|
|
Last Updated: Jan 12th, 2011 - 22:21:57 |
خدمة العملاء ..أحلام صغيرة |
مصطفى محمد عبد الهادي |
|
|
طيّب من البداية كده عاوزك تتخيل (كمساعد لي) ، إنك مشيت لطلب خدمة معينة من أيّ مكتب سوداني بقدم خدمات، حكومي، أو قطاع خاص. وقام الموظف أنجز ليك الخدمة دي مباشرةً بصورة جيّدة ومعاها ابتسامة على وجهه!، أعتقد ما حتقدر تساعدني ولذلك أحسن أساعدك أنا، ببساطة أنسى الموضوع لأنه مستحييييل. مشهد أول: في الإمارات ودول أخرى كثيرة، يمكنك الاتصال على البقالة، أو المطعم لطلب أيّ حاجة حتى لو رغيفة، ويقوم صاحب البقالة بإرسالها إلى منزلك مجاناً، وبكون عادة عندو صبي معيّن للشغلانة دي، يعني لزوم تحسين المبيعات، ولو كررت الطلب مرّات كثيرة برضو حيرسل ليك الحاجات بنفس طيّبة. القصة: حكى لي صديق يعمل في الإمارات لفترة طويلة بأنو رحل إلى سكن جديد، وفي أول يوم نزل لمطعم سوداني بالقرب منه، وبعد ما اتعرف بصاحب المطعم السوداني واللي ليهو (خمستاشر سنة)، بعمل في الإمارات، وبعد حق الله بق الله، قال لصاحب المطعم " يلا أديني رقم تلفونك عشان لو احتجنا حاجة نتصل عليك ". رد عليهو صاحب المطعم سريعاً باندهاش شديد (والله ياهو الفضل، كمان نوصل الأكل للناس في بيوتهم!). يعني (خمستاشر سنة)، وعمك ده ما حصل ليهو تغيير للجينات السودانية، ولم يتعلم من البيئة المحيطة بيهو كيف يطّور اسلوبه، ويزيد مبيعاته؛ وشايف روحو أصلاً ما قصّر كونه قاعد يسوي للناس الأكل، شايف كيف؟!. مشهد ثاني: كل خطوط الطيران العالمية وغير العالمية، وحتى الاقتصادية البجوها ناس الدخل المحدود، يعاملك فيها الموظفون باحترام شديد، ورقي، ولا تفارق الابتسامة وجوههم. لدينا خطوط قديمة (ما عاوز أقول عريقة لأنو عريقة في حد ذاتها قيمة) الخطوط دي سودانية. القصة: حضر أحد الرّكاب أثناء وجودي، يحمل تذكرة سفر ويريد تأكيد الحجز، حضر الساعة 3 ظهراًً. موظف الخطوط: كان لآزم تجي قبل الساعة ( 12)، هسع حجزك اتلغى. الراكب: مافي زول كلمني. الموظف: ياخينا شركتنا دي (معرووووفة) ولازم تأكّد الحجز قبل الساعة (12)، ولا كمان عاوزنا نجي ندق ليك باب بيتكم ونقول ليك تعال الطيّارة دايرة تقوم !. (افتكر كلكم عرفتو الخطوط دي). والموقف ده حصل يوم الخميس 17 ديسمبر الفات ده، ورحلتي أنا ذاتي اتأخرت). مشهد ثالث: محل في السوق العربي، يعرض المراتب الصحية المدعمة بسستة من داخلها القصة: دخلت على المحل صباحاً، ويا دوب الراجل فتح المحل، متوقع نفسي الزبون الأول، الذي سيحظي بمعاملة مميزة، كعادة التجار في بقاع العالم غيرنا، لمن يستفتحو. نظرت إلى الرجل مستبشراً، ولم يبد أيّ إشارة ترحيب، وجه متجهم فسرته بمعنى (هو متين نحن فتحنا المحل)، المهم تقّلت دمي شوية عشان محتاج لي مرتبة وكده. أنا: السلام عليكم. صاحب المحل: صمت رهيب وتجهم. أنا رافعاً صوتي: السلاااااااام عليكم. صاحب المحل: أهلاً أنا مشيراً للمراتب: انت المراتب دي مقاساتها كيف؟. صاحب المحل: قدامك شوفها. أنا مبتلعاً سخافته: طيّب هي صناعة سودانية ولا من برة؟. صاحب المحل: سودانية (مشدداً على حرف الياء بمغصة شديدة وكأنه يكاويني) تقدمت خطوات، وتفحصت المراتب، وابتلعت ريقي، وخرجت قبل أن يهجم عليّ صاحب المحل. وأنا أحدّث نفسي "يا ربي الزول ده مالو؟، يكون لسع ما شرب الشاي، ولا مشبهني على زول، ولا سيد المحل مزعلو ؟ "، ولكن بعد حين استدركت أن الأمر عادي، وربما ببساطة هذه هي طريقته في التعامل. مشهد أخير : ممكن تتذكر أنك جيت تطلب ليك خدمة من موظف ما حكومي، ووقفت قدام الموظف ولم تشعر بخوف أنك تزعلو، لسبب انت ما عارفو شنو، خوف أنك تبدأ الكلام غلط يقوم يقول ليك تعال بكرة أو ورقك ما مكتمل مثلاً، خوف أنو يظهر على وشك أيّ استياء، لأنو قاعد يتكلم في الموبايل، وانت نفسك تعمل أنو ما مشكلة، وعادي جداً، وتحاول ترسم ابتسامة بلهاء على وشك، أو تملّقو" والله ربنا يعينكم انتو تعبانين شديد"؟!. من الآخر ياخوانا خدمات العملاء عندنا سيئة بمستوى غريب ومعياري ويستحق الدراسة، ممكن بإطمئنان مستوى خدمة العملاء في السودان يكون حالة دراسة طلابية للمقارنة بين جودة خدمات الزبائن وسوءها. ما أظن يمكن إيجاد حالة للسوء أفضل من العندنا دي وبدون أيّ تدخل، فقط نقل الحالة كما هي (برنت اسكرين ). فكّرت في جملة أسباب قلت أعرضها عليكم، يخيل ليّ أننا من جوّانا ما بنحترم أنفسنا ونديها التقدير اللازم، نوع من عدم الرضى، أو احتقار الذات المخفي، حاجة في العقل الباطن بتاعنا. وفي المقابل يظهر ذلك في نظرتنا للزول التاني إنه أصلاً ما بستحق خدمة واحترام، ساكت كده بدون ما يعمل أيّ حاجة، فقط لأنو سوداني زيّ؟ طبعاً كلامي ده فيهو إشارة من بعيد لمسألة الهوية السودانية وعدم حسمها، وبالتالي عدم الاعتداد بها. . احتمال آخر، يكون السبب الكلام البتقال عن أنو جوه السودانيين نزعة صوفية متأصلة، تقلل من قيمة ما هو مادّي، ولا تهتم كثيراً بالشكل، وإنما بالجوهر، والمحتوى، فترمز لذلك بالمرقع من الملابس، أو لبس الصوف، فيما هو شائع عن الصوفيين، وأصل تسميتهم. وكنتاج لهذه النزعة فإن السودانيين لا يهتمون بتحسين عرض المنتجات، أو تغليفها وتحسين بيئة تقديمها (باعتبارها أجزاء شكلية)، ومن ضمن ذلك خدمة العملاء، والتي تعني قيمة إضافية للمنتج في كل الأحوال. يكفيهم في الغالب عرض المنتج الأساسي Basic Product وحسب، (كمثال حيّ لذلك رجل بيّاع يدور على حماره في الحلة ويصيح ،بصل، بصل)، لا يضيف أيّ جملة تحسينية لتمييز بصله هذا، من بصل الآخرين. أو لترغيب الزبائن المحتملين Potential Customers والمترددين، تحسينات من نوع بصل طازة، بصل جديد، أو بصل كبوشية مثلاً، وخلافه. آخر الاحتمالات، أن يكون الكسل وطول الأمل هو السبب، فنحن رغم حساسيتنا تجاه فكرة كوننا كسالى، إلا أن المؤشرات تدل تماماً على ذلك، فلا نقوم ببذل أيّ جهد إضافي للوصول للنتائج المرجوة في بيع الخدمة، ولذلك نكتفي بالحد الأدنى، وهو تقديم المنتج كما هو، ولا نزعج أنفسنا بأكثر من ذلك،هو أصلاً نحن لاحقين شنو؟. أتمنى أن يثير هذا الحديث حماسة البعض ليدلوا بدلوهم في أسباب سوء خدمة الزبائن في السودان، ويمكن يمدونا بنماذج أخرى، طبعاً مؤكد توجد نماذج جيّدة ولكني أتحدث عن الظاهرة، واعتقد أن فكرة تغيير هذا الوضع إلى الأحسن ستؤدي إلى فوائد اقتصادية كبيرة جداً (ناس الموارد البشرية يمكن يلعبوا دور مركزي هنا بتحديد المعايير). بحيث يتجه كثيرون إلى شراء المنتجات السودانية، أو على الأقل من تجار داخل السودان، وكذلك تنشيط قطاعات أخرى هامة كالسيّاحة التي نملك من مقوماتها الطبيعية الكثير، حيث تمثل فيها خدمة العملاء والأوجه الصبوحة، العمود الفقري في النجاح، وكذلك تؤدي إلى فوائد صحية، فالعبوس والتجهم، من مسببات الضغط والأمراض لك ولغيرك، كما أن الابتسام صحي ويطيل العمر، وكذلك إضافة حسنة في الرصيد (فتبسمك في وجه أخيك صدقة) (والدين المعاملة). وأخيراً فإن أحلامي الكبيرة باتت واضحة لديك، أما الصغيرة فهي أن يرسم حديثي هذا ابتسامة على وجهك. بقلم:عثمان أحمد الحسن [email protected] ). |
مقالات سابقة
مقالات و تحليلات
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 05 سبتمبر 2010 الى 25 ديسمبر 2010
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 14 مايو 2010 الى 05 سبتمبر 2010
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 14 سبتمبر 2009 الى 14 مايو 2010
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 16 ابريل 2009 الى 14 سبتمبر 2009
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات من 24 نوفمبر 2008 الى 16 ابريل 2009
ارشيف الاخبار ,البيانات , مقالات و تحليلات 2007
© Copyright by SudaneseOnline.com
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة
الأخبار و الاراء المنشورة لا تعبر بالضرورة
عن رأي الموقع