فصل من رواية (بر العجم) *

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-20-2024, 05:05 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-21-2007, 09:29 AM

محمد جميل أحمد
<aمحمد جميل أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فصل من رواية (بر العجم) *

    سنكات... سنكات .. حوليه.. حوليه.. ساخت هتافات السماسرة في زحمة الألوان. كانت أقنعة النساء تدهن أجسادهن بالفـُوَط السادة ذات الأصباغ اليتيمة، لون زينب، والدم ، والأصفر المجنون، والأخضر، رفت علي الأجساد المكتومة كفراشات ملونة حلت في سماء اللواري السفرية وباحة سوق (ديم سواكن)
    صدح الفجر مهرجاناً ضجت فيه الألوان والأناشيد. لبست حافلات الشحن الرايات الخضراء، وخفقت تحت الشمس بفسيفساء معدنية أضاءت واجهاتها كإعلانات كتبت عليها عناوين الرحيل : ( بورسودان) ،(سنكات)، (طوكر)، وبالعكس . فما بين الضوء المنسرب من العتمة إلى غفلة الديوك في الضحى تنحسر الضجة في حركة السوق مع آخر اللواري المنسحبة من أطرافه، وسط الزفة الواهنة ودعوات العاجزين الذين حبسهم العذر عن ضريح السيدة ، فنشطوا للوداع منذ الصباح بعد أن حفظوا ودائع الدراويش في تكية (الختمية) لقاء الدعوات وهدايا الرمل من فناء الضريح ..
    كانوا يقولون أن يوم الرحيل إلى (الحولية) هو يوم الزحمة والرحمة والحركة والبركة.غير أن الزحمة في ذلك الصباح فجعت آذان العمايا بهسيس المريدين من جهات المدينة الأربع . كان انشداد الجموع إلى باحة السوق ، بهيئاتهم المميزة وشاراتهم المعروفة ، أول من خيب ظن العاجزين في البحث عن أمان مطمئن علي ظهر اللواري ، وهو ما حذرهم منه الدراويش الذين تحزموا للموسم بزنانيرهم الصدئة ، وازدحموا تحت البيارق الخضراء داخل التكية وخارجها منشدين من الحين والآخر:

    (شيء لله يا حسن
    / يا سلطان الزمن) .

    كان يوم الحولية عيداً للطوائف ، تجملت فيه القبائل وجاشت الأعلام علي رؤوس الرعايا. تحمّل (النوراب) يومها أزياء الفرقة التي خنقت أجسادهم المنفلتة. كانت القمصان الضيقة ، والأحزمة التي بعجت بطونهم، وأربطة جزم (الباتا) المجبصة بأقدام أنفت أصابعها ذل الضيق ، أعظم عدو خنق أنفاسهم منذ الفجر ، في انتظار العُـمَد والشيوخ ، بحيث لم تكف عنهم أنـّات الحنق إلا الأنغام التي كانت تنبعث من مزامير الخوص وصفارات قصب السكر علي حركات الأصابع القلقة، بينما كانت أناشيد (بني عامر) و (الحباب) ترطن ألحانها المرقـّــقة في وسط السوق ، فرحين بما سطع في صدورهم الزرقاء من شارات (الختمية) . ومن خلفهم هدرت (نوبات) التكارين وطبول الفلاتة بدويّ يخرق أسماع الحاضرين ، كلما وزع (عيسي فنكاسو) الإشارات التي يضبط إيقاعها علي حركة عينيه نصف المغمضتين ورأسه المتمايل. كان الحفل تبريكا ينشط فيه المريدون مع الدراويش قبل الركوب علي لواري الشحن المتجهة إلى سنكات . حيث تـنغرس شموع الحولية من كل عام علي ضريح (ستي مريم) الممدد بين شجر الأراك في دائرة المراغنة.
    في تلك الجموع المشتعلة بالبشارة أجهش أبو البشر (آدم أرباب) بنصفه الحي علي شطره الميت.
    كان يحرق دموعه في الغبار الذي تصاعد من هرج القوم ملتفا حول نفسه بالحسرة :
    .... آه يا آدم يهدر فيك الحنين وتكذبك الأيام.. ها هي النفوس تـفيض في الزحام بعدما فاض شراب الوصل ... أكلتك السنون في العشق ، فانقطع المراد....
    رب موصول مقطوع... وأنيس مستوحد... درج السالكون في الحضرة.. وأنت هنا..

    ( يا رب أنت وصلتهم وقطعتني) .

    كانت أعناق الخيل تحجل بالأجراس في الدائرة المشتعلة لتنتشل (أبا البشر) من فيوضه مثخناً بالنواح .....
    أبصر آدم حقيقته: جسد مغمورٌ في الدنيا منخسف في الأيام ، رهنته الدروب في تكية الختمية بساحل برعوت، بعدما دفنت الرمال ثلاثة من إخوانه تحت رياح الهبباي في موسم (غبار العيتبيت) دفنهم جميعا ً وأدلج في ظلام العيتبيت . كانت عتمة الرمل تـنسخ الدجي في نهاره المنطفئ بين
    (دولبياي) و (أوسوك) . سلخ ليالي البرد في سفر الرؤيا، دون أن يبالي بحرب الرمال في بطن الصحراء. قالوا له يومها في طوكر: أن لواري (كباشي عيسي) حبستها (العيتبيت) في الطريق ... حلفوا له بأغلظ الأيمان : أن الخروج إلى الحولية في (العيتبيت) موت مذكور.
    كان الناس في موسم (الهبباي) بـ(طوكر) يطفئون حياتهم في البيوت ، ويطبخون الرمل في طعامهم وشرابهم شهورا ً، بين هوام الموسم الزراعي التي تندلق مع بنات البيوت والأفاعي والعقارب لتستوطن الأحذية والمشربيات المفروشة بالرمل .
    كانت غضبة (الهبباي) وغبارها ، خبيئة الحياة عند أهالي طوكر. حين تتـفشي حُمّى الغضب الترابية عن بقايا نهر(سيتيت) المتقطعة في الدلتا ، فيحتفل الناس بانقشاع الرياح ، في نفس اليوم الذي يستقبل فيه الدراويش (علي كباش) قادما من (برالعجم) بالصفير والزعيق في ساحة الموقف :
    عيك عيك عيك عيك
    علي كباش، طائر الخوف المهاجر يستقبلهم بأسنان معكورة تنحسر عنها شفتاه بشوق غريب.
    كان (علي كباش) حين يدخل في أناقته البيضاء يوسوس سبعين مرة وهو يفرد ثوب (الدبلان) المشطوف بالنشا: الشروال مكوة سيف، القميص مكوة سيف، حتي مركوبه أبو كرفته المخصوف من جلد الأصلة يتحسس اختياره لموسم واحد مدشنا بذلك آخر أخبار الموضة في (كوم السكر)
    كان (علي كباش) من تماثيل (طوكر) الناصعة التي تختفي في موسم التراب خوفا من أفاعي الصيف وعقارب الموسم ، مهاجرا ً إلى (برعوت) في ناحيـــة (بر العجم) ، ليعود مرة أخري حين تغادر الرياح .
    نزل علي كباش وسط الزفة يتقافز علي الرمال بعيون حذرة حتى وصل إلى صف ستة . كان لا يبدأ بالدخول إلى بيته إلا بعد أن يأمرهم بالهجوم علي تركة الخوف : الأحذية أبو كرفته وجزم الباتا ، وأبو شدة ، ثم يرسل عليهم، بأسنانه الطالعة، دعوات أبي البشر، نزيل برعوت ، بالموسم الوفير ويبارك للدراويش أسلابه بالرضا والقبول.
    عرف أهل طوكر ذكري أبي البشر(آدم أرباب) حكايا متجددة في موسم الهبباي من كل عام.
    ... يوم أن خرج آدم في العيتبيت قاصدا ضريح (ستي مريم) بسنكات .... طلعوا معه في العاصفة، كانوا يعرفون نيته حين ينشد من شدة الجذب :

    (يارب أنت وصلتهم وقطعتني فبحقهم يا رب حل قيادي)

    هدر صوته في (كوم السكر) ليفزع السحر في عيون المزارع الهاجعة. في تلك الساعات التي يصرخ فيها اللبانة علي السكك ، بين غشاء الفجر المتسلل من عتبة النهار يغفو نشيده غفوة تقطعها حوافر الحمير المعبأة بخروج (التبش) وخراطي (العجّور) ، ليفك الفجر عيونا صدئة بلون الرمل ومكاحل التراب. أشرقت الأناشيد في الناس بين الزوايا المنتشرة من خلاوي (الحسناب) إلى جامع سيدي مدني ، بدا الصباح هسيساً أفعمه الصدي ، وشكت الوجوه هواءها المترب في التعاويذ الراطنة.
    كانت ثورة الغبار تستريح في الوجوه عند موعدها المضروب مع أهل البلاء ، ممن هجرت صدورهم العافية وأزهر فيها المرض. أتوا جميعا من الضواحي : (عدوبنة) و (عقيتاي) و (هوشيري) منسحبين من أعالي الدلتا علي دروب العَـوَذ وسراب الصحراء. حتي الحمير لبست في ذلك الموسم الجوارب المبللة لتستعين بها علي الحر في وادي الحصحاص الذي يفضي إلى طوكر من طرف الصحراء .
    ــ .... (مسكين علي كباش.. الناس تقول يا جامع عشان تلحق البركة في العيتبيت ، وهو خايف منها في برعوت)؟ رطن آدم ساخرا من علي كباش..هو أيضا كان يمـنـّي نفسه بالخروج إلى (ستي مريم) لكن الروح بصيرة والقدم قصيرة..
    (يارب أنت وصلتهم وقطعتـني) . حفظ أبو البشر بيت الحرمان من شعر (سيدي البرعي اليماني) كما سمعه من شيخة (أبي الرايات) . كان يردده كلما تخنـّق في الجذب ، وتذكر مسير شيخه أبي الرايات من طوكر إلى كسلا لزيارة ضريح (الحسن صاحب التاكا).
    يومها نفـد أبو الرايات من (خور الكراي) و (الشفتة) بسر ٍ زاد يقينه ، عندما تحسس أطرافه سالمة تحت جبل الختمية.عندها قرر العودة بيقين الوصول سالما. كسر سيفه، ودفن دروعه بعد أن وهب حماره (للدائرة) واضعا اصبعيه علي أذنيه لمقاومة نهيقه النازف ..
    نذر أبو الرايات وحقق نذره ، يوم أن دخل طوكر حافيا في جبة صدئه ، وإهاب متشقق تنضح أنواره باليقين. شهدنا في عينيه ، يومها ، أشواقا مترعة وغيوما محبوسة.
    جاء (أبو الرايات) سالماً من سفر العناد، مشفوعاً بالحظو ة ... ضربوا له (الدلاليك) في (تنكوك) ، و نثروا عليه (عيش الريف) وغبار الذرة تحت سماء الزغاريد، وبعد أن نفد شراب القوم ، ولغت السيوف في الذبائح ......
    نفر الناس إلى وادي الحصحاص لشهود اليقين الذي خرق زمانهم . فرك (آدم أرباب عينيه) مستغرقا في مسافة الجسد العائد من شفير العدم.
    كان الشاخص أمامه أشبه بالرؤيا في صدر الليل:
    (أبو الرايات) بذاته كما هو... لم يذهب شعره من الهول ، أو تقع اسنانه، أو يلتوي فمه ، غاص في كيانه المشرق بسفر العذاب متأملا .
    لم يجد أثرا منطفئا فيه ... أبو الرايات الذي تدّرع بنشيد المجذوب في عراء الوحشة ، ساربا في الفناء من دون أن يعتلق الدنيا، صبّ الشوق في صدره مسيلا غرقت فيه الأشياء والهواجس كالأصداء الواهنة.
    كانت زورة التاكا مصير في الغياب ، بين سكك المتاهة ومنافذ العدم . عددنا ، يومها ، هلاكه في شراك الريح وأفواه الحـُفــَر في (إيربا) وخيام الجن في (مامان) ، قبل أن يظهر في خور الكراي عند مشارف التاكا.
    يوم دخل أبو الرايات وادي الحصحاص عائدا إلى (طوكر) رجم القوم الغيبَ ودرجوا في التأويل.
    كان الحق سرابا ً يلعب في الصدور. فما بين الطالع من وادي الحصحاص عبورا بالدروب الوالجة إلى التاكا، في المتاهة بينهما ، تستفيق الحكايا عن سيرة العدم . طالما ودع فيها أهالي طوكر المجاذيب ورجعوا عنهم يقينا ً بالهلاك وفجيعته الناصعة.
    لذلك ظنوا أبا الرايات ، حين ظهر في وادي الحصحاص قرينا من الجن خطف إهابه وصورته.
    لكن آدم المذهول ، عندما رأي اللحم المعروق ينبض في قوائم الدرويش ... صرخ عاليا ً :
    ـ (انكشف الغطا يا ناس بعد سيدي ابي الرايات) .
    علم (أبو البشر) أن الجن حين يظهر في الإنس ينتعل الحافر. وذلك عنده يقين تصدق به الرؤيا. فرمح من مقامه عدواً إلى أبي الرايات...و همس في أذنيه :
    ــ سرك يا مولاي أبو الرايات ؟
    ــ السر من سيدي المجذوب. يوم طلع في طوفان 46من (الدامر) .. يكورك :
    ( يا مدمدم سيب النوم
    / قبــــل ما تنــدم )
    الدنيا طشاش والناس نايمة ، ومن يوم داك نوى الهجرة لسيدي الحسن ، وقال نشيدو لمـن وصل......
    انكشف المجذوب عارياً في الضفاف تحت الكلمات التي نزلت علي لسانه بين الوعي والغياب.
    كان العطبراوي يشتعل سيفا في الصحراء حين سمعت مياهه الأناشيد :

    جل ربي وجوده مظهر الكون
    وأسرار غيــبه في الكمال1

    دندن الصدي في حواف الصحراء ، وطارت الاناشيد في الغيوم التي عصبت رأسها بالمطر.. فاتسع الغناء بين الجبال :

    (الجلاميدُ منـه ،إن غوّر، النجمُ
    قبــيلٌ مـُـعــَرِّسٌ فــي ِحلال)

    حتي حمار المجذوب أنس من الخوف ، بالكلمات الراطنة عندما جاز الخور مستمعا :

    (لا تخاف الكراي ترقد في الخيران
    أو ترهب انقضاض الصلال)

    حينها برق الوعد في قلب أبي البشر، بالبشارة من أبي الرايات لدخول الضريح ؛ فهو الآن اشد يقينا ًمن حمار المجذوب.



    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    * الرواية الحائزة على جائزة الطيب صالح بالخرطوم للعام 2005
    * صدرت الرواية عن (دار الحصاد) بدمشق في يناير 2007
    1 الأبيات من قصيدة (جبل الختمية) للشاعر العظيم محمد المهدي المجذوب










    ـ
                  

05-21-2007, 10:32 AM

Sidig Rahama Elnour
<aSidig Rahama Elnour
تاريخ التسجيل: 09-01-2004
مجموع المشاركات: 3420

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فصل من رواية (بر العجم) * (Re: محمد جميل أحمد)

    الصديق محمد جميل
    شكراً لإشراكنا دائماً في مناحي الجمال التي تسكن نواصي قلمك ...
    أدناه صوراً من الرواية التي أهديتني لها ، فلك الف شكر لما وجدته فيها من متعة وتمكّن يشي بكثير من الثقافة والمعرفة





                  

05-21-2007, 11:17 AM

محمد جميل أحمد
<aمحمد جميل أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1022

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فصل من رواية (بر العجم) * (Re: Sidig Rahama Elnour)

    شكرا ضديقي الودود صديق رحمة على تفضلك بهذه المساهمة التوثيقيةالمصورة لغلاف الرواية في هذا البوست . سأظل حريصا على لقائك حين أمر بمدينة جدة ـ كتلك الجلسة الجميلة التي جمعتنا في لقاء سريع ـ رغم الشمس والحر ـ بقهوة كسلا . تحياتي لك وللأصدقاء فايز وسليمان وبقية العقد الفريد في مساءاتكم الأسبوعية الجميلة بمدينة جدة

    محبتي
    محمد جميل
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de