أين تقضي هذا المساء ..!!

في المنطقة الساحرة الجميلة التي يطلق عليها معرض الخرطوم الدولي بضاحية "بُري" معرض للولايات.. الفنان محمود عبد العزيز.. (فنان الشباب!!) سيغني الليلة ..قد تظن ان هذه دعوة مني للاستمتاع بفنه في "ليلة خميس" اليوم مع عطلة نهاية الاسبوع .. لكني أدعوك بدلا من ذلك الاستمتاع بـالدهشة (أو كما يقول شاعرنا عمر الدوش في الحزن القديم)..

فقبل أسبوع أو يزيد قليلا ألغي السيد وزير الثقافة والسياحة - أصالة عن نفسه او نيابة عن غيره - حفل الفنانة اللبنانية ديانا حداد ..ولم يقل السيد الوزير حينها ان الامر كان بسبب مجون الفنانة وخلاعتها و خلاعة الجمهور الذي يرتاد حفلاتها او أي شيء آخر من هذا القبيل .. فكل التصديقات الرسمية للحفل كانت قد استوفيت ودفعت ( كل الرسوم الحكومية المطلوبة!!) .. القرار الحكومي


اعتمد على حجة واحدة .. هو ان شعب فلسطين يقتل ويذبح فأني للخرطوم ان تطرب و تفرح في ليل الحزن العربي..وعليه تمنع (جميع) الحفلات ..!!

وقبل أن يجف مداد قرار السيد الوزير عادت الخرطوم تغني وتطرب وتفرح .. ليس بفعل فاعل من شركات القطاع الخاص او أية جهة اخرى (مشكوك!) في وطنيتها .. وإنما في معرض الولايات (الحكومية) .. وفي أرض المعارض (الحكومية) .. وتملأ إعلانات الحفلات صحف الخرطوم .. والليلة سيستمتع الجمهور بالفنان محمود عبد العزيز .. علما بان الشعب الفلسطيني لا يزال يبحث في انقاض مخيم جنين عن بقايا أشلاء شبابه ونسائه وأطفاله الذين سحقهم السفاح شارون.. بل ولا تزال الدبابات الاسرائيلية الهوجاء تحاصر الشعب الفلسطيني ويهدد شارون بانه في الطريق الى غزة..!!

لقد نسيت (الحكومة) إعلانها (الحداد) في قرار الغاء حفل ديانا (حداد) .. اعتراضنا في السابق على قرار الغاء حفل ديانا حداد لم يكن حبا فيها ولا (دعوة للمنكر) كما تكرم ووصفه أحد القراء .. بل لأن النظرة الحصيفة تفترض أن لا تظهر الحكومة وكأنها تعاني من انفصام شخصية .. تسمح بالفعل وتعطي كل التصاديق الرسمية المطلوبة حتى اذا ما ظهرت الاعلانات وأصبح الامر قاب قوسين او ادنى .. اكتشفت الحكومة ان الأمر (باطل) وضرب من المجون والخلاعة.. فكيف للمستثمرين العرب والأجانب الذين يتقدمون لمشاريع في السودان أن يأمنوا أن لا تكتشف الحكومة يوما ما أن مشاريعهم مخلوطة بالباطل وإن الباطل كان زهوقا .. فتزهقها .. إن ذلك الحفل للمطربة العربية ما هو إلا استثمار عربي .. مثله وأي مشروع . فإما أن يجاز من البداية فيمضي في مساره إلى أجله .. أو يوقف من الأصل .. لكن أن تستدرجه الموافقات الرسمية ثم تنقض عليه صاعقة من حيث لا يحتسب .. فإن ذلك يصبح درجة من انفصام الشخصية ..!!

وقبل أن تفيق من (دهشتك) اليك بالقصة الأخرى... زارني مستثمر (ليبي) وهو يشتاط غضبا .. وذكر انه وقع عقدا قبل عدة أسابيع مع محمود عبد العزيز ليغني للجالية السودانية في ليبيا خمس حفلات ..وكان يفترض ان يسافر مع فرقته اليوم (أمس) وقد استكملت كل الاجراءات حتي بطاقة تأجيل الخدمة الوطنية لكي يسافر الفنان مع فرقته .. وكان موعد الطائرة الساعة الواحدة ظهرا (أمس) وحتى الساعة العاشرة صباحا أكد له محمود استعداده للسفر .. وفجأة قبل السفر بسويعات.. أخبره عن طريق شخص آخر أنه لن يسافر لأسباب شخصية طارئة .. واكتشف المستثمر الليبي أن صور الفنان تملأ الصحف في اعلان لحفلته الليلة في أرض المعارض .. وهو نفس توقيت حفلته الاولي في ليبيا ..!!

المستثمر الليبي الذي ملأ الدنيا هناك باعلاناته وأشرف بنفسه على كل شيء حتى استخراج تاشيرة الخروج لمحمود وفرقته وتأجيل الخدمة الوطنية يكاد لا يصدق ما حدث ..!!

ما الفرق بين مافعلته وزارة الثقافة .. وتصرف محمود ..!! هل هذا الشبل من ذاك الأسد ..!!