أبيى ... دور المجتمع المدنى ضرورة ملحة
ان الاتفاقيات التى توقع بشان قضايا الشعوب ومصائرهم يجب ان تكون كافية ووافية و شاملة معنىً لا شكلاً ولاحديثاً منمقاً اوكتيباً اخضراً يمسك بنسختيه ممثلى طرفى الاتفاق و يلوحان به امام الشعب المغلوب على امره والذى يستبشر خيرا بكل ما يقوم به قياداته وعود مهما كان رايه فيهم , اتفاقية السلام الشامل بنيفاشا لم تحسم امر منطقة ابيى حسماً فاصلاً بل تركتها بعمومياتها و غموضها ويتضح هذا فى الازمة الناشبة اليوم بين شريكى الاتفاق حول من يحق له التصويت ومن لا يحق له ذلك فى استفتاء جنوب السودان فيما يتعلق بالوحدة مع الشمال او الانفصال ؟ والمدرك للامر والمتابع له عبر اجهزة الاعلام القومية من صحف الى تلفزيون لا يرى تفصيلاً فى طرح القضية وتبييناً للخفايا فدائماً ما يقدم هذا الاعلام هذه الازمة من منظور (الحشاش يملا شبكتو) ولا يتعرض لجذر المعضلة , لقد تابعت قبل مدة ليست بالطويلة حوار بتلفزيون جنوب السودان تحدث فيه العميد فى الجيش الشعبى حسن حامد وهو من ابناء المسيرية وكان البرنامج الوحيد الذى عكس كل ابعاد القضية السياسى منها والاجتماعى والاقتصادى وتحدث العميد حسن حديثاً ضافياً ومحايداً و محقاً كان يمكن ان يكون حديثه ذلك خارطة طريق لحسم هذا الجدل.
قضية ابيى شبيهة بقضية دارفور فى جانبها الاجتماعى والسياسى ووجه الشبه يكمن فى عملية الزج بالقبيلة فى اتون الصراع و الاستقطاب الحاد من طرفى الشراكة للمجموعات المقيمة بالمنطقة كما هو حادث فى دارفور وعدم تمكين المجتمع المحلى من اتخاذ ما يراه مناسباً فى تحديد وجهته دون تدخل من احد , فالكل يعلم مدى التعايش القوى الذى يجمع السلطنات التسع من دينكا نقوك و العموديات الثلاث من المسيرية ومدى اندماج المجموعتين فى بعضهما منذ مئات السنين ولتاريخ يرجع الى ما قبل تشكل خارطة السودان الحديث هذه , ان الخاسر فى هذا الصراع هم ابناء المنطقة من دينكا ومسيرية و المسبب فى زيادة اوار هذا الصراع هم المتعصبين والمتشددين من ابناء القبيلتين و ليس شريكى الاتفاق , هنالك استخدام للمتشددين من ابناء المسيرية من قبل المؤتمر الوطنى الذى يسعى كاى حزب سياسى الى المحافظة على اعلى سقف من المكتسبات السياسية وكذلك الحركة الشعبية خاصة عندما يشتد المد والجزر فى تفاصيل القضية تجدها تستعين بالمتطرفين من قياداتها فى الدفاع عن حججها فيما يخص الصراع فى المنطقة , هذه المشادات هى التى تسوق الناس الى ما لا يحمد عاقبته من حروب حمقاء تختتم بتوقيع اتفاق يعترف فيه الجميع بما رفضوه من قبل , حتى لا تضيع دماء ابناء المسيرية والدينكا هدراً وهباءً يجب على المجتمع المدنى من الجهتين ان يقوم بتحرك عاجل و يفرض كلمته لانه هو من له الحق فى تحديد مستقبله وليس احد غيره وهنا يجب ان يستبعد من تحرك المجتمع المدنى سماسرة القضية من القبيلتين والارتكاز على من يحملون صحائف بيضاء وسجلات نظيفة من اى سؤ لينقذوا منطقتهم من اغراض السياسيين والنفعيين .
اطماع الساسة و الحكام دائماً ما تضرب بعرض الحائط ارواح المواطنين الفقراء الذين لا حول لهم ولا قوة , ففى تناول هذه القضية نسى شريكى الاتفاق الحاجة الضرورية لتنمية انسان هذه النطقة طيلة فترة الخمس سنوات التى تلت توقيع اتفاق السلام الشامل , وهى منطقة درت المال الوفير لخزينة الدولة باعتبارها مصدر للنفط , الناس هناك يشكون من عدم تمتعهم بما هو مطلوب من توفير للخدمات الاساسية والفرد يلحظ ذلك من خلال ما تصوره كاميرات الاعلاميين الذين يذهبون الى هذه المنطقة من بيوت من القش و خلو المنطقة من البنيان المسلح و عدم اقامة مشروعات لاستقرار الرحل فتشاهد اهلنا المسيرية ما يزالون يحملون بيوتهم على ظهور الثيران وهم يتجولون فى رحلاتهم الروتينية فلماذا لا يتم تنفيذ مشروع استقرار هؤلاء الرحل و الاستفادة من المنتجات الحيوانية هذه فى مشروعات تنموية يستفيد منها اصحاب الماشية وكذا اهل السودان فى اقاليمهم الاخرى , فعملية الاهمال التنموى والتهميش الاجتماعى هذه سوف لن تجعل المنطقة فى استقرار دائم و سوف تبقى قنبلة موقوتة قابلة للانفجار فى اى وقت وكما هو جارٍ الان , لا يعقل ان يستمتع المركز بخيرات المنطقة البترولية و يترك انسان المنطقة يرزح تحت وطأة الحاجة والفاقة و شقاء وتعاسة العيش.
ان التنمية المتوازنة المستدامة فى السودان واحدة من الضمانات التى تساهم فى وحدة البلاد و استقرارها فعندما تهمل من قبل الساسة والحكام يشعر المواطن بالتململ و الضيق الذى يتحول الى غبن ومن بعد الى تمرد ضد من اسهم فى تأزيم حالته , وهذه الايام صحى الكل ووعى بحقوقه و اصبح من العسير الاستمرار فى سياسة استمراء الظلم والتهميش والاقصاء , عرف القاصى والدانى بقيمة الارض و ثروتها التى بباطنها و استشعر الجميع ضرورة ان تسهم هذه الثروات فى تنمية الاماكن التى توجد بها و تطويرها , فلا يعقل ان تكون منطقة ابيى مخزن للبترول و لا يتمتع اصحاب الارض بالاستقرار وبما تذخر به ارضهم من مال .
اسماعيل عبد الله
[email protected]
00971504233928
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة