عام الزحف...لكن إلي أين المنتهي
إستهل طالبي و محبي الحرية و الكرامة، العام 2011، بثورات متلبدة تحت سحب كثيفة، و بما انها هي كذلك، فمن الصعوبة بمكان للأشخاص من غير ذوي الحظ العظيم من البصر و البصيرة، رؤية و تمييز ما تحمله تلك الثورات تحت هذه السحب ذات الظلمة الدامسة. لأن هذه المشاهد أبطالها شباب قلوبهم و أياديهم بيضاء، لم تتلطق بالسياسة و الحكم، حتي يتم ،ليس فقط، معرفتهم و تحديد مقدراتهم، بل كذلك معرفة توجهاتهم، و إلي أين تتجه. لذلك فهم و ثوراتهم، يصعب لغيرهم من هم من فئة المتقاعسون( هي أخر فئة من طبقات المجتمع تقوم بتبني اي فكرة جديدة)، و هذه الفئة ليس بالضرورة، أن يكونوا من الأفراد الذين ليس لهم حظ في التعليم، بل ربما يضم علماء كبار حائزوا علي جوائر كبري(نوبل). الكل يحلم بأن يتحقق تقدم ملموس في قضايا دائاً محل جدل و سؤال، عند كل مجمع لقادة كانوا أو شعوب. هذه القضايا تمثلت في الديمقراطية، الحكم الرشيد، حقوق الإنسان، الشفافية، والعدالة و المساواة و غيرها.في ظل تلكم الظروف و من أجل تحقيق تطلعات و اشواق المقهورين للحرية، بارد شباب من تونس الخضراء، و مصر المؤمنة بإسلوب نضالي جديد و فريد، لم يكن في حسبان أحد. هذا الأسلوب تم تجسيده في الخروج العلني، و في شكل تجمعات كبيرة، و بشكل سريع، ساعدهم فيه التطور التكنولوجي و معرفتهم و براعتهم المتميزة في إستخدامها، أضف إلي ذلك إحتلالهم مواقع من الصعوبة بمكان السيطرة عليها بالقوة العسكرية و الأمنية. هذه المواقع يسهل مراقبتها من قبل المنظمات التي تهتم بحقوق الإنسان محلية كانت ام خارجية ( كرماء بدون حدود من الله) وهم ما أكثرهم. بذلك تم إرباك أي كل مخططات و إستراتيجيات لكبحها. الكل كان يتوقع بأن نظامي بن علي و مبارك ليس من السهولة كسر شوكتهما بواسطة شباب ليس لهم قسط من الحنكة و اللباغة، إن ما يقومون به لا يخرج عن كونه غضب يذهب جفاء، لكن خاب ظنهم، شباب تونس خرجوا من رحم تونس الذي خرج منه صاحب الابيات:
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن يتنجلي و لا بد للقيد أن ينكسر
و شباب مصر، هم كذلك خرجوا من رحم مصر، الذي خرج منه شاعر الأبيات الذي نقتبس منه:
لا تصالحْ!
..ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك
..........
..........
لا تصالح على الدم.. حتى بدم!
لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ
أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك؟!
أخيراً نقول لكم، شكراً جزيلاً، يا شباب تونس، و ياشباب مصر، أنتم تستحقون الثناء و الدعم، ليس من بني أوطانكم فقط، بل من كل من ينادي للحرية، أينما كان، و كيفما كان. لقد صدرتم للشعوب المقهورة طريقاً بديلاً للنضال، قليل التكلفة المادية و البشرية، عند مقارنتها بالأساليب النضالية الأخري، مع العلم، بأن نفس بشرية واحدة غالية الغفران، عندما تزهق بغير حق... لكن أدعوكم للتصالح و ارساء دعائم ما قمتم من أجله... أنتم المنتهي وفمن هم المبتدأ
تيراب احمد تيراب
الدوحة- قطر
12-2-20011
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة