حزن مآذن المساجد بأوروبا !
الدكتور / المكاشفي عثمان دفع الله محمد
دكتوراه في استراتيجيات تطوير المناهج
[email protected]
ج 5945351
إن الإسلام يرسي قواعد التسامح والتعايش السلمي بين الأديان السماوية وهذا مبدأ من مبادئ المسلمين يعضده محكم القرآن الكريم بقوله تعالى : " لا إكراه في الدين ... " ، كما أرسى أسس الحوار الهادف البناء واحترام الرأي والرأي الآخر بقوله تعالى : " ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ... " ، وفي نفس الوقت لا يرضى من هؤلاء الانتقاص والظلم والعدوان ويأمر الله تعالى بالرد بالمثل بقوله تعالى : " فإن اعتدوا عليكم فاعتدوا عليهم بمثل ما اعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " .
إن ما جرى من قبل اليمين المتطرف في سويسرا والذي دفع بدعاية التحامل وبث الكراهية ضد الإسلام والمسلمين ( 57% من الشعب السويسري ) في الاستفتاء الأخير 1/12/2009م بعدم بناء مئذنة لمساجد المسلمين فيها ، والذي خلق ردود فعل قوية غاضبة من المسيحيين قبل المسلمين حيث شجبت غالبية دول الاتحاد الأوربي ذلك ، ومنظمة العفو الدولية وبقية المنظمات الحقوقية والإنسانية حول العالم ، حيث صرح السويسري اليميني موريس روفيو أن حزبي الشعب والاتحاد الديمقراطي اليمنيان السويسريان تبنيا هذا الاستفتاء ، ورفضت منظمة المؤتمر الإسلامي هذا .
وقد علق محمد السماك عضو لجنة الحوار الإسلامي المسيحي ، أن ما يجري تعبير عن مخاوف وقلق من تنامي المد الإسلامي في أوروبا ، وأن هذه الحالة النفسية نتيجة تصرف بعض المسلمين المتطرفين فيصيب الضرر كل المسلمين ، وما جرى اليوم في سويسرا لا ينفصل عما يجري حاليا في أوروبا .
و الاستفتاء ينتهك الدستور السويسري في المادة ( 72 ) ويتوجب على الحكومة السويسرية تعديل هذه المادة لتقرر عدم وجود حرية دينية من خلال فرض قيود على الإسلام والمسلمين في ممارسة عبادتهم ، وقد التقيت البابا السابق يوحنا بولس الثاني وكان حريصا على التعايش السلمي مع الإسلام والدليل على ذلك أن عمدة روما جاء يستشيره في طلب المسلمين لبناء أكبر مسجد في روما فطلب البابا من العمدة أن يمنح الأرض مجانا للمسلمين ، و أشير إلى رفض الفاتيكان حاليا للعمل السويسري.
وقد ذكر جون ديلهوسن الناطق الرسمي باسم منظمة العفو الدولية ، أن هذا انتهاك إنساني للحق في العبادة ولا يعبر عن حرية الأديان .
كما يرى أحمد الشقاقي الباحث في معهد دراسات حول العالم العربي بجنيف ، أن الحزبين الذين يقفان وراء الاستفتاء ونتيجته يهدفان إلى قمع الإسلام في العمق ، ويخالفان بذلك كل المواثيق الدولية والإنسانية حول حرية الأديان وحقوق الإنسان في ممارسة عبادته .
ويدل على ذلك رد الفعل الأوربي القوي ، كما أنه ستقدم قضية حول المنع لمحكمة بطرسبرج ومن المرجح أن ترفضه المحكمة الأوربية بوصفه قانون ينتهك أهم حقوق الإنسان .
كما يمكن للجالية الإسلامية في سويسرا أن تجمع مائة ألف توقيع ورفع اعتراض على ذلك .
والجدير بالذكر أن التوجهات العدائية ضد المسلمين يتسع نطاقها في الوقت الراهن ونضرب عليها قليل من الأمثلة : تدنيس اليمينيين اليهود الإرهابيين للمسجد الأقصى ومنع المصلين من الصلاة واضطهاد المسلمين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي بدولة فلسطين المحتلة وسكوت الغرب عن ذلك .
تجسس أجهزة الحكومة البريطانية الحالية على المسلمين مما يخلق عدم الثقة بينهم وبين الشعب البريطاني ويسيء إليهم ويعرضهم للقمع والاضطهاد والتمييز الديني والعرقي ، وتنامي شعبية الحزب الوطني البريطاني مؤخرا مما يعني بداية الردة البريطانية عن بعض المبادئ الحضارية التي يفتخرون بها مثل الحرية وديمقراطية وستمنستر.
فرنسا ومنع حرية المرأة في اختيار ما يناسبها من ملابس من خلال منع الحجاب واستطلاع الرأي الأخير 46% من الشعب الفرنسي يحارب بناء المساجد !
وسن القوانين التي تحمي العرى والشواذ في دولة الحرية والإخاء والمساواة !!!.
الدنمارك وهولندا وسعيهما المستمر في الإساءة لرسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم مما يعني اضطهاد وتعديا على حرية وحقوق الإنسان المسلم بالزعم الكاذب أن هذا حرية تعبير وحرية صحافة بينما يعاقب من ينكر المحرقة النازية لليهود ! .
ومع ذلك يوجد نموذج مشرق يمنع مثل هذا الاضطهاد الديني وانتقاص الحريات وحقوق الإنسان وانتكاسة الديمقراطية الغربية حيث بني مسجد كبير في مدينة كولون الألمانية فتجمع اليمنيون المتطرفون المهووسون من كل أوروبا بتحريض من اليمين الهولندي الإرهابي فمنعتهم الحكومة الألمانية والرأي العام الألماني بمسيرة قوية مضادة أوقفت تطرفهم وجنونهم ، وأرست مبادئ الحرية والتعايش السلمي بين الديانات والأعراق المتعددة وحزن اللوبي اليهودي من فشل المحاولة التخريبية .
ونحن في العالم الإسلامي لا نريد من يجتهد في إطار الآية الكريمة : " فإن اعتدوا فاعتدوا عليهم بمثل ما اعتدوا .... " ، فيطالب بمنع بناء الكنائس للمسيحيين أو يطالب الأقليات المسيحية الموجودة ببعض الدول المسلمة بعدم رفع الصليب فوق منارات كنائسها ردا بالمثل على ما يجري للأقليات المسلمة بدول العالم الحر في أوروبا !!! ؟ !!! ونوجه الخطاب لقادة وشعوب دول أوروبا وأمريكا ، أليس فيكم رجل عاقل رشيد يمنع هذا العبث وقتل الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان .
كما أن الدول الإسلامية مطالبة بسحب أرصدتها ومقاطعة البضائع السويسرية رسميا و شعبيا من ساعات ومجوهرات وحليب وحلوى سويسرية وغيرها ، والإنكار عليهم بأن دولة تعتبر حاضنة لاتفاقيات جنيف الدولية لرعاية حقوق الإنسان يصدر عنها وباسم الديمقراطية يقوض الديمقراطية وينتهك أبسط حقوق الإنسان في حرية دينه وممارسة تعبده ، إنها انتكاسة أمريكا وأوروبا عن كل القيم الإنسانية والديمقراطية خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالإسلام والمسلمين ، كما أنها صفعة قوية يترنح على إثرها العرب والمسلمين العلمانيين والمتعلقين بأهداب الشعارات الغربية التي ثبت أنها للرجل الأبيض والكيل بمعيارين واستغلالها للمصالح الاستعمارية !!
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة