جهاز أمن أم بلطجة مليشيات...؟!!
كوري كوسا / السودان
كمدخل أول سأورد لكم هذه القصة الواقعية التي جرت أحداثها الصادمة في أواخر العام الماضي و قد روى لي أحداثها صديق من مدينة بورتسودان و هو شاهد عيان عليها عندما كان مصادفةً في زيارة إلى السوق الشعبي بالمدينة فشاهد و سمع كل تفاصيل الواقعة الدراماتيكية التي أرعبت الجميع و جعلتهم يفرون مذعورين أو يتسمرون مذهولين في أماكنهم من هول المفاجأة.
فيما كان البعض في ميدان السوق الشعبي في إنتظار طويل مترغبين وصول ذويهم القادمين من مختلف أنحاء السودان لإستقبالهم و إصطحابهم إلى الديار، إرتفعت بغتة صيحات و لعنات غاضبة في مكان قصي من الميدان فتسارع الناس في فضول معهود لمشاهدة ما يجري مع ذلك الشاب الذي أحاط به عدد من أفراد شُرطة مكافحة المخدرات، و قد بدى عليه أنه قادم للتو من سفر مع حقيبة يد صغيرة كان يحملها في حوزته، و وصلهم صوته بكل وضوح و هو يصيح في تحدي.. أنا تابع للجهاز و ما تفتشوا الشنطة دي إلا يجي فرد تابع للجهاز!..
ثُم و لما بدى أن ذلك الشاب مصمم بشدة على موقفه، طلب شرطي المكافحة حضور أحد أفراد الأمن الذي وصل بالفعل على جناح السرعة إلى المكان. و عندما هَم أفراد الشرطة بإصطحابه إلى مكتبهم قائلين له.. إنت رجل زميل و لا يجب أن نفتشك أمام أنظار المواطنين.. و لكن تفاجأ أفراد المكافحة بفرد الأمن يتعنت من جديد و يصر غاضباً.. أنا ما متحرك من هنا شبر و تفتيش جوه ما بتفتش ليكم!.. فقالوا له أنت رجل عسكري و ما لازم نهينك.. فرد عليهم بتصميم أكثر.. أنا ما بتحرك من هنا شبر واحد!.. فما كان من أفراد الشرطة أمام عنجهية الرجل و مخالفته للأوامر إلا أن أخذوا حقيبته و إقتادوه عنوة إلى الداخل. و بعد هُنيهة خرج فرد الأمن و هو يشتعل غضباً و قد أتموا تفتيش حقيبته، و إستل هاتفه المحمول و تحدث إلى شخص بعبارات سريعة مغتضبة، و ما هي إلا بُرهة حتى إستحال المكان إلى ثكنة كبيرة لقوات جهاز الأمن. إذ حضرت سيارتان (land cruiser) عليها عدد ضخم من أفراد أمن مسلحين بمسدسات و بنادق كلاشينكوف، و إقتحموا مكتب شرطة المكافحة دفعة واحدة وسط دهشة الجميع. و هبطوا بالركل و الضرب بأعقاب البنادق و العصي على كل أفراد الشرطة الموجودين في المكتب، حتى أن عقيد الشُرطة المسؤل من مكتب المكافحة قد أُخذ على حين غرة وتفاجأ بسيل اللكمات تنهال عليه فأخذ يصيح مرعوباً.. معاك عقيد.. معاك عقيد..!!. فرد عليه أحدهم و هو يوسعه بمزيد من الضرب.. بلاش عقيد معاك بلاش كلام فارغ!. حدث كل هذا و الناس ينظرون بأعينهم مشدوهين، ثم حاول أحد الشُرطيين التدخل لفض النزاع فعاجلوه بضربة كبيرة من مؤخرة السلاح فوق جبهته فتفجرت منها دماء غزيرة، فأسعفه الناس على سيارة و هو يئن. و بعد أن إنتصر هجومهم البربري و ضربوا من ضربوا و ركلوا من ركلوا ناسفين بكل القوانين و النُظم عرض الحائط و هُم أوُلئك الشباب الذين لم تتجاوز أعمارهم العشرين، و بعد تدخل بعض ضباط الشُرطة مع بعض (الإتصالات)، أخذ أفراد جهاز الأمن زميلهم و ركبوا سياراتهم و غادروا المكان بكل هدوء و بساطة (إنتهى المشهد).
مدخل ثاني، لا يخفى على أحد أن حكومة الإنقاذ و منذ أن إغتصبت الديمقراطية و إستولت على السلطة في البلاد مستعينة بصفات الغدر و المكر التي تشبعوا بها و تربوا عليها ثقافةً منذ نعومة أظفارهم الملطخة بالدماء و حتى اليوم، لم تأت بشئ إلا و كان شيئاً مضاداً لخير البلاد و مناوئاً للعُرف و للفطرة السليمة. أشياء أبسط ما يمكن أن يُقال عنها أنها صادرة عن عقول فاسدة تطفح بمحتوى مثل محتوى البالوعات العفنة المختمرة. مثل ذلك ما نراه هذه الأيام مما يُسمى بجهاز الأمن الوطني المكون على أساس عُنصري باين بيان الشمس في كبد السماء. و الذي يصر على حشر أنفه في كل شئ واضعاً نفسه على مرتبة أعلى من القانون، و ما الحادثة التى أوردناها في الأعلى إلا أكبر دليل على ذلك. و لا يخفى على أحد رؤية هؤلا الشُبان و هُم من أهل الثالوث الشهير(جعلية، شوايقة، دناقلة)، يجوبون شوارع المُدن ببذاتهم و سياراتهم الأمنية ليل نهار و هم أكثر الناس تعاطياً للرذيلة و الفجور و قد حكى لي صديقي أن أحد أفراد الأمن اولئك قد عُثر بحوزته على كميات كبيرة من المواد المخدرة في نفس المكان قبل عُدة شهور. و نجد أن الشرط الأقوى و الأهم لإستيعاب شخص ما ضمن تلك القوات هو وبلا منازع مؤهله العرقي و ان يكون منتمياً ألى الثالوث العُنصري أعلاه ليكون فوق الحساب و ينتمي إلى مليشيات العُنصرية و يقبض الملايين راتباً للإرتزاق و العمالة، و مع ذلك يسمونه بجهاز أمن وطني. و كأن من لا ينتمي إلى هذا الثالوث ليس وطنياً و لا هو سوداني(ليس ود بلد). لكن فليعلم المؤتمر الوطني و ليعلم فجرته الساقطين أن ساعة الحق التي يرتجفون منها لمجرد سماعهم لها، لهي قادمة. و أن الجماهير المسحوقة في كل الهامش مع كُل الشُرفاء في هذا السودان سوف تهب هبة القدر في يوم ما لسحق رؤسكم الخربة تلك التي تنضح خُبثاً و إثنية بغيضة، يومها لن ينجدكم جهاز أمنكم الإثني و لن تجديكم بلطجة المليشيات من أتون الغضب الهادر.
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة