شباب الانترنت يسقطون الحكومات الفاسدة ويحيلون الأحزاب التقليدية إلي ذمة التاريخ !!
بقلم : عبد المعين الحاج جبر السيد
مل شباب اليوم من مشاهدة مسرح الدمى والأراجوزالمتحركة , التي تقوم بعرضه بصورة مضحكة حد الإسفاف والتسطيح , أحزاب المعارضة وبالأخص المدجنة منها والمهجنة , بعد اليأس من عدم إحداث أي تغيير على الخارطة السياسية ,الرهان كان معقوداً على قلب الموازين واستبدال الوضع القائم بآخر مخلص من القبضة الحديدية التي أدمت وألجمت فريقاً , بينما سهلت لآخرين سبيل الثراء الفاحش السريع , وغضت الطرف عن التسهيلات والعمولات والفساد والرشوة ,ولما عجزت القيادات الحزبية التاريخية عن إزاحة الأنظمة القامعة الجاثمة على صدر الأمة أزمنة عديدة , الوالغة حتى أخمص قدميها في البطش والتعذيب , وفنون الترهيب والترغيب بشراء الذمم والضمائر , بالمال المغصوب من عرق الغلابة , عبر الجباية المتحصل قسراً , أو برفع الكرباج والعصا لمن عصا , ووفق آلية جوعك شعبك يتبعك!
دخلت المعارضة بازار الدلالة والمزايدة السياسية والتفاوض على استرجاع عقاراتها وأملاكها المصادرة ,والتعويض المادي بأسر رجعي عداً ونقداً , بعد الصفقة طويت الصفحة وسكت عن الكلام المباح بعد الإغداق والإغراق من المال العام , وجلداً مو جلدك جر فوقو الشوك ,والباب البجيب ليك الريح سدوا وأستريح .
نفضت المعارضة يدها من مطالب الشعب التي تدوش الرأس , تخلت عن شعاراتها ومشاريعها السياسية ,باتت باهتة لالون لها ولاطعم ولا رائحة ,وجودها تحصيل حاصل ,لاتقدم ولاتؤخر , تؤمر فتطيع كالقطيع ! رضيت بأن تكون مع القواعد والخوالف , جل همها ملأ جيبها , وعينها على المزيد ,أما الوطن فله ربٌ يحميه .
لقد آن لزعماء الأحزاب التاريخية أن يترجلوا عن صهوة السياسة بعد أن أدمنوا الفشل , واستمرؤوا العيش في كهوف الإحباط , قبل تلويث مابقي من صورتهم المهتزة , وتراثهم الآيل للإندثار , فالشعوب لن تقيم محاكم لمحاسبة المهزومين والمأزومين والمترددين , ليتركوا إلى ضمائرهم لتحاسبهم على ما فرطوا في جنب أوطانهم , فليرحلوا في هدوء وسلام غير مأسوف عليهم .
الشباب الذين كفروا بمن يديرون السياسة بالوكالة , والاستناد إلى حائط الوجاهة , خلعوا قمصان الوصاية ,وأماطوا اللثام عن القناع الورقي الذي كان يخفي الوجه الحقيقي لتلك الزمر المهيمنة على المشهد السياسي بالوراثة لابالجدارة , ففي تونس قلع شباب الشبكة العنكبوتية من خلال التواصل الاجتماعي عبر الفيس بوك وتوتر والبريد الإلكتروني , أكبر شجرة خبيثة نبتت على ماء الدكتاتورية وتغذت على الاستبداد , وفر الرئيس بن على بليل كما تفر الجرذان , وتنفس الشعب هواء الحرية بعد الكتم 23عاماُ , وهاهي مصر تستلهم النموذج وينخرط الشباب المدونون على شبكة المعلومات الدولية في إرسال الملاين من الرسائل الإلكترونية الداعية للتجمع والتظاهر والاحتجاج لإيصال صوتهم ومطالبهم إلى النظام غير عابئين بالقمع الذي يمارس ضدهم , لقد نجحت هذه الوسيلة التقنية السريعة في حشد مئات الآلاف من المتظاهرين في الميادين العامة على مستوى كافة مدن محافظات مصر ,وبحق فقد بلغ عدد المحتجين رقماً غير مسبوق في تاريخ مصر الحديث , ولم تستطع أي من الأحزاب أو النقابات مهما كبرت أن تحشد مثل هذا العدد الضخم في كل دعواتها ومناشداتها بنزول الجماهير إلى التظاهر في أوقات ومناسبات عديدة .
ووضع شباب الانترنت صدقيه انتخابات الرئاسة في إيران على المحك ,بكشف المستور في التزوير , ومن ثم الدعوة للإحتجاجات ضد ماجرى من قلب لحقائق الأمور , ولولا هؤلاء الشباب ماكنا نعلم شيئاً عن حجم التدليس والتلبيس المطبوخ في الغرف السرية المحكمة الإغلاق , وبهذه المناسبة فإن حملة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية وحشد الدعم الشعبي والمالي والفوز الكاسح حدث بفعل رافعة الشبكة العنكبوتية الدولية , وفي السودان ثمة شباب يتفاعل مع هذه التقنية ويحاول أن يوظف هذه التقانة في مشروع التغيير المنتظر , رغم أن نسبة مستخدمي الانترنت في السودان قليلة إلا أن هذه الفئة ستزاد يوماً بعد آخر , ولن يستطيع أحد حجبها , والوقوف في وجهها ,و بعد أن تحقق أهدافها سلمياً عبر التواصل بالفيس بوك وتوتر والمدونات الإلكترونية , عندها ستفقد الأحزاب التقليدية مبرر وجودها بعد أن تقاعست عن دورها المنوط بها , ولكن الخوف كل الخوف من أن تسرق الثورة من قبل رموز الأحزاب الهالكة , أولئك الذين يزدادون عند الطمع ويقلون عند الفزع .
[email protected]
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة