وداعاً أبا طلال...الأستاذ الطاهر البعشي المحامي
"الرحيل في مواسم الأحزان"
بقلم: مسعود الأمين ــ المحامي
[email protected]
في يوم الأثنين الموافق 17 يناير 2011م فارق دنيا الناس الأستاذ الكبير الطاهر عبدالجليل البعشي المحامي ...رجمنا بالخبر الحزين في ذلك النهار الصديق الأستاذ المحامي تاج الدين عبدالله محمد ..وقع خبر رحيله علينا شديداً وموجعاً ...ذرفنا عليه دمعاً حاراً ..وقد أحسسنا بالفراغات تتسع في دواخلنا ..
..فعلي الأحزان التي لم تفارقنا لحظة وسكنت جوانحنا ..جاء حزننا علي هذا الإنسان الذي عرفناه عن قرب ..وعرفنا معه كل المعاني الطيبة والمباديء الراسخة يجسدها أمامنا أفعالاً لا أقوالاً .
..كنت وصديقنا الأستاذ تاج الدين عبدالله قبل أكثر من عقدين من الزمان كنا من أقرب الناس إليه حينما التحقنا بمكتبه العامر وعملنا معه حيناً من الدهر .. فكانت تلك الفترة التي أمضيناها في ظلاله الوارفة من أجمل أوقاتنا في مهنة القانون .. كنا نأتيه يومياً فرحين كالأطفال ..فنجده هاشاً باشاً ..حاملاً معه في كل صباح شيئاً جديداً وكلما أخذ خطوةً إلي الأمام .. نخطو معه خطواتٍ مسرعين علنا ندرك شيئاً من أثره .
كان الأستاذ الطاهر البعشي رجلاً محباً للحياة يعيش فيها بقلبٍ مفتوح وسريرة نقية لاتعرف الضغائن ..يقبل علي الحياة ويتعامل مع كل تناقضاتها بمهارة فائقة يحسد عليها ..كان يرضي ويتحمل صعابها دون كلل أو ملل .. كان في حالة حراك مع الحياة لا يهدأ ولا ينقضي .. فما أن ينتهي مما هو فيه ..إلا ويبدأ في جولة أخري في مناح أخري .. وعلي طريقة الشاعر ( لاشاكياً ألماً ولا مضجراً)..الا بما يقتضيه السياق وتفرضه الأطر.
كان الراحل موزعاً بين إلتزاماتٍ شتي كنا نحتار فيها ولا ندري في أي يوم من الأيام أيهم يأخذ مكان الأولوية عنده..فالخطوط كلها عنده بدرجة واحدة يديرها بإقتدار شديد فإلتزاماته تجاه أسرته وأهله وعشيرته هو ما نراه في كل يوم .. وحرصه تجاه مهنته وتجاه موكليه وكل من يحتاجونه في المهنة التي أحبها هي واقعة لا تخطئها العين ..أما إلتزاماته داخل الحركة الإتحادية فهي حالة الحراك الدائم الذي لا نهاية له ...وفي كل هذه المناحي لا يستطيع المرء أن يفرق بين المهم والأهم ..كنا بمكتبه نتلقي عنه ما يلينا من المهنة .. ولكننا نري شعاعه يضيء في نلك الأرجاء .
كان أبا طلال يحمل في دواخله روحاً رضية ونفس عالية ..كان كريماً في بيته ...كريماً في مكتبه ..ويدرك ذلك كل الذين عرفوه وعاشروه.
ومن صفات شخصيته الفذة إنه إنسان يجيد فن الإصغاء ..و لا يتحدث إلا بعد تفكير ويكون الحديث مقروناً بالعمل ..لا يحب أن يتحدث عن شيء قام به إلا إذا إقتضت الضرورة ذلك ..وكان والحق لا يعلن عما يقوم به إلا إذا كان الأمر يستجوب الإعلان عنه ..هو دائماً منشغل بما هو فيه وتلازمه حالة الـ "Action"في كل لحظات حياته ..لا يلتفت إلي الوراء إلا لما فيه إصلاح لخطواته ونشهد له أنه دائماً ما يعمل وهو صامت ٌ ولا يتحدث إلا حينما يكون واقع الحال يستدعي ذلك.
كان شفافاً دون أن يؤذي الآخرين ..صبوراً ...شجاعاً دون تهور ..حاد الذكاء دون غرور ..يختار زمان ومكان معاركه بحكمة.
كان الأستاذ البعشي قوياً ..نقياً عاش بين الناس أليف ولطيف ..يطأ الأرض "خفيف" مثل "زهران إبن قرية دنشواي".
التعازي الحارة لكل الذين عرفوه عن قرب ..ولأسرته وإخوانه وأهله وعشيرته .. التعازي لآصدقائه ..وزملائه رفاق دربه المحامين .. التعازي للجميع في هذا المصاب الجلل والفقد الكبير .
نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يغفر له ويجزل له العطاء وأن يلزمنا وأهله الصبر الجميل .
"لاحول ولاقوة إلا بالله " .." وإنا لله وإنا إليه راجعون"..
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة