مع وجود خانة "القبيلة" في استمارات الوظيفة , فسوف لن تجد ايها السوداني اية وظيفة حتي ولو كنت مؤتمرا وطنيا طالما انك لست من قبائل بعينها!!
لايدري المرء الي اين يريد هؤلاء الجاثمين علي صدر البلاد قيادتها , والي اية نهاية اليمة وقاتمة يسوقونها . فبعد غصبهم السلطة الشرعية بليل والناس نيام وفعلوا ما فعلوا من انتهاك لحقوق الانسان والحيوان من حبس وتعذيب وقتل وحرق وسحل وو..الي كل ما تحويه قواميس البطش والفتك بالناس , وكل ذلك وللاسف باسم الدين وشعارات "هي لله لا للسطة ولا للجاه" في اكبر كذبة في التاريخ ,بعد كل هذا ابت نفوس عصابة الانقاذ المريضة الا ان تاتي بما لم تات به الاوائل من حكومات السودان من ضروب الفساد الاخلاقي والمالي والاداري والاجتماعي حتي صار الناس ينتظرون بقلق كل صباح ما يمكن ان ياتي به هؤلاء من جديد المنكرات ما لم يسمعوا به من قبل.
ومن اخطر ما تفتقت عنه عبقريتهم في الفساد والانحلال منذ مجيئهم قبل عشرين عاما , هو اصرارهم علي احتكار الوظائف الحكومية وغير الحكومية لقبائل بعينها واقصاء الاخرين حتي يضمنوا ديمومة الملك والسلطة وبالتالي الثروة الي ان تقوم الساعة , فبداوا من اول ايام لهم في السلطة باخلاء الوظائف وذلك بطرد الموظفين في ما اسموه للصالح العام وكانوا قد ركزوا علي خصومهم السياسيين والعقائديين من شيوعيين وبعثيين , واسكنوا مكانهم محسوبيهم من الكيزان مطعمين بشيئ من الاهل والعشيرة ..
وبعد المفاصلة الكبري وانفلاق الحزب الي حزبين شعبي ووطني, اخذ استئثار الوظائف واحتكارها ياخذ منحيً وشكلا استقطابيا , فتم اقصاء الشعبيين واحلال المؤتمرين الوطنيين مكانهم , ونسبة لان معظم تابعي المؤتمر الشعبي من ابناء الغرب , فقد غلب طابع الاقصاء مسحة جهوية واثنية ولكن علي استحياء . ولما جاء التمرد الدارفوري الذي بلغ ذروة سنامه بغزو امدرمان , اصبح نهج اقصاء قبائل التمرد واضحا للجميع وصار يُمارس في علنية و"بعين قوية" , بل والاسئلة عن قبيلة المتقدم الي وظيفة او اية وثيقة حكومية كجواز سفر او جنسية او حتي رخص القيادة صارت تُطرح مباشرة ويتم الاقصاء فورا وفي حينه اذا كانت الاجابة كشفت عن قبيلة من غير قبائل الطغمة الحاكمة وخاصة قبائل غرب البلاد وبالاخص قبائل الزغاوة والفور والمساليت. ثم تطور الامر الي ما هو فوق التصور وظهر مدي تغلغل العنصرية والجهوية في عصب هذا النظام وفي عقلية هؤلاء العنصريون فتم ادراج خانة "القبيلة" في وثائق الدولة من استمارات اكمال المعاملات الحكومية والشركات المملوكة للدولة وتلك التي تتبع للقطاع الخاص امعانا في محاصرة وخنق كل من ليس من قبائل العصابة الحاكمة من الثالوث النيلي , فصار واقعا مريرا واليما ان يري كل من اراد الالتحاق باية وظيفة نفسه مُرغما علي ملء خانة "القبيلة" في استمارة التقديم وقد رايت بام عيني احدي هذه الاستمارات فقد اتاني طبيب يريد استخراج شهادة خلو طرف او اعفاء من الخدمة الالزامية لا اذكر بالتحديد , واراني تلكم الاسطر التي كُتب عليها كلمة "القبيلة" وسط دهشته ودهشتي واستهجاننا وتقززنا من هذا الذي يحدث بالبلاد.
وكلنا قد سمع وعلم باستدعاء لجنة الطاقة بالمجلس الوطني من قبل لوزير الطاقة انذاك عوض الجاز لمساءلته بخصوص تذمر المواطنين من ان وزارة الطاقة صارت حكرا علي الشايقية وان هناك خانة للقبيلة في استمارات التقديم , فرفض المثول بكل صلف وعنجهية, واستمرت الوزارة حكرا لقبيلته حتي بعد ان غادرها. حتي ان وزير الطاقة الجديد ذكر في التلفزيون بانه عندما استلم وزارة الطاقة جاءه اهله من الجعليين وقالوا له بان الوزير السابق ملاها شايقية فاملاها انت بنا. مما يدل علي صدق ما ذهب اليه الجمهور المفلوب علي اموره كلها في هذا السودان العجيب.
بقي ان نطالب وبشدة كل الشرفاء من المحامين والسياسيين وحركات التمرد بالذات وبالاخص كبير مساعدي الرئيس بان يعملوا جميعا علي انهاء هذه الظاهرة البغيضة وان مسحوا فورا كل ما يشير الي القبيلة والقبلية في جميع وثائق ومعاملات الدولة بقطاعيها العام والخاص , والا سوف تكون البلاد حكرا علي قبيلتين فقط 100% عوضا علي ال90% القائم الان.
والذي لايصدق ما ذكرناه فليذهب ويتاكد بنفسه من هيمنة قبائل بعينها علي وزارات ومصالح ومؤسسات , وليتقدم الي اية وظيفة ويري استمارتها.
محمد احمد معاذ
البحرين, المنامة
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة