السودان كان المقهور ينظر بعين المساواة لقاهره إن لم تكن عين الإحتقار.. ولم تنجح التبشيرات في إيهام عرب السودان بالحقارة فقد كان الإسلام واجهة صدام ثقافية في وجه الإستعمار لذلك كان المثقف الوطني يقول في نشيده تحت سمع الإستعمار ومخابراته..
    أمة أصلها للعرب..
    دينها خير دين يحب
    عزها ثابت لا يلين
    قد نفضنا غبار السنين
    ونهضنا بعزمٍ متين
    لنعيد فخار الجدود
    نحن في الجلي اسود..
    والشاعر الشعبي المساح يقول "كل من كان في بلاده عربجي لبلادنا حاكم عام يجي" لذلك حق عليه وهو الذي لم يكن أكثر من مجرد إسكافي أن يستمر في قول الهجاء.. وآخر كان يغني..
    بديني أعتز وأفخر وأبشر
    ما بهاب الموت المكشر
    ما بخش مدرسة المبشر
    عندي معهد وطني العزيز..
    فكان أول منشور أصدره كتشنر لمعاونيه يقول بإحترام العقيدة الدينية للمسلمين ويسمح لهم بممارسة شعائرهم في المساجد مع تحريم الزوايا خيفة إضطرام نيران "التعصب الديني" الذي لم يكن سوي روح الرفض والمقاومة والعصيان في عبارة غيبية .. فمن المجاذيب .. مجاذيب الدامر أهل اللوح ونار القرآن من كان المعلم الديني والمستشار الأمين لجيش الأمير عثمان دقنة في تلال البحر الأحمر ذلك الجيش الذي إخترق المربع البريطاني العتيد كان الشيخ العبيد يناوش غردون ويمنع عنه الإمدادات ويكمل عليه حلقة الحصار " راجع يوميات غردون" وهناك في بربر شمالاً وقف الشيخ محمد الخير أستاذ المهدي يقطع طريق الشمال فكانت المراكز الدينية مراكز ثورة وثورة المهدي خير مثال فيما كانت ثورة السحيني في نيالا وثورة ود حبوبة في كتفية.
    نشر الإحتلال ظله الكثيف علي الأرض وإن لم يستطع نشره في النفوس .. يكتب المؤرخ محمد عبد الرحيم مفنداً أكاذيب مؤرخي الإستعمار أمثال إبراهيم فوزي ونعوم شقير وغيرهم.. كنت جندياً من أنصار المهدي قضيت الشطر الأول من حياتي بين صلصلة السيوف وموارد الحتوف شهدت كثيراً من أخبار المهدية وإشتركت في اربع مواقع هي عكاشة والخفير وفركة وكرري حيث أصبت في الأخيرة بشظيتين من المدفعية الإنكليزية بقيت إحداهما في فخذي الأيمن من الأمام منذ سبتمبر 1898م حتي مايو 1905م .. إنتهي ذلك الطور بمزعجاته ودمائه وها أنا أدافع بقلمي عن عرض أمتي تحت وحدة وادي النيل لا أريد من ذلك غير الثواب في دار المئاب.
                  

07-08-2007, 12:37 PM

bayan
<abayan
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 15417

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المثقف السوداني..... صلاح احمد ابراهيم... (Re: bayan)

    4 )

    كان للإسلام حد جارح وللتعليم الإسلامي لذلك لم يكن من بد من إيجاد البديل ولم يكن التبشير المسيحي كما في بقية أفريقيا لأن المسيحية في نظر مسلمي السودان كانت اقل إكتمالاً من إسلامهم فليكن إذاً التعليم الحديث أو المدني فأصدر كتشنر ندائه والدم يقطر من سيفه بجمع تبرعات لإقامة كلية تذكارية بإسم غردون ليبدأ صراع جديد لا يزال صداه يرن حتى الآن..
    صراع بين الثقافة المعادية للإستعمار كما مثلها الإسلام والتعليم الإسلامي منطلقاً من الأزهر ومن المعهد الديني بأمدرمان والثقافة الإستعمارية كما مثلها التعليم المدني منطلقاً من كلية غردون التذكارية فكان خريج الكلية يجد الوظيفة المحترمة والأجر المحترم والمكانة الأدبية المحترمة بينما خريج المعاهد الدينية يعيش في مسغبة ويقصي عن الصدارة ولا وظيفة له إلا في السلك الشرعي والمنافسة موجودة حتى اليوم ويتجلي واضحاً موقف الإستعمار في إحتقاره لمعلم الدين واللغة العربية الذي لم يكن يتقاضي أجراً كزملائه المعلمين.
    كان لا بد من كسر أنياب المشايخ وإخضاعهم لسطوة النظام الجديد وإستخدامهم لإماتة النفوس بإسم الإسلام وإطاعة أولي الأمر .. نفس ما كان يصدر من علماء السوء الذين كفروا المهدي وإستحلوا حربه بجانب الكافر المستعمر فإستحدث الإستعمار نظام كساوي الشرف الدينية المقصبة ورشوة الزعماء الدينيين ودفعهم لتأييده .. لذلك ثار الشباب الوطني عليهم وكانت في منزل قائدهم علي عبد اللطيف لوحة مكتوب عليها " ألا ليت اللحي كانت حشيشاً فتعلفها خيول الإنكليز" وهذا يمثل صراع علي القيادة بين قادة تقليديين موالين خانعين وبين شباب تواق للحرية والإنعتاق..
    يقول صالح عبد القادر شاعر الثورة في العشرينات
    ورجاء قومي في العمائم واللحي
    كرجاء أهل البيت في إبن عبيد
    قوم قيام الفضل بين نفوسهم
    كقيام هود بين أمة هود
    لا يشعرون بما ألم بشعبهم
    فكأنما قدو من الجلمود
    وعبد الله محمد عمر البنا يمثل هذا الصراع في قصيدته
    يا ذا الهلال عن الدنيا أو الدين
    حدث فإن حديثاً منك يشفيني
    فكانت الثورة التى سحقت كبرياء العمم علي حد قول شاعرنا الفذ التجاني يوسف بشير
                  

07-08-2007, 12:38 PM

bayan
<abayan
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 15417

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المثقف السوداني..... صلاح احمد ابراهيم... (Re: bayan)

    وماذا كان هدف التعليم الحديث؟؟

    كان هدفه خلق فئة جديدة غريبة علي المجتمع التقليدي فئة مدللة ذات إمتيازات تجعلها فوق المجتمع ولأنها منه تحاول تحويل مجراه بما ينسجم مع تلك الإمتيازات فئة من صنع يد المعلم وبإختصار .. خلق المثقف السوداني الذي يربطه حبل سرة ذهني مع أوربا وبسبب ذلك يستطيع التفاهم مع المستعمر تفاهم ال.... مع عميله .. المثقف السوداني الذي بعد ترويضه يستطيع أن يزيد البلبلة الفكرية ويتحدي القيم التقليدية وبوعي أو دونه لمصلحة خاصة أو لوجه الله يدعو للحضارة الوافدة ويمجدها ويكون الدليل المائل للتقدم الذي يجلبه الإستعمار بجانب قيمته العملية في خدمة الإستعمار في كافة الإتجاهات إبتداء من العمل المكتبي الخسيس حتى كونه صلة الوصل بين الطرفين.
    وظل الإسلام برغم كل شئ واجهة الصدام الثقافية فالمناسبات الدينية كانت لإعلان الإحتجاج والتحدي والمثقف الذي أريد له أن ينعزل عن قومه وأن يتعالي عليهم ويقودهم للضلال صار يغني أمام المفتش الإنكليزي الجبار..
    في الفؤاد ترعاه العناية
    بين ضلوعي الوطن العزيز
    وخليل فرح يبث الروح الوطنية
    يا نزلانا أمرقوا الزمة
    كيف ينطاق هوان الأمة
    ديل دايرين دمانا تسيل
    نحن ونحن الشرف الباذخ
    دابي الكر شباب النيل
    ثم هو لا ينسي إلتفاتة تحية للضريح الفاح طيبو عابق السلام للمهدي الإمام
    ويغني للوطن
    عزة في هواك
    عزة نحن الجبال
    ولليخوض صفاك
    عزة نحن النبال
    وجاء فكر من نوع جديد... حلقات من النشء الثقافي أو الثوري تقرأ ماركس ولينين وستالين سراً وبدأت الثقافة المعادية للإستعمار تأخذ بعداً جديداً بظهور الماركسية وأصبح شعر كمال عبد الحليم علي كل لسان وحسين عثمان وهو ينشد في الجماهير الذاخرة في شارع من الشوارع قصيدته الخالدة
    يا شعب حقك في الغذاء..وفي الكساء..وفي الدواء..
    فأطلبه عند جماعة جعلتك تحيا في شقاء
    مصت جهودك كلها كالقمل يمتص الدماء
    يا شعب إن شئت البقاء فلا تمد لها البقاء
    غالتك في الليل البهيم وأمسكت عنك الضياء
    ومن خلال العمل الثوري ورغم قانون قمع النشاط الهدام تعرف الإشتراكيون علي الموروث الديمقراطي العالمي وعلي كتابات ما تسي تونق وكتاب جريدة الكمنفورم " في سبيل سلم دائم في سبيل ديمقراطية شعبية" ونهض في السودان المثقف الإشتراكي الماركسي بعامة وبإزائه كان هناك من يمم صوب حسن البنا والغزالي وسيد قطب ومجلات الأزهر والمدينة وهدي الإسلام وتبلور فكر إسلامي حديث يقوم علي معاداة الشيوعية والدعوة لجامعة إسلامية جديدة .
    إذن صار هنالك معسكر كبير للثقافة العربية يدافع عن اللغة العربية التى عجز الإستعمار البريطاني عن قهرها كما فعل رصيف له في الجزائر ولذلك عمل علي إضطهادها في المدارس الحديثة من حيث تغليب الإنكليزية عليها وتقديمها وإضفاء هالة من التفوق والسيادة عليها وجعلها مفتاح النجاح والعمل فصار المثقف ضعيف الصلة بقومه ولغتهم وصار يعجز عن التعبير بها في سلاسة ودقة بل صارت اللغة العربية مثل عربي جوبا بين كل كلمة وأخري تجد كلمة إنجليزية.
    معسكر يهتم بالإسلام كطريقة في الفكر والأسلوب ويشغل نفسه بمواضيع الدستور الإسلامي والعدالة في الإسلام والفائدة والتأمين والوحدة الإسلامية الخ .. ومعسكر إشتراكي يضم الماركسي علي السكين والماركسي الشبه والفابي والسندكالي والبعثي والناصري ..
    وهناك من تأثر بالدعوة الزنجية أو الأفريقية لشتي الأسباب وعلي مختلف الدرجات إبتداء من الكتلة السوداء التى تصدرها أدهم مار باشعار الفيتوري وبكتابات الكتاب الذين يضعون الأفريقية في مقابل العربية ومن ينكر علي السودان عروبته ومن يحس بالعروبة عبئاً ثقيلاً إن لم تكن عاراً..
    لكن المثقف الجنوبي بوجه عام هو تجسيد كامل لما يرمي إليه الإستعمار الثقافي من نتائج فهو مسيحي نتيجة فترة صبغ دماغي أستغلت فيها تجارة الرقيق العربية علي يد قسيس نسماوي أو إيطالي أو أمريكي أو إنكليزي تهدف إلي تشبيعه بكراهية العرب والثقافة العربية والإسلام والتعالي علي المعطيات الثقافية التقليدية وعلي وثنية القبيلة وعاداتها وتقاليدها لدرجة إقصائه عن أي مذهب معافي في الوحدة الأفريقية ولا بد أن يمزق التيار الثوري ثوب الرياء عن " قوميته " المنحرفة الزائفة وعن أفريقيته الكاذبة وليس معني هذا أن المثقف الجنوبي بلا قضية فهو منبت ليس له من نصيب ثقافة أفريقية أو زنجية بصورة عامة لم يسمع ولا يريد أن يسمع بديبورا أو يقرأ نكروما ونيريري أو حتي سنغور ولا يعنييه لوممبا في كثير شئ أو قليله فثورة الكنغو لا تهم قضيته . يحفظ إنجيله ويقرأ الأفريكان شالنج والستاندرد الكاثوليكية ويتضرم بأحقاده فالإسلام في الجنوب يمثل ثقافة قاهرة مسنودة بالدولة أما المسيحية فهي رمز الخلاص الديني والدنيوي .. للرفض المثقف الجنوبي معضلة مركبة مثله مثل إستشراء الطرق الصوفية في الشمال وإستنقاذه يحتاج لصبر ودأب من قبل المثقف الوطني وهو سباق إمكانيات في المحل الأول..


    __________________
                  

07-08-2007, 12:38 PM

bayan
<abayan
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 15417

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المثقف السوداني..... صلاح احمد ابراهيم... (Re: bayan)

    ( 5 )

    المثقف السوداني يعاني علي وجه الإجمال إنفصاماً في الشخصية بدأ بكلية غردون القديمة وظل مستمراً حتي اليوم نتيجة إصطراع شتي الثقافات في نفسه وفي المجتمع.
    المثقف السوداني لا يزال حتي اليوم يعيش بفكره وخياله وتطلعاته في أوربا وأمريكا ويعيش علي أنه مجبور علي المعيشة في هذا البلد " الحفرة " – وملعون ابوكي بلد – يحس بإرتعاشة شبقة علي أطرافه لملمس ورق التايمز والأوبزيرفر ويهتز كالعصفور بلله القطر لدي شميم حبر النيوزويك والتايم وسعادته الكبري حين يتحدث باللغة التى تعلمها مع زملائه أو مع أحد من ذلك البلد الذي تعلم فيه وجمعيات الصداقة المختلفة هي تعبير مجسد لهذا المنحي.
    المثقفون السودانييون لحمة رأس وهم يمثلون فوضي فكرية هم رقيق الميري قنوعون متحجرون سريعوا الإنزلاق نحو عادات المجتمع ورزائله .. " مثقفو الخرطوم – غضبة الهبباي " سريعو التأثر بالفكرة الهابة من الخارج في غير رؤية ولا تمحيص لا يعملون علي توسيع رقعة الإختيار لديهم وسرعان ما يضجرون " إذا كان ثمة جدوي للقراءة اين هو الآن البروفيسر سعد الدين فوزي – هكذا يقولون سيبك يا عم – ولكنهم رغم كل شئ موالون لوطنهم يعودون لأهليهم في الضائقة شديدو الإلتصاق بهم
    كتحليل نهائي..
    أبناء بررة يفجرون إنتفاضة ثم يتأففون منها وسرعان ما يسخرون منها وإن لم يقبلوا أن يسخر منها أحد سواهم .. والمثقف السوداني الذي أريد له أن يكون مجرد إنكليزي أسود فهو في أسوأ الحالات متنازع عليه من ثقافات أمريكية وفرنسية وروسية ( المراكز الثقافية ) والخوف كل الخوف من الأغلال التى هي في صميم جزور روؤسنا فكتشنر الذي فتح السودان وضع فيه اساس العمران كما يقول كتاب التحفة السودانية - والذي كان يدرس في المدارس وتم حذفه من المنهج - ووضع فيه أول ما وضع أساس الإستعمار الثاقفي الذي هو ضمانته ولا يزال يطمس أصالتنا ويشل إرادتنا ويسحرنا ويبهرنا عن رؤية واقعنا وعن تبيان الطريق السوي.
    وحتى الآن لا يزال الجمل ماشي والكلب ينبح .. فملوال في أدغال الجنوب ومستنقعات الدينكا وسليمان في سهول الغرب وجبال الميدوب وأوهاج في تلال البحر الأحمر ودلتا طوكر والقاش ونقد علي ساقيته وبأعلي نخيل الشمال وبقية عربنا في البوادي وسهول الجزيرة يعيشون عالمهم الخاص لا يابهون لفلقة الدماغ التى في الخرطوم فالخرطوم في نظرهم هي التى تحول بينهم وراحة البال القديمة وكل صلتهم بمتطلبات الحداثة هي الضرائب والراديو..


    #### إنتهي ###
                  

07-08-2007, 12:41 PM

bayan
<abayan
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 15417

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المثقف السوداني..... صلاح احمد ابراهيم... (Re: bayan)

    http://www.sudaneseonline.net/forum/showthread.php?p=144932#post144932

    العزيز اخي ابو عبيدة

    سلامات
    سعدت وتشرفت بهديتك هذه.. وكونك تود ان تصل الي..
    هذا شرف ما بعده شرف..

    وها انا اشارك بها الاخوة والاخوات المهتمين بصلاح
    امثال
    وليد 500 والاخت سلمى الشيخ..
    ولكم المودة اجمعين..
    واتمنى ان يكون هذا البوست اكثر حظا في النقاش..
                  

07-08-2007, 01:45 PM

Fadl Karrar
<aFadl Karrar
تاريخ التسجيل: 12-04-2004
مجموع المشاركات: 1904

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المثقف السوداني..... صلاح احمد ابراهيم... (Re: bayan)

    لو ما كتب غير

    ( النيل هناك ،
    وخيرات الأرض كذلك ،
    ومع ذلك ...
    ومع ذلك ... )

    لكفاه أدباً وثقافة وسودانوية

    له الرحمة


    فضل كرار
                  

07-09-2007, 03:15 AM

bayan
<abayan
تاريخ التسجيل: 06-13-2003
مجموع المشاركات: 15417

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المثقف السوداني..... صلاح احمد ابراهيم... (Re: Fadl Karrar)

    سلام يا اخي فضل كرار
    وسعدت جدا باضافتك وانت ايضا من المهتمين بشاعرنا الماجد الشجاع..
    اتمنى ان تستمر في رفد البوست بالنقاش المفيد..
    وهذا البوست هدية لكل محبين صلاح..
    ورجل واحد شجاع يشكل اغلبية..
                  

07-09-2007, 03:50 AM

abubakr
<aabubakr
تاريخ التسجيل: 04-22-2002
مجموع المشاركات: 16044

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المثقف السوداني..... صلاح احمد ابراهيم... (Re: bayan)

    Quote: ورجل واحد شجاع يشكل اغلبية..


    انسان واحد شجاع يشكل اغلبية ( المقولة تقصد الانسان-امراة ورجل- عموما واستعمال one or a single man يقصد بها الانسان -شئ من بقايا فكر مجتمع ذكوري )....مثل الذين اتيت به هنا يانجاة هو زاد المثقف وتاج الراس وغير ذلك لا يفيد ..اكثري من هذا ففيه خير للجميع وسيكثر الحواري المتلهفون للازدياد منه...
    واصلي
    مودتي
    ابوبكر
                  

07-24-2007, 08:24 AM

waleed500
<awaleed500
تاريخ التسجيل: 02-13-2002
مجموع المشاركات: 6653

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المثقف السوداني..... صلاح احمد ابراهيم... (Re: abubakr)

    تحياتى د/ بيان

    صراحه دى سياحة ابداعيه ادبيه فكريه
    وفى حضرة الجمال يطيب الجلوس
    ما وجدته هنا يصعب الحصول عليه لسنين طوال
    لك الشكر استاذة بيان وخوالص الشكر للاخ
    ابوعبيدة محمد ضيف الله .....كل يوم نكتشف ماهو اجمل

    لكم الحب وصادق المتابعة والعوده.........
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de