حركة تمرد جديدة في دارفور تضم مقاتلين سابقين في «الدفاع الشعبي» ... رد سوداني حذر على عرض فرنسا التوسط «بشروط» لتعليق الاتهامات ضد البشير
الخرطوم - النور أحمد النور الحياة - 19/09/08//
ردت الحكومة السودانية بحذر على عرض فرنسا مساندة تعليق تحرك المحكمة الجنائية الدولية لتوقيف الرئيس عمر البشير بعدما اتهمه مدعيها بارتكاب جرائم حرب وإبادة في دارفور، إذا لبّت الخرطوم أربعة شروط. في وقت أعلنت مجموعة عسكرية جديدة التمرد على السلطة في دارفور وأطلقت على نفسها «حركة تحرير الحدود».
وقال مسؤول رئاسي سوداني لـ «الحياة» إن حكومته لا تمانع في إبداء مرونة والتوصل إلى «صفقة متكافئة» لتجنيب البلاد مواجهة مع المجتمع الدولي لكنها لا تقبل التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، مؤكداً استعداد السودانيين لمناقشة أي اقتراحات أو عرض خصوصاً من الجانب الأوروبي.
وأضاف أن نائب الرئيس علي عثمان طه الذي كلّفه البشير رئاسة وفد السودان إلى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة سيتوجه اليوم إلى الفاشر كبرى مدن دارفور لإجراء محادثات مع مساعد الرئيس زعيم «حركة تحرير السودان» مني أركو ميناوي المعتكف مع قواته قرب الحدود التشادية منذ أكثر من ثلاثة شهور احتجاجاً على بطء تنفيذ الاتفاق الذى وقّعه مع الحكومة في 2006، وسيعود من الفاشر قبل أن يتوجه إلى نيويورك لإبلاغ مسؤولين أوروبيين وأميركيين بقبول حكومته المبادرة العربية لتسوية أزمة دارفور وخطوات الخرطوم لتحقيق العدالة في دارفور وعدم السماح لأي متهمين بارتكاب انتهاكات بالإفلات من العقاب.
لكن المسؤول السياسي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم الدكتور مندور المهدي أعلن رفضهم الشروط الفرنسية، مؤكداً أن حكومته لن تستجيب لأي شروط خارجية، ولن تتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية.
وكان سفير فرنسا في الأمم المتحدة جان موريس ريبير قال للصحافيين إن باريس قد تصبح مستعدة لقبول فكرة تجميد أي اجراء من جانب المحكمة الدولية في حق البشير بشرط تلبية شروط عدة، تشمل توقف الهجمات وأعمال القتل في دارفور، وفتح الخرطوم «حواراً سياسياً شاملاً» مع كل الجماعات في دارفور، وأن تتحسن علاقات السودان مع جارته تشاد، وأن تحاكم الحكومة السودانية رجلين يشتبه بارتكابهما جرائم حرب في الإقليم، في إشارة إلى وزير الدولة للشؤون الانسانية أحمد هارون والقيادي في قوات الدفاع الشعبي علي كوشيب اللذين أصدرت المحكمة الجنائية مذكرة لتوقيفهما. وأضاف ريبير انه إذا وفت حكومة السودان بهذه الشروط الاربعة «فلم لا».
ولم تستبعد بريطانيا أيضاً احتمال أن تساند تجميد تحرك المحكمة الجنائية الدولية لتوقيف البشير. وكان ديبلوماسيون أوروبيون قالوا إن موقف لندن مماثل لموقف باريس. وحض الاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية في وقت سابق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على استخدام سلطاته بموجب المادة 16 من القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعرقلة اتخاذ اجراءات لمقاضاة البشير لتفادي إفساد عملية السلام المتعثرة في دارفور.
وفي السياق ذاته، قال الرئيس الجديد لعمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة الفرنسي ألان لو روي للصحافيين إنه قلق جداً بشأن انتقام الخرطوم إذا قررت المحكمة الجنائية اتهام البشير، في اشارة الى تهديد الحكومة السودانية بطرد القوة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور إذا وجّه اتهام إلى البشير. وذكر لو روي: «هناك رسائل متضاربة. لا أدري هل حسموا رأيهم؟».
واستبعد ايضاً أن تصل بعثة حفظ السلام الى نسبة 80 في المئة من انتشارها الكامل بنهاية العام كما كانت تأمل الامم المتحدة وذلك بسبب التأخر في وصول وحدات تايلاندية ونيبالية الى دارفور، متوقعاً وصول ثلاثة آلاف جندي وشرطي بنهاية تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، من مصر واثيوبيا في شكل أساسي، لافتاً الى إن 13 ألفاً فقط من أصل 26 ألف جندي سيصلون الى دارفور بنهاية العام.
إلى ذلك، أعلنت مجموعة مسلحة في دارفور اطلقت على نفسها «حركة تحرير الحدود» التمرد على السلطة في محافظة تلس في ولاية جنوب دارفور. وقالت مصادر رسمية أمس إن عشرات من ابناء قبيلة الفلاتة، ممن كانوا ضمن متطوعي «قوات الدفاع الشعبي» التي تساند الجيش الحكومي في العمليات، يقودون حركة العصيان العسكري. وذكرت أن المجموعة المتمردة يقودها جاموس سيف الدين وتتخذ من منطقتي «صبركي» و «دمسو» شمال شرقي محافظة تلس قاعدة لانطلاق عملياتها العسكرية.
واعترف حاكم ولاية جنوب دارفور علي محمود بتمرد المجموعة المسلحة واستدعى قيادات قبيلة الفلاتة التي ينتمي اليها المتمردون وطلب منهم التدخل لحسم المشكلة واجراء حوار مع المجموعة المتمردة ومعرفة مطالبهم.
وأكد محافظ منطقة تلس صديق عبدالنبي تمرد مجموعة قوامها 68 فرداً من قدامى مقاتلي قوات الدفاع الشعبي الذين كانوا يقاتلون الى جانب الجيش الحكومي، وقال إن المتمردين بدأوا نشاطهم بسرقة السيارات ونهب ممتلكات المواطنين إلى أن تطور الأمر وتحول إلى تمرد ضد الدولة، مضيفاً أن المجموعة خطفت خلال اليومين الماضيين ست سيارات من داخل تلس وتسع من مناطق أخرى، وقال ان الحركة الجديدة طلبت مقابلته لتسليمه رسالة تحمل مطالبهم، ونفى ان تكون هناك جهة تدعم المجموعة عسكرياً أو تتبنى مطالبهم. وقلل المحافظ من تمرد المجموعة واعتبر الأمر برمته مجرد تحرك لمنفلتين كانوا ينتمون في السابق الى «الدفاع الشعبي» وربما لديهم «مرارات « قديمة تجاه السلطة.
وقال مسؤولون (أ ف ب) في حركات التمرد في دارفور إن القوات الحكومية السودانية واصلت أمس هجوماً بدأته مطلع ايلول (سبتمبر) الجاري ضد مواقع المتمردين في ولاية شمال دارفور. ووقعت معارك عدة قرب طويلة في ولاية شمال دارفور على بعد قرابة 50 كيلومتراً الى الغرب من الفاشر عاصمة الولاية. وقال ابو بكر كادو وهو قائد من احد فصائل «حركة تحرير السودان» ان «طائرات انتونوف تقصف في خازان تنقر وقرب طويلة».
وكان المتمردون أكدوا الأربعاء ان حوالي 100 سيارة نقل جند تابعة للقوات الحكومية شنت هجوما أول من امس ولكن تم التصدي له وارغم الجنود الحكوميون على التراجع.
واوضح ابراهيم الهيلو وهو قادة فصيل من «حركة تحرير السودان» يتزعمه عبدالواحد محمد احمد النور ان «القوات البرية ليست هنا الآن ولكن طائرات انتونوف تتحرك في المنطقة».
وأوضحت بعثة الامم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور ان جنودها في طويلة رأوا جنودا سودانيين مصابين ولاحظوا وجوداً كثيفاً للقوات يشير الى ان معارك وقعت بالمنطقة.
في غضون ذلك، أعلنت الولايات المتحدة دعمها لكل المبادرات الساعية إلى تحقيق السلام في دارفور ودعت الحكومة إلى اتخاذ «اجراءات حاسمة وجريئة» لتحسين الأوضاع على الارض في الإقليم.
وطالب القائم بالاعمال الاميركي في الخرطوم السفير البرتو فيرنانديز في حفل افطار رمضاني نظمته سفارته، السودانيين الى التفكير في هذا الشهر الفضيل في الابرياء الذين يعانون في مناطق جبل مرة ومخيمي زمزم وكلمة في دارفور.
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة