تأمُلات
الصورة اكتملت يا الطاهر
كمال الهدي
[email protected]
بدت صديقتي اللدودة والمزعجة غير مرتاحة لما يبث عبر حلقات برنامج " حتى تكتمل الصورة" الذي يقدمه الأستاذ الطاهر محمد عثمان حيث قالت لي: ألم يقتنع هذا الرجل حتى الآن بأن صورته قد اكتملت تماماً ولم يعد هناك مبرر لاستمرار برنامجه الموجه وإن حاول إيهام الناس بأنه ليبرالي وجريء في طرح الأسئلة.
وأضافت صديقتي: أرى أن البرنامج يخدم أهداف جهة بعينها ويسعى لتشويه صورة الآخرين.
واستمرت في نقدها اللاذع لبرنامج الأخ الطاهر: كل عشية يحشد عدداً من الصحفيين أو المفكرين ليطرح عليهم أسئلة تدور حول نفس الفكرة ( تلميع تيار سياسي بعينه وتهميش الآخرين).
وقالت: في الآونة الأخيرة بات جل همه أن يُحدث الناس عن قضايا وطنية كبرى تستوجب التفاف الجميع حولها وتوحدهم من أجل الوطن ويطرح أسئلته على الضيوف الذين يختارهم بعناية فائقة مع إفساح مجال ضيق للغاية لمن يحملون رأياً مغايراً وذلك إمعاناً في إيهام المشاهدين بليبرالية الطرح.
واستطردت صديقتي العجيبة قائلة: وبالطبع يجد ما يبحث عنه لدى ضيوفه الصحفيين على وجه التحديد الذين يتفقون معه على أهمية توحد الجميع وتخليهم عن فكرة معارضة الحكومة أو السعي لإسقاطها ناسين أن هذه الحكومة لم تأت في البداية عبر صناديق الاقتراع، بل انتزعت الحكم بقوة السلاح ولذلك فمن الطبيعي أن يسعى الآخرون للإطاحة بها، لكن المستفيدين عندكم من هذا الوضع يريدون له أن يستمر إلى ما لا نهاية.
واستمرت صديقتي في خطرفاتها بالقول: تصدر عن جل ضيوف الطاهر كلمات حق يراد بها باطلاً، فالحديث عن الوحدة والتفاف الجميع حول القضايا الكبرى أمر لا خلاف حوله، لكنهم يتجاهلون عمداً فكرة أن الحكومة الحالية أرادت أن تستأثر بكل شيء ولم تفسح المجال لسواها للمشاركة في قضايا الوطن وبعد أن ساءت الأمور يريدون من الآخرين أن يأتونهم ويلتفوا حولهم وهذا منطق عجيب وغريب.
وقالت: يقول ضيوف الطاهر أن معارضتكم ضعيفة ولا تقوى على فعل شيء وفي نفس الوقت يطالبون رموزها بالتعاون مع الحكومة الحالية ويوهمون الناس بأن سودان اليوم دولة حوار وحراك فاعل والمرء ليتساءل عن جدوى حوار لا يُسمع فيه صوت الآخر ولا يُعمل به.. حوار لا يستطيع من يتوهمون وجوده أن يشيروا مجرد إشارة لتناقضات المسئولين الرسميين الذين يصبح أحدهم مخاطباً الناس وهو بجوار بعض الأخوة المسيحين ويمسي مهدداً بأن للحكم في السودان وجهة واحدة هي الإسلام وكل من يتحدث عن خيارات أخرى ليس أكثر من واهم.
وتساءلت صديقتي: أيعقل أن ينتظروا من ساسة كبار - رغم اتفاقنا على عجزهم خلال السنوات الطويلة الماضية – أن يقبلوا بأن يكونوا مجرد ديكور تجمل به الحكومة وجهها القبيح! وكيف يستقيم عقلاً أن تصف شخصاً أو جهة بالعجز والفشل وفي نفس الوقت تطلب تعاونها؟ !
وقالت: وبعض ضيوف البرنامج يحدثون الناس عن الانتخابات يؤكدون أن الحكومة الحالية جاءت عبر الصناديق ولا يمكن إزالتها إلا عبرها وكأنهم يحدثون شعباً غير شعب السودان الذي يعرف الصغير فيه قبل الكبير أن هذه الحكومة حكمت لأكثر من عشرين عاماً بقوة السلاح قبل أن تنظم انتخابات لا أظنها حملت أي معنىً، فهي قد تلت فترة طويلة حكموا فيها بمفردهم وكان من الطبيعي أن يفوزوا هم وليس سواهم.
وأضافت صديقتي: بعد أن بات انفصال جزء عزيز من بلدكم مؤكداً يصرح المسئولون أنهم سيحكمون الشمال بمفردهم وبالطريقة التي يريدون، لكن يبدو أن ضيوف برنامج " حتى تكتمل الصورة" يرغبوا في أن يكونوا ملوكاً أكثر من الملك حين يطالبون الجميع بالالتفاف حول حكومة لا ترغب في حوار جاد مع الآخرين.
وأضافت: في الفترة الأخيرة كانت الحسنة الوحيدة لهذا البرنامج ومقدمه استضافة الأستاذ المبدع حسين خوجلي الذي أعجبني جداً حديثه في تلك الحلقة التي ضمته مع آخرين.. قال حسين خوجلي في رده على حديث أحد دعاة الانفصال هو الأستاذ الطيب مصطفى " التخلص من كل جزء نرى أنه غير صاف ضد ارادة العروبة والإسلام ولذلك يتوجب علينا أن نتعايش مع الآخرين"، كما رفض الرائع حسين خوجلي فكرة القبول بشريعة يأتينا بها سيلفا كير في إشارة منه إلى من يعبرون عن فرحهم بانفصال الجنوب لكي يصبح الشمال مسلماً صرفاً.. كأن أهل الشمال قد كفروا في يوم أو تخلوا عن دينهم من أجل الآخرين !
واختتمت صديقتي حديثها بالقول: لكل ما سبق أرى يا عزيزي أن صورة مذيعكم الطاهر قد اكتملت ورسالته وصلت كاملة وكم تمنيت أن يستفيدوا من الزمن المفرود لهذا البرنامج في أي عمل تلفزيوني آخر، شريطة إلا يكون برنامجاً غنائياً لأن لديكم من هذه البرامج ما يكفي لتعزيز حكم الشريعة والعودة للهوية الإسلامية!!
وقبل أن أتفوه بكلمة دفاعاً عن البرنامج الحواري ومقدمه الليبرالي جداً! انسلت صديقتي بطريقة ذكرتني بهروب المخلوع زين العابدين بن على فقلت لنفسي ليت بعض الحكام العرب الآخرين يستفيدون من الدرس المعاصر جداً.. قلت العرب ولم أقل السودانيين فنحن في السودان لسنا في حاجة لتعلم الدروس من الآخرين وليس لدينا حكاماً يوالون الغرب حتى يتخلى عنهم هذا الغرب.. أليس هذا ما قاله إعلامنا المرئي والمسموع حتى اللحظة عما حدث في تونس!
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة