عثمان ميرغني يكتب عن جرف هار

Quote: البعض يبحثون في إلحاح عن سبب يبرر إيمانهم بالله سبحانه وتعالى!! رغم أن الايمان بالله أمر غيبي يؤسس على التصديق والتسليم بذلك دون الحاجة لانتظار المعجزة التي تجبر العقل علي قبول الإيمان بالله .. وفي هذا .. يتداول الناس ورقة ورسائل بالبريد الالكتروني تقول إن سقوط برجى مبني التجارة العالمي ذُكر في القرآن قبل أكثر من أربعة عشر قرناً في الآية رقم (109) في سورة التوبة (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين ) وعلاوة علي الارقام التي تورد عن رقم السورة وترتيبها في القرآن و رقم الآية فإن كاتب هذه الورقة والرسائل يذكر أن مبني مركز التجارة يقع على ناصية شارع اسمه (جرف هار) وكتبها بالانجليزية هكذا Jerf Har وهو ما ورد في الآية الكريمة. ورغم يقيني الكامل أن معجزات الله تظهر في كل مكان في كوننا هذا وفي أنفسنا في تفاصيل الخلق الانساني البديع ،وليس من فائدة للجري وراء معجزات من قبيل لغة الأرقام الواردة في تلك الرسالة إلا أنني حاولت بقدر الإمكان أن أسير مع الرسالة إلى آخر المشوار .. فأضعت ساعات من زمني في البحث في شبكة الانترنت عن صحة المعلومات الواردة في الرسالة .. وأرجوكم تقبلوا الحقائق التالية التي أدرك أنها تصدم شعوركم الباطن بالحاجة إلى لغز في قصة أحداث مبني التجارة العالمي بنيويورك .. أولا : المبني مكون من برجين كل واحد منهما يتكون من (110) طابقا ، وليس (109) كما ذكر في الورقة التي فصلت الرقم ليناسب رقم الآية في سورة التوبة .. ثانيا : ذكرت الرسالة المتداولة ..في رواية أن عدد أحرف السورة من البداية حتى الآية المذكورة يساوي (2001) وهو رقم سنة الحادث .. لكني وبعد عد الحروف اتضح انها أكثر من (6000) حرف .. لكن في رسالة أخرى قيل أن عدد الكلمات في سورة التوبة هو الذي يساوي (2001) رقم السنة .. وقد عددتها أيضا فكانت أكثر من (2400) كلمة..!! ثالثا : اسم الشارع "جرف هار" هو محض اختلاق .. فقد بحثت في الانترنت عن أسماء كل الشوارع حول المبني وليس من بينها هذا الاسم .. فالمبني يقع علي شارع الحرية Liberty St. وشارع آخر اسمه Vesey St. وهناك شوارع أخرى في المنطقة مثل شارع القنال Canal وشارع برودواي Broadway .. المهم (جرف هار) هو اسم مختلق لتبرير الاستدلال بالآية.. صدقوني كنت متيقنا أنني لست في حاجة لإضاعة كل هذا الوقت في التأكد من تلك المعلومات التي ترد في الرسائل الالكترونية . لكن كثرة الأخوة الذين اتصلوا بي هاتفيا والذي أرسلوا لي هذه الرسالة بالفاكس أو بالبريد الالكتروني وما رأيته من حماسهم الدفاق لتلك المعلومات دون أن يحاولوا التأكد منها هو الذي دفعني لأن أتأكد بنفسي . إن الله موجود في كل حياتنا و معجزاته في أنفسنا وفي كوننا الصغير في كوكب الأرض وكوننا الكبير الذي لا يدرك انسان حدوده .. ولا حاجة لله في هؤلاء الذين يخترعون المعجزات . إن أجمل ما سمعته عن الايمان ما قاله العالم المصري الذي فاز بجائزة نوبل في الفيزياء . . قال إنه كلما تعلم وأوغل في بحار العلم أدرك أنه لا يعلم شيئا وأن الاسئلة أكثر من الأجوبة .. الجاهل وحده هو الذي لا يحس بطعم الايمان لأنه أصلا لا يعلم من العلم ما يجعله يحس بجهله . لا تكن جاهلا عزيزي القاريء تبحث عن الايمان بالله في معلومات مختلقة .. أنظر في نفسك في هندسة خلقك وتفكر في عظيم صنع الله .. بدلا عن البحث عن معجزة في شارع (جرف هار) ..!!