|
سانت جيمس!!ا
|
سنت جيمس*
كانت الباخرة التي تحمل العلم البلجيكي تمخر عباب نهر الكنغو،نظر القس جيمس مندوب الملك لو بورد بعينيه الزرقاوين إلى كتل الأجسام السوداء شبه العارية وهى تموج على الشاطئ ،كانويرقصون فرحا وابتهاجا بالوافد الأوروبي..رست الباخرة و أنزلت المرساة،عدل القس من بدلته السوداء ووضع مبصرته عل عينيه فحجبت نظرة الازدراء والتحقيرللاجسام السوداء المبللة بالعرق والأيدي التى امتدت لمصافحته حتى تنال البركة..انهم ابناء قبيلة الكيتو ،المحاربون الأشداء..حملوه قبلا ان تطأ قدمه الارض ووضعوه على محفة واتجهوا به في موكب طويل نحو الغابة محمولا على الأعناق،ظل الأطفال العراة يتأملون الرجل الأبيض في فضول وانبهار..والنساء أيضا،كان اجمل منكل الآلهة التى تصوروها قبل اعتناقهم المسيحية..اخرج القس جيمس الإنجيل من حقيبته السوداء واخذ يقلب صفحاته في ورع زائف ويتحسس بيده الأخرى الصليب الذهبي المتدلي على صدره مثلا معا تحت أشعة الشمس الاستوائية الحارقة..كان هناك رتل من الحمالين يحملون صناديق خشبية..ابتسم جيمس في ظفر،اخذ يسترجع كل التعليمات التى أملاها له مفوض الملك في بر وكسل"إن تزويد قبائل الكيتو بالسلاح الناري يضمن لهم التفوق على أعدائهم التقليديين من قبائل البوكا ..حيث مناجم الذهب والماس،ان الواجب المناط به العمل على إبادة قبائل البوكا وتنفيذ سياسة الأرض المحروقة والتمهيد للجيوش القادمة من وراء البحار" كان ابناء قبيلة الكيتو يحملون ضغنا مدمرا لأبناء قبيلة البوكا منذ سنين طويلة ،أيام وثنيتهم الأولى..لكن مع مرور الزمن حدث تغيير غريب في قبيلة البوكا,قدم إليهم رجل من جنوب الجزيرة العربية،من بلاد حضرموت،كان تاجرا،كل اللذين شاهدوه في الماضي قالوا:انه كان اجمل ما راته عين"،كان ابيض اللون والثياب ذو شعر اسود فاحم وتقاطيع نبيلة،دمث الخلق وينضح بالحكمة والأيمان،مس شغاف قلوبهم فاحبوه وزوجوه بنت سلطان القبيلة وعلمهم دين جديد،اخبرهم بان هناك اله واحد تخضع له كل نواميس الكون وان له بيتا في جزيرة العرب..اخذوا يحجون إليه كل عام،محملين بالذهب والنفائس والجلود الثمينة ويعودون بالملابس البيضاء التى سترت عوراتهم وعورات نسائهم وأطفالهم،اكسبهم هذا الدين روح التسامح غير المحدود..فاصبحوا ضحايا لغرمائهم الكيتو على مر السنين ************** ظل الموكب يجوس في الأدغال بين الأشجار والأب جيمس يتصبب عرقا ويبدو ساهما وارتال المحاربين تتدفق في الممر كثعبان اسود طويل..وصلوا أخيرا إلى قرية الكيتو،وضعت المحفة على الأرض،نهض الأب جيمس من كرسيه الفخم ونزل،لاول مرة تطأ قدمه الأرض،تقدم نحو الكنيسة المبنية من الطوب المحروق ومطلية بالجير الأبيض،وضع الحمالون الصناديق الخشبية على الأرض،اخرج المحاربون البنادق الجديدة والذخائر..تناول اومام البندقية ورفعها عاليا أطلق نداء الحرب،ردد أفراد القبيلة نداءه بصوت كزئير الأسود،ارتعدت فرائص الأب جيمس وحمد الله انهم من اعوانه..كان اومام الساعد الأيمن للقس حيمس ويقوم بدور المترجم أيضا ،فقد تلقى تعليمه في بلجيكا جلس المحاربون بعد إن وزع لهم اومام السلاح أعطى كل منهم عشر طلقات واخبرهم بان كل محارب عليه إن يقتل عشرة رجال وياتى بقدم ارجلهم اليمنى تقطر دما ويحصل بذلك على ألف فرنك وينال رضا الملك وبركة الكنيسة.. نهض الرجال وانطلقوا كالفهود الكاسرة في اتجاه جبل ماندى ،إلى مناجم الذهب والماس وقرى أعدائهم البوكا،استدار الأب جيمس ودخل الكنيسة وعلى فمه ابتسامة خبيثة،حمل الحمالون الذخائر إلى غرفة المخزن الملحق بالكنيسة ********** في الصباح سمع القس نداء أحد المحاربين خرج من محرابه وشاهده يحمل جوال علي عاتقه وكيس آخر متدل علي منطقته يموج كأن به قطة ، وبيده اليسرى ممسكا ببندقيته الجديدة ،ابتسم الأب جيمس مرددا: ـ خطبك يا محارب؟! ـ قتلت عشرة منهم يا أبت. وضع المحارب البندقية جانبا وفتح الجوال واخذ يحصي الأقدام المبتورة ويلغي بها علي العشب أمام عيني الأب جيمس المتقدمتين حماسا ودهشة . ـ تسعة اقدام يا سيدي, بان الغضب المنفعل علي وجه القس. ـ نحن قلنا عشرة!! ـ نعم قتلت عشرة رجال ولكن أحدهم كانت قدمه اليمني مبتورة سلفا، يبدو انه سقط في إحدى الفخاخ الحديدية التي نصبناها للوحوش. ـ هذا العذر لن يجدي ـ تمهل يا سيدي، أعددت لك شيئا آخر حتى تصدقني . فك المحارب الكيس المعلق علي خاصرته والذي يبدو ملئ بقطع غريبة من اللحم أفرغه أمام عيني القس المذهول، تكومن عشرة أعضاء تناسلية مختونة أمام ناظره، أخذ الجندي يحصيها في فرح وحشي ، شهق القس من الدهشة وشعر بالغثيان ثم تمالك نفسه وربت علي كتف المحارب. ـ يالك من جندي ذكي ابتسم المحارب وغمره فرح عظيم لهذا الإطراء من الرجل الأبيض ـ هل سأنال الألف فرانك ورضا الملك وبركة الكنيسة؟ ـ نعم لك ما شئت ، ستكون من اليوم معاوني الثاني وسنصدر تعميم جديد بأنه لا حاجة لنا بألاقدام اليمني المبتورة طالما أن هناك أعضاء أخرى اكثر تأكيدا. اخرج القس ورقة النقود ولوح أمام عيني المحارب الجشعتين ، أختطف المحارب ورقة الألف فرانك من يد القس وحمل بندقيته وانطلق نحو القرية يغني، غدا ستأتي باخرة أخرى محملة بالخمور والنفائس والخرز الملون والأشياء التي تثير الدهشة من وراء البحار وتنصب الأسواق علي شاطئ النهر ، سيتمكن من شراء كل ما يلزم عشيقته جين من اجل ان ينام معها ليلة سعيدة ********* ثم يوم جاء فيه الرجل البيض* اكثر خبثا وتشبعا بالضغن من أي صنف من صنوف الموت وقايض ذهبك بخرزاته وعصيه التي لا تساوى شيئا واستباح حرمات إخوانك وزوجتك واعتدى عليهن وسمم بشرابه أبناءك وإخوانك وساق أطفالك إلى ظهور السفن وعند ذلك دوت الطبول من قرية إلى أخرى أعلنت للناس ان سفينة أجنبية أخري تحمل الرقيق على ظهرها قد أبحرت في طريقها إلى السواحل البعيدة حيث الإله هو القطن والدولار متربع على دست الملك*
********************8 القصيدة للشاعر الكنغولي باتريس لوممبا ـ
* من مجموعة قصصية (كل ألوان الظلام) ، مركز عبادي للدراسات والنشر ـ اليمن *كاتب من السودان-اليمن
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: سانت جيمس!!ا (Re: مارد)
|
الأستاذ عادل أمين وأنت كاتب متمكن من أدواتك كنت أتمنى أن لا تتخذ هذا الموقف الذي الروائي المنحاز ثقافيا وغير المدعوم من الواقع جميعنا يعلم ماذا فعل الجلابة والعرب القادمين من مصر أمثال العقاد ومن الشمال المسلم أمثال الزبير ود رحمة بأبناء الجنوب ونعلم أن تجارة الرقيق أبطلت في عهد الخديوي سعيد بعد أن ألبه صمويل بيكر وخلفو غردون في المديريات الإستوائية محاولة تصوير الصراع القبلي في الجنوب على أساس مسلم ومسيحي فيه تزييف للواقع ودمغ الكنيسة بأنها سبب البلاء أيضا فيه إستخفاف بهذا الدين ومعتنقيه من أهل الجنوب والشمال الصراع القبلي في الجنوب صراع حول المرعى وصراع حول النفوذ وله أسباب عديدة ليس بينها المعتقد بل نجد الجنوبيين هم الأكثر تسامحا حيث الأسرة الواحدة تجد الأب والأم لهم كريم المعتقد الأفريقي والأبناء بين مسلم ومسيحي يحترمون بعضهم ويتعايشون في سلام. الأستاذ عادل وأنا من أكثر الناس بالبورد حبا وتشجيعا لقلمك لأنه في رأي يحمل الجديد وأتمنى أن يكون جديدك دائما ما يجمع ويعين على خلق فرص السلام ويصب في مصلحة السلام وليس صب الزيت على النار وهذه القصة للأسف الشديد تساهم في تكريس الفرقة والشتات. حبي لأعمالك هو دافعي لهذا النقد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: سانت جيمس!!ا (Re: عاطف عبدالله)
|
الاخ العزيز عاطف عبدالله تحية طيبةوبعد طبعا القصة مستوحاة من قصيدة باتريس لوممبا ودور "مؤسسة الجلابة البلجيكيين فى الكنغو..طالما هى تعبر عت واقع حقيقى..عاشته الكنغو..ولا زال اخواننا فى زمبابوى يعانون من سيطرة الجلابة الانجليز على مزارعهم..اما عن المنافسة بين الجلابة الامريكان والفرنسيين فى بورندى ورواندا فحدث ولا حرج ******** انت يا اخى عاطف انسان مثقف وواعى ونحن نحترم كلمتك ولكن حتى لا تبقى القسمة ضيزا ونتحدث نحن وندين انفسنا كمسلمين من خلال ممارسات غير اخلاقية مارسها حفنة من المسلمين ونغض الطرف عن ما فعلته المسيحية ومؤسسة الكنيسة الاروبية فى افريقيافهذا لايليق..نحن فى زمن صدام الحضارات..فاذا شفتنى كتبت حاجة مش حقيقيةنحن مستعدين طوالى نتراجع منها..ما رايك فى قصة طائر الشوم للاخ الدكتور فرانسيس دينق..وكتاب الاخ محمد سليمان السودان صراع الهوية والموارد اليس ذلك يسبب فتنة ايضا ********** عندما قال ماركس"الوعى هو انعكاس للمادة"..فقط اطر لفكره فى نطاق المؤثر عليه فى بيئته الاوروبية..لذلك تبقى مقولته الشهيرة الدين افيون الشعوب...محصورة فى الدين المسيحى الذى افرغه الكهنة من محتواه الرواحى وجعلوا من الكنيسة وسيلة انتاج..وعملت مؤسسة الكنيسة الاوربية من خلال المبشرين فى افريقيا على جلب الاستعماروالاستغلال الاوروبى للقارة الافريقية وممارسة الرق كوسيلة انتاج ثم نفاجا بمسلم كلالخ محمد سليمان ياتى بادوات التحليل الماركسى ويسقطها على بلد متخلف سياسيا واقتصادياواجتماعيا كالسودان..ويحول تحركات الجلابة الاميين العفوية داخل بلادهم من اجل التجارة التى تعتبر عمل مشروع فى الاسلام..الى استغلال وعمل مدروس ويطلق عليهم "موسسة الجلابة ويغض الطرف عت موسسة الجلابة الاوربية المسيحية..واستغلالهم للمزارع فى زيمبابوى وفى قصيدة اخرى لشعر افريقى مسيحى عندما جاؤ الى افريقيا كانو يحملون الانجيل وكانت لنا الارض فاصبحنا نحمل الانجيل وغدت لهم الارض اما العنصرية فى ابشع صورها فقد مورست ضد اهلنا فى جنوب افريقيا من قبل موسسة الجلابة الانجليز..ضحى نلسون مانديلا بنصف عمره فى السجن ليحررهم سياسيا ولازالو مستغلين اقتصاديا من موسسة الجلابة الاروبيين اللذين يسكنون جوهانسبرج والسود فى مدن الصفيح فى سويتو ********* يا اخى عاطف انا لم اقوم بتاليف قصيدة باتريس لومببا المسيحى او قصيدة الشاعر الزمبابوى..كما انى غير ملزم بالدفاع عن مؤسسة الكنيسة وممارساتها فى افريقيا..انى اتضامن مع اخوانى الافرقيين..لانهم فى مؤتمر ديربان ادانو الصهيونية واعتبروها مؤسسة عنصرية وخرجو فى مظاهرات تضامنا مع ياسر عرفات وفلسطين..كما تم ادانة اوروبا فى مؤتمر القاهرة واعترفت بممارسة الرق وتحطيم المجتمعات الافريقية..اما محاولات الابتزاز غير المؤسس الذى يمارسه بعض المثقفين الجنوبيين المحسوبين على اهلنا فى جنوب السودان وعلى التضامن العربى الافريقى القائم الان فى محاربة الامبريالية/الصهيونية العالمية التى تهيمن على النظام العالمى الجديد فلا يعنينى امرهم..قل الله وزرهم فى خوضهم يلعبون وما كنت اتوقع ابدا انك يا عاطف تكون تحت تاثير هذه الاساطير المؤسسة لمؤسسة الجلابة فى السودان ********* "ليس بالضرورة ان يكون اعداء امريكا هم اعدؤنا نلسون مانديلا:قالها عندما حاولت امريكا ممارسة ضغوط على جنوب افريقيا بعدم بيع اجهزة رادرا لسوريا ************* كنت مبانى ما اقول عن الذى ارمى الى معناه او اثباته قلت المعانى فى عظيم بناءها وكل يرى قولى على مرآته ان الذى يلقى الهناء بجيرتى ينجو وينجى اهله بنجاته ******* هذه القصة من مجموعة طبعتها فى اليمن باسم كل الوان الظلام وممكن ارسلها ليك بعنونك البريدى اذاكنت ترغب فى ذلك ا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: سانت جيمس!!ا (Re: adil amin)
|
اخى عادل: اسقاط القراءات والافكار الغريبة علي المجتمع المحلي...هي احد آفات الحداثة......خاصة عندما يخرج المثقف علي نفسه ووطنه ومحاولتةاستخدام مفاهيم غريبة تكونت في مناخ محدد.... ومحاولة تفصيل الوطن والقيم والمجتمع...لتسع ماخاطه من الثياب....وهى نوع من الاحادية........... ............................. هنالك امثلة كثيرة لما اقول ...ولعلك تري بعضها
| |
|
|
|
|
|
|
Re: سانت جيمس!!ا (Re: omdurmani)
|
الاخ العزيز ام درمانى تحية طيبة وبعد كلامك صاح وايدك عليه..ينقسم المثقفون فى افريقيا الى قسمين..قسم جعل من ادبه وسيلة لتعرية الاستعمار وجعل قلمه رمحا للنضال مثل باتريس لوممبا..كين سايرو ويويا..ليبورد سنغور..ولىشوينكا..طاهر وطار..الطيب صالح و...وقائمة الشرف طويلة ومنهم من باع نفسه وقلمه لخدمة المصالح الغربية والامثلة كثيرة والهدف الرئيسى من هذه القصة القصيرة هو الفرق بين تاثيرالاسلام والمسيحيةفى افريقيا
| |
|
|
|
|
|
|
|