الصادق المهدي: في ترحاله بحثا عن الهداية والفلاح

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 05:56 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2001م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-18-2002, 04:57 AM

بكرى ابوبكر
<aبكرى ابوبكر
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 18727

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الصادق المهدي: في ترحاله بحثا عن الهداية والفلاح

    د• عبدالوهاب الافندي
    خلال العقود الاربعة الماضية واجه زعيم حزب الامة السوداني الصادق المهدي تحالفا مدهشا من الخصوم، بعضهم من داخل حزبه وطائفته، وكثير منهم من خارجها• ومع ذلك نجح المهدي ليس فقط في ان يحتفط بمكانه في قلب الساحة السياسية السودانية، بل ايضا في ان يصبح في احيان كثيرة مركز اجماع عريض يدعمه من داخل وخارج السودان• وهذا وضع مثير للاهتمام بكل المقاييس، سواء اتفق المرء مع المهدي او خالفه•
    هذا الوضع الغريب الذي يجد فيه الصادق المهدي نفسه يجسد الى حد كبير جوهر الازمة السياسية في السودان ويشير في نفس الوقت الى طريق تجاوزها، فازمة المهدي تكشف في آن واحد العوامل التي تمزق الجسد السياسي السوداني وكذلك تلك التي توحده، وقد مثل المهدي عامل توحيد للسودانيين في بعض الاوقات وعامل فرقة في اوقات اخرى• من الممكن التنبؤ ببعض خصوم المهدي »الطبيعيين« وعلى رأسهم الراديكاليون من اهل اليسار او الليبراليون• ففي عرف هؤلاء يمثل المهدي »الرجعية الدينية« ويعبر عن مصالح الارستقراطية التقليدية القبلية الدينية• ويتندر هؤلاء بأن المهدي ولد وفي فمه ملعقة من ذهب، وان اول منصب تقلده في حياته كان رئاسة الوزراء، ويضيفون ان الرجل يعيش وهم اهميته الشخصية، ويريد للسياسة السودانية ان تدور حوله، وحينما استولى الراديكاليون على السلطة في ايار -مايو- عام 9691 صبوا جام غضبهم على المهدي الذي اعتقل ونفي كما تعرض لانتقادات حادة ومتصلة في الاعلام الحكومي•
    ولكن الصادق لم يسلم كذلك من سهام الاسلاميين الذين اكثروا من اتهامه بالتهاون في الخط الاسلامي حينا وبالميول العلمانية حينا اخر وبالانتهازية احيانا كثيرة• وقد اتهم الاسلاميون الصادق بالتهاون في محاربة نميري في مطلع السبعينات، وبمعارضة الشريعة الاسلامية في مطلع الثمانينات• وحين استولى الاسلاميون على السلطة في عام 9891 شنوا حملة اعلامية وسياسية عنيفة ضد الصادق، وخصوه بتضييق ومعاملة سيئة لم توجه حتى للشيوعيين خصوم الاسلاميين التقليديين• وبينما اطلق سراح محمد عثمان الميرغني زعيم الطائفة الختمية بعد فترة وجيزة من اعتقاله في تشرين الثاني -نوفمبر- 9891 ومنح جواز سفر دبلوماسيا للسفر الى الخارج، تعرض المهدي لاعتقال طويل ومعاملة سيئة ثم اعيد اعتقاله مرات عدة بعد ذلك• وظل الاعلام الحكومي يوجه قدرا غير قليل من الهجوم للصادق المهدي وحزبه ولم يسمح للرجل بمغادرة السودان الا فرارا من دون علم السلطة واذنها•
    دوليا كانت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة تنتقد اداء الصادق خلال فترة حكمه الاخيرة وتصف ادارته بانها كانت مخيبة للامال• وقد قدم هذا النقد بصورة تفصيلية في مذكرات السفير الامريكي السابق نورمان اندرسون التي نشرت العام الماضي وتتلخص هذه الانتقادات في الاداء الاقتصادي البائس لحكومة المهدي وفشله في انهاء الحرب الاهلية وتردده في الغاء قوانين الشريعة الاسلامية•
    عربيا ايضا تعرض المهدي لانتقادات عنيفة من الدول العربية الكبرى بسبب علاقاته الوثيقة مع ايران وليبيا في وقت كانت فيه ايران في حرب مع العراق وعلى عداء مع مصر ودول الخليج• وكانت علاقات ليبيا فيه مع مصر واكثر دول المشرق العربي في توتر شديد• اضافة الى ذلك فان الفتور التقليدي في علاقة مصر مع حزب الامة ازداد بسبب اصرار المهدي على الغاء اتفاقية التعاون مع مصر ومطالبة حكومته بتسليم الرئيس الاسبق نميري لمحاكمته، وهي مطالبة ادت الى قيام مظاهرات معادية لمصر في السودان•
    السودانيون الجنوبيون ايضا ناصبوا المهدي العداء لأن فترة حكمه الاولى -6691 ـ 7691- شهدت تصعيدا في الحرب في الجنوب، ولانه عارض اتفاقية اديس ابابا التي اعادت السلام للجنوب في عام 2791 وقد اعتبر بعض القادة الجنوبيين عودة المهدي للسودان في عام 7791 ومصالحته للنميري ضربة قوية لاتفاقية السلام، واستقال بعض الوزراء الجنوبيين من حكومة النميري على هذه الخلفية• واثناء حكومة المهدي الثانية واجه الرجل انتقادات عنيفة من الجنوبيين داخل وخارج السودان، ورفض قرنق الاعتراف به رئيسا للوزراء، وحمله البعض مسؤولية فشل جهود السلام وتصعيد الحرب•
    ولكن اغرب الخصومات هي تلك التي واجهت وتواجه المهدي من داخل حزبه نفسه، ففي الستينات كسب الصادق عداوة رئيس وزراء حزبه السياسي المخضرم محمد احمد المحجوب حين اصر وهو رئيس الحزب ان يحل هو محل المحجوب في رئاسة الحكومة، وهو ما تم بالفعل ـ ولكن الصادق كسب في نفس الوقت عداوة عمه وزعيم الطائفة، وقد ادت هذه العداوة الى انشقاق حزب الامة وابعاد الصادق من الوزارة لصالح المحجوب، وقد تمت اعادة توحيد الحزب في عام 9691 ولكن الصادق ما زال يواجه عداوة من بعض قادة طائفة الانصار، وعلى رأسهم عمه وحليفه السابق احمد المهدي•
    ولكن هذه ليست الصورة الكاملة فيما يتعلق بالصادق المهدي• ذلك ان غالبية، ان لم يكن كل، الاطراف التي ناصبته العداء اضطرت للتحالف معه في وقت او آخر• اليساريون الذين ناصبوا الصادق العداء تحالفوا معه في الستينات وفي السبعينات ثم في الثمانينات والتسعينات• الاسلاميون ايضا تحالفوا مع الصادق في الستينات، وشاركوا معه في انشاء الجبهة الوطنية في الستينات، كما شاركوا في حكومته في الثمانينات• نميري الذي اعتقل الصادق في نهاية حكمه وبدايته تصالح معه فيما بين ذلك• الدول الغربية والعربية التي انتقدت الصادق واعربت عن خيبة املها فيه اضطرت دائما للتعامل معه، وكانت تلجأ اليه وهو في الحكم وخارجه لخدمة سياساتها•
    ما الذي اذن يجعل الصادق المهدي العدو الاول وايضا الحليف الذي لا بديل عنه لكل هذه القوى والتيارات؟ هناك اولا »الحقائق على الارض« وهي ان الصادق يتولى زعامة اكبر كتلة سياسية في السودان ممثلة في حزب الامة وطائفة الانصار التي يقوم عليها، وقد نجح الصادق في الانفراد بزعامة هذه الكتلة وايضا في الحفاظ على وحدتها رغم الخلافات والانشقاقات• وما دام هذا هو الواقع فان عدم امكانية تجاوز كتلة الامة ـ الانصار يعني عدم امكانية تجاوز المهدي• وقد حاول البريطانيون في مطلع هذا القرن ومن بعدهم اليساريون في السبعينات ثم الاسلاميون في التسعينات اضعاف هذه الكتلة او تدميرها او استيعابها وتوسلوا لذلك العنف والقمع والاغراء والاستمالة وخلق الانقسامات دون ان يجدي ذلك كثيرا•
    اضافة الى ذلك فان التوجه المحافظ والتصالحي لقيادة الصادق المهدي جعلت من كتلته، عامل توازن واستقرار في البلاد، وهو ما يجعل كثيرا من القوى الخارجية تميل الى التعامل معه• ومع ان الصادق كثيرا ما اختار المواجهة كما فعل حين قاد الانشقاق داخل حزبه في الستينات، وقاد المواجهة السياسية والعسكرية ضد النميري في السبعينات ثم دخل المواجهة ضد الحكومة الحالية وحدها، الا انه اظهر دائما انه يفضل المصالحة والحلول الوسط• ولهذا نجده يسارع في كل مرة للتصالح مع خصومه، سواء أكانوا داخل حزبه أم من خارجه• فهو الذي قاد المصالحة مع النميري في 7791 وسط انتقادات حلفائه في المعارضة ويفعل الشيء نفسه الآن•
    مواقف الصادق السياسية والايديولوجية ايضا لها خاصية وسطية يحرص عليها دائماً• ففي الستينات قدم الصادق نفسه على انه داعية تحديث من داخل حزب الامة، اكثر احزاب السودان تقليدية بسبب طبيعته العقائدية وعضويته التي تنتمي الى الريف في الاغلب• وقد اقتنع كثير من المثقفين وقتها بدوره الرائد هذا، ورأى فيه اليساريون والاسلاميون معا رأس جسر يمكن ان يساعد في تجاوز هيمنة القطاع التقليدي على السياسة• وفي وقت صعود اليسار والمد الاشتراكي وموضة الحزب الواحد طرح الصادق شعارات اشتراكية وقدم اطروحة »الحزب الغالب« كحل وسط بين التعددية الكاملة والحزب الواحد وفيما يتعلق بالاسلام قدم الصادق طرحا لـ»الاسلام المعتدل«، مما جعله في خصومة مع الاسلاميين من جهة اخرى•
    وقد التف الليبراليون واليساريون والعلمانيون حول المهدي ومعارضته لتشريعات نميري الاسلامية، وساهموا في انجاحه في انتخابات 6891• وكانت هذه المواقف »المعتدلة« ايضا محل تأييد من العالم العربي ومن الغرب، حيث رأى هؤلاء في اعتداله ترياقا مضادا لـ»التطرف الاسلامي«، خاصة وانه يأتي من خلفية دينية لا غبار عليها• وفي نفس الوقت فان المهدي حرص على استمالة الاسلاميين بالتحدث عن قوانين اسلامية بديلة تخلو من تجاوزات النميري وتعكس سماحة الاسلام•
    واذا كانت هذه المواقف جذبت الى معسكر الصادق تيارات متنافرة، فانها ادت في نفس الوقت الى ردة فعل مضادة مثلا نجد التحالف المحلي والدولي الذي دعمه في الثمانينات كان يتوقع ان يقود اسلامه »المعتدل« الى الغاء قوانين الشريعة الاسلامية كليا وتبني نظام علماني كامل ـ وبالمقابل فان الاسلاميين ايدوه في الستينات والسبعينات طمعا في ان يطبق برنامجا للاسلمة وتطبيق الشريعة• وكان من الطبيعي ان يخيب الصادق آمال هذا المعسكر وذاك، لان من طبيعة »الاعتدال« ان وجد الا ينحاز تماما الى هذا المعسكر او ذاك• ومع ان الصادق كان دائما يعتقد ان الصيغ الوسط التي يطرحها تلبي مطالب الجميع، الا ان العكس كان يحدث دائما، وهي انه »يخيب آمال الكل« حسب تعبير احد الدبلوماسيين الغربيين•
    فهل المشكلة يا ترى في التركيبة السياسية السودانية التي لا تقبل الحلول الوسط اصلا بسبب استقطابها الحاد؟ ام هل هي في المهدي نفسه وعجزه عن ايجاد الصيغ المناسبة لحلول وسط حقيقية والاستعاضة عن ذلك باوهام الوسطية وبتقييم لا يسنده واقع لمميزاته الشخصية كقطب تدور حوله افلاك السياسة السودانية؟ والجواب ان هناك قدرا من الصحة في كلا الفرضين•
    الساحة السياسية السودانية تواجه استقطابا حادا وصل حد العنف، والاطراف المتحاربة لا تريد الاستماع الى اي حديث عن حلول وسط، فالصادق واجه انتقادات حادة لمجرد انه دخل في حوار مع الحكومة، بدون النظر الى محتوى هذا الحوار، وكفى بهذا تطرفا في المواقف• هناك صعوبة واضحة كذلك في التوفيق بين اطروحات الفرقاء، اذ يصعب تصور حل وسط يرضي الاسلاميين المطالبين بتطبيق الشريعة الاسلامية، ودعاة الافريقية من الجنوبيين الذين لا يريدون مجرد ذكر كلمة العروبة او الاسلام في دستور البلاد• وهناك بالطبع استحالة في التوفيق بين مطالب بعض الانفصاليين الجنوبيين وتمسك البعض بوحدة السودان• وبين هذا وذاك هناك عداوات ايديولوجية وسياسية وعرقية وقبلية يحار فيها المعالجون•
    ولكن هناك اضافة الى هذه التحديات التي لا تنكر، والتي تمتحن قدرات اكثر السياسيين حنكة ودهاء، التقصير الواضح من الساسة السودانيين، ومنهم المهدي، والضعف البين في اطروحاتهم• وفيما يتعلق بالصادق شخصيا، فان وضعه المتميز على رأس حزب الامة هو نقطة قوته وضعفه في نفس الوقت• ذلك ان هيمنته الكاملة على حزبه، وثقته المدهشة بقدراته العقلية والسياسية وبصواب اطروحاته اضعفت الدور الجماعي لقيادة الحزب• ومع ان المهدي يحرص على شكليات الشورى داخل حزبه ويؤكد على المؤسسية، الا ان مجرد هيمنته القوية تضعف المؤسسات• ووجود شخصيات كاريزمية مهمينة على رأس حركات سياسية تضعف المؤسسية داخلها، حتى لو كانت الحركة تعج بالكوادر المؤجلة والقدرة على التجديد، كما كان حال حزب الشيوعي تحت قيادة عبد الخالق محجوب وحركة الاخوان المسلمين تحت قيادة د• حسن الترابي، ولكن حزب الامة يعاني ازمة اضافية تتمثل في عدم قدرته على تجديد الكوادر نسبة لعزوف الشباب والمثقفين عنه، حتى اولئك المنحدرين من اسر تنتمي الى طائفة الانصار، وهيمنة اسرة المهدي والارستقراطيات الدينية والقبلية المتحالفة معها على مقاليد الامور في الحزب بدون النظر الى المؤهل والكفاءة• كل هذه العوامل لا تضعف الحزب فقط، بل تهدد بانفراط عقده في المستقبل اذا فقد القيادة القوية التي يمثلها المهدي•
    ولكن رغم كل هذه الانتقادات فانه لا يمكن إنكار محورية دور الصادق المهدي وحزبه لاعادة التوازن الى الساحة السياسية السودانية ولم الشمل واحتواء الصراع، ولا ترجع اهمية هذا الدور الى نفوذ الحزب وحجمه فقط، بل الى مواقف قيادته التصالحية والوسطية• وفي ضوء هذه المعطيات فلعل من الاجدى لمنتقدي المهدي الكثيرين الكف عن انتقاده وعن التركيز على نقاط ضعفه، ومساعدته بدلا عن ذلك على التغلب على نقاط ضعفه الشخصية والحزبية، نظرا لاهمية دور الحزب في هذه المرحلة لكل السودانيين•
    نقلا عن القدس العربي
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de