ثلاثـة علي السـودان :المصائب لا تأتي فرادى
حسن حمزة اسماعيل علي
قيل أن المصائب لا تأتي فرادي "وأن الحبل بتقطع محل رقيييق" ،، هكذا حالنا في السودان الآن مصائب وأزمات من كل الاتجاهات وكلها تصب في قضية واحدة وهي قفة الملاح والتي تقزمت إلي كيس ملاح والمتضرر الأوحد محمد أحمد السوداني .
فالمصيبة الأولي تتمثل في أزمة ارتفاع أسعار الغذاء التي تجتاح العالم هذه الأيام والتي وصفتها جوزيت رئيسة برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة أن زلزالاً صامتاً لا يعرف الحدود يجتاح العالم.
حيث ارتفعت أسعار القمح والأرز والذرة بنسبة (83%) في الثلاث سنوات الأخيرة. وكشف تقرير دولي صادر من منظمة (مابلكروفت) والتي تتخذ من بريطانيا مقراً لها أن أفغانستان هي الدولة الأكثر عرضة لنقص الغذاء تليها تسع دول أفريقية وهي الكنغو ، بوروندي، اريتريا، السودان، أثيوبيا، وأنغولا ، ليبريا ، تشاد وزيمبابوي.
وقد أثارت هذه الأزمة حتي الآن احتجاجات شعبية في كل من هايتي والكاميرون واندونيسيا ،تونس ومصر.
تتمثل أهم أثار هذه الأزمة في تقويض أحد أهم حقوق الإنسان الأساسية ألا وهو الحق في التحرر من الجوع وسوء التغذية، كما أنها تعيق بشكل خطير تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية الجديدة والمتمثل في تخفيض معدلات الفقر إلي النصف بنهاية 2015م.
كما تؤثر هذه الأزمة بشكل مباشر علي قدرة الأفراد في تلبية احتياجاتهم الأساسية من مأكل ومشرب وتعليم وصحة .....الخ مما يؤثر سلباً علي الأوضاع المعيشية للمواطنين وقدرتهم علي العيش الكريم والتي لها إفرازات سياسية وأمنية (نموذج تونس).
والسودان كغيره من الدول إضافة لهذه الأزمة لديه استحقاق آخر من استحقاقات اتفاقية السلام الشامل والذي يتمثل في حق تقرير المصير والذي تشير نتائجه الأولية إلي انفصال الجنوب عن بقية أجزاء الوطن والذي تترتب عليه أثار اقتصادية بدأت إفرازاتها مع بداية العام الجديد.
كما هو معلوم أن أكثر من (70%) من كميات النفط المكتشفة حتي الآن موجودة بالجنوب ، كما أن ميزانية الدولة كانت تعتمد بشكل كبير علي إيرادات النفط حيث وصلت في بعض السنوات إلي (50%) من جملة الإيرادات. وعليه بعد انفصال الجنوب من المتوقع أن يفقد السودان ما يقارب (6.7) مليار دولار من إيراداته أي بنسبة (33%) من جملة إيرادات الخزينة العامة و(10%) من الناتج المحلي الإجمالي مما يؤثر سلباً علي النمو الاقتصادي ويخلق عجزاً في الموازنة العامة للدولة وبالتالي التأثير علي مقدرة الدولة في الاستمرار في تمويل كثير من المشروعات وكذلك قدرتها في الوفاء بالتزاماتها تجاه الشعب.
ولمواجهة هذا التحدي والمتمثل في انخفاض الإيرادات النفطية لجأت الدولة إلي عدد من الإجراءات السهلة والتي تمثلت في:
- زيادة الرسوم الجمركية علي كل الواردات بنسبة (13%) بناء علي قرار محافظ بنك السودان في مطلع يناير والذي يؤدي تلقائياً إلي زيادة في الأسعار.
- رفع الدعم عن سلعتي السكر والوقود وبالتالي ارتفاع أسعار كل السلع ( نتيجة الترحيل).
- منح مبلغ مائة جنيه لكل العاملين بالدولة كمنحة شهرية .
محصلة هذه السياسات إضافة إلي أزمة ارتفاع أسعار الغذاء العالمي أنها تجعل الوضع المعيشي للمواطن السوداني في موقف حرج وسوف تنعكس سلباً علي حياة المواطنين وحقهم في العيش الكريم مما يفاقم من معدلات الفقر والعوز وقدرة المواطن علي تلبية احتياجاته الأساسية .
أما بخصوص منح العاملين في الدولة مبلغ مائة جنيه شهرياً فهي ذر للرماد في العيون والمواطن البسيط يعرف أن هذه المنحة لا تغطي نفقات الترحيل فقط.
والأزمة الثالثة تتمثل في طريقة إدارة الأزمة نفسها حيث لجأت الدولة إلي أسهل وأقصر الوسائل لمواجهة انخفاض الإيرادات البترولية الناتجة عن انفصال الجنوب وحملت المواطن دفع فاتورة الانفصال وبالتالي حولت العجز من عجز في الموازنة العامة للدولة إلي عجز في جيوب الشعب السوداني.
ومن المتوقع حدوث زيادات أخري في مقبل الأيام والشهور القادمة وما علي المواطن إلا التضرع إلي الله وشد الأحزمة ابتغاء مرضاة الله.
المخرج: يجب علي الدولة أن تعمل علي زيادة الصادرات غير البترولية والعمل علي تنمية القطاع الزراعي وترشيد الإنفاق الحكومي بما يخدم قضايا التنمية وتحديد الأولويات وفقاً لمصلحة المجتمع الحقيقية.
ويبقي السؤال ماذا يفعل المواطن إلي أن تفعل الدولة ذلك؟
حسن حمزة اسماعيل
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة