مناظير
زهير السراج
إعلام الانتفاضة ..!!
* تابعت بحرص شديد تغطية القنوات الفضائية الثلاثة الكبرى، الجزيرة، العربية والبى بى سى العربية، للانتفاضة المصرية منذ الخامس والعشرين من شهر يناير الماضى وحتى أمس، وقمت برصد بعض الاختلافات وأوجه الشبه بينها فى نقل الأحداث، وسجلت الملاحظات الآتية:
* الملاحظة الأولى، أن القنوات الثلاثة لم تتفق فى أية لحظة من اللحظات على عدد المتظاهرين فى الميادين واماكن التجمعات ولا حتى فى ميدان التحرير( وسط القاهرة) الذى يعتبر مركز عمل القنوات الثلاثة باعتباره المكان الرئيسى لتجمع المتظاهرين فى العاصمة المصرية لاتساعه وسهولة الوصول اليه من مختلف أنحاء المدينة ووجود بعض الأماكن المهمة به مثل السفارات ومكاتب أجهزة الاعلام الأجنبية والمحلية، بالاضافة الى القيمة المعنوية العالية التى يمثلها للشعب المصرى سواء من الاسم الذى يحمله ( ميدان التحرير) الذى أطلقته عليه السلطات الحكومية بعد ثورة يوليو 1952 بدلا عن الاسم القديم وهو (ميدان الإسماعيلية، نسبة الى الخديوى اسماعيل الذى حكم مصر فى نهاية القرن التاسع عشر) أو احتضانه للمتحف المصرى الذى يضم معظم آثار الحقبة الفرعونية ذات القيمة التاريخية والحضارية والاقتصادية الكبيرة لمصر، بالاضافة الى وجود تماثيل بعض الشخصيات الوطنية، كالشهيد الفريق عبدالمنعم رياض، التى تتناثر فى الميادين القريبة ..!!
* الملاحظة الثانية، عدم وجود معايير دقيقة لرصد عدد المتظاهرين، والاعتماد فقط على تقدير المراسلين او المتظاهرين أنفسهم فى بعض الأحيان، وأذكر بهذه المناسبة أننا عندما كنا نتظاهر ضد الرئيس جعفر نميرى خلال انتفاضة ابريل كنا نقدرعدد المتظاهرين بأرقام كبيرة ونحن فى حالة فرح شديد بأن المظاهرة كانت ناجحة جدا، وعندما نستمع للاذاعات ( لندن ومونتى كارلو وصوت أمريكا) بالمساء لنعرف صدى المظاهرة نفاجأ بأرقام أقل كثيرا مما قدرناها فيصيبنا الغضب الشديد ونتهمها بالانحياز للنظام الحاكم، ولكننا عندما عملنا فى مجال الصحافة فيما بعد وصرنا أكثر مهنية فى نظرتنا للأمور إكتشفنا كم كنا نبالغ فى تقديراتنا واتهاماتنا لتلك الإذاعات ..!!
* ثالث الملاحظات، أن الجزيرة كانت صاحبة الأرقام الأكبر بالنسبة لتقدير عدد المتظاهرين من معارضى الرئيس مبارك، والعربية صاحبة الأرقام الأقل، بينما أخذت البى بى سى موقعا وسطا بين القناتين، والعكس صحيح بالنسبة لعدد المؤيدين للرئيس مبارك، وفى تقديرى الشخصى أن البى بى سى كانت الأقرب الى الواقع لسبب واحد هو انها كانت تراجع مراسليها او محدثيها أكثر من مرة فى العدد الذى يدلون به لعدد المتظاهرين ..!!
* الملاحظة الرابعة، أن الجزيرة كانت تنقل آراء المعارضين بكثافة أكبر، والعربية بشكل أقل لدرجة أننى أحسست فى لحظة من اللحظات أنها إحدى القنوات المصرية الحكومية، بينما حرصت البى بى سى، كما فعلت بالنسبة للعدد ــ على نقل معظم وجهات النظر المتضادة والأحداث المتضادة ..!!
* الملاحظة الخامسة والأخيرة، أن مذيعى ومراسلى البى بى سى والعربية كانوا أكثر هدوءا فى نقل الأحداث، وعلى العكس تماما من ذلك كان مذيعو الجزيرة الذين كنت أحس فى بعض الأحيان أنهم جزء من حركة التظاهر وليس من قناة تلفزيونية يجب أن يتوخى مذيعوها المهنية الشديدة فى أداء عملهم ..!!
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة