دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
د.خالد المبارك : محمود محمد طه ...وأنصاف الحقائق ...والردود عليه
|
-------------------------------------------------------------------------------- مفكرة سودانية - بريطانية محمـود محمـد طـه .. وأنصــاف الحقـائــق !
بقلم : د. خالد المبارك محمود محمد طه .. وأنصاف الحقائق !
النزعة الصوفية متأصلة في «جينات» كل السودانيين الشماليين . ولا عجب فقد دخل اهل بلاد السودان الاسلام - قبل واثناء وبعد المرحلة المسيحية - عبر بوابة الطرق الصوفية . لمثل هذا المدخل مزايا اهمها التسامح وازدراء الجاه السلطة الرسمية ، ومثالب ابرزها الرضوخ للشيوخ العليمين باسرار الطريقة . وقد ترك ذلك بصمات واضحة على اسلوب الاداء السياسي للقيادات الحزبية . نستحضر كيف ان المرحوم عبد الخالق محجوب قال في احدى خطبه الشهيرة : «كل شيخ ليهو طريقته» كان يتحدث مجازاً بالطبع ، الا ان المجاز يكتسب مفعوله من بذرة الحقيقة المقارنة . فقد عامل بعض اعضاء الحزب عبد الخالق بولاء صوفي اشبه بطاعة المريد لشيخه. أي انهم نقلوا ولاءهم من السيد علي الميرغني (على سبيل المثال) لزعيم الحزب الشيوعي . ومن الملاحظات الحصيفة للشاعر الراحل صلاح احمد ابراهيم ان عبد الخالق كان يوظف عينيه الكبيرتين النافذتين بدهاء للسيطرة على الآخرين عند مخاطبتهم. ولهذا الاسلوب نظائر عند شيوخ طرق لا يجرؤ اتباعهم على النظر الى عيونهم. نذكر في سياق مماثل مشاهد النحيب الجماعي للطالبات المحجبات عند هزيمة الشيخ الترابي في الانتخابات عام 1986م. وقد ذكر د. الترابي لمجلة المجلة (ديسمبر 1994م) انه يخشى ان تقام له «قبة» بعد وفاته . (وفي ذهنه بلا ريب الصوفي الملامتي حمد النحلاني الترابي ، احد اجداده) . ثم أن تفضيل لقب «شيخ» على «دكتور» الذي قيل لنا انه جزء من العودة إلى التراث والابتعاد عن المعايير المستوردة لا يخلو من ايماءه تهدف إلى استثمار الايحاءات الصوفية الدفينة. بكلمات اخرى : لم يفعل دعاة التمرد على الاطر والعلاقات التقليدية التي تكبل الحزبين الكبيرين شيئاً سوى تغيير رداء برداء وولاء بولاء . ستكون الديمقراطية ارسخ قدماً واكثر نضجاً في الجولة القادمة عندما ندرك ان قادة الاحزاب بشر من لحم ودم يصيبون حينا ويجانبهم التوفيق حيناً آخر وانهم ليسوا امتداداً حديثاً لشيوخ الطرق الصوفية الذين يظلون في مواقعهم حتى الوفاة «حوا والدة» داخل كل الاحزاب . «وثمة سمك كثير في البحر» كما يقول المثل العامي الانجليزي الذي استشهد به السير اليك دوجلاس هيوم عندما سئل : «من سيقود وزارة الخارجية بكفاءة بعدك؟!». ومن الامثلة الصارخة في هذا السياق ما استمعت اليه في شريط تسجيل (فيديو) لحفل تقديم مجلدات «الوثائق البريطانية عن السودان» التي حررها الاستاذ محمود صالح عثمان صالح راعي مركز عبد الكريم ميرغني . عبر احد المشاركين في الحفل الذي اقيم بقاعة الشارقة (جامعة الخرطوم) عن خيبة أمله لأن الوثائق لم تشمل ذكراً لنضال الاستاذ محمود محمد طه ضد الاستعمار ، رغم ان الادارة الحاكمة اضطرت الى إرسال فرقة عسكرية من الخرطوم لاخماد المقاومة التي قادها في منطقة رفاعة . ذكر المتحدث انه استاذ بجامعة ام درمان الاهلية واطرى على المرحوم محمود محمد طه وحزبه الجمهوري بلا تحفظ . القائد السياسي كشيخ طريقة مرة أخرى !. لا ينبغي تحول الرغبة في ذكر محاسن الاموات - ولا المناداة الموضوعية بحق الاستاذ محمود في الاجتهاد - دون نقده . كما ان الاعتراض على مقتله وحرق كتبه بطريقة دعائية مرتجلة لا ينبغي أن يتخذ ذريعة للنظر اليه بعين الرضا وحدها . فقد كان آدمياً ابن انثى وقائداً سياسياً اخطأ واصاب . اصاب حينما لم يوصد باب الاجتهاد وحينما وقف بجسارة في المقصلة النميرية. واصاب قبل ذلك حينما دعا العرب (ببعد نظر اسطوري وبصيرة سياسية فريدة). للاعتراف باسرائيل فتجاهلوه أو استهجنوا قوله . اضطروا لقبول رأيه بعد نصف قرن وعرضوا على اسرائيل الاعتراف وحسن الجوار (في الخطة السعودية التي باركتها سائر الدول العربية) فلم تقبل اسرائيل لانها صارت قوة نووية تقف على كتف الدولة العظمى الوحيدة ولا يرضى شارونها واقصى اليمين الاصولي - المتطرف الذي يؤيده بأقل من مصير الهنود الحمر للشعب الفلسطيني . ولعل دعوة الاستاذ محمود للاعتراف باسرائيل هي السبب المباشر في الرعاية الحميمة التي ينالها اتباعه في الغرب ، حيثما حلوا. لكن الاستاذ محمود محمد طه ارتكب ايضاً عدة اخطاء تقديرية جسيمة . حدثت انتفاضة رفاعه - التي اشاد بها المتحدث - احتجاجاً على قرار الادارة الاستعمارية بمنع الخفاض الفرعوني . قيل للعامة: «يريد الانجليز ان يتدخلوا في كل شيء حتى (0000000) بناتكم ! وفعلا ثار الناس حماية للشرف الرفيع وكان على رأسهم الاستاذ محمود . كان موقفه ذلك متخلفاً ورجعياً في مواجهة قرار «تحديثي» جريء وسليم . انتفاضة رفاعة المزعومة ليست من مآثرنا في النضال ضد الاستعمار بل هي من مخازينا . ويقع وزرها على كاهل الاستاذ محمود محمد طه . قيل لنا انها مثل اضرابات الطعام في المدارس واضرابات زيادة الاجور العمالية ، مجرد ظواهر اجتماعية لمضمون سياسي هو رفض الاستعمار . وهذا دفاع واه لأن الاستاذ محمود لم يراجع موقفه علناً او يذكر مبرراته بعد نيل الاستقلال وقد اخطأ الاستاذ محمود ايضاً كقائد سياسي حينما جعل الحزب الجمهوري «حزب فرد» تلف حوله كل اللوالب الادارية والفكرية . فلما قتل مات معه الحزب . عقلية شيخ الطريقة الموروثة هي المسؤولة عن ذلك . اذا لم يعد الشيخ ابناً او خليفة ليحل محله فان الطريقة تتلاشى تدريجياً . فضلا عن ذلك فان عدداً من ابناء جيل الاستاذ محمود محمد طه اعجبوا به وشجعوه ثم انفضوا من حوله عندما ادركوا انه يدعى قدرات معينة . ولا يزال بعضهم على قيد الحياة ، وهم اقدر مني على سرد التفاصيل . صفوة القول ان ظاهرة اضفاء ثقل ومكانة ووزن شيوخ الطرق الصوفية على الزعماء السياسيين تشمل الاستاذ محمود محمد طه وغيره. وهي تتجذر وتستمر طالما واصلنا الحديث عن القادة بانتقاء يسلط الضوء على الايجابيات فحسب ويضلل الشباب لأنه ينطلق من أنصاف وأسداس الحقائق ويغذي «جينات» النزعة الصوفية المتأصلة في افئدة السودانيين . هامش : الظاهرة المشار اليها اعلاه ليست فريدة ولا تقتصر على السودان الشمالي وحده . فبعض قادة الحركة الشعبية لتحرير السودان يصورون تمردهم باعتباره تحقيقاً لنبوءة عراف قبيلة النوير الذي ذكر «الحرب الاهلية السابقة لانتهاء المعاناة» . وهم بهذا لا يستمدون شرعية من مجرد غضبة دنيوية ناجمة عن التهميش والاجحاف فحسب بل يكسبون قيادتهم ابعاداً دينية مصيرية من شأنها ان تمنحهم هيبة اضافية وتقيهم سهام النقد. ويواجه قادة حزب العمل في بريطانيا ظاهرة مقارنة حينما يقلصون عدد «لوردات الوراثة» ويسعون لتحجيم مجلس اللوردات . منطقهم هو ان الهالة الارستقراطية الموروثة من القرون الغابرة ليست رخصة للبت في مصير البلاد والعباد . وقد كان لهذه الهالة الارستقراطية بعد ديني (كان الملك يعالج الناس بوضع يده على رؤوسهم ! مثل شيوخ الصوفية). والمعروف ان كلمة لورد كانت مفتاحاً لابواب الثروة والسلطة الى ان حلت الطبقات الرأسمالية الجديدة - بعد الثورة الصناعية - محل ملاك الاراضي وصارت المصانع عصب الاقتصاد وصار مجلس العامة (العموم) الذين كانوا محرومين حتى من حق التصويت هو محرك السلطة الممسك بمقاليد الامور ، وان ظلت الملكة - رمز المؤسسة الحاكمة القديمة - رأساً صورياً للدولة . http://www.rayaam.net/araa10.html
بسم الله الرحيم الرحيم تعليق على مقال الدكتور خالد المبارك في صحيفة الرأي العام. يهمني التعليق على الجزء الذي يخص رأيه في الأستاذ محمود محمد طه. يقول الدكتور خالد:
لكن الاستاذ محمود محمد طه ارتكب ايضاً عدة اخطاء تقديرية جسيمة . حدثت انتفاضة رفاعه - التي اشاد بها المتحدث - احتجاجاً على قرار الادارة الاستعمارية بمنع الخفاض الفرعوني . قيل للعامة: «يريد الانجليز ان يتدخلوا في كل شيء حتى (0000000) بناتكم ! وفعلا ثار الناس حماية للشرف الرفيع وكان على رأسهم الاستاذ محمود . كان موقفه ذلك متخلفاً ورجعياً في مواجهة قرار «تحديثي» جريء وسليم . انتفاضة رفاعة المزعومة ليست من مآثرنا في النضال ضد الاستعمار بل هي من مخازينا . ويقع وزرها على كاهل الاستاذ محمود محمد طه . قيل لنا انها مثل اضرابات الطعام في المدارس واضرابات زيادة الاجور العمالية ، مجرد ظواهر اجتماعية لمضمون سياسي هو رفض الاستعمار . وهذا دفاع واه لأن الاستاذ محمود لم يراجع موقفه علناً او يذكر مبرراته بعد نيل الاستقلال
ما كنت أتوقع من باحث وكاتب في قامة الدكتور خالد المبارك أن يكون على هذا القدر من نقص المعلومات. وأنا هنا أريد أن أصحح معلوماته. أولا لم يقل الأستاذ محمود بأنه يحتج على قرار الإدارة الاستعمارية منع الخفاض، وإنما يعترض على طريقة المستعمر في محاربة ظاهرة الخفاض بواسطة القوانين. وقد جاء ذلك في البيان نفسه، وسأورد ذلك بالنص من البيان حينما أنقل الحقائق التاريخية. ثانيا ورد في نفس البيان أن الحزب الجمهوري يرى أن الظواهر الاجتماعية السلبية يجب أن تعالج بالتوعية والتعليم وليس بسن القوانين. وقد تأسفت جدا أن يكتب الدكتور خالد المبارك عباراته التي بدأها بقوله: "قيل للعامة". من الذي قال للعامة؟؟ ولماذا هذه التسطيح يا دكتور؟؟ كما قلت سأنقل لكم ما جاء في صحف تلك الفترة بالتفصيل حتى يعرف الناس من هو الدكتور خالد المبارك. قد لا يعلم الدكتور خالد المبارك أن نضال الحزب الجمهوري قد بدأ قبل حادثة الاحتجاج على قانون الخفاض الفرعوني وأنا هنا سأبسط ذلك التاريخ المشرق للقراء إسهاما مني في تعريف الشباب بالأستاذ محمود محمد طه. ثم ينتقل الدكتور خالد المبارك إلى مسألة الحزب فيقول:
وقد اخطأ الاستاذ محمود ايضاً كقائد سياسي حينما جعل الحزب الجمهوري «حزب فرد» تلف حوله كل اللوالب الادارية والفكرية . فلما قتل مات معه الحزب . عقلية شيخ الطريقة الموروثة هي المسؤولة عن ذلك . اذا لم يعد الشيخ ابناً او خليفة ليحل محله فان الطريقة تتلاشى تدريجياً .
مرة أخرى يخطئ الدكتور مبارك في تقييم الأستاذ محمود محمد طه ويقارنه بالزعماء السياسيين ورؤساء الأحزاب وشيوخ الطرق. وسأترك التفصيل في هذه المسألة الآن ريثما أعود لها. الكتابة تتواصل ولكم شكري وتقديري ياسر
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: د.خالد المبارك : محمود محمد طه ...وأنصاف الحقائق ...والردود عليه (Re: nadus2000)
|
الأخ العزيز نادوس يبدو أننا أمام مقال لخالد المبارك ورد عليه أيضا من كاتب يدعى ياسر ولكن الرد يبدو غير مكتمل.على أية حال دعني أشكرك على عرض الموضوع الذى لامسته الجندرية مرة في أحد مداخلاتها بالبورد.وفيما يلي تعقيبي على المقال: -------------------- الذي أعلمه عن انتفاضة رفاعة ضد المستعمر وهي تاريخ قريب لايستطيع د.خالد المبارك التدخل ليعرض لنا غير الوقائع.فان ثورة رفاعة بقيادة الأستاذ الشهيد محمود محمد طه وطلائع حزبه الجمهوري آنذاك لم تكن دفاعا عن ظاهرة الخفاض بل كانت بالفعل دفاعا عن قيم الشهامة والمروءة من جهة ودفاعا عن كرامة الوطن واستقلاله من جهة أخرى. فالذي حدث كما علمت من أحد ثوار هذه الهبة(رحمه الله)أن غضبة مواطني رفاعة، الذين لاينطبق عليهم وصف خالد المبارك (العامة) لأن معظمهم من المتعلمين المستنيرين، أن المستعمر استهدف امراءة بسيطة هي القابلة التي اجرت الخفاض وزج بها في غياهب السجون وتم ترحيلها الى سجن المديرية بود مدني وعوملت معاملة القتلة والسفاحين في وقت لم يتبين فيه للكثيرين مخاطر الخفاض الفرعوني. فكانت الأنتفاضة دفاعا عن قيم العدالة ونصرة الضعيف وحلقة من حلقات النضال ضد المستعمر أنني أيضا أستعجب من المنهج الذي استخدمه خالد المبارك في محاكمة الواقعة حيث قام بمحاكمة الماضي بقوانين الحاضر presentism فيما يسمى بال وذلك مما يعيب الحجة التي أقامها ضد ثورة رفاعة رحم الله أبطالها فأهل رفاعة يعرفون قدرهم ولي عودةانشاءالله
أسامة ـ أيوا سيتي ـ أمريكا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: د.خالد المبارك : محمود محمد طه ...وأنصاف الحقائق ...والردود عليه (Re: Abomihyar)
|
اخي ابو مهيار
لا فض فوهك فانا لم يعمينى حزني او قل غضبي ان شئت من أهل رفاعة الرواد في موضوع تحرير المرأة لعدم مبادرتهم وتصديهم لظاهرة الختان لم يعمينى ذلك من رؤية انتفاضة اهل رفاعة ضد المستعمر باعتبارها نصرة للضعيف لكن احتفظ بحقى في الاختلاف واؤكد ان موضوع الخفاض كان ولا زال يحتاج لشدة قانونية واجتماعية .. اما فكرة أن نترك الأمور على عواهلها بحجة أن الوقت لم يحن بعد فهذا سيفتح الفرص امام كل التراجعات بما فيها الديكتاتورية والقمع باعتبار ان المجتمع لم يتأهل لقيادة نفسه بعد وستنداح حلقة شريرة من التبرير لكل المظالم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: د.خالد المبارك : محمود محمد طه ...وأنصاف الحقائق ...والردود عليه (Re: nadus2000)
|
ونواصل قراءة الرد ================== من كتاب للجمهوريين صدر عام 1975 بعنوان "معالم على طريق تطور الفكرة الجمهورية خلال ثلاثين عاما" أنقل لكم المادة التالية.
الأبعاد السياسية والإجتماعية لمسألة الخفاض الفرعوني
في أوائل عام 1946م وقد انتظمت البلاد حماسة الوطنية وتكثف النشاط السياسي .. في هذا الوقت الذي تهيأت فيه دولتا الحكم الثنائي مصر وبريطانيا لعقد مفاوضات صدقي – استانسجيت بشأن مصر والسودان ، وفي الوقت الذي علا فيه صوت السودانيين بالمطالبة بالاستقلال ، في تلك الساعة ، سن الانجليز قانون الخفاض الفرعوني ، وتشددوا في تطبيقه .. ولما كانت عادة الخفاض الفرعوني عادة متأصلة في المجتمع السوداني ، وهي مرتبطة في الأذهان أشد الأرتباط بالعرض والشرف ، كان المنتظر بداهة ، لدى الأنجليز ، أن يقاوم السوداينون هذا القانون بأشد من مقاومتهم للأستعمار نفسه ، وذلك للحساسية المرتبطة بهذا القانون .. وعندما يقع رد الفعل بهذه الصورة ، يسهل عليهم أن يصوروا للعالم بأن الشعب السوداني شعب متخلف ، همجي ، وهو ، من ثم ، لم يتأهل بعد للأستقلال – هذا ما أراده الانجليز فعلا ، من وراء سن قانون الخفاض الفرعوني الذي لم يدفعهم اليه حرصهم على المرأة السودانية ، وعطفهم على السودانيين .. فانخدع بذلك كثير من المثقفين ولم يفطن لهذه الخدعة ، وهذه الأهانة التي تلحق بالمرأة السودانية ، وبالرجل السوداني من تطبيق هذا لقانون ، الا الجمهوريين فهبوا الى محاربته من هذا المنطلق ، فحسبهم بعض المثقفين ، جهلا ، مدافعين عن عادة الخفاض الفرعوني الذميمة .. ومادروا انما الأمر دفاع عن كرامة أمة ، أراد أن يهدرها الاستعمار بهذا القانون ..
استثمار المناسبة
لقد صمم الجمهوريون على استغلال مناسبة اصدار هذا القانون بتوعية الشعب بكيد الانجليز ، وتصعيد الشعور بالكراهية نحوهم .. صونا لكرامة المرأة السودانية أولا ، وخدمة لقضية الحرية ثانيا .. وقد أصدروا بيانا في أول الأمر ، وأعقبوه بالخطابة ، في المسجد ، وفي الشارع .. وقد كان تحليلهم للقانون ، وتوقعاتهم لما سيترتب عليه ، كلها صحيحه أثبتها الواقع بعد ذلك .. وهاكم مقتطفات من بيانهم الأول : ((لانريد بكتابنا هذا ، أن نقف موقف المدافع عن الخفاض الفرعوني ، ولانريد أن نتعرّض بالتحليل للظروف التي أوحت به لأهل السوان ، والضرورة التي أبقته بين ظهرانيهم الي يومنا هذا – ولكننا نريد أن نتعرض لمعاملات خاصة ، وأساليب خاصة ، وسنن خاصة سنتها حكومة السودان ، أوقل ، ابتدعتها ابتداعا وأرادتنا أن ننزل على حكم ابتداعها ارغاما )) ((من الآيات الدالّة على سوء القصد ، في هذه الأساليب ، اثارة مسألة الخفاض الفرعوني في هذا الظرف .. وأساليب الدعاية التي طرقتها له ، والطرق التي ارتأتها مناسبة لابطاله ، والقضاء عليه ، ولقد جاءت هذه الآيات دليلا واضحا على التضليل المقرون بسبق الاصرار ))
قانون عجيب
لاشك في أن مجرد التفكير في الالتجاء الى القانون ، للقضاء على عادة متأصلة في النفوس تأصل الخفاض الفرعوني دليل قاطع على أن حكومة السودان اما أن يكون قد رسخ في ذهنها أننا شعب تستطيع القوة وحدها أن تثنيه عن كل مبدأ ، أو عقيدة ، أو أن تكون قد أرادت أن تقول للعالم الخارجي أن السودانيين قوم متعنتون ، وأن تعنتهم الذي ألجأنا للقانون لاستئصال عادة الخفاض الفرعوني الهمجية ، هو نفس التعنّت الذي وقف في سبيلنا ، وشل أيدينا عن استعمال الأراضي الواسعة الخصبة في الجنوب والأستفادة من مياه الدندر ، والرهد ، والأتبرا ، والتوسع في التعليم .. هذا من ناحية الالتجاء للقانون .. وأما القانون في ذاته فهو قانون أريد به اذلال النفوس واهدار الكرامة والترويض على النقائص والمهانة ..
((قل لي بربك !! أي رجل يرضى بأن يشتهر بالتجسس على عرض جاره ؟؟ وأي كريم يرضى أن يكون سببا في ارسال بنات جاره ، أو صديقه ، أو عشيره للطبيب للكشف عليهن؟؟ عجبا لكم ياواضعي القانون - أمن العدل ، والقانون أن تستذلونا باسم القانون ؟؟ أومن الرأفة بالفتاة أن تلقوا بكاسيها في أعماق السجون ؟؟ ))
مواجهة عملية
كان هذا البيان قد خرج ساعة صدور قانون منع الخفاض في ديسمبر 1945م .. وفي سبتمبر 1946م ظهرت أول آثار القانون التي توقعها بيان الجمهوريين ، فقد اقتيدت الى السجن سيدة سودانية ، في رفاعة ، لأنها خفضت ابنتها ، مخالفة للقانون .. ولقد أهدت تلك الحادثة مواجهة عملية للقانون من الجمهوريين .. فقد ألقى الأستاذ محمود خطبة بمسجد رفاعة جاء فيها : -
((ليس هذا وقت العبادة في الخلاوي ، والزوايا ، أيها الناس ، وانما هو وقت الجهاد .. فمن قصّر عن الجهاد ، وهو قادر عليه ، ألبسه الله ثوب الذل ، وغضب عليه ، ولعنه . أيها الناس : من رأى منكم المظلوم فلم ينصفه ، فلن ينصفه الله من عدو . ومن رأى منكم الذليل فلم ينصره ، فلن ينصره الله على عدو . ألا ان منظر الظلم شنيع ، ألا ان منظر الظلم فظيع .. فمن رأى مظلوما لاينتصف من ظالمه ، ومن رأى ذليلا لاينتصر على مذلّه ، فلم تتحرك فيه نخوة الاسلام ، وشهامة الاسلام الى النصرة ، والمدافعة ، فليس له من الايمان ولاقلامة ظفر .))
واستجاب الناس لهذه الخطبة ، وتحركوا من توهم ضد الاستعمار وقانونه المجحف .. ونترك تصوير الأحداث لجريدة الرأي العام التي تابعت تطوراتها :
• (( الرأي العام 21/9/46 - نشرنا قبل أيام ، أن السلطات في رفاعة حكمت على امرأة بالسجن تحت قانون منع الخفاض ، لأنها خفضت بنتا ، وأن الجمهور قابل هذا العمل بروح الاستياء العميق واضطرت السلطات الى اطلاق سراح المرأة بضمانة .. وجاءنا اليوم تلغرافيا ، بتوقيع أهالي رفاعة ، أن السلطات عادت فسجنت المرأة ، وعندما علم الجمهور بالأمر خرج من الجامع ، واقتحم السجن ، وأطلقوا سراح المرأة ، ومكث أفراده الذين ملأوا السجن بدلا عنها .. فأمر المفتش بسجن الضامنين ، ولكن الجمهور رفض ذلك أيضا ، وفي منتصف ليلة البارحة اقتحم البوليس منزل المرأة ، وأخذها الى جهة غير معلومة .. فقامت رفاعة بأسرها قاصدة الحصاحيصا ، ومنعت السلطات المعدية من العبور ، وأضربت المدارس ، وأغلق السوق ، وقامت مظاهرة عمومية ، ويحتشد الجمهور الآن بالشاطيء ، وفي كل مكان)) تعليق :- رغم منع السلطات عبور المعدية فان الجمهور عبر بقوارب الصيد .. • ((الرأي العام الأثنين 23/9/46 - وقفنا بالقارئ أمس الأول عند تجمع سكان رفاعة على شاطئ النهر ، ومنع المعدية من العبور .. وقد عبر بعد ذلك فريق من المتظاهرين الى الحصاحيصا ، ومن هناك انضم اليهم خلق كثير من الناس .. فتوجه الجمع الى المركز في مظاهرات واسعة ، وبدأوا في قذف المركز بالطوب وغير ذلك ، فتحطم كثير من الأبواب ، والنوافذ ، واصطدم المتظاهرون بالبوليس الذي عمل جاهدا لتفريق المتظاهرين .. وعلى أثر ذلك ، أمر سعادة مدير الجزيرة بالنيابة باطلاق سراح المرأة السجينة ، فأخذها جمع من الناس وتوجه بها الى منزلها برفاعة)) • (( الرأي العام 25/9/46 - تمّ اعتقال بعض الناس من رفاعة ، والحصاحيصا ، منهم الأستاذ محمود محمد طه ، وشقيقه مختار محمد طه ، فوضعوا في سجون رفاعة ، والحصاحيصا ، ومدني .)) • ((الرأي العام 25/9/46 - اجتمع أعضاء الحزب الجمهوري مساء أمس ، وساروا في موكب اخترق شارع الملك بالخرطوم .. وقد خطب منصور عبد الحميد في احدى المقاهي التي صادفتهم في الطريق ، فاعتقله البوليس للتحقيق - وكان الغرض من الموكب ، والخطبة ، الأحتجاج على اعتقال رئيسه ، والتنديد بقانون الخفاض. )) • ((الرأي العام 27/9/1946 - اعتقل بوليس الخرطوم بحري مساء أمس ذا النون جباره ، وعبد المنعم عبد الماجد عندما ألقيا خطابين أمام السينما الوطنية بالخرطوم بحري .. نددا فيهما بالمجلس الاستشاري ، وقانون الخفاض ، وكبت حرية الرأي والخطابة )) • (( الرأي العام 1/10/1946م بيان رسمي عن الحزب الجمهوري تريد الحكومة أن تؤكد أن الأشخاص الذين قبض عليهم ، في رفاعة ، ثم في الخرطوم ، والخرطوم بحري ، لم يقبض عليهم لآرائهم عن القانون الذي يمنع الخفاض الفرعوني .. فكل شخص له الحق في أن يكون له رأيا خاصا ، وأن يعرب عنه ، بالطريقة المشروعة .. فالاشخاص الذين في رفاعة قبض عليهم لاثارة الشغب ، والذين في الخرطوم والخرطوم بحري ، قبض عليهم لالقاء خطب مثيرة ، علانية ، يحتمل أن تعكر صفاء الهدوء العام ، وأن تثير اخلالا بالأمن .))
اطلاق الرصاص على الجمهور الثائر
وفي بيان رسمي آخر عن اعتقال الأستاذ برفاعة ، وثورة الجمهور ، وتحركه لاطلاق سراحه ، واطلاق البوليس الرصاص عليهم جاء مايلي :
* ((الرأي العام 7/10/1946 : جاءت قوة كبيرة من البوليس من مدني ، برئاسة مفتش المركز وفي نفس الوقت عسكر خارج رفاعة البلوك الرابع من فرقة الهجانة بقيادة الصاغ أحمد عبد الله حامد الذي دخل الى رفاعة برفقة ضابط سياسي ، وقابل المفتش ، وقمندان البوليس ، ورجع الى مقر فرقته .. واعتقل الأستاذ محمود محمد طه ، وأحضر الى المركز .. وأثر ذلك تحرك جمهور كبير نحو المركز ، وفي الحال نقل الأستاذ محمود الى معسكر البلوك الرابع ، خارج المدينة .. وتحركت فصيلة من البلوك الرابع لتعزيز قوة بوليس مركز رفاعة .. وكان اطلاق الرصاص بأمر مفتش المركز ، عندما رفض الجمهور اطاعة أوامر البوليس المتكررة بأن يتوقفوا عن تقدمهم صوب المركز ، وقد أطلق البوليس دفعة فوق رؤوس الجمهور وهم على بعد 40 ياردة تقريبا من المركز ، ولما لم يقفوا ، أطلقت دفعة أخرى على الأرض أمام أقدامهم ، في وقت كانت فيه مقدمة الجمهور على بعد 25 ياردة من المركز ، ولم يصب غير أربعة أشخاص ، أثنان منهم باصابات بسيطة جدا ، وأما الرابع ، فقد كسرت ساقة كسرا سيئا))
اشتراط مناقشة القانون
• (( الرأي العام 10/10/1946 - علمنا أن الأستاذ محمود محمد طه رفض أن يقبل محاميا للدفاع عنه ، وأنه أعلن بأنه لن يدلي بأية أقوال للتحقيق الا على أساس مناقشة قانون منع الخفاض .))
محكامات أحداث رفاعه
* (( الرأي العام 21/10/1946 - صدرت أحكام بالسجن بمدد تتراوح بين شهر وسنة على كل من : عباس المكي ، عوض القريض ، أحمد الأمين ، محمد الياس ، الزبير جاد الرب ، عبد العال حسن ، أحمد عثمان ، حمد النيل هاشم ، علي مالك ، محمد الحاج على ، بابكر وقيع الله ، عبد الله حامد الشيخ ، حسن أحمودي ، منصور رجب ، عبدون عجيب - وحكم على "صبي" بالجلد .))
محكمة كبرى بمدني
• (( الرأي العام 17/10/1946 – حكمت محكمة كبرى بودمدني برئاسة القاضي أبورنات ، بسنتين سجنا على الأستاذ محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري ، بتهمة اثارة الشغب في رفاعة .. كما حكم عليه بوضعه تحت المراقبة لمدة سنة أخرى بعد اتمام مدة سجنه .))
محاكمة الجمهوريين بالخرطوم بحري تحت المادة 105
• (( الرأي العام 19/10/1946 – أصدرت محكمة الجنايات حكمها على بعض أعضاء الحزب الجمهوري المتهمين تحت المادة 105 وكانت الأحكام كالآتي : عثمان عمر العتباني 3 شهور سجنا ، سعد صالح عبد القادر ، شهر سجنا ، ذا النون جباره شهر سجنا وكانت المحكمة برئاسة استانلي بيكر ، وعضوية محمد أفندي محمود الشايقي مفتش الخرطوم بحري ، والعمدة عمر كويس .))
صوم الأستاذ لقد كانت أيام الأستاذ بالسجن عامرة بالصيام ، صيام النهار وصيام المواصلة ، ولقد ظنه الناس اضرابا عن الطعام ، على مألوف العادة لدى السجناء السياسيين أحيانا ، وماهو بذاك وقد تواترت الأخبار عنه في الصحف ، واهتم به الناس ، وأشفقوا ولقد كان هذا الصوم من مذكيات روح السخط على الاستعمار .. وقد جاء هذا الخطاب مصححا للأعتقاد الخاطيء عن صوم الأستاذ :-
• (( الرأي العام 5/10/1946 حضرة رئيس تحرير الرأي العام .. بالاشارة الى الخبر المنشور في صحيفتكم عن اضراب رئيس الحزب الجمهوري عن الطعام ، أعرفكم أن الأستاذ كان صائما في اليوم الذي أعتقل فيه ، وليس مضربا ، وأنه قد أفطر ليلا .. وقد قابلت ضابط السجن – بوصفي خالا للمعتقل – في يوم وصوله ، وسمح لي بتقديم الطعام اليه في كل يوم .. ومن هذا يتضح أن الأستاذ لم يكن مضربا عن الطعام كما نشر .. وختاما تقبلوا سلامنا . التوم محمد حمزه ))
اغلاق الأندية احتجاجا
• (( الرأي العام 24/10/1946 - بهذا اليوم ، أتم الأستاذ محمود محمد طه ، رئيس الحزب الجمهوري السجين ، ستة أيام من صيامه .. وقد أغلقت أمس أندية الخريجين في مدني ، والأندية الرياضية ، احتجاجا على سوء معاملته .. وتتوالى برقيات الحزب الجمهوري ، والمواطنين على السلطات بالاحتجاج .))
كيف تعاملون رئيس حزب بأسوأ من معاملة اللصوص ؟؟
• (( الرأي العام 24/10/1946 من كلمة بعنوان "خواطر" ((وشاءت الحكومة أن تضع الأستاذ محمود محمد طه ، رئيس الحزب الجمهوري ، في الدرجة الثالثة بالسجن ، حيث يلقى المعاملة التي يعامل بها حثالة المجرمين من أحقر طبقات المجتمع .. وكان أن صام الأستاذ محمود ، وأضرب عن تناول الطعام ، والشراب ، منذ أربعة أيام ، احتجاجا على هذه المعاملة القاسية)) .. ((هذا التصرف الغريب من قبل حكومة السودان ، لايقابل من كل السودانيين الا بالاستنكار ، فليس من الأنصاف في شيء ، أن يوضع شخص مثل الأستاذ محمود له مكانته الملحوظة في المجتمع في الدرجة الثالثة بالسجن ، وينال هذه المعاملة القاسية ..))
الشعب السوداني شعب عملاق
لقد أثبتت هذه الأحداث أن الشعب السوداني شعب أصيل ، شجاع ، كريم .. يجود بالنفس في سبيل العزة ، والشرف ولاينقصه غير القائد الذي يفجر كوامن أصالته ، ويحرك حسه الوطني .. فاذا وجد قائدا ، في مستواه ، فان المعجزات تجري على يديه ، والبطولات تسعى اليه خاطبة وده .. حقا كما قال الأستاذ محمود في تحقيق معه في جريدة الأخبار ، فيما بعد ، ((الشعب السوداني شعب عملاق يتصدره أقزام ))
جازت خدعة قانون الخفاض على بعض المثقفين !!
لقد انخدع بعض المثقفين بقانون الخفاض الفرعوني ، ولم يطالعهم وجهه الآخر .. ولما تزل هذه الخدعة تجوز على كثير من الناس ، بل انها قد جازت على بعضهم بأثر رجعي !! ومن هؤلاء الدكتور سعيد محمد أحمد المهدي ، عميد كلية القانون بجامعة الخرطوم ، سابقا فقد عبرعن تقويمه لهذا الأمر في مقال له بجريدة الصحافة بتاريخ 30/11/1968 ، وهو يعلق على مهزلة محكمة الردّة .. حيث قال :
(( وأذكر أنه قبل عشرين عاما ، بالتمام والكمال ، وأنا طالب في مدرسة رفاعة الأميرية الوسطى بالسنة الأولى ، ان الناس كانوا يتحدثون عن ثورة محمود محمد طه التي سجن من جرائها . ذلك أنه قاد الجماهير الغاضبة من رفاعة الى مركز الحصاحيصا )) .. ويمضي الدكتور سعيد فيقول : (( وهذه الثورة رغم أنها رجعية ، لأنها تؤيد الخفاض الفرعوني الا انها كانت ثورة عارمة ضد الاستعمار .))
هذا ماقاله الدكتور سعيد بعد عشرين عاما من أحداث رفاعة .. ولئن عذرنا عامة المثقفين لالتباس الأمر عليهم ، ولنقص المعلومات التي لديهم عن هذه الواقعة ، فلن نعذر الخاصة من هؤلاء ، بل من يكون منهم على رأس مؤسسة من أكبر المؤسسات القانونية .. ذلك بأنه لايقوم نقص المعلومات ، التي يمكن الحصول عليها ، وتمحيصها ، عذرا أمام هؤلاء في أن يتناولوا واقعة تاريخية ، مثل واقعة قانون الخفاض الفرعوني ، تناولا مجردا من الملابسات المحيطة بها ، فيأتي ، من ثم ، حكمهم عليها ساذجا وسطحيا .. أليس من المؤسف أن يأتي رجل مثقف ثقافة قانونية ، بعد عشرين عاما ، من مناهضة قانون الخفاض الفرعوني ، فيقول أنها ((تؤيد الخفاض الفرعوني)) ولذلك ((فهي ثورة رجعية)) .. ان الثورة كانت ضد ((القانون)) وليست دفاعا عن الخفاض .. ليست ضد القانون في ذاته ، ولكن للملابسات التي تكتنفه .. أرجو أن لايكون ابناؤنا من طلبة الحقوق بجامعة الخرطوم ، يدرسون ، عن هذه السابقة القانونية ، على طريقة الدكتور سعيد !!
المثقفون يتجاوبون مع الجمهوريين
لقد حركت بيانات الجمهوريين وأحداث رفاعة والخرطوم المثقفين سلبيتهم وأخذوا يستشعرون سوء هذا القانون الذي نبه اليه الجمهوريون من أول وهلة . واتخذت استجابة المثقفين شكل التعليق في الصحف .. وفيما يلي نبذه من افتتاحية جريدة الرأي العام وهي تعلق على الأحداث ، وكانت السلطات قد نقضت بواسطة المحكمة حكم السجن على امرأة رفاعة ، لانقاذ مايمكن انقاذه من هيبتها وتهدئة للخواطر الثائرة ، وقد جاء هذا النقض في الوقت الذي كانت فيه امرأة رفاعة خارج السجن في منزلها برفاعة حيث كانت السلطات قد اضطرت تحت ضغط الجماهير الثائرة لاطلاق سراحها .. ((أصبح واجبا لزاما علينا أن ننبه الحكومة ، على ضوء ماحدث أخيرا ، في أول تجربة لتطبيق هذا القانون ، الى الخطر الذي ينجم من التسرع في تطبيقه ، والى النكبه الأجتماعية الخطيرة التي ستتعرض لها المرأة السودانية عند تطبيق هذا القانون عليها .. ففي الحادث الأخير بدأ واضحا أن الطريق التي اتبعت في اعتقال هذه المرأة كانت مثيرة ، ولاتتفق مطلقا مع كرامة الحكم وهيبة القضاء ، فانتزاع المرأة من بيتها ، في غسق الليل ، وبازار النوم ، وتهريبها الى الحصاحيصا ، لامعنى له غير اثارة الخواطر أكثر ولايجدر بالحكومة أن تلجأ الى أساليب هي أشبه بأساليب الاختطاف التي يلجأ اليها رجال العصابات)) .. ((وليست هذه الطريقة التي اتبعت هي موضع الخطر في هذا القانون ، ولكن هناك خطرا جسيما ، ولابد من التنبيه عليه ، ذلك أن المرأة السودانية الشريفة ، الحرة ، لم تتعرض ، حتى الآن ، الى محنة السجن ، بحكم حياتها الاجتماعية ، التي تنأى بها عن مواطن الجريمة )) ((وقانون الخفاض ، بوضعه الحالي ، سيخلق عقابا لجريمة سوف تتعرض لها بالتأكيد كرائم النساء السودانيات اللواتي لايرين ان الخفاض جريمة ، بحكم مايسيطر على عقولهن من سلطان العادات الموروثة ، والتقاليد المتبعة ومعني هذا ، أنه من المحتمل جدا أن يتعرض لسطوة القانون هذا النوع من النساء السودانيات المحصنات .. ويقينا أن القاء هؤلاء في السجن ، بغض النظر عما يثيره في نفوس رجالهن ، وذويهن ، فانه من ناحية النظرة الاجتماعية المحضة ، يقضي على سمعتهن ، وكرامتهن قضاء مبرما .. وما أحسب أن امرأة محصنة توضع في سجن ، من هذه السجون السيئة الوضع ، والرقابة ، تخرج منه وهي محتفظة بسمعتها ، ولن يتقبلها المجتمع السوداني بعدها تقبلا حسنا ، اذن فالعقاب بالسجن ، لمثل هذا النوع من النساء ، لايعد اصلاحا وتهذيبا لنفوسهن ، ولايردع غيرهن ، وهذا هو الغرض من سجن المجرم ، انما يعد افسادا لخلقهن ، وقضاء مبرما على سعادتهن في المجتمع .))
هذا ماقالته الرأي العام عام 1946 .. وفي وقتنا الحاضر يعدّ الأستاذ التجاني عامر ، من المثقفين الذين كان واضحا لديهم البعد الذي نظر به الجمهوريون لمسألة قانون الخفاض ، فالاستاذ التجاني عاصر فجر الحركة الوطنية وهو بذلك شاهد عيان للأحداث ، والمواقف التي نحن بصددها . فلنستمع لتعليقه في جريدة الصحافة ، بتاريخ 16/4/75 وهو يتحدث عن تاريخ الأحزاب السودانية : (( الحزب الجمهوري .. قد يكون هذا الحزب من أقدم الأحزاب السياسية ، بحساب الزمن ، وهو أول حزب صغير يعمل خارج نطاق النفوذ الطائفي باصرار ، بل بمناجزة وصدام واسمه يدل على المنهج الذي انتهجه لمصير السودان … مؤسس الحزب الجمهوري هو الأستاذ محمود محمد طه الذي كان من أبرز الوجوه الوطنية في مستهل حركة النضال )) (( وقد تعرض محمود للسجن الطويل في خصومات ايجابية مع الانجليز منها حادث "الطهارة الفرعونية" في رفاعة ، وهو حدث اجتماعي رفعه محمود الى مستوى المساس بالدين والوطن )) ..
عادة الخفاض لماّ تبطل
وبعد ، فان عادة الخفاض الفرعوني لاتزال تمارس رغم وجود القانون ، ورغم سوء هذه العادة البالغ ، وذلك لسببين أولا : لم تتفق التوعية الكافية للشعب عن قبح هذه العادة ومضارها .. ثانيا : مثل هذه العادة الحساسة المتأصلة ، في مجتمع مثل مجتمعنا ، لايقتلعها القانون وحده ، وماينبغي له أن يقتلعها .. وانما الذي يقتلعها نهائيا هو التربية والتوعية الشعبية..
توقف الى حين
لقد كان حادث رفاعة منعطفا في تاريخ الفكرة الجمهورية ، ولقد تجمد نشاط الجمهوريين ، أو كاد ، بعد سجن الأستاذ لمدة عامين أعقبهما عامان آخران ، فيهما واصل اعتكافه برفاعة ، وقد كانت الأعوام الأربعة ، هي في الحقيقة ، فرصة للعمل الحقيقي ، وهو اعداد الداعية الاعداد الكامل الذي به يكون تمام ملك الفكرة ، وتمام دعوة الآخرين اليها ، وما الاعداد الا صفاء الفكر وسلامة القلب ..
انتهى النقل من الوثائق. أما بعد، فهذه هي الوثائق، فإن كان الدكتور خالد المبارك يريد أن يبرئ ساحته من السطحية التي لا تليق بكاتب وباحث مثله فليفعل، وإذا لم يرد فهو وشأنه. إن التاريخ مسجل وموجود ولن يستطيع أن يغيره بمثل هذه الكتابة.
والكتابة تتواصل.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: د.خالد المبارك : محمود محمد طه ...وأنصاف الحقائق ...والردود عليه (Re: الجندرية)
|
الجندرية العزيزة
لاأختلف معك حول ماتحتاجه انتهاكات الحقوق ـ أيا كانت وفي أي زمان ومكان ـ من التصدي والمجابهة، غير أنني في حادثة رفاعة أقول أن الوعي الأجتماعي الذي كان سائدا حينها يبرر مثل تلك الممارسات، فلا أظن أن الأستاذ محمود أو العم علي مالك أو الأستاذ عبد الجليل( رحمهم الله) أو غيرهم من ثوار رفاعة كانوا من أنصار ممارسة الختان الفرعوني بل ان مواقفهم حول هذا الأمر معلومة كدعاة نهضة وتغيير ولكن عندما يتهمهم خالد المبارك زورا بان وقفتهم كانت لصالح سيادة العادات الضارة يكون قد ظلمهم وظلم تاريخ المدينة الباسلة. وعندما اقول ان خالد المبارك حاكم الماضي بمعايير الحاضر أعني أن الوعي الأجتماعي الذي كان سائدا يبرر سيادة المفاهيم الناتجة من بنية هذا الوعي. لم يدعو أحد لا أنا ولاثوار رفاعة لتجاوز المظالم بأي حجة هم أيضا تصدوا للعادات والمفاهيم المتخلفة بالوسائل . والأدوات التي أتاحها الظرف التاريخي ولك تحياتي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: د.خالد المبارك : محمود محمد طه ...وأنصاف الحقائق ...والردود عليه (Re: Abomihyar)
|
الجمهوريون يلقون بكلهم في المعركة
لقد شهدنا آنفا كيف بدأ النشاط السياسي من خلال المؤتمر وأحزابه حبيسا بين جدران مكاتب المؤتمر ودواوين الحكومة ، لم يزد على تبادل المذكرات بين الجانبين ، فكانت خطوات زعماء المؤتمر مكبلة بتوجس وحذر شديدين .. وكان الميدان السياسي يعاني فراغ الفكرة ، وفراغ الحماس .. فرأى الجمهوريون أن يملأوا أولا فراغ الحماس ، وان لم يغب عنهم أمر الفكرة ، فاندفعوا في مواجهة صميمة يوزعون المنشورات الموقعة باسمهم ، ويلقون الخطب السياسية على الشعب في أماكن وجوده .. في الميادين العامة ، في المقاهي ، وحيث وجدوه يبصرونه بقضيته ويثيرون حماسه ضد الأستعمار ، فانزعج الأنجليز لهذا الأقدام وهذه الصلابة ، في مواجهتهم فهبوا لكبت الجمهوريين واسكات صوتهم ، ولكن الجمهوريين صمدوا ، وأروا الانجليز أنهم لايهابون سجنهم وارهابهم ، بل رفضوا أن ينصاعوا لأمرهم بوقف النشاط السياسي ، وفضلوا السجن في سبيل ذلك .. فلقد اعتقل الأستاذ محمود وكان في معتقله أكثر مواجهة للأنجليز مما اضطرهم لاطلاق سراحه قبل تمام مدة الحكم المقررة ، فقد خرج من السجن بعد خمسين يوما بلاقيد ولاشرط ..
صورة خطابي استدعاء البوليس للتحقيق مع الأستاذ محمود
نثبت فيما يلي صورة الخطابين الموجهين للأستاذ محمود : الأول من البوليس للتحقيق معه في شأن نشاطه السياسي ، والثاني من قاضي الجنايات للمثول أمام المحكمة لمواجهة الأتهام بالنشاط السياسي وتوقيع تعهد بالكف عن ممارسته النشاط ضد الحكومة :
(( CID/36.H Criminal Investigation Department P.O.Box 288 Khartoum, 24 March, 1946 Mahmoud Mohed Taha, Merchant, Omdurman,
Dear sir, You are hereby required to attend at the C.I.D office at 9 a.m on 25/3/46 to answer questions respecting some circulars purporting to have been issued by the Republicans. Please acknowledge receipt of the letter
Yours Faithfully, (G.E.S Price) Superintendent, C.I.D.
Summons on information of a probable Breach of the peace. (see sections 81 and 84) To Mahmud Mohed Taha, Contractor, Omdurman. Whereas it has been made to appear to me by credible information that you have issued a pamphlet which is deemed to be likely to excite feelings of disaffection to the government and to lead to a breach of the peace or to disturb the public tranquility: You are hereby summond to attend in person at the Polic Magistrate’s Court on the 2nd day of June, 1946 at 08:45 a.m to execute a bond for £s 50 and also to give security by bond of one surety in the sum of £s 50 that you will keep the peace and refrain from illegal acts likely to disturb the public tranquility for the period of two years or to show cause why you should not execute such bond and give such security. Dated this 29th of May, 1946 W.C. McDowall Police Magistrate, Khartoum ))
ترجمة الخطابين (( مكتب التحريات الجنائية 36هـ/م.ت.ج ص.ب 288 الخرطوم في 24 مارس 1946م
محمود محمد طه تاجر أم درمان
السيد المحترم بموجب هذا مطلوب حضورك بمكتب التحريات الجنائية الساعة 9 صباحا يوم 25/3/46 للاجابة على اسئلة تتعلق بمنشورات يعتقد انها صدرت عن الجمهوريين … أرجو التكرم بالتوقيع باستلام هذا الخطاب.
المخلص ج.أ.س برايس ملاحظ، مكتب التحريات الجنائية
"ورقة تكليف بالحضور للأدلاء بمعلومات تتعلق باحتمال الاخلال بالسلام" "انظر المادتين 81 و 84" الى محمود محمد طه، مقاول، أم درمان. بما انه قد تبين لي بمعلومات موثوق بها انك قد اصدرت منشورا يعتقد انه من المحتمل أن يثير الشعور بالكراهية ضد الحكومة ويؤدي الى الاخلال بالسلام، أو الى ازعاج الطمأنينة العامة. فأنت بموجب هذا، مطلوب حضورك شخصيا للمثول أمام محكمة الجنابات في اليوم الثاني من يونيو 1946 الساعة 8:45 صباحا لتوقع على كفالة مالية قيمتها خمسون جنيها، وأيضا لتوقع على كفالة بواسطة ضامن واحد بمبلغ خمسين جنيها على أن تحفظ السلام وتمتنع لمدة سنتين عن القيام بالاعمال غير المشروعة والتي من المحتمل أن تخل بالطمأنينة العامة، أو تبين السبب الذي يمنعك عن التوقيع على هذه الكفالة وهذا الضمان..
بتاريخ اليوم التاسع والعشرين من مايو 1946 و.س ماكدوال قاضي جنايات، الخرطوم
* يلاحظ في خطابي البوليس وقاضي الجنايات تعمّد الانجليز تجاهل مخاطبة الاستاذ محمود بوصفه رئيسا لحزب .. فقد خاطبوه في الخطاب الأول بأنه: "تاجر" وفي الخطاب الثاني بأنه "مقاول" !! ولكن أي تجارة هذه، وأي مقاولة، تلك التي تقض مضاجع الاستعمار، حتى يحاول أن يكمم الافواه ويغيّب الاحرار بين جدران الزنزانات!؟
انباء مواجهة الجمهوريين تشغل صفحات الصحف
وقد شغلت انباء مواجهة الجمهوريين للانجليز صفحات الصحف في تلك الايام. وهذه نماذج لما كانت تنشره من انباء :-
((الرأي العام – 3/6/1946 مثل الاستاذ محمود محمد طه المهندس امس امام قاضي الجنايات المستر مكدوال متهما من بوليس الخرطوم تحت قانون التحقيق الجنائي لتوزيعه منشورات سياسية من شأنها الاخلال بالأمن العام، وقد أمره القاضي أن يوقع على صك بكفالة شخصية بمبلغ خمسين جنيها لمدة عام لايشتغل خلالها بالسياسة ولا يوزع منشورات. ويودع السجن لمدة سنة اذا رفض ذلك.. ولكن الاستاذ محمود رفض التوقيع، مفضلا السجن، وقد اقتيد لتوه الى سجن كوبر.)) …
هكذا اراد دهاء الانجليز!! لا أن يسكت صوت الوطنيين وحسب، وانما ان يذلهم ليطأطئوا رؤوسهم الى الابد، وذلك بأن يوقعوا وثيقة تخاذلهم وتنازلهم عن مبدأ النضال، ولكن الجمهوريين لم يفت عليهم ذلك، ولم يهنوا أمامه.. فاختارو السجن على أن يتعهدوا بالاستكانة في وجه المستعمر ..
داخل السجن
وفي داخل السجن لم يصمت الاستاذ محمود ولم يخضع لما يهين كرامة الانسان.. والبيان الرسمي التالي يعطي صورة عن مواقفة داخل السجن:
(( الرأي العام – 26/6/1946" بيان رسمي من مكتب السكرتير الاداري عن رئيس الحزب الجمهوري: (ظهرت بيانات في الصحف المحلية حديثا بخصوص محمود محمد طه الذي هو الآن تحت الحراسة بالخرطوم بحري نتيجة لرفضه أن يمضي كفالة المحافظة على الأمن.. وهذه البيانات قد احتوت على معلومات غير دقيقة، والحقائق كالآتي: لمدة يومين رفض محمود محمد طه أن يشتغل، وهذا يخالف قوانين السجن فلم يعمل له أي شئ في اليوم الاول، أما في المرة الثانية فقد حكم عليه بالبقاء ثلاثة أيام "بالزنزانة" و "الاكل الناشف" ولو أنه رفض أيضا أن يقف عند الكلام مع ضابط السجن فان العقوبة التي نالها الان لم تعط له نتيجة المخالفة لنظام السجن، وبهذه المناسبة يجب أن يعلم أن كل المساجين مهما كانت جنسياتهم يجب أن يقفوا الى ضابط السجن انجليزيا كان أو سودانيا ..))
الاستعمار يرغم على اطلاق سراح الاستاذ محمود محمد طه، فيتأجج اضرام الوطنية في أوساط الشعب
لقد كانت مواجهة الجمهوريين داخل السجن وخارجه مقلقة للاستعمار ومحطمة لكبريائه فاضطر الى اطلاق سراح الاستاذ بلا قيد ولا شرط قبل أن يكمل مدة الحكم بسجنه سنة، وذلك بعد مضي خمسين يوما من سجنه، فكان لهذا الموقف صدى طيب في أوساط الشعب على اختلاف اتجاهاته، فانهالت برقيات الاعجاب والتهنئة من المواطنين وفيما يلي نعرض نماذج منها :-
* سكرتير الحزب الجمهوري – أم درمان كان سجن الرئيس درسا وطنيا قيما لشباب الجيل في الايمان والروح وقد سررنا لخروجه لا شفقة عليه ولكن ليواصل الجهاد الوطني حسن بابكر – القضارف 24/7/1946.
* محمود محمد طه – الحزب الجمهوري أم درمان تأكل النار الصدأ واللمما وبها يسمو كريم الذهب ويرى الحر العذاب المؤلما لذة في الحق يا للعجب ياسجينا قدره قد عظما وسما حتى جثا في السحب أحمد محمد عثمان – عطبرة 29/7/1946
* الاستاذ محمود محمد طه رئيس الحزب الجمهوري – أم درمان أعضاء جبهة المؤتمر الوطنية بالابيض يرون في خروجك من السجن آية واضحة للايمان بالوطنية الصادقة ويعدّون جهادكم رمزا للكرامة السودانية، فبقلوب مفعمة بالغبطة يشاركون اخوانهم الجمهوريين السرور بعودتكم لميدان الجهاد . السكرتارية 24/7/1946
• أمين صديق ، البوستة الخرطوم للرئيس دخلته رجلا وغادرته بطلا وضربته مثلا علي عبد الرحمن – الابيض 23/7/1946
* سكرتير الحزب الجمهوري – الخرطوم ان جميع اعضاء الجبهة الوطنية بسنجة مستبشرون بالافراج عن رئيس ح######م العظيم وهم جميعا يبتهلون الى الله أن يسدد خطاكم ويتمنون للرئيس العافية وحسن الجهاد. سكرتير عام الجبهة الوطنية – سنجة 2/8/1946
* محمود محمد طه – أم درمان عرفنا فيك المثل الاعلى منذ عهد الطلب، فسرّنا أن يعرف القاصي والداني هذا القلب الكبير صديق الشيخ – كوستى 30/7/1946
* محمود محمد طه – أم درمان أوفيت كرامة السودان وابائه حقهما – فلتعش رمزا صادقا للوطنية الخالصة ، لك تقديرنا واعجابنا . اتحاد طلبة كردفان – الابيض 23/7/1946
* محمود محمد طه – أم درمان لقد سجلت بعزمك القوي وايمانك الصادق فخرا للأجيال فلتعش مرفوع الرأس – لك منى التهاني؟ الطيب حسن/عطبرة 24/7/1946
وهكذا كان رد الفعل وسط المواطنين، اذكاء لروح الوطنية، واحياء للشعور بالعزة والكرامة، بعد طول موات
نشاط الجمهوريين يتصعـد
ونشرت جريدة الرأي العام في نفس الأسبوع الذي سجن فيه الاستاذ الخبر التالي:
((القى الاستاذ أمين محمد صديق سكرتير الحزب الجمهوري خطابا عاما أمس الاول عن الجنوب في الخرطوم بحري في جمهور كبير أمام السينما الوطنية، وأعاد القاءه مرة أخرى في نفس الليلة في مكان آخر في الخرطوم بحري، وقد استدعاه البوليس هذا الصباح وحقق معه فاعترف بكل ما حصل وزاد بأن هذا جزء من خطط كبيرة ينفذها الحزب الجمهوري )).
كان هذا هو شأن الجمهوريين في العمل السياسي حين كانت الاحزاب قد شيعت وفدا جمع شتاتها لمراقبة المفاوضات الانجليزية المصرية التي عقدت بالقاهرة .. فكان رجال الوفد ينزلون بأفخم الفنادق ويعقدون المؤتمرات الصحفية ويقيمون الحفلات الفاخرة .
مطالب الوفد السوداني بالقاهرة
ففي جريدة الرأي العام بتاريخ الاربعاء 28/3/1946 نشر خبر جاء فيه أن الوفد السوداني عقد مؤتمرا صحفيا أعلن فيه : (( أن مطالب السودانيين تتلخص في : (1) اقامة حكومة سودانية ديمقراطية حرة في اتحاد مع مصر وقد ترك تحديد نوع هذا الاتحاد معلقا لم يبت فيه (2) مصر والسودان سيقرران معا طبيعة هذا الاتحاد . (3) عقد محالفه مع بريطانيا العظمى على ضوء هذا الأتحاد المصري السوداني ))
طلبة الكلية والطائفية
وفي الوقت الذي كان الجمهوريون فيه ينددون بانسياق زعماء الاحزاب والمؤتمر وراء الطائفية ، نجد حتى طلبة الكلية مظنة الثورة ، والتحرر ، والنزوع الى التطرف في نبذ القديم .. نجدهم دون المستوى المطلوب ، فهم أيضا قد انخدعوا بالطائفية .. فهذا وفد من اتحادهم يتصل بزعماء الطائفية فيما تحدثنا جريدة الرأي العام بتاريخ 10/4/1946م:
((اتحاد الطلبة في دار السيدين جاءنا البيان الآتي من سكرتارية اتحاد طلبة كلية غردون : بمناسبة الحوادث الوطنية الأخيرة وسفر وفد السودان الى مصر زار جماعة من اتحاد طلبة كلية غردون السيدين الجليلين في داريهما فوجدوا زيادة على الترحاب والمقابلة الحسنة روحا وطنية فياضة وتلقوا من السيدين العظيمين نصائح ثمينة وآراء قيمة تنير السبيل السوي للخدمة الصادقة في سبيل الوطن .. حيا الله السيدين الجليلين وأبقاهما ذخرا لهذه البلاد .))
هذه هي الروح التي كانت تلف المثقفين ، وهذا هو مدى وعيهم .. لقد تصدى الجمهوريون لمواجهة الاستعمار لما رأوا فتور الهمم ووجل القلوب ، حين كان رجال الأحزاب يجعلون بأسهم بينهم ، ويستغرقهم صراعهم على زعامة الشعب ، حتى ساروا في ركاب الطائفية ، ومن ورائها دولتي الحكم الثنائي .. وكما رأينا ، من مذكرات المؤتمر ، ومن بيانات الوفد السوداني بمصر ، فان الصراع غدا ، في الحقيقة ، من أجل الانجليز والمصريين ، وليس من أجل استقلال السودان ، ولاحرية السودان ، وان لم يشعر بذلك هؤلاء المتصارعون .. فانبرى الجمهوريون ينبهون لخطورة الانقسام في الحركة الوطنية على ذلك النحو المزري .. وهذا واحد من بياناتهم التي صدرت في ذاك الحين ، بتاريخ 18/2/1946م :
(( هذا نذير من النذر الأولى ياجماعة الأشقاء وياجماعة الأمة – أيها القاسمون البلاد باسم الخدمة الوطنية – أيها القادحون قادحات الاحن بين أبناء الأمة – أيها المذكون ثائرات الشر والتفرقة والقطيعة ، أيها المرددون النغمة المشئومة – نغمة الطائفية البغيضة – انكم لتوقرون أمتكم وقرا يؤودها .. ياهؤلاء ، وهؤلاء ، أنتم تلتمسون الحرية بالانتماء الى المصريين فتتمسكون بأسباب رمام ، وأنتم تلتمسون الملك بالبقاء تحت الانجليز فتتهيأون لدور الهر الذي يحكي بانتفاخه صولة الضرغام .. أنتم تريدون ابقاء المصريين ، وأنتم تريدون ابقاء الانجليز ، فاذا اجتمعت كلمتكم فانما تجتمع على ابقاء المصريين والانجليز معا .. ياهؤلاء ، وهؤلاء ، أنتم تتمسحون بأعتاب المصريين لأنكم لاتقوون على مواقف الرجال الأشداء ، وأنتم تتمسحون بأعتاب الانجليز لأنكم صورتم المجد في أخلادكم صورا شوهاء .. أنتم تريدون السلامة ، وأنتم تريدون الملك .. أنتم تضيعون البلاد لمّا تجبنون وأنتم تضيعون البلاد لمّا تطمعون .. أنتم تستغلون سيدا لايعرف ماتريدون ، وأنتم يستغلكم سيد يعرف مايريد ، والبلاد بينكم أنتم ، وأنتم ، على شفا مهواة ومهانة .. فليلطف الله ببلاد لايخدم نهضتها الا صغار الموظفين ، أو كبار الموظفين ، وليتدارك الله دينا باسمه يحيا أناس في برد العيش ، وقرار النعمة ، ورخاء الدعة ، وباسمه هم لأبنائه يكيدون .. ياهؤلاء ، وهؤلاء : ان الله لواحد ، وان الدين لواحد ، وان الوطن لواحد ، ففيم تنقسمون على هذا النحو المزري . ياهؤلاء ، وهؤلاء : كونوا ليوثا غضابا ، أو فكونوا قردة خاسئين ، وارحموا شباب هذا الوادي المسكين ، فقد أوسعتموه غثاثة وحقارة وهوانا .. ياهؤلاء ، وهؤلاء – لأنتم أشأم على هذه البلاد من كل شؤم وشؤم .. أيها السادرون من هؤلاء وهؤلاء ، لاتحسبن الكيد لهذه الأمة مأمون العواقب ، كلا !! فلتشهدن يوما تجف لبهتة سؤاله أسلات الألسن ، يوما يرجف كل قلب ، ويرعد كل فريصة .. أما بعد : فهذا نذير بين يدى صاخة ، تمزق مسامع من أصمّه الطمع )) ´========================
| |
|
|
|
|
|
|
د خالد المبارك (Re: nadus2000)
|
الاستاذ الشهيد محممود شخصية عامة ليست فوق مستوى النقد ولكن السوال للدكتور الكاتب كيف لم يجد ما يكتبه عن الاستاذ محمود باطروحاتة وفكرة التجديدى المثير للجدل سوى الكتابة عن مظاهرة قبل الاستقلال انا اختلف مع الاستاذ ومع الفكر الدينى بصورة عامة غير ان الافكار والاجتهادات التى قدمها الاستاذ وسيرة حياتة البسيطة والعميقة واستشهادة الاسطورى وضعة فى مصاف العلماء الشهداء الحلاج وسقراط جدير بالبحث والحوار والمثل المصرى يقول مالقاش عيب فى الورد قال خدودو حمرا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: د خالد المبارك (Re: mohmmed said ahmed)
|
الأخ نادوس
شكراً لكل هذا الكم من التوثيق لا أريد محاكمة الماضي بقوانين الحاضر .. إن رأى مثقفو رفاعة قبل اكثر من نصف قرن ان بعض القضايا الاجتماعية تحل تلقائيا وان لا صوت يعلو فوق صوت النضال ضد المستعمر فذلك شأنهم ووفق ظرفهم التاريخي . ولكن ان يظل موضوع العنف الجسدي الممارس ضد النساء والمتمظهر بالخفاض الفرعوني مرجأ دائماً بدعاوى شتى مرة لان المستعمر يكيد لنا من هذا الباب ، وثانية لأن المجتمع لم يتهيأ بعد ، ومرة أخرى لأنه تدخل في سيادتنا وشئوننا الداخلية ... الخ ، أمر لا أستطيع قبوله ، فالتبرير لن ينقطع ولن يعدم منظريه حجة ..
جمال محجوب شريف يلجم لساني دائماً ، فحتى الآن لم يفتح الله عليّ بالسؤال . وزي ما قال ابو مهيار بختكم .
انتظر دوماً مداخلاتكما المتميزة أنت وأبنوسة . سلام واحترام ،،،
| |
|
|
|
|
|
|
Re: د.خالد المبارك : محمود محمد طه ...وأنصاف الحقائق ...والردود عليه (Re: nadus2000)
|
عندما طالعت "أنصاف حقائق" الدكتور خالد المبارك المنشورة بجريدة الرأي العام، 18 نوفمبر، طالعني أول ما طالعني دعوة الأستاذ محمود لإعادة تعليم المتعلمين، ذلك امر نحن أحوج ما نكون له اليوم أكثر من أي وقت مضي، خاصة و قد تصادف تاريخ النشر مع مرور أربعة و ثلاثين عاماّ علي مهزلة محكمة الردة الأولي التي ذهبت أدراج الرياح. لقد ظل الدكتور خالد المبارك يردد أنصاف حقائقه هذه و قد نشرها من قبل في جريدة الحياة اللندنية و تم الرد عليه في حينه و لكن لا ضير أن يتم الرد مرة أخري لمن عسي يحتاجون لتكرار. إن "حادثة رفاعة" المشار إليها، إتخذها الأستاذ محمود سبباّ لإزكاء روح النضال ضد المستعمر الإنجليزي، و قد كان رأي الأستاذ محمود أن مثل هذه المسائل الإجتماعية المعقدة لا تتم معالجتها و لا محاربتها عن طريق القانون، و إنما عن طريق التربية و طالب الإنجليز بفتح المدارس للفتيات بدلاّ عن سن القوانين. و لم يفت عليه أن الإنجليز إنما رموا لذلك بتصوير الشعب السوداني علي أنه شعب متخلف يستحق الوصاية لإطالة أمد إقامتهم بالبلاد. هذا بإختصار ما كان من أمر "حادثة رفاعة" و لمن أراد التفاصيل أرجو مراجعة كتاب "الخفاض الفرعوني" المشور بإسم الإخوان الجمهوريين. يقيني أن دكتور خالد المبارك إنما يريد مجداّ أكاديميا، متقمصاّ لذلك روح أبي العلاء "و إني و إن كنت الأخير زمانه لآت بما لم تستطعه الاوائل" ، ذلك ديدن طلاب المجد في غير محله، وتكون موجدتهم أكبر علي أصحاب الفكر الحر، كما عبر التجاني يوسف بشير "و إنما للناس موجدة علي أصحابه". كأني بالدكتور يريد أن يقول للناس " أتيت لكم بالديب من ديلو"، ذلك معمي بكثير تحذلق أكاديمي و أمثال عامة الإنجليز و لكن لا ضير فإن دعوة الأستاذ محمود تتجذر الآن في عقول و قلوب ملايين المحبين من "كوستي" إلي "كوستاريكا" و من "جاكارتا" إلي "ألسكا" و تعاد الآن طباعة كتبه بالعديد من اللغات الحية و تقام له و لدعوته أقساماّ خاصة في مراجع الجامعات و سيظل "النعام" دافناّ رأسه في رمال السودان و سيظل "ريش النعام" يرواح مكانه بين متحف التاريخ الطبيعي و دار جامعة الخرطوم للنشر، و ل "مربع" طول السلامة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: د.خالد المبارك : محمود محمد طه ...وأنصاف الحقائق ...والردود عليه (Re: مارد)
|
الأخ الصديق مارد حقيقة ما يشغلني . هنا هو مقال د. خالد المبارك فبجانب ملاحظاتي على مستوى دقة المقال في رصد الوقائع التاريخية فانني أحاول أن أصوغ بعض الملاحظات المنهجية والتي كنت أظن أن خالد المبارك يعيها بوصفه أكاديمي يدرك ضرورات أتباع المنهج العلمي كطريق للوصول الى الحقيقة الموضوعية وأنا كباحث عن الحقيقة . لا أقبل خيانة المنهج فهي خيانة للحقيقة نفسها لك تحياتي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: د.خالد المبارك : محمود محمد طه ...وأنصاف الحقائق ...والردود عليه (Re: nadus2000)
|
رد دكتور القراى على مقال د. خالد المبارك
انصاف الحقائق ام انصاف المثقفين ؟! ( مالكم !! كيف تحكمون ؟! ) صدق الله العظيم
المقال الذي كتبه د. خالد المبارك في جريدة الرأي العام بتاريخ 19/11/2002 تحت عنوان "محمود محمد طه وأنصاف الحقائق ! " مقال سطحي ، ولا قيمة له ، ولم أكن لأهتم بالتعقيب عليه ، لولا انه يمكن ان يتخذ اشارة الى ظاهرة سلبية تكررت بصورة تستدعي الوقوف عندها.. ولقد اتسم المقال كغيره من كتابات د. خالد المبارك ، بالتنطع والسخرية ، المليئة بالغاء التهم بلا دليل !!
ولئن كان السودان قد نكب بادعياء التصوف ، كما أشار الكاتب ، فإن نكبته بادعياء التقدم والعلمانية أفدح ..هؤلاء الذين حين نكصوا عن حركة الشيوعيين ، عجزوا عن الانحياز لقضايا شعبهم من أي موقع اخر.. بل نسوا نضال الشعوب الفقيرة المضطهدة ، وأخذوا يحدثوننا – كما فعل د. خالد المبارك- عن ديمقراطية (السير اليك دوجلاس هيوم) !! وكيف ان مجلس العموم البريطاني يمثل المحرومين !! وذهلوا عن ان بريطانيا هذه كانت أيضاً ترفع شعارات الديمقراطية حين إغتصبت السودان ، وان قادتها من أمثال هيوم هم الذين نهبوا خيرات الشعوب ، وقتلوا ابناءها.. وشر من مدحهم الانجليز اليوم ، مدحهم لهم في الماضي ، حين كانوا يستعمرون السودان !! فقد اشاد د. خالد المبارك ود. محمد أحمد محمود ، بالحكومة لبريطانية ، وقرارها المتعسف بمنع عادة الخفاض الفرعوني ، وهما يظنان انهما اصبحا بذلك تقدميين ، ما داما يؤيدان الغاء عادة الخفاض الفرعوني الذميمة ، دون النظر الى جوهر القضية أو تصور حقيقة أبعادها..
يقول د. خالد المبارك " لكن الاستاذ محمود محمد طه ارتكب أيضاً عدة أخطاء تقديرية جسيمة . حدثت إنتفاضة رفاعة – التي أشاد بها المتحدث- إحتجاجاً على قرار الإدارة الإستعمارية بمنع الخفاض الفرعوني . قيل للعامة (يريد الانجليز ان يتدخلوا في كل شئ حتى ....... بناتكم) وفعلا ثار الناس حماية للشرف الرفيع وكان على رأسهم الاستاذ محمود . كان موقفه متخلفاً ورجعياً في مواجهة قرار تحديثي جرئ وسليم . إنتفاضة رفاعة المزعومة ليست من ماثرنا في النضال ضد الاستعمار بل هي من مخازينا ويقع وزرها على كاهل الاستاذ محمود محمد طه . قيل لنا انها مثل إضرابات الطعام في المدارس واضرابات زيادة الاجور العمالية مجرد ظاهرة إجتماعية لمضمون سياسي هو رفض الاستعمار، وهذا دفاع واه لان الاستاذ محمود لم يراجع موقفه علناً او يذكر مبرراته بعد نيل الاستقلال " .
وقبل ان نوضح حقيقة ما جرى في حادث رفاعة المشهور ، نود ان نركز في البداية ، على مسألة شديدة الدلالة ، على مبلغ تدني خطاب د. خالد المبارك . فقد أورد في النص أعلاه عبارة ( قيل للعامة يريد الانجليز ان يتدخلوا في كل شئ حتى......... بناتكم) أوردها هكذا بين قوسين ، ليوهم القارئ بأن هذه العبارة قد قالها الاستاذ محمود أو الجمهوريون !! ولقد تعمد ان يضع نقاطاً ، بدلاً عن الكلمة البذيئة ، التي حذفها ، وترك إستنتاجها للقارئ !! ولو كان للكاتب معياراً أخلاقياً يحاكم اليه ، لأمكن لومه على هذا التلميح المسف ، والذي ينطوي على عدم احترام للمرأة السودانية ، وعلى التعريض بعرضها بلا حياء .. وحسبنا من تقييم د. خالد المبارك إنعدام الامانة الفكرية ، ومحاولة تضليل القراء ، بان هذه العبارة التي تحتوي على الكلمة النابية ، يمكن ان يكون قد قالها رجل عف الخلق واللسان ، طاهر السيرة والسريرة ، مثل الاستاذ محمود محمد طه..
في اواخر عام 1945 كانت أصوات السودانيين ترتفع مطالبة بالاستقلال ، وكانت دولتي الحكم الثنائي بريطانيا ومصر تدرسان إعطاء السودان حق تقرير المصير .. في هذه الأثناء أصدرت الإدارة البريطانية قانون منع الخفاض الفرعوني . ولقد كان الانجليز يتوقعون رفض القانون ، ومقاومته ، لعلمهم بان هذه العادة متأصلة ، وبانها ترتبط في الوعي الشعبي بالعفة والشرف ، وتعد من أخص خصوصيات الاسر .. ولكنهم حبن أعلنوا القانون ، كانوا يخططون لاستثمار الرفض المتوقع كدليل على ان الشعي السوداني لا يزال متخلفاً ، وهو من ثم ، لا يستحق الحكم الذاتي أو الاستقلال.. هذا هو الغرض من إصدار القانون في ذلك الوقت بالذات .. فالقضية اذاً في جوهرها قضية سياسية ، وهي لا يمكن ان تواجه الا على المستوى السياسي . لهذا عارض الجمهوريون قانون الخفاض الفرعوني علناً ، وكشفوا نوايا المستعمر ، خاصة في منشورهم الذي صدر في ديسمبر عال 1945 والذي جاء فيه " اننا بمعارضتنا لهذا القانون لا نود ان ندافع عن عادة الخفاض الفرعوني ، أو نحلل الاسباب التي اوحت بها لابناء السودان وجعلتها تستمر بين ظهرانيهم حتى يومنا هذا ، ولكننا نود ان نناقش ترتيبات خاصة وسياسات خاصة إبتدعتها حكومة السودان إبتداعاً وتريد ان تجبرنا على إتباعها..." ومن السياسات التي إعترض عليها الجمهوريون ، التوجيه بأن يبلغ كل شخص عن جاره إذا مارس خفاض ابنته .. جاء في نفس المنشور " قل لي بربك ما الذي يجعل رجلاً محترماَ يوافق على التجسس على جاره ليطلع على عرضه... ما الذي يجعل شخصاً محترماً يقبل إرسال بنات جاره أو صديقه أو قريبه للطبيب لمثل هذا الكشف الخاص ؟ ! ما أعجبكم يا واضعي القانون !! هل من القانون ان تضطهدوننا باسم القانون ؟! ماذا قدمتم من رعاية للفتاة حين تلقون بعائلها في غياهب السجن؟!"
في سبتمبر 1946 قبضت السلطات على إمرأة ، في مدينة رفاعة ، بتهمة خفاض ابنتها وأودعتها السجن .. فاتصل أهلها بالاستاذ محمود محمد طه ، الذي قام في نفس المساء ، بالطواف على مقاهي سوق رفاعة ، وحدث الناس وذكرهم بمنشور الجمهوريين ودعاهم للتجمع في صلاة الجمعة .. وبعد الصلاة قام فيهم خطيباً ، فهاجم القانون ، ووضح القصد منه ، وذكر ان الناس لو سكتوا يكونوا قد نكصوا عن نصرة المظلوم ورد الظالم .. فخرج المصلون خلفه في مسيرة الى سجن رفاعة . وهناك تحدث مندوبين منهم مع نائب مأمور السجن السيد قاسم محمد الأمين وطلبوا منه اطلاق سراح المرأة حتى يوم القضية وحبس 15 رجلاً بدلاً عنها، فرفض في البداية ، ولكنه قبل أخيراً وتم أطلاق سراح المرأة وحبس بدلاً عنها 15 من أهالي رفاعة من بينهم إمام المسجد الشيخ صديق الأزهري . وكان يمكن للمسألة ان تنتهي عند هذا الحد ، لو كان الغرض هو مجرد محاربة عادة الخفاض ، ولكن الذي حدث هو ان الحكومة ارسلت البوليس في المساء فاختطفوا المرأة من بيتها، وحملوها الى سجن الحصاحيصا ، رغم ان اطلاق سراحها قد تم بواسطة السلطة نفسها ممثلة في نائب المأمور !! استفز هذا الحدث أهالي رفاعة ، فتجمعوا على ضقة النيل الأزرق ، وقام طلاب المدرسة الوسطى بتجميع المراكب التي عبرت بها الجموع الثائرة الى الحصاحيصا حيث حاصروا المركز ، وطلب منهم المفتش التفرق لكنهم رفضوا .. ولم يجد اطلاق الرصاص فوق الروؤس ، بل فاقم الامر حين رشق المركز وتحطمت نوافذه ، فاتصل المفتش برئيسه الذي وجهه باطلاق سراح المرأة ، فعاد بها الثوار ظافرين .. بعد يومين حاصر الجيش مدينة رفاعة وقبض على عدد من المواطنين من بينهم الاستاذ محمود الذي حكم عليه بالسجن عامين ، وحكم على الاخرين بمدد تتراوح بين شهر و6 أشهر وجلد كل طلاب المدرسة الوسطى !! وحين وقف الاستاذ محمود امام المحكمة قال " أنا برئ واهالي رفاعة أبرياء ، والمسألة كلها سلسلة اغلاط من الادارة البريطانية.." وبعد ان أوضح ان العادات لا تحارب بالقوانين وانما تغير بالتوعية ، قال " وضعت المرأة في سجن للرجال فليس لدينا سجون خاصة بالنساء.. والرجال الذين وضعت معهم ليسوا رجالاً عاديين ، وانما بعضهم مجرمين وبعضهم مخمورين ، والحمامات والمراحيض المواجهة للسجن والتي يرتادها السجناء ليس فيها أبواب !! فاذا قال أهالي رفاعة ان هذا الوضع يخدش حياء المرأة السودانية التي يطالبهم دينهم واخلاقهم بحمايتها ورعايتها ، قالت الادارة هؤلاء طغمة من الغوغاء والمشاغبين !! ولسائل ان يسأل ماذا فعلت الادارة البريطانية لمصلحة الفتاة السودانية ؟! وهل تمت حملات توعية بمضار عادة الخفاض الفرعوني أو حتى بفوائد هذا القانون قبل معاقبة من ارتكبوا هذا الاثم ؟! " هذه هي ثورة رفاعة ، وهذا هو موقف الاستاذ محمود حين كان رجال الدين "يلعقون جزم الانجليز" والافندية العلمانيين يغازلونهم بالمذكرات التي ترجو منهم ان يتعطفوا على الشعب بالاستقلال !! فاذا جاء د. خالد المبارك في اخر الوقت ليحدثنا بان " انتفاضة رفاعة المزعومة لسيت من ماثرنا ضد الاستعمار بل هي من مخازينا " !! فان هذه العبارة المتحذلقة ، المتعالمة ، الجوفاء ستظل خزياً يطارده هو وأمثاله من انصاف المثقفين أبد الدهر ..
لقد سبق ان صححت الزعم بان حركة رفاعة كانت تؤيد الخفاض الفرعوني حين طرحه د. محمد أحمد محمود ونشر التصحيح في الانترنت ، واعدنا مقتبسات من كتب ومنشورات أصدرها الجمهوريون ووزعوا الاف النسخ منها، والوثائق ايضاً كانت موجودة لوقت قريب بدار الوثائق المركزية بالخرطوم ، وموجودة ايضاً في بريطانيا، لذلك نعينا على د. محمد أحمد محمود انه لا يطلع حتى على المواضيع التي يريد التعليق عليها .. وهذا ايضاً ينطبق الان على د. خالد المبارك.. وليست هذه اول سقطة لكلا الاستاذين في هذا الموضوع ، فقد حاولا الترويج لهذه الفرية من قبل ، في الاحتفال الذي اقامته ببريطانيا ، المنظمة السودانية لحقوق الانسان ، في ذكرى استشهاد الاستاذ محمود محمد طه .. وزاد د. خالد المبارك بانه اشرف على إخراج فلم عن عادة الخفاض الفرعوني ، هدف الى تصوير بشاعتها والتنفير منها، حتى اذا استقر هذا المعنى في الاذهان ، ذكر لهم ان الاستاذ محمود كان يؤيد الخفاض الفرعوني ، وان ثورة رفاعة قد كانت دفاعاً عن هذه العادة الذميمة !! ولو كان الغرض من الفلم هو محاربة عادة الخفاض الفرعوني ، لاقامه اصحابه في قرى السودان حيث لا زالت هذه العادة تمارس ، بدلاً من عرضه ببريطانيا !! ولعل البحث عن الترقي في المجال الاكاديمى وحساب مثل هذه الارباح ، قد كان الدافع وراء هذه الدعاية المنكرة التي تحمل وزرها د. خالد المبارك وحفنه من الممثلين المغمورين.. ورغم التصحيح الذي تم كثيراً من الجمهوريين الا ان د. خالد المبارك ود. محمد أحمد محمود لا يزالا دون سائر المثقفين يصران على ان الاستاذ محمود يدافع عن الخفاض الفرعوني !!
ان وجه الشبه بين د. محمد أحمد محمود و د. خالد المبارك هو انشغالهما بدراسة اللغة الانجليزية ، في الوقت الذي كان زملاؤهم يطلعون فيه على مختلف ضروب الثقافة وكافة العلوم الانسانية .. وقد ظنا ان الاعجاب او الانتساب لليسار يمكن ان يعوضهما عن ذلك ، ويجعلهما من كبار المثقفين .. وحين اختلفا في فترات متفاوتة مع اليساريين أصبحا بلا ايدولوجية فتعلقا بسطحية باللبرالية والعلمانية ، ثم افاقا مؤخراً للاهتمام بقضايا الدين والسياسة ، حين اصبح ادعاء معرفة هذه الامور كسباً اكاديمياً .. ولكنهما لم يمهلا نفسيهما ليحصلا ما فاتهما ، بل هرعا للكتابة دون تريث ، فجاءت كتاباتهما أنموذجاً لضحالة الثقافة والبؤس الفكري ، والجهل بتاريخ النضال الوطني .. ومع ذلك ، بل لعله من اجل ذلك ، دفعهما الحسد والغرور للتطاول على مواقف وافكار رجل في قامة الاستاذ محمود محمد طه ظنا منهما انهما بهذا العمل يثبتا اقدامهما في الميدان الاكاديمي والفكري بعد ان كسد سوق اللغة الانجليزية وارتفع سوق الدراسات الاسلامية .. وما علما ان محاولة النيل من قامة الاستاذ محمود قصاراها الخزي المشين والخسران المبين.
وفي تعب من يحسد الشمس ضوءها ويجهد ان يأتي لها بضريب
ومن الحديث غير المسئول قول د. خالد المبارك " ولعل دعوة الاستاذ محمود محمد طه للاعتراف باسرائيل هي السبب المباشر في الرعاية الحميمة التي ينالها اتباعه في الغرب اينما حلوا " !! و د. خالد المبارك قد عرف الجمهوريين ببريطانيا ويمكن ان يسأل عنهم من يعرفونهم في امريكا ، فأي رعاية يتمتع بها الجمهوريون في الغرب ؟! وماذا تلقوا اكثر مما تلقى د. خالد المبارك مثلاً ؟! ان الجمهوريين في الغرب يعانون من كل منقصات الحياة كغيرهم من سائر ابناء الشعب السوداني ، وكل حديث غير هذا كذب صراح ، تغذيه دوافع من الحقد والغيرة والحسد التي اشتهر بها خصوم الفكرة الجمهورية ، الذين عجزوا عن مواجهتها في الميدان الفكري والسياسي ..
يقول د. خالد المبارك " فضلا عن ذلك فان عدداً من ابناء جيل الاستاذ محمود محمد طه اعجبوا به وشجعوه ثم انفضوا من حوله عندما ادركوا انه يدعي قدرات معينة ولا يزال بعضهم على قيد الحياة وهم اقدر مني عللى سرد التفاصيل " .. ان هذه المحاولة المضطربة الخجولة للتعريض بالاستاذ محمود لا تجوز على أحد ، فارجل قد عرف بالزهد في الالقاب الدنيوية والدينية ولم يدع الكرامات ولم يسم نفسه "الشيخ" أو "الامام " .. ولقد خرج بعض قدامى الجمهوريين من الحركة لعجزهم عن مواكبتها والنهوض بتكليفها الديني ، واستمر اخرون لم يذكرهم د. خالد المبارك رغم ادعاء الحياد ومن هؤلاء " من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " .. ولقد كان أولى لو ان د. خالد المبارك ذكر بصراحة القدرات التى ادعاها الاستاذ محمود ، واوضح لنا اراء ابناء جيله الذين زعم ان لديهم التفاصيل ، فان لم يكن لحديثهم ، ولا يستطيع ان يتبناه أو يدافع عنه ، ثم هو لا يملك التفاصيل ، فلماذا خاض فيما خاض فيه بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ؟!
والاستاذ محمود لم يجعل الحزب الجمهوري " حزب فرد تلف حوله كل اللوالب الادارية والفكرية " كما ذكر د. خالد المبارك ، بل كان اقدر من غيره من الزعماء على تاهيل اتباعه ، وتربيتهم بالقدر الذي اهلهم لحمل فكرهم وتقديمه للناس بصورة لم تتم في اي تنظيم اخر .. وهم في كل ذلك يقومون بادارة تنظيمهم بلجان تشرف على كافة النشاط الفكري والاداري والتنظيمي للحركة .. اما ايقاف الجمهوريين لحركتهم بعد تنفيذ الاعدام على الاستاذ محمود ، فقد حدث لعدة اسباب ، ولكنها في رأي لا تبرره تماماً ، ولذلك فان نقدهم بسبب ايقاف الحركة نقد مقبول ، وهو قد جرى ويجري داخل التنظيم وخارجه ، ولكنه لا يرقى للمساس بجوهر الفكرة ، ولا يقلل مطلقاً من مكانة مرشدها .. ورحم الله القائل:
فاذا اتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي باني كامل
عمر القراي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: د.خالد المبارك : محمود محمد طه ...وأنصاف الحقائق ...والردود عليه (Re: nadus2000)
|
للجميع.
أريد فقط بأن أذكركم بتاريخنا الحديث, عندما كان الشهيد محمود محمد طه يناضل ضد دكتاتورية جعفر النميري أين كان المدعو خالد المبارك المايوي؟ أين كان خالد المبارك حارق البخور عندما دفع الشهيد محمود محمد طه حياته ثمنا للنضال وعدم الخشوع لجعفر النميري الذي نصب نفسه أمام؟ أنها سخرية القدر لكي يطلع لنا قزم عنصري مثل خالد المبارك ويتطاول على هرم مثل الأستاذ الشهيد محمود محمد طه. أنا هنا لا أتحدث عن فترة الاستعمار بل أتحدث عن زمن ليس ببعيد من أذهاننا جميعا وعلى خالد المبارك وأمثاله يجب عليهم أن يعلموا جيدا بأن مثل هذا الصحف التي نشأت في زمن الدكتاتوريات لن تدوم لكم وسوف تأتي كلمة الحق.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: د.خالد المبارك : محمود محمد طه ...وأنصاف الحقائق ...والردود عليه (Re: nadus2000)
|
محمود محمد طه.. الحقيقة الكاملة!! بقلم: عبدالمطلب بلة زهران
خلص الدكتـور خالد المبارك في مقاله جيد المبنى والأسلوب إلى: " صفوة القول إن ظاهرة إضفاء ثقـل و مكانة ووزن شيوخ الطرق الصوفية على الزعماء السياسيين تشمل الأستاذ محمـود محمـد طـه وغيره، وهيّ تتجذر وتستمر طالما واصلنا الحديث عن القادة بانتقاء يسلط الضوء على الإيجابيات فحسب ويضلل الشباب لأنه ينطلق من أنصاف الحقائق ويغذي "جينات" النزعة الصوفية المتاصلة في أفئدة السودانيين." ذلكم ما أنتهى إليه الدكتور وهو بسبيل مما ورد في استهلال مقاله الذي استدل عليه بما استحضره من كيف أن طيب الذكر المرحوم عبدالخالق محجوب قد حظيّ من بعض أعضاء حزبه بولاء صوفي، وهو، وبشهادة الراحل صلاح أحمد إبراهيم، قد طالما هيمن بمقلتيه على محدثيه كما مرّد عليه شيوخ طرق لا يجرؤ أتباعهم على النظر اليهم عيناَ لعين. وذكر الدكتور، استدلالاَ آخرعلى طرحه، نحيب من ثكلنّ هزيمة الترابي في انتخابات 1986، ومثله من إضفاء القدسية عليه من الجماعة التابعة له حتى أنه في عام 1994 صرح الترابي لصحفي أنه يخشيّ أن تقام عليه قبة بعد وفاته، مستوحياَ ومستثمراَ الإيحاءات الصوفية المتجذرة في السودانيين. فلم يفلح من تمرد "عبدالخالق و الترابي" على الأطر والعلاقات التقليدية الني تكبل الحزبين الكبيرين، (أو قِل يا دكتور بقول الأستاذ محمـود: "الطائفية"، التي له الباع الطويل في تصفيتها بمواجهتها سياسياَ وبدعوته سائر شيوخ الطرق الصوفيـة لطريق محمـد، لتتوحد بذلك المشيخة في الشيخ الأوحد الذي لا يملك مسلم أن يتبع سواه). لم يفلحوا، يميناَ ولا يساراَ، إلا في أن حلوا محل شيوخ الطرق وحازوا ولاء من بوأهم تلك المكانة، حسب طرح الدكتور خالد المبارك. ثم إن الدكتور قد ساق مثلا صارخاََ دالاَ على طرحه ما استمع إليه من تسجيل " فيديو" لحفل تقديم مجلدات " الوثائق البريطانية عن سودان 1940-1956 " إذ نعى أحدهم للمشاركين في الحفل خلو المجلدات من أي ذكر لنضال الأستاذ محمـود محمـد طـه ضد الإستعمار سيما أنه قد قاد إنتفاضة رفاعة، كما تفضل الدكتور بتسميتها، التي بلغ إنزعاج الإدارة البريطانية لها أن هدأت غضبة الجمهور الثائر بأن استجابت بمكر الدهاة لمطلبهم فأطلقت سراح الجـدة والدايـة اللتان حوكمتا وفـق ما أصطكـته السلطات البريطانية من قانون منع مزاولة الخفاض الفرعوني، ثم عادت ليلاَ في حماية فرقـة عسكرية لإعتقال الأستاذ محمـود وبعض رفاقه من سكان ديم القريداب برفاعة. وقبل أن أنتقل من هذه الفقرة أحب أن أعرف القراء الكرام والدكتور بأني من أغفل ذكره، مع إنه قد سمع اسمي مع ما سرد على القراء فلقد منّ الله عليّ أن أكون ذلك المتحدث، فعلميّ بأمر الإحتفال بمجلدات الوثائق البريطانية قد كان قبل ساعة من إفتتاحية الإحتفال الذي أمه جمع غفير من الأكاديميين والمهتمين. ولقد عجبت كيف أن الدكتور ذكرعني ما عرفت به الحاضرين من كوني أستاذ بكلية علوم وتقانة البيئة بجامعة أمدرمان الأهلية ثم لا يذكر اسميّ، وظني أنه يذكرني من أوائل الثمانينات حين كنت أصله بمكتبه بمطبوعات الإخوان الجمهوريين، هو والبروفسير الراحل علي المك والدكتور عبدالله علي إبراهيم بمكاتبهم بدار جامعة الخرطوم للنشر حيث أدرت معهم حوارات عدة حول تلك الإصدارات. وكنت وقتها، لغياب أستاذي البروفسير مهدي أمين التوم في مهمة أنتدب لها رئيساَ لفريق إعداد الأطلس العربي، أحاضر بجامعة الخرطوم في علوم المناخ والمياه طلاب معهد الدراسات البيئية وطلاب الصف الرابع والثاني بقسم الجغرافيا بكلية الآداب التي كان ينتمي إليها الدكتور حينئذ. وبعد! إن الدكتور قريب من الحقيقة فيما رفعني كنموذج صارخ لتأصل النزعة الصوفية في السودانيين، فقدعشت عام 1967 نكسة الأيام الستة ببريطانيا وشهدتها وكأني في الخطوط الأمامية في سيناء مع اللواء عبدالمنعم مرتجى مستسلمَا ومعه ثلاثة ألف مقاتل!؛ وحينها في ذيل تلك الحسرة أحمد لله أني كنت في محتوشاَ بمناقب الشيخ أحمد الطيب بن البشير التي خطها يراع حفيده الشيخ عبد المحمود نورالدائم، وبديوانه " شرب االكأس " وبديوان الشيخ قريب الله " نفحات المدام " إلي جانب أرتال من الكتب العربية لحمد أمين وطه حسين وعلى راسها مجموعة كاملة لكتابات الأستاذ سيد قطب ترتفع وحدها بمقدار ذراع إن صفت فوق بعضها كيف لا وفيها سبعة أجزاء " في ظلال القرآن ". من كل ذلك حمدت للسادة السمانية، أن مؤلفاتهم هيأتني، في حيرتتي تلك، لاستقبال كتيب وحيد من إثنين وعشرين صفحة فقط، هو الأول الذي أقرأه للأستاذ محمود محمـد طـه " طريق محمـد "، و قد كان فيه غناء عنها جميعها إذ وحد الأمة علي مشيخة المصطفى وهو من زكاه العلي القدير "وإنك لعلى خلق عظيم" وجدد دينها بتعرفه على الثنائية (تماماَ كما جدد التعرف علي ثنائية المادة والطاقة علم الفيزياء، أم العلوم) التي إتسم بها الإسلام بين شريعة نافذة لوقتها وأفق أعلى في السنة النبوية يلتمس فيه التحديث حسب حكم الوقت، مراعاة للعرف الطيب حيث كان " خذ العفوّ وأأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين "، فهو، اي العرف الذي إجتمعت عليه البشرية بعد طول عراك ومعاناة، و اليوم هو وحده الذي يفسح مخرجاَ لأهل الإسلام مما زربتهم فيه أمريكا: زريبة محاربة الإرهاب، " أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هيّ أحسن، إن ربك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين " فلا سبيل لأمريكا على من كان ذلك سمته أسلوب ومحتوى دعوته، سيما وهو يرعى حقوق الإنسان لدرجة أن المزكى المصطفى يخاطب بأن ليس له سلطان على أحد " فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر" و لذلك هو، النبي، يخرج في مقدمة الصفوف في سبع وعشرين غزوة يعرض نفسه للموت ثم لا يقتل. فما عرف عنه أنه قتل في غزوة إلا مقتل الشقي أبّي بن خلف إذ أصر أن يلقى النبي فرداَ لفرد. هذا، هذا من قرب الدكتور من الصحة في وصفي أنيّ ذو تجذر صوفي. ولقد نوهت بذلك الفضل الصوفي عليّ للدكتور حسن الفاتح قريب الله حين لقيته مطولاَ كما لم يتح لي لقاؤه من قبل، في الإحتفال السنوي بالسيد أحمد بن إدريس ليلة السابع والعشرين من رجب الماضي، ثم إني نعيت للدكتور حسن إنقطاع أهل الطرق عن سنة جبل عليها سلفهم، في إلتماس كل منهم التأييد لسلوكه بأخذ الطريق على من تظهر نفحته من القوم السالكين. وذكرت له شأن اليعقوباب بقيادة الشيخ التوم ود بانقا في مبايعتهم الشيخ الطيب ود البشير، وكذلك فعل الصادقاب، ولقد سبق أن سجلت للدكتور حسن ذلك في كراسة للإنطباعات حرص أحد الطلاب من تابعيه أن أسجل إنطباعي عليها فهو مطلوب إذ يعكس لشيخ الطريقة أثر المعرض الذي أقاموه بجامعة أمدرمان الأهلية قبل حين. ولقد عرفته بأن نشأتي في بيئة سمانية واطلاعي على تراث السادة السمانية مهد لي الدخول في سلك السالكين " طريق محمد " بمجرد اطلاعي عل أول كتاب للأستاذ محمود وذلك له شبه بتحول الشيخ التوم ومشايخ الصادقاب عن القادرية ليسلكوا الطريقة السمانية. وأنهم اليوم مرجوون لإحياء تلك السنة بالتعرف على صاحب النفحة الظاهرة (الأستاذ محمود) ويتوحدوا عليه وسردت له علامات النفحة والفيض المديد فيما قدمه الأستاذ محمود طوال سني رعايته الحزب الجمهوري، ثم ذكرته بما أشار إليه الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي في كتابه "عنقاء مغرب في وصف خاتم الأولياء وشمس المغرب " نلك الكتاب الذي أعادت جماعة سودانية طبعه حاذفة منه ما ظنته مؤشرات لجهة طالما صرفوا الناس عنها. ولقد عرفت الدكتور حسن أن التماس الأرض المشتركة بين أهل التصوف والأستاذ محمود قمين بأن يجمعهم على محجة بيضاء كلهم يرتجى له الظفر بها وهي التي بشر بها أبن عربي في أشعاره العرفانية إذ يقول في بعض منها: لو أن النور يشرق من سناه على الجسد المغيب في اللحود لأصبـح عالماَ حـيـاَ كريـمـاَ طليـق الوجـه يرفـل في البرود فـذاك الأقدسـي إمـام نـفسـه يسـمى و هـو حـيُ بـالـشــهـيـد وحـيـد العـصر ليس له نظير فـريـد الـذات من بـيـت فـريـد وهذا وصف قد يشارك فيه الأستاذ محمود وينافسه عليه الحلاج، أو قل إبن عربي نفسه ممن قتلوا جوراَ شهداء على رؤوس الأشهاد، لكن إبن العربي يصف ما يعرفه بالذات المحمدية في ديوانه المحقق: يا أهـل يـثـرب لا مـقـام لعارف ورث النـبيّ الهـاشـمـيّ محـمـدا عـم المـقامـات الجسام عروجـه وبذاك أصـبح في القـيامة سـيـدا صلى علـيه الـلـه مـن رحمـوته ومن أجـله الروح المـطهر أسجد فجــوامـع الكـلـم التي أسـمـاؤها فـي آدم هــيّ للـمــقــرب أحــمــد جـمـع الإناث إلى الذكور كلامه بـأخــص آيـــات الثــنــاء وقــيــد إن الأنــوثـة عـارض مـتحــقــق مـثـل الـذكـورة لا تـكـن مــتـردداَ الحــد يجـمــعــنا إذا أنصـفـــتنـي هــن الشــقـائــق لا تجـب من فــنـد لا تـحـجـبـن بالإـنفـعـال فــإنه قـد كـان عـيـسـى قـــبــلها فــتـأيــد قولي وعيسى لايشك بأنه روح الإلـــه مـــقـدســاَ ومـؤيــداَ الـلـه يعـلم صـدق ما قـد قــلـتـه لايـصـلح العـطار ما قــد أفـــســد أدبـاَ مـع الـلــه اـلعـظـيـم جــلاله فالـدهـــر للذات النـزيـهة كالـردى الكـاف فـي التـشـبـيـه يعمـل حـكمها وتــكــون زائــدة إذا أمــر بـــدا مـثـل الذي قـد جـاء ليس كمثله من سورة الشورى وخاب من إعتدى فهذا وصف محدد لم يبق إبن عربي منه' لا ذكر اسم الأستاذ محمود صراحة!!! لعل الدكتور يعلم الآن أني لم أُطر على الأستاذ محمود في حديثي الذي عاب الدكتور عليّ فيه أني قد أطريت على الأستاذ محمود وحزبه بلا تحفظ بما يؤيد طرحه " القائد السياسي كشيخ طريقة مرة أخرى ". ذلك أن أبن عربي في بيته الغرفاني الأخير أعلاه لم يترك مجالاَ لتحفظ إلا بقدر ما تترك العبارة " بل كنته " في الحديث القدسي حيث يقول المصطفى على لسان رب العزة جلّ وعلا: " ما تقرب إليّ عبدي بأحبّ إليّ مما أفترضه عليه وما زال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإن أحببته صرت لسانه الذي بنطق به ويده التي يبطش بها، وسمعه الذي يسمع به, وبصره الذي يبصر به، بل كنته "، أو كما قال المصطفى. ولا يترك هذا مزيداَ لمستزيد في متابعة تفنيد ما ذهب إليه الدكتور من أن الأستاذ محمود " قد كان آدمياَ إبن أنثى وقائداَ سياسياَ أخطأ وأصاب ". لما تقدم في الفقرة الأخيرة من هذه العجالة فإني أكتفي بأسئلة بسيطة للدكتور، ولا أنتظر إجابته عليها فهي مساقة إليه بسبيل من المؤشرات للقارئ الذكي، وشخص الدكتور أهل لذلك بجدارة أغبطه عليها، ليستكمل بقية التعرف على " محمود محمد طه..الحقيقة الكاملة "!! فإلى الأسئلة: ألا يدل بعد النظر الأسطوري والبصيرة السياسية الفريدة التي شهد الدكتور بها للأستاذ في معالجة مشكلة الشرق الأوسط "مشكلة الشرق الأوسط .. إستقراء تاريخي وتحليل علمي وحل سياسي" ماخوذا في آن مع شجاعة فذة في الصدع بالحق بان صاحبهما يأوي إلى حصن توحيد آمن يتخطف الناس من حوله؟؟ سيما أن هتين السمتين، أي بعد النظر والشجاعة الفذة، قد لازمتا كل عمل الأستاذ: في التعريف بثنائية الرسالة المحمدية الأحمدية؟؟، وفي تقديم حل لمشكلة الجنوب قبل أن تتفجر كأزمة ثم حرب في كتيب "أسس دستور السودان الدائم .. لقيام جمهورية، فيدرالية، ديموقراطية إشتراكية" بين يدي تمرد 1955؟؟ وفي معالجة قضايا الأسرة في: " خطوة نحو الزواج في الإسلام" وفي عدة كتيبات أخرى صدرت خلال عام المرأة العالمي؟؟ وفي المواجهة الصارمة للقضاة الشرعيين والنائب العام، بعيد محكمة الردة سنة 1968 وحلال قضية بورتسودان الشهيرة؟؟ وفيما يجري وراءه الدكتور ويشغف به، حتى وإن إستغله البريطانيون لإظهار السودان بمظهر المتخلف الذي لابد من فرض الوصاية عليه، من معالجة تحديثية جريئة لأمر الخفاض الفرعوني في كتيب الإخوان الجمهوريين " الخفاض الفرعوني " علما بأن إنتفاضة رفاعة حقيقةَ قد كانت دفاعاَ عن حق السودانيين في الإنعتاق من التخلف والعادات الضارة بإرادتهم ونتاج التوعية والتعليم لا قهراَ بسطوة القانون ؟؟ وفي التأييد المثابر عليه لنظام نميري، في وجه معارضيه، حتي بعد أن سفه النظام رأي الأستاذ في المصاتحة الوطنية سنة 1977 ومواجهته غير الهيابة للأسلمة التي زعم أنها أساس المصالحة في كتابه "الصلح خير" وعدة كتيبات أخرى واجهت زحف وقوانين الأسلمة المزعومة؟؟ وأخيراَ في المواجه الحاسمة للنائب الأول عمر محمد الطيب فيما أقترفه من تواطؤ مع العالم المصري الشيخ المطيعي في إهدار دم الجمهريين من علي منبر مسجد التقوى الملحق جواراَ بمنزل عمر؟؟ ثم ختماَ ألا يفضل بالدكتور أن يجد تصديقاَ للأستاذ فيمن لزم الحزب الجمهوري من جيل الأستاذ محمود وأعجبوا بالأستاذ و شجعوه ولم ينفضوا عنه بل التصقوا به أكثر عندما أدركوا أنه ذو قدرات معينة منتظرة طوال فترة إنتظار المسلمين لبشارة البني الصادق المصدوق " لو لم يبق من عمر الدهر غير ساعة لأمد الله فيها حتى يبعث رجلاَ من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاَ كما ملئت ظلما وجوراَ "؟؟ وهم كثر على قيد الحياة أذكر منهم الأساتيذ: ميرغني حمزة النصري التربوي ذو الثلاث واليسعين يداوم على قراءة كتب الأستاذ و الصحيحين، إبراهيم أحمد نصار الأرصادي، والنقابيون من عمال السكة الحديدية: طه عبد العزيز الحسن، وعابدين حمزة أحمد ملك الذين إلتصقوا بالأستاذ لطول ما داوموا عليه من رؤية تحقيق المرجو مذ عرفوه إلى أن صدع بآخر صيحة في دعوته من على مقصلة الفداء العظيم، مصداقاَ لقول ظل يسمعهم إياه أن صاحب ذاك المقام لا يقول "أنا" إلا منه يوم يتحقق له مقامه كل العالم يسمع به، كانت تلك الصيحة المشهودة المتلفزة ضحى الثامن عشر من يناير 1985 ولم يعقبها من الإخوان الجمهوريين إلا أصداء لها بسبيل من توضيح " الكيد السياسي والمحكمة المهزلة " علّ هذا الشعب أن يبرئ ذمته من جريمة قتل أرتكبت على رؤوس الأشهاد فأشركوا فيها قهراَ، أدناهم بالصمت عنها؟؟؟. أنظر با دكتور للمتلئ من كوب الإنسان.. محمود مجمد طه!! فإني لا أري الكوب ممتلئاَ فحسب، بل إنه لا تقطر منه قطرة وقد جعل أسفله أعلاه!!! أستاذ مساعد بكلية علوم وتقانة البيئة، جامعـة أمدرمان الأهلية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: د.خالد المبارك : محمود محمد طه ...وأنصاف الحقائق ...والردود عليه (Re: nadus2000)
|
Quote: وصلت مع أسرتي من الأردن. ونلنا اللجوء السياسي نتيجة لتوصية من منظمات حقوق الانسان «ولي بها صلات قديمة» واستناداً على مقالات نشرتها بالكويت ضد حل الأحزاب والنقابات وإلغاء الحريات الأكاديمية وتزايد القهر ضد المعارضين في السنة الأولى «التمكينية» من عهد «الانقاذ الأول» المتشنج. |
الاخ ياسر.
كيف نفهم بأن خالد المبارك يعيش لاجئ سياسي في بريطانيا وفي نفس الوقت يكتب بكل حرية في جريدة الرأي العام التي تمثل وجه النظام القبيح؟ وكيف يتهم خالد المبارك الجنوبيين بالعمالة والتبعية للكنيسة وفي نفس الوقت يعيش خالد المبارك هو وأسرته ببريطانية المملكة المتحدة التي أعلي سلطة فيها وراس دولتها هي الكنيسة؟ أليس هذا هو النفاق بعينه؟ هذا هي شخصية خالد المبارك وهناك الكثير والمثير حول شخصية الرجل الانتهازية العنصرية, لكن لكل مقام مقال.
Deng.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: د.خالد المبارك : محمود محمد طه ...وأنصاف الحقائق ...والردود عليه (Re: nadus2000)
|
يا جماعة دعونا نبرد نفسنا شوية النقاش بالنفس الحار يخرج الناس من الموضوعية وأول أسس الموضوعية التقيد بالموضوع المطروح للنقاش وموقف الجمهوريين والأستاذ الشهيد محمود من حادثة رفاعة يحتاج لنقاش موضوعي يحترم فيه بعضنا البعض ونتاسى بقول إبن رشد رأيي صواب يحتمل الخطأورأي غيري خطأ يحتمل الصواب لذلك فحكاية أن خالد المبارك كان شيوعي أو لم يكن ، أو أنه حصل على اللجوء أو لم يحصل هي خارج النقاش هنا ولهذا أيضا فقد خذلني القراي الذي نراهن دائما على سعة أفقه، وأظنه تخلى أيضا عن تقاليد الجمهوريين في النقاش حقيقة هناك إشكالية حقيقية حول نظرة الجمهوريين للأـستاذ الشهيد وموقعه من الفكرة أنا ، وربما غيري من الذين قرأوا للجمهوريين وأعجبوا بفكرهم الحر، دون أن ينضموا إليهم، يتعاملون مع الأستاذ الشهيد كمفكر حر ورجل مبادئ لم يساوم في حقه الإنساني ودفع حياته بسخاء مهرا لهذا الفكر الحر ولحرية الشعب السوداني لكن باستمرار وفي حياة الأستاذ محمود كنت أحس من النقاش مع الإخوة الجمهوريين أن موقع الأستاذ محمود من الفكرة ووضعه عند الجمهوريين فيه جانب إشكالي استمر حتى لحظة صعوده الباسل لمنصة الإعدام وقراءة متأنية لرد الأستاذ عبد المطلب زهران توضح هذه الناحية الإشكالية بشكل أكبر ماذا يمثل الأستاذ محمود للجمهوريين؟ وما موقعه من الفكرة الجمهورية موضوع يحتاج لنقاش واسع وطويل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: د.خالد المبارك : محمود محمد طه ...وأنصاف الحقائق ...والردود عليه (Re: Faisal Salih)
|
Quote: حقيقة هناك إشكالية حقيقية حول نظرة الجمهوريين للأـستاذ الشهيد وموقعه من الفكرة أنا ، وربما غيري من الذين قرأوا للجمهوريين وأعجبوا بفكرهم الحر، دون أن ينضموا إليهم، يتعاملون مع الأستاذ الشهيد كمفكر حر ورجل مبادئ لم يساوم في حقه الإنساني ودفع حياته بسخاء مهرا لهذا الفكر الحر ولحرية الشعب السوداني لكن باستمرار وفي حياة الأستاذ محمود كنت أحس من النقاش مع الإخوة الجمهوريين أن موقع الأستاذ محمود من الفكرة ووضعه عند الجمهوريين فيه جانب إشكالي استمر حتى لحظة صعوده الباسل لمنصة الإعدام وقراءة متأنية لرد الأستاذ عبد المطلب زهران توضح هذه الناحية الإشكالية بشكل أكبر ماذا يمثل الأستاذ محمود للجمهوريين؟ وما موقعه من الفكرة الجمهورية موضوع يحتاج لنقاش واسع وطويل |
الأخ فيصل صالح
لقد سبقتني. فقد كان قصدي من إرسال رد خالد المبارك على القراي هو التعليق على بعض ما كتبه خالد المبارك.
وأنا لا أرى بأسا من تشعب المواضيع ذات الاتصال المشترك في البوست الواحد. ولذلك لا أرى بأسا من كلام الأخ دينق عن خالد المبارك ما دام قد ذكر بطريقة مهذبة وليس فيها أي إخلال بقوانين البورد.
سأعود لتناول موضوعك المهم جدا في أقرب وقت.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: د.خالد المبارك : محمود محمد طه ...وأنصاف الحقائق ...والردود عليه (Re: Yasir Elsharif)
|
تابعت كل المداخلات الواردة فى هذا المنبر،
ورايت ان اسهم بملاحظات سريعة عن المضمون واسلوب النقاش، علها تدفع به نص بوصة الى الامام، ومن اكون حتى اقوى على النص بوصة؟
الاختلاف بين مفكرينا يذهب للود الف قضية، والضحية هو التقدم والخروج بنتيجة من الاشكالات المطروحة، دكتور خالد المبارك ودكتور محمد محمود استاذان اكن لهما كل التقدير ولا يخفى على احد استاذية دكتو خالد وتاريخه مع معهد الموسيقى، وفى معرض معرفتى بهما لم المس ما يشينهما للحد الذى ادرجه من اختلف معهما فى ما نشر، الاستاذ محمود محمد طه، وبعيدا عن مقامه الصوفى الذى تطرق له د زهران، ثائر وعالم ومفكر سياسى، تدين له الحركة الساسية السودانية بالكثير والمراة السودانية تدين لفكره باخراجها من منعطف الجمع بين الممارسة السياسية الواعية ورضا المجتمع والاعتراف بالفن فى داخل اطار الدين، هذا غير ما يعرفه الجميع من رسم صورة البطل الاسطورى الصورة التى ظل اطارها خاويا للثائر السودانى فى حقبة طويلة من الزمن .
لكن كالجندرية افهم ان موقف الخفاض الفرعونى اتى بنتائج سلبية على قضية محاربة الخفاض مهما كانت الدوافع له ، ولنا ان نعترف ان الكتابة عن قضية لاتساوى ربع الاثر الذى تتركه مظاهرة، او مشهد انفعالى درامى جمعى كمشهدوقائع رفاعة.، ومن يدرى ايهما كان اجدى فى ذلك الوقت ، غير الوقت؟
كصلاح الباشا ارى ضرورة مقدرتنا على الوقوف فى محطات التحول، ونقد الذات دون محاولة قتل الشخوص والقذف بهم فى مزابل التاريخ لمجرد رفع سبابة النقد.
نص البوصة تمت؟
لكم الاحترام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: د.خالد المبارك : محمود محمد طه ...وأنصاف الحقائق ...والردود عليه (Re: Tumadir)
|
هناك إشارة تقال للأمانة... فأنا أظن أن الدكتور القراي قد تحامل قليلا على الدكتور المبارك ... و لكني أجد العذر له في ذلك .. رغم أن ذلك لا يلغي قليل الملامة
النقد دائما مطلوب ... و لكن مع وجود المعلومة الوافية ... و هذا على ما أعتقد أمر بديهي .. و هو ما إفتقده مقال المبارك ... و لهذا ظهر جاهلا متهافتا .. و لا أدري إذا كان المبارك يعرف الحقيقة أو (نصفها) .. و لكن مقاله ينضح بـ(أنصاف الحقائق) .. و لهذا فإن مقاله لا يعتد به نقدا أو حتى مجرد رأي .. فالآراء بطبيعة الحال تبنى على الحقائق ... لا على (انصافها)..بالطبع
و على العموم ... فهذا أقل من( نصف القول ) في هذا المقال ... و انا أظن أنه أخذ أكثر من حقه بكثير ... و بالإمكان أن نتكلم فيما يفيد عن حقائق و دوافع ثورة رفاعة .. و في نطاق الحقائق (لا أنصافها) نتقبل الرأي .. و الرأي الآخر .. و نحاول الوصول إلى نتيجة و إلى درس نستفيد منه في حاضرنا
(عدل بواسطة Yaho_Zato on 12-20-2002, 07:27 PM) (عدل بواسطة Yaho_Zato on 12-21-2002, 01:22 AM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: د.خالد المبارك : محمود محمد طه ...وأنصاف الحقائق ...والردود عليه (Re: johnynl)
|
سلامات انتفاضة رفاعة المزعومة ليست من مآثرنا في النضال ضد الاستعمار بل هي من مخازينا . ويقع وزرها على كاهل الاستاذ محمود محمد طه
اولا انا لست جمهوري ولكن انا من ابناء رفاعة عرفت الاخوة الجمهوريين وتعاملت معهم ومااستفز صمتي في هذا البوست هو تطاول المدعو خالد المبارك الذي يفتقد للعلمية والتاريخية في تناوله لمسالة الخفاض الفرعوني ومحمود لم يكن همه خفاض ورقعة حنة ابدا ابدا هو رجل حمل راية التجديد والاجتهاد في باب اختشي ولوجه كثيرا من العلماء في ذلك العهد ولم ينجض له سوي الاستاذ محمود محمد طه والسخيف الترابي ولكن نجح الاول لحد ما في توصيل افكاره وبصورة سلمية مبنية علي الفكرة والاجتهاد وبعد المأخذ المستندة علي ماجاء في وتيرة النص القراءني المدعم ايضا(حتي يزداد البنيان الفكري لقضيته قوة ومتانة)بالسنة وتشريعاتها المفتوحة وحين شعر اللئام بخطره علي وجودهم النفعي كانت الذريعة والدسايس تساق سرا ضده انتهازية الكيزان ومايو ااتلفتا في غير حب وكان اعدامه وصمة لن يتخطاها التاريخ السوداني وقضية الخفاض الحمد لله ان شاهدها موجود الان وحي يرزق وهي الفتاة سبب هذه المشكلة والتي تناهز الان سن الستين واذا كان هناك احدا يحب الاستفسار عنها سنوصله به بكيف طريقة القضية ياخالد المبارك اكبر بي كتير من تناولك واني اشهد لو ان واحدا من الجمهوريين في هذا البورد تناولك كما ينبغي ستاتي غدا طالب السماح وبطاقة الانتماء لهم وعذرا رفاعة فهشاشة القول لاتحرك ستارت عزتك ابدا واسف جدا اذ انني لم اوفي الرد حقه ولكن هو صوت خافت اخرجته من حلقومي واندفق
| |
|
|
|
|
|
|
|