تراسيم
إعدام عاشقة..!!
عبدالباقى الظافر
[email protected]
صرخت السيّدة مصرية بصوت ملؤه الخوف.. ضمّت صغيرها إلى صدرها وقطعت عليه استمتاعه بالنوم.. جارتها في عنبر السجينات استيقظت على صرختها الاحتجاجية.. أرادت أن تلومها على ازعاج منتصف الليل.. لمّا رأت ذعرها والدموع التي تندفع بكثافة على خدودها.. اضطرت الحاجة حليمة أن تلقن السجينة كلمات تحضها الصبر على المكاره.
استغفرت المدانة بالإعدام ثلاثاً.. حاولت أن تعود إلى النوم.. كابوس الرجل الذي يفصل بينها وطفلها الصغير يعود.. شرطي له شوارب كثة.. مفتول العضلات.. يخبرها أن أوان الإعدام قد حان.. يطلب منها أن تودع أطفالها الوداع الأخير.. فكّرت مصرية في أن تحارب هذه الأدغاس بعدم النوم.. اتكأت على حائط السجن البارد.. جعلت طفلها في حجرها.
تذكرت الماضي.. عشر سنوات خلت.. كانت في الرابعة عشر.. في ذات أصيل كانت تحمل بعض حطب النار ..هذه مساهمتها في إعالة أسرتها.. توقف بجانبها فارس أحلامها.. أنزلت بعضاً من حملها الثقيل.. أسمعها حديثاً جميلاً.. أشار بيده إلى طرف القرية.. وعدها أن يبني لها داراً جميلة.. عندما بدأت الشمس في الفرار طلبت العاشقة الرحيل..الفتى الذي بلغ من العمر عقدين يسأل فتاته أن تودعه بقبلة.. الصغيرة تلفتت ذات الشمال واليمين.. ببعض الخوف وكثير من اللذة يلتصق الجسدان.
بعد عام من الحب تكتشف الفتاة الريفية تكور بطنها.. القرية الصغيرة تسمع بالخبر السيء.. مجلس أجاويد ينعقد لمناقشة الأزمة.. الفارس يُقرّ بجرمه ويطلب مهلة للزواج.. المهلة لا تنقضي أبداً. المجالس الأهلية تفض وتعقد مع كل ميلاد جديد.. والطفل الأول ينضم إليه طفلان في نحو خمس سنوات.
الطفلة تصبح أمّا يصاحب سيرتها العار.. الفارس يبحث عن فتاة طاهرة أخرى ليتزوّجها.. مصرية تسمع الخبر.. تنكره في أول مرة.. أخيرا تمضي إلى قطية فتاها التي لا تبعد عنها إلا بضعة خطوات.. اختارت الليل الذي يستر الجبال.. سألته عن الأحلام المشتركة و(شيلة) الزواج التي جمعتها معه قطعة قطعة.. لم يتردد.. أخبرها أنّها مجرد مومس لا تستحق لقب زوجة محترمة.
بكت في تلك اليلة القمراء.. بين دموعها رأت مدية بجانب الرجل الذي خانها.. لم تفكر كثيراً.. كل ما فعلته أنّها اقتصت من الرجل الذي جرحها..عندما رأت الدماء تنفجر شعرت بالراحة.. ولجت إلى غرفة أخرى في منزل الزوجية المفترض.. أخذت الشنطة التي كادت أن تضل طريقها إلى امرأة أخرى.
في المحكمة سألها القاضي إن كانت قتلت فتاها.. أجابت بالإيجاب.. القانون يسمي فعلها هذا القتل مع سبق الإصرار والترصّد.. والقاضي يطبق القانون.. جريمة قتل وزنا وسرقة.. العقوبة الإعدام شنقاً.. الاستئناف يؤيد الحكم.. دائرة المراجعة القضائية لا تجد في الوقائع شيئاً يستحق التخفيف.
مصرية تستسلم.. تنتظر الموت.. أحياناً تستعجله.. أولياء الدم يرفضون التنازل عن دم ابنهم الذي اعتدى علي فتاة قاصر.. المحامي الذي يترافع عن العاشقة يكاد يصيبه اليأس.
سادتي أهل القانون.. هذه قصة واقعية تحمل رقماً أمام قضاء السودان.. مصرية ليست قاتلة بل عاشقة يا سادة.. من ينصر العشاق في بلدي؟
==
محمد علي،،،،،،،،
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة