في تلك الساعة من شهوات الليل ..في تلك الساعة حيث تكون الأشياءبكاء مطلق/مظفر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-16-2024, 08:52 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2001م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-27-2002, 10:34 PM

sunrisess123

تاريخ التسجيل: 04-17-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
في تلك الساعة من شهوات الليل ..في تلك الساعة حيث تكون الأشياءبكاء مطلق/مظفر

    وتريات ليلية
    مظفر النواب

    الحركة الأولى

    في تلك الساعة من شهوات الليل
    وعصافير الشوك الذهبية
    تستجلي أمجاد ملوك العرب القدماء
    وشجيرات البر تفيح بدفء مراهقة بدوية
    يكتظ حليب اللوز
    ويقطر من نهديها في الليل
    وأنا تحت النهدين ، إناء
    في تلك الساعة حيث تكون الأشياء
    بكاءً مطلق ،
    كنت على الناقة مغموراً بنجوم الليل الأبدية
    أستقبل روح الصحراء
    يا هذا البدوي الضالع بالهجرات
    تزوَّد قبل الربع الخالي
    بقطرة ماء
    كيف أندسَّ بهذا القفص المقفل في رائحة الليل!؟
    كيف أندسَّ كزهرة لوزٍ
    بكتاب أغانٍ صوفية!؟
    كيف أندسَّ هناك،
    على الغفلة مني
    هذا العذب الوحشي الملتهب اللفتات
    هروباً ومخاوف
    يكتبُ في ََّّ
    يمسح عينيه بقلبي
    في فلتة حزن ليلية
    يا حامل مشكاة الغيب!
    بظلمة عينيك!
    ترنَّم من لغة الأحزان،
    فروحي عربية
    يا طير البرِّ
    أخذت حمائم روحي في الليل ،
    الى منبع هذا الكون ،
    وكان الخلق بفيض ،
    وكنتَ عليّ حزين
    وغسلت فضاءك في روح أتعبها الطين
    تعب الطين ،
    سيرحل هذا الطين قريباً ،
    تعب الطين
    عاشر أصناف الشارع في الليل
    فهم في الليل سلاطينْ
    نام بكل امرأة
    خبأ فيها من حر النخل بساتينْ
    يا طير البرقِ! أريد امرأةً دفء
    فأنا دفء
    جسداً كفء فأنا كفء
    تعرق مثل مفاتيح الجنة بين يديَّ وآثامي
    وأرى فيك بقايا العمر وأوهامي
    يا طير البرق القادم من جنات النخل بأحلامي!
    يا حامل وحي الغسق الغامض في الشرق
    على ظلمة أيامي
    أحمل لبلادي
    حين ينام الناس سلامي
    للخط الكوفيّ يتم صلاة الصبح
    بافريز جوامعها
    لشوارعها
    للصبر
    لعليٍّ يتوضأ بالسيف قبيل الفجر
    أنبيك عليّاً
    مازلنا نتوضأ بالذل
    ونمسح بالخرقة حد السيف
    ما زلنا نتحجج بالبرد وحر الصيف
    ما زالت عورة عمرو العاص معاصرةً
    وتقبح وجه التاريخ
    ما زال كتاب الله يعلَّقُ بالرمح العربية
    ما زال أبو سفيان بلحيته الصفراء ،
    يؤلب باسم اللات
    العصبيات القبلية
    ما زالت شورى التجار ، ترى عثمان خليفتها
    وتراك زعيم السوقية
    لو جئت اليوم ،
    لحاربك الداعون إليك
    وسموك شيوعية
    أتشهّى كل القطط الوسخة في الغربة
    لكل نساء الغربة أسماكٌ
    تحمل رائحة الثلج
    وأتعبني جسدي
    يا أيَّ امرأة في الليل!
    تداس كسلة تمر بالأقدام
    تعالي!
    فلكل امرأة جسدي
    وتدٌ عربي للثورة ، يا أنثى جسدي
    كل الصديقين وكل زناة التاريخ العربي
    هنا أرثٌ في جسدي
    أضحك ممن يغريني بالسرج
    وهل يسرج في الصبح حصان وحشيٌّ
    ورث الجبهة من معركة "اليرموك"
    وعيناه "الحيرة"
    والأنهار تحارب في جسدي !؟
    قد أعشق ألف امرأة في ذات اللحظة،
    لكني أعشق وجه امرأة واحدة
    في تلك اللحظة
    امرأة تحمل خبزاً ودموعاً من بلدي.
    وتريات ليلية

    الحركة الثانية

    وجيء بكرسيّ حُفرت هوة رعب فيه
    ومزقت الأثواب عليّ
    ابتسم الجلاد كأن عناكب قد هربت
    أمسكني من كتفي وقال ،
    على هذا الكرسيّ خصينا بضع رفاق
    فاعترف الآنَ
    اعترف
    اعترف
    اعترف الآنَ
    عرقتُ.. وأحسست بأوجاع في كل مكانٍ من جسدي
    اعترف الآن
    وأحسست بأوجاع في الحائط
    أوجاع في الغابات وفي الأنهار، وفي الإنسان الأوّل
    أنقذ مطلقك الكامن في الإنسان
    توجهت الى المطلق في ثقة
    كان أبو ذرٍّ خلف زجاج الشبّاك المقفل
    يزرع فيّ شجاعته فرفضت
    رفضت
    وكانت أمي واقفة قدام الشعب بصمت.. فرفضت
    اعترف الآن
    اعترف الآن
    رفضت
    وأطبقت فمي ،
    فالشعب أمانة
    في عنق الثوري
    رفضتُ
    تقلص وجه الجلادين
    وقالوا في صوت أجوف:
    نترك الليلة..
    راجع نفسك
    أدركت اللعبة
    في اليوم التاسع كفّوا عن تعذيبي
    نزعوا القيد فجاء اللحم مع القيد ،
    أرادوا أن أتعهد ،
    أن لا أتسلل ثانية للأهوز
    صعد النخل بقلبي..
    صعدت إحدى النخلات ،
    بعيداً أعلى من كل النخلات
    تسند قلبي فوق السعف كعذقٍ
    من يصل القلب الآن!؟
    قدمي في السجن ،
    وقلبي بين عذوق النخل
    وقلت بقلبي: إياك
    فللشاعر ألف جواز في الشعر
    وألف جواز أن يتسلل للأهواز
    يا قلبي! عشق الأرض جواز
    وأبو ذرّ وحسين الأهوازي ،
    وأمي والشيب من الدوران ورائي
    من سجن الشاه الى سجن الصحراء
    الى المنفى الربذي ، جوازي
    وهناك مسافة وعي ،
    بين دخول الطبل على العمق
    السمفوني
    وبين خروج الطبل الساذج في الجاز
    ووقفت وكنت من الله قريباً .





    في الحانة القديمة
    مظفر النواب
    المشرب ليس بعيداً.. ما جدوى ذلك
    أنت كما الاسفنجة تمتص الحانات
    ولا تسكر
    يحزنك المتبقي من عمر الليل بكاسات الثملين
    لماذا تتركوها؟
    هل كانوا عشاقاً؟
    هل كانوا لوطيين بمحض إرادتهم كلطاءات القمة؟
    هل كانت بغي ليس لها أحد
    في هذي الدنيا الرثة؟
    وهمست بدفء في رئتيها الباردتين..
    أيقتلك البرد؟
    أنا يقتلني نصف الدفء.. ونصف الموقف أكثر
    سيدتي.. نحن بغايا مصرك
    يزني القهر بنا.. والدين الكاذب.. والفكر الكاذب..
    والخبز الكاذب..
    والأشعار.. ولون الدم يزور حتى في التأبين رماديا
    ويوافق كل الشعب.. او الشعب
    وليس الحاكم أعور
    سيدتي.. كيف يكون الإنسان شريفاً
    وجهاز الأمن يمد يديه بكل مكان
    والقادم أخطر
    نوضع في العصارة كي يخرج منا النفط
    نخبك.. نخبك سيدتي
    لم يتلوث منك سوى اللحم الفاني
    فالبعض يبيع اليابس والأخضر
    ويدافع عن كل قضايا الكون
    ويهرب من وجه قضيته
    سأبول عليه وأسكر.. ثم أبول عليه وأسكر
    ثم تبولين عليه ونسكر
    المشرب غص بجيل لا تعرفه.. بلد لا تعرفه
    لغة.. ثرثرة.. وأمور لا تعرفها
    إلا الخمرة بعد الكأس الأولى تهتم بأمرك
    تدفئ ساقيك الباردتين
    ولا تعرف أين تعرفت عليها منذ زمان
    يهذي رأس بين يديك
    شيء يوجع مثل طنين الصمت
    يشاركك الصمت كذلك
    بالهذيان.. فتحدق
    في كل قناني العمر لقد فرغت
    والنادل أطفأ ضوء الحانة مرات
    لتغادر
    كم أنت تحب الخمرة.. واللغة العربية.. والدنيا
    لتوازن بين العشق وبين الرمان
    هذى الكأس واترك حانتيك المسحورة
    يا نادل لا تغضب فالعاشق نشوان
    واملأها حتى تتفايض فوق الخشب البني
    فما أدراك لماذا هذي اللوحة للخمر..
    وتلك لصنع النعش.. وأخرى للإعلان..
    عفواً يا مولاي فما أخرج من حانتك الكبرى
    إلا منطفأً سكران
    أصغر شيء يسكرني فكيف الإنسان
    سبحانك كل الأشياء رضيت سوى الذل
    وأن يوضع قلبي في قفص في بيت السلطان
    وقنعت يكون نصيبي في الدنيا.. كنصيب الطير
    لكن سبحانك حتى الطير لها أوطان.. وتعود إليها
    وأنا ما زلت أطير.. فهذا الوطن الممتد من البحر الى البحر
    سجون متلاصقة
    سجان يمسك سجان....


    ………
    المسلخ الدولي وباب الأبجدية
    مظفر النواب
    تعلل فالهوى علل
    وصادف أنه ثمل
    وكاد لطيب منبعه
    يشف
    ومانع الخجل
    وأسرف في الهوى ولهاً
    فأسرف شيبه الحجل
    وفيما كان في حلم
    تقاطر حوله المحل
    وسافر صحبه في رحلة الدنيا
    وما وصلوا
    ولما أيقظته الريح
    ضاقت بالشجى الخيل
    فما يبكي ولكن
    لو بكى
    يرجى له أمل
    تفرد صامتاً مراً
    ومنه يقطر العسل
    فما خلل بهذه الدنيا
    ولكن كلها خلل
    ذئاب كلما سمت جريحاً
    بينها أجل
    أطالت من مخالبها
    وصارت فيه تقتتل
    بمدأبه كذلك
    كيف دعوى
    يسلم الحمل
    وكيف يقال أن الحكم
    للأغماد ينتقل
    سفاهات .. وأسفهها
    ضمير تحته عجل
    يفلسف ثم ينقض
    ثم لا عقم
    ولا حمل
    مزالق في مزالق
    يرتشي فيها
    وما زلل
    بمختصر العبارة
    أنه عهر تركب فوقه دجل
    طباق أو جناس .. أو مراحل
    كلها حيل
    فإن لم تقدحوا ناراً
    فكيف يراكم الأمل
    فإن قدحت فكونوا لبها
    فتظل تشتعل
    ففي ليل كهذا تكثر الضوضاء .. والجمل
    وما نظروا هذا الحضيض
    وهذه العلل
    قضيتنا وان عجنوا .. وان صعدوا .. وان نزلوا
    لها شرح بسيط واحد .. حق
    لم الهبل ؟
    لماذا ألف تنظير
    ويكثر حولها الجدل
    قضيتنا لنا وطن
    كما للناس في أوطانهم نزل
    وأحباب .. وأنهار .. وأجداد ..
    وكنا فيه أطفال .. وصبياناً
    وبعض صار يكتهل
    وهذا كل هذا الآن محتل ومعتقل
    قضيتنا سنرجع او سنفنى .. مثلما نفنى
    ونقصف مثلما قصفوا .. ونقتل مثلما قتلوا
    فإرهاب بعنف فوق ما الإرهاب ثوري
    يمينا هكذا العمل
    أقول ويمنع الخجل
    بشج العين يكتحل
    وكيف عروسكم حصص
    وحصتكم بها نغل
    أراهنتم على جمل بمكة
    تسلمون ويسلم الجمل
    غفا جرح فأرقه
    بماذا قد غفا كهل
    وأنب قلبه
    ما كان عشق فيه يكتمل
    وكاد لما تصبى وإلتقت في روحه السبل
    تطيب بريقه القبل
    وأطيبهن تتصل
    ولكن في قرارته
    هموم ما لها مقل
    كما قطط ولائد في عماها
    والعمى كلل
    تذكر أهله فقضى
    فكابر دمعه الخضل
    وكاد يجوب لولا
    تمسك الآمال والحيل
    وعاتب صامتاً
    لو كان يحكي إنما الملل
    فما أحبابه يوماً بأحباب
    ولا سألوا
    وما مسحوا له دمعاً
    كما الأحباب
    بل عزلوا
    ونقل قلبه لكنهم كانوا
    هم الأول
    فلم يعدل بنخلة أهله الدنيا
    فنخلة أهله الأزل
    وماؤهم الذي يروي
    وماء آخر بلل
    وحبره الذي نصف الهوى في قلبه
    وحل
    يخط عدوه من وطنه له شبراً
    فينتقل
    طباق .. او جناس .. او مراحل
    كلها حيل
    قضيتنا وان نفخوا الكلى
    وشرارهم جبل
    وصاغوا من قرارات
    وان طحنوا .. وان نخلوا
    لها درب مضيء واحد رب
    فا هبل .. ولا لات .. ولا عزى .. ولا لف
    ولا جدل
    قضيتنا لنا أرض قد أغتصبت
    وكنا عزلاً لا نعرف السوق البرجوازية في الدنيا
    ولا ما تصنع الأموال والحيل
    وطالبنا فكان قرار تقسيم
    وطالبنا فصرنا لا جئين وخيمة
    جعنا .. عرينا ..
    ثم طالبنا فأصبح كل شبر مسلخاً
    أما الآن لا طلبا ولكن
    تحكم السكين .. تختزل
    يميناً انه درب الى "حيفا"
    غداً يصل
    تعافى جرحه من طهره وبدى سيندمل
    ولكن نكأة ثغرته
    حتى كاد يشتعل
    فغص بدمعه مضضاً
    وكابر حيث يحتمل
    وعلل نفسه وتعلة
    فيما انتهى محل
    فما شيء كعشق ينتهي
    لا يرتجى أمل
    أعدله فينخذل .. وأخذله فيعتدل
    تغلب طبعه عن ثابت فيه
    وينتقل
    فبعض عاشق يصحو
    وبعض عاشق ثمل
    وكاد لولا كاد
    لا دبر ولا قبل
    وأمسكه هوى لبلاده ما
    بعده غزل
    عراقي هواه وميزة فينا الهوى
    خبل
    يدب العشق فينا في المهود
    وتبدأ الرسل
    ورغم تشردي
    لا يعتريني بنخلة خجل
    بلادي ما بها وسط
    وأهلي ما بهم بخل
    لقد أرضعت حب القدس
    وأئتلقت منائرها بقلبي
    قبل ان تبكي التي قد أرضعتني
    وهي تحكي كيف ينتزع التراب الرب
    من قبضات من رحلوا
    وتغتصب الذوائب ثم ترمى
    فوق من قتلوا
    وكيف مشت مجنزرة
    على طفل .. وكيف مسيرها مهل
    وكيف تداخلت شرفاتها بعموده الفقري في حقد ..
    وصار اللحم في الشرفات ينتقل
    فلم يسمع له صوت
    وفي خديه ما زالت ظلال المهد
    والقبل
    تغير صوت أمي
    واعترى كلماتها الشلل
    وقالت لي قضيتنا .. وغصت بالدموع
    فقلت يا أمي : قضيتنا الدمار
    أو التراب الرب
    لا وسط ولا نحل
    قبيل ذهابكم للمسلخ الدولي وفداً
    أرسلوا السكين وفداً
    أنها أمل
    سيسمع صوتها
    وتشق درباً للرجوع
    وينتهي الخطل
    بذلت الروح حتى قيل يا مولاي
    يبتذل
    وقد صار الفراق عوا جديداً
    وهو متصل
    فما أدري سلوت أم إبتدأت
    تشابه الزعل
    وان من الهوى ما ليس عشق
    انما سبل
    وساجنتي محجرة ببيت في العراق
    علائم فيها الفم العذري
    اغفاء شديد الوصل بين الحلمتين
    اطالة في الخصر ما طال الهوى
    خصر وحزن توأمين
    وطقس عشق ليس يعتدل
    ورغم تشردي لا يعتريني بدجلة خجل
    فلست أدري ليومي
    انما ما يمحض الأمل
    فما جوعي مذلي
    او وعيد
    كلها طفل
    وأشهر كل ظفر في كياني
    حينما النهاز يرتجل
    وقد يفتي بنفيي من هنا فأظل أفنيهم
    وأرتحل
    أعيط بكل نهاز وجيبي .. وهم شلل
    قضيتنا سلام بالسلاح ...
    فثم سلم حفرة
    وسلامنا جبل
    وأن العنف باب الأبجدية
    في زمان
    عهره دول
    قبيل ذهابكم للمسلخ الدولي وفداً
    أرسلوا السكين وفداً
    ينتهي الخلل ...











    قراءة في دفتر المطر
    مظفر النواب

    "انني أحمل قلبي كبرتقالة مضى الموسم ولم تنضج ، وأعطت زهر البرتقال ، وفيها رائحة شمس البارحة .
    الى أحمد صديقاً من الشياح"
    في الليل ، يضيع النورس في الليل
    القارب في الليل
    وعيون حذائي تشتم خطى إمرأة في الليل
    إمرأة ، ليست أكثر من زورق لعبور الليل
    يا امرأة الليل ، أنا رجل حاربت بجيش مهزوم
    في قلبي صيحة بوم
    وأخيراً ...
    صافح قادتنا الأعداء ، ونحن نحارب
    ورأيناهم ، ناموا في الجيش الآخر ، والجيش يحارب
    والآن سأبحث عن مبغى ، أستأجر زورق
    فالليل مع الجيل المكسور طويل
    في مقهى الزيتونة ، شباك للغرباء
    تبكي الموجة فيه
    أهلي فيه
    ورجال فيه يصيدون أصابع أطفال غرباء
    مازلنا بشراً ضعفاء
    نبحث عن شوق ، لا يتعبنا كالشوق
    ونحب ونكره حد الشوق
    ورأيناهم ناموا في الجيش الآخر ، والجيش يحارب
    وبحثنا عنهم كالمبغى
    يا شباك الزيتونة .. أبحث عن مبغى
    أبحث عن طين ...
    يا زهرة بيتي ، يا وطني ،
    أأظل هنا حزناً مبعد !
    أأظل على خرسي ، تابوت قصاصات مجهد !
    لا أعرف حتى خشبي ..
    لا أعرف أين سيتركني الجزر ،
    وليل الماء على جرحي ...
    لا أعرف كيف يمر الإنسان بدرب الدمع
    لا أعرف أيأس ...
    ألخضرة دبت في خشبي والمنفى
    وسمعت شموعاً تتلقح في قلبي
    وصراخاً أهمل أعواماً لا يغضب .. لا يبكي ..
    وتواطأت مع الأيام ، نسيت ، نسيت وفاجأني .
    - أنت ؟
    وفي هذا الليل
    أنت ! أنا لا أعرف وجهك ، لا أعرف : "أنت"
    أعواماً بعدك ، ما كان لبيتي باب
    أعواماً .. ألهث .. ألقاك وراء النوم ، وأنت سراب
    فأنا أحببتك في زهرة بيتي ، في وطني
    وسمعت شموعاً ، تتوهج في قلبي .
    ولماذا بعتم لغة البيت ، وفيها "الشياح" وأهلي .. وأخي في مطر الليل !
    ولماذا استأجرتم لغة أخرى !
    وأبحتم وجه مدينتنا لليل !
    وتركتم في الهجر حروفي
    كأصابع أيتام في الشباك
    كزوايا فم طفل يبكي
    من أقصى الحزن أتيت
    كي أغلق أبواب بيوت المهزومين
    وأبشر بالإنسان ... وبالإنسان .. و "بالشياح"
    وبمن لا يملك سقفاً ، سيكون له سقف ، في هذي الدنيا .. وينام .
    لكن .. واخجلي من بيت مهزوم
    وسيخجل من باعوا لغتي ،
    فأنا مكتوب في الأرز وفي العسل الأخضر في التين
    وأنا أطعم بالسكر نخلات "الكوفه"
    والأطفال على رابع جسر في "العشار"
    أنا لا أملك بيتاً أنزع فيه تعبي
    لكني كالبرق أبشر بالأرض
    وأبشر أن الأمطار ستأتي
    وستغسل من لوحتنا ، كل وجوه المهزومين
    وستغسل من يبحث عن خيبته عن مبغى .
    وستغسل بالمطر الدافئ جنح النورس ،
    وبيوت أحبتنا ..
    والحرف الأول في لغتي .
    يا زهرة بيتي ، يا وطني ، أمطرني ..
    حزن بلادي فوق الماء
    ماذا غير الزرقة تنمو فوق الماء .
    وخضار أصابع أطفال غرقى
    تنمو في الطحلب أياماً ... وتموت .
    الماء طريق للغرباء ...
    الماء طريقة عرسي
    والزهرة .. والرشاش ..
    وخبز الصمغ عشاء النجمة في الصمت ...
    وعشائي ..
    الماء طريق للماء
    وبويت ، لا ندرس فيه
    وننشف خديه إذا ابتلا ..
    ونرافق فانوس النوم
    من أيام يا زهرة بيتي
    فارقت نعاسي
    وتواطأت مع الأنهار وكل جسور الناس
    إليك .. إليك ..
    ونسيت
    نسيت بأنك ماء في وطني .
    إسمك في الليل يسيل الصمغ عن التفاح
    نهر ينتاب الحر ليالي الصيف
    ويواعد كل الأمطار
    ويواعدني ...
    الصحو يواعدني ؟
    وكذبت بقلبي
    كذبت كنشرة أخبار
    يكذب .. يكذب .. صحوك يكذب بإستمرار
    بإستمرار ..
    فكأنك غربة ..
    وكأنك كنت رصيفاً في الغربة
    وكأنك مألوف في الغربة
    وكأنك ... لا أدري ، .. غربة
    بلل فيك ، كماء الليل على الأشجار
    إسمك لي بيت في الليل
    ونسيت ، لسرعة قلبي ، كل نوافذه مشرعة لليل
    نسيت .. نسيت .. وأيقظني ..
    ريح الشباك على وطني
    يا وطني ، وكأنك غربة
    وكأنك تبحث في قلبي عن وطن أنت
    ليؤويك .
    نحن اثنان بلا وطن .. يا وطني .
    كالبارحة اشتقت ومرت في قلبي ،
    طرقات مدينتنا .. تبكي
    الدمع على أرصفتي يبكي .. يبكي
    ومدينة أيامي ، باعوها ، في الساحة تبكي
    يا امرأة الليل أنا رجل ، باعوا لليل مدينة أيامي
    باعوني ككتاب يطبع ثانية . باعوا أحلامي
    نامي ، يا امرأة الحزن ، فمن يبحث عن انسان ؟
    من يعرف جندياً في هذي الغربة
    من ينصت للحزن المتأخر
    من يعرف وجهي في السوق ؟
    يوشك زيتك يطفئني !
    ما زيتك من زيت ؟
    يا قمحاً يأتي
    يشمس شباك البيت .
    لو كنت عرفت بأنا نملك بيتاً ، خلف ظلام الدنيا
    وصغارا مثلك في البيت ،
    لو كنت عرفت سلاحاً
    لو كنت عرفت لماذا نتعاطى الصمت وحزن الإصرار
    لو كنت عرفت معسكرنا ، وقبور الماء وصوت الليل
    ورأيت وجوه رفاقي التسعة قبل النار
    لو كنت عرفت لماذا يسكن جوع في الأهوار
    جوع وثلاثة أنهار
    لو كنت عرفت الخجل المر ،
    على جبهة ثوري ينهار
    لعرفت الثورة
    لعرفت لماذا الثورة
    لعرفت بأن الثائر لا ييأس من دفع الصفر بوجه الليل
    لعرفت ، لماذا أبحث عن مبغى
    لعرفت لماذا أبحث في وجه الناس عن الإنسان
    في وجهك أبحث عن إنسان .. عن إنسان ..
    عن إنسان .
    أبحث في طرقات مدينتكم عن وجه يعرفني
    أبكي كالبوم المجروح ، على جدران الليل
    والبارحة اشتقت ، ومرت في قلبي كل خرائبها..
    تبكي ..
    يا مدن الناس ... مدينتنا تبكي .
    المنقذ يأتي ... كشموع تحت الماء
    سنتان تعالم حزناً تحت الماء
    سنتان نمت أسماء القتلى ، اتخذت أسماء
    ونما النسيان ..
    ونما للمنقذ ... درب وصليب من أشنات خضراء
    حزين قلبي للمنقذ .
    مثل كتاب الأحزان
    مثل كتابات الريح
    مثل رثاء النصر ، إذا ساوم قلب القائد
    وكما يقرأ في المبغى ، قرآن
    وحزين قلبي ...
    كحديث العمر الذاهب ،
    للمنقذ ..
    في طرقات مدينتكم ، حقرتم حزني ..
    المبغى في ليل مدينتكم أكثر تسلية من حزني
    القبر بليل مدينتكم ، أكثر أفراحاً
    وأنا من أقصى الحزن أتيت أبشر
    بالإنسان وبالمنقذ
    وأخاف على أيام مدينتكم منكم
    من لغة أخرى ..
    في الطرقات المشبوهة بالإنسان ، وزهر الصبر ، اتسخت روحي
    يا منقذ .. واتسخت روحي
    وتعذب حتى وسخي ...
    عانيت ، لأنك تعرفني في الغربه ..
    عانيت ، لأنك في ثقة متعبة ، كالشك
    وتعاملت مع الغربة .
    عانيت .. وماذا تدري ؟
    ولماذا تدري ؟
    بالأمس ، ذهبت ..
    على وجهك حزن الأسماك
    وسألت ... سألت ...
    وعنك سألت الصيادين ،
    سألت لماذا لا تدري ؟
    وحملت صليبك : لا تتركني في النسيان
    لا تتركني ، فالشك سيقتل في الإنسان
    لا تتركني ، أفلست المنقذ ؟
    أفلست رفيق المتسخين
    ولأجل صليبك ، أورق في الليل ،
    على الأبواب
    ولأجل صليبك نمت مع المبغى ، ووجدت صليبك يبكي ندماً في الشباك
    لا تتركني ، فأنا وحدي ،
    والناس هنا في غربه .









    اعترافتان في الليل والاقدام على ثالثة
    مظفر النواب
    في الهجر
    جفاني اللؤلؤُ
    في الوصلِ
    رعاني الصُدَفُ
    كن أنت حضوري
    مولاي!
    تعذبني الصدف
    لوثني عسلُ الليلِ
    وغامَ قميصي الصيفي
    ونهنهني السعف .
    وتمارس كلُّ فراشاتِ المرج
    بأكمامي
    شغل الليلِ
    ومن عبقي
    شبقاً ترتشفُ
    أسكُبهنّ ثُمالات
    شف مفاصلهنّ
    نزيفُ الألقِ القمريّ
    على مفصل ماء ،
    بالسرة يرتجِفُ
    وأمد يدي مولاي!
    الى سُرتِها
    تتغارق ...
    في الطيب الشاميّ
    ولا ترسو
    الا أتلفني التَلفُ
    تطردني البابُ
    وتدخل في جيبي بالمفتاحِ
    بأن فيها أنصرفُ .
    مولاي!
    أدرت المفتاح ففاضتْ
    كل زوايا الحجرةِ ،
    بالمسكِ
    وكادت كالنحلة تنتصف .
    نهرتني من خديَّ كالطفل ،
    دخلتُ حجيرتها
    ما أوسع هذا التصغيرَ
    وأرطبَهُ
    من صادف تصغيراً رطباً في النحوِ
    تفرغت لهُ
    وبعون الله سأحترِفُ .
    * * *
    أتوبُ
    وصمتي يعترِف ُ.
    كيف الصبر على جسد
    كان تنتأ زهرة لوز
    فاضطرب الطلُّ الخالق عشقاً
    وتهيجت النُطَفُ
    واكتظَّ حليب اللوز فهيماً.
    وانسحب الشرشف تحت النهدين
    وشفشف على ضلع فاترةٍ
    تتلجلج فيها الألوانُ المائيةُ
    والشغف .
    أرجعتُ وثارةَ شرشفها الخمريِّ
    وغطيتهما
    أقسم عذرياً ...
    لكنهما مساني مساً
    مولاي! لقد مساني مسَّ "النُوكةِ"
    فاختلط الفُستقُ والشرف
    لم تر أعيننا انفسنا
    لكنْ مولاي!
    سمعنا زقزقةً بين الجسدين
    كأن عصافيرَ الدنيا ،
    تتأهبُ للصبح
    وليس لها هدفُ
    فيم أخذتَ حكايات زشاةِ الليلِ
    أما كفروا !
    شاركتُك بالخلق !!!
    وما شاركت سوى فيما يتنزلُ من حُسنك
    في
    وترتفع السدف
    * * *
    ضيع بيتك
    أنصفني ..
    لا ألقاكَ
    ولا يغازلنا الصمتُ
    ويحكي المشمشُ والتوت البريُّ
    وتُختلق الطُرف ُ.
    ضيّعه
    فأشتاق الى لا شيءَ
    انا أشتاق الى لا اشياءِك أيضاً
    تذهلني
    أنتَ
    ولا أنت
    وأجهلُ أو أكتشفُ .
    * * *
    ما غربة روحي ترفُ .
    دقوا كفي بمسمارين من الصدأ الحامضِ
    فارتج صليبي ...
    وانهاروا من ألمي
    سألوا قدميَ الغفرانَ
    وساح المكياجُ على أوجههم والشرفُ
    أينكَ مولاي!
    سكوتُك أوجع من صلبي
    وندائي في القفرِ.
    كأن غزالاً يُسلخُ في حُمى العشقِ
    يشابك جفنيه الوطف
    هذا ثالثُ صلب
    أخشى في الرابعِ
    أكفرُ ، يا مولاي! ، بكل الأشياءٍ
    وأنت بقلبي تنعطف
    أرذال كانوا مولاي!
    اتفقوا ساعة اعدامي كالجرذان
    وإذ أعدمت اختلفوا
    وكآخرين قوادين لقوا رزقاً
    أسفوا للمهنة.
    كم خجلت مهنتهم منهم
    وتملكها الأسف
    مولاي ؟ شموعك ترتجفُ
    سامحك العشقُ
    أبالطينِ يشكُ الخزف
    كن انت حضوري الدائم في .
    تعذبني فيك الصُدَفُ .











    من الدفتر السليل الخصوصي لايمان المغنيين

    مظفر النواب

    على أول الذكريات
    تهب رياح الشتاء
    وفي أولات المواسم
    تمطر شيئاً على الحدس قبل المطر
    وتصعد في الجمر رائحة الكستناء
    وست البنات التي ضاجعتها الخيول
    وقاص البنفسج من روحها
    واحتواها القمر
    وشيئاً فشيئاً تدب الطراوة في الجفن
    يعرق ثانية
    كالمراهق حين يعالج أول منعاً
    وتعبق فيه اللزوجة
    والزهرات الشتائية الأصل
    تمطر في الحدس
    تكتظ جمجمتي بالشقائق.. والفكر.. والليل
    تمطر.. تواكب كشف قميصي
    ويعشوشب المفرق الأنثوي الرفيع
    المميز لامرأتي بين كل النساء
    وتزغب كل الخفايا الخجولة في مغطس الليل
    حيث الحفاء الوثير
    يؤدي الى سلم لؤلؤي
    يؤدي الى حلم
    يستفيق على بركتين
    وفي البركتين هلام
    يشف على وحشة وافتراس
    هنا نتكون
    والانتفاض اللذيذ يصير حنيناً
    فتمطر والشبابيك ليست هنا
    والندى الفستقي يمسح وجه ضياع الجنوب
    وللتو توجها الكرم.. والتين.. والحب.. والذكريات
    على باب هذا الجنوب
    لدى كل حلم أبيت
    وكل نجوم السماء بنات
    ويشتعل الجرح الفراشات
    والنوم في برك لا نهائية
    يحبس الحسن أنفاسه
    اذا يخوض بها والقرى خلفها مطر
    وأنا في النوافذ
    أتبع طير الصدى
    ثم تخفي الطريق القديم دموعي
    وتمطر.. تبدو كتابات روحي ثانية
    من وراء غبار الخريف
    وتورق لاماتها
    تورق النون.. والواو.. والراء.. والسين
    تورق لاماتها
    لم تزل هذه الروح كوفية الخط
    مغرمة بانتهاك الطلاسم
    بين صفات البنفسج.. والفخذين..
    وركب الخيول المحناة صوب بخارى
    وخاتمة النوم كعبك
    يجتمع الحلم فيه
    ويترك في قراءات نوم العصافير
    ان العصافير في كرمة
    في الجنوب سكارى
    أحب الجنوب لشيئين
    فيما يبوحان كتمهما قد بذلت القصارى
    وأقسى من البوح
    كتم يشير إليك
    بإصبعه ويدل
    وأنت.. وغيرك فيما يبوح حيارى
    وحين تنامين يلوي النشوء بأعناقه
    وتشف على بعض الغفوات
    وفي أولات المواسم يبتدئ العشق
    بين النعاج
    ويعشق من يفسدون النعاج الرعاة
    وحين يروحون في الشرق
    أبقى وحيداً وتنتشر الخلوات
    وأحلم أمي على صهوة المهر
    وأقطف تفاحة
    وأخبؤها بين نهديك خضراء
    تنضجها الشهوات
    وبين الخلائق من يخلقون النواة
    وأما الكثير فقد خلقتهم نواة
    وتلك معادلة صعبة
    وأشد الصعوبات فيها الثقاة
    وأني على مطلق الأمر
    أعرف كل نواة بتاريخها
    وكيف نمد اليها اليدين الحياة
    وكنت مع الحلم أحلم
    أحمل فانوس كل نهار يجيء
    أواصل سكري بالون من غير مزج
    ويربكني أن أقوى الخمور الرديء
    وأغسل حنجرتي بالنبيذ
    ففي القلب حزن جبان.. وحزن جريء
    لكم عذبتني الرياح تغير وجهتها
    دون سابقة والفراق دنيء
    وكم أنت رغم الوضوح خبيء
    وكم أنت مثل جناح الفراشة
    في الحلم زاه بطيء
    وكم أنت تعشق رأس الحسين الذي فوق رمح
    ولا يستريح
    تأبى الذوائب مذ ثبتتها الدماء
    على غدة أن تزيح
    ومن ثبتته الدماء يزيح
    دعوتك أنت المعلم
    وان كان علم فتلك الجروح
    ألوف وراءك في الرب سارت
    لينهض شيء صحيح
    فما نام إلا الصحيح
    يباهي اليسار الصحيح بأنك في قلة قد حملت السلاح
    وغاليت في مبدأ اسمه سلطة الفقراء
    وهذا غلو صحيح
    يلومون اني أنفخ نار التراث
    أنا أرفض الخردوات من الفقراء
    ولي أمة طالما كل ناس لهم مدية
    لغة طالما لغتي تشعل الأبجديات عشقاً
    وصريح أحب زوايا عيون النساء
    صريح
    وأمقت من يشهرون النصوص سيوفاً
    ومن يكسرون السيوف
    كلا الإنحرافين ريح
    وأمقت من يشهرون الحسين لغير الوصول الى ثورة
    مثلما جوهر الأمر فيه والجنوح
    لعل الحسين إذا ما رأى طفلة في شوارع بيروت
    تنهش من لحمها الشهوات
    وثم شظايا من القصف فيها
    سينكر مأساته
    والجروح على رئتيه تطيح
    يقولون: من أمها وأبوها
    أقول: الجنوب وتاريخه.. والبيوت الصفيح..
    وعدت اعترفت
    هو الجوع أكبر من آبائنا الثائرين
    ومن كان هذا أبوه
    تغلب فيه الجموح
    متى ما توزع هذي العمارات للفقراء
    وتجز ألف انتهازية
    والسلاح يقوم أداء لمهمته
    سيقوم المسيح
    ولست أبشر بالحب الا عنيفاً
    وان يستريح على ذلة
    وأريح
    كفاكم نزوحاً وإلا فما ننتهي
    ويسد الطريق على المهطعين النزوح
    هناك فداء وليس فداءين
    لا تخدعوا بفداء بغير سلاح وكل التخاريج في غير هذا الكفاح
    كسيح
    ومن أخطأوا ليس عيباً
    بل العيب أن تبتلى فوق ذات الصروخ
    ولست أخاف العواقب فيما أقول
    فإن الشهادة من أجل قول جريء.. ومعتقد
    قبة وضريح
    اذا كان بعض يفكر في النيل مني
    فهذا أنا
    لست أملك الا القميص الذي فوق جلدي
    وقلبي وراء القميص يلوح
    خبرت الخليقة سطحاً.. وعمقاً.. وطولاً.. وعرضا
    فكان أكبر درس تلقيته
    ان أكون فصيح المحبة والحقد
    فالعقل زيف صريح
    متى تنهضون
    لعنتم على الركض خلف كروش الزعامات
    فيما الزعامات باعت دبيحاً.. وحيا
    وثم هنالك صفقة أرض
    فكونوا على حذر البندقية
    فالديك يصيح
    بحق السماوات حتى إذا الديك صاح على خطأ
    فهنالك نار
    وحين تكون الشرارة حقاً وليس كلاما
    فإن الهشيم العظيم يصار
    اذا كان بعض يجيد سماع الغيوب
    سمعت انفجارا
    سيأتي ويتبع ذاك انفجار
    رثيت الذين تتاح لهم فلتة
    ان يكونوا من الثائرين
    وناموا على صغرهم خانعين
    ويدفنهم في الحجور الغبار
    لقد سافر الحلم قاطرة
    والشبابيك لا تنتهي.. والوداع استمر
    تخالطه نكهة الشمس المتأخر
    ثم لمحتك في آخر العربات
    ولم ينتظرني القطار.. لقد بالغ الإنتظار
    ساورت الشكوك الحمام
    وما زلت في سكة الحلم
    أشحذ فانوس كل القطارات حتى أطل النهار
    وفي أولات المواسم تصبح روحي بدون سياج
    ومفتوحة لهباء الشتاء
    ولغط السواقي.. وردع الحمام
    وينزلق الدمع في القائط من وداعين
    نما الى غير ما رجعة في الظلام
    وقد نلتقي انما القلب
    ودع شيئاً كثيرا
    وودع أكثر لما رمته المرامي
    لي الله في غربة
    ما خفضت الجناح لغير الأحبة فيها
    وفي يقظتي والمنام يفتشني الحزن في كل ليل
    فماذا يفتش هذا الغراب الغبي
    بهذا الحطام
    وفيما أؤذن للجوع
    بما في الجماهير
    ان السلاح يشق الطريق
    اذا ظل تحت احتلال الشراذم شبر
    ومن هان أمر التراب عليه
    فكل التراب يهون..
    فما في الضمائر ثمن.. وخمس.. وعشر ...



























    بكائية على صدر الوطن

    مظفر النواب

    في تلك الساعة.. حيث تكون الروضة فحل حمام
    في جبل مهجور
    وأضم جناحي الناريين على تلك الأحذية السرية
    وأريح التفاح الوحشي
    يعض كذئب ممتلئ باللذة
    كنت أجوب الحزن البشري.. الأعمى
    كالسرطان البحري
    كأني في وجدي الأزلي
    محيط يحلم آلاف الأعوام
    ويرمي الأصداف على الساحل
    كم أخجلني من نفسي هذا الهذيان المسرف
    بالوجع الأمي
    كأني أتنبأ أن بذور اللذة مدت ألسنة خضراء
    وشفرات في رحم الكون
    وأعطت جملاً أبدية
    مولاي لقد عاد حمام الجبل المهجور
    يمارس عادته النارية
    هل تعرف عادته النارية؟
    أما أنت فأصحرت وعرفتك لا تنوي الرجعة !!
    أصحرت بلا أي علامات وبلا أي صور
    وعرفتك لا تنوي الرجعة
    فالقلب تعلم غربته.. وتعلم بالبرق
    تعلم ألا ينضج كل النضج
    فيسقط بالطعم الحلو.. ويسقط في الطعم الحلو
    وأرق وامتنع النوم علي لأبواق أزليه
    عرف المفتاح الكامن في القفل
    وما يربطه بالقفل الكامن بالمفتاح
    فباحت كل الأشياء
    وتضرج قلبي بالأنباء
    يا هذا البدوي المسرف بالهجرات
    لقد ثقل الداء
    قتل ريقك لليل
    فلابد لهذا الليل دليل
    يعرف درب الآباء
    ويقبع بالحذو الناقة بالصحراء
    يا هذا البدوي تزود وأشرب ما شئت
    فهذا آخر عهدك بالماء
    من مخبر روحي أن تطفأ فانوس العشق
    وتغلق هذا الشباك
    فإن غبار الليل تعرى كالطفل
    وان مسافات خضراء احترقت في الوعي
    فأوقدت ثقاباً أزرقاً
    في تلك النيران الخضراء
    لعل النار أرى
    ولعل اللحظة تعرفني
    من ذلك يأتي
    بين عواء النفس وبين عواء الذئب
    وبين غروب النخل يرافقني نصف الدرب
    وبعد النصف يقول يرافقني
    ناديت بكلتا أذني.. فأوقفت مجاهيل الصحراء
    وعيني في الطين
    أعدل من قدمي الملوية
    والأضواء افترستني
    أمسكت على الطين لأعرف أين أنا
    في آخر ساعات العمر
    رفعت الطين الى الرب
    بهذا الدين.. تقربت اليه
    فأطرد عاطفتيه
    وكانت قبضته تشتعل الآن بنيران سوداء
    وكان المطر الآن صباحاً
    وانطبقت كل الأبعاد
    وصرت كأني صفر في الريح
    وصلت الى باب النخل.. دخلت على النخل
    أعطتني احدى النخلات نسيجاً عربياً
    فعرفت بأن النخلة عرفتني
    وعرفت بأن النخلة في عربستان أنتظرتني
    قبل الله
    لتسأل ان كان الزمن المغبر غيرها
    قلت.. حزنت
    فأطبق صمت وبكى النخل
    وكانت سفن في آخر شط العرب
    احتفلت بوصولي
    ودعني النوتي وكان تنوخياً تتوجع فيه اللكنة
    قال الى أين الهجرة
    فارتبك الخزرج.. والأوس بقلبي
    ومسحت التلقيط من الحبس
    لئلا يقرأني الدرب
    وسيطر قنطار وعاش الصبح
    فجاء الله الى الحلم
    وجاء حسين الأهوازي يفتش عن دعوته
    جاء النخل.. وجاء التعذيب.. وجاءت قدمي الملوية
    جف الطين عليها
    في البرد.. وزاغ الجرح
    وطارت في عتمات القلب
    فراشات حمراء.. وأشجار الحزبية
    قد شحنت بالحزن وبالنار
    نزلت الى ذاتي في بطء
    آلمني الجرح.. مددت بساقي
    خرجت قدمي كالرعب من الحلم
    وكان الابهام هي عين عمياء
    تشم برودة ماء (الكارون)
    وهذا أول نهر عربي في قائمة المصروفات
    وشم الذئب الشاهنشاهي دمي
    شم الذئب دمي.. سال لعاب الذئب على قدمي.. ركضت قدمي
    ركض البستان
    وكان الرب أصغر برعم ورد
    ناديت عليه فذقت الكركمركض الرب.. الدرب.. النخل.. الطين
    وأبواب صفيح تشبه حلم فقير
    فتحت ووجدت فوانيس الفلاحين
    تعين على الموت حصان يحتضر
    عيناه تضيئان بضوء خافت فوق ألوف الفلاحين
    وتنطفآن وينشج
    لو مات على الريح
    وبين لفيف الضوء البري
    لكان الشعب سيحتضر
    غطى شعب الفلاحين فوانيس الليل
    برايات تعبق بالثورات المنسية
    فاستيقظت الخيل.. وروحي
    كالدرع ائتلقت وعلى جسر البرق
    صرخت الهي هؤلاء الفلاحين كم انتظروا
    علمهم ذاك حسين الأهوازي من القرن الرابع للهجرة
    علمهم علم الشعب على ضوء الفانوس
    لا والله على ضوء الظلمة
    كان حسين الأهوازي بوجه لا يتقن الا الجرعة
    والنشوة بالأرض
    وقال انتشروا فانتشروا
    كسروا الأنهار كسورا مؤلمة برضاها
    كسروا ساقيتين
    أشاعوا الظلمة والأرحال
    وراء النخلة وانتشروا
    لفوا جسدي بدثار زركش بالطير
    أورثهم أياه حفاة الزنج
    فقلت لقد علمهم ذاك حسين الأهوازي
    عشية يوم في القرن الرابع للهجرة
    كيف نسينا التاريخ؟
    دخان.. أمل أطلق فلاح في أقصى الحنطة ناراً
    فانقضت كل وطاويط الشاه هناك
    وكانت قدمي الملوية قد تركت
    بقع خضراء من الدم المخلص
    واستجوبت الأحجار فلم ينطق حجر
    كيف نسينا التاريخ؟
    وكيف نسينا المستقبل؟
    كان القرن الرابع للهجرة فلاحاً
    يطلق في أقصى الحنطة ناراً
    تلك شيوعية هذي الأرض
    وكان الله معي يمسح عن قدمي الطين فقلت له
    اشهد اني من بعض شيوعية هذي الأرض
    ودبَّ بجسمي الخدر
    وغفوت وكان الفلاحين يردون غطائي فوقي
    في العاشر من نيسان تفرد عشقي
    أتقنت تعاليم الأهوازي
    ووجدت النخلة.. والله.. وفلاحاً
    يفتح نار الثورة في حقل الفجر
    تكامل عشقي
    ما عدت أطيق تعاليم المخصيين
    تفردت.. نشرت جناحي
    في فجر حدوث
    ووقفت أمام القرن الرابع للهجرة
    تلميذاً في الصف الأول
    يحمل دفتره.. يفترش الأرض.. يعرف كيف تكلم عيسى في المهد
    فإن الثورة تحكي في المهد
    ويسمع صوت السبل النارية تبدأ بالخلق
    اللهم ابتدئ التخريب الآن
    فإن خراباً بالحق.. بناء بالحق
    وهذا زمن لا يشبه إلا القرن الرابع للهجرة
    او ما سمي كفراً.. زندقة.. او أدرج بالفتن
    في طهران وقفت أمام الغول
    تناوبني بالسوط.. وبالأحذية الضخمة عشرة جلادين
    وكان كبير الجلادين له عينان
    كبيتي نمل أبيض مطفأتين
    وشعر خنازير ينبت من منخاريه
    وفي شفتيه مخاط من كلمات كان يقطرها في أذني
    ويسألني: من أنت؟
    خجلت أقول له:
    "قاومت الإستعمار فشردني وطني"
    غامت عيناي من التعذيب
    رأيت النخلة.. ذات النخلة
    والنهر المتشدق بالله على الأهواز
    وأصبح شط العرب الآن قريباً مني
    والله كذلك كان هنا
    واحتشد الفلاحون عليّ وبينهم كان
    علي.. وأبو ذر.. والأهوازي.. ولوممبا.. وجيفارا.. وماركس
    لا أتذكر فالثوار لهم وجه واحد في روحي
    غامت عيناي من التعذيب
    تشقق لحمي تحت السوط
    فحطّ علي رأسي في حجريه
    وقال: تحمل فتحملت
    وجاء الشعب فقال: تحمل فتحملت
    والنخلة قالت.. والأنهر قالت
    فتحملت وشق الجمع
    وهبت نسمات لا أعرف كيف أفيق عليها
    بين الغيبوبة والصحوة
    تماوج وجه فلسطين
    فهذي المتكبرة الثاكل
    تحضر حين يعذب أي غريب
    أسندني الصبر المعجز في عينيها
    فنهضت.. وقفت أمام الجلاد
    بصقت عليه من الأنف الى القدمين
    فدقت رأسي ثانية بالأرض
    وجيء بكرسيّ حُفرت هوة رعب فيه
    ومزقت الأثواب عليّ
    ابتسم الجلاد كأن عناكب قد هربت
    أمسكني من كتفي وقال ،
    على هذا الكرسيّ خصينا بضع رفاق
    فاعترف الآنَ
    اعترف
    اعترف
    اعترف الآنَ
    عرقتُ.. وأحسست بأوجاع في كل مكانٍ من جسدي
    اعترف الآن
    وأحسست بأوجاع في الحائط
    أوجاع في الغابات وفي الأنهار، وفي الإنسان الأوّل
    أنقذ مطلقك الكامن في الإنسان
    توجهت الى المطلق في ثقة
    كان أبو ذرٍّ خلف زجاج الشبّاك المقفل
    يزرع فيّ شجاعته فرفضت
    رفضت
    وكانت أمي واقفة قدام الشعب بصمت.. فرفضت
    اعترف الآن
    اعترف الآن
    رفضت
    وأطبقت فمي ،
    فالشعب أمانة
    في عنق الثوري
    رفضتُ
    تقلص وجه الجلادين
    وقالوا في صوت أجوف:
    نترك الليلة..
    راجع نفسك
    أدركت اللعبة
    في اليوم التاسع كفّوا عن تعذيبي
    نزعوا القيد فجاء اللحم مع القيد ،
    أرادوا أن أتعهد ،
    أن لا أتسلل ثانية للأهوز
    صعد النخل بقلبي..
    صعدت إحدى النخلات ،
    بعيداً أعلى من كل النخلات
    تسند قلبي فوق السعف كعذقٍ
    من يصل القلب الآن!؟
    قدمي في السجن ،
    وقلبي بين عذوق النخل
    وقلت بقلبي: إياك
    فللشاعر ألف جواز في الشعر
    وألف جواز أن يتسلل للأهواز
    يا قلبي! عشق الأرض جواز
    وأبو ذرّ وحسين الأهوازي ،
    وأمي والشيب من الدوران ورائي
    من سجن الشاه الى سجن الصحراء
    الى المنفى الربذي ، جوازي
    وهناك مسافة وعي ،
    بين دخول الطبل على العمق
    السمفوني
    وبين خروج الطبل الساذج في الجاز
    ووقفت وكنت من الله قريباً....…………….





    ثلاثة أمنيات على بوابة السنة الجديدة

    مظفر النواب
    مرة أخرى على شباكنا تبكي
    ولا شيء سوى الريح
    وحبات من الثلج.. على القلب
    وحزن مثل أسواق العراق
    مرة أخرى أمد القلب
    بالقرب من النهر زقاق
    مرة أخرى أحنى نصف أقدام الكوابيس.. بقلبي
    وأضيء الشمع وحدي
    وأوافيهم على بعد
    وما عدنا رفاق
    لم يعد يذكرني منذ اختلفنا احد غير الطريق
    صار يكفي
    فرح الأجراس يأتي من بعيد.. وصهيل الفتيات الشقر
    يستنهض عزم الزمن المتعب
    والريح من القمة تغتاب شموعي
    رقعة الشباك كم تشبه جوعي
    و (أثينا) كلها في الشارع الشتوي
    ترسي شعرها للنعش الفضي.. والأشرطة الزرقاء..
    واللذة
    هل أخرج للشارع؟
    من يعرفني؟
    من يشتريني بقليل من زوايا عينها؟
    تعرف تنويني.. وشداتي.. وضمي.. وجموعي..
    أي إلهي ان لي أمنية
    ان يسقط القمع بداء القلب
    والمنفى يعودون الى أوطانهم ثم رجوعي
    لم يعد يذكرني منذ اختلفنا غير قلبي.. والطريق
    صار يكفي
    كل شيء طعمه.. طعم الفراق
    حينما لم يبق وجه الحزب وجه الناس
    قد تم الطلاق
    حينما ترتفع القامات لحناً أممياً
    ثم لا يأتي العراق
    كان قلبي يضطرب.. كنت أبكي
    كنت أستفهم عن لون عريس الحفل
    عمن وجه الدعوة
    عمن وضع اللحن
    ومن قاد
    ومن أنشد
    أستفهم حتى عن مذاق الحاضرين
    يا إلهي ان لي أمنية ثالثة
    ان يرجع اللحن عراقياً
    وان كان حزين
    ولقد شقّ المذاق
    لم يعد يذكرني منذ اختلفنا أحد في الحفل
    غير الإحتراق
    كان حفلاً أممياً إنما قد دعي النفط
    ولم يدع العراق
    يا إلهي رغبة أخرى إذا وافقت
    ان تغفر لي بعد أمي
    والشجيرات التي لم أسقها منذ سنين
    وثيابي فلقد غيرتها أمس.. بثوب دون أزرار حزين
    صارت الأزرار تخفى.. ولذا حذرت منها العاشقين
    لا يقاس الحزن بالأزرار.. بل بالكشف
    في حساب الخائفين










    يا قاتلتي
    مظفر النواب

    يا قاتلتي بكرامة خنجرك العربي
    أهاجر في الفقر
    وخنجرك الفضي بقلبي.. وأولادي
    عشقتني بالخنجر.. والأجر بلادي
    ألقيت مفاتيحي في دجلة
    أيام الوجد وما عاد هنالك
    في الغربة مفتاح يفتحني
    ها أنذا أتكلم من قفلي
    من أقفل بالوجد وضاع على أرصفة الشارع سيفهمني
    من كان مخيم يقرأ فيه القرآن
    بهذا المبغى العربي سيفهمني
    من لم يتزوّد حتى الآن.. وليس يزاود في كل مقاهي الثوريين
    سيفهمني
    من لم يتقاعد كي يتفرغ للهو
    سيفهم أي طقوس للسرية في لغتي
    وسيعرف كل الأرقام.. وكل الشهداء.. وكل الأسماء
    وطني علمني ان أقرأ كل الأشياء
    وطني علمني أن حروف التاريخ مزورة
    حين تكون بدون دماء
    وطني علمني ان التاريخ البشري
    بدون الحب
    عويلاً ونكاحاً في الصحراء
    يا وطني هل أنت بلاد الأعداء؟
    هل أنت بقية داحس والغبراء؟
    وطني أنقذني من رائحة الجوع البشري
    مخيف
    أنقذني من مدن يصبح فيها الناس
    مداخن للخوف وللزبل
    مخيس
    من مدن ترقد في الماء الآسن
    كالجاموس الوطني
    وتجتر الجيف
    أنقذني كضريح نبي مسروق
    في هذي الساعة في وطني تجتمع الأشعار
    كشعب النار
    وترضع في غفوات البر صغار النوق
    يا وطني المعروض كنجمة صبح في السوق
    في العلب الليلية يبكون عليك
    ويستكمل بعض الثوار رجولتهم
    ويهزون على الطبلة والبوق
    أولئك أعداؤك يا وطني
    من باع فلسطين سوى أعداؤك أولئك يا وطني
    من باع فلسطين وأثرى بالله
    سوى قائمة الشحاذين على عتبات الحكام
    ومائدة الدول الكبرى
    فإذا أجن الليل تطق الأكواب بأن القدس عروس عروبتنا
    من باع فلسطين سوى الثوار الكتبة
    أقسمت بأعناق أباريق الخمر
    وما في الكأس من السم
    وهذا الثوري المتخم بالصدف البحري ببيروت
    تكرش حتى عاد بلا رقبة
    أقسمت بتاريخ الجوع.. ويوم السغبة
    لن يبقى عربي واحد
    ما دامت حالتنا هذي الحالة
    بين حكومات الكتبة
    القدس عروس عروبتكم
    فلماذا أدخلتم كل زنات الليل الى حجرتها
    وسحبتم كل خناجركم
    وتنافختم شرفاً
    وصرختم فيها ان تسكت صوناً للعرض
    فما أشرفكم أولاد القحبة
    هل تسكت مغتصبة
    أولاد الفعلة لست خجولاً
    حين أصارحكم بحقيقتكم
    ان حظيرة خنزير أطهر من أطهركم
    تتحرك دكة غسل الموتى
    اما انتم لا تهتز لكم قصبة
    الآن أعريكم
    في كل عواصم هذا الوطن العربي قتلتم فرحي
    في كل زقاق أجد الأزلام امامي
    أصبحت أحاذر حتى الهاتف.. حتى الحيطان.. وحتى الأطفال
    أقيء لهذا الأسلوب الفج
    وفي بلد عربي كان مجرد مكتوب من أمي
    يتأخر في أروقة الدولة شهرين قمريين
    تعالوا نتحاكم أمام الصحراء العربية
    كي تحكم فينا
    أعترف الآن أمام الصحراء بأني مبتذل وبذيء
    كهزيمتكم
    يا شرفاء مهزومين
    ويا حكاماً مهزومين
    ويا جمهوراً مهزوماً
    ما أوسخنا.. ما أوسخنا.. ما أوسخنا..
    ونكابر ما أوسخنا
    لا أستثني أحداً
    هل تعترفون آنا قلت بذيء
    رغم بنفسجة الحزن.. وايماض صلاه الماء على سكري
    وجنوني للضحك بأخلاق الشارع والسكنات
    ولحس الفخذ الملصق في باب الملهى
    يا جمهوراً في الليل يداوم في قبر مؤسسة الحزن
    سنصبح نحن يهود التاريخ
    ونأوي في الصحراء بلا مأوى
    هل وطن تحكمه الأفخاذ الملكية
    هذا وطن أم مبغى؟
    هل أرض هذي الكرة الأرضية.. أم وجر ذئاب؟
    ماذا يدعى القصف الأممي على هانوي؟
    ماذا تدعى سمة العصر وتعريص الطرق السلمية؟
    ماذا يدعى استمناء الوضع العربي أمام مشاريع السلم
    وشرب الأنخاب مع السافل فورد؟
    ماذا يدعى ان تتقنع بالدين وجوه التجار الأمويين؟
    ماذا يدعى الدولاب الدموي ببغداد؟
    ماذا تدعى الجلسات الصوفية في الأمم المتحدة؟
    ماذا يدعى إرسال الجيش الإيراني الى قابوس؟
    - وقابوس هذا سلطان وطني جداً
    لا تربطه رابطة ببريطانيا العظمى
    وخلافاً لأبيه ولد المذكور من المهد ديمقراطياً
    ولذلك تسامح في لبس النعل.. ووضع النظارات
    فكان ان اعترفت بمآثره الجامعة العربية يحفظها الله
    وإحدى صحف الإمبريالية قد نشرت عرض سفير عربي
    يتصرف كالمومس في أحضان الجنرالات وقدام حفاة (صلاله)
    ومن لا يعرف ان الشركات النفطية في الثكنات
    هناك يراجع قدرته العقلية..
    ماذا يدعى هذا؟
    ماذا يدعى تبرأة الملك السفلس في التاريخ العربي
    ولا يشرب إلا بجماجم أطفال (البقعة)
    أصرخ فيكم
    أصرخ أين شهامتكم ان كنتم عرباً.. بشراً.. حيوانات
    فالذئبة حتى الذئبة تحرس نطفتها
    والكلبة تحرس نطفتها
    والنملة تعتز بثقب الأرض
    أما انتم فالقدس عروس عروبتكم
    فلماذا أدخلتم كل السيلانات الى حجرتها
    ووقفتم فيها ان تسكت صوناً للعرض
    فأي قرون أنتم
    أولاد قراد الخيل كفاكم صخباً
    خلوها دامية في الشمس بلا قابلة
    ستشد ظفائرها.. وتقيء الحمل عليكم
    ستقيء الحمل على عزتكم
    ستقيء الحمل على أصوات إذاعتكم
    ستقيء الحمل عليكم بيتاً.. بيتاً
    وستغرز أصبعها في أعينكم
    أنتم مغتصبي..
    حملتم أسلحة تطلق للخلف
    وثرثرتم.. ورقصتم كالدببة
    كوني عاقرا أي أرض فلسطين
    كوني عاقرا أي أم الشهداء
    من الآن فهذا الحمل من الأعداء
    ذميم.. ومخيف
    لن تتلقح تلك الأرض بغير اللغة العربية
    يا أمراء الغزو فموتوا..
    سيكون خراباً.. سيكون خراباً.. سيكون خراباً
    هذي الأمة لابد لها ان تأخذ درساً في التخريب.....
















    الخوازيق

    مظفر النواب

    لله ما تلد البنادق من قيامه
    ان جاع سيدها وكف عن القمامه
    ان هب لفح مساومات
    كان قاحلاً
    قاتلاً لا ماء فيه ولا علامه
    وهو السلاح المكفهر دعامة
    حتى إذا نفذ الرصاص هو الدعامه
    قاسى فلم يتدخلوا
    حتى إذا شهر السلاح
    تدخل المبغى ليمنعه اقتحامه
    لا يا قحاب سياسة
    خلوه صائماً.. موحشاً
    فوق السلاح
    فإن جنته صيامه
    قالوا مراحل
    قولوا قبضنا سعرها سلفاً
    ونقتسم الغرامه
    لكن أرى غيباً بأعمدة الخيام
    تعرت الأحقاد فيه جهنماً
    وتحجرت فيه الغلامه
    حشد من الأثداء.. ميسرة تعج دماً
    وحلق في اليمين لمجهض دمه أمامه
    حتى قلامة أظفر كسرت
    ستجرح قلب ظالمها
    فما تنس الغلامه
    وأرى خوازيقاً صنعن على مقاييس الملوك
    وليس في ملك وخازوق ملامه
    لله ما تذر البنادق حاكمين
    مؤخرات في الهواء
    ورأسهم مثل النعامه
    ودم فدائي بخط النار يلتهم الجيوش
    كما الصراط المستقيم
    به اعتدال واستقامه
    لم ينعطف خل على خل
    كما سبابة فوق الزناد
    عشي معركة الكرامه
    نسبي إليكم أيها المستفردون
    وليس من مستفرد
    في عصرنا
    إلا الكرامة....




















    الرحلات القصية
    مظفر النواب
    لكل نديم يؤرق.. والقلب ملّ نديمة
    كأني عشق تذوق.. طعم الهزيمة
    دخلت وراء السياج
    فآه من الذل في نفحة الياسمين
    زكي
    ويعرف كل الدروب القديمة
    وآه من العمر بين الفنادق
    لا يستريح
    أرحني قليلاً فإني بدهري جريح
    لكم نضج العنب المتأخر
    وانطرقت بعض حباته
    كن يداً أيها الحزن
    وأقطف
    ولا تك ريح
    رمتني الرياح بعيداً عن النهر
    فاكتشفت بذرتي نهرها
    غطت الدرب
    والفتية المنتمين الى اللعب
    والخطر البرتقالي في حدقات الزقاق
    وتدخل غرفة نومي
    وهذي رسومي.. وهذا صباي الحزين
    وتلك مراهقتي في شبابيكها.. ولهاث السفرجل
    والشوق قد كبر عشرين عاماً
    وصار اشتياق
    وما من دموع أداوي بها
    حضرات الهموم
    إلا قميصي.. وقلبي.. وكلمة حزن
    نساها الرفاق
    تفتق حزن غداة افترقنا
    ولست على أحد نادماً
    غير قلبي
    فقد عاش حباً معاق
    أحلق وحدي بطائرة
    كل ركابها نزلوا في مطار غريب
    وأعطس في البرد
    لا طاقماً.. لا مضيفة.. لا مطارات حب سأنزل فيها..
    ولا بلداً عربياً
    يكون تبرأ مني الزمان الحبيب
    لكم كان يكفي قليل من الورق الناعم البالي
    أصنع طائرتي وأهيم بها في الطفولة
    والناس مثل الطفولة صحو
    يغني به عندليب
    وتلك النوايا الصغيرة جداً
    تمر البساتين فيها
    وتبني قناطرها
    والكلاب الصغيرة تركض في فروها الليلكي
    وراء نحاس المغيب
    وفستان نون على شفتي.. مراهقة قبلتني
    لأني طفل ولا أفهم الرحلات القصية
    ما زلت طفلاً تهجأت
    أو يتهجأ قلبي طيب
    وأتقنت أقرأ مثل الكفيف
    بهذي الأصابع.. خصراً وكسراته
    فإذا ضمني مثله لم أعد معرباً
    بل بناء رهيب
    لقد قدموني الحروف الى النون
    ثم اكتفوا
    فبقيت رضيعاً
    وعين على الواو والياء أيتها الأحرف العربية
    فالهاء حرف عجيب
    وأمد الخيوط وطائرتي تسمع النبض
    عبر خيوطي
    وفي اللازورد سماوي
    في طرب تستجيب
    وقد يعلق الخيط بمدخنة لرخيص قديم
    فيحفل من رقة الخيط
    هذا زمان دنيء كئيب
    وأخجل أسحب خيط حد الهزيمة
    كفى تنفخين رماداً
    تقصدت ان أحرق القلب مستعجلاً
    فاني على النور بعض النميمة
    لكم كنت كالورق الناعم البالي
    حد الجريمة
    لقد خربش الحب أمسي
    وقد خرجت خربشات الهوى لغدي
    والتقت عند تلك المصاطب والسوي
    والحانة المستديمة
    هنالك مصطبة في النوارس
    يطمرها القش والليل
    كنت أحب عليها.. وأنسى عليها
    وأربط طيارتي والسياسة.. والعشق
    وقد اقتلعتها الدهور الأثيمة
    أعيد المصاطب قاطبة بيدي
    اذا انتصر النهر والناس
    أدهنها عبر مصطبتي
    سوف أتركها مثلما هي كانت قديمة
    كما وسختها العصافير
    والنسنسات التي يترك العشق.. والسحر.. والصيف..
    قبل نهايته
    والقوارب بيضاء في آخر النهر
    في مسحة من ضباب
    رحيمة وأغفوا عليها
    وزران قد قطعا من قميصي
    ليخرج قلبي متى ما أووا
    الى دجلة يتبرج ثم يعود
    يمارس نفس الهوى الخطيئة
    بل والجريمة
    وأغسل عني الذي زور الملحقون بكل الدوائر
    إذ وجدوا القلب
    دائرتي وحده
    وبه أتحدى ومنه العزيمة
    وأقرأ ثانية بالأصابع خصراً
    تعشقته والقراءة أتأتئ
    وان كثر الكسر
    والتأتآت سليمة.....






















    بيان سياسي
    مظفر النواب
    ليست تسوية.. او لا تسوية
    بل منظور رؤوس الأموال.. ومنظور الفقراء
    أعرف من يرفض حقاً
    من تاريخ الغربة والجوع بعينيه
    وأعرف أمراض التخمة
    يمكنني أن أذكر بعض الأسماء
    لن تصبح أرض فلسطين لأجل سماسرة أرضين
    وان حمي الاستمناء
    لا تخشوا أحداً في الحق
    فما يلبس حق نصف رداء
    ليس مقاتل من يدخل مشجب بأسلحة فاسدة
    أو يجبن
    فالثورة ليست خيمة فصل للقوات
    ولا تكية سلم للجبناء
    وإياكم أبناء الجوع فتلك وكالة غوث أخرى
    أسلحة فاسدة أخرى
    تسليم آخر
    لا نخدع ثانية بالمحور او بالحلفاء
    فالوطن الآن على مفترق الطرقات
    وأقصد كل الوطن العربي
    فأما وطن واحد او وطن أشلاء
    لكن مهما كان فلا تحترموا
    فالمرحلة الآن
    لبذل الجهد مع المخدوعين
    وكشف وجوه الأعداء
    المرحلة الآن لتعبئة الشعب الى أقصاه
    وكشف الطباخين
    وأي حصاة طبخوا بالوعد وبالماء
    هذي مرحلة ليس تطول
    وأول سيف يشهر ضد الثورة
    مشبوه عن تابع ظهر
    من كل الفرقاء
    لا تنسوا أن سلاح الكحالة ضد فلسطين جميعاً
    جزءً أو أجزاء
    كشف البطل اللعبة
    أما التفتيش
    فما كشف شيئاً في الأشياء
    تتوحم هذي الرجعية ليلا نهارا
    فلا تنسوا تزييت بنادقكم
    أيلول الأسود ما زال هنا
    يتربص في الأنحاء



















    اللون الرمادي
    مظفر النواب

    دمشقُ عدتُ بلا حُزني ولا فرَحي
    يقودني شَبحٌ مضنى إلى شبحِ
    ضَيّعتُ منكِ طريقاً كنتُ أعرفه
    سكرانَ مغمضة عيني من الطفحِ
    أصابحُ الليلَ مصلوباً على جسدٍ
    لم أدرِ أيَّ خفايا حُسنه قدحي
    أسى حريرٍ شآميٍّ يداعبه
    إبريق خمرٍ عراقيٍّ شجٍ نضِحِ
    دفعت روحي على روحي فباعَدني
    نهدان عن جنةٍ في موسمٍ لقح
    أذكى فضائحه لثماً فيطردني
    شداً إليه غريرٌ غير مفتضح
    تستقرئ الغيب كُفي في تحسّسه
    كريزةٍ فوق ماءٍ ريِّقٍ مرح
    يا لانحدارٍ بطئٍ أخمصٍ رخصٍ
    ولارتفاعٍ سريعٍ طافحٍ طمح
    "ماذا لقيت من الدنيا وأعجبه؟!"
    نهدٌ عليَّ ونهدٍ كان في سرح
    هذا يطاعنني حتى أموت له
    وذاك يمسح خدي بالهوى السمح
    كأن زهرة لوزٍ في تفتّحها
    تمجّ في قبضتي بالعنبر النفح
    دمشق عدت وقلبي كله قرحٌ
    وأين كان غريبٌ غير ذي قرح
    هذي الحقيبة عادت وحدها وطني
    ورحلة العمر عادت وحدها قدحي
    أصابح الليل مطلوباً على أملٍ
    أن لا أموت غريباً ميتة الشبح
    يا جنة مر فيها الله ذات ضحى
    لعل فيها نواسياً على قدح
    فحار زيتونها ما بين خضرته
    وخضرة الليل والكاسات والملح
    لقد سكرت من الدنيا ويوقظني
    ما كان من عنبٍ فيها ومن بلح
    تهرُّ خلفي كلاب الحيّ ناهشة
    أطراف ثوبي على عظمٍ من المنح
    ضحكت منها ومني فهي يقتلها
    سعارها وأنا يغتالني فرحي

    29/12/1971














    مرثية لانهار من الحبر الجميل
    مظفر النواب
    قيلت في رثاء رسام الكاريكاتور الفلسطيني
    المبدع الشهيد ناجي العلي

    يسافرُ في ليلةِ الحزن
    صمتي
    غيوماً
    تتبَّعته مُمطِراً
    واشترَيتُ دروبَ المتاعبِ
    ألوي أعِنّتها فوق رسغي
    ليالي أطول من ظلمات الخليقة
    << خالٍ سوى من فتاتٍ من الصبر>>
    في ركن زاويتي
    والدجى ممطرٌ
    * * *
    أأنتَ الوديعُ كساقيةٍ
    من خبايا الربيع
    قتلت ؟!
    وغصَّ بنعيك من قتلوك
    كأنك مقتلهم.. لا القتيلُ
    * * *
    لِمَ استفردوك بقبر عدوٍّ ، وراء الضباب ؟!!!
    وفيمَ تساءلت ذات مساءٍ من الحزن
    عمَّن سيأخذ ثأرك !
    هل كنتَ تعرف أن الرجال قليلُ ؟؟؟
    هل التصفيات بديلٌ عن الأرض
    والفشل المستمر؟!
    وأيّ مقايضاتٍ تلك
    خير الرجال
    بشَرِّ النقود
    ومَن شُركاء الجريمة ؟!!
    ما هذه المسرحية بالدم والنار
    تبكي التماسيح فيها ؟!
    لقد طالت المسرحية
    والصبغُ سالَ على أوجه البعض
    * * *
    ألا ننتهي ؟؟
    صار صوتُ المُلقـِّن
    أعلى من البهلوان المُهرِّج فوقَ رؤوس الجماهير
    هل سوف نخرج مما على نفسنا
    نتضاحك
    أم ستعاد الفصولُ ؟؟!!
    يقولون:
    يا زهرة الحزن ! . مُتَّ
    وضاع أريجك خلف الضباب
    وأغُـلِق عمرٌ جميلُ
    من الحزن والإحتجاج الطفولي
    عمرٌ حكيمٌ من العشق
    تحضن في جانحيك فلسطين دافئة
    كالحمامة
    تطعمها بشفاهك تسمع نبضاتها تتضَوَّرُ قبل
    تضَوُّرِها
    تحرث الأرض .. والطبّ .. والصيدليات ..
    تبحث عما يداويكما
    * * *
    ترسمُ صمتاً نظيفاً
    فإن المدينة تحتاج صمتاً نظيفاً
    وترسمُ نفسك مُتجهاً للجنوب
    البقاع
    العروبة
    كل فلسطين !!!


    ………………
    جسر المباهج القديمة
    مظفر النواب

    ملك العُمق..
    أزور نجوم البحر
    أزوّجها بنجوم الليل
    أطيل لدى موضع أسرار الخلق
    زياراتي
    * * *
    سوف أحدثكم في الفصل الثالث عن أحكام الهمزة
    في الفصل الرابع عن حُكام الردّة
    وأما الآن فحالات العالم فاترة
    ملل يشبه علكة
    لصقته الأيام بقلبي
    * * *
    يا صاحب هذا الكَلك المتعب
    كنت تسميه سفينة عشق
    أنّى أوقدت سيفقس هذا البيض الفاسد
    أوساخاً
    ألديك فوانيس ؟
    زيت ما لمسته يدان ؟
    روح تبصر في الزمن الفاسد ؟
    أوقدَ بَحّارُ البَحّارين قناديل سفينته
    أبقاها خافتة
    بَحّار البَحّارين ومن جمع اللؤلؤ والأضواء وأصوات البحر
    بخيطٍ لحبيبته
    أبقاها خافتةً
    تملك أحلى ميم أعرفها
    ولها جسد مزجته الآلهة الموكولة بالمزج
    فبالغ بالطيب وأربى بالحسن عليها ... إرتبكت .
    توضأت بماء الخلق ،
    أخذت بهذي القيثارة
    دوزنت عقوداً أربعة
    وشددت على وجع المفتاح الخامس والسابع
    فاعترض النحو البصري عليَّ
    كذاك اعترض النحو الكوفيّ
    من لا أعرفه يعرف نحواً في الشعر
    دع الريح يهدهدك الهدهدة الإهداء
    نذرك كان كثير الشمع الأحمر والآس
    ومرت كل شموعك من تحت الجسر
    وأوغلت كثيراً في البحر
    فأين البصرة ؟!
    صحيحٌ أين البصرة ؟
    البصرة بالنِيّات
    لقد خلصت نِيّاتي
    وتسلق في الليل عمى الألوان عليها
    أين البصرة ؟
    أين البصرة ؟ مشتاق
    بوصِلتي تزعم عدة بصرات
    منذ شهور قلبي لا يفرح إلا بين النخل
    أتسير ببوصلة ؟!
    - حين يكون لذلك فائدةٌ
    ما دختَ ؟!
    - إذا كنتُ بلا أملٍ
    يا صاحب هذا الكلك المتعب
    أنت تسمِّيه المركب ، لا بأس عليك
    تفاءل ما شئت
    أطلق ما ترتاح من الأسماء عليه
    * * *
    وأضاف قميءٌ عفنٌ كان يقوّق بين القوم
    وكنت تفرِّغ شحنتنا الثورية !
    يا ابن الشُحَن السلبية !
    بطاريّة حِ###### فارغة ماذا أعمل ؟
    والتفت الآخر لفتة من فاجأه الحيض وقال :
    تفاهمت مع السلطة تشتمها وتورطنا
    إربأ أن تسمع واتعذ الله
    فمهما قيل فأنت تُعلِّمُ مثل نبيّ
    سلمك المفتاح على ذمة بَحّار البحّارين وأعطاك السعفة
    * * *
    ولكن أين البصرة يا مولاي
    وما شأني بالبحر
    - لا يوصلك البحر إلى البصرة ؟
    - بل يوصلني
    - لا يوصلك البحر إلى البصرة ؟
    - بل يوصلني البحر إلى البصرة
    - قلنا لا يوصلك البحر إلى البصرة ؟
    - أحمل كل البحر وأوصل نفسي
    أو تأتي البصرة إن شاء الله
    بحكم العشق
    وأوصلها ...
















    أيّها القبطان
    مظفر النواب
    اسقنيها
    وافضحي فيَّ الظلاما
    بلغت نشوتَها الخمرةُ
    في خديك
    نثر الورد في كأس الندامى
    وروت مبسمَ وردٍ
    نزع التاج وألقاه بأرواح السكارى
    بمعانٍ نزعت ألفاظها
    وقف العشقُ على كفيهِ مجنوناً من النشوة
    والعود ارتخت أوتارهُ
    واللحن قاما
    وانتضائي ضائعَ اللُّب
    بعينيّ من السُكر دَمُ العصفور
    والجفن انكساراتُ خزامى
    جسدي مرتعشٌ بالطّل
    أنضوه
    كأني أُفعوانٌ،
    ترك الثوب السموميّ،
    على صكة نهديك ضراما
    متعبٌ
    أبصم إن حسستني جسمي،
    فإني لستُ ألقاه
    وإن قد أشعل الليلَ
    أنيناً وسقاما
    ربما يقوى على حملي
    الى بيت تعودتُ على فقدانه،
    ألقاهُ في عيني
    وأغفوه
    كأن النوم ناما
    رسموا بحراً من الحبر
    وحطوا مركباً فيه
    ويا غافل! يا أنت لك الله
    ركبنا!!!
    فوجدنا نفسنا في ورق الرسم
    بلا صوتٍ!
    ومشطوبين بالأحمر!!!
    والقبطان مشروخاً الى كعبيه بالذُلِّ
    أدفعوني
    ومضى يفتك بالنسوة في قمرتهِ العُليا
    اهتماماً بالجماهير،
    وبالفخذ اعتصاما!
    ليس بالمركب والبحر ثقوبٌ
    إنما أنت هو الثقب
    ولن يمنحَك البحر احتراما
    تدّعي المركب!؟ هيهات!!!
    ومن أين ولم تُبحر؟
    وتاريخك وَحْلٌ
    ودَمُ النوتيةِ الأمجادِ في عُنقِكَ
    أصبحتَ على البحر إماما!!!؟
    أسقنيها
    لم يزلْ للبحر في رأسي، دويٌ
    والمدى لعبةُ اطفالٍ بكفي
    وتُقى أشربُها
    راحاتها استغفرت الله لنا
    والعُودُ يلتف،
    كمن يحتضر الروحَ ضُراما.
    أسقنيها وفدى خُفيك من يشربُ خمراً
    وهو لا يعرفُ للخمر مقاما.
    أيها الشاربُ
    إنْ لم تكُ شفافاً رقيقاً
    كزجاج الكأس،
    لا تدخل طقوس السكر والكينونة الكبرى
    فسوء الخمر يؤذي،
    بينما يقتل سوءُ الخُلقَ
    فاشربها كريماً دَمِثاً
    تطمعُ أنَّ النارَ تستثني الكراما
    قارب الأيام
    تِهْ بيَّ
    وتهني..
    فأنا أسمع تيهاً غامض البُعدِ…
    وزرَّ البحر من خلفي،
    وضيّعني أماما…
    ابتعد عن أيّ شاطئ،
    أيها النذرُ الشبوبيُّ
    بمقدار نوايا الشمع
    تُعطِ البحر بقشيشاً
    من الماء اضافياً
    وطعماً…
    وغماما…
    أنتَ.. أنتَ المركب النشوانُ
    ألواحاً
    ومجذافاً.. وروحاً
    تتهادى في نئيج الموج والطير
    وصمت المطلق السينيِّ
    يا سينيُّ!! يا سينيُّ
    يا سراً من الأسرار
    حققتَ الزمان الضدَّ
    غصناً فارعاً بالورد،
    ممشوقاً غلاما.
    كاشفاً عن فخذيك الجبروتين،
    أفاداتٍ من الرُّز.
    وصمتِ الفيروزباديِّ
    وكل امرأةٍ تُسندها
    تسمع صوت الغرانيق
    وجيش الزنج،
    تنضم..
    وتُعطيك الزماما
    أينهُ وعدُ الذين أُستُضعفوا في الأرض
    والركض الى المسلخ يومياً!؟
    أنا أصرخُ يا ربُّ! التفت للناس
    ما هذي القيادات المنافيخ فراغا
    تشتكي من سوء هضمٍ،
    داخل المخ
    وتجتر نياما
    أنا سكرانُ بمن تخلقُهمْ
    من نُطفة اللوز،
    ونُطق الكسل الصيفي
    سكرانٌ بمن…
    يا ربُّ يا تدري بمن!
    يا ربُّ، يا تدري بمن!
    قابضٌ راحي على جمرةِ كأسي
    بهدوء ورضى.
    أمنحُ دنيايَ على علاتها أقمار زرقاء
    وناراً وخياما.
    لم أزلْ أرجع للكتّاب
    والختمةِ والقرآنِ، طفلا
    دائماً ألقاك في شارعنا الفرعي
    تؤويني من الصيف العراقي
    بثوبيكَ
    وتتلو صبرَ أيوبَ على وجهي
    ولكني مهووسٌ غراما:
    ببيوت أذِن الله بأن يُذكر فيها
    وكثيراً هيمتني
    "ألم نشرح"…
    "والضحى"…
    "يا أخت هارون ولا أمُّكِ قد كانت بغيّا"
    "زكريا"
    "وسليمان بن خاطر" كان صديقاً نبيا
    وإماماً
    قبِّل القبرَ "بأكياد"
    فهذا الهرمُ الطفلُ
    احتوى أسرارَ مصر كُلَّها،
    وأقانيمَ خلود الروح والطوفانَ والطودَ
    أما كان كليمَ الله،
    في رابية الطودِ،
    وناداه: سليمان بن خاطرْ
    طهِّر البيتَ من الأرجاس وانزل أرضَ مصرٍ،
    حذّرْ الأحزاب في دوامة السلطة
    والنصفية العاهر
    بلغها بأن الله لا يقبل إلا بالبواريد
    السلاما
    يا صُراخَ الكُوة السوداء
    يا يحيى نبي الله!
    "سالومي" تؤدي رقصة الموتِ
    وألقت آخر الأشياء للستر
    على استقلال مصر
    والمزاميرُ وصوتُ النقر من بيت رئيس الجيش
    صلِّ ركعة الموت
    فإن الرأس مطلوبٌ
    ولم تصح الجماهير تماماً.
    أسقنيها…
    لا يزالُ الليلُ يشتدُّ
    وأشتد
    ولا يبدو على الأفق ذليلٌ
    ربما كلَّتْ من الخيبة عيني
    وأضافتْ ظُلُماتٍ
    أو يروغ الأفقُ أمعاناً بشيء،
    إنما أُبصر من عين الذين استضعفوا
    إن أطبقت كُلُّ المقادير جهاما
    أنا سكرانٌ بمن تخلقُهُمْ
    من نُطفةٍ طاهرةٍ،
    مثل مياه الصُبح
    في الخدّ قناديلُ من المسك
    وفي العين شرودُ الظبيّ في الصحراء
    أنا
    أنا سكرانٌ بمن
    يا ربُ يا تدري بمن
    لا مني الحُبُّ على الحُبِّ
    فأغويتُ الملاما
    أمسكَ الصحبُ السُكارى،
    ليلَ ردني
    سقط الزرُّ عليهم قمراً
    وتدلّى سُلماً خيطٌ
    الى حصته من قدحي،
    صار يلتف بروجاً
    أيُّ كونٍ بين كأسي ويدي!!!
    ربُّ! لا تغضبْ، فإني "استُضعِفوا"
    يأخذُ الترتيلُ بالآية لُبّي
    فإذا ما بسملتْ شاحنةٌ بالحزن والبارود
    سجّلت على حاشية القرآن
    اسما
    شاحنات للذين استضعفوا
    أهدافها شتى
    فيا حضرة كُتّاب التقارير،
    تشيطنتُ
    ولم أذكر نظاماً
    رافعاً فردةَ سُباطيّ
    كالهاتف،
    كي أشتُمهم.
    يا خوات الـ!!…
    قُطع الخطُّ ولم أُكملْ مراسيمَ احترامي
    ربما بالفردة الأخرى،
    أرادوا الاحتراما
    أسقنيها
    ودعي سبابتي الحمقاءَ
    تستفتحُ بالنهد
    ولا أدري الختاما
    انني صَبُّ،
    أسمّي كُلّ ما يسلبُ لُبي خمرةً
    إن كان حُسناً
    أو قُراحَ الماء في كف كريمٍ
    أو حزاماً ناسفاً
    أو بيت شعر
    أو مُداما.

    (1986)








    عروس السفائن

    مظفر النواب

    فوانيسُ في عُنُقِ المُهرِ.. علَّقَها الإشتهاءُ
    ونجمٌ يضيءُ على عاتقِ الليلِ.. زيَّتَ نخلُ الهموم
    وأعتقَ من عقدةِ الشاطئين رحيلَ السفينةِ
    من سُفُنٍ لا تُضَاءُ
    وناحت مزاميرُ ريحُ الفنارِ فأيقظْتَ رُبّانَها المُتّحيل
    فذاقَ الرياحَ وأطرَبهُ الإبتلاء
    وسادنُ روحي وقد أطْبَقَ الموج
    حتى تَجرحَّها
    أنها وحّدَت نفسها بالسفينة
    من ينتمي هكذا الإنتماء
    فنيتُ بعشقٍ وأفنيته بفنائي
    لينبتَ من فانيين بقاءُ
    بنيتُ بيوتاً من الوهمِ والدمعِ
    أين هوَ العشقُ.. أين هوَ العشقُ.. أين هوَ العشقُ.. تم البناءُ
    عروس السفائن ألصقتُ ظهري الكسير
    على خشب الشمس فيك
    حريصاً على الصمت.. مدماً من الناس
    في البئر أستنجد البحرَ.. قبل قراءاتِ بوصلتي ودليلي
    وأخصفُ ما نهشتهُ الجوارح
    من مضغةِ القلبِ أبقِ الجروحَ
    مُفَتَحّةً في رياحِ المَمَالِحِ
    لا يَحلمُ الجُرْح ما لم يُحَدِّقْ بسكينهِ عابساً
    في الظلامِ الثقيلِ
    إذاً.. دارت الشمسُ دورتها
    وارتأتني الرؤى نائماً تحت ألفِ شِراعٍ
    مجوسيةٌ قصتي
    معبدُ النارِ فيها
    وقلبي على عجلٍ للرحيل
    بعيداً عن الزمن المبتلى.. يا سفينةُ
    إن قليلاً من الوزر أمتعتي المزدرات
    ولم تثقلي بالقليل
    سأبقي المصابيح موقدةً في بواء الصباح
    مصالحةً بين صحوِ الصباحِ وصحوي
    وأُبقِ الرياحَ دليلي
    وأسألُ عن نورسٍ صاحبُ الروحِ في زمن البرقِ
    يومَ المُحيطاتِ كانت تنامُ بحضني نَشْوى
    وما زالَ ثوبي أخضرَ من مائها
    يا لهُ من زمانٍ مرَّ بين ألفٍ من السنواتِ الفتيةِ
    يا وَجْدُ ما كُنتَ دون حَمَاسٍ.. وما ظَلَّ في خَاطِري الآن
    إلا النشيجَ اللجوجَ من اللججِ النيلجية..
    والزَبَدُ الأرجوان.. المعتق في غسقٍ باللآلئ..
    والزبد الأرجوان.. المزخرف بالليل
    والقمر الآن من زهرةِ البرتقال
    تغيرتُ مستعجلاً أيها الفرح الضجري
    وأصبحَ محشرُ أغربة سطحَ قلبي
    ينحنح قبيل مغيب الهلال
    عروس السفائن اني إنتهيت.. على سطحكِ الذهبي
    ورأسي الى البحر يهفو رائحة اللانهايات
    والليل.. تعبان.. يطوِّحها الموجُ ذات اليمينِ وذات الشمالِ
    لقد ثَقًلَ الرأسُ بالخمرِ
    والزمنُ الصعب قبل قليل
    وأنهكني البحر في زمن للطحالب
    عن طحلب بلا قلب.. يصيخُ معي في الهزيع الى جهة المستحيل
    لدى الله كل النوارس نامت
    ولم يبقَ إلا سفينتك الآن
    مبهورةً بالشمول
    على وجهها من رذاذ الغروب
    ومن عرق الله بالأرخبيل
    فأين سيلقي المراسي الماء
    بنيت بيوتاً من الماء هدمها الجَذْفُ
    كيما يتم البناء
    ومنذ نهارين في وحدة المتناقض
    هذي السفينة يدفعها ويدافعها الإبتداء
    أعللها بعليل الرياح.. ويغري بها أنها من طبيعتها تستمد
    خليل السفائن سليني النهايات
    يا لانتشائك إذا هَزَجَ البحرُ
    بالزبد الزئبقي.. ويزهو اللبرجد واللازورد
    إذا هزج البحر فالكون زاءُ ملونةٌ
    فوقها شدةٌ.. فوقها شدةٌ
    ثم مدُّ
    وللشدِّ من بعد ذلك شَدُّ.. وللشدِّ شَدُّ
    وإني على الحبل من مركبي.. في الظلام أشُدُّ
    وعلى دمعتي في الهزيع
    كما خصر أنثى أشُدُّ
    وتندمل هنا يا صاحبي فالنجوم هنا لا تُعَدُّ
    وأنت كما خلق الله في نخوة الخلق
    بين الصواري يؤجج ما قد تبقى
    من الشيب برقٌ
    ويعبث فيما تبقى من القلب رعدُ
    عجيب صراخك في غمرات البنفسج.. والكون
    إذ يصل العتبات الأخيرة
    في غفوةٍ لا يَنِدُّ
    عروس السفائن لا تتركيني على أنقة الساحلين
    يَجِنُ جُنوني إذا رنَّ في هدأة الليل بُعْدُ
    أهيم إذا رنّ في هدأة الليل بُعْدُ
    عروس السفائن لا تتركيني لذى حاكمٍ وسخٍ يَسْتَبِدُّ
    لقد كفت الخمرة عن فعلها فيّ مما تداويت
    واربد بالصبر جلد
    أحب الحروف لها شهقةٌ بعدها لا تندُّ
    وما العاشقون سوى شدة الله
    أسراها لا تحدُّ
    فإن ساح البنفسج في موهن البحر
    صارت تَلِزُّ.. تَلِزُّ
    وصُرتُ ألِزُّ.. ألِزُّ
    عروس السفائن والبردُ في ألقِ الصُبحِ خَزُّ
    وليس يهاجر في الفجر إلا الأوَز
    رسى السأمُ السرمدي بجسمي
    وليس سوى غامضاتِ البِحار
    التي تستفزُّ
    أصيحُ.. خذيني لأسمع أجراسها
    ان برقاً بقلبي يلز
    أنا عاشق أيهذي البحار لأجراسكن
    فقد أوحشتني الشوارع
    مما بها من لحى ً ورؤوس تجز
    وفاض وفاض الإناء
    بنيت بيوتاً من الوهم والدمع أين هوَ العشقُ.. أين هوَ العشقُ
    أين هو العشق.. تم البناءُ
    أُحاور روحي أحاورها.. وكل حوار مع الروح ماء
    بكى طائر العمر في قفصي
    مذ رأى مخلب الموت
    ينزل في صحبه ويَكُفّ الغناء
    متى أيهذي العروسُ يجيء الزمان الصفاء
    ففي القلبِ مملكةٌ للدمامل
    والجسد الآن في غاية الإعتلال
    خذيني.. لأقرأ روح العواصف
    حين تخانق سخط الليالي
    خذيني فإن العصارة تغرق بالأغلال
    خذيني.. فما البحر في حاجة للسؤال
    خذيني.. فليس سوى تعب البحر يشفي
    وينقذ من فقمات المقاهي
    كفى لغطاً عاهراً أيها الفقمات
    كفى يا ضفادع هذا النقيق الدنيء
    فأنتم سبات
    سأصرخ يا بحر.. يا رب.. يا رقص.. يا عتمات..
    زٌحَارٌ بكل التقاليدِ
    لا يتبعَ البحرُ بوصلةً
    بل تتابعه البوصلات..
    زحار ببحارة يرهنون لحاهم على ساحل
    واعصفي فالمقادير قد أفلتت عن إرادتها العجلات
    سيولٌ على بعضها تتواكب في زحمة الإرتطام
    وفي دمهم يعبرُ السائرونَ
    إذا لَزِمَ المعبرُ
    ومن قطرةٍ يعرف المصدر
    هي اللحظة اقتربتْ فابشروا
    تَهِبُّ البنادق تستهترُ.. وتصحو النيازك والعنبرُ
    ويأتي دمٌ مُدْلَهِمٌ مُخيفٌ
    أقَلُّ ارتطاماته مَحشرُ
    وعاصفُ أسودُ ذو ألفِ عينٍ
    على متنهِ عاصفٌ أحمرُ
    وتمسي ذقونَ ذُنَابَ عَقاربَ
    في أوجهِ الخائفينَ وما زوّروا
    فذئبٍ بفخذينِ من آخرٍ
    يَدفِنُ الوجهَ رُعباً
    فهم نسقٌ راعشٌ أصفرُ
    لقد كنتُ أحلمُ وعياً
    وفي حلمٍ بالذي سوف يأتي وفاءُ
    ومرّت جنازةُ طفلٍ على حُلُمي بالعَشِيِّ
    يرادُ بها ظاهرَ الشامِ، قلتُ:
    أثانيةً كربلاءُ
    فقالوا من اللاجئين.. كَفَرْتُ
    وهل ثم أرضٌ تسمى لجوءً لنُدفن فيها
    وهل في التراب كذلك
    مقبرةٌ أغنياء.. ومقبرة فقراءُ
    تلفتّ في ظاهرِ الشام أبحثُ عن موضعٍ
    لا يمتُّ لغير منابعه
    ندفنُ الطفلَ فيه
    وقد دبَّ فينا المساءُ
    وكان على كل أرضٍ نظام الحوانيت
    يتبعنا في الغروب
    وكان يُشارُ لنا: غُرَبَاءُ
    وحين دنونا لمقبرة ليس من مالكين لها
    جَعْجَعَ الحرس الأموي بنا: فُرزَت للخليفة
    قلت بل يفرز الخلفاء!!
    وكان نسيم الطفولة ينضحُ من شقوق الجنازة
    بين المخيم والشام تنبت أين اللقاء
    جنازة من هذه؟ ولماذا بلا وطن؟
    وكلاب الخليفة تنبح من حولها
    والمخيم يحملها راكضاً والشواهد تعرقُ
    قلت: فلتعرقي
    واكفهرّ على تلة في البعيد الشتاء
    أليست هي الأرض ملك لرب العباد؟
    وهذي الجنازة أصغر من أصبعي.. فادفنوها
    وأم الجنازة يكسرها الإنحناء
    وجد الجنازة أعمى يتأتئ
    والعينُ يرشح منها على الصمت ماءُ
    فقيل لنا: مبلغٌ يحسم الأمرَ
    فاجتمع الفقراءُ
    فللمال أفعاله يستفز
    هنا دفن الطفل في آخر الأمر
    يا أرض غزة فاسترجعيه
    لئلا مقابرهم تستفزُّ
    وليس يهاجر في موهن الليل إلا الأُوَزُّ
    عروس السفائن ان المراكب
    ان لم يكن فوقها عالمٌ بالبحار تنزُّ
    ويلقي بها الليل منهكةً يتناول فيها النشيج
    ويرتفع البحر جيما عجيبةَ
    اما تصاعد منه الضجيج
    وما نقطة الجيم الا البقية من جنةٍ
    انا كالحبر فيها الأريجُ
    وأسأل هل نزل الطفل في قبره...
    لاجئاً بين أمواتنا
    لكأن اللجوء مصير اللجوجِ
    عروس السفائن أسندت ظهري على خشب الشمس فيك
    حريصاً على الصمت.. أستنجد البحر
    ان الجماهير في شاغل والدهاقين في قمة النفط
    في حكةٍ بين أفخاذهم
    والزمانُ على عجل للرحيل
    وقد دارت الشمس دورتها
    وانتهى اليوم
    والشمس ترجئ بعض الدقائق.. قبل الأصيل
    خذيني الى البحر
    يا أيُّهذي العروس
    لقد مَلَّ قلبي ألاعيبَ أهل السياسة
    والرأس أثقله الخمر
    والزمن الصعب.. قبل قليل
    وكل النوارس نامت
    ولم يبق إلا السفينة مبهورة بالشمول
    عروس السفائن يا هودجاً.. يتهودج بين الكواكب
    فليمرج البحر.. ولتحمليني لوادي الملوك
    أرى عربات الزمان مُطَعّمَةً
    ترجو الأبدية في معبد الشمس
    شامخةً (طيبة) الآن
    تلبس كل مفاتنها.. نهدها في اهتزازِ
    ويرتفع الحزن من فوق أكتافها
    يتبارك بالموكب الملكي
    ترتفع الابتهالات.. فرعونُ.. فرعون.. فرعون
    يرتفع الصبح.. فرعون.. فرعون.. فرعون
    يرتفع المجدُ.. ترتفع الخيل بالرسل الذهبية
    أصرخ قِفْ!
    يتوقف رب الزمان
    وقلبي توقف في الحزن كالحجر الأردوازي
    و(طيبة) شامخة نهدها في اهتزاز
    رفعت عيوني الى نثر طيبة
    فوق الجبين الذي مسحته الخليقة بالخمر
    والإعتزاز
    أفرعون يا من تُخلد أهرامكَ الموتى
    أسرع هنالك من يَقتنيْ هرماً للمخازي
    تقزّزَ وجهُ الإله.. وألهبَ طهرُ الجيادِ سياطاً وقرحها
    صحتُ قفْ أيها السادنُ الأبديّ
    فمن يملكون السدانة قد سرقوا شعب مصر
    زَوّرُوا شعبَ مصرَ
    وقعوا باسم مصر ومصر بُراءُ
    شربوا نخبها وهي جائعة
    ليس في قدميها حذاء
    ولكن متى كان فرعون يصغي!
    استجرت المماليك
    لكنهم أرسلوا مصر فوق الجمال
    لوالي الجزيرة كسوه
    ووالي الجزيرة بين سراويله
    الحل.. والربط.. والزيت.. والموت.. والحرب..
    والسلم.. والعنعناتُ
    وأكثر ما يُصرخ الأمعاتُ
    ولكن لمصر مواعيدها.. للصعيد مواعيدهُ
    للرصاص مواعيدهُ
    والنجوم هنا لا تُعَدُّ
    وليس أمام البراكين في لحظة الروعِ سَدُّ
    وهذي الفوانيس تفضي لحلوان في الليل
    حيث السلاح الخفي يُعَدُّ
    أعدوا لهم ولعاهرهم، "ان عاهر نجد يعد"
    لقد حاولوا أن يهدوا على "ناصر" قبره
    فهو معترض دربهم
    والقبور لهن لدى الله حَدُّ
    ولكن لدى الله جند، ومصرُ الرحيمة
    لا ترحم السفهاء
    أنا لست بالناصري ولكنهم
    ألقوا القبض ميتاً عليه
    وعري من كفن نسجته قرى مصر من دمعتيها
    إذاً.. سقط الآن عن بعض من دفنوه الطلاء
    أقول لناصر أخطأت فينا اجتهاداً
    ولكننا أمناء
    وأن الذي في الكنانة مما رحمتَ فأطلقتَ بالأمس
    يكافئكَ الطلقاء
    لئن كان كافور أمس خصياً
    فكافورها اليوم ينجب فيه الخصاء
    تفتق فيه الغباءُ ذكاءً
    ومن مُشْكِلٍ يتذاكى.. بدون حياءٍ غباءُ
    وما عجبٌ ترسل الريح في أزمةٍ
    وتلفُّ بموضعها الخنفساء
    ولكن تموت على ظهرها وتكابر
    مسألةٌ تقتضي فوهَ ماءُ
    ومهما السجون تضم أماماً
    يظل على شفة الكادحين الغناء
    ومصر التي في السجون مع الرفض
    أما التي في البيانات مصر البغاء
    وحاشا فإن من النيل ما يغسل الدهرَ
    مهما طغى الحاكمون الجفاءُ
    لمن في الظلام الدماء
    لمن في الظلام التوابيت تمشي
    وفيم الحراسة حول المقابر
    قال الذي يتلفت: ان العزيز يمر على شهداء (المحلة) بالطائرة
    فقلت: هو القسط يُدْفَعُ
    أقفل فمك فالمباحث من حولنا كالبعوض
    وفيم العجالة في الدفن؟
    أسكت!
    مخافة أن يزحف الدم في القاهرة
    صرخت: سيزحف.. علمني زمن بالعراق
    بأن الدماء هي الآخرة...
    وحين الصعيد يطوق قصر المماليك
    لست أبالغ يجتمع الله في الناصرة
    تقول البيانات قد قتلوا عاملاً واحداً
    تكذب العاهرة
    فهذا دم يجمع العرب الفقراء من الأطلسي الى صفقة في الخليج
    وقد كفرت نخلة حين بيعت
    واني من النخلة الكافرة
    أرى الأرض تنقل أيضاً مع النفط
    في الباخرة
    خنازير هذا الخليج يبيعوننا
    والذين هنا يمسحون قذارتهم بالقروض
    لقد تمت الدائرة
    لمن في الظلام الدماء؟.. سؤال يلح
    وتزهر من حوله أغنية السائرين على جثث
    زيتتها المكائن والدم والكبرياء
    ستبقى المكاتب هذي مزيتتة بالدماء
    وينتج عنها قماش دماء
    عروس السفائن أبحرت مبتعداً عن متاهات روحي فيك
    فإني من أمة تتفجر في ليلها الصحراء
    وما بدعة لا أرى في المذاهب غير جواهرها
    ما بهذا انتقاء
    أمد جذوري تضرب في الأرض
    عن ثقة أن دهري سماء
    وليس على ناظري الغشاوة فيما رأيت
    ولكن على أمةٍ حَرّفَتْ مبدعيها غشاءُ
    (أبا ذر) إنا نفيناك ثانيةً
    حين قُلنا بمحض الفجاجةِ:
    من غير روحك يبتدئ الفقراء
    وما كَفَنٌ قد شَرَطْتَ وعشت به في الزمان
    فناراً تحاولك العادياء
    سوى أن فائض مال رفضتَ
    وشرعّت أن الخلائق خَلْقٌ سواءُ
    وأنك في الفكر والروح أصلٌ
    ومن معجز الملتقى.. يتوحد فيك الثرى والفضاء
    بنيت بيوتاً من الوهم والدمع
    أين هوَ العشقُ.. أين هو العشق.. أين هو العشق.. تم البناء
    بكى طائر العمر في قفصي
    مذْ رأى مخلب الموت ينزل في صحبه
    ويكفّ الغناء
    فأنبته أن يصدح كي يسكر القفص الدنيوي
    فإن انفلاتاً من الشرط بدءُ لفك الشروط
    كما تتعرى مراهقةٌ تتمتع حلمتها
    أن يراها الهواء
    ومنذ نهارين والطائر المشرئب.. يحدق في الأفق
    ماذا تراه يشفُّ الوراء
    كأن به هاجساً يتقرب من خطر
    أو به خطر.. انها الأرض تدخل منزلةً وتشاء
    هو الآن في وحدة المتناقض
    حيث يتم النقيض الجديد
    ويستكمل الدورة الإنحناء
    أحاورُ روحي أحاورها
    وحوارٌ مع الروح ماءُ
    عروس السفائن أدعو النجوم الى قمرتي
    فأنا أُولِمُ الليل نذراً
    وألبسُ أبهى ثيابي
    فقد كنت عند نخيل العراق.. وإن كان حُلماً
    وكان العراقُ على مُهره عارياً
    مثلما ولدته السماءُ
    وكان على عتباتِ العراقُ الفضاءُ
    وبين ضلوعي فضاءٌ.. به نجمةُ
    لستُ أدري بماذا تُضَاءُ
    وفي نجمتي تلك يجتمعُ الله والأنبياءُ
    تأخرَ عنهم نبيٌ
    سُئِلْتُ
    فقلتُ: يُزَيِّتُ حَدَّ السِلاحِ
    فإنّ نبيَّ الزمان الفداء
    عروس السفائن صار العراقُ لطول المجافاةِ حُلْماً
    ولكن به دجلة والفرات
    كأن من الحلمِ يرشحُ عشقٌ وماءُ
    يُشيرُ إلينا العراقُ.. وفي الحُبِّ حُلوٌ يشاء
    أيا وطني قد ضاقَ بيَّ الإناءُ
    كأن الجمال بليل الجزيرة
    سوف يطولُ عليها الحذاء
    كأن الذي قتل المتنبي بشعر إبتداءُ
    لأمرٍ يهاجر هذا الذي أسمه المتنبي
    وتعشقهُ بالعذاب النساء
    وما قدرٌ أنه في الجزيرة يوماً.. وفي مصر يوماً.. وفي الشام يوماً..
    فأرضٌ مجزأةٌ.. والتجزؤ فيها جزاءُ
    عروس السفائن
    كُلٌّ على قَدَرِ الزيتِ فيهِ يُضَاءُ
    ………….

    …………







    وَمَاهُمْ .. ولكنّه العشق
    مظفر النواب
    هامَ
    لم يَدرِ
    متى أطفأهُ الشوقُ
    وأين احترقا !
    سنَةٌ
    ما بين كأسين
    غفا
    ثُمَّ صحا
    واغتبقا ..
    سقطت زهرةُ لوزٍ
    عفة
    في كأسه
    أجمرت عيناه شوقاً
    وتلظى شبقا
    تركت من تاجها
    في خمره
    غيمة تغرقُ
    فاستلَّ إليه الغرقا
    تطرق الحانة
    في أطرافه
    حزناً
    فإن حدَّق ،
    صارت حَدقا ..
    عرف الدنيا ،
    طريقاً
    بين كأسين ،
    فشقّ الدمعُ في خديه منها ،
    طُرُقا
    صحبُهُ ناموا على أعناقهم
    وغدوا
    من طاولات الخمر
    إلا رَمقا
    وهو ينضُو
    بين أعناق القناني ،
    عُنُقا
    وبعينيه
    يلمُّ الغسقا
    يدفع الكأسَ
    لكفَّي خلّه
    ربما ينشر
    فالقنينة الكبرى
    اشرأبَّت
    والضُحى بالبابِ
    رشَّ الحبقا ..
    يا مويلاي !
    على الصمت ،
    نداماها ثقالاً غادروا
    مِزقٌ تسحبُ منهم
    مِزقا
    أخذتهم طُرُقٌ ....
    عادت سريعاً دونَهم
    أين أخفتهم ؟!!!
    وكيف البحث في الدهر؟!
    وأين الملتقى ؟!!
    بهجتي كانوا ...
    فلما خَلَتْ الأيامُ من ضحكاتهم
    ضحكت في عُبِّها ،
    مما أناديهم بعُبي
    فارغٌ قلبي وملأنٌ
    بهم
    وجديدٌ
    رابني كم عَتُقا
    أسمعْ القُبرة الصفراءَ
    تنعاهم
    تمطُّ الأفقا
    والعصافيرُ على طاولة الخمرِ ،
    فراقٌ ولقا
    يتنهّلن بقايا خمرهم
    ويُنفضن ،
    الندى والألقا
    لا تَمُت ! يا صاح !
    مما خلت الحانةُ منهم
    طارت الزهرة
    في الريح ،
    وظلّت عبقا
    لا تمُت
    لسنا قناني عرقٍ
    فارغةٍ
    يقذفها الدهرُ
    بنا قد سكر الدهرُ ،
    وقطرناه في كأس الليالي ،
    عرقا
    ثمل الله بنا ،
    مما فهمنا أدب الشُربِ
    وأنهينا القناني
    حيرة ،
    في لُغزهِ
    سُمَّاره كنا
    وكان الأرقا
    سيدي !
    مولاي !!
    لا تغفُ
    تأمل زهرة اللوز
    أمن ربعيّةٍ ملت ؟!!
    أنا الأيامُ لم تقدر على رأسي
    وقد يثبت رأسٌ
    قلقا
    إن أكن أطبقت جفنيَّ
    فأصحو داخلي
    وإذا كأسيَ ،
    مالت
    فكما البلبلُ ينسابُ
    أنيقاً
    للسقا
    يا لكأسي وجبين الصُبح ،
    كم مالا على بعضهما !
    ليس في الحانة غيري
    وأخو "الفتحة "من أياهُمُ
    يكتبني !!!
    أنا يا (....)انقلابٌ أبيضٌ
    من عرق
    قطره الدهرُ ...
    فمن أنت ؟! ومن فوقك ؟!
    أو فوقكما ؟!!
    سبحانه ماذا من الوردة ناساً
    ومن الأقذار ناساً
    خلقا !
    طائرُ اللّذةِ
    مُلقىً بين ضلعيكَ ،
    سجيناً
    خُذ رُشيفاتٍ
    وحرِّره قليلاً ..
    ربما يشتاقُ من نافذة الحانةِ
    للهِ ...
    ويُغري الأفقا
    أنا لم أشركْ
    ولم ألقَ سوى الحانة هذي !
    أغلق الأبوابَ في وجهي مراراً
    وطني...
    أظنُ الغربة الخرقاءَ ،،
    تستكثرُ منها كوَّةً
    أصرخ منها ألمي ..
    فحشتها خُرَقا !
    ربِّ سامحهم وأن لم يسكروا ...
    كيف يشتاق إلى خمرة جناتك
    من لا يعرف الخمر
    ويشتاق صباياها
    إذا كان هُنا ما عشقا ؟!!!
    هائمٌ
    لم أدرِ
    ماذا أسَرَ الشوقُ
    وماذا أعتقا ...!؟
    سقطت زهرة لوزٍ
    غيمة
    في قدحي
    يا رب ما هذا النقا ؟!
    غرقت ..
    لم أستطع إنقاذها
    أصبعي زاغت من السُكرِ ،
    وقلبي شَهقا
    ما لها الكرمة لا تعرفني ؟!
    أمس رقرقت لها
    خمرتها
    وأنا اليوم على خمرتها
    دمعي وأمسي ..
    رقرقا ...
    طينتي ، قد عُجِنت كأساً ..
    فماذا كوَّرَ الطينةَ
    شعراً ؟!!
    أنتَ يا ربُّ ؟
    أم الكورُ ؟!
    أم الطينة طابت خُلقا ؟
    نطنطَ العصفورُ
    فيما قد تركنا
    من فُتات
    وسفحنا حُرقا .
    ولوى من عنقه الزيتيِّ
    حتى مسَّ قاع الكأسِ ،
    يا أبلهُ !
    لم نترك
    ولا مثـقال سُكرٍ..
    أبلهٌ من عوقا
    أدعُ ..رفقاتكَ
    يؤنسن حجار الحانة القفراء
    إن كان يُسمى حجراً ،
    من عاشَ في خمارةٍ
    لو سَكتَ السُمارُ يوماً
    نطقا
    يا سُكارى بعدنا ..
    إن سقطت في كأسُكُمْ
    غيمةُ وردٍ ..
    أذكرونا ،
    رشفةً
    كنا نوازي الدهرَ .. أو نسبقُهُ
    عشقاً ،
    رعى الله زماناً ،
    وسقى ..
    إن أكن أفرطت ..
    يا مولايَ !
    فهل يقتصد العاشقُ
    أم يأبقُ عشقاً ؟!!
    ضاقت الروح
    وعظمي من صدود ، أبقا
    قفصُ الدهر ،
    كما أنت ترى ،
    ضايقني ..
    واشتهتني لغةُ من خارج الدهرِ ،
    فهزَّته ..
    فما بال فؤادي ،
    للذي يُسجنُ فيه
    أشفقا
    هاجني غُصنٌ نَسيمٌ
    راقص بالزهرِ
    والخمرُ برأسي لعبت
    أهو ذنبي ،
    زهرة من قطرة قد سقطت ؟!!
    ذنب من مولاي !
    لم يبقَ من البستانِ إلا وهم عودٍ
    صامتٍ
    لست سفيهاً
    أبلهاً ..
    أسأل عن زهري
    ولم تبقِ عليَّ الورقا ..!
    أغمدت في قدمي ..فامتُشقا .
    الصبوحان بكأسي ...
    سيدي !..
    ربما أأمن للزهرة كأسي ،
    من مهب الريح ،
    أغضب مثلما شئت
    فعشقي لم يساومك على شيء
    وما الجنة والنارُ
    سوى نارين
    فيمن عشقا
    أغمدت
    فأستلَّت السُهدَ
    وقد كنتُ نويتُ
    الغسقا
    شمتُ
    لو أعلم ما شمت .. وأتعبتهما
    كذب الغيمُ ،
    على حاليَ ،
    والصحوُ
    وإن قد صدقا
    سيدي !
    من عجب في داخل السُكرِ
    أصلي .. صادقاً
    مهما تجازيني سراباً
    أدمعي تسقيك في بحرِ النقا
    همتُ...
    لا أدري ،
    عصافير الضُحى
    من قدحي ... من صاحبي ...
    كلهم طاروا ...
    لئيمٌ صاحب الحانة
    لم يرحم بقايايَ بهم
    خُذْ أباريقك
    إني منك سكرانٌ
    سأمضي خلفهم
    ربما ألقاهمُ ...
    أحجز كراسي الأمس
    لم نندم ،
    سدى لم يكتف العمر ،
    وإن كنت غششت العَرقا .
    اسمعْ القُبرة الصفراء
    تنعانا
    تمطُّ الأفقا
    يا خطايا ! يا خطايا !
    كم كبيرٌ هذه الأيام من كان خطايا
    أنا منهم
    توبتي
    لم أنكسرْ ،
    إلا لتقبيلِ نُهيدٍ نَزِقا
    إن يكن تاب السكارى !..
    أنا بالسكر أناجيك
    فما جرحيَ بالريش ، ولا يا ربُّ
    بالريش التُقا
    ليس بي فاحشةٌ
    إلا بأني
    لِذتي أكثر مني خُلُقا

    19/11/1984


                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de