|
|
 الدوحة تشهد ( ليلة ... من ذات الليالي
|
الدوحة تشهد ( ليلة ... من ذات الليالي )
Email: [email protected]
صلاح الباشا000الدوحه
يقولون أنها كانت ليلة من ذات الليالي.. ذلك لأن شعب السودان ظل موقفه من قضية الفن والثقافة والإبداع واضحاً .. ظل تقديره لرموزه الإبداعية والتراثية والثقافية بمختلف أجناس الثقافة ومن حملة رسالة الفن الرفيع حقيقة بائنة لا تخطئها العين .. لذا ليس من المستغرب أن يتدافع أهل السودان بالدوحة تصحبهم كل عائلاتهم وحتي الأطفال وهم يرتدون أزهي الثياب السودانية والأفرنجية -رغم برودة الطقس - نحو مسرح سينما الدوحة( الراقي ) أمسية الخميس الماضي ليشهدوا إحتفالية سودانية نادرة الحدوث مع رمز وطني من رموز الثقافة السودانية والإبداع السوداني وقد رأوا في كابلي كل أشيائهم وذكرياتهم الجميلة التي تركوها مغروسة داخل تراب الوطن.. فأتي الكابلي يحملها لهم ومعها نور وزهور وعطور وإستلم المجال .. تضيء دنياهم من قمر دورين .. في ضفائر النيل.. متسائلاً مع سؤال العقاد .. فأين الظل والنهرُ.. ربيع رياضنا ولـّي .. وأخريات مثل عناقيد العنب في تشابكه وحلاوة مذاقه... تلك كانت أمسية أهل السودان مع إشراقات خيال الكابلي.. والقومة ليك يا وطني 0
فقد إمتلأ المسرح عن بكرة أبيه حتي فاض بالجمهور… فقد كنا في البداية نعتقد أن الإحتفالية لا تخرج عن نطاق حضور شباب محود العدد نشأ في المهاجر ويريد أن يعرف شيئاً عن ملامح الغناء السوداني الذي لم يعش تفاصيل تمدده بعد .. لكننا فوجئنا حقيقة بأن كل الحضور كان عائلياً.. بل كان الحضور لمختلف التخصصات والمهن من أهل السودان بالدوحة.. وجوه كثيرة رأيناها لا ترتاد المسارح من قبل فإذا بها تحضر وتشاهد وتغني.. بل وتنفعل مع الكابلي.. حتي الكابلي كان منفعلاً بمشاركة الجمهور عندما رأي التصفيق المستمر وترديد الغناء في شكل جماعي أعاد للأذهان تراث الغناء الجماعي الذي كان سائداً لعقود طويلة في ساحات الفن بالسودان . وكان الجميع يعيش فرحة غامرة أتت كختام رشيق ٍ وأنيق ٍ لعيد سعيد .. فكانت (ليلة من ذات الليالي).
وعندما كان الكابلي يردد مقطع (القومة ليك يا وطني) في رائعته الخالدة – قمر دورين – كان الجمهور يقف من مقاعده مع تصفيق حاد للكابلي الوطن وللكابلي النغم وللكابلي المعني .. بل ترك العديد من أفراد الجمهور مقاعدهم ونزلوا أمام خشبة المسرح ( للعرضة) عندما شدا الكابلي مع إيقاع السيرة (النصيح حديدو .. البريد الشيخ .. أنا ياناس بريدو .. الشيخ سيّروه). وردد الجمهور مع كابلي .. نالت علي يدها .. مالم تنله يدي .. نقشاً علي معصم.. أوهت به جلدي.. تلك التي أخرجها الكابلي من تراث أدبيات الدولة الأموية حين كتبها ( يزيد بن معاوية) ويقال أنه لم يكتب غيرها .. إذن هي وحيد إبن معاوية ذاك .. لكنها تكتنز بجمال الوصف العجيب .
لم ينس الكابلي أن يشدو بباقات وروده التي إبتدر بها حياته الفنية في نهاية خمسينات القرن العشرين .. فأتت تتفجر روعة.. ما بنخاصمك – أحلي من عينييّ - وتألقت أغنية الحقيبة .. وصف الخنتيلا .. جمال تاجوج .. المافي مثيلها ، ثم أطلت رائعة مولانا الحسين الحسن شفاه الله وعافاه ( إني أعتذر ) وقد رددها الجمهور مع كابلي .. وقد كنت أعلم أن العيون .. تقول الكثير .. المثير الخطر .. فما همسته لأُذن النسيم .. ولا وشوشته لضوء القمر.. ولكن برغمي تفشي الخير .. وذاع وعمّ القري والحضر . وقد تبارت بعض وكالات السياحة في تقديم تذاكرطيران مجانية تسحب علي أرقام تذاكر الحفل .. فكسب الفائزون عدد ستة تذاكر سفر للخرطوم وأخري لدبي وثالثة للبحرين قدمتها (ريجنسي للسفر والسياحة بالدوحة) مشاركة للشعب السوداني فرحته بالإحتفالية.
تلفزيون قطر قام بتسجيل الحفل بعدة كاميرات ومن عدة زوايا ليتم عرضها لاحقاً .. وقد قدم الكابلي ثلاثة فواصل طويلة وتغني بسبعة عشر أغنية من أعماله الخالدة .. وقد أجادت الفرقة الموسيقية السودانية بالدوحة ببراعة تامة أعجبت الكابلي شخصياً في إخراج الأغنيات بطريقة متميزة حيث ظلت تجري ( بروفات مكثفة) منذ وصول الأستاذ الكابلي إلي الدوحة يقودها عازف الأورج الشهير الشاب المبدع الموسيقار( ياسر القصاص) الذي كانت بصماته واضحة في زمان جميل مضي في توزيع وإخراج روائع الكروان الراحل مصطفي سيد أحمد حينما كان يعطر سماء الدوحة بتلك الأعمال الفنية الخالدة.. كما كان للموسيقار الفنان (عادل التجاني) مدير مركز أصدقاء البئية دوراً فاعلاً في تهيئة الفرقة والإشراف علي البروفات وتقديم الحفل.. كما لم يتغيب عن الحدث أستاذنا الموسيقار (محمد آدم المنصوري ) خبير الموسيقي برعاية الشباب بالدوحة عن الحضور للإسهام في التوجيه والتوزيع الموسيقي من خلال البروفات.. أما صحيفة الراية القطرية وإهتمام مدير تحريرها الأستاذ الزميل بابكر عيسي فكانت رعايتها في التغطية الإعلامية واضحة منذ عدة أيام وبمتابعة يومية من الصحفي السوداني النشط (إبراهيم بخيت) وقد قامت (الراية) بنشر برقية التهنئة المطولة التي أرسلها الدكتور الباقر أحمد عبدالله للأستاذ الكابلي بمناسبة تكريمه بالدوحة.
ختماً .. نقول .. أن وجود الكابلي وإقامته لعدة فعاليات غنائية .. قد جعلت عطلة الأعياد بالدوحة ذات نكهة خاصة .. وكان حفل الخميس الماضي بمثابة مهرجان للأغنية السودانية بالخليج وستظل الدوحة تردد صداه لفترة طويلة من عمر الزمان .. وشكراً مرة أخري للموسيقار الأستاذ عبدالكريم الكابلي علي هذا الأداء الرائع الذي أسعد كثيراً أهل السودان وكل أفراد أسرهم بالدوحة .. وقد رأينا الفرحة والنشوي تشع من وجوههم وهم يغادرون مسرح سينما الدوحة في الثانية من صباح اليوم الثاني… .. وكل ذلك فقط .. لأن الكابلي قد أعاد لهم كل ذكرياتهم وأشيائهم الجميلة التي تركوها مغروسة داخل تراب الوطن مثلما ذكرنا من قبل .. وإلي اللقاء.
--------------------------------------------------------------------------------
|
|
 
|
|
|
|
omar_ragab
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست