د. حسن بشير محمد نور - الخرطوم
كوابح الازمة المالية
تم الشروع في اعداد الموازنة العامة في السودان منذ وقت مبكرو من المتوقع ان تكون الموازنة للعام المالي 2009 قد سارت في نفس توجه و منهجية الموازنات السابقة من حيث مصادر الايرادات و قنوات الانفاق و تناسبها مع ثبات الاهداف بشكل كبير. السؤال هو هل استوعبت الموازنة العامة الجديدة تداعيات و اثار الازمة المالية العالمية؟ و هل تعاملت مع تلك الازمة العميقة و الجادة بالشكل الذي تستحق؟ و هل تمت استشارة خبراء في ذلك الشأن غير الخبراء التقليديين من ابناء صناع الازمات و مؤسساتها؟
لقد اصبح واضحا ان للازمة المالية العالمية اثارا كارثية علي اقتصاديات العالم و سينعكس ذلك بشكل اكبر علي الدول النامية. لقد اتضحت مؤشرات الازمة و اثارها علي النمو الاقتصادي و علي الاستثمار و التجارة الدولية و علي العمالة و ستكون لها اثار عميقة علي برامج مكافحة الفقر و علي اسعار الغذاء و الحد من تصاعد مستويات الجوع. لقد تم الاتفاق علي نطاق واسع بان زيادة الانفاق الحكومي هي الحل و قد جاء ذلك بشكل واضح و صريح علي لسان دومينك ستراوس كان رئيس صندوق النقد الدولي و من المعروف ان تلك المؤسسة كانت من اكبر المعادين لارتفاع معدلات الانفاق الحكومي و تدخل الدولة في الاقتصاد كما ان قول مرشح الحزب الجمهوري ماكين بانه سيقلل من الانفاق الحكومي قد وضع حملته الانتخابية في ازمة مقابل التوجه المضاد للمرشح الديمقراطي اوباما.
كل تلك الجوانب تعتبر مؤشرات مهمة في اتجاه وضع الكوابح اللازمة للازمة المتصاعدة كانتشار النار في الهشيم. و لكن الزيادة الكمية للانفاق غير مجدية و انما الاكثر فائدة هو تغيير توجه الانفاق و قنواته و تعديل اهدافه لتصب نحو التنمية الاقتصادية و التوجه نحو الاقتصاد الحقيقي الذي اصبحنا نسمي صادراته ب ( الصادرات غير البترولية ) كدليل دامغ علي هامشية القطاعات الحقيقية المنتجة في الزراعة و الصناعة. اذن يكمن طوق النجاة في الانفاق التنموي و التوجه نحو محاربة الفقر و ترقية مستوي الخدمات العامة و كبح ارتفاع اسعار الغذاء و معالجة تكاليف الانتاج و الحد بشكل اكثر حسما من الجبايات التي لا نهاية لها و التي اصبحت في حد ذاتها ازمة اخري. كما ذكرنا كثيرا فان الموازنة العامة في السودان اهم محفزات النشاط الاقتصادي و بالتالي من الضروري ان تستجيب الموازنة للازمة و ان تتجه نحو تحقيق التنمية و الاستقرار الاقتصادي و ذلك بتغيير جذري في هيكلة الإنفاق العام.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة