الخال سلفاكير وأكامبو
m[email protected] ثروت قاسم
مقدمة
في يوم الإثنين الموافق 17 نوفمبر 2008 ، قدمت لجنة أممية لتقصي الحقائق في إقليم دارفور, تقريرها لمجلس الأمن . أدان التقرير نظام الإنقاذ, وإتهمه بارتكاب مخالفات لوقف إطلاق النار, وإرتكاب جرائم حرب, وجرائم ضد الإنسانية, في دارفور . وطالب مندوب مكسيكو ، العضو الجديد في مجلس الأمن, بدلاً من بنما ، طالب المؤتمر العام (108 دولة ) لمحكمة الجنايات الدولية, الذى إنعقد في هولنده من يوم 14 إلى يوم 21 نوفمبر ، طالب المؤتمر, وكذلك مجلس الأمن, بعدم الموافقة على تمرير أي قرار جديد من مجلس الأمن, لتجميد إجراءات المحكمة بخصوص ملف الرئيس البشير . وذكر مندوب مكسيكو مجلس الأمن, بأن الرئيس البشير يعلن وقف فوري, وغير مشروط لإطلاق النار, من جانب الحكومة, وبعد هذا الإعلان بأيام, تقوم الحكومة بإطلاق النار, وقتل المدنيين في دارفور ، مما يقدح في مصداقية نظام الإنقاذ في تنفيذ وعوده في دارفور . وطالب مندوب مكسيكو المحكمة, بالمضي قدماً في إجراءاتها, دون تدخل من أي طرف خارجي ، لضمان تحقيق العدالة الدولية .
المتمردون
وفي يوم الخميس الموافق 20 نوفمبر فتح أوكامبو بلاغاً جديداً ضد ثلاثة من قادة التمرد في دارفور, متهماً إياهم بمهاجمة قوات حفظ السلام الأممية , المتمركزة في قاعدة حسكنيتة في دارفور ، وقتل عدة عناصر من هذه القوات ( 2007) .
لاحظ المراقبون أن إتهام أوكامبو لقوات التمرد هو:
مهاجمة وقتل عناصر من القوات الأممية المدججة بالسلاح, وفي إشتباك مسلح بين الطرفين . لم يتهم أوكامبو قوات التمرد بقتل المدنيين العزل في دار فور, ولم يتهمهم بجرائم ضد الإنسانية, أو جرائم إبادة جماعية ، كما هو الحال في ملف الرئيس البشير .
ينوي قادة الفصائل الدارفورية المسلحة تسليم المتهمين الثلاثة للمثول, والمحاكمة أمام المحكمة في هولنده, حتى يقطعوا الطريق أمام نظام الإنقاذ ، ويحرشوا مجلس الأمن والمجتمع الدولي ضد نظام الإنقاذ . مجلس الأمن ، لن يرضى بعدها بالكيل بمكيالين ، ولن يقبل بعدها بمسطرة خيار وفقوس, بين قادة المتمردين من جهة, وقادة نظام الإنقاذ من جهة أخرى . وفي هذه الحالة سوف يكون الضغط شديداً على الرئيس البشير لتسليم نفسه, والمثول أمام المحكمة, أسوه بما سوف يفعله قادة المتمردين الثلاثة المتهمين. وذلك كله طبعاً في حالة صدور إدانة ضد الرئيس البشير, وطلب إستدعاء, أو أمر قبض ضده من المحكمة .
قادة الفصائل الدارفورية المسلحة مستعدون للتضحية ببعضٍ من قادتهم الميدانيين في سبيل القبض على الحوت الكبير ، وهز أركان نظام الإنقاذ .
وقد أكد عبد الواحد أكثر من مرة بأنه سوف يسلم نفسه للمحاكمة أمام المحكمة إذا صدر أمر قبض ضده .
سوف تتعقد المسألة, وكثيراً, بالنسبة لملفات الرئيس البشير والوزير هارون وكشيب, إذا بر المتمردون بوعدهم, وسلموا المتهمين الثمانية للمحكمة في هولنده .
ولكن المفارقة الغريبة أن معسكر حسكنيتة ، يقع في منطقة نفوذ قوات مني أركو مناوي ، حليف نظام الإنقاذ ، وكبير مساعدي رئيس الجمهورية ، المتواجد حالياً في القصر الجمهوري في الخرطوم .
إذاً المتهمون الثلاثة الجدد سوف يكونون من جانب نظام الإنقاذ , وليس من جانب المتمردين . وفي هذه الحالة السته متهمون في جرائم دارفور ، بما في ذلك الرئيس البشير ، سوف يكونون من جانب نظام الإنقاذ .
مما يدمغ نظام الإنقاذ بكل الجرائم المرتكبة في دارفور .
وهذا ما يفسر تأكيد حركات التمرد بالتعاون الكامل مع المحكمة ، وتأكيد نظام الإنقاذ برفض الإعتراف بــ دعك من التعاون مع المحكمة .
ولكن أعلاه مجرد تخرسات ، ولكنها تخرسات مدروسة ، بخصوص الجانب الذي ينتمي أليه الثلاثة متهمين الجدد الذين ذكرهم أوكامبو يوم الخميس 20 نوفمبر الماضي .
دعنا ننتظر معرفة أسماء الثلاثة متهمين الجدد ، لنتمكن من تحليل الموقف تحليلاً واقعياً ومنطقياً .
موعدنا الصبح لنرى....
أليس الصبح بقريب ؟
أمر القبض
المستعجل يرى أن الخال سلفاكير له مصلحة في إدانة الرئيس البشير . لأن هكذا إدانة سوف تضعف الرئيس البشير, وتجعله يلبي, عن طواعية, طلبات الخال سلفاكير . وسوف تسمح للخال بالسفر خارج السودان, في مؤتمرات القمة, ممثلاً للرئيس البشير, الذي سوف لن يستطيع السفر خارج السودان, إذا تمت إدانته . ثم إن إدانة الرئيس البشير سوف تفقده الشرعية الدستورية, والسند الشعبي, مما يجعل فرص الخال سلفاكير في الفوز في إنتخابات الرئاسة, أمراً ميسوراً .
الصورة أعلاه هي التي يراها المستعجل السطحي . ولكن الحقيقة غير ذلك كما سوف نرى في السطور التالية .
رحلة جوبا:
رحلة الرئيس مبارك لجوبا ، مروراً بالخرطوم ، يوم الإثنين العاشر من نوفمبر, كانت إستجابة لإستغاثة سرية, أطلقها الخال سلفاكير ، ووصلت إلى آذان حمالة الحطب, والرئيس ساركوزي الرئيس الحالي للإتحاد الأوروبي . وحسب جريدة اللومند الفرنسية, فقد طلب الرئيس ساركوزي من الرئيس مبارك, التوجه بأسرع فرصة ، إلى جوبا, لتطمين الخال سلفاكير ، بأن الموقف تحت السيطرة ، ولن يستطيع الرئيس البشير, زعزعة الإستقرار في الجنوب, إذا صدر أمر قبض ضده من المحكمة الدولية ، كما أوحت بتلك الزعزعة بعض التسريبات الإنقاذية .
الذئب ......... الذئب:
الخال سلفاكير خائف من إحتمال إصدار أمر قبض ضد الرئيس البشير . ليس حباً وإخلاصاً للرئيس البشير, وإنما لخوفه أن يقوم نظام الإنقاذ, بعد إصدار أمر القبض, ببعث الحياة في المليشيات الجنوبية التابعة لنظام الإنقاذ ، لكي تكون مصدر قلاقل في جنوب السودان ، خصوصاً ضد قوات حفظ السلام الأممية التي تراقب التنفيذ الحرفي لإتفاقية السلام الشامل بين جنوب وشمال السودان . بهذه القلاقل ، يزمع نظام الإنقاذ الثأر للرئيس البشير ضد الأمم المتحدة ومحكمتها ومدعيها . فقد حذر نظام الإنقاذ, أكثر من ألف مرة, بأن إصدار أمر القبض ضد الرئيس البشير لن يصب في صالح السلام ، لأن (الشعب السوداني ) سوف لن يرضى لنفسه ولرئيسه الإهانة, وسوف يحاول الإنتقام من رموز المحكمة, والمدعي العام المتجسدة في القوات الأممية في جنوب السودان . سوف يركز نظام الإنقاذ على زعزعة الأمن في جنوب السودان ، لنسف إتفاقية السلام الشامل ، والإنتقام من الإدارة الأمريكية ، عراب هذه الإتفاقية . وكأن نظام الإنقاذ يريد أن يقول لمجلس الأمن, والإدارة الأمريكية : ( ماقلنا ليكم ... لاكين لم تصدقونا ...أهو شوفوا نتيجة إصداركم أمر القبض ...).
وفي هذا السياق ، وفي جلسة مجلس الأمن الأخيرة بخصوص السودان ، حذر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة مجلس الأمن, من تداعيات إصدار أمر قبض ضد الرئيس البشير, على القوات الأممية في الجنوب, وإتفاقية نيفاشا, وعلى الأمن في الجنوب .
ويخاف الخال سلفاكير من أن تجوط المسألة في جنوب السودان . فيتعذر عقد إستفتاء ((2011)) الذي سوف يقنن إنفصال الجنوب عن الشمال .
لذلك أرسل الخال سلفاكير وزير خارجيته (دينق ألور) الذي لا يكن كثيرا من المحبة للرئيس البشير ولنظام الإنقاذ إلى الولايات المتحدة لكي يدق ناقوس الخطر ، وليحذر من إحتمال أن يتخذ الرئيس البشير ذريعة أمر القبض لكي (يخرخر) بخصوص الإستفتاء )2011( ويبوظ المسألة كلها . وأرسلت حمالة الحطب مساعدتها الجهامة فريزر لكي تطمئن الخال سلفاكير بأن الشيطان الأعظم وراءه, ولكي توري الرئيس البشير العين الحمرة.
ولكن الخال سلفاكير أصبح لا ينام الليل من جراء كابوس أمر قبض الرئيس البشير . فأرسل وزير خارجيته (دينق ألور) للرئيس ساركوزى لكي يبثه لواعجه . وإتصل, حسب مدونة النيويورك تايمز, بحمالة الحطب لكي يذكرها بأن تحث الرئيس مبارك لعمل شي مع حليفه الرئيس البشير ، عندما تقابل حمالة الحطب الرئيس مبارك في شرم الشيخ يوم الأحد 9 نوفمبر أبان إنعقاد الرباعية بخصوص فلسطين .
جوبا مالك على ؟ :
وقد كان .
فقد أصدرت حمالة الحطب الأوامر للرئيس مبارك بالتوجه إلى جوبا لتطمين الخال سلفاكير, والتوقف في الخرطوم (لتجضيم ) الرئيس البشير, وتحذيره من ان حمالة الحطب سوف تكون له بالمرصاد, إذا فكر في اللعب بديله في الجنوب, بعد صدور أمر القبض ضده .
ذلك أن إتفاقية نيفاشا هي الإنجاز الوحيد الموجب لإدارة بوش, ولن تسمح حمالة الحطب بالمساس بهذا الإنجاز اليتيم . وطلبت حمالة الحطب من الرئيس مبارك أن ينصح الرئيس البشير بالتعامل معها ، وهي الحنينة ، وقبل وصول إعصار رامبو في 20 يناير القادم ، الإعصار الذي لا يبقي ولا يذر ، إعصار يرمي بشرر كالقصر ، كأنه جمالات صفر .
وكان الرئيس مبارك مسروراً بتنفيذ أوامر حمالة الحطب . فطار إلى جوبا ، مروراً بالخرطوم , وطمأن الخال سلفاكير بأن لا خوف عليه ولا هم يحزنون ، بضمأنة مصر والشيطان الأعظم . وأردف بأن الرئيس البشير سوف يكون معزولاً, ومنبوذاً, وضعيفاً, بعد صدور أمر القبض, وأنه ( أي الرئيس مبارك) قد قرص الرئيس البشير في ودانه اليمين, محذراً إياه من المساس بالود سلفاكير ، وإستفتاء 2011.
ورغم أن الخال سلفاكير يعرف مدى حرص الرئيس مبارك على تنفيذ أوامر حمالة الحطب ، ودونه:
تجويع مصر لسكان قطاع غزة, ونسف مصر للإنفاق بين مصر وغزة ، وقتل مصر للدارفوريين الهاربين من مصر إلى إسرائيل حفاظاً على أمن وسلامة إسرائيل, ومعاداة مصر لسوريا وحماس وحزب الله, وعدم إقامة علاقات دبلوماسية بين مصر وإيران ...
رغم كل هذه البينات التي تؤكد خضوع مصر الكامل لأوامر حمالة الحطب ، فإن الخال سلفاكير لم يهدأ روعه . وفكر في إقامة مهرجان ضخم في الخرطوم وجوبا, إحتفاء بإنتخاب أوباما ، حتى يضمن محبة ودعم أوباما في حربه القادمة ضد الرئيس البشير . الحرب التي لا مندوحة من قيامها, بعد إستلام الرئيس البشير لأمر القبض, ورغبته في الإنتقام من الأمم المتحدة ومحكمتها. وذلك عن طريق القوات الأممية في جنوب السودان, والحيطة القصيرة سلفاكير .
خصوصاً وقد سلبه قراصنة الصومال, دباباته ومدرعاته وذخيرته, التي يعدها لليوم الأسود مع جلابة الخرطوم .
وقرر الخال سلفاكير أن يركز على دعم صلاته مع إدارة أوباما,
وخصوصاً مع رامبو, كسار قلم مكميل ، لأنه لا يثق كثيراً في أولاد بمبه ، الذين تخلوا عن ثوار 24 وسرقوا خلسة مثلث حلايب في زمن الإنقاذ الردئ ، بعد أن الحق البيه عبد الله خليل هزيمة نكراء بالفرعون عبد الناصر فوق أراضي حلايب .
وتذكر قصة الراحل قرنق معهم . ونستميح القارئ في التذكير بتلك الحدوته .
حدوتة :
في النصف الثاني من عام 2004 وقبل توقيع إتفاقية السلام الشامل في يناير 2005 ، زار الرمز قرنق الرئيس مبارك في القاهرة. وطلب منه الضغط على الرئيس البشير, لكي يصل قرنق والأستاذ علي عثمان محمد طه إلى إتفاق, قبل ديسمبر 2004 حتى يتمكن الطرفان من توقيع إتفاقية, أمسية الكرسماس في واشنطون, بحضور الرئيس بوش, وكوكبة من الرؤساء الآخرين .
وبدلاً من أن يتلفن الرئيس مبارك للرئيس البشير بهذا الطلب المنطقي, تلفن اللواء عمر سليمان للأستاذ علي عثمان محمد طه وقال له إن العقيد قرنق كان معنا هنا في القاهرة وقال :
كيت وكيت وكيت... ومع السلامة .
وبس………. لم يضغط الرئيس مبارك على الرئيس البشير, وكأن موضوع جنوب السودان لا يعنيه في قليل أو كثير .
تذكر الخال سلفاكير هذه الحدوتة, وقرر عدم الاعتماد على أولاد بمبه, والإعتماد الكلي على أوباما وزمرته ، وبالأخص رامبو المخلوق من نار السموم .
الضعف :
فزاعة أمر القبض أضعفت, وكثيراً, الرئيس البشير حتى قبل صدورها .
من تداعيات هذا الضعف :
زيارة الرئيس مبارك لجوبا ومقابلة الخال سلفاكير في جوبا لوحده وكأنه رئيس جمهورية .
ومقابلة الخال سلفاكير للرئيس مبارك مقابلة رئيس دولة في زيارة رسمية لدولة أخرى .
وعزف سلام الحركة الشعبية في مطار جوبا, بدلاً من السلام الجمهوري السوداني .
وحردان الخال سلفاكير, من ركوب طائرة تجارية بدلاً من طائرة رئاسية, من جوبا للخرطوم, لحضور الإجتماع الختامي لملتقى أهل السودان وكأنه يقول :
(( آخر الزمن ! حتى البشير بتاع الـ ICC يلعب بي؟ هنت ياولد يا سلفا.....))
لماذا لم يحضر سلفاكير للخرطوم لمقابلة الرئيس مبارك ؟
لماذا لم يرافق الرئيس البشير الرئيس مبارك في زيارته لجوبا ؟
لماذا سلام الحركة الشعبية بدلاً من السلام الجمهوري السوداني ؟
لماذا لم يزر الرئيس مبارك دارفور مع أن المشكلة حالياً في دارفور وليست في جوبا ؟
وكأن الرئيس مبارك يضع بصمة الموافقة والإعتراف بجنوب السودان كدولة مستقلة .
ثم ذكر الرئيس مبارك مبادرة جديدة لحل مشكلة دارفور لم يفصح عنها . . وإن كان وزير خارجيته قد ذكر بأنها مبادرة لعقد مصالحة وطنية في السودان, ولتجميد إجراءات المحكمة الدولية .
هل هي مبادرة جديدة لدعم مبادرة قطر أم لتحل محلها ؟
أم كلام ساكت ؟ كلام الطير في الباقير ؟ هوه الكلام بتقاس بمسطرة ؟
أسئلة عديدة تكمن الإجابة عليها في ضعف الرئيس البشير, بعد فزاعة أمر قبض المحكمة .
وطبعاً بعد صدور أمر القبض سوف تزول الشرعية الدولية, والشرعية الدستورية, من الرئيس البشير. ويصبح رئيساً بدون شرعية, ويختلط الحابل بالنابل, وتجوط المسألة ، فينفصل الجنوب ، وتتبعه دارفور ……… ولم لا الشرق ؟ حد أحسن من حد ؟
ياله من أمر قبض ؟ قد زلزل الأرض زلزالها!
يالها من واقعة ليس لوقعتها كاذبة.
يتبع
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة