زفرات حرى
الطيب مصطفي
وعن أجراس الكنائس نحكي!! (1-2)
لعله من المضحكات المبكيات أو المفارقات والتناقضات العجيبة أن »أجراس الحرية« التي ما نشأت إلا للتصدي لمنبر السلام العادل وصحيفة »الإنتباهة« والتي تلطم الخدود اليوم وتشق الجيوب وتولول خوفاً وفزعاً من تنامي التيار الانفصالي في الشمال تتبع للحركة الشعبية التي طرحت خيار الانفصال بل وأصرت على تضمينه في بروتكول مشاكوس ومن ثم اتفاقية نيفاشا ثم الدستور الانتقالي، فكيف نفسر ذلك التناقض في المواقف والذي يجعل الحركة تصر على تضمين الانفصال في الاتفاقية ثم تقوم في ذات الوقت بالتصدي لمؤيديه قدحاً وذماً وهجاء وتفنيداً لمبررات الانفصال الذي ما كان سيُطرح ويُضمن في الاتفاقية لولا إصرارها؟!
سأجيب عن هذا السؤال في وقت لاحق إن شاء الله أما اليوم وغداً بإذن الله فإني سأتعرض للهجوم الذي شنته الصحيفة بتاريخ 13/4/2008م على منبر السلام العادل من خلال استنطاق بعض المثقفين الذين ينتمي بعضهم إلى القوى العلمانية وبعضهم إلى الإسلاميين وآخرين من العنصريين، وقد وجدتُ ذلك الحوار خلال مراجعتي لبعض الأوراق القديمة.
ولعل أكثر ما أدهشني بعض الاتهامات الظنية التي أدلى بها إسلاميون كان الأحرى بهم أن يعلموا أن ما يقولونه اتهام للنيات لا يجوز شرعاً بل إن بعضهم يعلم أنه غير صادق فيما يقول لكنه زمان اختلاط الحابل بالنابل وانهيار القيم والأخلاق وفقدان البوصلة.. إنه زمان الغفلة والغثائية!! وسأضرب أمثلة على بعض أقوال هؤلاء قبل أن أرد عليها:-
بارود صندل قال إن منبر السلام العادل كيان عنصري يعبِّر عن رأي شخصيات نافذة في النظام تعتقد أن فصل الجنوب سيمكِّنها من الحفاظ على السلطة وهذا الكيان لا يمثل الشمال الجغرافي الذي يضم كردفان ودارفور والشرق بل إن الشمال الذي يتحدثون عنه محصور في الولاية الشمالية وولاية نهر النيل«!!
بربكم هل صدق بارود صندق هذا وهو يتحدث عن أن المنبر يتحدث عن شمال محصور في الولاية الشمالية وولاية نهر النيل بالرغم من أن رئيس المنبر عبد الرحمن فرح وبالرغم من أن رئيس تحرير صحيفة »الإنتباهة« الصادق الرزيقي من دارفور ومكتبه القيادي التأسيسي يضم ممثلين لكل أقاليم السودان بدءاً من أحمد هبناي وكيل ناظر الهدندوة ومحمد أحمد مساعد من مسيرية كردفان غرباً؟
إني لأرجو من بارود صندل أن يحدثني عن قيادي واحد في منبر السلام العادل يرى أن فصل الجنوب سيمكِّن من الاحتفاظ بالسلطة... عن أية سلطة يتحدث هذا الرجل وهو يعلم أن قياديي المنبر الحاليين لا يتولون أية سلطة بل إن المنبر بناء سياسي لا يسعى لسلطة وإنما يضم كل من يؤمن بفكره بغض النظر عن أحزابهم السياسية .. إني لأرجو أن يحدثنا الرجل عن الشخصيات النافذة في النظام الذين يعبِّر المنبر عنهم.
لكم أن تتخيلوا أن بارود هذا »إسلامي« يؤمن بآية »ولا تقفُ ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا«.. إنه إسلام من نوع جديد يحلل الإفك وسوء الظن والحقد والبهتان!
أما أن المنبر عنصري لأنه يطالب بفصل الشمال عن الجنوب فهذا كلام غريب!! بارود هذا ينتمي إلى المؤتمر الشعبي الذي اتفق نائب أمينه العام د. علي الحاج لأول مرة مع الحركة الشعبية على منح حق تقرير المصير للجنوبيين فلماذا وافق المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي ثم جميع الأحزاب السودانية على تقرير المصير القائم على أساس عنصري يمنح »عنصر« الجنوبيين دون غيرهم الحق في اختيار الانفصال؟! بربكم من هو العنصري ومن هو غير العنصري؟ إن كُتاب »الكتاب الأسود« آخر من يتحدث عن العنصرية ثم لماذا يتحدث بارود هذا عن عنصرية المنبر الذي يطالب بالانفصال وينسى الحركة الشعبية التي يتحدث لصحيفتها والتي طالبت وأصرت على تضمين حق تقرير المصير في اتفاقية نيفاشا وبروتكول مشاكوس.
إن منبر السلام العادل اختار الانفصال الذي أتاحته القوى السياسية مجتمعة عندما قررت قبول مبدأ تقرير المصير فأين العنصرية هنا يا ترى؟ كان الأولى لبارود هذا أن يهاجم الحركة من خلال صحيفتها التي استنطقته لكن ماذا نفعل مع إسلاميي آخر الزمان ممن باتت السياسة عندهم شيئاً آخر بعد أن تبدلت المواقف والمبادئ فوا حسرتاه.
أما أن يقول بارود إن من »يقفون وراء هذا المنبر لا يفكرون وفق أصول وقيم الحركة الإسلامية« فهو كلام غريب!!
بارود يعني بقوله هذا أنه احتكر التعبير عن الإسلام وقيمه فأي غرور وأي جهل هذا الذي يجعل الرجل يهرف بما لا يعرف؟!
إذا كان الأمر كذلك فلماذا يتيح المؤتمر الوطني والقوى السياسية بما فيها المؤتمر الشعبي مجالاً للخروج على القيم الإسلامية التي يتباكى عليها بارود صندل؟ لماذا لم يضع مؤتمركم الشعبي عندما كان جزءاً من المؤتمر الوطني خيار الانفصال في خانة التحريم بنفس الصورة التي حرَّم بها التنازل عن الشريعة الإسلامية خلال المفاوضات؟
إن منبر السلام العادل ما اختار الانفصال إلا للحفاظ على الإسلام في الشمال بعد حملة »الإبادة« التي تعرض لها ولا يزال في جنوب السودان جراء نيفاشا التي سلمت الجنوب للحركة الشعبية فأعملت فيه سيفها مما فصلناه في مقالات سابقة ولا أظن أن الأمر يحتاج إلى إثبات بعد اعتراف الأستاذ علي عثمان بذلك واحتجاجه المدوي من خلال المؤتمر العام للمؤتمر الوطني في ولاية القضارف ثم إن موقف أمريكا من الوحدة معلوم فهي لم تؤيد الوحدة إلا لتمييع الإسلام في الشمال وهذا كلام منشور.
أُضيف إلى ذلك أن موقف الحركة الإسلامية من قضية الوحدة والانفصال كان من قديم الزمان أو قل منذ السبعينات مقيَّداً بالمصلحة والمفسدة ولم تعتبر الوحدة من الثوابت التي لا تتغير، وليت الأستاذ بارود صندل يسأل د. الطيب زين العابدين الذي قال إن هذا القرار أُدرج في محضر موثق ربما كان د. الطيب قد كتبه أو شارك في صياغته فهلاّ بحث بارود في أرشيف الحركة الإسلامية ووثائقها حتى يستوثق من الأمر؟!
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة