خلاصة الألباب لـ
روية للماضي ضحايا
في محتواها المباشر تحكي عن تاريخ المجتمعات المسلمة التي حضنها المكان ووسعها الزمان من المغرب إلى دارفور وعدن وشبه الجزيرة العربية ثم بلاد الرافدين والشام ومصر وإلى المغرب العربي مرة أخرى ونموذجها الصغير أرض المليون شهيد الجزائر وطن المناضلة جميلة بوحيرد وبيئتها جبال الأوراس وباغية اللذين في احضانهما تأسست قرية قبيلة أوربه الأمازيغية وولاية حنشلة التي سميت باسم إبنة الكاهنة الأفريقية داهيا بنت ينفاق الجراوية الأمازيغية الملكة الكاهنة التي خلفت عرش قومها بعد الملك أكسل بن أيزم (الملك الأسد إبن النمر) دافعت عن الوطن والهوية واستشهدت من أجل العقيدة ومبادئها فستوحينا من عزها الماضي ومجدها الباقي بطلة الرواية سناء بنت بلحاج بن تاشفين.
أما مضون الرواية العميق فمغزاه مأساة المرأة في هذه المساحة بعدما عاشت العز وصنعت المجد فجارعليها الزمان والمكان بحيف وعسف إخوانها الرجال من كبير الأسرة والعائل وشيوخ القبيلة والأعيان وحتى الزعماء والسلاطين. فإلى النص الذي سيأتي في أجزاء تجد فحوى العبارات وتحقيق المعاني بتصاعدها إلى الوجدان.
الأستاذ/ يعقوب آدم عبد الشافع
الرياض:00966553921026
[email protected]
20أكتوبر2008م
البطاقة الشخصية لبطلة الروايات الجزائرية التاريخية
الأسم داهيا بنت ينفاق الجراوية، من بلاد المغرب الكبير ملكت قومها خمساً وثلاثين سنة وعاشت مائة وسبعاً وعشرين سنة، كانت كاهنة لبلاد المغرب الكبير وملكة الأمازيغ وزعيمة قبيلة أوربه الأوراسيين وبطلة الحرية والاستقلال والمدافعة الحقيقة عن الهوية والثقافة الأفريقية، عرفت بشدة البأس والقوى في مواجهة المستعمرين الرومان فسددت لهم الهزائم في مواقع كثيرة، وكذلك تصدت للجيوش الفتح العربية والإسلامية فانتصرت على القائد العربي حسان بن النعمان الغساني، وحكمت بعد الاستشهاد الملك الأمازيغي أكسل بن أيزم عشر سنين، وعرفت سياستها في حربها مع العرب والمسلمين بسياسة الأرض المحروقة، ثم عاد حسان بن النعمان الغساني وهاجمها مرة ثانية سنة 82هـ، وقضى عليها في موضع يعرف ببئر الكاهنة بجبال الأوراس، وقد أعجب الكتاب الغربيين ببطولاتها، فكتبوا عنها روايات تخلد شجاعتها وبسالتها وفي هذا أصدرت سنة 1925م رواية بطلتها ديهيا الملكة الأمازيغية، وأخرى في سنة1990م. ونحن نستوحي من عزها ومجدها فنصدر رواية للماضي ضحايا وبطلتها سناء بنت بلحاج بن تاشفين النموذج الحقيقي لمأساة المرأة من بعد الملكة الكاهنة.
*&********&********&*&**********&********
تمضي الحياة بين مقتول ومغتال ومسجون ومفقود ومشرد ومنتحر ومجنون كل هذا الثنائيات الصناعية سببها الانحراف عن الفطرة والتسلط والاستبداد الذكوري المتعلق والمتمسك بالتراث المعقد والأعراف السالبة ظناً من الذكر لأجل حماية أصالة القبيلة وصيانة شرفها وتحسباً وهمياً لحراسة حدودها الجهوية الضيقة ويقود هذا الاستبداد الذكوري شيخ القبيلة الذي لاتراجع نفوذه وتحت سيادته أهل الذات النخبة والصفوة الفاسدة من أبناء القبيلة، فهنا ليس للمرأة مكانة، بحجج مفترى بها لحماية وصون أصالة القبيلة وشرفها ولكن الحقيقة لحماية الذات ومصالحها لذلك فقد صاغ النخبة قوانين مقرر فيها أن المرأة أحقر وأضعف مخلوق والطامة الكبرى أن بصم الشيخ عليها وأصدر قراراته الأولى المجحفة في حق الجيل كله، فكان مصير الضحايا بين الإبادة الجماعية والاغتصاب في الحروب الأهلية الطاحنة وإما أسرى لنتائج عرف مجحفة اتخذ الشيخ فيها منحى سياسة الأرض المحروقة وصمم على تنفيذها بنفسه وفي هذا المجال ما أكثرالضحايا وخاصة في المسائل الاجتماعية، فهذه الجاهلية الذكورية الكبرى بأوهام العار وخشية الإملاق والخلاص منها التهميش والاقصاء أوالوأد والواقع المعاصر لم يترفع عن التاريخ بنسيانه تجاهلاً أن كانت للمرأة المكانة والتقدير فهي الكاهنة والملكة والزعيمة ومثال لهن السياسية والملكة كيلوبترا ونفرتيتي والسيدة الملكة شجرة الدر في مصر والملكة والزعيمة الكاهنة ديهيا بنت ينفاق الجراوية في بلاد المغرب والملكات السبعة في بلاد الهاوسا وبلقيس بنت اليشرح في اليمن وزنوبيا في بلاد الشام والكنداكا في بلاد النوبة ومعلماتي الفقيه الأمير عثمان دان فوديو حواء ورقية في مملكة سكتو والسيدات إياكٌري كنانة وزمزم وتاجة في سلطنة دار فور.
وإن كانت هذه المجتمعات الأفريقية الأسيوية أكثر تعقيداً وتأخراً في الواقع المعاصر إلا أن المرأة كانت فيها تحظى بالاحترام وتتمتع بالحرية ومكانة التقديس والنفوذ في كافة المجالات وسائر الاتجاهات فإن من ذلك كان للمرأة الدور المميز عبر التاريخ في مجال القيم والثقافة والسحر والكهانة والفن وصياغة المجتمع أياً كانت الديانات طبيعية أرواحية أوالسماوية اليهودية والمسيحية والإسلام، فالمرأة تختلط فيها بالرجال، وفي بداية المجد الإسلامي كانت تشارك في كافة مجالات الحياة وسائر اتجاهاتها بفعالية، وقد أقر الإسلام كثيراً من الأعراف الحميدة، فكانت النساء تستقبل وتستضيف الرجال ويقدمن لهم الطعام ومثال لذلك دار رمله بنت الحارث فقد ترك مسيلمة الكذاب وفده في دارها وكذلك استضافت عاتكة بنت خالد الخزاعية الخاتم وصحبه أبو بكر الصديق ودليلهماعبدالله بن اريقط في خيمتها، وكذلك كن يختلطن بالرجال في الأماكن والمرافق العامة، ومثال لذلك أن زوجة الخاتم زينب بنت جحش كانت تدبغ وتخرز وتصنع وتبيع في السوق، وكان الخباب بن الأرت يعلم القرآن لفاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد، وكذلك لديهن المحطات لتزيد المسافرين، كمحطة أم السائب بنت الأقرع الثقفية، وكانت بائعة عطور.
أما في مجال الضيافة فحينما استضاف ثابت بن قيس زوج أم سليم أبوطلحة ضيف الخاتم أكلا مع ضيفهما بعد أن أطفآ السراج ونوما أطفالهما، وكذلك حينما زوج الخاتم أم سعد إلى أبو أسيد الساعدي، كانت هي التي تقدم لهم الطعام.
وفي السيرة النبوة كانت أم المؤمنين عائشة عادت بلالاً، وكذلك أم الدرداء الصغير عادت رجلاً من الأنصار، وكذلك زار الرجال النساء وسمعوا كلامهن وذلك واضح في مطلع سورة المجادلة، وكانت مهنة النساء الطب والتمريض، ورائدة هذه المهنة رفيدة الأنصارية، وكانت لها عيادة أمام مسجد الخاتم بالمدينة المنورة، كما كانت تعالج النساء كانت تداوي الرجال.وفي مجال الحرب كانت أميمة بنت قيس الغفارية وكعيبة بنت سعد، وأم سنان الأسلمية، والربيع بنت معوذ الأنصارية، كن يمارسن مهنة الطب.
فبين كل حقبة وأخرى لهذه الديانات مرت عندها فقدت المرأة مكانتها وبالتالي انحسر دورها كاملاً، وكلما حاولت أن تتجاوز تلكم المعوقات تجد نفسها مصفدة بأخرى أقوى من الأولى، لهذا جاءت رواية للماضي ضحايا تعبيراً عن تاريخ المرأة.
فكما للماضي ضحايا أيضاً للحاضر مناضلات مازالن يصارعن في كافة المجالات الأمنية والثقافية والفكرية والصحية والتعليمة، وسائر الاتجاهات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وخاصة على مستوي الأحوال الشخصية، فالضحايا بين قوي الإرادة يكافح بالتنقيح للسالب من الأعراف، ومتمردة بصلابة تحاول الخروج والثورة على كل سيئ مزري غلب على الواقع والقيم السامية، وأخريات استسلمن أسيرات مصفدات بالأغلال لكل الماضي.